رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

@risaltalminbr


رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

17 Oct, 09:07


٤٨👈 تفوقت غزة عسكرياً بما نصبت من كمائن وما جربت من خطط .. وسياسياً في جولات المفاوضات العنيد والتواصل المفيد .. وإعلامياً في تصوير وتسويق وتقريب المشاهد .. وثقافياً بتمسكها بقواعد الحرب الشريفة وإعادة القضية إلى مكانتها الطبيعية .. ونفسياً بشعورها بالعزة والأنفة والشموخ رغم الألم والجروح.
٤٩👈 لربما لم يكن في نية المقاومة توسيع المعركة .. أو أنها كانت تنوي خطف بعض الجنود للمساومة عليهم فحسب .. ولكن حكمة الله كان لها تدبير آخر .. ولاشك أن تدبيره للمؤمنين المجاهدين أشرف وأبرك وأنفع .. وهذا يشبه ما حصل يوم بدر؛ حيث طلب المسلمون العير، فكتب الله عليهم النفير .. فكان في ذلك خير وفير .. قال تعالى: "وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ" (الأنفال: 7).
٥٠👈 لقد كشف الطوفان بركات العمل الدعوي التربوي في المساجد ومراكز التحفيظ .. وبركات جهد النساء في تربية الأبناء على أشرف وأسمى قيم العزة والإباء .. فطوبى لمن كان له سهم ولو بكلمة مسموعة أو مرئية أو مكتوبة .. وهنيئاً لمن قدم شيئاً من ماله وجهده وعصارة تجربته .. وما أسعد مَن قدم روحه في سبيل هذا المشروع الكبير.
🌹وختاماً🌹
إن أكثر من يدرك حجم وثمرات الانتصار الذي حققته غزة وحاضنتها ومقاومتها؛ هم الصهاينة أنفسهم .. كيف لا؟!
👈 وهم أدرى الناس بالألم الذي أصابهم .. وهم أقدر الناس على إحصاء عدد قتلاهم وجرحاهم والهاربين والمعاقين منهم ..
👈 وحجم المليارات والكلف التي يحتاجونها لإعادة ترميم صورتهم القبيحة.
👈 وصدق ربنا وهو يحثنا ويحرضنا على غزوهم ودحرهم ورد عدوانهم: "وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" (النساء: 104).
🤲 ربنا لا تحرمنا شرف المشاركة بسهم عظيم في هذا الطوفان الكبير .. إنك نِعم المولى ونِعم النصير 🤲

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

17 Oct, 09:07


1️⃣ مرة لأنه اختارها لتجاهد "وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ" (الحج: ٧٨).
2️⃣ ومرة لأنه اختار منها شهداء "وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ" (آل عمران: ١٤٠).
3️⃣ ومرة لأنه أهدى الشفاعة لمن بقي من أهلها من الأحياء.
٢٢👈 رفع الطوفان معنويات الأمة كلها .. وحرك في أحرار العالم كله الشوق إلى الانعتاق من أسر المستبدين والمحتلين.
٢٣👈 جعل بعض من يعيشون في دول الطوق وغيرهم يفكرون في الإعداد للنصرة الحقيقية والمشاركة الفعلية الالتحامية في جولات وصولات قادمة .. لا مجرد مشاركات رمزية عاطفية.
٢٤👈 عمق الشرخ في المجتمع اليهودي، بل والمجتمع الدولي، وذلك على الحقيقة تصديقاً لقوله تعالى: "بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ" (الحج: 14).
٢٥👈 زاد من حجم إساءة الوجه لليهوود أمام أنفسهم .. وأمام كل من كان يرى فيهم قوة أو حضارة، وأظهرهم على حقيقتهم التي كشفها القرآن وبينتها السنة والسيرة النبوية.
٢٦👈 زاد من شعبية المقااااومة لدى كل متعطش للعدالة والحرية والانعتاق من الاستبداد والاحتلال.
٢٧👈 فتح أبواب المساهمة للجهااااد بالمال والكلمة والموهبة والموقف، وغيرها من صور النصرة المتاحة.
٢٨👈 حرك الشوارع العربية .. بل وشوارع العالم كله، وأنطقها بعض صمتها المريب.
٢٩👈 أثبت جدارة وفعالية المقاطعة للصهاينة .. وفتح آفاق توفير البديل المغني عنهم.
٣٠👈 فضح نوايا المنافقين والمخذلين، وحقق أوصاف كتاب الله فيهم.
٣١👈 زاد من يقين المسلمين بكتاب الله الذي يحكي تفاصيل ما يجري .. كذاك الوصف الذي حكته سورة الأحزاب .. وقوله سبحانه في سورة المائدة: "ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ" (المائدة: ٢٣).
٣٢👈 أوقف دواليب الخبث المتسارعة (نسبياً) فيما يتعلق بالشذوذ والمثلية والنسوية .. وغيرها من العناوين التي وجد الخبثاء ما هو أهم لينشغلوا به عنها.
٣٣👈 ألهم أصحاب العقول المبدعة والمفكرين لإنتاج مبادرات يمكن أن تصب في خدمة القضية.
٣٤👈 رد على الذين زعموا بأن الفلسطيني باع أرضه، وأثبت بأنه شجاع مقدام يفدي أرضه وعرضه ودينه ومقدساته.
٣٥👈 أسقط جميع الحسابات المادية وأثبت قدرة الله الغيبية، وتأييده لعباده وأوليائه.
٣٦👈 كشف عن امتلاك المقاومة لإرادتها وإدارتها وعدم سقوطها في حبائل الداعمين والمانحين لها.
٣٧👈 رفع سقف الشعارات والتغريدات والمقالات والأعمال المنتمية لهذا الطوفان الهادر .. وتجاوزت بذلك قوانين الجرائم الإلكترونية والتجمعات العامة والإرهاب وغيرها من القوانين المقيدة.
٣٨👈 أوقع الطوفان العاجزين القاعدين في حرج الانفصام بين الاعتراض على كل مدح يصدر عن المقاومة لقوم دعمونا في فلسطين وإن كانوا قد قتلونا في الشام واليمن والعراق .. وبين السكوت تفهماً لحال اضطرار المقاومة وخذلاننا لها .. وهذا الانفصام جعلنا نخجل من تقصيرنا .. وحرك فينا الشعور بواجب تخليص إخواننا من كل شائبة دعم مشبوه من قريب أو بعيد.
٣٩👈 كشف عن قبح المستعمرين الأوائل وشؤم أفعالهم، والتي من أقبحها تلك الحدود التي رسموها بيننا وجعلونا عاجزين عن نصرة إخواننا.
٤٠👈 أثبت الطوفان أن المساعدات والمعونات والتبرعات بأنواعها تصل إلى إخواننا .. ولولا وصولها ما كان الطوفان ليقوم ولا لغزة أن تثبت.
٤١👈 كشف الطوفان عن قدرة الله في صناعة نماذج أمثال الشهداء؛ ماهر الجازي من الأردن ومحمد صلاح من مصر وحسن سكلانان من تركيا وغيرهم من أبطال السنة في لبنان واليمن والعراق .. ويستبدل بهم من قعد وخنع.
٤٢👈 فشل المحتل وأعوانه وحراسه من تحقيق غاياتهم المعلنة .. فلم يتخلصوا من المقاومة، ولم يحرروا سوى بعض الجثث .. وفشلُ المحتل صورة ظاهرة من صور انتصار المقاومة.
٤٣👈 أدرك العالم كله ببركة طوفان الأقصى أن غزة ومقااااومتها رقم صعب وفكرة لا يمكن تجاوزها .. وأن القضاء عليها وعلى مقاومتها وهمٌ لا يمكن تحققه.
٤٤👈 تبين للقاصي والداني أن مقاومة غزة تمتلك بفضل الله إرادتها وتُحكم إدارتها، وأن اضطرارها للتحالف مع غيرها لم يفقدها البوصلة ولم يسلبها أغلى ما تملك.
٤٥👈 أثبت أن عنصر المفاجأة كان ولا يزال وسيبقى يخفي ما يؤلم ويزعج ويخيف كل مستبد ظالم ومحتل خبيث.
٤٦👈 إن حجم ما صب على غزة من كيد وخبث وصواريخ ومتفجرات لو صب على بقعة أخرى لا تحظى بمعية الله ورحمته ولطفه لما بقي لها وجود على سطح الأرض .. فغزة منصورة محفوظة بحفظ الله وكتاب الله وأولياء الله.
٤٧👈 لقد ضاعفت غزة من حجم نفسها ببركة الطوفان مضاعفة مادية ومعنوية .. أما المضاعفة المادية فببركة الأنفاق التي هي بمثابة طوابق أرضية تحت غزة وعلى امتدادها .. وأما المضاعفة المعنوية فغزة التي لا تكاد تظهر في خارطة العالم صارت حديث العالم كله ومحل إعجاب الدنيا كلها.

