س- ما هي الرُّخص الشرعية التي يمكن للمسلم التمتع بها بسبب سُقوط الأمطار، وقدوم الشتاء؟
ج- من رحمة الله تعالى بعبادة المؤمنين أن يسَّر عليهم أمورَ عبادتهم، وتفضل عليهم برخصٍ شرعية، بعضها يجوزُ فعله مُطلقا -دون التقيد بصيف أو شتاء-، وبعضها يختص بالصيف واشتداد الحرارة، وبعضها يختص بالشتاء وسقوط الأمطار وبرودة الطقس، ونحن نذكر -في هذه السطور اليسيرة- "بَعضًا" من هذه الرخص، وهي مما يحتاجه عامة الناس.
والأخذ بالرخص مطلب شرعي عظيم، وفيه من حكمة الله تعالى ورحمته ما فيه، وفي الحديث الصَّحيح: " إن الله يحب أن تؤتى رُخصه كما يكره أن تؤتى معاصيه"، فالأخذ بالرخص مما استحسنته الشريعة، وهو من جُملة المستحبات.
١- ينبغي للإنسان عند سقوط الأمطار أن يبادر بالتوبة، ويكثر من الاستغفار، والدعاء للنفس وللغير، ويتذكر أحوال الآخرة، وأهوال يوم القيامة، فشدة البرد نفسٌ من أنفاس جهنم، كما صحّ بذلك الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (متفقٌ عليه)، ويتذكر أحوال المستضعفين والفقراء واللاجئين الذين يتأذون من البرد والمطر ولا يجدون مأوًى ولا مسكنا، ويحاول مُساعدتهم بكل الطرق الممكنة، والتي من أهمها الدُّعاء بلا شك، وهذا من تمام شكر نعمة الله تعالى، والاهتمام بأمر المسلمين.
٢- يمكن استخدام الماء الدّافيء في الوضوء بدلا من الماء البارد، خلافا لما يعتقده بعض العامة، والأفضل ألا يتكلف الإنسان استعمال الماء البارد طلبا لزيادة الأجر، فالتكلف ليس بمحمود، فإن لم يجد ماءً دافئا؛ فإن الماء البارد في الشتاء مما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات [كما في صحيح مسلم]، وهو مما تختصم / تختلفُ الملائكة في كتابة عظيم أجره [كما في حديث اختصام الملأ الأعلى الذي صححه الألباني -رحمه الله-].
٣- الاكتفاء بمرة واحدة في غسل أعضاء الوضوء بدلا من الثلاث -إن كانت شاقّة-، وقد توضأ النبيّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلّم- مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا [كما في البخاري] .
٤- جواز المسح على الخُّفين -والجوارب- يوما وليلة للمُقيم، وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر، شريطة أن:
- يلبسهما على طهارة.
- ألا يكون الجورب خفيفا يصف البشرة أو لا يمكن متابعة المشي فيه.
- أن يمسح عليهما للطهارة من الحدث الأصغر -لا الأكبر-.
- أن يكون الخف أو الجورب ساترًا لمحل الفرض، (أي أنه لا يجوز المسح على الجوارب الرياضية -السوكيت- التي لا تغطي العظمتين الناتئتين على جانبي القدم، وهذا هو محلُّ الفرض بالنسبة للقدم).
⭕️ س- متى تبدأ مدة المسح؟
هل من اللبس؟ أم من وقت نقض الوضوء؟ أم من أول مسح على الخوف أو الجورب؟
ج- خلاف بين أهل العلم، والراجح من أقوالهم أن مدة المسح تبدأ "من أول مسحة على الخف أو الجورب" -لا مجرد لبسه أو مجرد نقض الوضوء-، يعني:
لو لبست الجورب في فجر يوم (الإثنين) وظللت بنفس الوضوء حتى صلاة المغرب، ومسحت أول مرة لصلاة العشاء؛ تظل تمسح حتى صلاة عشاء يوم (الثلاثاء)، وبذلك يصدق فيك أنك تمتعت برخصة المسح يوما وليلة.
٥- يجوز التيمم لمن لم يجد ماءً دافئا وخشي على نفسه استعمال الماء البارد، ولم يستطع الحصول على ماء دافيء "بثمن مناسب غير مُبالغ فيه".
٦- يجوز الصلاة بغطاء الرأس (الطاقية أو الغطرة الخليجية أو الزُّنط أو الكابيشو)، والقفازات، وأغطية الأذن، ولفافات الرقبة (الكوفيات) وكل ما لم يرد الشرعُ بكراهة أو تحريم الصلاة فيه.
٧- يجوز الصلاة في البيت في الشتاء لشدة البرد والمطر، وكثرة الوحل الذي يخشى معه الضرر أو السقوط أو التأذي بصفة عامّة، فيصلي في البيت ويحرص على أدائها جماعة ما أمكن -فإنها خير من صلاة الفرد ب ٢٧ درجة-.
وفقني الله تعالى وإياكم لكل خير.
#من_فقه_الشتاء
#Share
#شارك