بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم @altabatabai_alhakeem2 Channel on Telegram

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

@altabatabai_alhakeem2


المدونات والدروس لا تمثل بالضرورة الرأي النهائي.
الملفات الصوتية للدروس اوسع بكثير مما في الكتابة .
الملفات الصوتية مضغوطة وسهلة التحميل.
للتواصل
@Alfigh2_bot
https://t.me/joinchat/AAAAAD-2uVnGx6UxXxY7Tw

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم (Arabic)

هل تبحث عن مصادر موثوقة لفهم أصول الفقه؟ إذاً، قناة 'بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم' هي المكان المناسب لك! تقدم هذه القناة مجموعة من المدونات والدروس التي تساعدك على فهم أصول الفقه بشكل أعمق وأوضح. يجدر بالذكر أن المحتوى المقدم لا يمثل بالضرورة الرأي النهائي، لكنه يعتمد على العلم والاستنتاجات الموثقة.

من خلال قناة 'بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم'، يمكنك الاستماع إلى الملفات الصوتية التي تعتبر أوسع بكثير من المحتوى المكتوب، مما يسهل عليك فهم المفاهيم والمبادئ بشكل أفضل وأسرع. كما أن الملفات الصوتية مضغوطة وسهلة التحميل، مما يجعل تجربة التعلم أكثر سهولة وملاءمة.

للتواصل معنا والاستفادة من المزيد من المحتوى، يمكنك التفاعل مع البوت الخاص بنا على التليجرام '@Alfigh2_bot'، كما يمكنك الانضمام مباشرة إلى القناة عبر الرابط التالي: https://t.me/joinchat/AAAAAD-2uVnGx6UxXxY7Tw

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

08 Feb, 08:52


بحث الاصول ١١٠٧ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء.لمانع الثالث: لزوم حفظ الغرض. . الجواب المختار عن العلم بالغرض.
٩ شعبان المعظم ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

07 Feb, 21:51


وبذلك يندفع التوقف أو البناء على الاحتياط فيه ، سواء كان ما يحتمل دخله في الواجب متغايرا في الوجود مع الواجب ، وكان له وجود منحاز عن وجود الواجب ، كالأغسال الليليّة بالقياس إلى صوم المستحاضة ، المتأخّر عنها أو المتقدّم عليها؛ وذلك لأن الكلام في جريان البراءة فيه هو الكلام في جريانها في الأجزاء المشكوكة من المركَّب الخارجي ، لأنه يشك في تقيد الصيام بالإتيان بالغسل من بعده فتجري البراءة منه ولا يعارضها جريان البراءة من الأقل الذي هو الصيام لا بشرط الغسل فإن معلوم الوجوب والبراءة لا تجري الا في المشكوك.

أو كان ما يحتمل دخله في الواجب متّحدا في الوجود العرفي مع الواجب ، وتكون نسبته إليه بنظر العرف نسبة الوصف إلى موصوفه والعارض إلى معروضه ، كالإيمان بالنسبة الى الرقبة أو البرودة بالنسبة الى الماء، حيث تجري البراءة ويتمسك بإطلاقها لنفي التبعات عن التكليف المحتمل تعلقه بتقيد الرقبة بالإيمان أو تقيد الماء بالبرودة.
أو كان ما يحتمل دخله في الواجب متّحدا في الوجود معه بمعنى أن تكون نسبته إليه نسبة الفصل إلى جنسه، كالإنسان والحيوان.

ولا يتوهم أنّ الأمر فيه دائر بين متباينين ، على أساس إنّ البقّ أو العصفور - مثلا - ليس قدرا متيقّنا بين الحيوان والإنسان.
فيكون من صغريات دوران الأمر بين التعيين والتخيير، إذ يندفع بأن الحيوان وإن كان له أنواع ، وكلّ نوع مباين للنوع الآخر، ولكن مرجع الأمر في الشك بتعلَّق إلزام إمّا بحيوان أو بإنسان في الحقيقة العلم بأنّ المأمور به إمّا مطلق الحيوان بأيّ فصل تفصّل أو أنه متعلق مع ذلك بخصوص الحيوان الَّذي تفصّل بفصل الإنسانيّة، فيرجع الى الشك في الزائد أيضا.