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

17 Oct, 09:07


ثمرات الطوفان .. 💥
رسالة المنبر ١٧-١٠-٢٠٢٤م
د. محمد سعيد بكر
🌹المحاور🌹
هل صحيح أن مصلحة الطوفان أعظم بكثير من مفاسده؟.. وهل حجم ثمراته يزيد على حجم التضحيات والآلام المترتبة عليه؟.
👈 الجواب تفصيلاً:
لقد كان في السيرة النبوية منعطفات خطيرة تسببت بجراح وآلام عميقة وممتدة .. ولعل من أخطرها؛ استراتيجية الجهر بالدعوة التي كلف الله الحكيم الرحيم اللطيف بها نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وذلك لما في (مآلاتها) من خير يُظهر الله به الإسلام ويُعز به المؤمنين .. فمن (آلالامها):
1️⃣ تشريد عدد من الصحابة إلى الحبشة مرة أو مرتين.
2️⃣ قتل عدد من الصحابة في مكة.
3️⃣ حصار الباقي مع النبي صلى الله عليه وسلم وبعض آله في شِعب أبي طالب.
4️⃣ الدفع باتجاه رحلة الطائف المؤلمة.
5️⃣ اضطرار الاحتماء ببعض المشركين.
6️⃣ اضطرار الهجرة القسرية إلى المدينة.
فهل قال أحد لرب العزة؛ لماذا كلفتنا بما فيه آلامنا .. وهل اعترض أحد بتلك الآلام فامتنع عن المجاهدة والمصابرة .. وماذا لو اعترضوا؟! .. ستبقى الآلام ويخسرون أجرها وبركتها.
إننا ندرك أن دماء الشهداء أغلى الدماء .. ومصيبة الفقد أعظم المصائب .. وحجم الدمار في غزة كبير وعظيم وعميق وممتد .. ولكن بالنظر إلى النتائج والمآلات نقول؛ بأن ما تحقق في هذا الطوفان المبارك لا سابق له ولا مثيل .. فلا يندم على يوم الدخول المبارك إلا مكلوم لم يستفق بعدُ من صدمته .. أو جبان لم يستوعب فكرة الطوفان من شدة خنوعه وهوانه وعبوديته .. أو عميل منافق باع آخرته بدنياه ودنيا أسياده.
وقد انتصرت غزة قبل خوضها طوفان الأقصى بعون الله تعالى انتصارات عديدة منها:
1️⃣ انتصار الثبات على ألم الاحتلال والحصار الطويل.
2️⃣ وانتصار خوضها لأربع معارك سابقة للطوفان دون كسر لإرادتها ولا قضاء على مقاومتها.
3️⃣ وانتصار نماء مشروع الإعداد وتطوره فيها على الرغم من خنقها.
4️⃣ وانتصار قدرتها على الجمع بين التفوق العسكري والأمني والعلمي والسياسي والاعلامي والقرآني ... ألخ.
5️⃣ وانتصار امتلاكها لارادتها وتعمية عيون الحاقدين عنها.
6️⃣ وانتصار ضبطها لإيقاع المجااهدين والمقاومين على تعدد وتنوع توجهاتهم.
ولم تذهب غزة للطوفان اختياراً .. بل هو الاضطرار الذي نتج عن احتلالٍ وحصار طويل مع كيد كبير وخطير .. وتخاذل شنيع ومُهين .. فكان لابد من الإعداد، والتوكل، ثم تربص الوقت المناسب لإغراق العدو ومن يدعمه ويحرسه بهذا الطوفان المبارك.
أما انتصار غزة في طوفان الأقصى ثمرات الطوفان فلا نستطيع تعداد أبعادها وصورها لعظمها .. ولعل من أهم تلك الصور والأبعاد والثمرات ما يأتي:
١👈 جعل الطوفان بفضل الله من غزة أسطورة مُلهِمة تضاف إلى أساطير التاريخ الحقيقية.
٢👈 حقق الطوفان هدف التوغل في المحتل، وكسر وهْم الجدار الذكي.
٣👈 كسر هيبة المحتل الأمنية وجعلها في التراب.
٤👈 حصلت غزة على أسرى بعدد وفير يمكنها من أخذ أسرار عميقة والتفاوض عليهم لمصلحة أسراها عندهم.
٥👈 قتلت المقااومة الآلاف من جنود المحتل ومرتزقته.
٦👈 أعطبت ودمرت المئات من دباباته وآلياته.
٧👈 أرغمت أنف كل من يقف وراء المحتل ويحرسه من الأنظمة الظاهرة والعملاء المستترين.
٨👈 قلبت حسابات المحتل وأعوانه .. وحطمت أحلامهم في استباحة غزة وفلسطين وتحقيق صفقات القرن وأوهام السلام الخانع.
٩👈 عطلت أحلام المحتل ومكائده حول المسجد الأقصى المبارك.
١٠👈 جربت أسلحة جديدة وخطط هجوم ودفاع متقدمة.
١١👈 كلفت المحتل كلفاً مادية باهظة بسبب تعطل الحياة وارتباكها لديهم.
١٢👈 أربكت الحالة النفسية لدى المستوطنين وأفقدتهم الثقة بجيشهم وحكوماتهم.
١٣👈 عطلت السياحة لدى المحتل وجعلت الكثير من المستوطنين ومزدوجي الجنسية يفكرون بالهجرة .. بل ويهاجرون.
١٤👈 أفقدت المحتل ثقته بعملائه وجعلته يخاف من نفسه.
١٥👈 كشفت عن تمايز الرايات والمواقف على مستوى الدول والجماعات والشعوب والأفراد.
١٦👈 أعادت لمصطلحات الجهااااد والرباط والشهادة مكانتها بعد أن حوربت ومنعت طويلاً.
١٧👈 منح الطوفان بإذن الله رجال غزة صفة الفرقة الناجية والطائفة المنصورة التي لا يضرها من خذلها .. وغيرها من الصفات الشريفة.
١٨👈 دخل ببركة الطوفان عدد غفير من غير المسلمين في الإسلام .. واهتدى ببركته عدد كبير من المسلمين.
١٩👈 كشف الطوفان عن اختلال المعايير الدولية فيما يتعلق بحقوق الطفل والمرأة والإنسان .. وحتى الحيوان.
٢٠👈 أظهر تماسك المجتمع الغزي والحاضنة الشعبية والتفافها حول مقاااااومتها على الرغم من شدة الألم والثمن الذي تدفعه.
٢١👈 جعل الطوفان غزة محل اصطفاء الله بعونه سبحانه ثلاث مرات؛

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

17 Oct, 09:06


تنويه مهم .. 💥
بعد قليل نقدم لكم خطبة الجمعة لهذا الأسبوع .. نرجو منكم حسن الاستفادة منها .. ونشرها في أوسع نطاق .. والدال على الخير كفاعله.

