كنّاشة الفوائد (أبو إسحاق)

#رابعا: أن صيغة الحديث الوارد في الوعظ والتذكير لا تفيد المواظبة والاستمرار والدوام على هذا العمل، وإنما يستفاد الدوام من صيغة حديث الدعاء للميت بعد الدفن -كما تقدم-، وأن الذي كان يداوم عليه في كل جنازة هو الإرشاد إلى الدعاء للميت.

#خامسا: هل السلف فهموا من الأحاديث ما فهم منها أهل بلدي من #استحباب الوعظ في المقبرة بعد الدفن بانتظام ومداومة؟ أو أنهم فهموا منها #جواز القعود حول القبور والتحدث بالعلم والموعظة في بعض الأحيان من غير تخصيص ذلك بما بعد الدفن؟ وبيْن الأمرين فرق كبير.

فهذه الأمور تجعل الحريص يكتفي بما لا شبهة فيه، ويسعه ما ثبت في الشرع من آداب الجنازة مما لا يُختلف فيه، خوفا من مخالفة سنّة النبي صلى الله عليه وسلم وما مضى عليه السلف في القرون المفضّلة.

فيبقى الأسلم والأولى؛ الاكتفاءُ بإرشاد الناس إلى الاستغفار للميت وسؤال الله له الثبات بعد الدفن، فينشغلون بالدعاء له دون غيره من الأعمال، وهذا أنفع للناس وللميت، والله تعالى أعلم.

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
١٤٤٦/٥/١٢

#التبصرة_بحكم_التذكرة_في_المقبرة

مما لوحظ في مناسبات الجنائز في بلدنا؛ عقدُ مجلس وعظ قبل الذهاب للمقبرة في بيت الميت أو في غيره من الأماكن، وكذا عقد مجلس وعظ آخر في المقبرة وبعد الدفن بانتظام في كل جنازة.

#أما_عقد_مجلس_وعظ_قبل_الذهاب_للمقبرة؛ فلا أعلم له شبهة يُتمسّك بها، ولا شك أن الوعظ الخاص بمناسبة خاصةٍ حدّد الشارع ما ينبغي أن يُفعل فيها؛ أمرٌ يحتاج إلى توقيف وسماع، لأنه عبادة، وما لم يثبت فيه الشرع من هذا النوع من العبادات بهيئتها ومناسبتها الخاصة؛ فبدعةٌ وضلالةٌ.

#علاوة على أن الكلام والتحدث بالوعظ والعلم في بعض الجنائز إنما يكون موجّها إلى جماعة يكثر فيهم المتعلمون؛ من العلماء والدعاة والأكاديميين وكبار طلبة العلم، فلا يصلح لذلك أي شخص، بل يكون كلامه ثِقلا على أسماعهم وإزعاجا لهم.

#أما_الوعظ_الطويل (عشر دقائق فأكثر) #في_المقبرة_بعد_الدفن؛ فالشبهة فيه: الاستدلال بخبر الصحيحين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَأَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ ، فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ : " مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ، وَالنَّارِ، وَإِلَّا قَدْ كُتِبَ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً ". فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ، فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ؟ قَالَ : " أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ الشَّقَاوَةِ ". ثُمَّ قَرَأَ : " { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى } ". الْآيَةَ. متفق عليه.

وفي الاستدلال بهذا الحديث على الوعظ الطويل في المقبرة بعد الدفن أو على المواظبة على الوعظ بعد الدفن عموما #أمور:

#أولا: ظاهر الحديث أن الوعظ كان قبل الدفن وأثناء انتظار فراغهم من الدفن لا بعده، ففي لفظ الصحيحين ((فأتانا فقعد...)) أي أن جلوسه كان عقب مجيئه مباشرة، وهذا يفيد أنه كان قبل الدفن، إذِ الأصل أنه لا يفوته قيراط شهود الدفن، ويعتضد هذا بما أسنده ابن عبد البر في التمهيد، ففيه: ((عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ كُنَّا فِي جِنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ رَأْسَهُ))، فإن كان هذا اللفظ محفوظا؛ فإن التقدير يكون -مع اللفظ السابق-: ((صلى رسول الله فأتانا فقعد))، ويظهر من جميع ذلك أن جلوسه وتذكيره كان بعد الصلاة عليها وقبل الدفن لا بعده، وقد ورد في وفاة بنته زينب أيضا -رضي الله عنها- التصريحُ بقبْل الدفن ((تُوُفِّيتْ زَيْنَبُ بنْتُ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَخَرَجْنَا مَعَهُ...حَتَّى انْتَهَينَا إِلَى المَقْبرَةِ، فَإِذَا هُوَ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ لَحْدِهِ فَقَعَدَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ...)) الحديث.