وتفصيل القول في ما يأتي من البحث في القسم الثالث

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

07 Feb, 21:51


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١١٠٧
السبت ٩ شعبان المعظم ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء.لمانع الثالث: لزوم حفظ الغرض. . الجواب المختار عن العلم بالغرض. القسم الثاني: الدوران بين الأقل والأكثر في الشرائط.

وحقيقة الأمر _ كما يومئ اليه ما تقدم من كلام السيد الصدر _ هو أن الغرض من الواجب الدائر بين الأقل والأكثر مردد بين احتمالين :

الأول : أنه متفرع خارجا عن المرتبة العليا وهي الصلاة ذات السورة ولا يكفي لتحقيقه الصلاة بلا سورة ، وإن كان لها بحد نفسها دور أساس في تحقيق الغرض اللازم ، إذ لا تتحصل المرتبة العليا التي فرض كونها لازمة الا بعد تحصيل المرتبة السابقة عليها.

الثاني : أنه متفرع خارجا عن المرتبة السابقة على تلك المرتبة العليا ، فتكون المرتبة الدنيا هي اللازمة ونكون العليا مطلوبة لكن بنحو المحبوبية غير اللازمة ، إذ لا ريب أن للصلاة والصيام والحج وسائر الفرائض مراتب من الأغراض المحبوبة غير اللازمة تنشأ من القيام بالأجزاء المستحبة فيها.

وعليه فالأمر من جهة الغرض يتردد في المقام بين مرتبتين رئيستين تتحقق أدناها بالأقل والأخرى بالأكثر وليس هو أمرا بسيطا واحدا مجهولا ينحصر أمره بين محصلين متباينين.

فإذا دار أمر الغرض اللازم بين كونه المرتبة العليا أو المرتبة الدنيا جرت البراءة من المرتبة العليا لأن الدنيا مطلوبة على أي حال إما لكونها ضمن المرتبة العليا أو لكونها هي المرتبة اللازمة وما زاد عليها ليس الا مرتبة مستحبة من الغرض.

ومجرد وجود احتمال كونه أمرا بسيطا يتحقق من خلال الأكثر فحسب من دون دخل للأقل في تحقيقه مناف لفرض المسألة وهو الدوران بين الأقل والأكثر حيث أن الأكثر لا قوام له من دون الأقل فالغرض المسبب عنه لا بد أن يكون الأقل جزءا من علته ومؤثرا فيه وهذا لا يتعقل الا مع فرض المراتب.

ومع التنزل فقد يمكن الاستفادة من أدلة البراءة للتأمين عن لوازم كونه كذلك وتبعاته ، وإن كان هذا الاحتمال بعيدا عن طبيعة الدوران بين الاقل والأكثر، بل يكاد يكون معلوم البطلان بحسب ظاهر النصوص الشريفة ، لا سيما بملاحظة المناسبة العرفية بين أدلة الأقل والأكثر والأغراض المروية للعبادات فالمناسبة بين الصلاة مثلا والانتهاء عن الفحشاء والمنكر، أو الصلاة ومعنى (الصلة) و(القربان) المستفادة مما ورد أنها صلة بين العبد وربه أو أنها قربان كل تقي، فإن من الواضح أن مراتب من هذه الصلة مثلا تتحقق بالأقل بما يحويه من عناصر تستوجب بطبيعتها الصلة والقربة والانتهاء عن الفحشاء والمنكر. فتأمل.

والحاصل أنه يكفي في اجراء البراءة إحراز كون الغرض ذا مراتب كما في الفرائض المركبة التي يدور حالها بين الأقل والأكثر.