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

14 Oct, 14:36


سؤال مهم .. 🌹
كيف يمكننا الاستفادة من رسائل المنبر؟
إذا كنت خطيباً يمكنك أخذ الرسالة التي ننشرها أسبوعياً .. وتقديمها كلها أو بعضها من خلال منبرك.
وإذا لم تكن خطيباً يمكنك الاستفادة الشخصية منها .. ويمكنك أن تشارك بنشرها .. أو نشر ما تراه مناسباً منها.
كما يمكنكم الرجوع إلى الرسائل السابقة وأخذ الفوائد ونشرها كذلك.
ويمكنكم تطوير بعض الأفكار الواردة في بعض الرسائل وتحويلها إلى مبادرات وبرامج عمل.
والأهم من هذا وذاك تحضير نوايا ثلاث بين يدي مطالعة أي رسالة .. وهذه النوايا هي:
👈 نية التعلم
👈 نية التطبيق
👈 نية التبليغ
وبذلك يثبت العلم ويتحقق النفع من الوعظ، وصدق الله: "وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا" (النساء: 67).

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

11 Oct, 04:11


إن مرارة الدواء أحياناً لا تدل على كونه مراً بقدر ما تكشف عن شدة المرض، لدرجة أن يصبح الشراب الحلو مراً في حلق المريض، ومن هنا يقول المتنبي:
ومَنْ يَكُ ذَا فَمٍ مُرٍّ مريضٍ
يَجِدْ مُرّاً بِهِ الْمَاءَ الزُّلَالَا
إنه لا يتناول الدواء إلا مضطر .. فكيف إن كان الدواء مراً علقماً .. إنها الضروريات التي تبيح المحظورات، فكيف لنا أن نعتب على من دعته الضرورة لارتكاب محظور .. لاسيما إن كنا نحن جزء من مشكلته ومصابه .. وهذا حالنا مع إخواننا الذين دفعتهم الضرورة لأخذ دواء مر من قوم لا يجمعنا بهم سوى المصلحة .. وزادت مرارة الدواء حين بدأوا بالثناء والمديح على هؤلاء .. فمن يسعى لتخليص إخوانه خير ممن يكتفي باللوم والعتاب.
لقد كان مُراً على قلب النبي صلى الله عليه وسلم أن يرسل ثلاثة آلالاف رجل من خيرة أصحابه إلى مؤتة ليواجهوا جيشاً منظماً يزيد على مئتي ألف مقاتل، ولكنها الرسالة التي أراد أن يوصلها بالدم، وقد قُطعت ومُنعت من الوصول حين كُتبت بالقلم، وصدق الشاعر في باب الاضطرار إلى ركوب الأهوال:
وإنْ لم يكن إلا الأسِنَّة مَركبٌ
فلا رأي للمضطر إلا ركوبها
لقد عانت غزة طويلاً من داء الاحتلال .. وشدة الحصار .. وتتابع الحروب .. وظلم القريب .. وتواطؤ الخبثاء .. فما كان أمامها من خيار .. بل هو الاضطرار لركوب موجة الدخول المقدس يوم السابع من اكتوبر عام ٢٠٢٣م .. وهي ترى في هذا الدخول دواء مراً مكلفاً لدائها وداء الأمة كلها بعد مصابنا بهذا العدو الغاصب ومن يقف معه في السر والعلن .. فلا أقل من تحقيق واجب النصرة والدعم والإسناد لإخوة لا يزالون يتجرعون المرارات ويقدمون التضحيات.
🌹وختاماً🌹
إننا نغامر وندفع الكلف لأجل الدنيا الفانية ومتطلباتها وأساسياتها أو حتى كمالياتها .. فما بالنا نتردد ونطيل التأمل والتفكير والحساب في باب الإنفاق والبذل والجهاااد لأجل رضوان الكريم المنان .. فنزهد فيما أعد لنا من نعيم وجِنان؟!
إنه لا قيمة لدواء رخيص قد يشفيك من مرض ويصيبك بأمراض .. وكأني به داء في ثوب دواء .. وقد جربت أمتنا جميع أنواع الأدوية والعلاجات الرخيصة الفاسدة فما زادتها إلا وهناً على وهن ومرضاً على مرض.
إن في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة صيدلية متكاملة لعموم أمراضنا .. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ" (يونس: 57).
ولكن في الناس من ينكر ويجحد هذا الدواء .. وفيهم من يؤمن به ولكن يجده مُراً وصعباً وثقيلاً .. فأما الجاحدون المنكرون فليس لهم إلا أن يموتوا بغيظهم مع كل علو وسمو ونهضة يرونها لدين الله في الحياة .. وأما المستثقِلون المستصعبون؛ فنقول لهم .. ستجدون مع كل جرعة من جرعات هذا الدواء الرباني حلاوة ولذة غير مسبوقة .. وما الصعوبة والمرارة إلا بسبب طول جفوتكم وابتعادكم عنه .. فأقبلوا عليه وتزودوا منه وثقوا بقدرته الفائقة على شفائكم من عموم بلائكم .. والله الهادي إلى سواء السبيل.

