في أماديوس، العبقرية ليست نعمة ربانية، بل عبء ثقيل لا يستطيع سوى القليل تحمله. ضحكات موزارت المجلجلة كانت تخفي خلفها رجلاً يعيش غربة قاسية بين عالم البشر وعالم السماوات. إنه شخص غارق في بحر موهبته، يختنق بمطالبها التي لا ترحم.
ساليري، ذاك الرجل الذي لم يُمنح العبقرية لكنه أُبتلي بإدراك غيابها، يقف شاهداً على الثمن الباهظ للعبقرية. حسده لموزارت لم يكن سوى مرآة تعكس الحقيقة المُرّة: الوحدة، الإرهاق، ونهاية مأساوية في ظلال النسيان. موهبته المتواضعة التي احتقرها يوماً، أصبحت فجأة نعمة يتمنى لو أدرك قيمتها قبل أن يكرس حياته لتدمير موزارت.
ظلام الفيلم ينبض بهذا الإدراك المرير: العبقرية ليست حرية، بل قيدٌ من نار. موسيقى موزارت خلدته للأبد، لكنها دمرت حياته الأرضية. إرثه خالد، لكنه جاء بثمن إنسانيته وروحه. والسؤال الذي يتركه الفيلم معلقاً كجرس في صمت الليل:
هل تستحق العظمة أن يفقد الإنسان ذاته؟