مصطفى لطفي المنفلوطي @lovers_of_arabic Channel on Telegram

مصطفى لطفي المنفلوطي

@lovers_of_arabic


📖

مصطفى لطفي المنفلوطي (Arabic)

مرحبًا بكم في قناة "مصطفى لطفي المنفلوطي"! إذا كنت من محبي الأدب العربي وتبحث عن مكان لمناقشة ومشاركة أعمال مصطفى لطفي المنفلوطي وغيرها من الكتاب العرب، فقد وصلت إلى المكان المناسب. هذه القناة مخصصة لعشاق الأدب العربي، حيث يمكنكم التواصل مع مثلكم من المهتمين بالثقافة والأدب العربي. سوف تجدون هنا نقاشات مثيرة حول أعمال مصطفى لطفي المنفلوطي وأدباء آخرين، بالإضافة إلى تبادل الآراء والأفكار. كن جزءًا من مجتمع الأدب العربي وانضم إلينا الآن في قناة "مصطفى لطفي المنفلوطي" على تطبيق تيليجرام!

مصطفى لطفي المنفلوطي

10 Jan, 07:24


لا حاجة لنا بتاريخ حياة فلاسفة اليونان، وحكماء الرومان، وعلماء الإفرنج، فلدينا في تاريخنا حياةٌ شريفة مملوءة بالجد والعمل، والصبر والثبات، والحب والرحمة، والحكمة والسياسة، والشرف الحقيقي، والإنسانية الكاملة، وهي حياة نبينا ﷺ وحسبُنا بها وكفى.

#النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

07 Jan, 19:08


فارق مصر على أَثَرِ الدستور العثمانيِّ كثيرٌ من فضلاء السوريين بعدما عمروا هذه البلاد بفضائلهم ومآثرهم، وصيَّرُوها جنةً زاخرةً بالعلوم والآداب، ولقَّنوا المصريين تلك الدروس العالية في الصحافة والتأليف والترجمة، وبعدما كانوا فينا سفراءَ خيرٍ بين المدنية الغربية والمدنية الشرقية، يأخذون من كمال الأولى ليتمموا ما نقص من الأخرى، وبعدما علَّموا المصريَّ كيف ينشط للعمل، وكيف يَجِدُّ في سبيل العيش، وكيف يثبت ويتجلَّد في معركة الحياة

#النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

06 Jan, 05:01


فلا مثوبة يقدمها المرء بين يدي ربه يوم جزائه أفضل من مواساة البائس وتفريج كربة المكروب!

#العبرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

05 Jan, 05:26


محالٌ أن يهدمَ بناءَ الباطل فردٌ في عصرٍ واحد، وإنما يهدمه أفرادٌ متعددون في عصورٍ متعددة، فيهزه الأول هِزَّةً تباعد ما بين أحجاره، ثم يَنْقُضُ الثاني منه حجرًا، والثالث آخر، وهكذا حتى لا يبقى منه حَجَرٌ على حَجَر

#النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

04 Jan, 03:30


رفيق السوء مثل البعوض لا تحسّ به إلا بعد اللّسع

#الشاعر

مصطفى لطفي المنفلوطي

03 Jan, 20:42


زيدٌ وعمرو
أراد داود باشا — أحد الوزراء السالفين في الدولة العثمانية — أن يتعلَّم العربية، فأحضرَ أحدَ علمائها وأنشأ يتلقَّى عليه دروسها عهدًا طويلًا، فكانت نتيجة علمه ما ستراه:

سأل شيخه يومًا: «ما الذي جناه عمرٌو من الذنوب حتى استحقَّ أن يضربه زيدٌ كلَّ يوم ويُقَتِّله تقتيلًا، ويبرِّح به هذا التبريح المؤلم؟ وهل بلغ عمرو من الذل والعجز منزلةَ مَنْ يَضعف عن الانتقام لنفسه، وضرب ضاربه ضربةً تقضي عليه القضاء الأخير؟!»

سأل شيخَه هذا السؤال وهو يَتحرَّقُ غيظًا وحنقًا ويضربُ الأرض بقدميه، فأجابه الشيخ: «ليس هناك ضاربٌ ولا مضروبٌ، وإنما هي أمثلة يأتي بها النحاةُ لتقريب القواعد من أذهان المتعلمين.» فلم يعجبه هذا الجواب، وأكبر أن يعجزَ مثلُ هذا الشيخ عن معرفة الحقيقة في هذه القضية، فغضب عليه وأمر بسجنه. ثم أرسل إلى نَحْوِيٍّ آخر، فسأله كما سأل الأول، فأجابه بنحو جوابه فسجنه كذلك. ثم ما زال يأتي بهم واحدًا بعد واحدٍ حتى امتلأت السجون وأقفرت المدارس، وأصبحت هذه القضية المشئومة الشغلَ الشاغل له عن جميع قضايا الدولة ومصالحها..........يتبع

#النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

02 Jan, 04:05


ذكرى سقوط غرناطة، آخر معاقل المسلمين في الأندلس 💔

آه يا غرناطة، يا درة الأندلس المفقودة، ويا زهرة الفردوس الذابلة!
أيُّ فجيعةٍ أعظم من فجيعتكِ، وأيُّ حزنٍ أشد من فقدانكِ؟!

في مثل هذا اليوم الكئيب، انطوت صفحةٌ من أعظم صفحات التاريخ، حيث كانت المآذن تعانق السماء، وتناجيها التكبيرات.
كانت القصور شاهدةً على مجدٍ تليد، والأنهار تتهادى بين حدائق كأنها من جنان الخلد.

لكن يا أسى القلب، ويا حزن الروح! تلك الجنان أضحت أطلالًا يكسوها الخراب، وتلك القصور غدت أحجارًا صامتة تروي قصة الذل والانكسار.
توقفت المآذن عن الأذان، وصمتت الحناجر التي كانت تهتف بـ"الله أكبر"، وكأن الكون بأسره قد شاركنا الحداد.

ثم جاء الأسوأ، حين تعالت أصوات الجلادين، ومُدت أيدي الظلم إلى المسلمين الذين أبَوا أن ينحنوا.
كانت محاكم التفتيش مسرحًا للكراهية، حيث سُحبت الأرواح من أجسادها تحت وطأة التعذيب، وأُجبر المسلمون على اختيارٍ بين الكفر أو الموت.

غرناطة، أيا حلمًا بات كابوسًا! دماؤنا لا تزال تروي ترابكِ، ودموعنا لا تزال تكتب اسمكِ على صفحات أرواحنا.
ولكن، هل للأيام أن تعود؟ وهل للقدر أن ينصف؟

يا الله، إليك الشكوى، فقد رأينا الذل يتجسد، وعشنا انكسارنا بكل ذرة في كياننا.
اللهم اجعل من هذا الحزن نورًا يعيد للمسلمين مجدهم، ولو بعد حين.


#كناشة_الدرعمي

مصطفى لطفي المنفلوطي

01 Jan, 05:01


وجملة القول أنَّ الحياة مسرات وأحزان. أما مسراتها فنحن مدينون بها للمرأة؛ لأنها مصدرها وينبوعها الذي تتدفق منه. وأما أحزانها فالمرأة هي التي تتولى تحويلها إلى مسراتٍ، أو ترويحها عن نفوس أصحابها على الأقل، فكأننا مدينون للمرأة بحياتنا كلها.

#النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

31 Dec, 05:21


والهفوة التي يهفوها الرجال والنساء جميعاً في مسألة الزواج أنهم يتساءلون عن كل شئ من جمالٍ أو مالٍ،أو خلقٍ أو ذكاءٍ،أو علمٍ أو عقلٍ،أو عفةٍ أو أدبٍ ويغفلون النظر في ملاك هذه الأشياء جميعها وزمامها، وهو الوحدة النفسية بين الزوجين

#ماجدولين

مصطفى لطفي المنفلوطي

30 Dec, 21:46


ليس الذي يبكي صديقًا كان يأنس بحديثه، أو عالمًا كان ينتفع بعلمه، أو كريمًا كان يستظل بظلال مروءته وكرمه، كمثل الذي يبكي شظية قد طارت من شظايا قلبه

#النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

30 Dec, 05:38


وأقرب ما تكون النفوس إلى النفوس إذا جمعتها في صعيدٍ واحدٍ هموم الحياة وآلامها

#النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

29 Dec, 17:13


لولا التناغم بين رقّة النساء وصلابة الرجال، لما قامت للحياة قائمة، ولما استقامت لها صورة. المرأة كالنهر الرقراق، تُنعش الحياة برقتها وتُحيي بصفائها، والرجل كالجبل الراسخ، يحمي مجراها ويمنحها الاتزان.
فلا النهر يستغني عن الجبل، ولا الجبل يزهر دون ماء النهر الذي يُحيط به.

إنّ الله في حكمته قسم الأدوار، فجعل المرأة موئل الحنان ومصدر السكينة، وجعل الرجل عمود القوة ومظلة الأمان. يقول سبحانه: "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ"، فما أبدع هذا التشبيه الذي يجعل كلاً منهما ساتراً للآخر، وكأنما لا تمام إلا بالاجتماع.

ولكن إذا تجرّدت النساء من رقّتهن، واسترجَلن في أفعالهن، فهنّ كالأزهار التي تحاول أن تُصبح أشجاراً، فتفقد عطرها ولونها، ولا تكون إلا قاسيةً بلا حياة.

وإذا تخلى الرجال عن صلابتهم، وتأنّثوا في طباعهم، صاروا كأعمدة رخوة لا تثبت بناءً ولا تحمي سقفاً.

الرجل والمرأة ليسا ضدين يتصارعان، بل شريكان يتكاملان.
كلاهما خلقه الله ليُكمل نقص الآخر، ويمسح عجزه بقوته. "وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى"، ليست المفاضلة هنا، بل هي حكمة التفاوت التي جعلت لكلٍّ موقعه ودوره.

فالحياة لا تُزهر إلا برقة تُعانق صلابة، ولا تستقيم إلا برجل يبني وامرأة تُعطي؛ كلاهما يؤدي رسالته، وكلاهما يحقق معنى التكامل الذي أراده الله.

كتبه: علاء الدرعمي
#كناشة_الدرعمي

مصطفى لطفي المنفلوطي

29 Dec, 03:59


إنَّ سر الحياة الإنسانية وينبوع وجودها، وكوكبها الأعلى الذي تبعث منه جميع أشعتها، ينحصر في كلمة واحدة: «قلب الأم»

#النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

28 Dec, 00:03


عاشت المرأة المصرية حقبة من دهرها مطمئنة في بيتها، راضية عن نفسها وعن عيشها، ترى السعادة كل السعادة في واجب تؤديه لنفسها، أو وقفة تقفها بين يدي ربها، أو عطفة تعطفها على ولدها، أو جلسة تجلسها إلى جارتها تبثها ذات نفسها، وتستبثها سريرة قلبها. وترى الشرف كل الشرف في خضوعها لأبيها وائتمارها بأمر زوجها، ونزولها عند رضاهما.

وكانت تفهم معنى الحب، وتجهل معنى الغرام، فتحب زوجها لأنه زوجها، كما تحب ولدها لأنه ولدها. فإن رأى غيرها من النساء أن الحب أساس الزواج، رأت هي أن الزواج أساس الحب.

فقلتم لها: إنَّ هؤلاء الذين يستبدون بأمرك من أهلك، ليسوا بأوفر منك عقلاً ولا أفضل رأياً، ولا أقدر على النظر لك من نظرك لنفسك، فلا حق لهم في هذا السلطان الذي يزعمونه لأنفسهم عليك.

فازدرت أباها، وتمردت على زوجها، وأصبح البيت الذي كان بالأمس عرساً من الأعراس الضاحكة، مناحة قائمة، لا تهدأ نارها، ولا يخبو أوارها.

وقلتم لها: لا بد لك أن تختاري زوجك بنفسك حتى لا يخدعك أهلك عن سعادة مستقبلك.
فاختارت لنفسها أسوأ مما اختار لها أهلها، فلم يزد عمر سعادتها على يوم وليلة، ثم الشقاء الطويل بعد ذلك، والعذاب الأليم.

وقلتم لها
: إن الحب أساس الزواج.
فما زالت تقلب عينيها في وجوه الرجال مصعدة مصوبة، حتى شغلها الحب عن الزواج فعنيت به عنه.

وقلتم لها: إن سعادة المرأة في حياتها أن يكون زوجها عشيقها.

وما كانت تعرف إلا أن الزواج غير العشيق، فأصبحت تطلب في كل يوم زوجاً جديداً يحيي من لوعة الحب ما أمات الزوج القديم. فلا قديماً استبقت ولا جديداً أفادت.

وقلتم لها: لا بد أن تتعلمي لتحسني تربية ولدك، والقيام على شؤون بيتك.
فتعلمت كل شيء إلا تربية ولدها، والقيام على شؤون بيتها.

وقلتم لها: نحن لا نتزوج من النساء إلا من نحبها ونرضاها، ويلائم ذوقها ذوقنا، وشعورها شعورنا.

فرأت أن لا بد لها أن تعرف مواقع أهوائكم، ومباهج أنظاركم، لتتجمل لكم بما تحبون، فراجعت فهرس حياتكم، صفحة صفحة، فلم تر فيه غير أسماء الخليعات المستهترات، والضاحكات اللاعبات، والإعجاب بهن والثناء على ذكائهن وفطنتهن.

فتخلعت، واستهترت لتبلغ رضاكم، وتنزل عند محبتكم. ثم مشت إليكم بهذا الثوب الرقيق الشفاف، تعرض نفسها عليكم عرضاً، كما تُعرض الأَمَةُ في سوق الرقيق. فأعرضتم عنها ونَبَوتُم بها،

وقلتم لها:
- إنا لا نتزوج النساء العاهرات.


كأنكم لا تبالون أن يكون نساء الأمة جميعاً ساقطات، إذا سلمت لكم نساؤكم. فرجعت أدراجها خائبة منكسرة، وقد أباها الخليع، وترفع عنها المحتشم، فلم تجد بين يديها غير باب السقوط فسقطت.

وكذلك انتشرت الريبة في نفوس الأمة جميعاً، وتمشت الظنون بين رجالها ونسائها، فتعاجز الفريقان، وأظلم الفضاء بينهما، وأصبحت البيوت كالأديرة لا يرى فيها الرائي إلا رجالاً مترهبين، ونساءً عانسات.

ذلك بكاؤكم على المرأة أيها الراحمون، وهذا رثاؤكم لها وعطفكم عليها!

نحن نعلم كما تعلمون أن المرأة في حاجة إلى العلم، فليهذبها أبوها أو أخوها، فالتهذيب أنفع لها من العلم. وإلى اختيار الزوج العادل الرحيم، فليحسن الآباء اختيار الأزواج لبناتهم وليجمل الأزواج عِشرة نسائهم.