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

11 Oct, 04:11


الدَّوَاءُ المُرُّ .. 💥
رسالة المنبر ١١-١٠-٢٠٢٤م
د. محمد سعيد بكر
🌹المحاور🌹
إن امراضنا نحن البشر واحدة من الابتلاءات والاختبارات التي قررها رب العزة علينا لينظر سبحانه وتعالى في سلوكنا وهو العليم بحالنا ومآلنا.
وإن أول خطوة في علاج أي مرض عضوي أم نفسي .. فردي أم جماعي هي؛ اعتراف المريض بأنه مريض .. ثم سعيه للأخذ بأسباب الشفاء .. ولعل من أبرز تلك الأسباب:
1️⃣ الثقة واليقين التام بقدرة الله الشافي.
2️⃣ استشارة الطبيب الخبير الناصح.
3️⃣ الاستجابة الصادقة للتشخيص الكاشف.
4️⃣ تناول العلاج والدواء مهما كان مكلفاً أو مُراً .. وبحسب ترتيب الطبيب، لا بحسب مزاج المريض.
5️⃣ مراعاة الزمن .. فالزمن جزء من العلاج؛ إذا سرنا وفق خطة ومنهاج.
والعلاج قد يكون مُسكِّناً .. أو مضاداً حيوياً .. أو دواء كيماوياً .. أو جراحة عميقة .. وقد يتطلب الأمر بترَ عضو من الأعضاء .. فالدواء في الغالب ثقيل ومكلف ومُر .. ولكن للضرورة أحكامها .. وقد يزداد الأمر سوءاً بلا علاج وبالتالي تزيد الكلفة.
وأسوأ ما في الأمر أن نجتنب الدواء لمرارته وكلفته وصعوبته .. أو لطول المدة اللازمة لتعاطيه .. ونحن نعلم أن ما فسد في دهر قد لا يصلحه عمل شهر .. فنقطع الدواء ونحتاج في كل مرة إلى البدء من نقطة الصفر في رحلة العلاج الطويلة.
لقد أصيبت أمتنا بعلل وأدواء مستعصية .. وهي تتطلب عمليات جراحية متتابعة .. ومن تلك الأدواء والأمراض المستعصية والتي تتطلب دواءً مراً بصورة دماء تسيل وبيوت تهدم وجراح وأسر وشتات وإبادة، وإن كنا نسأل الله السلامة والعافية ونطلب الخلاص بلا كُلَف ما يأتي:
1️⃣ الطغيان والاستبداد.
2️⃣ الاحتلال.
3️⃣ الإلحاد والفجور.
4️⃣ النفاق.
5️⃣ المادية الطاغية.
وهذه الأمراض والعلل لا يمكن أن تنتهي وتزول من خلال مسكنات وعظية وكلمات نصح عابرة .. بقدر ما تحتاج إلى كلف باهظة ضمن برنامج علاجي مكثف ومكلف يحتوي على ما يأتي من خطوات:
1️⃣ التوعية والوعظ والانذار والتحذير.
2️⃣ بيان خطورة هذه الأمراض على الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة.
3️⃣ محاربة هذه الأمراض والتصدي بحزم لها .. وعدم تركها بحجة العجز .. لأنها بالتالي ستزيد وتتضاعف.
لقد جربت أمتنا طويلاً أسلوب المهادنة والتسكين والقول اللين؛ فما زاد ذلك منظومة الطغيان وعصابة الاحتلال ومافيات الإلحاد والشذوذ إلا إجراماً وتوغلاً في ضروراتنا الخمس (الدين، والنفس، والنسل، والعقل، والمال)، قال تعالى: "وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا" (الإسراء: ٦٠).
لقد دفع أبو جهل ماله وروحه في سبيل الباطل الذي تصدى للدفاع عنه .. فماذا قدمنا نحن لنصرة ديننا ومقدساتنا وإجابة استغاثات إخواننا وأخواتنا في غزة وسائر فلسطين وفوق كل أرض وتحت كل سماء؟!.
مثلما دفع أهل الباطل أثماناً باهظة لبلوغ غاياتهم في عالمنا العربي والإسلامي؛ فمن حيث المال؛ انفقوا أموالهم للصد عن سبيل الله .. ومن حيث التخطيط والكيد؛ مكروا الليل والنهار .. ومن حيث المتابعة بلا يأس لبلوغ غاياتهم القبيحة قال تعالى: "وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ" (ص: 6).
لقد كان القرآن صريحاً في بيان مرارة الجهاد بمجرد كتابته على المؤمنين وتشريعه، قال تعالى: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (البقرة: 216).
كما كان صريحاً في التعبير عن شدة الألم المترتب عليه في مقابل ما يترتب على الأعداء من آلام، قال تعالى: "وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" (النساء: 104).
ولكن هذا التشريع الاضطراري ما كان ليكون لمجرد رغبة المشرع سبحانه في جلب الألم لأحبابه وأوليائه، بل لحكم كثيرة ذكر منها رب العزة ما يتعلق بسنة التدافع حين قال: "وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ" (البقرة: 251).
فأهل غزة اليوم يتجرعون مرارة دواء شفاء الأمة كلها من داء الذل والهوان والاستكانة والاستضعاف .. وهذا وإن كان في ظاهره ابتلاء، إلا أنه في الوقت ذاته تكريم واصطفاء، ولا نامت أعين الخبثاء والجبناء.
لقد اختار يوسف عليه السلام الدواء المر على أن يقع فريسة الفاحشة، قال تعالى: "قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ" (يوسف: 33).

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

11 Oct, 04:11


تنويه مهم .. 💥
بعد قليل نقدم لكم خطبة الجمعة لهذا الأسبوع .. نرجو منكم حسن الاستفادة منها .. ونشرها في أوسع نطاق .. والدال على الخير كفاعله.

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

01 Oct, 20:13


إن من الواجب استمرار الدعاء، والتوعية، والدعم، والمسيرات، والمقاطعة للعدو .. فكل ذلك نافع ومفيد .. وإن كان التفكير بوسائل أكثر وأعمق وأجدى هو واجب الوقت.
رحم الله القادة والجنود .. ونعاهدهم أننا كلنا على ذات الشوكة سائرون .. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
لقد أدرك المتشوقون المتحرقون لنصرة إخوانهم شؤم تلك الحدود والسدود المانعة لهم .. كما أدركوا كيف أن الذنوب حبستهم عن بلوغ شرف النصرة والجهاااد .. فهل عملوا على الخلاص .. وهل بدأوا بواجب الإعداد ..؟!
🤲نسأل الله العون والتوفيق والسداد🤲

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

01 Oct, 20:13


👈 وغيرها من الآيات التي تواسينا وتثبت قلوبنا، وصدق ربنا جل جلاله: "وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" (النساء: 104).
إننا بعد عام كامل من ثبات ورسوخ أقدام المجااهدين والمرابطين في غزة ندرك تماماً كيف أن الله تعالى يمنح الأسباب المفقودة ويُسخِّر جنده الذين لا يعلمهم إلا هو لقوم مؤمنين أخذوا بالأسباب الموجودة .. فأعدوا واستعدوا وثبتوا .. قال تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ" (الأنفال: 60).
لقد أدركنا مدة هذا الطوفان العظيم حجم خيبتنا وعجزنا وتقاعسنا، وذلك بسبب انصرافنا عن الأولويات واشتغالنا بالسفاسف والثانويات .. حتى إننا لم نشارك سوى مشاركات عاطفية لا ترقى إلى مستوى الالتحام .. وتركنا قوماً أوغلوا في تحريف ديننا والطعن في أصحاب رسولنا صلى الله عليه وسلم وقتل إخواننا بالأمس في الجوار .. ثم جاءوا اليوم بصورة أنصار لنا يدافعون عن إخواننا في فلسطين .. كل ذلك بسبب تنكبنا عن منهج الإعداد الكريم .. وخذلاننا لإخواننا المجاااهدين، وصدق الله: "وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ" (التوبة: 46).
لقد ألهم الطوفان بعض الكرام خارج فلسطين؛ فجادوا بأرواحهم وأموالهم وقدموا أغلى ما يملكون نصرة لإخوانهم .. فرحم الله الجندي محمد صلاح من مصر .. وسائق الشاحنة ماهر الجازي من الأردن .. والشيخ إمام المسجد حسن ساكلانان من تركيا ورجال المقاومة (السُّنية) من لبنان واليمن والعراق .. فنحن أمة واحدة، إذا اشتكى منها عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
لقد أبهر إخواننا في غزة العالم بقدرتهم الفائقة على إدارة معركة طويلة وهم محاصرون في الأنفاق؛
👈 فكان التكتم الشديد الذي جعل من مقاومتهم وأنفاقهم صندوقاً أسوداً أعجز أدوات التجسس الإلكتروني والبشري عن بلوغه وإدراك كُنهه ..
👈 وكان الخطاب الإعلامي المُحرِّض على الجهاااد، المطمئن للصديق، المربك للعدو ..
👈 وكانت جولات المفاوضات السياسية المكوكية الراسخة دون كلل ولا ملل ..
👈 وبقيت ولا تزال الحاضنة الشعبية تلتف بحنان وحب حول رجالها ومجاهديها بالرغم من حجم الألم وضيق الأفق واستعصاء الحلول البشرية ..
فبارك الله في غزة وأهلها ومقاومتها وحاضنتها والداعمين المساندين بإخلاص لها.
لقد وقع الكيان الغاصب ومن يقف معه ويسنده في فخ غرورهم وكبريائهم وعلوهم وإفسادهم .. فهاهم عالقون في غزة لا يستطيعون الخروج منها ولا البقاء فيها بسهولة .. وقد عجزوا عن تحقيق غاياتهم بها .. ولا يزالون يبحثون عن مَخرج .. فيا ربنا لا ترفع لهؤلاء المفسدين في الأرض راية .. ولا تحقق لهم في بلادنا غاية .. واجعلهم يا مولانا عبرة وآية.
إن طوفان الأقصى فرصة تاريخية استثنائية لأصحاب المشروع النهضوي الكبير .. فهم يساهمون به، ويستثمرون فيه، ويبنون عليه .. في حين لا يراه العابثون الحالمون الخائفون المرتعشون سوى تحدي يستنزف مصالحهم، قال تعالى في بيان صفة هؤلاء الجبناء: "فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ" (المائدة: 52).
🌹وختاماً🌹
إن ثمرات الطوفان لا تعد ولا تكاد تحصى .. وكل ثمرة منها تعادل حجم التضحيات التي قُدمت في سبيلها .. فالبناء يعوض بإعادة الإعمار .. والشهداء لهم أجرهم ونورهم .. وللأحياء المجد والعزة والكرامة ببركة كونهم رأس حربة الأمة في مواجهة تحالف الإجرام والخبث العالمي، وصدق ربنا الكريم الرحيم: "لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ۗ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ" (الزمر: 10).
لقد فتح الطوفان شهية أحرار العالم وألهمهم للتحرر من ربقة الغاصبين .. كيف لا .. وغزة المحاصرة منذ أكثر من ١٨ عاماً تصنع بقدرة الله وتوفيقه معجزة عجزت عنها أنظمة وجيوش .. فطوبى لرجال غزة ونسائها وأطفالها وشيبها وشبابها .. طوبى لمن صنعوا للعالم من الليمون الحامض شراباً حلواً .. طوبى لهم وحسن مآب.

