فوائد التفاسير

فائدة
قال تعالى:
(ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا)
قال أهل التفسير واللغة:
واو الجماعة في الفعل: (يجدون) في محل رفع فاعل تعود على الأنصار.
أما واو الجماعة في الفعل: (أوتوا) فهي في محل رفع نائب فاعل تعود على المهاجرين.

فالمعنى:
ولا يجدُ الأنصارُ في نفوسهم حسداً على المهاجرين فيما فضَّلهم اللهُ به من المنزلة والشرف، والتقديمِ في الذِّكر والرتبة.

فالآية تمدح الأنصار هنا بعدم الحسد، وبقيةُ الآية تمدحهم بعدم البخل.

اللهم فأحسن منقلبنا إليك.

فائدة
قال تعالى:
(فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئاً مریـئاً)
قال ابن كثير:
عن يعقوب بن المغيرة بن شعبة، عن علي قال:
إذا اشتكى أحدُكم شيئاً، فليسأل امرأته ثلاثةَ دراهم أو نحو ذلك، فليبتع (أي:فليشترِ) بها عسلاً، ثم ليأخذ ماءَ السماءِ فيجتمع:
هنيئاً مريئاً، شفاءً، مباركاً.

اللهم أحسن منقلبنا إليك.

فائدة
قال تعالى:
(واتقوا اللهَ
ويعلمكم اللهُ
واللهُ بكل شيء عليم﴾
قال أبو السعود مستفيدا من البيضاوي:
كرَّرَ لفظَ الجلالة؛ في الجمل الثلاث؛ لإدخالِ الرَّوعة؛ وتربيةِ المهابة؛ وللتنبيه على استقلالِ كلٍّ منها بمعنى على حياله؛ فإنَّ الأولى حثٌّ على التقوى؛ والثانيةَ وعدٌ بالإنعام؛ والثالثةَ تعظيمٌ لشأنه تعالى.

اللهم أحسن منقلبنا إليك.

فائدة وموعظة
قال تعالى:
(إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا)
قال ابن أبي علي:
كلَّما خرجتَ من بيتك، ورفعتَ رأسكَ ورأيتَ السَّماءَ فتذكَّر حِلْمَ الله تعالى!!
فالله هو الكبير المتعال، ذو القوة المتين، وهو الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وهو الذي يدبِّر الأمر، وهو الخلَّاقُ الرزَّاقُ ذو القوةِ المتين!!
والخلْقُ كلهم خلْقُه، والسماءُ سماؤه، والأرضُ أرضُه، ولا ينازعُه أحدٌ في أمرِه....

ومع ذلك:
فهناك الكافرون الظالمون.
وهناك الفاسقون الفاجرون.
وهناك الخطَّاؤون المذنبون.
والله يرزقهم، ويسترهم، ويغيثهم بالخيرات والأمطار، ويكلؤهم بالليل والنهار!!
وفئام من الناس لا يؤمنون، وهم عن آيات ربهم معرضون.
ألا ما أحلَمَ الله!!
وما أعظَمَ سترك يا ألله!!
اللهم فالطف بنا واكفنا شرَّ أنفسنا.

قال ابن أبي علي:
مِن أعظمِ أسباب الانحراف الفكري والعقدي والسلوكي:
تضخيمُ زخارفِ الدنيا، ثمَّ التعاملُ معها وكأننا فيها خالدون!!
وخيرُ مَن يصحِّحُ لنا النظرةَ لهذه الحياة ويكشف لنا عن حقيقتها، ويبيِّنُ لنا كيف نحيا فيها:
القرآن الكريم.

لذا فإنَّ العاقلَ المريدَ النجاةَ لنفسه ينظرُ في آيات القرآن، ويتأمل فيها، وكيف تحدَّثتْ تلك الآيات عن الحياة.
تأمل:
(وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)
(قل متاع الدنيا قليل)
(وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو)
(واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح)
(اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفارَ نباتُه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما)

اللهم أحسن منقلبنا إليك.

( قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون.إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين )
قال عفا الله عنه:
لا ضير...
لا ضيرَ في تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف...
لا ضيرَ في التصليب والعذاب...
لا ضير في الموت والاستشهاد...
لا ضير؛؛؛ إنا إلى ربنا منقلبون!!
وليكن في هذه الأرض ما يكون!!
 فالمطمعُ الذي نتعلق به ونرجوه: أن يغفرَ لنا ربنا خطايانا جزاءَ أنْ كنَّا أول المؤمنين، وأنْ كنَّا نحن السابقين.