وإلى النور والهواء تبرز إليهما، وتتمتع فيهما بنعمة الحياة، فليأذن لها أولياؤها بذلك، وليرافقها رفيق منهم في غدواتها وروحاتها، كما يرافق الشاةَ راعيها، خوفاً عليها من الذئاب.

فإن عجزنا عن أن نأخذ الآباء والأخوة والأزواج بذلك، فلننفض أيدينا من الأمة جميعها، نسائها ورجالها، فليست المرأة بأقدر على إصلاح نفسها من الرجل على إصلاحها.

أعجب ما أعجب له في شؤونكم أنكم تعلمتم كل شيء، إلا شيئاً واحداً هو أدنى إلى مدارككم أن تعلموه قبل كل شيء، وهو أن لكل تربة نباتاً ينبت فيها، ولكل نبات زمناً ينمو فيه.

إنا نضرع إليكم باسم الشرف الوطني والحرمة الدينية، أن تتركوا تلك البقية الباقية من نساء الأمة مطمئنات في بيوتهن، ولا تزعجوهن بأحلامكم وآمالكم كما أزعجتم من قبلهن.

فكل جرح من جروح الأمة له دواء، إلا جرح الشرف، فإن أبيتم إلا أن تفعلوا، فانتظروا بأنفسكم قليلاً ريثما تنتزع الأيام من صدوركم هذه الغيرة التي ورثتموها عن آبائكم وأجدادكم، لتستطيعوا أن تعيشوا في حياتكم الجديدة سعداء آمنين.


الحجاب للمنفلوطي، بتصرف يسير
#كناشة_الدرعمي

مصطفى لطفي المنفلوطي

27 Dec, 23:42


نعتذر عن النقل السابق المقتبس دون إيراد سياقه الكامل، فهذا لم يكن مقصودًا، ونؤكد أن ما تم اقتباسه قد أُخرج عن معناه الأصلي، مما قد يترتب عليه فهم مخالف لما أراده الكاتب. نأسف على هذا الخطأ ونقدر تفهمكم.

مصطفى لطفي المنفلوطي

26 Dec, 05:59


في هذا الزمن الذي تختلط فيه المفاهيم وتتشابك فيه الأصوات، تظهر فئة من النساء ممن يرفعن شعارات الإسلام لا لتأكيد الإيمان به في شموليته، بل لتطويعه بما يناسب أهواءهن. تراها تأخذ من الدين ما يرضي طموحها ويحقق مصلحتها، ثم تدير ظهرها لما يتعارض مع رغباتها، كمن يقف أمام مائدة عامرة، ينتقي منها الحلوى وينبذ ما عداه، متذرعًا بأنه لا يناسب ذوقه.

تطالب بما يحميها ويزين مكانتها بين الناس، كالمهر والنفقة وحق الحماية، وتستدل بالأحاديث الشريفة التي تعلي من شأن الأم وتوصي بالرفق بالقوارير.

لكنها، حين تقف عند التعدد أو القوامة، تنكرها وكأنها ليست من الدين، بل تكاد تراها وصمة عار على جبين الإسلام!

هذه النظرة الانتقائية إلى الدين أشبه بمن يتعامل مع كلمات الحكيم كما يتعامل العليل مع دواء الطبيب، يلتقط الحبة الحلوة وينبذ المُرّة، غير مدرك أن الحكمة كلها في تكامل الدواء، وأن الدين في مجموعه منظومة تنظم حياة الفرد والمجتمع، لا مجال فيها للانتقاء إلا أن يكون ذلك ضربًا من العبث!

أيتها المرأة المتاذكية، إن كنت حقًا تؤمنين بالدين كما أُنزل، فخذي منه كل ما أُعطي، واعملي بكل ما أمر، وإلا فابتعدي عن هذا الحمى المقدس، ولا تخلطي بين شهوة النفس وسماحة التشريع.

رحم الله الرافعي، لو رأى هذا الحال لقال:
"ليس الدين بما تحمله الألسنة المتعطشة، بل بما تستقر به القلوب الطاهرة، فمن خلط بين حب النفس وحب الله، فقد أساء فهم كليهما".


كتبته أخوكم: الدرعمي

#كناشة_الدرعمي

مصطفى لطفي المنفلوطي

26 Dec, 04:54


"خذي من قلبي ما شئت،فسيبقى لي منه ما يكفيني"

#الشاعر

مصطفى لطفي المنفلوطي

25 Dec, 04:37


ودمعة الراحم كابتسامة الساخر،كلاهما يؤلم النفس ويملؤها غصةً و أسى

#ماجدولين

مصطفى لطفي المنفلوطي

24 Dec, 05:00


"ليتنا نستطيع دائمًا أن نحتقر في مواقف الحب توافه الأشياء وحثالاتها، وأن نترك التأنُّق والتجمل في صلاتنا وعلائقنا، ونطلق العنان لأنفسنا لتعبر عن مشاعرها وعواطفها بالصورة التي تريدها، بدلًا من أن نقيدها بتلك القيود الثقيلة التي تحبسها في محبسٍ ضيقٍ لا سبيل لها إلى التفلُّت منه.

#الشاعر

مصطفى لطفي المنفلوطي

23 Dec, 06:33


“إن كواكب السماء ونجومها تشهد بين يدي الله علي جميع جرائم البشر التي ليس لها شهود! “

#في_سبيل_التاج

مصطفى لطفي المنفلوطي

22 Dec, 04:15


فما هذا الولع بقصة المرأة، والتَّمَطُّق بحديثها، والقيام والقعود بأمرها وأمر حجابها وسفورها، وحريتها وأسرها، كأنما قد قمتم بكل واجبٍ للأمة عليكم في أنفسكم، فلم يبقَ إلا أن تفيضوا من تلك النعم على غيركم؟!

#العبرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

21 Dec, 04:19


وابتسامة المرأة لفظٌ مشتركٌ يحتمل جميع المعاني وضروبها ، من الحب القاتل إلي البغض العميق

#الشاعر

مصطفى لطفي المنفلوطي

19 Dec, 07:00


إن السعادة ينبوعٌ يتفجر من القلب لا غيث يهطل من السماء، وإن النفس الكريمة الراضية البريئة من أدران الرذائل وأقذارها، ومطامع الحياة وشهواتها، سعيدةٌ حيثما حلت وأنَّى وُجدت

#الفضيلة

مصطفى لطفي المنفلوطي

18 Dec, 04:21


والأمة إن لم تتولَّ إصلاح شأنها بنفسها لا تصلحها أمةٌ أخرى مهما حسنت نيتُها ونَبُل مقصدها، والصلاح إن لم ينبت في تربة الأمة نفسها، ويزهر في جوها، ويأتلف مع مزاج أفرادها وطبيعتهم لا ينفعها ولا يجدي عليها، ويكون مثله مثل الزهرة التي تنقل من مغرسها إلى مغرسٍ آخر، فهي تزهر فيه أيامًا قلائل ثم لا تلبث أن تذبُل وتذوي


#في_سبيل_التاج

مصطفى لطفي المنفلوطي

16 Dec, 22:07


أريد أن أعيش حرًّا طليقًا، أناضل من أشاء، وأجادل من أشاء، وأنتقد من أشاء، وأن أقول كلمتي الخير والشر للأخيار والأشرار في وجوههم، لا متملقًا أولئك، ولا خاشيًا هؤلاء.

#الشاعر

مصطفى لطفي المنفلوطي

16 Dec, 01:49


"لقد علمتني الحياةُ أن الفقرَ لا يُطفئُ جذوة الحب، ولكنه يُشعلها بالألم والأسى."

ماجدولين.

مصطفى لطفي المنفلوطي

14 Dec, 21:13


الحب قطرة غيثٍ صافية تنزل بالتربة الطيبة فتثمر الرحمة والشفقة والبر و المعروف، و بالتربة الخبيثة فتثمر الحقد والغضب والشر والانتقام

#ماجدولين

مصطفى لطفي المنفلوطي

13 Dec, 21:01


إن اليوم الذي أشعر فيه بخيبة آمالي، وانقطاع حبل رجائي، يجب أن يكون آخر يوم من أيام حياتي، فلا خير في حياةٍ يحياها المرء بغير قلب، ولا خير في قلب يخفق بغير حب!

[ماجدولين]

مصطفى لطفي المنفلوطي

03 Dec, 04:15


إن الأمة التي ترضى بضياع حريتها و استقلالها، وتقبل أن تضع يدها في يد غاصبها إنما هي أحط الأمم وادناها و أحقها بالزوال والفناء

#في_سبيل_التاج

مصطفى لطفي المنفلوطي

02 Dec, 04:17


الأشقياء في الدنيا كثير ،و أعظمهم شقاءً ذلك الحزين الصابر الذي قضت عليه ضرورة من ضرورات الحياة أن يهبط بآلامه و أحزانه إلي قرارة نفسه فيودعها هناك، ثم يغلق دونها باباً من الصمت و الكتمان ، ثم يصعد إلي الناس باشَّ الوجه باسم الثغر متلطفاً متهللاً، كأنه لا يحمل بين جنبيه هماً ولا كمداً.

#العبرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

01 Dec, 04:03


نحن بحاجة لشجاعة الحذف، حذف التفاصيل ،حذف الماضي ،حذف الرسائل ،حذف الاصوات،حذف الحنين،وحذف بعض الأشخاص أيضًا


#ماجدولين

مصطفى لطفي المنفلوطي

30 Nov, 20:13


إن الله لم يهب لي نعمةَ الجمالِ التي وهبها لكِ، ولم يجمّلني بمثل ما جمّلكِ به من رقة الحس، وعذوبة النفس.
فإن أنتِ أحببتِنِي فقد أحببتِ فتًى مجردًا من مزايا الفتيان، لا يستطيع أن يمتَّ إليكِ بمثل ما تمتين به إليه، ولا أن ينيلكِ من السعادة ما أنلتِه منها.
فإن كنتِ ترين أن الإخلاص في الحب والوفاء بالعهد وهِبَة النفسِ هبةً خالصةً بلا ندم ولا أسف: مزية أستحق لها محبتكِ، فها أنا ذا أقدمها بين يديكِ، فتقبليها مني وقولي إنكِ سعيدة بي، كما أنا سعيد بكِ!

[ماجدولين]

مصطفى لطفي المنفلوطي

30 Nov, 10:12


اغرورقتْ عينا رسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالدموعِ وهو يُقلِّبُ بيديهِ قلادةً جاءتْ بها ابنتُهُ زينبُ، بعدَ وفاةِ أمِها خديجةَ!! يا عجبًا: أقلادةٌ تُبكيكَ يا رسولَ اللهِ؟!



نعمْ إنها الرقةُ والرقيُ والوفاءُ؛ فلقدْ أيقظتْ تلكَ القلادةُ في فؤادهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكرياتٍ لتلكَ الإنسانةِ العظيمةِ التي ملكتْ عليهِ قلبَه ووجدانَه قبلَ أن ترحلَ من الدنيا، إنها قلادةُ زوجتهِ الحبيبةِ المحبةِ الوفيةِ خديجةَ بنتِ خويلدٍ.



وتَذكَّرَ وهو يُقلِّبُ القلادةَ ذلكَ اليومَ الذي خلعتْ به تلكَ الإنسانةُ قلادتَها من عنقِها؛ لكي تُلبِسَها لابنتِها زينبَ يومَ زواجِها، وابتسامتُها ترتسمُ على مُحياها، لِتنعكسَ تلكَ الابتسامةُ في عينَي أبِيها رسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي عاشَ طفولتَه يتيمًا عائلاً، فآنسَه اللهُ وأغناهُ منذُ زواجهِ بخديجة.



إنها قلادةُ المرأةِ التي أحبتْهُ وواستْهُ بمالهِا وروحِها، وصبَّرتهُ وزمَّلتهُ برداءٍ؛ لتُهدِّئَ من رَوعهِ، يومَ جاءهُ جبريلُ بالوحيِ لأولِ مرةٍ، وكانت تصعدُ جبالَ مكةَ الشاهقةَ لتضعَ طعامَه وشرابَه في غارِ حراءٍ، ثم تتركَهُ هانئًا بخلوتهِ مع ربهِ.



إن مواقفَ خديجةَ لَمَواقفُ وفاءٍ عظيمةٌ، لكنَّ العَظَمةَ من لَدُنْ ذِي الخُلقِ العظيمِ لَتَتَجلَّى بأبهى صورِها؛ حيثُ الوفاءُ التامُّ، حين يُعلنُ للملأِ حبَّها دونَ خجلٍ أو كبرياءٍ -وحاشاهُ-، فيقولُ عن خديجةَ: "إني رُزِقتُ حُبَّها".



ولقد كانَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتعاهَدُ صديقاتِها بعدَ موتِها. وربما ذبحَ الشاةَ، فيُقطِّعُها، ثم يبعثُ بها إليهن، فيترحَّموُنَ عليها.



ومرةً –وهذهِ الأعجبُ- حيثُ استأذنتْ أختُها هالةُ بنتُ خويلدٍ على رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعدَ وفاةِ خديجةَ، فعرفَ استئذانَ خديجةَ؛ لشَبَهِ الصوتِ بينهن، فتَذَكَّرَ خديجةَ فارتاعَ، ثم ارتاحَ للصوتِ: فقالَ: "اللهم هالة"؛ لأنهُ تَذكَّرَ أيامًا سابقة، كانَ عيشُهُ معها –رضوان الله عليها-.



لقد بلغَ من كثرةِ ذِكْرهِ لخديجةَ أن غارتْ منها عائشةُ -رضيَ اللهُ عنهنَ- حتى قالت: كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ ‌إِلَّا ‌خَدِيجَةُ؟! مع أن خديجةَ ماتتْ قبلَ أن يتزوجَ عائشةَ بثلاثِ سنينَ.

إنه رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القدوةُ الحسنةُ، الذي كانَ قولُهُ جليلاً وفعلُهُ جميلاً، فهوَ القائلُ: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا ‌خَيْرُكُمْ ‌لِأَهْلِي"



فيا أيُها الأزواجُ والزوجاتُ: إن رأيتمْ من أزواجِكم شيئاً من وفاءٍ فلْتَحْمَدُوا الله، ولتُقابِلوا الوفاءَ بالوفاءِ، ولتشكُرُوا لبعضِكم بالثناءِ، ولا تكونُوا صامتينَ بلا مشاعرَ، فالزواجُ سَكَنٌ، جدرانُه المودةُ، وسقفُهُ الرحمةُ، وتفكرُوا في قولِ ربِنا: (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً ‌لِتَسْكُنُوا ‌إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)

#كناشة_الدرعمي

مصطفى لطفي المنفلوطي

29 Nov, 17:36


_

ماذا ينفعني من المال وماذا يغني عني يوم أقلّب طرفي حولي فلا أرى بجانبي ذلك الإنسان الذي أحبه وأوُثره، وأرى في مكانه إنسانًا آخر لا شأن لي معه ولا صلة لقلبي بقلبه؟ فكأنني وأنا خالٍ به خالٍ بنفسي منقطع عن العالم وما فيه.

