الفائدة الثالثة عشرة بعد التسعمائة:
... لكن جاء عن السلف أنهم كانوا يعتمرون في شهر رجب، كما نقل ذلك ابن سيرين عنهم، فجاء عن عمر بن الخطاب، وعثمان، وابن عمر، وهذا ثابت عنهم، قال عبد الرحمن بن حاطب: "اعتمرت مع عمر وعثمان في رجب". رواه ابن أبي شيبة
وعائشة كانت تأتي بالعمرة في شهر رجب مع جزمها أن النبي ﷺ لم يعتمر في رجب.
لكنه ليس بصريح في الدلالة على فضل العمرة في رجب، لأنه يحتمل أنهم كانوا يفعلون ذلك من أجل أن يؤتى بالحج في سفرة، والعمرة في سفرة أخرى في غير أشهر الحج، وذلك من إتمام الحج والعمرة المأمور به في قوله تعالى: (وأتموا الحج والعمرة لله)، وهذا هو معنى إتمام الحج والعمرة عند بعض السلف، قال عمر: "افصلوا بين حجكم وعمرتكم؛ فإن ذلك أتم لحج أحدكم، وأتم لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحج"، رواه مالك.
ويحتمل أنهم كانوا يعتمرون في شهر رجب، لأنه ليس من أشهر الحج، وذلك لتكثير زوار البيت في غير أشهر الحج، لئلا يبقى البيت مهجوراً، لا لفضل العمرة فيه، وذلك لأن الناس كانوا إذا جاءوا بالعمرة مع الحج، لم يعودوا إليه إلا في موسم الحج، فيبقى البيت مهجوراً عامة السنة، قال عروة بن الزبير: " إنما كره عمر العمرة في أشهر الحج؛ إرادة ألا يعطل البيت في غير أشهر الحج". رواه سعيد.
وقال الحافظ ابن كثير: "قد ثبت عن عمر وعثمان أنهما كان يحبان الاعتمار في غير أشهر الحج، وينهيان عن ذلك في أشهر الحج".