لكنها ليست بانتكاسة، ولكنه إرهاق عقل بدوام مستمر لا يزال يعمل على إخراج حلول كثيرة لأشياء لا طائل منها أو أشياء لا يملك أن يفعل بها شيئا.
ضعيف يريد أن يقدر لما هو بغير قادر عليه، ذراعاه قصيرتان، يود لو أن يطول بهما شيئا مأمولا.
يجلس على أريكته مدهوشا كأنه لم يظفر، وهو والله عبد لا يملك من أمره شيئا.
تهذيب نفسه وترويضها يحتاج عملا كثيرا، لكنه يختار الجرعة المسكنة من الكسل والتسويف والقلق، يرى في هلكته وتفكيره بعض النجاة؛ وهو تالله لو استقر في نفسه بعض التريث من الركض وراء عقله الدؤوب، وتوكل على الله ربه وأكثر من: لا حول ولا قوة إلا بالله لفظا ومعنى، وتدبر في رزقه الذي يساق إليه ونظر لمن هو أدنى منه، وسمع بمن هم في أقاصي الأرض يرزقون وينعمون، وتدبر القصص العجيبة وأقدار الله الخفية في تبدل الحال إلى حال، وهذب نفسه كل يوم وليلة على ألا يجمح بفكره ويغتر بقدرته لما هو بغير قادر عليه، وعلم أنه عبد يرجو لم يفته من أقدار الله المكتوبة له شيء، لهدأ كثيرا وتريث كثيرا وتمتع بما في صدره من مشاعر إيمانية مكبوتة كثيرا، ولنظر إلى الدنيا نظرة الآيس منها، لا من رحمة الله، فإن جاءته مرغمة فهو رزق الله له، وإن لم تأته، فهو رزق الله له لم يظلمه شيء، والآخرة في كل ذلك خير وأبقى.
وهذا يقينه الراسخ.