#ماجدولين_المنفلوطي🍒

مصطفى لطفي المنفلوطي

26 Nov, 22:19


وكان يشعر في نفسهِ أنّ السعادةَ التي نالها هي فوق ما يحتملُ طَوقُه، فكان كلّما مرّ بأحدٍ من الناس حدّثته نفسه أن يفضي إليه بقصته ليحمل عنه جزءًا من سعادته!

[ماجدولين]

مصطفى لطفي المنفلوطي

25 Nov, 12:20


قلت: «أنت في حاجة إلى الطبيب، فهل تأذن لي أن أدعوه إليك لينظر في أمرك؟»

فتنهَّد طويلًا ونظر إليَّ نظرةً دامعةً، وقال: «إنما يبغي الطبيبَ من يُؤثر الحياة على الموت!»

[اليتيم || العَبرَات]

مصطفى لطفي المنفلوطي

23 Nov, 22:08


"حيث تسمو الأرواح بالكلمات..."

انضم إلى قناة مصطفى صادق الرافعي، ملاذ عشاق اللغة العربية، وموطن البيان الصادق الذي يروي العقول ويهز القلوب.

ما الذي ستجده في القناة؟

دررٌ من كتابات الرافعي: "وحي القلم", "رسائل الأحزان" وغيرها من التحف الأدبية.

اقتباسات عميقة تُحيي النفس وتُنعش الفكر.

تحليلات أدبية وفكرية تُبرز عبقرية الرافعي وتفرده بين أدباء العصر.


"إذا أردت أدبًا يُربّي الفكر ويُطهّر الروح، فهذه قناتك."

اشترك الآن، واجعل من أدب الرافعي دليلك إلى عالم الجمال والسمو.
https://t.me/+TDwH2t5DST5G_T-2

مصطفى لطفي المنفلوطي

23 Nov, 18:58


إنَّ عارًا على التاريخ المصري أن يعرف المسلمُ الشرقيُّ في مصر من تاريخ بونابرت ما لا يعرف من تاريخ عمرو بن العاص، ويحفظ من تاريخ الجمهورية الفرنسية ما لا يحفظ من تاريخ الرسالة المحمدية، ومن مبادئ ديكارت وأبحاث دَارْوِن ما لا يحفظ من حكم الغزالي وأبحاث ابن رشد، ويروي من الشعر لشكسبير وهوجو ما لا يروي للمتنبي والمعري.

[المدنية الغربية || النظرات]

مصطفى لطفي المنفلوطي

22 Nov, 21:35


بائس أنا، كمن أُطفئ السعي في قلبه، فما عاد يرى في الحياة إلا عبثًا متكررًا ينهش روحه. أحمل بين جنبيَّ قلبًا مثقلًا، نبضاته أصداء أوجاعٍ لا تهدأ، ونظراتي تائهة في فضاءٍ لا يُجيب.

بائس أنا، أعيش كمن يسير على طريقٍ ممتد، لا يعرف إن كان له نهاية أم أنه وهمٌ صنعه الخيال. كلما رفعت رأسي للسماء، وجدتها ملبدة بغيومٍ ثقيلة، كأنها تعكس ما يعتمل داخلي من كدر.

ورغم ذلك، أتساءل: هل هذا البؤس إلا بوابة لوعيٍ أعمق؟ ألم يقل المنفلوطي إن "الآلام هي أقداح السم التي تُمزج في خمرة السعادة، فمن لم يذق طعمها، لم يعرف لذة السعادة الحقيقية"؟ ربما بؤسي هذا دربٌ إلى ضوءٍ خفي، ينتظرني إذا ما قاومت الانطفاء.

#كناشة_الدرعمي

مصطفى لطفي المنفلوطي

21 Nov, 18:48


يُخيَّل إليّ أن الكتَّابَ في هذا العصر يكتبون لأنفسِهم أكثر مما يكتبون للناس، وأن كتابتهم أشبهُ شيءٍ بالأحاديثِ النفسية التي تتلجلجُ في صدرِ الإنسان حينما يخلو ينفسه، ويأنسُ بوحدته، فإني لا أكادُ أجدُ بينهم من يُحكمُ وضعَ فمهِ على أذنِ السامعِ، وينفثُ في رُوعِه ما يريدُ أن ينفثَ من خواطر قلبه وخوالج نفسه.

مصطفى لطفي المنفلوطي

21 Nov, 07:38


ستقفون غدًا بين يدي الله يا ملوك الإسلام، وسيسألكم عن الإسلام الذي أضعتموه وهبطتم به من علياء مجده حتى ألصقتم أنفه بالرغام، وعن المسلمين الذين أسلمتموهم بأيديكم إلى أعدائهم ليعيشوا بينهم عيش البائسين المستضعفين، وعن مدن الإسلام وأمصاره التي اشتراها آباؤكم بدمائهم وأرواحهم ثم تركوها في أيديكم لتذودوا عنها، وتحملوا ذمارها، فلم تحركوا في شأنها ساكنًا حتى غلبكم أعداؤكم عليها، فأصبحتم تعيشون فيها عيش الأذلاء، وتُطردون منها كما يُطرد الغرباء، فماذا يكون جوابكم إن سئلتم عن هذا كله غدًا؟

#العبرات_الذكرى

مصطفى لطفي المنفلوطي

20 Nov, 13:03


ينظر الرجل إلى المرأة في حبه إياها بعينٍ غير العين التي تنظر بها إليه في حبها إياه، فهو يراها أداته الخاصة به التي لا حق لإنسان غيره في التمتع بها بوجهٍ من الوجوه، ويرى أن حقًّا عليها أن تختصه بجميع مزاياها وصفاتها، فلا تقع على حسنها عينٌ غير عينه، ولا تسمع رنة صوتها أذنٌ غير أذنه، ولا يشعر بروعة جمالها قلبٌ غير قلبه، فيغار عليها من النظرة واللفتة، وكلمة الاستحسان، وبسمة الإعجاب، ويخيل إليه أن الناظرين إليها والمحتفلين بها والمتحدثين بأحاديث حسنها وجمالها إنما هم قومٌ جناةٌ متلصصون قد مدوا أيديهم إلى خزانة ذخائره التي يملكها وحده من دون الناس جميعًا، فاختلسوا من جواهرها جوهرةً لا حق لهم فيها، وفازوا بها من دونه، فيُلِمُّ بنفسه من الألم والامتعاض ما يلم بنفس الشحيح المختل إذا رأى السابلة تفر من حر الهاجرة إلى جدران داره لتستذري بظلالها ساعة من الزمان، وإن لم يضره ذلك شيئًا، وقد يكون من أشهى الأشياء إلى نفسه وأعجبها إليه أن يرى الناس قد أجمعوا رأيهم على استقباحها والزراية عليها ووصفها بأقبح الصفات وأشنعها، وأنها قد أصبحت في نظرهم ضحكة الضاحكين، وآية السائلين، حتى يكون جمالها سرًّا من الأسرار الخفية، لا تراه عينٌ غير عينه، ولا يبلغ صميمه نفسٌ غير نفسه. ( نظرة أهل النخوة والغيرة لا الدياثة )

أما المرأة فتنظر إلى الرجل الذي تحبه نظرها إلى حليتها التي تلبسها وتعتز بها وتدل بمكانها على أترابها ونظائرها، فلا أوقع في نفسها ولا أشهى إلى قلبها من أن تسمع الرجال يقولون عنه إنه رجل عظيم، والنساء يقلن عنه إنه فتى جميل، فهي تحبه لخيلائها وكبريائها أكثر مما تحبه للذاتها وشهواتها، وترى في إعجاب المعجبين به وافتنان المفتتنات بحسنه وجماله اعترافًا منهم بحسن حظها وسطوع نجمها، واكتمال أسباب سعادتها وهنائها، وهذا كل ما يعنيها من شئون حياتها.


المنفلوطي

مصطفى لطفي المنفلوطي

20 Nov, 13:02


‏«إنّ أَجمل السّاعات عندي تلك السّاعة التي أخلو فيها بِنفسي، فَأُناجيها بهُمومي وأَحزاني، وأذرف من العَبرات مَا أُبرّد به تلك الغُلّة التي تَعتلجُ في صَدري».

المَنفلوطي

مصطفى لطفي المنفلوطي

19 Nov, 16:49


لي فوق هذه الصخرة يا بني الأحمر سبعة أعوامٍ أنتظر فيها هذا المصير الذي صرتم إليه، وأترقَّب الساعة التي أرى فيها آخر ملكٍ منكم يرحل عن هذه الديار رحلةً لا رجعة من بعدها؛ لأني أعلم أن المُلك الذي يتولى أمره الجاهلون الأغبياء لا دوام له ولا بقاء.
#العبرات_الذكرى (عجوز يخاطب ابو عبد الله آخر ملوك غرناطة بعد هزيمته أمام الملك فرديناند)

مصطفى لطفي المنفلوطي

18 Nov, 19:47


إنني لا أحفل يا سيدي بالصُّور والرسوم والأزياء والألوان، ولا يعنيني جمال الصورة وحسنها، ولا برقشة الثياب ونمنمتها.
وحسبي من الجمال أنني رجلٌ شريفٌ مستقيم، لا أكذب ولا أتلوَّن، ولا أداهن ولا أتملق، وأن نفسي نقيةٌ بيضاء غير ملوثةٍ بأدران الرذائل والمفاسد.
فلئن فاتني الوجه الجميل، والثوب الْمُفَوَّف، والوسام اللامع، والجوهر الساطع، فلم يفتني شرف المبدأ، ولا عزة النفس، ولا إباء الضيم، ولا نقاء الضمير!

[الشاعر]

مصطفى لطفي المنفلوطي

13 Nov, 15:49


إن الله لم يخلق الضعفاء و المساكين ليكونوا ترابًا لنا تدوسه أقدامنا، و تطؤه نعالنا كلما وجدنا إلى ذلك سبيلًا، و لم يمنحنا القوة و العزة لنتخذ منها أسواط عذاب نمزق بها أجسامهم، و نستنزف بها دماءهم، و كل ذنوبهم عندنا أنهم أذلاء مستضعفون لا يملكون من القوة و العزة مثل ما نملك و لا يذودون عن أنفسهم بمثل ما نذود.
و أحسب أنهم لو كانوا أقوياء أو أعزاء مثلنا أو أعز و أقوى منا لخفناهم، و اتقينا جانبهم، و نظرنا إليهم بعين غير العين التي ننظر بها إليهم اليوم، لأن القوي الذي يتنمر على الضعفاء لا بد أن يكون جبانًا ذليلًا أمام الأقوياء.

النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

12 Nov, 07:57


قال: «أتنكر وجود العفة بين الناس؟»
قلت: «لا أنكرها لأني أعلم أنها موجودةٌ بين البُلْهِ الضعفاء والمتكلفين، ولكني أُنكر وجودها عند الرجل القادر المختلب والمرأة الحاذقة المترفقة إذا سقط بينهما الحجاب وخلا وجه كلٍّ منهما لصاحبه.
في أيِّ جوٍّ من أجواء هذا البلد تريدون أن تبرز نساؤكم لرجالكم؟!
أفي جو المتعلمين، وفيهم من سئل مرة لِمَ لم يتزوج، فأجاب: نساء البلد جميعًا نسائي؟!
أم في جو الطلبة، وفيهم من يتوارى عن أعين خلَّانه وأترابه حياءً وخجلًا إن خلت محفظته يومًا من الأيام من صور عشيقاته وخليلاته، أو أقفرتْ من رسائل الحب والغرام؟!
أم في جو الرعاع والغوغاء، وكثير منهم يدخل البيت خادمًا ذليلًا، ويخرج منه صهرًا كريمًا؟!
وبعد: فما هذا الولع بقصة المرأة، والتَّمَطُّق بحديثها، والقيام والقعود بأمرها وأمر حجابها وسفورها، وحريتها وأسرها، كأنما قد قمتم بكل واجبٍ للأمة عليكم في أنفسكم، فلم يبقَ إلا أن تفيضوا من تلك النعم على غيركم؟!
هذِّبوا رجالكم قبل أن تهذِّبوا نساءكم، فإن عجزتم عن الرجال فأنتم عن النساء أعجز!
أبواب الفخر أمامكم كثيرة، فاطرقوا أيها شئتم، ودعوا هذا الباب موصدًا، فإنكم إن فتحتموه فتحتم على أنفسكم ويلًا عظيمًا وشقاءً طويلًا.
أروني رجلًا واحدًا منكم يستطيع أن يزعم في نفسه أنه يمتلك هواه بين يدي امرأةٍ يرضاها، فأُصَدِّق أن امرأةً تستطيع أن تملك هواها بين يدي رجلٍ ترضاه!
إنكم تُكلفون المرأة ما تعلمون أنكم تعجزون عنه، وتطلبون عندها ما لا تعرفونه عند أنفسكم، فأنتم تخاطرون بها في معركة الحياة مخاطرة لا تعلمون أتربحونها من بعدها أم تخسرونها، وما أحسبكم إلا خاسرين.
ما شكت المرأة إليكم ظلمًا، ولا تقدَّمت إليكم في أن تحلوا قيدها وتطلقوها من أسرها، فما دخولكم بينها وبين نفسها؟ وما تمضُّغكم ليلكم ونهاركم بقصصها وأحاديثها؟
إنها لا تشكو إلا فضولكم وإسفافكم، ومضايقتكم لها ووقوفكم في وجهها حيثما سارت وأينما حلت، حتى ضاق بها وجه الفضاء فلم تجد لها سبيلًا إلا أن تسجن نفسها بنفسها في بيتها فوق ما سجنها أهلها، فأوصدت من دونها بابها، وأسبلت أستارها؛ تبرمًا بكم، وفرارًا من فضولكم، فوا عجبًا لكم! تسجنونها بأيديكم ثم تقفون على باب سجنها تبكونها وتندبون شقاءها!
إنكم لا ترثون لها بل ترثون لأنفسكم، ولا تبكون عليها بل على أيامٍ قضيتموها في ديار يسيل جوها تبرجًا وسفورًا، ويتدفق خلاعةً واستهتارًا، تودون بجدع الأنف لو ظفرتم هنا بذلك العيش الذي خلفتموه هناك.
لقد كنا وكانت العفة في سِقاءٍ من الحجاب موكوء، فما زلتم به تثقبون في جوانبه كل يوم ثقبًا والعفة تتسلل منه قطرةً قطرةً حتى تَقَبَّضَ وتَكَرَّشَ، ثم لم يكفكم ذلك منه حتى جئتم اليوم تريدون أن تحلوا وكاءه حتى لا تبقى فيه قطرة واحدة!
عاشت المرأة المصرية حقبةً من دهرها هادئة مطمئنة في بيتها، راضية عن نفسها وعن عيشتها، ترى السعادة في واجبٍ تؤديه لنفسها، أو وقفة تقفها بين يدي ربها، أو عطفة تعطفها على ولدها، أو جلسة تجلسها إلى جارتها تبثها ذات نفسها وتستبثها سريرة قلبها، وترى الشرف كل الشرف في خضوعها لأبيها وائتمارها بأمر زوجها، ونزولها عند رضاهما، وكانت تفهم معنى الحب وتجهل معنى الغرام، فتحب زوجها لأنه زوجها، كما تحب ولدها لأنه ولدها، فإن رأى غيرها من النساء أن الحب أساس الزواج رأت هي أن الزواج أساس الحب.
فقلتم لها: إن هؤلاء الذين يستبدون بأمرك من أهلك ليسوا بأوفر منك عقلًا ولا أفضل رأيًا، ولا أقدر على النظر لك من نظرك لنفسك، فلا حق لهم في هذا السلطان الذي يزعمونه لأنفسهم عليك؛ فازدرت أباها، وتمردت على زوجها، وأصبح البيت الذي كان بالأمس عرسًا من الأعراس الضاحكة مناحةً قائمة لا تهدأ نارها، ولا يخبو أوارها.
وقلتم لها: لا بد لك أن تختاري زوجك بنفسك حتى لا يخدعك أهلك عن سعادة مستقبلك، فاختارت لنفسها أسوأ مما اختار لها أهلها، فلم يَزِد عمر سعادتها على يوم وليلة، ثم الشقاء الطويل بعد ذلك والعذاب الأليم.
وقلتم لها: إن الحب أساس الزواج؛ فما زالت تقلب عينيها في وجوه الرجال مصعدةً مصوبةً حتى شغلها الحب عن الزواج فعُنِيَتْ به عنه.
وقلتم لها: إن سعادة المرأة في حياتها أن يكون زوجها عشيقها، وما كانت تعرف إلا أن الزوج غير العشيق، فأصبحت تطلب في كل يوم زوجًا جديدًا يحيي من لوعة الحب ما أمات الزوج القديم، فلا قديمًا استبْقَتْ ولا جديدًا أفادت!
وقلتم لها: لا بد أن تتعلمي لتحسني تربية ولدك، والقيام على شئون بيتك، فتعلمت كل شيءٍ إلا تربية ولدها، والقيام على شئون بيتها!
وقلتم لها: نحن لا نتزوج من النساء إلا من نحبها ونرضاها، ويلائم ذوقها ذوقنا، وشعورها شعورنا، فرأت أن لا بد لها أن تعرف مواقع أهوائكم، ومباهج أنظاركم لتتجمل لكم بما تحبون، فراجعت فهرس حياتكم صفحة صفحة فلم تَرَ فيه غير أسماء الخليعات المستهترات، والضُّحَكَات اللاعبات، والإعجاب بهن والثناء على ذكائهن وفطنتهن؛ فتخلَّعت واستهترت لتبلغ رضاكم، وتنزل عند محبتكم، ثم

مصطفى لطفي المنفلوطي

12 Nov, 07:57


مشت إليكم بهذا الثوب الرقيق الشفاف تعرض نفسها عليكم عرضًا، كما تعرض الأَمَةُ نفسها في سوق الرقيق، فأعرضتم عنها ونبوتم بها.
وقلتم لها: إنَّا لا نتزوج النساء العاهرات، كأنكم لا تبالون أن يكون نساء الأمة جميعًا ساقطات إذا سَلِمَتْ لكم نساؤكم، فرجعت أدراجها خائبةً منكسرةً وقد أباها الخليع، وترفَّع عنها المحتشم، فلم تجد بين يديها غير باب السقوط فسقطت.
وكذلك انتشرت الريبة في نفوس الأمة جميعًا وتمشَّت الظنون بين رجالها ونسائها، فتعاجز الفريقان، وأظلم الفضاء بينهما، وأصبحت البيوت كالأديرة، لا يَرَى فيها الرائي إلا رجالًا مترهِّبين ونساءً عانسات.
ذلك بكاؤكم على المرأة أيها الراحمون، وهذا رثاؤكم لها وعطفكم عليها!
نحن نعلم — كما تعلمون — أن المرأة في حاجةٍ إلى العلم، فليهذِّبها أبوها أو أخوها، فالتهذيب أنفع لها من العلم، وإلى اختيار الزوج العادل الرحيم، فليُحسِن الآباء اختيار الأزواج لبناتهم، وليجمل الأزواج عشرة نسائهم، وإلى النور والهواء تبرز إليهما وتتمتع فيهما بنعمة الحياة، فليأذن لها أولياؤها بذلك، وليرافقها رفيقٌ منهم في غدواتها وروحاتها، كما يرافق الشاة راعيها خوفًا عليها من الذئاب، فإن عجزنا عن أن نأخذ الآباء والإخوة والأزواج بذلك فلننفض أيدينا من الأمة جميعها، نسائها ورجالها، فليست المرأة بأقدر على إصلاح نفسها من الرجل على إصلاحها.
أعجب ما أعجب له في شئونكم أنكم تعلَّمتم كل شيء إلا شيئًا واحدًا، هو أدنى إلى مدارككم أن تعلموه قبل كل شيءٍ، وهو أن لكل تربةٍ نباتًا ينبت فيها، ولكل نباتٍ زمنًا ينمو فيه!
رأيتم العلماء في أوروبا يشتغلون بكماليات العلوم بين أمم قد فرغت من ضرورياتها؛ فاشتغلتم بها مثلهم في أمَّةً لا يزال سوادها الأعظم في حاجة إلى معرفة حروف الهجاء!
ورأيتم الفلاسفة فيها ينشرون فلسفة الكفر بين شعوبٍ ملحدةٍ لها من عقولها وآدابها ما يغنيها بعض الغناء عن إيمانها، فاشتغلتم بنشرها بين أمة ضعيفة ساذجة لا يغنيها عن إيمانها شيء، إن كان هناك ما يُغني عنه!
ورأيتم الرجل الأوروبي حرًّا مطلقًا، يفعل ما يشاء، ويعيش كما يريد؛ لأنه يستطيع أن يملك نفسه وخطواته في الساعة التي يعلم فيها أنه قد وصل إلى حدود الحرية التي رسمها لنفسه فلا يتخطاها، فأردتم أن تمنحوا هذه الحرية نفسها رجلًا ضعيف الإرادة والعزيمة، يعيش من حياته الأدبية في رأس منحدرٍ زلقٍ، إن زلَّت به قدمه مرةً تدهور من حيث لا يستطيع أن يستمسك حتى يبلغ الهوة ويتردى في قرارتها.
ورأيتم الزوج الأوروبي الذي أطفأت البيئة غَيْرته وأزالت خشونة نفسه وحرشتها يستطيع أن يرى زوجته تخاصر من تشاء، وتصاحب من تشاء، وتخلو بمن تشاء، فيقف أمام ذلك المشهد موقف الجامد المتبلد، فأردتم الرجل الشرقي الغيور الملتهي أن يقف موقفه، ويستمسك استمساكه.
ورأيتم المرأة الأوروبية الجريئة المتفتية في كثير من مواقفها مع الرجال تحتفظ بنفسها وكرامتها، فأردتم من المرأة المصرية الضعيفة الساذجة أن تبرز للرجال بروزها، وتحتفظ بنفسها احتفاظها!
وكل نباتٍ يُزرع في أرضٍ غير أرضه، أو في ساعةٍ غير ساعته، إما أن تأباه الأرض فتلفظه، وإما أن ينشب فيها فيفسدها.
إنا نضرع إليكم باسم الشرف الوطني والحرمة الدينية أن تتركوا تلك البقية الباقية من نساء الأمة مطمئناتٍ في بيوتهن، ولا تزعجوهن بأحلامكم وآمالكم كما أزعجتم من قبلهن، فكل جرح من جروح الأمة له دواء إلا جرح الشرف، فإن أبيتم إلا أن تفعلوا فانتظروا بأنفسكم قليلًا ريثما تنتزع الأيام من صدوركم هذه الغَيْرة التي ورثتموها عن آبائكم وأجدادكم لتستطيعوا أن تعيشوا في حياتكم الجديدة سعداء آمنين.»
فما زاد الفتى على أن ابتسم في وجهي ابتسامة الهزء والسخرية، وقال: «تلك حماقاتٌ ما جئنا إلا لمعالجتها، فلنصطبر عليها حتى يقضي الله بيننا وبينها.»
فقلت له: «لك أمرك في نفسك وفي أهلك فاصنع بهما ما تشاء، وائذن لي أن أقول لك إني لا أستطيع أن أختلف إلى بيتك بعد اليوم إبقاءً عليك وعلى نفسي؛ لأني أعلم أن الساعة التي ينفرج لي فيها جانب سترٍ من أستار بيتك عن وجه امرأةٍ من أهلك تقتلني حياءً وخجلًا.» ثم انصرفت، وكان هذا فراق ما بيني وبينه.
وما هي إلا أيامٌ قلائل حتى سمعت الناس يتحدثون أن فلانًا هتك الستر في منزله بين نسائه ورجاله، وأن بيته أصبح مغشيًّا، لا تزال النعال خافقةً ببابه، فذرفتْ عيني دمعةً، لا أعلم هل هي دمعة الغَيْرة على العِرض المذال، أو الحزن على الصديق المفقود؟
مرت على تلك الحادثة ثلاثة أعوام لا أزوره فيها ولا يزورني، ولا ألقاه في طريقه إلا قليلًا فأجيبه تحية الغريب للغريب من حيث لا يجري لما كان بيننا ذكر، ثم أنطلق في سبيلي.

مصطفى لطفي المنفلوطي

12 Nov, 07:57


فإني لعائدٌ إلى منزلي ليلة أمس، وقد مضى الشطر الأول من الليل؛ إذ رأيته خارجًا من منزله يمشي مشية الذاهل الحائر وبجانبة جنديٌّ من جنود الشرطة، كأنما هو يحرسه أو يقتاده، فأهمني أمره، ودنوت منه، فسألته عن شأنه، فقال: «لا علم لي بشيءٍ سوى أن هذا الجندي قد طرق الساعة بابي يدعوني إلى مخفر الشرطة، ولا أعلم لمثل هذه الدعوة في مثل هذه الساعة سببًا، وما أنا بالرجل المذنب ولا المريب، فهل أستطيع أن أرجوك يا صديقي بعد الذي كان بيني وبينك أن تصحبني الليلة في وجهي هذا علَّني أحتاج إلى بعض المعونة فيما قد يعرض لي هناك من الشئون؟»
ومشيت معه صامتًا لا أحدثه، ولا يقول لي شيئًا، ثم شعرت كأنه يُزَوِّر في نفسه كلامًا يريد أن يُفضي به إليَّ، فيمنعه الخجل والحياء، ففاتحته الحديث وقلت له: «ألا تستطيع أن تتذكر لهذه الدعوة سببًا؟»
فنظر إليَّ نظرةً حائرةً، وقال: «إن أخوف ما أخافه أن يكون قد حدث لزوجتي الليلة حادثٌ، فقد رابني من أمرها أنها لم تعد إلى المنزل حتى الساعة، وما كان ذلك شأنها من قبل.»
قلت: «أما كان يصحبها أحد؟»
قال: «لا.»
قلت: «ألا تعلم المكان الذي ذهبت إليه؟»
قال: «لا»، قلت: «ومِمَّ تخاف عليها؟»
قال: «لا أخاف شيئًا سوى أني أعلم أنها امرأةٌ غيورٌ حمقاء، فلعل بعض الناس حاول العبث بها في طريقها، فشرست عليه، فوقعت بينهما واقعةٌ انتهى أمرها إلى مخفر الشرطة.»
وكنا قد وصلنا إلى المخفر، فاقتادنا الجندي إلى قاعة المأمور، فوقفنا بين يديه، فأشار إلى جنديٍّ أمامه إشارة لم نفهمها، ثم استدنى الفتى إليه وقال له: «يسوءني أن أقول لك يا سيدي إن رجال الشرطة قد عثروا الليلة في مكان من أمكنة الريبة برجل وامرأة، في حالٍ غير صالحة، فاقتادوهما إلى المخفر، فزعمت المرأة أن لها بك صلةً، فدعوناك لتكشف لنا الحقيقة في أمرها، فإن كانت صادقة أَذِنَّا لها بالانصراف معك إكرامًا لك وإبقاءً على شرفك، وإلا فهي امرأةٌ عاهرةٌ لا نجاة لها من عقاب الفاجرات، وها هما وراءك فانظرهما.»
وكان الجندي قد جاء بهما من غرفة أخرى، فالتفت وراءه فإذا المرأة زوجته وإذا الرجل أحد أصدقائه، فصرخ صرخة رجفت لها جوانب المخفر وملأت نوافذه وأبوابه عيونًا وآذانًا، ثم سقط في مكانه مغشيًّا عليه. فأشرت على المأمور أن يرسل المرأة إلى منزل أبيها، ففعل، وأطلق سبيل صاحبها، ثم حملنا الفتى في مركبةٍ إلى منزله ودعونا له الطبيب، فقرر أنه مصابٌ بحمى دماغية شديدة، ولبث ساهرًا بجانبه بقية الليل يعالجه حتى دنا الصبح، فانصرف على أن يعود متى دعوناه، وعهد إليَّ بأمره، فلبثتُ بجانبه أرثي لحاله وأنتظر قضاء الله فيه، حتى رأيته يتحرك في مضجعه، ثم فتح عينيه فرآني، فلبث شاخصًا إليَّ هنيهةً كأنما يحاول أن يقول لي شيئًا فلا يستطيعه، فدنوت منه وقلت له: «هل من حاجة يا سيدي؟»
فأجاب بصوتٍ ضعيفٍ خافتٍ: «حاجتي ألا يدخل عليَّ من الناس أحد.»
قلت: «لن يدخل عليك إلا من تريد.»
فأطرق هنيهةً، ثم رفع رأسه فإذا عيناه مخضلتان بالدموع، فقلت: «ما بكاؤك يا سيدي؟»
قال: «أتعلم أين زوجتي الآن؟»
قلت: «وماذا تريد منها؟»
قال: «لا شيء سوى أن أقول لها إني قد عفوت عنها.»
قلت: «إنها في بيت أبيها.»
قال: «وا رحمتاه لها ولأبيها ولجميع قومها، فقد كانوا قبل أن يتصلوا بي شرفاء أمجادًا، فألبستهم مذ عرفوني ثوبًا من العار لا تبلوه الأيام.
من لي بمن يبلغهم عني جميعًا أنني مريضٌ مشرفٌ على الموت، وأنني أخشى لقاء الله إن لقيته بدمائهم، وأنني أضرع إليهم أن يصفحوا عني ويغتفروا زلتي قبل أن يسبق إليَّ أجلي؟
لقد كنت أقسمت لأبيها يوم اهْتَدَيْتُهَا أن أصون عرضها صيانتي لحياتي، وأن أمنعها مما أمنع منه نفسي، فحنثتُ في يميني، فهل يغفر لي ذنبي فيغفر لي الله بغفرانه؟
نعم إنها قتلتني! ولكنني أنا الذي وضعت في يدها الخنجر الذي أغمدتْهُ في صدري، فلا يسألها أحد عن ذنبي، البيت بيتي، والزوجة زوجتي، والصديق صديقي، وأنا الذي فتحت باب بيتي لصديقي إلى زوجتي، فلم يذنب إليَّ أحدٌ سواي.»
ثم أمسك عن الكلام هنيهة، فنظرت إليه فإذا سحابةٌ سوداء تنتشر فوق جبينه شيئًا فشيئًا، حتى لبست وجهه، فزفر زفرة خِلتُ أنها خرقت حجاب قلبه، ثم أنشأ يقول: «آه، ما أشد الظلام أمام عيني! وما أضيق الدنيا في وجهي! في هذه الغرفة، على هذا المقعد، تحت هذا السقف كنت أراهما جالسَيْن يتحدثان فتُملأ نفسي غبطةً وسرورًا، وأحمد الله على أن رزقني بصديقٍ وفيٍّ يُؤنس زوجتي في وحدتها، وزوجة سمحة كريمة تكرم صديقي في غيبتي. فقولوا للناس جميعًا: إن ذلك الرجل الذي كان يفخر بالأمس بذكائه وفطنته ويزعم أنه أكيس الناس وأحزمهم، قد أصبح يعترف اليوم أنه أبله إلى الغاية من البلاهة، وغبيٌّ إلى الغاية التي لا غاية وراءها. وا لهَفًا على أمٍّ لم تلدني وأب عاقر لا نصيب له من البنين!