يا لله!!
يا لروعة الإيمان إذ يُشرق في الضمائر!!
وإذ يفيضُ على الأرواح!!
وإذ يسكبُ الطمأنينة في النفوس!
وإذ يرتفعُ بسلالة الطين إلى أعلى عليين!!
وإذ يملأُ القلوبَ بالغنى والذخر، والعزة والوفر!!
وإذ يطلع على الحياة، فيكشفُ حقيقتها، ويَحْطِمُ أصنامها، ويمحو باطلها.

فإذا كلُّ ما في الأرضِ مِن متاعٍ وزخارف:
تافهٌ حقيرٌ، قليلٌ قطمير!!
اللهم ثبت قلوبنا على توحيدك والإيمان بك.

فائدة
قال تعالى:
(ولا تشتروا بـٔایـٰتي ثمنا قلیلا)
قال الزمخشري:
والثمنُ القليلُ: الرياسةُ التي كانت لهم في قومهم، خافوا عليها الفواتَ لو أصبحوا أتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستبدلوها- وهي بَدَلٌ قليلٌ ومتاعٌ يسيرٌ- بآياتِ الله وبالحقُّ الذي كلُّ كثيرٍ إليه قليلٌ!!
وكلُّ كبيرٍ إليه حقيرٌ!!
فما بالُ القليلِ الحقير!؟

فائدة
قال تعالى:
(ولا تقربا هذه الشجرة)
قال ابن جزي:
النهيُ عن القربِ يقتضي النهيَ عن الأكل بطريقِ الأولى، وإنما نهى عن القرب سدَّاً للذريعة؛ فهذا أصلٌ في سدِّ الذرائع.

فائدة
قال السيوطي:
قال بعض العلماء:
في سورة الشعراء ثلاثُ آياتٍ متواليات فيها ردٌ على ثلاث فرق:
(إذ نسویكم برب ٱلعـٰلمین ۝ وما أضلنا إلا ٱلمجرمون ۝ فما لنا من شـٰفعین ۝)

١.(إذ نسویكم برب ٱلعـٰلمین)
ردٌ على المشبهة.

٢.﴿وما أضلنا إلا المجرمون﴾
ردٌ على المجبرة.

٣.﴿فما لنا من شافعين﴾
ردٌ على المرجئة.

فائدة
قال تعالى عن هود عليه السلام أنه قال لقومه:
(أتبنون بكل ریع ءایة تعبثون ۝ وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون)
قال ابن أبي حاتم:
قال عون بن عبدالله:

إنَّ أبا الدرداء، رضي الله عنه، لمَّا رأى ما أحدث المسلمون في الغوطة من البنيان ونَصْبِ الشجر، قام في مسجدهم فنادى:
يا أهل دمشق!!
فاجتمعوا إليه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
ألا تستحيون!!
ألا تستحيون!!
تجمعون ما لا تأكلون، وتبنون ما لا تسكنون، وتأمَلون ما لا تُدركون!!
إنه كانت قبلكم قرون، يجمعون فيوعون، ويبنون فيوثقون ويأملون فيطيلون، فأصبح أملهم غرورا، وأصبح جمعهم بورا، وأصبحتْ مساكنهم قبورا.

ألا إنَّ عاداً ملكتْ ما بين عَدنَ وعُمان خيلاً ورِكابا!!
فمن يشتري مني ميراثَ عادٍ بدرهمين؟؟

فائدة
قال تعالى: (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله)
قال ابن كثير:
فالبخيل جحودٌ لنعمة الله عليه، لا تظهرُ عليه ولا تبين، لا في أكله، ولا في ملبسه، ولا في إعطائه وبذله، كما قال تعالى: (إن الإنسان لربه لكنود. وإنه على ذلك لشهيد) أي: بحاله وشمائله، (وإنه لحب الخير لشديد) ، وقال هاهنا: (ويكتمون ما آتاهم الله من فضله) ولهذا توعَّدهم بقوله: (وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا) والكفر هو الستر والتغطية، فالبخيلُ يسترُ نعمةَ الله عليه ويكتُمها ويجحدُها، فهو كافرٌ لنعم الله عليه.
وفي الحديث: "إنَّ الله إذا أنعم نعمةً على عبدٍ أحب أن يظهر أثرها عليه"
وفي الدعاء النبوي: "واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها عليك قابليها"

اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه.