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

01 Oct, 20:13


عام على الطوفان .. 💥
رسالة المنبر ١-١٠-٢٠٢٤م
د. محمد سعيد بكر
🌹المحاور🌹
عام كامل مضى على يوم الدخول الشجاع المبارك .. يوم استجاب كِرامنا وكبارنا لذاك النداء الخالد: "ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" (المائدة: 23).
فتحقق الوعد .. وكانت الغلبة على أشد الناس عداوة للمؤمنين .. حيث أثخن رجال الله في العدو؛ فقتلوا منه وأسروا .. وكسروا هيبته ومرغوا أنفه في التراب.
لقد تعددت صور الانتصار في يوم السابع من أكتوبر من عام ٢٠٢٣م .. فكان بحق يوماً من أيام الله التي ينبغي على الأمة استجلاء بركاته والتذكير به في كل عام .. كيف لا .. وفي ذاك اليوم رأينا انتصاراً عسكرياً أمنياً سياسياً إعلامياً نفسياً ثقافياً استراتيجياً .. من فتية توكلوا على ربهم .. وأعدوا الإعداد المستطاع .. وصبروا وصابروا ورابطوا طويلاً.
لم يكن ذاك اليوم يوماً عادياً .. بل كان بداية تحول وتمايز صريح للرايات؛ بين من يقف مع العدو الغاصب ويدعمه بالمال والرجال والسلاح والتصريحات السياسية والمد القانوني والخبراتي والأمني، تصديقاً لقوله تعالى: "وإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ" (الأعراف: 202) .. وبين من يقف مع المقاومة ويدعم إخوانه المجاااهدين بالمتاح من أسباب الدعم والإسناد.
لقد استنفر خبثاء الأرض طاقاتهم كلها بعد ذاك اليوم المبارك .. وأعلنوا تحالفهم المشؤوم .. وجعلوا لهم هدفين اثنين هما:
1️⃣ القضاء على المقااومة واجتثاثها وتجفيف منابعها.
2️⃣ استعادة اسراهم (الرهائن) وهم على قيد الحياة
👈 فهل نجح الحلفاء الخبثاء في تحقيق أهدافه؟! .. كلا .. بل خابوا وخسروا .. ولا تزال المقااومة تبهر العالم بقوتها وتماسكها وثباتها .. ولم يستنقذ العدو من رهائنه سوى بعض الجثث .. لأجل ذلك صبوا جام غضبهم على الأطفال والنساء والشيوخ والمساجد والمستشفيات والمدارس .. فقتلوا أكثر من ٤٣ ألف إنسان برئ على سمعٍ وبصرٍ من العالم المنافق المتواطئ الجبان.
إننا إذ نكتب ونتكلم في ذكرى انطلاق الطوفان لا ننسى أن هذا الطوفان لم يهدأ بعد؛ بل هو ذا لا يزال يفور .. ولا يزال التدافع قائماً .. بل إنه يتسع ولا يضيق ليشمل فلسطين كلها .. ويمتد إلى لبنان .. فأطماع العدو لا حدود لها .. ويبدو أنه وقد فشل في غزة أراد أن يُظهر نجاحاً بضرب أهداف معلومة في المحيط ضمن بنك أهدافه التي يوفرها له العملاء والدخلاء والخبثاء من أبناء جلدتنا وغيرهم.
ومع مرور عام كامل على انطلاقة الطوفان وجدنا ورأينا تحقق كثير من الآيات التي زاد بها إيماننا ويقيننا بربنا ومن تلك الآيات:
1️⃣ آية تحكي ثبات الرجال؛ قال تعالى: "مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" (الأحزاب: 23).
2️⃣ آية تحكي شدة عداوة يهووود وحلفائهم؛ قال تعالى: "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا" (المائدة: ٨٢).
3️⃣ آية تحكي خبث المنافقين؛ قال تعالى: " قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا ۖ وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ۖ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ" (الأحزاب).
4️⃣ آية تحكي قدرة الله وحكمته؛ فبدء المعركة وختامها مرتبط بقدرته وحكمته، قال تعالى: "وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" (الطلاق: 3).
5️⃣ آية تحكي شدة المكر والكيد، ولطف الله بعباده؛ قال تعالى: "اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا" (فاطر: 43).
6️⃣ آية تحكي مآلات تقاعسنا عن نصرة إخواننا؛ قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (التوبة: 39).

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

01 Oct, 20:13


تنويه مهم .. 💥
بعد قليل نقدم لكم خطبة الجمعة لهذا الأسبوع .. نرجو منكم حسن الاستفادة منها .. ونشرها في أوسع نطاق .. والدال على الخير كفاعله.