مصطفى لطفي المنفلوطي

12 Nov, 07:57


لعل الناس كانوا يعلمون من أمري ما كنت أجهل، ولعلهم كانوا إذا مررت بهم يتناظرون ويتغامزون ويبتسم بعضهم إلى بعض، أو يحدِّقون إليَّ ويطيلون النظر في وجهي، ليروا كيف تتمثل البلاهة في وجوه البُله، والغباوة في وجوه الأغبياء!
ولعل الذين كانوا يتوددون إليَّ ويتمسحون بي من أصدقائي إنما كانوا يفعلون ذلك من أجلها لا من أجلي، ولعلهم كانوا يسمونني فيما بينهم قَوَّادًا ويسمون زوجتي مومسًا وبيتي ماخورًا، وأنا عند نفسي أشرف الناس وأنبلهم!
فوا رحمتاه لي إن بقيت على ظهر الأرض بعد اليوم ساعة واحدة! ووا لهفًا على زاوية منفردة في قبرٍ موحشٍ يطويني ويطوي عاري معي!»
ثم أغمض عينيه وعاد إلى ذهوله واستغراقه.
وهنا دخلتِ الحجرة مُرضع ولده تحمله على يدها حتى وضعته بجانب فراشه ثم تركته وانصرفت، فما زال الطفل يدب على أطرافه حتى علا صدر أبيه، فأحس به ففتح عينيه، فرآه فابتسم لمرآه، وضمه إلى صدره ضمة الرفق والحنان، وأدنى فمه من وجهه ليقبله، ثم انتفض فجأةً واستسر بشَرِّه ودفعه عنه بيده دفعة شديدة وأخذ يصيح: «أبعدوه عني، لا أعرفه، ليس لي أولاد ولا نساء، سلوا أمه عن أبيه من هو واذهبوا به إليه! لا ألبس العار في حياتي وأتركه أثرًا خالدًا ورائي بعد مماتي.»
وكانت المُرضع قد سمعت صياح الطفل فعادت إليه وحملته وذهبت به؛ فسمع صوته وهو يبتعد عنه شيئًا فشيئًا فأنصت إليه واستعبر باكيًا، وصاح: «أرجعوه إليَّ.» فعادت به المرضع، فتناوله من يدها وأنشأ يقلب نظره في وجهه ويقول: «في سبيل الله يا بني ما خلَّف لك أبوك من اليتم، وما خلَّفتْ لك أمك من العار، فاغفر لهما ذنبهما إليك، فلقد كانت أمك امرأةً ضعيفة فعجزت عن احتمال صدمة القضاء فسقطت، وكان أبوك أحسن في جريمته التي اجترمها، فأساء من حيث أراد الإحسان! سواء أكنت ولدي يا بني أم ولد الجريمة فإني قد سعدت بك حقبة من الدهر، فلا أنسى يدك عندي حيًّا أو ميتًا!»
ثم احتضنه إليه، وقبَّله في جبينه قبلة لا أعلم هل هي قبلة الأب الرحيم أو المحسن الكريم؟
وكان قد بلغ منه الجهد، فعاودته الحمى وغلت نارها في رأسه، وما زال يثقل شيئًا فشيئًا حتى خفتُ عليه التلف، فأرسلت وراء الطبيب فجاء وألقى عليه نظرة طويلة ثم استردها مملوءة يأسًا وحزنًا، ثم بدأ ينزع نزعًا شديدًا ويئن أنينًا مؤلمًا، فلم تبقَ عينٌ من العيون المحيطة به إلا ارفضَّت عن كل ما تستطيع أن تجود به من مدامعها.
فإنا لجلوسٌ حوله وقد بدأ الموت يسبل أستاره السوداء على سريره إذا امرأةٌ مؤتزرهٌ بإزار أسود قد دخلت الحجرة، وتقدمت نحوه ببطء حتى ركعت بجانبه، ثم أكبَّت على يده الموضوعة فوق صدره فقبلتها، وأخذت تقول له: «لا تخرج من الدنيا وأنت مرتابٌ في ولدك، فإن أمه تعترف بين يديك وأنت ذاهبٌ إلى ربك أنها وإن كانت قد دنت من الجريمة ولكنها لم ترتكبها، فاعفُ عني يا والد ولدي، واسألِ الله عندما تقف بين يديه أن يُلحقني بك، فلا خير لي في الحياة من بعدك.»
ثم انفجرت باكيةً … ففتح عينيه، وألقى على وجهها نظرةً باسمة، كانت هي آخر عهده بالحياة وقضى.
الآن عُدت من المقبرة بعدما دفنت صديقي بيدي وأودعت حفرة القبر ذلك الشباب الناضر، والروض الزاهر، وجلست لكتابة هذه السطور وأنا لا أكاد أملك مدامعي وزفراتي، فلا يُهَوِّن وجدي عليه إلا أن الأُمَّة كانت على باب خطرٍ عظيمٍ من أخطارها، فتقدم هو أمامها إلى ذلك الخطر وحده فاقتحمه فمات شهيدًا، فنجت بهلاكه.

#العبرات_الحجاب

مصطفى لطفي المنفلوطي

12 Nov, 07:57


🌱قصة الحجاب كاملة🌱

ذهب فلانٌ إلى أوروبا وما ننكر من أمره شيئًا، فلبث فيها بضع سنين، ثم عاد وما بقي مما كنا نعرفه منه شيءٌ.
ذهب بوجهٍ كوجه العذراء ليلة عرسها، وعاد بوجهٍ كوجه الصخرة الملساء تحت الليلة الماطرة، وذهب بقلبٍ نقيٍّ طاهرٍ يأنس بالعفو ويستريح إلى العذر، وعاد بقلبٍ ملفَّفٍ مدخولٍ لا يفارقه السخط على الأرض وساكنها، والنقمة على السماء وخالقها، وذهب بنفسٍ غضةٍ خاشعة ترى كل نفس فوقها، وعاد بنفس ذهَّابةٍ نزاعة لا ترى شيئًا فوقها، ولا تلقي نظرة واحدة على ما تحتها، وذهب برأس مملوءٍ حكمًا ورأيًا، وعاد برأسٍ كرأس التمثال المثقب لا يملؤه إلا الهواء المتردد، وذهب وما على وجه الأرض أحب إليه من دينه ووطنه، وعاد وما على وجهها أصغر في عينيه منهما.
وكنت أرى أن هذه الصورة الغريبة التي يتراءى فيها هؤلاء الضعفاء من الفتيان العائدين من تلك الديار إلى أوطانهم إنما هي أصباغٌ مفرغةٌ على أجسامهم إفراغًا، لا تلبث أن تطلع عليها شمس المشرق حتى تتصل وتتطاير ذراتها في أجواء السماء، وأن مكان المدنية الغربية من نفوسهم مكان الوجه من المرآة، إذا انحرف عنها زال خياله منها.
فلم أشأ أن أفارق ذلك الصديق ولبستُه على علَّاته، وفاءً بعهده السابق ورجاءً لغده المنتظر، محتملًا في سبيل ذلك من حمقه ووسواسه وفساد تصوراته وغرابة أطواره ما لا طاقة لمثلي باحتمال مثله، حتى جاءني ذات ليلة بداهية الدواهي ومصيبة المصائب، فكانت آخر عهدي به.
دخلت عليه فرأيته واجمًا مكتئبًا، فحييته فأومأ إليَّ بالتحية إيماءً، فسألته ما باله؟ فقال: «ما زلت منذ الليلة من هذه المرأة في عناء لا أعرف السبيل إلى الخلاص منه، ولا أدري مصير أمري فيه.»
قلت: «وأي امرأة تريد؟»
قال: «تلك التي يسميها الناس زوجتي، وأسميها الصخرة العاتية في طريق مطالبي وآمالي.»
قلت: «إنك كثير الآمال يا سيدي، فعن أي آمالك تتحدث؟»
قال: «ليس لي في الحياة إلا أملٌ واحد، هو أن أغمض عينيَّ ثم أفتحهما فلا أرى برقعًا على وجه امرأةٍ في هذا البلد!»
قلت: «ذلك ما لا تملكه ولا رأي لك فيه.»
قال: «إن كثيرًا من الناس يرون في الحجاب رأيي، ويتمنون في أمره ما أتمنى، ولا يحول بينهم وبين نزعه عن وجوه نسائهم وإبرازهن إلى الرجال يجالسنهم كما يجلس بعضهن إلى بعض إلا العجز والضعف والهيبة التي لا تزال تلم بنفس الشرقي كلما حاول الإقدام على أمرٍ جديد.
فرأيت أن أكون أول هادمٍ لهذا البناء العادي القديم الذي وقف سدًّا دون سعادة الأمة وارتقائها دهرًا طويلًا، وأن يتم على يدي ما لم يتم على يد أحدٍ غيري من دعاة الحرية وأشياعها.
فعرضت الأمر على زوجتي فأكبرتْهُ وأعظمتْهُ، وخيِّل إليها أنني جئتها بإحدى النكبات العظام والرزايا الجسام، وزعمتْ أنها إن برزتْ إلى الرجال؛ فإنها لا تستطيع أن تبرز إلى النساء بعد ذلك حياءً منهن وخجلًا.
ولا خجل هناك ولا حياء، ولكنه الموت والجمود والذل الذي ضربه الله على هؤلاء النساء في هذا البلد أن يعشنَ في قبورٍ مظلمة من خدورهن وخمرهن حتى يأتيهن الموت فينتقلنَ من مقبرة الدنيا إلى مقبرة الآخرة، فلا بد لي أن أبلغ أمنيتي، وأن أعالج هذا الرأس القاسي المتحجر علاجًا ينتهي بإحدى الحسنيين: إما بكسره أو بشفائه.»
فورد عليَّ من حديثه ما ملأ نفسي همًّا وحزنًا، ونظرت إليه نظرة الراحم الراثي، وقلت: «أعالم أنت أيها الصديق ما تقول؟»
قال: «نعم أقول الحقيقة التي أعتقدها وأدين نفسي بها، واقعةً من نفسك ونفوس الناس جميعًا حيث وقعت.»
قلت: «هل تأذن لي أن أقول لك إنك عشتَ فترةً طويلة في ديار قومٍ لا حجاب بين رجالهم ونسائهم، فهل تذكر أن نفسك حدَّثتك يومًا من الأيام وأنت فيهم بالطمع في شيء مما لا تملك يمينك من أعراض نسائهم، فنلت ما تطمع فيه من حيث لا يشعر مالكه؟»
قال: «ربما وقع لي شيء من ذلك، فماذا تريد؟»
قلت: «أريد أن أقول لك إني أخاف على عِرضك أن يلمَّ به من الناس ما ألمَّ بأعراض الناس منك؟»
قال: «إن المرأة الشريفة تستطيع أن تعيش بين الرجال من شرفها وعفتها في حصنٍ حصين لا تمتد إليه المطامع.»
فتداخلني ما لم أملك نفسي معه، وقلت له: «تلك هي الخدعة التي يخدعكم بها الشيطان أيها الضعفاء، والثُّلْمَة التي يعثر بها في زوايا رءوسكم فينحدر منها إلى عقولكم ومدارككم فيفسدها عليكم، فالشرف كلمةٌ لا وجود لها في قواميس اللغة ومعاجمها، فإن أردنا أن نفتش عنها في قلوب الناس وأفئدتهم قلما نجدها، والنفس الإنسانية كالغدير الراكد لا يزال صافيًا رائقًا حتى يسقط فيه حجرٌ فإذا هو مستنقع كدرٌ، والعفة لونٌ من ألوان النفس لا جوهر من جواهرها، وقلَّما تثبت الألوان على أشعة الشمس المتساقطة.»

مصطفى لطفي المنفلوطي

11 Nov, 13:15


"الفراق هو موت صغير، هو أن تغمض عينيك أمام الشمس، فلا ترى منها إلا ذكرى الضوء الذي كان يشرق عليك."