#ثانيا: أن التذكير في حديث علي رضي الله عنه كان قصيرا للغاية، وأما التذكير الطويل الذي في حديث آخر عند أحمد وأبي داود والنسائي؛ فلفظه صريح في أن التذكير إنما كان قبل الدفن ((خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ...)) الحديث.

#ثالثا: قوله في الحديث الآخر: ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ : " اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ ؛ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ)) دليلٌ على أن الناس إنما يُرشدون بعد الدفن إلى الانشغال بالاستغفار والدعاء له، وأن بعد الدفن وقتٌ لذلك لا لسماع الوعظ والتذكير، وقد فهم ذلك الصحابة فأوصى بعضهم بالإطالة في ذلك له، ففي الصحيح عن عمرو بن العاص أنه قال حين حضره الموت: ((فَإِذَا أَنَا مُتُّ، فَلَا تَصْحَبْنِي نَائِحَةٌ وَلَا نَارٌ، فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا ؛ حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ، وَأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي)).

أوجب الله سبحانه وتعالى البِرّ بالوالدين، وبيّن وجه استحقاقهما للبرّ، وعظّم شأنَ البرّ بعطفه على عبادته وشكره، ثم بيّن أن هذا البرّ والحق الثابت لهما لا يسقط بكفرهما بالله، بل ولا بحرصهما على كفْر ولدهما وأمْره به، فتقطّعت الأعذار بالعاقّ بوالده، وضاقتْ به المناديح.

{وَوَصَّينَا الإِنسانَ بِوالِدَيهِ حَمَلَتهُ أُمُّهُ وَهنًا عَلى وَهنٍ وَفِصالُهُ في عامَينِ أَنِ اشكُر لي وَلِوالِدَيكَ إِلَيَّ المَصيرُ وَإِن جاهَداكَ عَلى أَن تُشرِكَ بي ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ فَلا تُطِعهُما وَصاحِبهُما فِي الدُّنيا مَعروفًا وَاتَّبِع سَبيلَ مَن أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرجِعُكُم فَأُنَبِّئُكُم بِما كُنتُم تَعمَلونَ} [لقمان: ١٥، ١٦].

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
#الذهب_الإبريز
في الفوائد المنتزعة من الكتاب العزيز
١٤٤٦/٥/٩

أيها الداعية؛ تقيّد بالشرع في دعوتك، ولا ترتكب المنكرات في طريقك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واعلم أنه لا أحد يحمل لك في الآخرة، فلا تحمل لأحد في الدنيا، فالكيس من نظر إلى خلاص نفسه ونجاته قبل نظره في خلاص المدعوين.

{وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أُخرى وَإِن تَدعُ مُثقَلَةٌ إِلى حِملِها لا يُحمَل مِنهُ شَيءٌ وَلَو كانَ ذا قُربى} [فاطر: ١٨].

ولله در الإمام مالك -رحمة الله عليه-: "أدّ ما سمعتَ وحسبك، ولا تحمل لأحد على ظهرك، فإنه كان يقال: أخسر الناس من باع آخرته بدنياه، وأخسر منه من باع آخرته بدنيا غيره" (ترتيب المدارك ٦١/٢).

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
#الذهب_الإبريز
في الفوائد المنتزعة من الكتاب العزيز
١٤٤٦/٥/٥

صوفيّ يقول: إنه يستحي من أن يسأل الله الجنة أو يدعوه في حاجته، ولكنه لا يستحي من حضور السماع والرقص فيه وادعاء الأحوال باللهو والتمايل وضرب الأرض بالأقدام! فأي سلوك هذا؟!

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
١٤٤٦/٥/٤

#الإبداع

يعجبني إبداع الإخوة الأدباء من دارسي العربية من الأفارقة في الشِعر وفي مجال تخصصهم عموما، وكثيرا ما نرى لهم قصائد ودواوين يستفيد منها طلبة اللغة والأدب فنفرح بها كثيرا ويُشكرون عليها.

