الحديث الحادي عشر :
قال ابن أبي شيبة : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب قال : يباشرها وليس عليه وضوء .
حكمه : صحيح ، وعنعنة قتادة هنا لا تضر ، فإن الراوي عنه هو شعبة ، وقد قال شعبة : كفيتكم تدليس ثلاثة ، الأعمش وأبي إسحاق وقتادة [معرفة السنن للبيهقي 35/1]
وقال أبو عوانة في مستخرجه :حدثنا نصر بن مرزوق ، حدثنا أسد بن موسى قال : سمعت شعبة يقول : كان همتي من الدنيا شفتي قتادة ، فإذا قال (سمعت) : كتبت ، وإذا قال (قال) : تركت . اهـ
مع أن تدليس قتادة في الجملة قليل مغتفر كما قال العلامة الألباني- رحمه الله - في (الصحيحة 614/5) : تدليس قتادة قليل مغتفر ، ولذلك مشاه الشيخان ، واحتجا به مطلقا كما أفاده الذهبي ، وكأنه لذلك لم يترجمه الحافظ في التقريب بالتدليس ، بل قال فيه (ثقة) .اهـ
الحديث الثاني عشر :
قال ابن أبي شيبة : حدثنا وكيع ، عن مبارك ، عن الحسن قال : لا بأس أن يستدفئ بامرأته بعد الغسل.
حكمه : ضعيف ، فمبارك - وهو ابن فضالة - صدوق يدلس ويسوي كما قال الحافظ في التقريب، ولم يصرح هنا بالسماع .
الحديث الثالث عشر :
قال ابن أبي شيبة : حدثنا وكيع ، عن مسعر ، عن حماد : أنه كان يكرهه حتى يجف .
حكمه : صحيح ، وحماد هو : ابن أبي سليمان الفقيه المعروف ، وهو من صغار التابعين .
الحديث الرابع عشر :
قال ابن أبي شيبة : حدثنا شريك ، عن حريث ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغتسل من الجنابة ثم يستدفئ بي قبل أن أغتسل .
حكمه : ضعيف ، فشريك وهو (ابن عبد الله النخعي) صدوق يخطيء كثيرا ، قاله الحافظ في التقريب .
و (حريث) - وهو ابن أبي مطر الفزاري - ضعيف .
وقد أخرج ابن ماجه هذا الحديث في سننه من طريق المصنف .
وأخرجه الترمذي من طريق هناد عن وكيع عن حريث به .
وقد حكم عليه بالضعف العلامة الألباني رحمه الله ، كما في ضعيف الترمذي برقم 123 ، ابن ماجه برقم 128 .
وأما قول الإمام الترمذي رحمه الله (هذا حديث ليس بإسناده بأس) فمتعقب ،تعقبه العلامة عبد المحسن العباد - حفظه الله - بقوله [بل فيه بأس] (شرح جامع الترمذي شريط 27)
فتلخص من هذا ثبوت :
1) قول ابن عمر : إني ﻷغتسل من الجنابة ثم أتكوى بالمرأة قبل أن تغتسل .
2) قول ابن عباس : ذاك عيش قريش في الشتاء .
3) قول أبي هريرة (لا بأس) لمن سأله عن (الرجل يغتسل من الجنابة ثم يضطجع مع أهله) .
4) قول إبراهيم : كان علقمة يغتسل ثم يستدفئ بالمرأة وهي جنب .
5) قول سعيد بن المسيب [يباشرها وليس عليه وضوء] .
6) وكراهية حماد لذلك حتى يجف .
فقه هذه الآثار :
1) أن بشرة الجنب طاهرة ؛ ﻷن الاستدفاء إنما يحصل من مس البشرة البشرة [شرح مشكاة المصابيح للمباركفوري 307/2]
2) طهارة عرق المرأة الجنب ، ولعابها وسؤرها ، كالرجل الجنب ، وكذا الحائض والجنب . [المصدر السابق] .
3) أن الرجل إذا اغتسل فلا بأس أن يستدفئ بامرأته ، قال الترمذي : [وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين]
فاستدفاء الرجل بامرأته لا بأس به ، لكن لا يقال (هو سنة !) ،
يقول الشيخ العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله : إذا حصل أن الرجل فعل هذا فليس هناك مانع يمنع منه ، لكن لا يقال : إن ذلك سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ﻷن الحديث بذلك ضعيفا . اهـ (شرح جامع الترمذي شريط 27)
وهنا أود التنبيه أن إيراد الأئمة المصنفين كابن أبي شيبة والترمذي وابن ماجه لهذه الأحاديث في كتاب الطهارة : يدلك على أن مرادهم بذلك (أن الجنب ليس نجسا) ، ولو كان مرادهم بيان سنية الاستدفاء لأوردوا هذه الآثار في كتاب النكاح .
والمقصود أن الاستدفاء لا مانع منه ، لعدم المانع الشرعي ، وأكدت هذه الآثار هذا الجواز ، والله أعلم .
وأجدها فرصة طيبة في هذا المقام ﻷذكر إخواني بمكانة مصنف ابن أبي شيبة ، وحسبك قول الحافظ ابن كثير رحمه الله في (البداية والنهاية 315/10) : المصنف الذي لم يصنف أحد مثله قط ،لا قبله ولا بعده! .اه
ـ
كما لا يفوتني أن أنبه أن دراستي السابقة هي لأسانيد ابن أبي شيبة خاصة ، فالأحكام السابقة هي على هذه الأسانيد ، وأشكر في الختام الشيخ عليا الرملي على تفضله بمراجعة بحثي ، والحمد لله رب العالمين .
(كتبه أخوكم : أسامة الفرجاني)
https://t.me/takhrijulahadis