مصطفى لطفي المنفلوطي

09 Nov, 04:49


🌱تكملة لقصة الحجاب🌱

وكذلك انتشرت الريبة في نفوس الأمة جميعًا وتمشَّت الظنون بين رجالها ونسائها، فتعاجز الفريقان، وأظلم الفضاء بينهما، وأصبحت البيوت كالأديرة، لا يَرَى فيها الرائي إلا رجالًا مترهِّبين ونساءً عانسات.
ذلك بكاؤكم على المرأة أيها الراحمون، وهذا رثاؤكم لها وعطفكم عليها!
نحن نعلم — كما تعلمون — أن المرأة في حاجةٍ إلى العلم، فليهذِّبها أبوها أو أخوها، فالتهذيب أنفع لها من العلم، وإلى اختيار الزوج العادل الرحيم، فليُحسِن الآباء اختيار الأزواج لبناتهم، وليجمل الأزواج عشرة نسائهم، وإلى النور والهواء تبرز إليهما وتتمتع فيهما بنعمة الحياة، فليأذن لها أولياؤها بذلك، وليرافقها رفيقٌ منهم في غدواتها وروحاتها، كما يرافق الشاة راعيها خوفًا عليها من الذئاب، فإن عجزنا عن أن نأخذ الآباء والإخوة والأزواج بذلك فلننفض أيدينا من الأمة جميعها، نسائها ورجالها، فليست المرأة بأقدر على إصلاح نفسها من الرجل على إصلاحها.

#العبرات_الحجاب

مصطفى لطفي المنفلوطي

05 Nov, 17:15


لا بأس أن يتثبَّت الرجل قبل عقد الزواج من وجود الصفة المحبوبة لديه في المرأة التي يختارها لنفسه، ولا بأس أن تصنع المرأة صنيعه، ولكن لا على معنى أن يكون الحب الشهَويُّ هو قاعدة الزواج؛ يحيا بحياته ويموت بموته، فالقلوب متقلِّبةٌ، والأهواء نزَّاعةٌ، بل بمعنى أن يكون كلٌّ منهما لصاحبه صديقًا أكثر منه عشيقًا، فالصداقة ينمو بالمودة غَرْسُها، ويمتد ظلها، أما الحب فظلٌّ يتنقَّل، وحالٌ تتحوَّل.

النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

05 Nov, 10:13


إن كان صحيحًا ما يتحدث به الناس من سعادة الحياة وطيبها وغبطتها ونعيمها، فسعادتي فيها أن أعثر في طريقي في يوم من أيام حياتي بصديقٍ يَصدُقني الود وأَصدُقه، فيقنعه مني ودي وإخلاصي، دون أن يتجاوز ذلك إلى ما وراءه من مآرب وأغراض، وأن يكون شريف النفس، فلا يطمع في غير مطمعٍ، شريف القلب فلا يحمل حقدًا ولا يحفظ وترًا، ولا يحدِّث نفسَه في خلوته بغير ما يحدث به الناس في محضره، شريف اللسان فلا يكذب ولا ينُمُّ ولا يُلِمُّ بِعِرضٍ ولا ينطق بهُجرٍ، شريفَ الحب فلا يحب غير الفضيلة ولا يبغض غير الرذيلة.


النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

05 Nov, 10:09


فيا أقوياء القلوب من الرجال، رفقًا بضعفاء النفوس من النساء! إنكم لا تعلمون حين تخدعونهن عن شرفهن وعفتهن أيَّ قلبٍ تفجعون، وأيَّ دمٍ تسفكون!

النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

04 Nov, 09:17


"لا أعرف فتاة بدأت حياتها بغرام قط، فاستطاعت أن تتمتع بعده بحبٍ شريف".

النظرات (١٥٨/٣)

مصطفى لطفي المنفلوطي

04 Nov, 08:53


ليتك تبكي كلما وقع نظرك على محزون أو مفؤود، فتبتسم سرورًا ببكائك، واغتباطًا بدموعك، لأن الدموع التي تنحدر على خديك في مثل هذا الموقف إنما هي سطور من نور، تسجل لك في تلك الصحيفة البيضاء: أنك إنسان.

مصطفى لطفي المنفلوطي

03 Nov, 23:43


اللهُمَّ إنَّكَ رزقتَني العافِيَةَ في كُلِّ جَوارِحِي ولَمْ تُصِبني إلا في القَلب!

[المساكين]

مصطفى لطفي المنفلوطي

03 Nov, 04:24


حضرة السيد الفاضل
ما لك لا تكثر من الكتابة في الشئون السياسية إكثارَك منها في الشئون الأخلاقية والاجتماعية؟ وكيف يضيق بالسياسة قلمُك وقد وَسِعَ كلَّ شيء؟ فاكتب لنا في السياسة، فَأُمَّتُكَ تحب أن تراك سياسيًّا، والسلام
.


أيها الكاتب
يعلم الله أني أبغض السياسة وأهلَها بُغضي للكذب والغش والخيانة والغدر.

أنا لا أحب أن أكون سياسيًّا؛ لأني لا أحب أن أكون جلًّادًا.

لا فرق عندي بين السياسيين والجلادين، إلا أنَّ هؤلاء يقتلون الأفراد، وأولئك يقتلون الأمم.

هل السياسي إلا رجلٌ عرفت أمته أنه لا يوجد بين أفرادها من هو أقسى منه قلبًا، ولا أكثر كيدًا فنصَّبته للقضاء على الأمم الضعيفة وسلبها ما وهبها الله من الحسنات وأجزل لها من الخيرات؟

أليس أكبر السياسيين مَقَامًا وأعظمهم فخرًا وأَسْيَرُهُمْ ذِكْرًا ذلك الذي نقرأ صفحات تاريخه فنرى حروفها من أشلاء القتلى، ونقطها من قطرات الدماء؟

أيستطيع الرجل أن يكون سياسيًّا إلا إذا كان كاذبًا في أقواله وأفعاله، يبطن ما لا يظهر، ويظهر ما لا يبطن، ويبسم في مواطن البكاء، ويبكي في مواطن الابتسام؟

أيستطيع الرجل أن يكون سياسيًّا إلا إذا عرف أنَّ بين جنبيه قلبًا متحجرًا لا يقلقه بؤس البائسين ولا تزعجه نكبات المنكوبين؟

كثيرًا ما يسرق السارق فإذا قضى مأربه رفع يده متضرِّعًا إلى الله أن يرزقه المال حلالًا حتى لا يتناوله حرامًا، وكثيرًا ما يقتل القاتل فإذا فرغ من أمره جلس بجانب قتيله يبكي عليه بكاء الثكلى على وحيدها، أما السياسي فلا يُرى يومًا في حياته أسعد من اليوم الذي يعلم فيه أنْ قد تم له تدبيره في إهلاك شعبٍ وإفقار أمة، وآية ذلك أنه في يوم انتصاره — كما يسميه هو — أو في يوم جنايته — كما أسميه أنا — يسمع هتاف الهاتفين مطمئن القلب، مُثْلَجَ الصدر، حتى لَيُخَيَّل إليه أنَّ الفضاء بأرضه وسمائه أضيق من أن يسع قلبه الطائر المحلِّق فرحًا وسرورًا.

يقولون: «إنَّ السياسة ليست علمًا من العلوم التي يتعلمها الإنسان في مدرسة أو يدرسها في كتاب، وإنما هي مجموعة أفكارٍ قانونها التجارب، وقاعدتها العمل.» أتدري لماذا؟

لأن العلماء أشرف من أن يدونوا المكايد والحيل في كتاب، والمدارس أجلُّ من أن تجعل بجانب دروس الأخلاق والآداب دروس الأكاذيب والأباطيل، وإلا فكل طائفةٍ من طوائف المعلومات المتشابهة تدخل بطبيعتها تحت قانون علمٍ يؤلفها ويجمع بين أشتاتها.

هؤلاء هم السياسيون، وهذه هي أخلاقهم وغرائزهم في الأعم الأغلب من شئونهم وأطوارهم، فهل تظن أيها الكاتب أنَّ رجلًا نَصَّبَ نفسَه لنصرة الحقيقة والأخذ بِضَبْعَيِ الفضيلة لاستنقاذها من بين مخالب الرذيلة، ووقف قلمه على تهذيب النفوس وترقية الأخلاق، وملأ في رسائله فضاء الأرض والسماء بكاءً ونواحًا على أمته المسكينة المستضعفة — يستطيع أن يكون سياسيًّا أو محبًّا للسياسيين؟

#النظرات
#المنفلوطي

مصطفى لطفي المنفلوطي

03 Nov, 04:17


علامَ يتعلَّم الطالب النحو والصرف إن عَجَزَ عن أن يَقْرَأَ صحيحًا في كلِّ كتابٍ وكلِّ صحيفة؟! وعلامَ يتعلَّم علوم البلاغة إِنْ عجز عن معرفة أسرار الكلام وأَوْجُهِ بلاغته، وفهم المراد من مختلفات أساليبه، وعن البيان بيانًا فصيحًا يُضَمِّنُهُ ما يشاء من أغراضه ومقاصده؟! وعلامَ يتعلَّم المنطق إن عَجَزَ عن التمييز بين فاسد القضايا وصحيحها في كلِّ مناحيه ومذاهبه، وإن لم يكن الموضوعُ الإنسانَ، ولا المحمولُ الحيوان الناطق؟!

عجيب جدًّا أن يَفْهَمَ الصانع الأميُّ أنَّ العلم للعمل، فلا يتعلَّم النِّجارةَ إلا ليصنع الأبواب والصناديق، والحدادةَ إلا ليصنع الأقفال والمفاتيح، وأن يجهل المتعلِّمُ هذه القضية الضرورية، فلا يهمه من العلم إلا الاستكثار من المعلومات والقواعد وإن عجز بعد ذلك عن التصرُّف فيها، والانتفاع بها في مواطنها.

#النظرات
#المنفلوطي

مصطفى لطفي المنفلوطي

31 Oct, 11:05


.

ولو كان للمرأة ما للرجل من قوة العقل لاستطاعت أنْ تحجبه في المنزل، وأنْ تتولى شأنه، وأنْ تعبث بعقله، فتُعظِّم جريمته وتُصغِّر جريمتها في عينه، وأن تنفذ إلى قلبه فتلعب به لعب الصبي بالكرة، وأن تحدثه فيصدِّق، وتأمره فيأتمر، وأن تسن له القوانين الجائرة والشرائع الفاسدة فيؤمن بها إيمانه بالإله المعبود، كما صنع هو بها في جميع ذلك فبلغ منها ما أراد.

لا أريد أنَّ هذا الفرق في القوة العقلية بين الرجل والمرأة يمنحه هذا الحق في ظلمها وغلبتها على حقها؛ بل أريد أنَّ هذا الفرق هو سبب ذلك السلطان القاهر، والحكم الجائر.

وجملة القول: إنَّ حكم المجتمع الإنساني بإدانة المرأة الزانية وبراءة الرجل الزاني حكمٌ ظالمٌ، ولو أنه أنصفهما لعرف فرق ما بينهما في القوة العقلية، فجعل عقاب الرجل القوي المهاجم فوق عقاب المرأة الضعيفة المدافعة، ولكنه لم يفعل ذلك؛ لأن رجاله ظلمةٌ جائرون، ولأن نساءه ساذجاتٌ ضعيفاتٌ، يُصدِّقن الرجال في أقوالهم، وينظرن إلى المستحسنات والمستهجنات بأنظارهم، فإن أردنا أنْ تنال المرأة حقها من الرجل وأنْ تنتصف منه، فليس سبيلها إلى ذلك المغالبة والمصارعة، فإنها أضعف منه جسمًا وعقلًا، بل السبيل إليه أنْ نُعَلِّمَها العلم لتعرف كيف تستعطفه وتسترحمه، وكيف تحمله على إجلالها وإعظامها، وأنْ نُعَلِّمَهُ كذلك ليستطيع أن يكون شخصًا كريمًا، وإنسانًا رحيمًا.

#النظرات
المنفلوطي

مصطفى لطفي المنفلوطي

31 Oct, 11:05


الرجل والمرأة
حضرة السيد المحترم
لا تعجب إنْ رأيت إعجابي بك ظاهرًا في كل سطرٍ من سطور كتابي هذا؛ فإنما أنا أنطق بلسان كثيرٍ من العقلاء الذين يحبونك حبًّا جمًّا، ويعتقدون أنك فريدٌ في أدبك، فريدٌ في قلمك، فريد في تسامُحِكَ وتساهلك، لذلك أردنا أن نوجه إليك السؤال الآتي راجين منك الإجابة عليه: لماذا نرى الهيئة الاجتماعية تَحْكُمُ على المرأة الفاسقة حكمًا صارمًا فتنبذها وتحتقرها، ولا تحكم بمثل هذا الحكم على الرجل الفاسق مع أنَّ جريمتهما واحدة؟

هذا ما أردنا أن نسترشد برأيك فيه، والسلام.

سائل
يعتقد كثيرٌ من الناس أنَّ الرجل والمرأة سواءٌ في العقل والذكاء، وعندي أنهم أخطئوا في الأولى وأصابوا في الأخرى.

تستطيع المرأة أنْ تجاري الرجل في سرعة الفهم وحضور البديهة، ولا تستطيع أنْ تجاريه في الأناة والرفق والاستمساك وامتلاك هوى النفس والأخذ بفضيلة الصبر على ما تكره وعمَّا تحب.

تستطيع المرأة أنْ تدرك ما يدركه الرجل من الشئون والأطوار، وأن تستخرج كما يستخرج المجهولات من المعلومات، ولكنها لا تستطيع أن تنتفع بمعلوماتها كما ينتفع؛ لأن بين جنبيها نفسًا غير نفسه، وهوًى غير هواه، ولأن لها قلبًا صغيرًا لا يقوى على احتمال ما يحتمله عقله الكبير.

يمشي الرجل وراء عقله فيهديه، وتمشي المرأة وراء قلبها فَيُضِلُّها. فما وقفتْ معه في موقفٍ إلا سقطت بين يديه عجزًا وضعفًا؛ لأنه يعرف السبيل إلى قلبها، ولا تعرف السبيل إلى عقله.

لا تعجب إنْ قلت لك: إنَّ الذكاء غير العقل، فاللصوص والمحتالون والمزورون والكاذبون والفاسقون والمنافقون أذكياء، وليس بينهم عاقلٌ واحد؛ لأنهم يوردون أنفسَهم موارد التلف والهلاك من حيث لا يُغني عنهم ذكاؤهم شيئًا. وكثيرًا ما يكون الذكاء الشديد داعية الجنون، حتى إنك لا تكاد ترى ذكيًّا من الأذكياء إلا وترى له في شئونه وأطواره أحوالًا شاذة لا تنطبق على قانون من قوانين العقل ولا قاعدةٍ من قواعد الطبيعة.

