احتجتُ وقتاً طويلاً لأفهم لماذا استثارت فيني مرحلة الماجستير مشاعر قلق عارمة وصلت لنوبات الهلع وجعلت تجربتي صعبة نفسياً رغم أدائي الجيد أكاديمياً.
بالتأكيد هناك ظروف أخرى تلعب دور مثل تغير المكان - في حال الابتعاث - إضافة لضغوطات الحياة خارج الدراسة، لكنني سأحاول هنا تفسير التفاعل الذي يحدث بين الطالب وطبيعة الدراسة تحديداً.
الطالب المتفوق في مرحلة البكالوريوس والمدرسة يكون معتاداً على نظام تقييم واضح لأدائه.
يدرس، يحل واجباته، يؤدي امتحاناته، يحصل على الدرجة الكاملة أو الشبه كاملة.
هكذا هو المسار، خطوات واضحة، ولو اعترته عقبات فهو يعلم موضع المشكلة وكيفية السيطرة عليها وحلها.
نأتي الآن لمرحلة الماجستير والدراسات العليا عموماً.
أنت كطالب معتاد على أن الأمور تحت السيطرة تجد نفسك في بحر من الغموض.
هل أدائي الأكاديمي جيد؟ هل مهاراتي المكتسبة سابقاً تكفي للتميز في البحث العلمي؟ من أين أبدأ تعلم مهارات جديدة؟ والكثير من الأسئلة.
وكأنك سمكة اعتادت السباحة في بحر ثم وجدت نفسها في المحيط، وعليها أن تتعلم ليس كيف تنجو فحسب بل كيف تبرز وتتميز.
هذه المشاعر طبيعية للغاية والوقت والتعلم المستمر كفيلٌ بتبديد القلق.
لكن تأتي المعضلة حين تتدخل نزعتك الكمالية في مسار الأحداث.
تستاء من نفسك وتهلع لأنك تريد أن تكون نجم المحيط من أول يوم.
هو ليس غرور بل معيار عالي وضعته لنفسك يجعلك تقسو عليها ولا تقبل نموها التدريجي.
لا يوجد حل فوري لهذه المعضلة.
تعلمتُ أنني مع استشارة المختصين والعلاج المناسب والاستبصار بنفسي ومناقشة أفكاري والحديث مع الذات بلطف وواقعية أستطيع التخفيف من الشعور السيء بدرجة كافية لأن أعمل.
الشعور قد لا يختفي تماماً لكنه يصبح أكثر احتمالاً.
أعتقد بأن ما مررتُ وأمر به هو حالة مشتركة عند الكثيرين.
لذلك أتمنى أن تكون مشاركة تأملاتي هذه إضافة مفيدة لكم ✨
غادة الغيث