وهكذا ينبغي أن يكون الجادّ، وقد قلتُ سابقا: الإبداع غير منحصر في فنّ، والإجادة لا يحتكرها مجال، وأبواب نفْع المجتمع كثيرة، وحريٌّ بمَن وقف عمره على أمرٍ؛ أن يبدع فيه وينفع به ولا يبقى ذيلا وراء الركْب.

ولكن العجب من دارسِ عربيةٍ حصّل شهادات عليا، ثم لا يجد المجتمعُ منه إفادةً في مجال تخصصه بتدريسٍ وتعليمٍ حاشا ما يسمى بالتدريس في الجامعات بمقابلٍ ونيّةٍ مشوبةٍ بالمادةِ والنفعِ الدنيوي.

وأعجب منه؛ ذاك الفاشل الذي أخفق في دراسة العلوم الشرعية ولم يُفلح فيها، فانصرف لمجال آخر لم يبرز فيه ولا أحسنه، فبقي يزهّد في العلم الشرعي ويثبّط طلبته؛ تارة بمحاولة صرفهم إلى العلوم العصرية والتخصصات الدنيوية المحضة، وطورًا بالإشادة بالصناعات الحديثة والتطوّر التكنلوجي، ولا يدري أنه هو الخاسر الكبير، فلا العِلم الشرعي ضبط، ولا الطائرات الحديثة صنع، ولا في التخصصات العصرية ساهم.

ومن أسباب هذا الخِذلان لدى بعض الفاشلين الذين يزهّدون في العِلم الشرعي ويثبطون طلبته، أنهم أصبحوا عِبادًا للدينار والمادة بدرجة لم يستطيعوا معها أن يتصوّروا أن العِلم يمكن أن يُطلب لله أو يُنشر لله! ولا أدري كيف يصنعون بالآيات والأحاديث المتضافرة في فضل العِلم وأهله، أَهُمْ شاكون فيها أم منكِرون؟!


https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
١٤٤٦/٥/٤

الخوف من عذاب الله، والطمع في فضائله وخيراته ونِعمه؛ دعوى ما لم يصدّقها العمل، ومن أعظم الأعمال المصدِّقة لتلك الدعوى: الإنفاق في سبيل الله والإحسان إلى خلقه.

{تَتَجافى جُنوبُهُم عَنِ المَضاجِعِ يَدعونَ رَبَّهُم خَوفًا وَطَمَعًا وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ} [السجده: ١٦].

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
#الذهب_الإبريز
في الفوائد المنتزعة من الكتاب العزيز
١٤٤٦/٥/٣

العِلم نعمةٌ ورِفعةٌ في الدنيا والآخرة، يزيّن الله به من يشاء من عباده ويرفعه، ولا ينال تلك الرفعة مَن مَالَ به إلى الدنيا وزينتها، فأقعده الحرص على متاعها عن اتباع الحق ونصرته بعلمه، وحال سعيُه للمصالح الخاصة دونه ودون دعوة الناس للهدى والتجرد فيها للحق عن الهوى، بل هذا ربما سُلب منه العِلم بعد تحصيله، فيظل في خِسّةِ حالٍ تلازمه وتعْسٍ لا يفارقه حياتَه، عائذا بالله.

{وَاتلُ عَلَيهِم نَبَأَ الَّذي آتَيناهُ آياتِنا فَانسَلَخَ مِنها فَأَتبَعَهُ الشَّيطانُ فَكانَ مِنَ الغاوينَ وَلَو شِئنا لَرَفَعناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخلَدَ إِلَى الأَرضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلبِ إِن تَحمِل عَلَيهِ يَلهَث أَو تَترُكهُ يَلهَث ذلِكَ مَثَلُ القَومِ الَّذينَ كَذَّبوا بِآياتِنا فَاقصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُم يَتَفَكَّرونَ}، [الأعراف: ١٧٥ - ١٧٦].

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
#الذهب_الإبريز
في الفوائد المنتزعة من الكتاب العزيز
١٤٤٦/٥/٢

العِلمُ شيءٌ، واللَّسَنُ شيءٌ آخر، فليس كلُّ لسِنٍ قويَّ الحُجة.