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

25 Sep, 19:40


إن أجمل الحضور هو الحضور الخفيف اللطيف .. حضور الأولياء الأنقياء .. يقول عمر رضي الله عنه: "إنَّ اللهَ يُحِبُّ الأَبرارَ الأَتقياءَ الأَخفياءَ الَّذينَ إذا غابوا لَم يُفتَقَدوا، وإِنْ حَضَروا لَم يُدْعَوْا ولَم يُقرَّبوا، قُلوبُهم مَصابيحُ الهُدى، يَخرُجونَ مِن كُلِّ غَبْراءَ مُظلِمَةٍ".
🌹وختاماً🌹
إن في الحضور المصلحي نزع للبركة ومحق للثواب والأجر .. فبعض الناس لا يحضر إلا إذا كان له مصلحة .. أو يرجو بحضوره حضور الآخرين إن دعاهم .. وكأنه يكافئ الحضور بالحضور أو ينتقي من المواقف والمجالس ما به يزيد من ماله أو جاهه وسلطانه!!.
إن حضور الجمعة والجماعة يزيد من قوة الأمة المسلمة فضلاً عن تعظيمه لأجر وثواب صاحبه؛ لأجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟ قالُوا بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطا إلى المَساجِدِ، وانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّباطُ" رواه مسلم.
إنه لابد من الإعداد والتحضير كلما كان الحضور صعباً وثقيلاً .. ومن صور الحضور الثقيل؛ حضور الامتحانات والمشاهد والغزوات، لأجل ذلك طلب الله منا أن نُعد ما استطعنا من قوة لنشارك بكل ما نملك من قوة، وصدق الله في عتاب من يزعم نيته الحضور وهو لا يأبه للإعداد والتحضير: "وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ" (التوبة: 46).
🤲 نسأله تعالى أن يبارك لنا في الحضور وأن يعيننا على التحضير .. إنه على كل شيء قدير 🤲

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

25 Sep, 19:40


المُشْرِكُونَ فَتَقَدَّمَ بسَيْفِهِ فَلَقِيَ سَعْدَ بنَ مُعَاذٍ، فَقالَ: أيْنَ يا سَعْدُ، إنِّي أجِدُ رِيحَ الجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ، فَمَضَى فَقُتِلَ، فَما عُرِفَ حتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بشَامَةٍ أوْ ببَنَانِهِ، وبِهِ بضْعٌ وثَمَانُونَ مِن طَعْنَةٍ وضَرْبَةٍ ورَمْيَةٍ بسَهْمٍ".
إن في حضور بعض المجالس بركة حتى وإن غابت نية صاحبها عن مقصدها العظيم، فقد روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لِلَّهِ مَلائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أهْلَ الذِّكْرِ، فإذا وجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنادَوْا: هَلُمُّوا إلى حاجَتِكُمْ قالَ: فَيَحُفُّونَهُمْ بأَجْنِحَتِهِمْ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، قالَ: فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ -وهو أعْلَمُ منهمْ- ما يَقولُ عِبادِي؟ قالوا: يَقولونَ: يُسَبِّحُونَكَ ويُكَبِّرُونَكَ، ويَحْمَدُونَكَ ويُمَجِّدُونَكَ، قالَ: فيَقولُ: هلْ رَأَوْنِي؟ قالَ: فيَقولونَ: لا واللَّهِ ما رَأَوْكَ، قالَ: فيَقولُ: وكيفَ لو رَأَوْنِي؟ قالَ: يقولونَ: لو رَأَوْكَ كانُوا أشَدَّ لكَ عِبادَةً، وأَشَدَّ لكَ تَمْجِيدًا وتَحْمِيدًا، وأَكْثَرَ لكَ تَسْبِيحًا، قالَ: يقولُ: فَما يَسْأَلُونِي؟ قالَ: يَسْأَلُونَكَ الجَنَّةَ، قالَ: يقولُ: وهلْ رَأَوْها؟ قالَ: يقولونَ: لا واللَّهِ يا رَبِّ ما رَأَوْها، قالَ: يقولُ: فَكيفَ لو أنَّهُمْ رَأَوْها؟ .. قالَ: فيَقولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أنِّي قدْ غَفَرْتُ لهمْ، قالَ: يقولُ مَلَكٌ مِنَ المَلائِكَةِ: فيهم فُلانٌ ليسَ منهمْ، إنَّما جاءَ لِحاجَةٍ، قالَ: هُمُ الجُلَساءُ لا يَشْقَى بهِمْ جَلِيسُهُمْ".
إن غيابنا عن الحضور والمشاركة في ثغور الأمة القائمة اليوم بغزة وسائر فلسطين وفوق كل أرض وتحت كل سماء كل ذلك يُعرِّضنا لخطر كبيرة الفرار من الزحف .. فنكسب الآثام ونخسر الأجور .. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
إن للحضور الشريف صور عديدة تثبت وجودنا وتحقق غاياتنا، ولعل أبرز هذه الصور تلك الصورة التقليدية التي نحضر فيها وجاهياً بأرواحنا وأجسادنا وبها نقدم وسعنا ... ومن تلك الصور للحضور الشريف إن تعذرت تلك الصورة التقليدية الوجاهية ما يأتي:
1️⃣ المتابعة الحثيثة والسؤال المستمر عن بُعد، عبر وسائل وقنوات التواصل الكثيرة.
2️⃣ الدعاء .. فنحن بالدعاء نحضر ونشارك لاسيما إن كان الدعاء مستمراً بلا كلل ولا ملل.
3️⃣ بعث البديل من جنس الأصيل .. فقد ترسل ولدك مندوباً عنك ليشارك ويحضر .. وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمه جعفر رضي الله عنه ليسد مكانه في الحبشة وفي مؤتة بعدها.
4️⃣ إرسال المال دعماً وإسناداً وتبرعاً فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن تجهيز الغزاة لا يقل رتبة عن حضور الغزوات حين قال جازماً: "مَن جَهَّزَ غَازِيًا في سَبيلِ اللَّهِ فقَدْ غَزَا، وَمَن خَلَفَ غَازِيًا في سَبيلِ اللَّهِ بخَيْرٍ فقَدْ غَزَا" رواه البخاري.
إن تقصيرنا وغيابنا عن حضور المناسبات الاجتماعية أدى إلى تقطيع الأواصر والأرحام وشيوع الغيبة والنميمة وتفويت فرص الدعوة والإصلاح وتصدر الرويبضة .. وفي المقابل فإن حضورنا السلبي لا يجوز .. ومن هنا يقول سبحانه في وجوب ترك بعض المجالس: "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ" (النساء: ١٤٠).
إن من الواجب كذلك الالتزام بآداب الحضور لأي مكان .. فالأمر يتطلب الاستئذان، وغض البصر، وحسن البيان، ومعرفة شرف الزمان والمكان.
إن اعتقاد البعض بأن ثمة من يسد عنه إذا غاب؛ يعرضه لفوات الأجور، لا سيما إن كان في الحضور فضيلة أكثر من كونها فريضة .. فمن حضر صلاة الجنازة مثلاً ليس كمن غاب عنها .. ولا يسد من حضر عمن غاب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من صلَّى على جِنَازة فله قِيراط، ومن قَعَد حتى يُدفن فله قيراطان، قالوا يا رسولَ اللهِ مِثلُ قراريطَنَا هذهِ؟ قالَ لا بلْ مثلُ أُحُدٍ أو أعظَمُ مِن أُحُدٍ" رواه أحمد وهو صحيح.
إن حضور الضعفاء والفقراء مجالس أو مواقف الأشراف يمنحهم قوة ورزقاً، وعند الغياب يندم من فاتته الفوائت، قال تعالى: "وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا" (النساء: 8).
إن في حسن الاصغاء عند حضور مجالس العلم والذكر مع توفير نية الانتفاع والتبليغ ما يرفع شأن صاحبه، قال تعالى: "وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ" (الأحقاف: ٢٩).

