•"..لِتَستَقْبِلَ بِجِدِّ رَأيكَ مِنَ الأمْرِ، ما قد كَفَاكَ أهلُ التَّجاربِ بُغيَتَه وتجربَتَه، فتكونَ قد كُفِيتَ مَئُونَةَ الطّلَبِ، وعُوفِيتَ مِن علاج التّجربة، فأتاكَ مِن ذلكَ ما قد كُنَّا نأتيه، واستبانَ لكَ ما رُّبما أظلمَ علينا مِنه. "
-الإمام علي (عليه السلام)؛ نهجُ البلاغة.
كما أنَّ العِلم الحوزوي يُعرِف الإنسان أمور دِينه وشَرعية أفعاله، ودقائق أموره، ويُقوِّم لِسانه وفِكره، ويُعمر إيمانَ قلبه بالمعرفة.
وكما أنَّ العِلم الأكاديمي يجعل الإنسان عارفاً باختصاص معين مِن علوم الحياة التي تَخدم البشرية، فإنها تفتح عقله على اختلاف فئات المجتمع، تصقل شخصيته وتقويها، ويُمتحن إيمانه أشد الإمتحان لمن كان ثابتاً على دينه، فالمرأة بحجابها وعفتها وحياءها، والرجل بغض بصره وعفته، يترك فيها المُؤمن رسالته وبصمته.
كذلك التجارب ومخالطة الناس وسماع تجاربهم، وفي اختلاف أحوالهم عِبرة، فإنها تضيف للإنسان ما لا يضيفه له غيرها مِن تَفتح عقله، وإختصار وقته لعدم الوقوع في أخطاءهم، وتَقبُّل الإختلاف، تُعَلِمه كيف يتعايش مع المُختلف معه في التفكير والعقيدة ومبدأ الحياة وأهدافها تعايشاً سلمياً مفروض علينا في زمن غيبة صاحب الأمر، وهذا هو بلاؤنا واختبارنا.
حتى أنَّه يُدرك كيف يكون داعياً، آمراً بالمعروف بفعله وطيب كلامه وحسن أسلوبه،
تُنضج عقله وتوسع مداركه، تجعله ينظر للموقف من كل جوانبه وظروفه، لا بمنظار ضيق وعَقل منغلق.
-وكذا وُقوع النَّوازل ومُشاهدة عواقب الأفعال ومعرفة الطبائع وخِبرة الحوادث وامتحان الأخلاق، فهذا كُلُّه لا يُحقِّقه المُعتزِلُ لهم ولا يجمعُه المُتجنِّبُ عنهم-.