هل البودكاست/المسامرة مذمومة؟ أو تقدّم وجبات ثقافية ضحلة؟
منذ مدّة وأنا ألتقطُ من الخطابات العامة بعض تلميحات أو تصريحات تستبطنُ هذا المعنى.. وأرى الأمرَ يحتاج إلى شيء من التفصيل.
أولًا - ليست المسامرة (البودكاست) اختراعًا جديدًا، وإنما هي كلمة يُراد منها الحوارات الإذاعية المصورة التي عهدناها، ولكن بمصطلح جديد!
بالضبط كـ (العمل الحُر) الذي خبرناه، ولكنه ارتدى بدلة أفرنجية وصار (فريلانس)، فتشعر أنه اكتسب وجاهةً اجتماعيةً ما، والمضمون واحد! المهم.
.
ثانيًا - المسامرات القيّمة التي اطّلعتُ عليها على الأقل، تنتمي عندي إلى أحد حقلين معرفيين:
1- السير الذاتية،
إما أن يحكي الضيفُ تجربته الخاصة بشكل شخصيّ، مع إضاءات يمكن أن يُنتفع بها، وإما أن يتخذ سيرته منطلقًا لمناقشة أفكار ومفاهيم عامة، على طريقة د المسيري رحمه الله: (سيرة غير ذاتية وغير موضوعية).
.
2- تطبيقات تحليلية،
كأن تحاور باحثًا في اللغة أو الشريعة أو التربية أو الساسية وتطلب منه تحليلًا للمشهد الراهن، أو إبداء رأيه في بعض خطابات وأفكار وأسئلة منثورة في الطريق.
.
فإن كان الضيف عالِمًا متقنًا لما يتكلم فيه، وإن كان المُحاور قريبًا منه فكرًا، ويُحسن المحاورة وفنّ طرح الأسئلة = فأمامك مجلس علمٍ ثريٍّ بحق!
.
ولكم خرجتُ من هذه المجالس النقاشية الحُرة المفتوحة مع أساتذتي ومشايخي، والتي تُعقد أحيانا في غُرف الأساتذة وساعاتهم المكتبية، أو في الطرقات وعلى سلالم الكلية، أو في المنازل، أو غير ذلك... لكم خرجتُ بها بكنوز أعظم أضعاف المرات من كلامهم في المقررات الرسمية، والمحاضرات الأساسية!
.
والسؤال هو: لماذا؟ ما الإضافةُ التي وجدتَها هنا ولم تجدها هناك؟
والجواب باختصار يكمن في كلمتين: التطبيق، والربط!
.
في المدارس والجامعات نحن لا ندرس العلم، وإنما ندرس تاريخ العلم، وفارق هائل بين الأمرين،
فإن جئتَني مثلًا تطلب أن أعلّمك اللغة العربية، فهذا الطلب يعني عندي أحد أمرين:
1- أن أحدثك نظريًا عن أهمية اللغة العربية، وتاريخ نشأتها وتطورها، وعلومها وآدابها، وأعلم بعض القواعد النحوية، والصرفية، والبلاغية، والإملائية وغيرها من قواعد العلم، وأمتحنك في فهم وتحصيل هذه المعلومات.. وستخرج وقد تحسن الدندنة عن العربية والتزيّ بزيّ علماء العربية والتكلم بمصطلحاتهم... إلخ، لكن!
هل انطبع هذا العلم في نفسك بعد رحلة التعلم الطويلة هذه؟
هل صرتَ تتكلم وتقرأ وتكتب بلسان عربي؟
هل صرتَ أحرص على قضايا العربية وأكثر شغفًا بها؟
هل أصبحتَ أكثر وعيًا باللغة وأهميتها وأثرها في النفس وفي الآخر وفي المجتمع؟
هل ازدادت حساسيتك واحترازك وتدقيقك في التعامل مع الكلمات، وانتقاء الألفاظ والمصطلحات؟
هل صرتَ أقدر على تفكيك وتحليل النصوص واستخراج الكامن فيها؟
هل بتّ تفطن للألاعيب والحيل اللُّغوية؟
هل صرتَ أعمق وعيًا بشبكة العلاقات التي تربط اللغة بشتّى مناحي العلوم والفكر والحياة؟
هل يمكنك أن تُحلل المشهد اللُّغوي أو الأدبيّ في حيّك أو قريتك أو مجتمعك الصغير؟
هل نمى ذوقك اللُّغوي وصِرتَ أقدر على تذوق العالي من البيان؟
.
هذه النواتج والآثار التي أعدها أثر انطباع العلم في النفس، أن تعيش بهذا العلم، أن يهبك العلمُ عدسةً جديدة، نافذةً أخرى، تنظر بها ومنها إلى العالم بعينٍ مختلفة، وبرؤية أعمق رأسيًا، وأشمل وأوسع أُفقيًا.. بعقل يستطيع أن يربط أمورًا كثيرة قد يراها الناس بعيدةً كل البُعد عن اللغة، وتراها أنتَ تجليًا ونموذجًا عظيمًا للغة!
.
وقل مثل هذا في دراستك للفلسفة أو علم النفس أو الرياضيات أو الفيزياء، بين علم يُدرسك تاريخ هذه العلوم ومدارسها وفروعها وقوانينها، وبين أن تمارس أنتَ هذه العلوم، أن تمارس أنتَ التحليل النفسيّ والاجتماعيّ والرياضيّ والفيزيائيّ للمشهد الذي أمامك! أن ينطبع العلم في نفسك!