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

25 Sep, 19:40


شرف الحضور .. 💥
رسالة المنبر ٢٥-٩-٢٠٢٤م
د. محمد سعيد بكر
🌹المحاور🌹
كثيرة هي الواجبات أو المناسبات أو الملتقيات أو المواقف التي يُدعى لها الإنسان .. فمنها ما يجيبها فيحضر، ومنها ما يغيب عنها أو يتأخر.
ولا يعرف شرف وقيمة حضور المناسبات وتلبية الواجبات إلا من وجد بركتها وفضلها بين الحين والآخر.
وقد يدعونا بعض الكرام لحضور عرس أو وليمة أو مناسبة نجاح أو غير ذلك .. فنعتذر لضيق الأوقات .. ولو أن الداعي يخصنا ونحبه ويحبنا لوجدنا من الأوقات ما يمنعنا عن الغياب لا عن الحضور .. لاسيما وأن إجابة الدعوة من حقوق الأخ على أخيه، فقد روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ رَدُّ السَّلَامِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ".
وفي بعض ما ندعى له من مجالس العلم والفكر والذكر، أو من المسيرات والاعتصامات المناهضة للباطل والداعمة للحق والخير ما يستحث بنا الخطى نحو المشاركة بلا تأخر لنيل الأجر والبركة والثواب؛ كيف لا وفي كل خطوة نخطوها في سبيل الله أجر، قال تعالى: "وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" (التوبة: 120).
ويختلف حكم المشاركة فيما ندعى إليه بحسب حجم الحاجة والضرورة إليه؛ من كون الإجابة للدعوة واجبة أم مندوبة أم مكروه أم حرام.
وفي السيرة النبوية دروس كبيرة تظهر شرف الحضور، ومشكلة الغياب عن بعض المواطن ومن ذلك:
1️⃣ شرف حضور غزوة بدر الكبرى .. تلك التي ندب النبي صلى الله عليه وسلم المشاركة إليها ولم يعزم في ذلك باعتبار أنها لم تكن بقصد النفير وإنما لطلب العير .. ففاز من حضر .. ومَن مثل أهل بدر، يقول صلى الله عليه وسلم: "لَعَلَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ اطَّلَعَ علَى أهْلِ بَدْرٍ فَقالَ: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ فقَدْ غَفَرْتُ لَّكُمْ" رواه البخاري.
2️⃣ شرف حضور غزوة تبوك التي تأكد شرف حضورها بحجم العقوبة التي وقعت على المخلفين عنها، قال تعالى: "وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ" (التوبة: ١١٨).
3️⃣ شرف الحضور للبيعات التي حصلت في السيرة النبوية؛ ومنها: بيعة العقبة الأولى والثانية وبيعة الرضوان .. ولا أدل على شرف حضور بيعة الرضوان من مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان غيابياً، فقد روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ".. وكانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوانِ بَعْدَما ذَهَبَ عُثْمانُ إلى مَكَّةَ، فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدِهِ اليُمْنَى: هذِه يَدُ عُثْمانَ. فَضَرَبَ بها علَى يَدِهِ، فقالَ: هذِه لِعُثْمانَ".
إن بعضنا لا يشارك في شيء ولا يحضره إلا إذا كان مُقدَّماً فيه أو له فيه مصلحة .. ومن التواضع والشعور بالمسؤولية عدم الغياب عن مواطن الحاجة .. فهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه قد حضر يوم مؤتة ولم تكن لديه أي شهوة للزعامة والقيادة فيها لاسيما وقد عين النبي صلى الله عليه وسلم لها ثلاثة قادة .. ولكن يأبى الله إلا أن يقع اختيار المسلمين عليه ليكون المدير المدبر لعملية حقن دماء المسلمين بعد استشهاد القادة الثلاثة، فقد روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أخذ الراية زيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أخَذَهَا عبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أخَذَهَا خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ عن غيرِ إمْرَةٍ فَفُتِحَ عليه".
إن ثمة من يحضر جسدياً ولكنه يغيب نفسياً ووجدانياً .. فالمنافقون كانوا يحضرون مجالس النبي صلى الله عليه وسلم لكنهم ليسوا منه ولا معه، بل ضده وعليه .. وهذا حالهم في كل زمان ومكان، قال تعالى: "وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ" (محمد: 16).
وعلى النقيض من ذلك ثمة حضور إيجابي فاعل .. وهو الحضور القاصد للخير .. والذي يسبقه تحضير بقصد التعلم والتطبيق والتبليغ.
إن من المَواطن ما يستدعي قضاء حضورها لشرفها عند الغياب عنها .. لأجل ذلك عزم أنس بن النضر رضي الله عنه على قضاء غزوة بدر، فقد روى البخاري على لسان ابن النضر قال: "غِبْتُ عن أوَّلِ قِتَالِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لَئِنْ أشْهَدَنِي اللَّهُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ ما أُجِدُّ، فَلَقِيَ يَومَ أُحُدٍ، فَهُزِمَ النَّاسُ، فَقالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أعْتَذِرُ إلَيْكَ ممَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ، يَعْنِي المُسْلِمِينَ وأَبْرَأُ إلَيْكَ ممَّا جَاءَ به

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

25 Sep, 19:39


تنويه مهم .. 💥
بعد قليل نقدم لكم خطبة الجمعة لهذا الأسبوع .. نرجو منكم حسن الاستفادة منها .. ونشرها في أوسع نطاق .. والدال على الخير كفاعله.

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

16 Sep, 14:40


4️⃣ المعاتبة والتحفيز؛ وهما يتطلبان متابعة حثيثة .. فعند سلوك الخير لابد من التعزيز ولو بكلمة طيبة وثناء حسن، وعند مواقف السوء لابد من المعاتبة والتعنيف إن لزم الأمر.
5️⃣ توفير البيئة الكريمة؛ من الأقارب والأصحاب والجيران.
وفي المقابل نلاحظ كيف تجلت عناية الله في فئة من الناس، فلم تأخذ عن آبائها وأجدادها صفات السوء والقبح، ومن ذلك:
1️⃣ لم يأخذ إبراهيم عليه السلام صفات والده القبيحة، ومنها العناد في الباطل والعزة بالإثم.
2️⃣ ولم يأخذ موسى عليه السلام عن فرعون اللعين صفات الكبر والغرور والسفه والطيش، وقد تربى في حجره وترعرع في قصره.
3️⃣ ولم يأخذ عبد الله بن عبد الله بن سلول رضي الله عنه عن والده عبد الله بن سلول صفات النفاق والنذالة والتلون.
4️⃣ ولم يأخذ عكرمة رضي الله عنه عن والده أبو جهل عناده الذي أورده المهالك، فختم الله له عمله بتوبة صادقة وصحبة نافعة للحبيب صلى الله عليه وسلم.
فالبيئة والصحبة والجوار والقرابة جارفة، والعاصم الحامي هو الله الكريم، وفي قصة الولد المنحرف لنوح عليه السلام لنا عبرة .. وقد بين الله تعالى امتناع نقل الشرف كابراً عن كابر بلا جهد ولا بذل وتضحية يتحملها كل جيل على حِده، وذلك عندما رد سبحانه وتعالى طلب ابراهيم عليه السلام في قوله: "وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" (البقرة: 124).
إن جينات البطولة والشهامة والشجاعة والكبرياء التي ينقلها الأجداد إلى أولادهم وأحفادهم في ثغور الأمة كلها هي التي حفظت أمة الإسلام من الضياع وحرست بالدماء المقدسات والأعراض .. فجزى الله الأجداد والآباء على ما بذلوه وقدموه فصاروا خير مُلهِم لأبناء الأمة كلها في حمل هذه الصفات الكريمة.
إننا اليوم نرى أبناء وأحفاد عز الدين القسااام وأحمد الياسين وعمر المختار وعبد القادر الحسيني وغيرهم من المجاهدين والشهداء لا يزالون يرفعون اللواء في غزة وغيرها من الثغور .. وفي بعض العشائر الأردنية والفلسطينية والمصرية والعراقية والسورية واليمنية وغيرها سمات الرجولة والشهامة لا تخفى .. وصدق من قال:
هذا الشبل من ذاك الأسد
وقال أبو العباس الجراوي:
ولم تزلْ في الشِّبلِ تظهر شِيمةُ الضّرغام
🌹وختاماً🌹
إن للوالد والجد دَور عظيم وخطير في نقل صفات الرجولة والبطولة .. كيف لا .. وهم بذلك يوردون فلذات أكبادهم المهالك، لاسيما وهم يوصونهم بوصية لقمان الحكيم لابنه بالصبر على تبعات الدعوة الشديدة: "يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" (لقمان: 17) .. ولأجل ذلك صار لهم عند ربهم أجر كثير ووفير .. وفي دَور الآباء يقول أبو العلاء المعري:
وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنَّا
عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ
وَما دانَ الفَتى بِحِجىً وَلَكِن
يُعَلِّمُهُ التَدَيُّنَ أَقرَبوهُ
وإن للأم كذلك دور كبير في غرس وسقاية تلك الجينات، إن هي كانت واعية لدورها، قريبة من أبنائها، حريصة على بناء عقولهم وقلوبهم كحرصها على كسوة أبدانهم وإشباع بطونهم .. تُقوِّم إعوجاج ألسنتهم وسلوكهم .. ولا تقبل لهم أن يُظلموا ولا أن يَظلموا .. لأجل ذلك يقول حافظ إبراهيم:
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها
أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا
بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ
الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى
شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ
إن جينات البطولة والشجاعة والشهامة لا تثمر في ميادين العز والإباء إلا بوجود نماذج مُلهِمة .. فالمرء على دين خليله .. والصاحب ساحبٌ للخير أو للشر .. ولا يدفع العقلاء أثماناً باهظة لسلعة رخيصة .. فسلعة الله غالية .. وإنما هي إحدى الحسنيين؛ نصر عزيز أو شهادة فيها السعادة والشفاعة.
🤲 نسأل الله تعالى أن يخرج من أصلابنا صالحين مصلحين، علماء عاملين، مجاهدين مرابطين 🤲

