الرجل الذي يتغافل عن بعض أخطـاء زوجته، ويصبر عليها، ويعمل على تقويمها بالنصح الرفيق والتوجيه اللطيف، ليس رجلًا ضعيفًا ولا سلبيًّا بل مقتديًا برسول الله ﷺ.
ورد في مختصر منهـاج القاصـدين للإمام ابن قـدامة المقـدِسـي:
_فصل في آداب المعـاشرة والنظر فيما على الزوج وفيما على الزوجة.
أما الزوج، فعليه مراعاة الاعتدال والأدب فى اثني عشر أمراً:
الأول: الوليمة فإنها مستحبة.
الثاني: حسن الخلق مع الزوجات، واحتمال الأذى منهن لقصـور عقلهن.
وفى الحديث الصحيح: اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا؛ فإنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعْوَجَ شَيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا.
واعلم: أنه ليس حسن الخلق مع المـرأة كف الأذى عنها بل احتمال الأذى منها، والحلم على طيـشها وغضبها، اقتداءً برسول الله ﷺ، ففى الصحيحين من حديث عمر رضى الله عنه أن أزواج النبى ﷺ كن يراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل والحديث مشهور.
انتهى النقل عن الإمام.
ولما تزوج رسول الله ﷺ من أم سلمة رضي الله عنها، كانت كلما دخل عليها ليبني بها تأخذ ابنتها زينب فتضعها في حجرها لترضعها (كأنها تتحجج بابنتها)
قال راوي الحديث: وكان رسول الله ﷺ حييًّا كريمًا، يستحيي، فيرجع، ففعل ذلك مرارًا.
ففطن عمار بن ياسر لما تصنع (أي فهم عمار ما تصنع أم سلمة لتتحجج به)، فأقبل ذات يوم وجاء عمار، وكان أخاها لأمها، فدخل عليها، فانتشطها من حجرها (أي أخذ منها ابنتها زينب) وقال: دعي هذه المقبـوحة المشقـوحة التي آذيتِ بها رسول الله ﷺ.
قال: وجاء رسول الله ﷺ فدخل، فجعل يقلب بصره في البيت ويقول: أين زناب؟ ما فعلت زناب؟
فقالت أم سلمة رضي الله عنها: جاء عمار، فذهب بها.
قال راوي الحديث: فبنى بأهله (أي بنى رسول الله ﷺ بأم سلمة رضي الله عنها).
والظاهر من الحديث أن رسول الله ﷺ كان له حق عند زوجته، لكنه ﷺ كان كريم الخلق معها رفيقًا بها رغم ما فعلته معه.
وإن الرجل الحصيف المسدد هو الذي يفرق بين الأحوال فيعلم أن الزوجة المتكبرة تختلف عن المخطئة في غير كبر.
وأن معاملة الزوجة التي غلب على حالها الطـاعة فقصرت غير التي غلب على حالها التقصير.
وأن تقويم الأخطـاء يختلف باختلاف قدر الخطـأ.
ويدرك أنه هو أيضًا له من الأخطـاء والتقصير ما يحب أن تتغافل عنه زوجته لتستمر الحياة بينهما في مودة ورحمة.
_Milly