هذا وقد ذكر بعض الأعلام أنّه قد يتمسّك لإثبات لزوم الاحتياط وذلك بالإتيان بالأكثر وعدم الاكتفاء بالأقل عملا بالاستصحاب ، وذلك بتقريب : أنّ أصل البراءة عن الأكثر يسقط بمعارضته للبراءة عن الأقلّ الَّذي هو أحد طرفي العلم ، فبعد إتيان الأقلّ يشكّ في سقوط التكليف المتيقن سابقا المردّد لاحقا بين مقطوع الزوال على تقدير كون المأمور به في الواقع هو الأقلّ ، ومقطوع البقاء على تقدير كونه هو الأكثر، فيستصحب الوجوب الجامع بينهما ، كاستصحاب كلَّي الحدث المعلوم المردّد بين الأكبر والأصغر .

وفيه : أنّه يتمّ فيما إذا تعارضت الأصول في أطراف العلم كالمثال ، لا في المقام الَّذي يجري الأصل في أحد الطرفين بلا معارض.
وهو الأكثر دون الأقل لأنه معلوم الوجوب على كل حال كما تقدم تفصيله.

والحاصل من كل ما تقدم أن الزائد تجري فيه البراءة ومن ثم يمكن الاستناد الى الأصول المؤمنة عن الاتيان بالأكثر ويصح الاتيان بالأقل ويكون المكلف في مأمن من المؤاخذة على ذلك ، نعم لا ريب في حسن الاحتياط والاتيان بالأكثر .

القسم الثاني : الدوران بين الأقل والأكثر في الشرائط

وقد اتضح (على ضوء ما تقدم في الدوران بين الأقل والأكثر بلحاظ الاجزاء هو جريان البراءة عن وجوب الشرط سواء كان شرطا لمتعلق التكليف كالطهارة في الصلاة أو شرطا لمتعلق المتعلق كاشتراط الإيمان في عتق الرقبة ، لأن مرجع الشرطية إلى تقيد الواجب بقيد زائد وانبساط الأمر على التقيد، فالشك فيها شك في الأمر بالتقيد المذكور زائدا على الأمر بذات المقيد وهو من الدوران بين الأقل والأكثر بلحاظ ما يدخل في العهدة وان لم يكن كذلك بلحاظ حد الواجب أو الوجوب ، وهذا يعني انحلال العلم الإجمالي انحلالا حقيقيا إلى علم تفصيلي بالأقل وشك بدوي بالزائد بلحاظ ما يدخل في العهدة فتجري البراءة عنه ).

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

05 Feb, 10:30


بحث الاصول ١١٠٦ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. الجواب المختار عن العلم الإجمالي. المانع الثالث: لزوم حفظ الغرض. تتمة مناقشة السيد الروحاني ره.
٦ شعبان المعظم ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

05 Feb, 02:41


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١١٠٦
الأربعاء ٦ شعبان المعظم ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. الجواب المختار عن العلم الإجمالي. المانع الثالث: لزوم حفظ الغرض. تتمة مناقشة السيد الروحاني ره.

وأما استفادة عدم اهتمام المولى بغرضه ورضاه بترك تحصيله من مجرد عدم إصدار التكليف بما يحققه فليس تاما ، لا ثبوتا لأن وجوب تحصيل الغرض ليس مشروطا بطبيعته بتصدي الشارع ، ولا إثباتا – بمعنى أنه يستكشف من عدم تصدي المولى تشريعا لتحصيل الغرض عدم كونه غرضا لازما له _ إذ قد يكون لديه مانع من اصدار التكليف غير مانع من كون الغرض لازما فعالم الملاكات ومقتضيات صدور التكاليف وموانعه من أخفى الأمور وأبعدها عن عقول الرجال.

ولا مجال للتشكيك في كون حفظ غرض المولى هو مقتضى حقه العظيم وأنه ليس مشروطا بكونه متصديا لتحصيله تشريعا ، ولو أنعمت النظر في كلمات الأعلام في الفقه والاصول لوجدت ما يكفي لإزالة الشبهة عن هذا الأمر فهم غالبا لا يفصلون في الأمر بل يرسلونه إرسال المسلمات وتجد أنهم في مرتكزاتهم بين من يرجع إطاعة الأمر الى تحقيق غرضه ، فيراه أصلا لوجوب الطاعة.