فائدة للأئمة والمؤذنين ونحوهم
قال تعالى في مصارف الزكاة:
(والعاملين عليها)
قال ابن العربي:
وهم الذين يقدمون لتحصيلها، ويوكَّلون على جمعها؛ وهذا يدل على مسألة بديعة، وهي:
أنَّ ما كان مِن فروض الكفايات فالقائمُ به يجوز له أخذُ الأجرة عليه.
ومن ذلك: الإمامة؛ فإنَّ الصلاة، وإنْ كانت متوجهة على جميع الخلق فإنَّ تقدُّمَ بعضِهم بهم مِن فروض الكفاية، فلا جرمَ يجوزُ أخذُ الأجرة عليها.
وهذا أصلُ الباب.

فائدة نفيسة للقضاة والحكَّام
قال تعالى:
(إذ أخرجه الذين كفروا)
قال القاضي ابن العربي المالكي:
المسألة الرابعة: وهي عظمى في الفقه من قوله تعالى {إذ أخرجه الذين كفروا} وهو خرجَ بنفسه، فارَّا عن الكافرين بإلجائهم له إلى ذلك حتى فعله؛ فنسبَ الفعلَ إليهم، ورتَّبَ الحكم فيه عليهم، وذمَّهم عليه، وتوعَّدهم؛ فلهذا يُقتلُ المكرِهُ على القتل، ويضمنُ المالَ المكرِهُ على إتلاف المال؛ لإلجائه القاتلَ والمتلِفَ إلى القتل والإتلاف، وكذلك شهودُ الزنا المزوِّرون باتفاق من المذهب، وشهودُ القصاص إذا شهدوا بالقتل باطلاً باختلافٍ بين علمائنا.
والمسألةُ عسيرة المأخذ، وقد حققناها في مسائل الخلاف.

وجملة الأمر:
أنَّ نسبةَ الفعل إلى المكرِه لا خلافَ فيه، وكذلك تعلُّقُ الإثمِ به مع القصد إليه لا خلاف فيه.
فأما ما يترتبُ عليه من حكمٍ فإنَّ ذلك يختلفُ بحسب اختلاف المحال والأسباب، حسبما تقتضيه الأدلة؛ فلينظر هنالك.

فائدة
قال تعالى عن إهلاك ثمود:
(فأخذتهم الصاعقة وهم ینظرون)
قال الطاهر ابن عاشور:
لأنهم لمَّا رأوا بوارقَها الشديدةَ علموا أنها غيرُ معتادةٍ؛ فاستشرفوا ينظرون إلى السحاب!!
فنزلت عليهم الصاعقة وهم ينظرون.
وذلك هولٌ عظيمٌ؛ زيادةً في العذاب.
فإنَّ النظرَ إلى النقمةِ يزيدُ صاحبها ألماً، كما أنَّ النظرَ إلى النعمةِ يزيدُ المُنعَمَ مسرةً، قال تعالى: ﴿وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون﴾
اللهم فأرنا في كفرة أهل الكتاب ريحاً عقيماً قاصفاً دبوراً صرصرا عاتيةً عاصفةً فيها صِرٌ، ماتذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم.

بإذن الله نثبت على هذا الاسم:

فوائد التفاسير.


وقد بلغنا بحمد الله أكثر من ١٧٠٠ فائدة.

Channel name was changed to «فوائد التفاسير»

Channel name was changed to «فوائد من تفاسير القرآن الكريم، بإشراف عبدالله التويجري»

تنبيه
تم تغيير اسم القناة لتصبح:
فوائد مختارة من تفاسير القرآن الكريم، بإشراف عبدالله التويجري.

Channel name was changed to «فوائد مختارة من تفاسير القرآن الكريم، بإشراف عبدالله التويجري»

Channel name was changed to «فوائد مختارة من تفاسير القرآن الكريم»

