أنا: صباح الخير، اسمك إيه؟
هو (بتحفّظ): كريم.
أنا: معاك سندوتش يا كريم؟ (افتكرت إنه بيبدّل الأكل بحلويات ولا حاجة).
هز راسه بخجل ووراني علبته. لقيت فيها 3 سندوتشات صغيرة ملفوفة بحب كأنها من إيد أمه.
أنا: بطل يا كريم! إنت هتقدر تأكل 3 سندوتشات؟
بص لي بقلق وهز راسه بـ"لأ". قبل ما أسأله أكتر، مدرسته ابتسمت وقالتلي: "مس نادية، هو بيدوّر على شريك!"
أنا: شريك إيه؟ مش فاهم.
ردت المدرسة: "كل يوم أمه بتحضر له 3 سندوتشات: واحدة ليه... (قاطعتها كريم بحماس: والتانية لصاحبي!)، والمدرسة كملت: والتالتة لأي حد محتاج في فصله!"
سكت وأنا مش عارف أخبي دهشتي. بصراحة، أنا بالكاد بحضر أكل لأولادي الصبح!
بعد كام يوم، شفت أم كريم في اجتماع أولياء الأمور، ولسه موضوع الـ3 سندوتشات شاغلني. بادرتني بالسلام وابتسمت.
أم كريم: آسفة لو كنت خرقت قوانين المدرسة بمنع مشاركة الفطار، بس ده خير ادّخرته لابني.
أنا (مستغربة): خير إيه؟ مش فاهمة!
بدأت تحكي: "لما اتجوزت، اضطرينا نغترب، أنا وأبو كريم كنا شغالين ليل نهار عشان نوفر حياة كويسة ليه. كريم كان صغير، كنت أسيبه عند جارتي (ربنا يباركلها) وأرجع له آخر اليوم بشوق، ونبدأ يومنا الأسري مع بعض.
في يوم، وأنا راجعة من الشغل تعبانة وجعانة، دخلت بالغلط عمارة غير بتاعتنا. العمارة كانت مليانة روائح أكل شهية وقت الغدا... ريحة رجعتني لذكريات طفولتي، حسيت بحنين رهيب لأمي ولأكلها وحنانها، ودموعي نزلت من غير ما أحس. لو كانت أمي هنا، كان التعب ده كله مش موجود.
فجأة افتكرت إني غلطت العمارة، رجعت لجارتي، لقيتها شايلة كريم نايم. قبل ما أخرج، قدمتلي صحن ورق عنب لسه سخن. قالتلي: كريم حب الأكلة دي ونام قبل ما يخلصها، حسبت حسابكوا كمان.
مش هقدر أوصفلك فرحتي، كان ربنا جبر بخاطري بحاجة بسيطة لكنها كانت الدنيا كلها بالنسبة لي. اتصلت بأمي، وحكيتلها اللي حصل، وقالتلي: "صحيت مشغولة بيكي، فعملت أكلة لجارتنا المريضة وبعتها لها وقلت يا رب تكون لبنتي في غربتها."
من ساعتها، قررت أعمل نفس الحاجة مع ابني. بحضر له 3 سندوتشات كل يوم: واحدة ليه، والتانية لصحبه، والتالتة لأي طفل محتاج يمكن أكون بجبر بخاطره زي ما جُبر خاطري يومها."
غادرتني أم كريم وأنا أدعي ربنا يزيدها كرم، وفضلت أفكر: "ادخروا الخير لنفسكم ولأحبابكم، يمكن عطاء بسيط بنكهة الحب يغير يوم حد!"
Cpd