بحيث يشترط تحقيق الغرض في صحة الطاعة ، أو يجد تحقيق الغرض كافيا عن الطاعة ، وبين من يرى تحقيق الغرض في عرض وجوب الطاعة وأنه لازم بحد نفسه كلزوم الطاعة ، ومن أهم ما أثر عنهم ما قاله المحقق النائيني كما في ما نقله عنه تلميذه الكاظمي في حاشية فوائد الأصول حيث قال عنه : (إنه لو علم أن غرض المولى من الامر التعبد به فنفس ذلك يكفي في الزام العقل به ، لاندراجه تحت الكبرى العقلية من لزوم الإطاعة ، ومن المعلوم : انه لو كان الامر بهذا الغرض كان اطاعته بقصد امتثاله ، فيكون الغرض في عرض الامر ومرتبته ملقى إلى المكلف ، وكما أن الامر الملقى يجب اطاعته كذلك الغرض الملقى يجب اطاعته ).

ومع التنزل عن ذلك فإن الشارع بحسب محل الكلام وما فرض في المقام من أنه قد أصدر التكليف وتصدى تشريعا لتحقيق غرضه، غايته لم يعلم بأنه الأقل والأكثر ، فمع غض النظر عن جريان البراءة الشرعية من تحصيل الغرض فإنه لا يسع العبد أن يحتج على المولى في مقام الاعتذار عن تحصيل الغرض بأنه لو كان يريد تحصيله لأمر بما يحصله ، ومع الشك فيه لأمر بالاحتياط له ، لأن الاحتياط لازم عقلا ما دام العبد يحتمل أن للمولى غرضا لازما قد يفوت إن لم يحتط له ، كما ستعرفه في الثاني.

وأما الثاني : وهو مقام الإثبات فإن مطلق الاحتمال كاف في تنجيز ذلك سواء وصل بعلم أو بأمارة معتبرة أو بمجرد احتمال ليس له مؤمن شرعي. وذلك لأن الكبرى الثبوتية إن تمت وهي وجوب حفظ غرض المولى بتحقق موضوعها، فإن احتمال ذلك كاف في جعل العبد تحت طائلة الارتطام بمخالفة المولى فوجب عليه الفحص عن الغرض فإن علم به أو بعدمه فالأمر واضح ، وإن بقي يحتمل الغرض فعليه الاحتياط له ، إذ لا ريب في حكم العقل بلزوم الاحتياط للواقع المجهول المهم ، وأي واقع أهم من حفظ أغراض المولى ؟!

وهذا هو المناسب لما تقرر سابقا من منجزية الاحتمال عند العقل وعدم صحة القول المشهور عند المتأخرين بقبح العقاب بلا بيان.

هذا من حيث ما يقتضيه الحكم العقلي ، وأما ما يقتضيه الدليل الشرعي سواء كان من سنخ الدليل العقلائي الممضى كما في البناء العقلائي على عدم المؤاخذة مع عدم البيان الذي إليه تعود الدعوى المشهورة بين متأخري الأصوليين (قبح العقاب بلا بيان ).

أو كان من سنخ الدليل اللفظي الشرعي من قبيل حديث الرفع فهو البراءة من لزوم حفظ الغرض الشرعي المحتمل، وذلك لكون الدليل كاشفا عن تصرف الشارع في موضوع حكم العقل بلزوم الاحتياط فإنه مأخوذ في موضوعه عدم إذن الشارع بترك الاحتياط فإذا صدر الإذن ارتفع الموضوع.

ومع العلم بالغرض وتردده إجمالا بين الأقل والأكثر لا يجب الاحتياط لأنه لم ينعقد العلم على كونه بسيطا يتردد محصله بين الأقل والأكثر ، إذ على تقدير ذلك يجب عقلا تحصيله بأي نحو كان ولا تجري الأصول العملية المرخصة منه لكون المورد من أوضح موارد الشبهة المحصورة التي هي القدر المتيقن من ما ورد من أدلة الاحتياط .

