أبو مرة :
قال ابن القيم في كتاب الروح ١٤٥/١ :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
الأحاديث الصحيحة المتواترة تدل على عود الروح إلى البدن وقت السؤال وسؤال البدن بلا روح قول قاله طائفة من الناس وأنكره الجمهور وقابلهم آخرون فقالوا: السؤال للروح بلا بدن، وهذا قاله ابن مرة وابن حزم. وكلاهما غلط .. ا.هـ
ويُقصد بابن مرة : إبليس لعنه الله تعالى ا.هـ
من الواضح جداً أن الشيخ بكر رحمه الله لم يقف على كلام شيخ الإسلام أصلاً واكتفى بما نقله تلميذه ابن القيم عنه في كتابه الروح والطبعة التي بيد الشيخ بكر وقع الاسم فيها مصحفاً (ابن مرة) وهو تصحيف فاحش وقول الشيخ بكر أن المقصودَ بابن مرة ( إبليسُ أعاذنا الله وإياكم من شره ) غلط من عدة أوجه أولاً : أن إبليس اشتهر بالكنية (أبو مرة ) وليس (ابن مرة ) وثانياً : وقع في الاسم تصحيف لم يتنبه له الشيخ وصوابه (ابن مسَّرة) وثالثاً : كيف يحشر شيخ الاسلام قول ابليس مع قول ابن حزم لا ويقدمه أيضاً على قوله هذا بعيد جداً . ولم يتسن للشيخ بكر مراجعة طبعات أخرى للكتاب ولا وقف على كلام شيخ الإسلام حيث ذُكر في مواضع من مجموع الفتاوى وفي جميعها وقع مسمى (ابن ميسرة) وهو وإن كان تصحيفاً أيضاً إلا أنه أخف بكثير من التصحيف الذي وقع في نسخة كتاب الروح التي بيد الشيخ رحمه الله والمواضع التي وقع فيها مسمى (ابن ميسرة) من المجموع هي :
(٤/٢٦٢) و (٤٤٦/٥) و (٥٢٥/٥) .
إذاً فالصواب في الاسم أنه ابن مسرة وليس ابن ميسرة وفي تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي ( ت ٤٠٣) ما يحتمل أن يكون أحد رجلين :
١/ محمد بن عبد الله بن مسرة بن نجيح: من أهل قرطبة؛ يكنى أبا عبد الله وكان ينسب له القول بأن العرش هو المدبر للعالم وأن الله تعالى أجل من أن يوصف بفعل شيء أصلاً ذكره ابن حزم في الفصل في الملل والأهواء والنحل ( ١٥١/٤) و نقل ابن الفرضي في ترجمته أن الناس في ابن مسرة فرقتان: فرقة تبلغ به مبلغ الإمامة في العلم والزهد، وفرقة تطعن عليه بالبدع لما ظهر من كلامه في الوعد والوعيد وبخروجه عن العلوم المعلومة بأرض الأندلس الجارية على مذهب التقليد والتسليم.
٢/ وهب بن مسرة بن مفرج بن حكم التميمي: من أهل وادي الحجارة؛ يكنى: أبا الحزم رمي بالقدر وله أتباع وذكر الذهبي في ترجمة وهب من السير (٥٥٧/١٥) أن مما نقل عن ابن مسرة أنه كان يقول : ليست الجنة التي أخرج منها أبونا آدم بجنة الخلد بل جنة في الأرض، فهذا تنطع وتعمق مرذول ا.هـ
وهذا الثاني يحتمل أن يكون وقع تصحيف في اسمه وكنيته فيكون قول شيخ الإسلام :
قاله ابن ميسرة وابن حزم صوابه قاله ابن مسرة أبوالحزم لكن يبعد هذا أن القول بأن السؤال على الروح فقط قاله ابن حزم في كتابه الفصل .
وقد ذكر ابن الفرضي في أكثر من ترجمة أن من ترجم له ينسب إلى اعتقاد ابن مسرة فلا أدري أي الرجلين أراد وعلى كل حال فهو لا يخرج عن أحد هذين الرجلين ولعل الأول هو المقصود لأنه أشهر ثم إن المقصود هو بيان خطأ الشيخ بكر رحمه الله في تفسيره (ابن مرة) بابليس والله أعلم.
تنبيه : الأولى عند ذكر ابليس الاستعاذة منه لا لعنه.
كتبه فهد بن عبدالله السنيد