فائدة
قال تعالى:
(وكلوا واشربوا ولا تسرفوا)
قال ابن أبي علي:
الشبابُ - أبناءً وبنات - بحاجةٍ ماسَّةٍ جداً إلى قيمة التوازن، وإدراكِ معناها والعملِ بمقتضاها.
فالتوازنُ ليس بقسمة الشيء إلى قسمين متساويين، بل هو إعطاءُ كلِّ طَرَفٍ حقَّه التَّام؛ فالتوازنُ بين النوم واليقظة يكون بمنح النوم - مثلاً - ثماني ساعات، والسِّت عشرة ساعةً الباقية لليقظة.
وهكذا، فالنسبةُ مختلفةٌ بحسب كلِّ موازنة.
ومن الاحتياجات في ذلك:
التوازنُ بين العمل والفراغ.
التوازنُ بين الإنفاق والإمساك.
التوازنُ بين نعم و لا.
التوازن بين الرياضة والراحة.
التوازن بين التبكير لصلاة الجمعة والتخلف عنها.
التوازن بين الأهل والأصدقاء.
التوازن بين الأكل الشَّرِه والحِمية.
التوازن بين العزلة والخلطة.
التوازن بين الجسد والروح.
التوازن بين العقل والقلب.
التوازن بين الجِدِّ والمزاح.
واللهُ أمرَ بهذه القيمةِ العظيمةِ، وأثنى على أهلها، فقال:
(والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما)
وقال: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا)
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:
فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه.

وفق الله الجميع لمرضاته.
٧ جمادى الآخرة ١٤٤٦

نصيحة لمن تبلغه من المسلمين والمسلمات:

مِن حيل الشيطان على الشباب والفتيات في تضييع الصلوات:
أنْ يعظِّم عندهم أمراً تافهاً حقيراً قد يتعارض مع الصلاة، أو مايجب للصلاة، كالوضوء والطهارة.

وذلك مثل:
أنْ يعظِّم الشيطان في نفوسهم أهميةَ الذوقِ الراقي واللباسِ الجميل، ويجعلَ من ذلك الجمال تضييقَ الأكمام؛ بحيث يصعبُ رفعها لغسل اليدين إلى المرفقين عند الوضوء، ويكون الشاب أو الفتاة خارج البيت؛ فيؤخرون الوضوء والصلاة حتى العودة، أو ربما يتركانها بحجة عدم القدرة على الوضوء الصحيح.

ومن ذلك:
تقبيحُ لبسِ الشُّرَاب المعتاد سابقا لما فوق الكعبين، وتزيينُ لبسِ الشُّرَاب لما دون الكعبين، مع الامتناع من خلعه عند الوضوء، ثم يسري في النفسِ شعورٌ بعدم صحة الوضوء والصلاة، فيرون الحل في تركهما.

ومن ذلك:
المبالغةُ من الفتيات في وضع مساحيقِ التجميل عند الذهاب للمناسبات، وتعظيمُ ذلك جدا؛ ولو احتاجت للوضوء لصلاة المغرب لم تتوضأ ولم تصلِّ إلا بعد انتهاء المناسبة، ولو كان ذلك بعد خروج الوقت.

ومن ذلك:
أن يعتاد الشابُ على الاغتسالِ بعد الأذان، مع الإطالةِ في الاغتسال بالشامبو والصابون، وتفريش الأسنان بالفرشاة والمعجون، والمبالغة في إمضاء الوقت في اختيار اللباس وتطقيمه، حتى يخرج الناس من الصلاة وينتهوا منها.
ومن ذلك:
خروج الشاب من المنزل وهو على غير طهارة عند الأذان؛ لقضاء بعض الأشغال غير المهمة، فيذهب الوقت وهو في سيارته يجوب الطرقات، والمسلمون يصلون، وهو يتعلل بالزحام، وعدمِ الوضوء، وقلةِ النظافة في دورات المياه العامة، ويخدعه الشيطان فتفوته الصلاة، أو يخرج الوقت وهو لم يصلِّ!!

ومن ذلك:
الخروج من البيت قبيل الأذان بلباسٍ لا تصح به الصلاة؛ للعب أو للمشي أو للتمارين في النادي، فإذا حانت الصلاة لم يستطع أن يصلي، فيؤجل الصلاة لحين العودة إلى البيت، ومع التكرار قد لا يعود إلا بعد خروج الوقت، والله المستعان.

فيا كلَّ شاب وكلَّ فتاة:
الغايةُ من خلقنا عبادة الله،
والصلاةُ عمود الدين، وثاني أركان الإسلام، وشعار المسلمين.
وأجرُها لكم إنْ حافظتم عليها.
ووزرُها وإثمُها عليكم إنْ فرَّطتم فيها.

وعلى الآباء والأمهات البلاغُ والتوجيهُ والأمرُ والاصطبارُ.
والتوفيق من الله تعالى.
اللهم اهدنا واهد شبابنا وفتياتنا للخيرات وإقام الصلاة.