ولكن الأمر كما يومئ اليه ما تقدم من كلام السيد الصدر هو أن الغرض من الواجب الدائر بين الأقل والأكثر مردد بين احتمالين:

الأول : أنه متفرع خارجا عن المرتبة العليا وهي الصلاة ذات السورة ولا يكفي لتحقيقه الصلاة بلا سورة ، وإن كان لها بحد نفسها دور أساس في تحقيق الغرض اللازم ، إذ لا تتحصل المرتبة العليا التي فرض كونها لازمة الا بعد تحصيل المرتبة السابقة عليها.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

05 Feb, 02:41


الثاني : أنه متفرع خارجا عن المرتبة السابقة على تلك المرتبة العليا ، فتكون المرتبة الدنيا هي اللازمة ونكون العليا مطلوبة لكن بنحو المحبوبية غير اللازمة ، إذ لا ريب أن للصلاة والصيام والحج وسائر الفرائض مراتب من الأغراض المحبوبة غير اللازمة تنشأ من القيام بالأجزاء المستحبة فيها.

وعليه فالأمر من جهة الغرض يتردد في المقام بين مرتبتين رئيستين تتحقق أدناها بالأقل والأخرى بالأكثر وليس هو أمرا بسيطا واحدا مجهولا ينحصر أمره بين محصلين متباينين.

فإذا دار أمر الغرض اللازم بين كونه المرتبة العليا أو المرتبة الدنيا جرت البراءة من المرتبة العليا لأن الدنيا مطلوبة على أي حال إما لكونها ضمن المرتبة العليا أو لكونها هي المرتبة اللازمة وما زاد عليها ليس الا مرتبة مستحبة من الغرض.

ومجرد وجود احتمال كونه أمرا بسيطا يتحقق من خلال الأكثر فحسب من دون دخل للأقل في تحقيقه مناف لفرض المسألة وهو الدوران بين الأقل والأكثر حيث أن الأكثر لا قوام له من دون الأقل فالغرض المسبب عنه لا بد أن يكون الأقل جزءا من علته ومؤثرا فيه وهذا لا يتعقل الا مع فرض المراتب.

ومع التنزل فقد يمكن الاستفادة من أدلة البراءة للتأمين عن لوازم كونه كذلك وتبعاته ، وإن كان هذا الاحتمال بعيدا عن طبيعة الدوران بين الاقل والأكثر، بل يكاد يكون معلوم البطلان بحسب ظاهر النصوص الشريفة ، لا سيما بملاحظة المناسبة العرفية بين أدلة الأقل والأكثر والأغراض المروية للعبادات فالمناسبة بين الصلاة مثلا والانتهاء عن الفحشاء والمنكر، أو الصلاة ومعنى (الصلة) و(القربان) المستفادة مما ورد أنها صلة بين العبد وربه أو أنها قربان كل تقي، فإن من الواضح أن مراتب من هذه الصلة مثلا تتحقق بالأقل بما يحويه من عناصر تستوجب بطبيعتها الصلة والقربة والانتهاء عن الفحشاء والمنكر. فتأمل.

والحاصل أنه يكفي في اجراء البراءة إحراز كون الغرض ذا مراتب كما في الفرائض المركبة التي يدور حالها بين الأقل والأكثر.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

04 Feb, 08:43


بحث الاصول ١١٠٥ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. الجواب المختار عن العلم الإجمالي. المانع الثالث: لزوم حفظ الغرض. مناقشة السيد الروحاني ره.
٥ شعبان المعظم ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

03 Feb, 21:32


ومع العلم بالغرض وتردده إجمالا بين الأقل والأكثر لا يجب الاحتياط لأنه لم ينعقد العلم على كونه بسيطا يتردد محصله بين الأقل والأكثر ، إذ على تقدير ذلك يجب عقلا تحصيله بأي نحو كان ولا تجري الأصول العملية المرخصة منه لكون المورد من أوضح موارد الشبهة المحصورة التي هي القدر المتيقن من ما ورد من أدلة الاحتياط .
ولكن الأمر كما يومئ اليه ما تقدم من كلام السيد الصدر هو أن الغرض من الواجب الدائر بين الأقل والأكثر مردد بين احتمالين