{أَم أَنا خَيرٌ مِن هذَا الَّذي هُوَ مَهينٌ وَلا يَكادُ يُبينُ} [الزخرف: ٥٢ ].

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
#الذهب_الإبريز
في الفوائد المنتزعة من الكتاب العزيز
١٤٤٦/٤/٢٩

التأمل في حقيقة الدنيا الفانية؛ يمنع من الاغترار بمتاعها، ومِن إساءة العلاقة مع العباد أو مع رب العباد لأجلها؛ لأنك إما أن تموت قبل تحصيل ما تجري وراءه من متاعها، أو يذهب عنك متاعها بعد تحصيله وأنت حيٌّ، أو تموت وتذره خلفك، أو تقوم عليك الساعة ولَمّا تشف غليلك منه.

{إِنَّما مَثَلُ الحَياةِ الدُّنيا كَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السَّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ مِمّا يَأكُلُ النّاسُ وَالأَنعامُ حَتّى إِذا أَخَذَتِ الأَرضُ زُخرُفَها وَازَّيَّنَت وَظَنَّ أَهلُها أَنَّهُم قادِرونَ عَلَيها أَتاها أَمرُنا لَيلًا أَو نَهارًا فَجَعَلناها حَصيدًا كَأَن لَم تَغنَ بِالأَمسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ} [يونس: ٢٤].

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
#الذهب_الإبريز
١٤٤٦/٤/٢٧

#الإنكار_على_الحاكم

مِن أشهر ما يستدل به القومُ على تجويز الإنكار العلني على الحكّام وولاة الأمر؛ حديثٌ مرفوع وأثرٌ موقوف.

أما المرفوع؛ فما في السنن - وهو صحيح أو حسن - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ". أَوْ : "أَمِيرٍ جَائِرٍ".

وأما الأثر؛ فما في الصحيح: أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَرْوَانُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ : الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. فَقَالَ : قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ". أخرجه مسلم، وفي لفظ لغيره: "فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا مَرْوَانُ، خَالَفْتَ السُّنَّةَ".

والاستدلال بهما على الإنكار العلني على الحاكم إنما يستقيم على الإنكار الكائن بحضرة الحاكم وفي مجلسه، لأن الحديث نصّ على ذلك (عند سلطان جائر)، ولم يقل: كلمة حق على سلطان أو عن سلطان جائر وإنما قال "عند سلطان"، وكذا الإنكار الوارد في الأثر أيضا إنما كان بحضرة الحاكم وفي مجلسه لا في غيبته.

إذا تحرر هذا؛ فينبغي لمن استدل بالحديث والأثر أن يتقيّد بما ورد فيهما، ويكون إنكاره على الحاكم بحضرته وفي مجلسه، فمن كان مستعدا لذلك فليحضر للحكّام مجالسَهم وينكر عليهم، أما أن تجلس خلف شاشةٍ تكتب على تويتر أو فيسبوك أو غيرهما أو تصرخ في مسجدك في خُطب أو دروس فتتكلم في ذلك كله على الحاكم بما تشاء -وربما لو تيسر لك لقاؤه لَمَا تكلمتَ بحرف-؛ فذاك ليس إنكارا عليه، وإنما تحريضٌ على الفوضى وتشويشِ النظام، بشغْبٍ وصخَبٍ يُضَيَّعُ به الأمن ويضلَّل العوام، فيُشابَه به الخوارج ويخالَف سنّة سيد الأنام.

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
١٤٤٦/٤/٢٦

نفس النازلة ونفس الحَدث (غزوة الأحزاب) يزيد المؤمنين إيمانا ويقينا، والمنافقين نفاقا وطغيانا، لتعلم أن العيون في قراءة الأحداث مختلفة، والأفهام في تحليل الوقائع متباينة، والقلوب في وعي النوازل متفاوتة، والله يوفّق من يشاء للصواب.

{وَإِذ يَقولُ المُنافِقونَ وَالَّذينَ في قُلوبِهِم مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسولُهُ إِلّا غُرورًا} {وَلَمّا رَأَى المُؤمِنونَ الأَحزابَ قالوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسولُهُ وَما زادَهُم إِلّا إيمانًا وَتَسليمًا} [الأحزاب: ١٢، ٢٢].

