﴿لقد كان في يوسف وإخوته آياتٌ للسائلين إذ قالوا لَيوسفُ وأخوه أحبُّ إلى أبينا مِنَّا ونحن عُصبةٌ إنَّ أبانا لفي ضلالٍ مُبين﴾.
شَعَرَ إخوة يوسف بأنَّ أباهم يعقوب -عليه السلام- يُحِبُّ يوسفَ وأخاه أشدَّ من حُبِّه لهم، مع أنَّهم عَشَرَة أبناء لهم من القوَّة والفُتوَّة والمكانة ما لهم!
فاشتغلت القلوب، واشتعلت الغيرة، وكان منهم ما كان، والله يَغْفِرُ لهم.
ولا شكَّ عند كلِّ عارفٍ بمقام الأنبياء، أنَّ يعقوب -عليه السلام- لا يَخْفى عليه أمرٌ كهذا، وأنَّه لا يُظَنُّ به أن يُفَضِّل ولداً على ولد، بل إنَّ القرآن دلَّ على أنَّه -عليه السلام-راعى أدقَّ التفاصيل، وحرص على تَجَنُّبِ دواعي الغيرة بين أبنائه، وفي قول الله تعالى عنه: ﴿قال يا بُنيَّ لا تقصُص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً إنَّ الشيطان للإنسان عدوٌ مبين﴾ دليلٌ واضحٌ على ذلك.
فالأب الذي يحرِص على أمرٍ دقيق (كأمر الرؤيا) لا شكَّ أنَّه سيكون أشدَّ حرصاً وأعظم مراعاةً لما فوقه من الأمور.
ولكنَّ الحُبَّ والاهتمام، قد يظهر وقد يبدو، حتَّى لو حرص صاحبه على إخفائه، على حدِّ قول الشاعر:
دلائلُ الحُبِّ لا تَخْفى على أحدِ!
فسبب الغيرة -والله أعلم- ما شعروا به من الحُبِّ الذي ظهر على أبيهم رغم حرصه على إخفائه، وليس ما رأوه منه من تعامُلٍ يُنافي العدل بين أولاده.
والمقصود من هذه اللَفتة: تبرئةُ نبيِّ الله يعقوب -عليه السلام- مِمَّا قد يُظَنُّ به من الجَوْر، أو قِلَّة العدل، أو التفريق بين الولد؛ فهو من أعظم أنبياء الله، وهو كما أخبرنا نبيُّنا ﷺ: الكريمُ ابنُ الكريمِ ابنِ الكريم، عليه وعلى أبيه وجدِّه وعلى أنبياء الله كلِّهم السلام.
كتبه مُستفيداً من كُتُب التفسير:
#محمد_بن_سليمان_المهنا