رسالة المنبر ١٠-١-٢٠٢٥م
د. محمد سعيد بكر
🌹المحاور🌹
✅ كان ولا يزال وسيبقى التدافع بين الحق والباطل حتى يَرث الله الأرض ومَن عليها .. فقَبْلَ غزوة الأحزاب واجه النبي صلى الله عليه وسلم المشركين الوثنيين في غزوتين اثنتين هما؛ بدر وأحُد ..
وواجه اليهود في غزوتين اثنتين هما؛ بنو قينقاع وبنو النصير.
✅ وفي العام الخامس مِن الهجرة النبوية تآمر عدد مِن زعماء يهود بني النصير الذين تم إجلاؤهم إلى خيبر على تأليب أعداء الدعوة بهدف مُحاصرة المدينة المنورة واستباحتها ووأد مشروع الدولة الوليد فيها.
✅ استجاب لهذا النداء الخبيث؛
👈 العرب الوثنيون (قريش بزعامة أبي سفيان ومعه ٢٠٠٠ مقاتل).
👈 والأعراب المنافقون (قبيلة غطفان ومعها ٦٠٠٠ مِن المرتزقة الذين جاءوا بقصد الحصول على نصف ثمار خيبر إنْ هم حققوا هدف استباحة المدينة).
👈 بالإضافة إلى عدد مِن اليهود ومنافقي المدينة وما حولها.
👈 ليبلغ العدد الإجمالي لجيش الأحزاب المشؤوم (١٠٠٠٠) مجرم.
✅ عَلِمَ النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحراك الخبيث نحو المدينة، فاستشار أصحابه، ثم قام بالإعداد المناسب مِن خلال العديد مِن الخطوات البشرية قبل وأثناء الغزوة، ومِن ذلك:
1️⃣ عسكرياً؛ ساهم مع أصحابه في حفر الخندق لحماية نقطة ضعف المدينة في شَمالها.
2️⃣ أمنياً؛ أرسل عيوناً تأتيه بأخبار جيش الأحزاب.
3️⃣ اقتصادياً؛ دعا أصحابه إلى وليمة جابر التي نزلت فيها البركة فأكلوا وشبعوا.
4️⃣ نفسياً؛ رفع معنويات أصحابه وهو يبشرهم بفتح الشام واليمن والعراق.
5️⃣ سياسياً؛ فاوض قبيلة غطفان على أن يرجعوا عن قتاله مقابل منحهم ثلث ثمار المدينة.
6️⃣ تكتيكياً؛ شجع نُعيم بن مسعود رضي الله عنه على القيام بتفكيك الحلف المشؤوم ونزْعِ الثقة بين جيش الأحزاب.
7️⃣ إيمانياً؛ لم يتوقف عن الدعاء، فقد ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب دعا على المشركين فقال: "اللهم مُنزل الكتاب، سريع الحساب، اللهم اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم"، كما دعا كذلك فقال: "اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا" رواه أحمد.
✅ هذه الأسباب البشرية وحدها لم تكن كافية لجلب النصر وصرف الأعداء .. ولكن عندما نأخذ بالأسباب البشرية (الموجودة) .. يمنحنا ربنا الأسباب الربانية (المفقودة)، فكان النصر يوم الأحزاب بجنديٍّ مِن جنود الله، قال صلى الله عليه وسلم: "نُصِرْتُ بالصَّبَا" رواه البخاري، والصبا، هي الريح العاتية التي تهبُّ من المشرق.
✅ هذا هو مشهد غزوة الأحزاب الذي نراه يتكرر اليوم في غزة العزة، فقد سبق معركة طوفان الأقصى أربع مواجهات بيننا وبين يهووود هي:
1️⃣ معركة الفرقان عام ٢٠٠٨م.
2️⃣ معركة حجارة السجيل عام ٢٠١٢م.
3️⃣ معركة العصف المأكول عام ٢٠١٤م.
4️⃣ معركة سيف القدس عام ٢٠٢١م
✅ حتى جاء الطوفان المبارك والذي حققت فيه المقاومة انتصاراً وسبقاً عسكرياً وأمنياً ونفسياً وإعلامياً كبيراً، مما أدى إلى تشديد الحصار القائم أصلاً منذ عام ٢٠٠٧م على غزة، وتداعي جيوش الأحزاب مُجدداً لضرب غزة واستباحتها، ولكن مع اليهوود المجرمين والأعراب المنافقين شاركت جيوش الصليبيين، في حين أن هؤلاء كانوا في الحياد عند غزوة الأحزاب، إذ بهم اليوم يشاركون ويدعمون جيش الاحتلال بالرجال والسلاح والخبرات والمعلومات.
✅ وفي المقابل ماذا فعلت غزة ورجالها لصدِّ هذا العدوان الأثيم؟ .. قامت بالإعداد البشري الآتي:
👈 عسكرياً؛ حفرت غزة أنفاقها، وصنعت سلاحها، ودربت رجالها.
👈 أمنياً؛ حفظت غزة أسرارها، وكشفت ستر أعدائها، وحافظت على رهائنها.
3️⃣ اقتصادياً؛ أمّنت ما تستطيع مِن قُوْتها.
4️⃣ نفسياً؛ ربَّت غزة حاضنتها على اليقين الذي حقق على الرغم مِن طول المعركة ثباتها.
5️⃣ سياسياً؛ فاوضت قيادة غزة ولا تزال تفاوض دون أن تعطي الدنية في دينها ومبادئها.
6️⃣ تكتيكياً؛ تعاملت غزة مع استشهاد العديد مِن قادتها، واستخدمت استراتيجيات الكر والفر، والظهور الساطع والكُمون الممتنع.
7️⃣ إيمانياً؛ لم تتوقف غزة عن استمطار النصر، والعيش مع القرآن، والرضا عن الله على كل حال، رغم الإبادة وقسوة العدوان، فغزة تثق بوعد الله للمؤمنين، ووعيده بالمعتدين.
✅ ومع أوجه الشبه التي تم عرضها بين المشهدين، ثمة أوجه اختلاف عديدة منها؛
1️⃣ غزوة الخندق كانت مدتها نحواً مِن شهر واحد .. أما طوفان الأقصى فزاد عن عام كامل.
2️⃣ غزوة الخندق لم يسبقها حصار المدينة، أما غزة فهي محاصرة قبل الطوفان وأثناءه.
3️⃣ غزوة الخندق وقف فيها الروم والفرس في الحياد، أما طوفان الأقصى فقد شهد مشاركة واسعة مِن خبثاء الأرض كلهم لمصلحة يهووود.