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
#الذهب_الإبريز
في الفوائد المنتزعة من الكتاب العزيز
١٤٤٦/٤/٢٦

سؤال الناس يورث للإنسان ذلّا وسقوطا في أعينهم، وسواء كان السؤال صريحا أو تلويحا، كأن تخبر الناس بأفراحك وأتراحك رغبةً في أموالهم وطمعًا في ذات أيديهم، وأسوأ ما يكون ذلك في الدعاة إلى الله، وهو من عوامل زعزعة ثقة المدعوّ بالداعية وامتناعه من تصديق دعوته وقبولها.

{وَجاءَ مِن أَقصَى المَدينَةِ رَجُلٌ يَسعى قالَ يا قَومِ اتَّبِعُوا المُرسَلينَ اتَّبِعوا مَن لا يَسأَلُكُم أَجرًا وَهُم مُهتَدونَ}، [ يس: ٢٠، ٢١].

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
#الذهب_الإبريز
في الفوائد المنتزعة من الكتاب العزيز
١٤٤٦/٤/٢٥

فرقٌ بين طلب التعاون وعرْض الحوائج بين الناس وبين الشكاية أو المبالغة في الاستعطاف والانكسار للخلق، فخَوْلة رضي الله عنها كانت تجادل النبي صلى الله عليه وسلم وتعرض عليه حاجتها وتسترشده وتلتمس منه المخرج، ولكن شكواها إنما كانت إلى الله.

{قَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّتي تُجادِلُكَ في زَوجِها وَتَشتَكي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَميعٌ بَصيرٌ، [المجادلة: ١].

ونبي الله يعقوب عليه وسلم اشتد حزنه وعظم كربه، واتخذ الأسباب لرفع المعاناة، وكان مع ذلك كاظما لحقيقة وتفاصيل حزنه لا يُظهره لأحد ولا يشكو إلا لله.

{وَتَوَلّى عَنهُم وَقالَ يا أَسَفى عَلى يوسُفَ وَابيَضَّت عَيناهُ مِنَ الحُزنِ فَهُوَ كَظيمٌ}، {قالَ إِنَّما أَشكو بَثّي وَحُزني إِلَى اللَّهِ وَأَعلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعلَمونَ} [يوسف: ٨٤، ٨٦].

فإذا أبيح لك عرض حاجتك لأحد من الخلق؛ فلا تحْكِ له تفاصيل التألّم والحاجة منكسرًا لغير الله، واجعل شكواك إلى ربك الرحمن، وخاطِبْه في حوائجك بيقين كأنك تراه، واشك إليه ضعفك وقلّة حيلتك؛ فسيجبر كسرك ولن يخيّب ظنك الحسنَ به.

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
#الذهب_الإبريز
في الفوائد المنتزعة من الكتاب العزيز
١٤٤٦/٤/٢٥

الإيمان بقدر الله في باب الرزق ضيقًا وسعةً؛ من أعظم دلائل إيمان العبد بربه.

{أَوَلَم يَرَوا أَنَّ اللَّهَ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشاءُ وَيَقدِرُ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يُؤمِنونَ} [الروم: ٣٧].

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
#الذهب_الإبريز
في الفوائد المنتزعة من الكتاب العزيز
١٤٤٦/٤/١٩

#دعاة_الدعاة

بعض الدعاة دعوتهم خاصة بالدعاة، وخالصة لمنكري المنكر من دون عموم المسلمين، إذا أردتَ أن تشعر بوجوده في المجتمع؛ فأنكرْ بدعةً، فسرعان ما تراه يأتيك بقواعد نيئة غير مطبوخة فضلا عن النضج، قرأ ظاهرها ولم يفهم قيودها ومنازلها، فينزلها عليك زاعما أنه يضبط لك التبديع وإنكار المنكر، وينسى أنه لو عمل بها؛ لَما أنكر عليك!

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
١٤٤٦/١/١٩

#توزيع_بطاقات_دخول_النار

من عبارات بعض القوم الهادِفة إلى إماتة شعيرة إنكار المنكر، وصدّ باب جرح المجروحين؛ قولهم: (أنتم توزعون بطاقات دخول الجنة والنار، أو تحكمون على الناس أو على نواياهم...الخ).