من أين أحصّل هذه الثمرة إذن؟
أحمد عبد المنصف 🔻

کانالهای مشابه



أهمية العلوم العربية والإسلامية في التعليم المعاصر
تعتبر العلوم العربية والإسلامية من الدعائم الأساسية التي تُبنى عليها الثقافة والمعرفة في العالم العربي والإسلامي. تلعب هذه العلوم دورًا محوريًا في تشكيل الهوية الثقافية وتعزيز القيم الإنسانية، كما تعد الوسيلة الأساسية لفهم التراث الفكري والحضاري. إن الارتباط العميق بين هذه العلوم ومصدرها الأساسي -القرآن الكريم والسنة النبوية- يعطيها عمقًا وثراءً يجعلها مهمة لكل طالب علم. في ظل العولمة والاندماج الثقافي، يأتي دور هذه العلوم كأداة للحفاظ على الهوية الثقافية وتوجيه الشباب نحو التعرف على جذورهم الثقافية والعلمية، مما يسهم في تطوير مجتمع واعٍ وفاعل في كافة مناحي الحياة.
ما هي أهمية العلوم العربية والإسلامية في التعليم الحديث؟
تعتبر العلوم العربية والإسلامية من العناصر الأساسية في التعليم الحديث، حيث توفر فهما عميقًا للثقافة والتاريخ. من خلال دراسة النصوص العربية والإسلامية، يمكن للطلاب استكشاف كيف أثرت هذه العلوم في تشكيل الفكر والفلسفة عبر العصور. هذا الفهم يمكن الطلاب من تقييم الثقافة الحالية في سياق تاريخي أوسع.
علاوة على ذلك، تعزز هذه العلوم من تطوير المهارات النقدية والإبداعية لدى الطلاب. من خلال تحليل النصوص والدروس المستفادة من التاريخ الإسلامي، يتمكن الطلاب من فهم أهمية التفكير النقدي ويكتسبون القدرة على التعبير عن آرائهم بوضوح.
كيف تسهم العلوم العربية والإسلامية في تعزيز الهوية الثقافية؟
تسهم العلوم العربية والإسلامية بشكل كبير في تعزيز الهوية الثقافية من خلال تقديم إطار مرجعي يساعد الأفراد على فهم جذورهم وتقاليدهم. معرفة التاريخ والثقافة الإسلامية تساعد الأفراد على تقدير التراث الثقافي ويساعد في بناء انتماء قوي إلى الهوية العربية والإسلامية.
كذلك، يعزز التعلم عن القيم والمبادئ الإسلامية فهم الهوية الروحية والأخلاقية للأفراد، ويعزز من قيم التسامح والاحترام المتبادل، مما يسهم في بناء مجتمع متماسك يقدر التنوع الثقافي.
ما هي أبرز التحديات التي تواجه تدريس العلوم العربية والإسلامية؟
تشمل أبرز التحديات ضعف الموارد التعليمية والمناهج غير الملائمة التي لا تلبي احتياجات الطلاب. هناك حاجة ملحة لتطوير مناهج تعليمية تستخدم أساليب تدريس حديثة ومبتكرة لجذب انتباه الطلاب وتعزيز اهتمامهم بهذه العلوم.
بالإضافة إلى ذلك، يعاني الكثير من المعلمين من نقص التكوين المهني الكافي في تدريس هذه المواد، مما يؤثر على جودة التعليم. العمل على تحسين بيئة التعليم وتوفير التدريب المناسب للمعلمين يعد أمرًا ضروريًا لمواجهة هذه التحديات.
كيف يمكن تعزيز اهتمام الشباب بالعلوم العربية والإسلامية؟
يمكن تعزيز اهتمام الشباب من خلال تنظيم فعاليات ثقافية ومسابقات علمية تتعلق بالعلوم العربية والإسلامية. هذه الأنشطة يمكن أن تشمل ورش عمل، ندوات، أو حتى رحلات ميدانية إلى مواقع تاريخية تتعلق بالإرث الثقافي.
تطوير محتوى تعليمي يتناسب مع اهتمامات الشباب، مثل استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية والتكنولوجيا الحديثة في تدريس هذه العلوم، يعد وسيلة فعالة لجذب الانتباه وزيادة المشاركة.
ما الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في تعليم العلوم العربية والإسلامية؟
تلعب التكنولوجيا دورًا حيويًا في تعزيز تعليم العلوم العربية والإسلامية بطرق مبتكرة. من خلال استخدام المنصات الإلكترونية، يمكن للطلاب الوصول إلى مصادر تعليمية متنوعة وتعزيز ثقافة البحث والمطالعة.
علاوة على ذلك، تتيح التكنولوجيا فرصًا للتواصل بين الطلاب والمعلمين من مختلف أنحاء العالم، مما يعزز تبادل الأفكار والخبرات ويؤدي إلى بيئة تعليمية غنية ومتنوعة.
کانال تلگرام أحمد عبد المنصف 🔻
مرحبًا بكم في قناة أحمد عبد المنصف على تيليجرام! هذه القناة مخصصة للطلاب والمهتمين بالعلوم العربية والإسلامية، حيث يقدم أحمد عبد المنصف نفسه كطالب علم شافعي أزهري درعمي، محبٌ للعلم وأهله. يمكنكم الانضمام لهذه القناة للتعرف على المزيد من المعلومات والموارد التعليمية في هذا المجال. سواء كنتم ترغبون في تعميق معرفتكم بالعلوم العربية أو تبحثون عن مصادر جديدة حول الإسلام، فإن هذه القناة توفر لكم المحتوى الذي تبحثون عنه. انضموا اليوم واستفيدوا من الفوائد العديدة التي تقدمها قناة أحمد عبد المنصف.