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

16 Sep, 14:40


جينات البطولة والنذالة💥
رسالة المنبر ١٦-٩-٢٠٢٤م
د. محمد سعيد بكر
🌹المحاور🌹
يسأل البعض حول الصفات الإيجابية كالشجاعة والشهامة والكرم .. أو حتى الصفات السلبية كالنذالة والوقاحة والفجور .. هل هي صفات وراثية يرثها الإنسان عن آبائه وأجداده .. أم هي كسبية يكتسبها من البيئة والصحبة والعلاقات القريبة والبعيدة؟!
والجواب على هذا السؤال يحتمل الأمرين معاً .. فالمرء مفطور على الأخلاق الحميدة التي أساسها الإسلام والعقيدة السليمة، وذلك لقَولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأشَجِّ عَبدِ القَيسِ رَضِيَ اللهُ عنه: "إنَّ فيك خَلَّتَينِ يُحِبُّهما اللهُ: الحِلمُ والأناةُ، قال: يا رَسولَ اللهِ، أنا أتَخَلَّقُ بهما أم اللهُ جَبَلني عليهما؟ قال: بل اللَّهُ جَبَلك عليهما، قال: الحَمدُ للَّهِ الذي جَبَلني على خَلَّتَينِ يُحِبُّهما اللهُ ورَسولُه" رواه أبو داود وهو صحيح .. ومثله حديث ولادة الإنسان على الفطرة.
والأخلاق الإيجابية أو السلبية كذلك تُكتسب بفعل التربية والصحبة، لأجل ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يطلب من الله أن يُكسبه الأخلاق الكريمة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو بدُعاءِ الاستِفتاحِ: "اللَّهمَّ اهدِني لأحسَنِ الأخلاق، لا يهدي لأحسَنِها إلَّا أنتَ، واصرِفْ عنِّي سَيِّئها، لا يَصرِفُ عنِّي سَيِّئَها إلَّا أنتَ" رواه مسلم.
والغالب الأعم في مسألة الأخلاق والصفات أنها مكتسبة، بفعل التربية والعِشرة والصحبة والبيئة .. لأن المرء لا يؤاخَذ إلا على كسبه .. وذلك حتى لا يكون لأصحاب الأخلاق القبيحة حجة على الله بفعل الوراثة التي طغت عليهم، فجعلتهم لا يملكون انفكاكاً عن الخيانة والنذالة والعمالة والفجور بسبب كون أجدادهم كانوا يحملون تلك الصفات القبيحة.
وقد رأينا بالفعل أحفاداً يتمثلون ويحملون صفات إيجابية عن أجدادهم، وكذلك هنالك مَن أخذ صفات سلبية عن أجداده .. وعند البحث والتفتيش تجد أن هذا في الغالب لم يكن بالوراثة بقدر ما كان بفعل التربية والمشاهدة والقدوة القريبة؛ فالحفيد يرى ويسمع عن كرم وشهامة وشجاعة وتضحية أجداده عبر والديه فتعتنق روحه تلك الصفات الكريمة .. وكذلك الأنذال يتأثر بنذالتهم أولادهم وأحفادهم بالعِشرة والمشاهدة.
ومن نماذج حمل الصفات الإيجابية كابراً عن كابر مثلاً؛ صفة التضحية والثقة واليقين التي حملها إسماعيل عن والده إبراهيم عليهما السلام، وقد تجلى ذلك حين ضحى الوالد فلبى نداء ربه الذي كلفه بذبح ولده .. وحين استجاب الولد بلا تردد .. في مشهد سجله القرآن بمداد من نور، قال تعالى: "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ" (الصافات: 102).
ومن تلك النماذج في حمل الصفات الإيجابية كذلك ما ورثه يوسف عن والده يعقوب عليهما السلام من صفات التسامح وكظم الغيظ على الرغم من الاستفزاز الشديد، حيث قال تعالى في شدة صبر وكظم وتسامح يعقوب عليه السلام: وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ" (يوسف: 84) .. ثم قال وهو يصف تلك الصفات الراسخة في يوسف عليه السلام: "قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا ۖ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ" (يوسف: 77).
وفي حياة الصحابة الكرام وجدنا مَن حمل صفات إيجابية كريمة عن والده ومن ذلك:
1️⃣ صفة الحزم والعزم؛ حملها عبد الله بن عمر عن والده عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
2️⃣ صفة البطولة والشجاعة؛ حملها عبد الله بن الزبير عن والده الزبير بن العوام رضي الله عنهما.
3️⃣ صفة البذل والسخاء والكرم؛ حملها عدي بن حاتم رضي الله عنه عن والده حاتم الطائي.
ولابد من التأكيد هنا على أن هذه الصفات الإيجابية ما كانت لتنتقل بين الآباء والأولاد إلا بأسباب كسبية في الغالب، منها:
1️⃣ الدعاء؛ فدعاء الوالد لولده مبارك مستجاب، وقد امتدح الله تعالى عباد الرحمن حين وصفهم بالحرص على أن يخرج من أصلابهم قادة وزعماء في الخير، قال تعالى: "وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" (الفرقان: 74).
2️⃣ القدوة؛ فالأولاد يتأثرون ويتطبعون بفعل آبائهم وسلوكهم قبل قولهم وتصريحهم.
3️⃣ الوعظ والتوجيه؛ وفي قصة لقمان الحكيم يقول رب العزة: "وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" (لقمان: 13).

رسالة المنبر || د. محمد سعيد بكر

16 Sep, 14:37


تنويه مهم .. 💥
بعد قليل نقدم لكم خطبة الجمعة لهذا الأسبوع .. نرجو منكم حسن الاستفادة منها .. ونشرها في أوسع نطاق .. والدال على الخير كفاعله.

2,082

subscribers

83

photos

23

videos