ومن دلائل بطلان تلك العبارات التي يتضجر أصحابُها من التبديع والتفسيق والتكفير، أنك لا تكاد تجد مسلما يجزم بدخول فلان الجنة أو النار بعينه، وخاصة السُّني الذي يعتقد في أصحاب الكبائر الذين ماتوا من غير توبة منها أنهم تحت المشيئة، فأين توزيع البطاقات أيها الصاحي.

التكفير والتبديع والتفسيق؛ مصطلحات شرعية، لا علاقة لها بما خفي من نوايا الناس وسرائرهم، وإنما تُطلق على ظواهر تصرفاتهم، لأدلة شرعية حكمتْ بها لمستحقيها.

فمَن أظهر خصلة من خصال تلك المصطلحات؛ أُطلقتْ عليه، وحسابه على الله، ومن أراد المنازعة؛ فلينازع في ثبوت تلك الخصلة فيه، أو في استحقاق الخصلة لذلك المصطلح شرعا، وإن لم يستطع؛ فليلزم الصمت ليستريح ويُستراح منه.

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
١٤٤٣/٦/٢٥

حقيقة الضيق في الدنيا؛ إذا ضاقتْ عن عمارة الآخرة وأشغلتْك عن عبادة الله وطلب مرضاته، وحيث تتمكّن من عبادة الله؛ فأرض الله واسعة.

{يا عِبادِيَ الَّذينَ آمَنوا إِنَّ أَرضي واسِعَةٌ فَإِيّايَ فَاعبُدونِ} [العنكبوت: ٥٦].

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
#الذهب_الإبريز
في الفوائد المنتزعة من الكتاب العزيز
١٤٤٦/٤/١٨

#الحكمة_في_الدعوة_واللين_في_القول

ليست المشكلة في فهم قول الله تعالى: {ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ} [النحل: ١٢٥]، ولا في فهم قوله: {اذهَبا إِلى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغى فَقولا لَهُ قَولًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشى} [طه: ٤٣ - ٤٤].

وإنما المشكلة أن تفهم أنت أنّ كلَّ قولٍ فيك وفي عقيدتك أو منهجك أو أخلاقك خشِنٌ وفيه طيشٌ وتهوّرٌ، وأن القول لا يكون ليّنا ولا يتصف بالحكمة إلا إذا صدر منك أو خوطِب به غيرُك ولم يتعلق بك.

فالنبي صلى الله عليه وسلم المأمور بالحكمة والموعظة الحسنة في دعوته؛ هو الذي أُمر ب: {قُل لِلَّذينَ كَفَروا سَتُغلَبونَ وَتُحشَرونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئسَ المِهادُ} [ آل عمران: ١٢ ]، {قُل موتوا بِغَيظِكُم إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ بِذاتِ الصُّدورِ } [ آل عمران: ١١٩ ]، الخ.

وموسى عليه السلام الذي أُمر بالذهاب وبالقول اللين، هو الذي قال لفرعون وقومه بعدما وصل: {وَيلَكُم لا تَفتَروا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسحِتَكُم بِعَذابٍ وَقَد خابَ مَنِ افتَرى}، [طه: ٦١].

ولو وٌجِّهتْ إليك هذه الخطابات؛ لسلبتَها الحكمة ولوصفتَها بالخشونة. فإذا كان سمعُك يمجّ الحقَّ ويستلين الباطلَ ولا يستعذب إلا المداهنة في الخطاب الدعوي؛ فالعيب فيك وليس في الحق.

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
١٤٤٦/٤/١٧

طالت الحياة أم قصرت إنما تنفع إذا نجا بها المرءُ من عذاب الله وإلا فهي وبال وحسرة.

{وَلَتَجِدَنَّهُم أَحرَصَ النّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذينَ أَشرَكوا يَوَدُّ أَحَدُهُم لَو يُعَمَّرُ أَلفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحزِحِهِ مِنَ العَذابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصيرٌ بِما يَعمَلونَ}، [البقرة: ٩٦].

https://t.me/KounnachatouAbouIshak

#أبو_إسحاق_الحسن_علي_بوكوم
#الذهب_الإبريز
في الفوائد المنتزعة من الكتاب العزيز
١٤٤٦/٤/١٧