بئر الرضا:
————-
آسفٌ على هذه الصورة غير اللبقة؛ لكنّ بعضنا يبصق في بئر رضا إخوانه، تجد المرء يحكي عن تفاصيل حياته على أنها عادية، فيأتيه من يفسد فرحته، ويعكر صفو أيامه، ويوقد في صدره كلمات وأسئلة ماكانت تخطر بباله.
أحد الأصدقاء المقربين اشتكى لي من عدم تقبله لزوجته، وبدأ يحكي عن تقصيرها، وحشد لها من صفات التبخيس ما يجعلها عديمة الفائدة.
أعرف صديقي؛ نخرج لمطعم فلا يشترط، نسافر ولا يدقق في المكان، ولا تغريه التفاصيل، سمحٌ متغافل، وأعلم من حديثه السابق أن زوجته حسنة الخلق، طيبة المعشر؛ فما الذي حدث؟
حاولت الرجوع به لأصل المشكلة، كلما تحدث عن حاضره أعدته للماضي -حتى أفهم سر تغيره-، أنا واثق أن بئر رضاه تعكرت فما عاد يستعذبها.
وجدت ضالتي حين قال هذا الموقف، قال البداية من محادثة بيني وبين صديق، طلب مني تصوير غلاف كتاب تحدثنا عنه.
يقول: صورت له الكتاب بعشوائية فظهر الغلاف، وحوله جزء من المكتب، على المكتب كوب شاي كرتوني.
قال صاحبه: كوب كرتون؟ أنت عزابي الآن؟ زوجتك عند أهلها؟
قال: لا، ليه السؤال؟
قال -الكلمة الصادمة-: كوب شاي كرتوني! تزوجت ليش؟
غيرك زوجاتهم يهيؤون لهم ما لذ وطاب أثناء بحثهم، أنت لست بقليل، لا تهن نفسك فيعتادوا مهانتك.
قال: والله ما طاب لي مطعم ولا مشرب بعدها، وصرت أنظر لزوجتي على أنها شيطان، وكلما طلبت مني شيئًا قلت في نفسي: ولماذا تطلب وهي مقصرة بحقي؟
حاولت تفكيك الفكرة في عقله، وأحسب أنه اقتنع.
لكن بالله عليكم؛ إذا رأيتم من يعمل 16 ساعة وهو راضٍ؛ لا تقولوا: وأين أوقات راحتك؟
وإذا رأيتم من يحكي برضا عن راتبه؛ لا تقولوا: كيف بك إذا دهمك طارئ؟
وإذا رأيتم من رضي عن شريكه فلا ترفعوا سقف تطلعاته.
نحن في زمن القلق، ومد العين، إياكم والبصق في بئر الرضا.