٢٥ ربيع الآخر١٤٤٦

حين يضيق صدر الواحد منا؛ فإنَّ من أعظم ما تُدفع به هذه الحالة أن يتذكر ماعنده من النعم.
ومن هذه النعم المنسية:
تمامُ الحواسِّ واكتمالُ الأعضاء، والسلامةُ من الأمراض والإصابات.
والتعلُّمُ والقراءة والكتابة. والالتحاقُ بوظيفة، أو تملُّكُ محلٍ تجاري، أو الارتباطُ بأي عملٍ من الأعمال.
ووجودُ الأسرة التي ينتمي إليها الإنسان، وتيسيرُ الخطبة والزواج والمسكن والمأكل والمشرب.
ودراسة الأولاد.
وتيسر الذهاب للمستشفى عند الحاجة.
ومن النعم: نعمة اللباس وتيسر الحصول عليه بأنواعه وأشكاله.
وهذه الأجهزة الحديثة من ثلاجات وأفران ودفايات وغسالات ونشافات وحافظات وزمزميات وخلاطات وعصارات وقطَّاعات
وعجَّانات
ومكانس وكوايات، وغيرها كثير.
تتيسر للغني والفقير.
فأين الشاكرون والشاكرات؟
وأين الحامدون الله كثيرا والحامدات؟
ومن النعم كذلك:
انتشار المساجد وسماع صوت الآذان ووفرة المصاحف، والأمن على النفس والمال والولد والعرض، وهذه الوسائل المتعددة للنقل من سيارات وطائرات وقطارات وسفن وبواخر تجوب العالم والبحار والسهول والجبال براحة وخدمات للجميع.
ومن النعم هذه المحلات وأصحابها التي يؤمنون ما نحتاج إليه من طعام وأثاث ولباس ودواء.
ومن النعم:
خلو جوالك من السناب والتك تك وقائمة التافهين وأضرابهم.
اللهم ألهمنا شكر نعمتك واجعلنا من عبادك المؤمنين الشاكرين.

فائدة
قال تعالى:
(وإن تطيعوه تهتدوا)
قال القرطبي جعلَ اللهُ الجنةَ مأوانا ومأواه:
جعلَ اللهُ الاهتداءَ مقروناً بطاعته.



اللهم ارزقنا طاعتك والثبات على دينك.

فائدة
قال تعالى: ﴿ومنهم أميون﴾
قال البغوي:
أي: مِن اليهود أُمِّيُّون لا يُحسنون القراءة والكتابةَ، جمعُ أمِّي، منسوبٌ إلى الأم؛ كأنَّه باقٍ على ما انفصل مِن الأم لم يتعلم كتابةً ولا قراءة.

فائدة
قال تعالى:
(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)
قال ابن عطية:
قال سفيان بن عيينة لابن المبارك:
إذا رأيتَ الناسَ قد اختلفوا فعليك بالمجاهدين وأهلِ الثغور؛ فإنَّ الله تعالى يقول: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)

اللهم فاهدنا سبل السلام وأدخلنا دار المقامة.

فائدة
قال تعالى:
(وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب)
قال أبوحيان:
الإشارةُ ب(هذه) ازدراءٌ للدنيا، وتصغيرٌ لأمرها!!
كيف لا؟ وهي لا تزنُ عند الله جناحَ بعوضة!!
فما هي في سرعةِ زوالها عن أهلها وموتهم عنها، إلا كما يلعبُ الصبيانُ ساعةً ثم يتفرقون!!

اللهم أحسن منقلبنا إليك ووالدينا وأزواجنا وذرياتنا وأبي حيان والسعدي يا رب العالمين.

فائدة
قال تعالى:
(وكأین من دابة لا تحمل رزقها الله یرزقها وإیاكم)
قال ابن قتيبة المتوفى سنة ٢٧٦:
(لاتحمل رزقها)
أي: لا ترفعُ شيئاً لغد.
قال سفيان بن عيينة:
ليس شيءٌ يُخبِّئ إلا الإنسان، والنملة، والفأرة.