وعندي أنَّ أكثر ما يصيب النوابغ والأذكياء من بؤس العيش وسوء الحال عائدٌ إلى ضَعْفٍ في عقولهم، ونقصٍ في تصوراتهم. وبعد، فالذكاء في رأس الإنسان كالسيف في يد الشجاع، وكثيرًا ما يضرب الشجاع رأسَ نفسِه بسيفه إذا كان طائشًا أهوجَ، لا يملك نفسه في موقفٍ من مواقف الحزن أو الغضب.

فماذا يغني المرأةَ ذكاؤها إذا لم يكن وراءه عقلٌ يملكها ويصرفها، ويمسك بيدها أنْ تعثر في جريانها واشتدادها بعقبةٍ من عقبات هذه الحياة؟

سيثقل هذا الحكم على نفوس النساء ونفوس الرجال الذين يُجَامِلُونَهُنَّ، ولكن ماذا أعمل وبين يديَّ برهانٌ قاطعٌ ليس في استطاعتهن أنْ ينازعنني فيه مع شدة ذكائهن، ولا في استطاعة أنصارهنَّ من الرجال أن يَنقضوه ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا!

لولا أنَّ الرجل أعقل من المرأة ما كان له عليها هذا السلطان وذلك الغلَبُ، ولا استطاع أنْ يقودها وراءه كما يقاد الجَنِيبُ، ولا أنْ يملك عليها أمر فقرها وغناها، وحبسها وإطلاقها، وحجابها وسفورها، ويستأثر من دونها بوضع القوانين والشرائع الخاصة بها من حيث لا ترى في نفسها قوَّةً لدفعها والخروج عليها.

القويُّ يملك على الضعيف بحكم الطبيعة كلَّ شيءٍ حتى نفسَه وهواه، وكذلك كان شأن الإنسان مع الحيوان وشأن الرجل مع المرأة.

الإنسان نوعٌ من أنواع الحيوان، لم يكن في مبدأ خليقته خيرًا منها في شأن من شئون الحياة، ولكنه كان أوفر منها عقلًا وأوسع حيلةً، فما زال يطلب لنفسه الغاية التي تناسب استعداده وفطرته حتى أصبح سيد الحيوان، فَمَدَّنَ المدن ومَصَّرَ الأمصار وشاد وبنى، وتأنق وترفَّه، ثم طرد صاحبه إلى تلال الرمال، ورءوس الجبال، يأكل بعضه بعضًا. والرجل أخو المرأة وقسيمها في الرحم والمهد، والأبوة والأمومة، والقَوْمَة والقَعْدَة، والنومة واليقظة، ولكنه وجد في نفسه فضلًا من قوة العقل والتدبير عليها، وكان ظالمًا خشن النفس قاسي القلب، فأبى إلا أنْ يَأسِرَها ويغلبها على أمرها، ويملك عليها جسمها ونفسها، فتمَّ له ما أراد.

ملك عليها جسمها؛ لأنه حجبها عن النور والهواء فَأَذْعَنَتْ، وملك عليها نفسها؛ لأنه ألقى في رُوعها أنَّ ذنبها في الفسق المشترك بينه وبينها أكبر من ذنبه، وأنَّ جريمتها ضِعفُ جريمته فصدَّقت، وطلب منها أنْ تُسَلِّمَ إليه الأمر في تدبير شئونها والتصرف بأموالها فسلَّمت، وأصبحت تنظر إلى هذه القوانين الجائرة التي وضعها لها، والاعتبارات الفاسدة التي اعتبرها بالنسبة إليها — كما ينظر إليها هو — بعين الإجلال والإعظام.

يخدع الرجل المرأة عن شرفها فيسلبها إياه، فإذا سقطت هاج المجتمع الإنسانيُّ عليها وملأ قلبها هولًا ورعبًا، وأوسع نفسها تقريعًا وتأنيبًا من حيث لا تطير على الرجل شرارةٌ واحدة من هذه النار المتأججة؛ لأنه هو الذي وضع هذا القانون وتلك الشريعة، وما كان له أن يقصِّر في مجاملة نفسه ومحاباتها؛ لأنه شَرِهٌ طماعٌ محبٌّ لذاته، ولا أنْ يعدل في القضاء في قضية غيره؛ لأنه ظالم جبار.

مصطفى لطفي المنفلوطي

30 Oct, 16:20


أيها المحزون
إن كنت تعلم أنك قد أخذت على الدهر عهدًا أن يكون لك كما تريد في جميع شئونك وأطوارك، وألا يعطيك ولا يمنعك إلا كما تحب وتشتهي، فجدير بك أن تطلق لنفسك في سبيل الحزن عِنانها كلما فاتك مأرب، أو استعصى عليك مطلبٌ. وإن كنت تعلم أخلاق الأيام في أخذها وردِّها، وعطائها ومنعها، وأنها لا تنام عن منحةٍ تمنحها حتى تكُرَّ عليها راجعةً فتستردَّها، وأنَّ هذه سنتها وتلك خلَّتها في جميع أبناء آدم، سواءٌ في ذلك ساكن القصر وساكن الكوخ، ومن يطأ بنعله هام الجوزاء ومن ينام على بساط الغبراء، فخفِّضْ من حزنك، وكفكفْ من دمعك، فما أنت بأول غرضٍ أصابه سهم الزمان، وما مصابك بالبدعة الطريفة في جريدة المصائب والأحزان.

أنت حزين؛ لأن نجمًا زاهرًا من الأمل كان يتراءى لك في سماء حياتك فيملأ عينيك نورًا، وقلبك سرورًا، وما هي إلا كَرَّةُ الطَّرْف أن افتقدته فما وجدته، ولو أنك أجملت في أملك لما غلوت في حزنك، ولو كنت أنعمت نظرك فيما تراءى لك لرأيت برقًا خاطفًا ما تظنُّه نجمًا زاهرًا، وهنالك لا يبهرك طلوعه فلا يفجعك أُفُوله.

أسعد الناس في هذه الحياة من إذا وافته النعمة تنكَّر لها ونظر إليها نظرة المستريب بها، وترقَّب في كلِّ ساعةٍ زوالها وفناءها، فإن بقيت في يده فذاك، وإلا فقد أعدَّ لفراقها عدَّته من قبل.

لولا السرور في ساعة الميلاد ما كان البكاء في ساعة الموت، ولولا الوثوق بدوام الغنى ما كان الجزع من الفقر، ولولا فرحة التَّلاقِ، ما كانت تَرحَةُ الفراق.

النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

30 Oct, 06:15


الغني والفقير:

مررت ليلة أمس برجل بائس فرأيته واضعا يده على بطنه كأنما يشكو ألما فرثيت لحاله وسألته ما باله فشكا إلى الجوع ففثأته عنه ثم تركته، وذهبت إلى زيارة صديق لي من أرباب الثراء والنعمة فأدهشني أني رأيته واضعا يده على بطنه، وأنه يشكو من الألم ما يشكو ذلك البائس الفقير، فسألته عما به فشكا إلى البطنة فقلت يا للعجب: لو أعطى الغنيُّ الفقيرَ ما فضل عن حاجته من الطعام ما شكا واحد منهما سقما، ولا ألمًا، لقد كان جديرًا به أن يتناول من الطعام ما يشبع جوعته. ويطفئ غلته، ولكنه كان محبًّا لنفسه مغاليا بها فضم إلى مائدته ما اختلسه من صفحة الفقير، فعاقبه الله على قسوته بالبطنة حتى لا يهنئ للظالم ظلمه، ولا يطيب له عيشه، وهكذا يصدق المثل القائل: بطنة الغني انتقام لجوع الفقير:

ما ضنت السماء بمائها، ولا شحت الأرض بنباتها، ولكن حسد القويُّ الضعيفَ عليهما فزواهما واحتجنهما دونه فأصبح فقيرًا معدمًا. شاكيًا متظلمًا. غرماؤه المياسير الأغنياء، لا الأرض والسماء.

ليتني أملك ذلك العقل التي يملكه هؤلاء الناس، فأستطيع أن أتصور كما يتصورون حجة الأقوياء في أنهم أحق بإحراز المال، وأولى بامتلاكه من الضعفاء، إن كانت القوة حجتهم عليهم، فلم لا يملكون بهذه الحجة سلب أرواحهم كما ملكوا سلب أموالهم، وما الحياة في نظر الحي بأثمن قيمة من اللقمة في يد الجائع، وإن كانت حجتهم أنهم ورثوا ذلك المال من آبائهم، قلنا لهم: إن كانت الأبوة علة الميراث، فلم ورثتم آباءكم في أموالهم، ولم ترثوهم في مظالمهم، فلقد كان آباؤكم في أموالهم، ولم ترثوهم في مظالمهم، فلقد كان آباؤكم أقوياء؛ فاغتصبوا ذلك المال من الضعفاء، وكان حقًّا عليهم أن يردوا إليهم ما اغتصبوا منهم، فإن كنتم لا بد ورثاءهم فاخلفوهم في رد المال إلى أربابه، لا في الاستمرار على اغتصابه.

ما أظلم الأقوياء من بني الإنسان، وما أقسى قلوبهم، ينام أحدهم ملء جفنيه على فراشة الوثير ولا يقلقه في مضجعه أنه يسمع أنين جاره وهو يرعد بردًا، ويجلس أمام مائدة حافلة بصنوف الطعام قديده وشوائه حلوه ومُرّه، ولا ينغص عليه شهوته علمه أن بين أقربائه وذوي رحمه من تثب أحشاؤه شوقًا إلى فتات تلك المائدة، ويسيل لعابه تلفها على فضلاتها، بل إن بينهم من لا تخالط الرحمة قلبه، ولا يعقد الحياء لسانه، فيظل يسرد على مسمع الفقير أحاديث نعمته، وربما استعان به على عدِّ ما تشتمل عليه خزائنه من الذهب وصناديقه من الجوهر، وغرفه من الفراش والرياش ليكسر قلبه وينغص عليه عيشه ويبغض إليه حياته، وكأنه في كل كلمة من كلماته وحركة من حركاته يقول له: أنا سعيد لأني غني وأنت شقي لأنك فقير:

أحسب لولا أن الأقوياء في حاجة إلى الضعفاء يستخدمونهم في مرافقهم وحاجاتهم كما يستخدمون أدوات منازلهم ويسخرونهم في مطالبهم كما يسخرون مراكبهم، ولولا أنهم يؤثرون الإبقاء عليهم ليمتعوا أنفسهم بمشاهدة عبوديتهم لهم وسجودهم بين أيديهم لامتصوا دماءهم كما اختلسوا أرزاقهم، ولحرموهم الحياة كما حرموهم لذة العيش فيها.

لا أستطيع أن أتصور أن الإنسان إنسان حتى أراه محسنًا؛ لأني لا أعتمد فصلًا صحيحًا بين الإنسان والحيوان إلا الإحسان،وإني أرى الناس ثلاثة، رجل يحسن إلى غيره ليتخذ إحسانه إليه سبيلًا إلى الإحسان إلى نفسه، وهو المستبد الجبار الذي لا يفهم من الإحسان إلا أنه يستبعد الإنسان، ورجل يحسن إلى نفسه، ولا يحسن إلى غيره، وهو الشرة المتكالب الذي لو علم أن الدم السائل يستحيل إلى ذهب جامد لذبح في سبيله الناس جميعًا، ورجل لا يحسن إلى نفسه، ولا إلى غيره، وهو البخيل الأحمق الذي يجيع بطنه ليشبع صندوقه، أما الرابع الذي يحسن إلى غيره ويحسن إلى نفسه، فلا أعلم له مكانًا ولا أجد إليه سبيلا، وأحسب أنه هو ذلك الذي كان يفتش عنه الفيلسوف اليوناني ديوجين الكلبي حينما سئل ما يصنع بمصباحه، وكان يدور به في بياض النهار، فقال: افتش عن إنسان.


النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

26 Oct, 05:45


ومتى كانت هذه الحياة موطنًا للسعادة أو مستقرًّا لها؟ ومتى سعد أبناؤها بها فنسعد مثلهم كما سعدوا؟ وإن كان لا بد من سعادة في هذه الحياة فسعادتها أن يعيش المرء فيها معتقدًا أن لا سعادة له فيها، ليستطيع أن يقضي أيامه المقدرة له على ظهرها هادئ القلب، ساكن النفس، لا يكدر عليه عيشه أملٌ كاذب، ولا رجاء خائب!

#العبرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

24 Oct, 11:50


وما مرت به على حاله تلك سنة واحدة حتى نسي نفسه، ونسي أمه، ونسي العالم الذي كان يعيش فيه، والعالم الذي انتقل إليه، ونسي الليل والنهار، والظلمة والنور، والسعادة والشقاء، وأصبح في منزلةٍ بين منزلتي الحياة والموت، فلا يفرح ولا يتألم، ولا يذكر الماضي، ولا يرجو المستقبل، ولا يعلم هل هو حجرٌ بين تلك الأحجار، أو قطعةٌ بين قطع الظلام، أو جسدٌ يتحرك، أو خيالٌ يسري، أو وهمٌ من الأوهام، أو عدم من الأعدام؟

#العبرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

23 Oct, 16:02


وكذلك يعبث الدهر بالإنسان ما يعبث، ويُذيقه ما يذيقه من صنوف الشقاء وألوان الآلام، حتى إذا علم أنه قد أوحشه وأرابه وملأ قلبه غيظًا وحنقًا، أطلع له في تلك السماء المظلمة المدلهمة بارقةً واحدة من بوارق الأمل الكاذب فاسترده بها إلى حظيرته راضيًا مغتبطًا، كما تُقاد السائمة البلهاء بأعواد الكلأ إلى مصرعها، فما أسعد الدهر بالإنسان! وما أشقى الإنسان به!

#العبرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

16 Sep, 00:46


قال النبي ﷺ:

"يُوشِكُ أنْ يَكونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بهَا شَعَفَ الجِبَالِ ومَوَاقِعَ القَطْرِ، يَفِرُّ بدِينِهِ مِنَ الفِتَن".

- صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ.
#كناشة_الدرعمي

مصطفى لطفي المنفلوطي

15 Sep, 23:35


‏لا يزور العلم قلبًا مشغولًا بِترقّب المناصب، وحساب الرواتب، وسَوْقِ الآمال وراء الأموال، كما لا يزور قلبًا مُقسّمًا بين تصفيف الطُرّة، وصقل الغُرَّة، و حُسْن القَوام، وجمال الهندام، وطول الهيام بالكأسين: كأس المدام، وكأس الغرام.

- المنفلوطي | 📚

مصطفى لطفي المنفلوطي

24 Aug, 19:32


والمدرسة في هذا البلد حانوتٌ قاسٍ لا تُباع فيه السلعة نسيئةً، والعلم في هذه الأمة مرتزقٌ يَرتزق منه المرتزقون، لا منحةٌ يمنحها المحسنون.

#العبرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

17 Aug, 08:44


 «قد كان كل ما أسعد به في هذه الحياة أن أعيش بجانب ذلك الإنسان الذي أحببته وأحببت نفسي من أجله، وقد حيل بيني وبينه، فلا آسف على شيءٍ بعده.»

#العبرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

16 Aug, 21:34


وجلس ناحيةً يكتب ذلك الأمر الذي يصدره الأطباء إلى عمَّالهم الصيادلة أن يتقاضوا من عبيدهم المرضى ضريبة الحياة

#العبرات (من قصة اليتيم يصف كتابة الطبيب وصفة طبية)

مصطفى لطفي المنفلوطي

15 Aug, 19:51


المدنية الغربية

الأمة المصرية أمةٌ مسلمةٌ شرقية، فيجب أن يبقى لها دينها وشرقيتها ما جرى نيلها في أرضها، وذهبت أهرامها في سمائها، حتى تُبَدَّلَ الأرضُ غير الأرض والسموات.
إنَّ خطوة واحدة يخطوها المصريُّ إلى الغرب تُدْنِي إليه أجله، وتدنيه من مهوًى سحيقٍ يُقبر فيه قبرًا لا حياة له من بعده إلى يوم يُبْعَثُون.
لا يستطيع المصري — وهو ذلك الضعيف المستسلم — أن يكون من المدنية الغربية — إن داناها — إلا كالغِربال من دقيق الخبز، يمسك خُشَارَهُ ويفلت لبانه، أو الراووق من الخمر يحتفظ بعُقاره ويستهين برحيقه، فخيرٌ له أن يتجنبها وأنْ يفرَّ منها فرار السليم من الأجرب.

#النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

09 Aug, 18:19


مضى الليل إلا أقله، ولم يبقَ إلا أن تنفرج لمة الظلام عن جبين الفجر، ولا أزال ساهرًا قلق المضجع، أطلب الراحة فلا أجدها، وأهتف بالغمض فلا أعرف السبيل إليه!

#-المنفلوطي.

مصطفى لطفي المنفلوطي

29 Jul, 18:16


لا حاجة لنا بتاريخ حياة فلاسفة اليونان، وحكماء الرومان، وعلماء الإفرنج، فلدينا في تاريخنا حياة شريفة مملوءة بالجد والعمل والصبر والثبات والحب والرحمة والحكمة والسياسة والشرف الحقيقي والإنسانية الكاملة وهي حياة نبينا -صلى الله عليه وسلم- وحسبنا بها وكفى.

#المنفلوطي_ النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

15 Jul, 18:38


أيها السجين
كتبت إليَّ — مسح الله ما بك وألهمك صواب الرأي في حاليك — تشكو من جناية الصدق عليك ما وقف بك موقف الشك في أمره، وكاد يزلق بك إلى الاعتقاد أنه رذيلة الرذائل لا فضيلة الفضائل، وما كان لك أن تجعل لليأس هذا السبيل إلى نفسك، وأن يبلغ بك الجزع من نكبات العيش وضربات الأيام مبلغًا يذهب برشدك، ويطير بلبك، فما أنت أول صادقٍ في الأرض، ولا أول من لقي في سبيل الصدق شرًّا وكابد ضرًّا.
إنك لو فهمت معنى الفضيلة حق الفهم، وصبرت على مرارتها حق الصبر، لذقت من حلاوتها ما تقطع دونه أعناق الرجال.
ليست الفضيلة وسيلةً من وسائل العيش أو كسب المال، وإنما هي حالة من حالات النفس تسمو بها إلى أرقى درجات الإنسانية وتبلغ بها غاية الكمال.
إنَّ الذي يطلب الفضيلة ليستكثر بها ماله أو يُرَفِّهَ بها عيشه، يحتقرها ويزدريها؛ لأنه لا يفرِّق بينها وبين سلعة التاجر وآلة الصانع.
ليس من صواب الرأي أن يجعل الإنسان حالةَ عيشه ميزانًا يزن به أخلاقه، فإن اتسع عيشه اطمأن إليها، وإن ضاق أساء الظن بها، فكم رأينا بين الفاضلين أشقياء، وبين الأرذلين كثيرًا من ذوي النعمة والثراء.
لا يستطيع الرجل الفاضل أن يبلغ غايته من عيشه إلا إذا استطاع أن ينزل من نفوس الناس منازل الحب والإكرام، ولن يستطيع ذلك إلا إذا عاش بين قوم يعرفون الفضيلة ويعظمون شأنها، ولن يكونوا كذلك إلا إذا كانوا فضلاء أو أشباه فضلاء. والسواد الأعظم الذي يمسك بيده أسباب العيش، ويملك ينابيعه سوادٌ أبله ساذجٌ يبغض الصادق؛ لأنه يصادره في ميوله وأهوائه، وينقم منه جهله وغباوته، ويحب الكاذب؛ لأنه لا يزال يُزَيِّنُ له أمره حتى يحبب إليه نفسه، فلا بُدَّ للصادق من صدرٍ يسع هموم العيش وقلبٍ يحتمل بغض القلوب؛ ليبلغ غايته من إصلاح النفوس وتهذيبها، كما يبذل المجاهد حياته ودمه ليبلغ غايته من الفوز والانتصار.
الصدق جَنةٌ حُفَّت بالمكاره، فإن كان للصادق في جنة الصدق أربٌ فليحمل في سبيلها ما حمله الأنبياء والمرسلون، والحكماء والقائمون بإصلاح المجتمع الإنساني، ودعاة المطالب الدينية والسياسية.
كما أن الجود يُفْقِرُ والإقدام قتَّال، وكما أن لكل فضيلةٍ من الفضائل آفةً من الآفات ترفع درجتها وتبعد منازلها — إلَّا على الصابرين المخلصين — كذلك للصدق آفة من مصادمة الكاذبين (وهم الأكثرون) للصادقين (وهم الأقلون).
أتريد أيها الرجل أن تُسمَّى صادقًا، وأن تنال أشرف لقبٍ يستطيع أن يناله بشرٌ، وأن يوافيك المجد طائعًا مُذْعِنًا دون أن تبذل في سبيله شيئًا من مالك أو راحتك؟
إنك إن أردت ذلك — أو قَدَّرْتَهُ في نفسك — تظلم الفضيلة ظلمًا بينًا، وترخص قيمتها، وتلقي بها في مدارج الطرق وتحت مواطئ النِّعال.
أيحزنك انصراف الأغبياء عن حانوتك، أو اتهامك بالزندقة والإلحاد، أو المروق والخيانة، وترى أنَّ ذلك كثير في سبيل بلوغك منزلة الصدق وإحرازك فضيلته، وأنت تعلم أنَّ الفاضلين قد بذلوا من قبلك أكثر مما بذلت في سبيل إحراز ما أحرزت، فما ندموا ولا حزنوا؟
أيها السجين الشريف
هنيئًا لك السجن الذي تكابده، وهنيئًا لك البغض الذي تَحَمَّلْتَهُ، وهنيئًا لك العيش الذي تعالج هموهه! فوالله لأنت أرفع في نظري من كثيرٍ من أولئك الذين يَعدَّهم الناس سعداء، ويسمونهم عظماء.
لا تظلم الصدق ولا تكن سَيِّئ الظن به، وكن أحرص الناس على ولائه ومودته، وإياك أن يخدعك عنه خادعٌ، واصبر قليلًا يُثْمرْ لك غرسه، ويمتد عليك ظله، وهنالك تجد في نفسك من اللذة والغبطة ما لو بذل فيه ذوو التيجان تيجانهم، وأرباب الكنوز كنوزهم، لما استطاعوا إليه سبيلًا.

#المنفلوطي_ النظرات_ الصدق والكذب

مصطفى لطفي المنفلوطي

15 Jul, 15:28


وقد استقرَّ في نفسي أن أعيشَ في هذا العالَم مُنفردًا كمجتمِع، وغائبًا كحاضر، وبعيدًا كقريب، وأن ألهُو بشأنِ نفسي عن كلِّ شأنٍ سواه، وأن أستعينَ على نسيانِ الماضي باجتنابِ مواطنه ومظاهره.

- المنفلوطي.

مصطفى لطفي المنفلوطي

08 Jul, 11:17


-

فلا أحبَّ للمَرءِ مِن أنْ يجدَ إلى جانِبهِ جليسًا يسْتطِيعُ أنْ يسْكبَ نفسَهُ فِي نفسِه، ويُفضِي إليهِ بسَرِيرةِ قلبِه.

#النظرات🍒

مصطفى لطفي المنفلوطي

07 Jul, 08:48


كُل عام وأنتُم بخير
عام هجري مُبارك ١٤٤٦هـ
اللهم اجعله عامٌ نلجأ فيهِ اليك ونتوبُ من كلِ الذنوب، اللهم عاماً مليء بالرحمةِ والمغفرةِ والنصرِ والظَفر.

مصطفى لطفي المنفلوطي

07 Jul, 08:47


لقد لقي ﷺ في هجرته عناءً كبيرًا وشدةً عظيمة، فإن قومه كانوا يكرهون مهاجرته، لا ضنًّا به؛ بل مخافة أن يجد في دار هجرته من الأعوان والأنصار ما لم يجد بينهم، كأنما كانوا يشعرون بأنه طالب حقٍّ، وأنَّ طالب الحق لا بد أن يجد بين المحقِّين أعوانًا وأنصارًا، فوضعوا عليه العيون والجواسيس، فخرج من بينهم ليلة الهجرة متنكرًا، بعدما ترك في فراشه ابن عمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ عبثًا بهم وتضليلًا لهم عن اللحاق به، ومشى هو وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه يتسلقان الصخور ويتسربان في الأغوار والكهوف، ويلوذان بأكناف الشعاب والهضاب، حتى انقطع عنهما الطلب، وتم لهما ما أرادا بفضل الصبر والثبات على الحق.

- المنفلوطي|النظرات.

مصطفى لطفي المنفلوطي

02 Jul, 02:51


ما كان عهدُكَ يا قلبي الضَّعيف
إِذا نبا بكَ الخَطبُ أن تبقى على كَمد!

أكلما تَبتغي عزمًا ترى شَططًا
وكيفما رُمتَ صبرًا لم تكد تَجِد!

- المنفلوطي.

مصطفى لطفي المنفلوطي

29 Jun, 15:15


إن صديقك الذي يبسم لك في حالي رضاك وغضبك، وحلمك وجهلك، وصوابك وسقطك، ليس ممن يغتبط بمودته، أو يوثق بصداقته؛ لأنه لا يصلح أن يكون مرآتك التي تتراءى فيها فتكشف لك عن نفسك وتصدقك عن زينك وشينك، وحلوك ومرك، وهو إما جاهل متهور في ميوله وأهوائه فلا يرى غير ما تريد أن ترى نفسه لا ما يجب أن تراه، وإما منافق مخادع قد علم أن هواك في الصمت عن عيوبك وتجرير الذيول عليها فجاراك فيما تريد، ليبلغ منك ما يريد.
فها أنت ترى أن الناس يعكسون القضايا ويقلبون الحقائق فيسمون الصادق كاذبا، والكاذب صادقا، ولكن الناس لا يعلمون.

#النظرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

27 Jun, 09:04


لا يَظلِم الله عبدًا من عِباده، ولا يريد بأحدٍ من الناس في شأن من الشئون شراً ولا ضَيرا، ولكن الناس يأبون إلا أن يقفوا على حافةِ الهوةِ الضعيفة فتزلُ بهم أقدَامَهم، ويَمشوا تحتَ الصخرةِ البَارزة المشرفة فتسقط على رُؤوسِهِم!

-العبرات

مصطفى لطفي المنفلوطي

25 Jun, 12:18


إن كنت تعلم أنك قد أخذت على الدهر عهدًا أن يكون لك كما تريد في جميع شئونك وأطوارك، وألا يعطيك ولا يمنعك إلا كما تحب وتشتهي، فجدير بك أن تطلق لنفسك في سبيل الحزن عِنانها كلما فاتك مأرب، أو استعصى عليك مطلبٌ.

وإن كنت تعلم أخلاق الأيام في أخذها وردِّها، وعطائها ومنعها، وأنها لا تنام عن منحةٍ تمنحها حتى تكُرَّ عليها راجعةً فتستردَّها، وأنَّ هذه سنتها وتلك خلَّتها في جميع أبناء آدم، سواءٌ في ذلك ساكن القصر وساكن الكوخ، ومن يطأ بنعله هام الجوزاء ومن ينام على بساط الغبراء، فخفِّضْ من حزنك، وكفكفْ من دمعك، فما أنت بأول غرضٍ أصابه سهم الزمان، وما مصابك بالبدعة الطريفة في جريدة المصائب والأحزان.

النظرات
#-المنفلوطي

مصطفى لطفي المنفلوطي

22 Jun, 02:32


إن الله لم يهب لي نعمةَ الجمالِ التي وهبها لكِ، ولم يجمّلني بمثل ما جمّلكِ به من رقة الحس، وعذوبة النفس.
فإن أنتِ أحببتِنِي فقد أحببتِ فتًى مجردًا من مزايا الفتيان، لا يستطيع أن يمتَّ إليكِ بمثل ما تمتين به إليه، ولا أن ينيلكِ من السعادة ما أنلتِه منها.
فإن كنتِ ترين أن الإخلاص في الحب والوفاء بالعهد وهِبَة النفسِ هبةً خالصةً بلا ندم ولا أسف: مزية أستحق لها محبتكِ، فها أنا ذا أقدمها بين يديكِ، فتقبليها مني وقولي إنكِ سعيدة بي، كما أنا سعيد بكِ!

# ماجدولين

مصطفى لطفي المنفلوطي

21 Jun, 13:11


زوجني أبي منذ سنين من زوجة جاهلة غبية لا تفهم معنى الزواج إلا أن فيه قضاء لبانتها، وترفيهَ عيشها، وإرضاء نفسها، وهو يحسب أنه قد أحسن إلي بسليلة المجد وربيبة النعمة ومالكة الدور، وساكنة القصور، أجل إنها ذات مال وفير، وخير كثير، ولكن ذهب عليه غفر الله له أني ما كنت أريد أن أكون تاجرا أكسب مالا بل زوجًا أجد بجانبي نفسًا يؤنسني محضرها ويوحشني مغيبها، ومرآة صافية نقية أتراءى فيها، فتريني نفسي كما هي لا تكذبني في خير ولا شر، إني أريد أن أجد في الزوجة التي أتزوجها صديقًا في المرتبة العليا من مراتب الصداقة.

#النظرات