فائدة
قال الله جواباً لسؤالِ أهلِ النارِ الخروجَ منها: ﴿اخسؤوا فيها ولا تكلمون﴾
قال ابن سعدي:
وهذا القول -نسأله تعالى العافية- أعظمُ قولٍ على الإطلاق يسمعه المجرمون في التخييبِ، والتوبيخ، والذُّلِ، والخسارِ، والتأييسِ مِن كلِّ خير، والبشرى بكلِّ شَرٍّ.
وهذا الكلامُ والغضبُ من الرَّبِ الرحيم أشدُّ عليهم وأبلغُ في نكايتهم من عذابِ الجحيم.


اللهم إنا نسألك لطفك وسترك وعفوك، إله الحق.

فائدة
قال تعالى:
(فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا)
قال أبوحيان:
وقَلَّ أنْ تَرى متعاشِرَين يرضى كلُّ واحدٍ منهما جميعَ خُلقِ الآخَر.
ويقال:
ما تعاشَرَ اثنان إلا وأحدُهما يتغاضى عن الآخَر.
وفي صحيح مسلم: (لا يفرَك مؤمنٌ مؤمنةً؛ إنْ كره منها خُلقا رضي منها آخَر) .
وأنشدوا في هذا المعنى:
ومَن لا يُغمِّضْ عينَه عن صديقِه *** وعن بعضِ ما فيه يمتْ وهو عاتبُ!!
ومَن يتتبعْ جاهداً كلَّ عثرةٍ ∗∗∗ يجدْها، ولا يسلَمْ له الدهرَ صاحبُ!!

فائدة
قال تعالى:
(ولقد آتيناك سبعا من المثاني)
جاء في تفسير البغوي:
قال عمر وعلي وقتادة وعطاء والحسن وسعيد بن جبير: السبع المثاني هي فاتحة الكتاب.
واختلفوا في علة تسمية الفاتحة بالمثاني:
قال ابن عباس والحسن وقتادة: لأنها تُثنى في الصلاة، فتقرأ في كل ركعة.
وقيل: لأنها مقسومةٌ بين الله وبين العبد نصفين، نصفها ثناء ونصفها دعاء.
وقال الحسين بن الفضل: لأنها نزلت مرتين: مرةً بمكة، ومرةً بالمدينة، كلُّ مرةٍ معها سبعون ألف ملك.
وقال مجاهد: لأنَّ اللهَ تعالى استثناها وادَّخرها لهذه الأمة فما أعطاها غيرهم.
وقال أبو زيد البلخي: لأنها تَثني أهلَ الشَّرِ عن الفسق.
وقيل: لأنَّ أولها ثناء.

أحمد عبد المنعم

فائدة
قال تعالى:
(ومن شر حاسد إذا حسد)
قال عبدالله الصبيحي:
لو تأمَّل الحاسدُ (سورة الفلق) لَذُعِرَ مِن كون المسلمين كافةً يتعوذون منه صباحاً ومساءً.

رحمة الله عليك أبا عبدالعزيز بكرة وعشيا.

فائدة
قال تعالى:
(وإذا الموءودة سئلت ۝ بأي ذنب قتلت)
قال الماوردي:
قال قتادة:
يَقتلُ أحدُهم ابنته، ويغذو كلبَه!!
فأبى اللهُ سبحانه ذلك عليهم.

فائدة
قال تعالى:
(وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا)
قال ابن العربي:
الأرضُ كلُّها لله مُلكاً وخلقاً، كما قال الله سبحانه وتعالى: {إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده}.
والمساجدُ لله رفعةً وتشريفاً، كما قال تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا}.
والكعبةُ بيتُ اللهِ تخصيصاً وتعظيماً، كما قال تعالى: {أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين}.

فائدة
قال تعالى:
(ویدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدین فیها رضي الله عنهم ورضوا عنه)
قال ابن سعدي:
وهم الذين لهم الحياةُ الطيبةُ في هذه الدار، ولهم جناتُ النعيم في دار القرار، التي فيها مِن كلِّ ما تشتهيه الأنفس، وتلذُّ الأعين وتختار، ولهم أكبرُ النعيمِ وأفضلُه!!
وهو أنَّ اللهَ يُحِلُّ عليهم رضوانَه فلا يسخطُ عليهم أبداً، ويرضون عن ربهم بما يعطيهم مِن أنواع الكرامات، ووافرِ المثوبات، وجزيلِ الهِبات، ورفيعِ الدرجات، بحيث لا يرون فوقَ ما أعطاهم مولاهم غاية، ولا فوقه نهاية.
اللهم فاجعلنا ووالدينا وأزواجنا وذرياتنا ومن نحب وابن سعدي من حزبك المفلحين يا أرحم الراحمين.

فائدة
قال تعالى:
(وإن لكم فی الأنعام لعبرة نسقیكم مما في بطونه من بین فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربین)
قال ابن سعدي؛
فأيُّ شيءٍ في الطبيعة يقلِبُ العلفَ الذي تأكله البهيمة، والشرابَ الذي تشربه من الماء العذب والمالح لبناً خالصاً سائغا للشاربين؟؟

فائدة
قال تعالى:
(لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا)
قال ابن جُزَي:
فإن قيل: لم قال: ﴿سمعتُمُوهُ﴾ بلفظ الخطاب، ثم عدَلَ إلى لفظ الغيبة في قوله: ﴿ظَنَّ المؤمنون﴾، ولم يقل ظننتم؟
فالجواب:
أنَّ ذلك التفاتٌ، قُصِد به المبالغةُ، والتصريحُ بالإيمان، الذي يوجب أن لا يُصدِّقَ المؤمنُ على المؤمنِ شراً.

رحمة الله علينا وعليك يابن جزي.

فائدة
قال تعالى:
﴿إن الذین جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خیر لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذی تولى كبره منهم له عذاب عظیم﴾
قال ابن جزي:
الإفك: أشدُّ الكذب.
ونزلتْ هذه الآيةُ وما بعدها إلى تمام ستَّ عشرةَ آيةً في شأنِ سيدتنا عائشةَ رضي الله عنها، وفي براءتها مما رماها به أهلُ الإفك.
وذلك أنَّ اللهَ برَّأ أربعةً بأربعةٍ:
برَّأ يوسفَ بشهادة الشاهد من أهلها.
وبرَّأ موسى من قول اليهود بالحجر الذي ذهب بثوبه.
وبرَّأ مريمَ بكلام ولدها في حجرها.
وبرَّأ عائشةَ من الإفك بإنزال القرآن في شأنها.
ولقد تضمنت هذه الآياتُ الغايةَ القصوى في الاعتناء بها، والكرامةِ لها والتشديدِ على من قذفها.

اللهم فاغفر لنا ولوالدينا وأزواجنا وذرياتنا َوابن جزي والسعدي.

فائدة
قال تعالى:
(لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين)
قال النحاس: معنى "بأنفسهم" بإخوانهم.
قال القرطبي:
فأوجب الله على المسلمين إذا سمعوا رجلا يقذف أحدا ويذكره بقبيحٍ لا يعرفونه به أنْ ينكروا عليه ويكذبوه. وتواعدَ مَن ترَك ذلك ومَن نقله.
ثم قال القرطبي: ولأجل هذا قال العلماء: إنَّ الآيةَ أصلٌ في أنَّ درجةَ الإيمان التي حازها الإنسان، ومنزلةَ الصلاح التي حلَّها المؤمن، ولبسةَ العفاف التي يستترُ بها المسلم لا يزيلها عنه خبرٌ مُحتمَل وإنْ شاع، إذا كان أصلُه فاسداً أو مجهولاً.

فائدة
قال تعالى:
(لئن شكرتم لأزيدنكم)

قال رجل لأبي حازم:ما شكرُ العينين يا أبا حازم؟
فقال:إنْ رأيتَ بهما خيرا أعلنتَه، وإنْ رأيتَ بهما شرا سترتَه.
قال:فما شكرُ الأذنين؟
قال:إن سمعتَ بهما خيراً وعيتَه، وإنْ سمعتَ بهما شراً دفعتَه.
قال:فما شكرُ اليدين؟
قال:لا تأخذْ بهما ما ليس لهما، ولا تمنعْ حقاً لله هو فيهما.
قال:ما شكرُ البطن؟
قال:أنْ يكون أسفلُه طعاماً وأعلاه عِلماً.
قال:فما شكرُ الفرْج؟
قال:والذين هم لفروجهم حافظون*إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين*فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون.
قال:فما شكرُ الرِّجلين؟
قال:إنْ عَلِمْتَ ميتاً تغبطُه استعملتَ بهما عملَه، وإنْ مقتَّه رغبتَ عن عملِه،
وأنت شاكر لله. وأما من شكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه فمثلُه كمثل رجلٍ له كساءٌ فأخذ بطرفه ولم يلبسه!!
فما نفعه ذلك من الحر والبرد والثلج والمطر.

اللهم اجعلنا من عبادك الشاكرين الذاكرين الصابرين.