الأول : أنه متفرع خارجا عن المرتبة العليا وهي الصلاة ذات السورة ولا يكفي لتحقيقه الصلاة بلا سورة ، وإن كان لها بحد نفسها دور أساس في تحقيق الغرض اللازم ، إذ لا تتحصل المرتبة العليا التي فرض كونها لازمة الا بعد تحصيل المرتبة السابقة عليها.
الثاني : أنه متفرع خارجا عن المرتبة السابقة على تلك المرتبة العليا ، فتكون المرتبة الدنيا هي اللازمة ونكون العليا مطلوبة لكن بنحو المحبوبية غير اللازمة ، إذ لا ريب أن للصلاة والصيام والحج وسائر الفرائض مراتب من الأغراض المحبوبة غير اللازمة تنشأ من القيام بالأجزاء المستحبة فيها.

وعليه فالأمر من جهة الغرض يتردد في المقام بين مرتبتين رئيستين تتحقق أدناها بالأقل والأخرى بالأكثر وليس هو أمرا بسيطا واحدا مجهولا ينحصر أمره بين محصلين متباينين.

فإذا دار أمر الغرض اللازم بين كونه المرتبة العليا أو المرتبة الدنيا جرت البراءة من المرتبة العليا لأن الدنيا مطلوبة على أي حال إما لكونها ضمن المرتبة العليا أو لكونها هي المرتبة اللازمة وما زاد عليها ليس الا مرتبة مستحبة من الغرض.

ومجرد وجود احتمال كونه أمرا بسيطا يتحقق من خلال الأكثر فحسب من دون دخل للأقل في تحقيقه مناف لفرض المسألة وهو الدوران بين الأقل والأكثر حيث أن الأكثر لا قوام له من دون الأقل فالغرض المسبب عنه لا بد أن يكون الأقل جزءا من علته ومؤثرا فيه وهذا لا يتعقل الا مع فرض المراتب.

ومع التنزل فقد يمكن الاستفادة من أدلة البراءة للتأمين عن لوازم كونه كذلك وتبعاته ، وإن كان هذا الاحتمال بعيدا عن طبيعة الدوران بين الاقل والأكثر، بل يكاد يكون معلوم البطلان بحسب ظاهر النصوص الشريفة ، لا سيما بملاحظة المناسبة العرفية بين أدلة الأقل والأكثر والأغراض المروية للعبادات فالمناسبة بين الصلاة مثلا والانتهاء عن الفحشاء والمنكر، أو الصلاة ومعنى (الصلة) و(القربان) المستفادة مما ورد أنها صلة بين العبد وربه أو أنها قربان كل تقي ، فإن من الواضح مراتب من هذه الصلة تتحقق بالأقل بما يحويه من عناصر تستوجب بطبيعتها الصلة والقربة والانتهاء عن الفحشاء والمنكر. فتأمل.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

03 Feb, 21:32


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١١٠٥
الثلاثاء ٥ شعبان المعظم ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. الجواب المختار عن العلم الإجمالي. المانع الثالث: لزوم حفظ الغرض. مناقشة السيد الروحاني ره.

وبه يناقش ما ذكره السيد الروحاني رحمه الله من أنه ( لا وجه لدعوى لزوم تحصيل غرض المولى الملزم إذا لم يكن المولى بصدد تحصيله بالأمر به مع التمكن .

وما جئ به شاهدا على حكم العقل بلزوم تحصيل الغرض الملزم من أنه لو وجد عبد المولى ولد مولاه في حالة الغرق وكان أبوه المولى نائما فلم يتصد العبد لانقاذ ولد مولاه مع قدرته على الانقاذ استحق العقاب والملامة والذم بنظر العقل لا يصلح شاهدا على الدعوى ، إذ المفروض في المثال عدم تمكن المولى من الامر لنومه أو غفلته . ولذا لو علم المولى بحالة ولده ، كما إذا كان بمرأى منه ولم يأمر عبده بانقاذه لم يجب - بحكم العقل - على العبد انقاذ ولد مولاه وتحصيل غرضه ، وليس للمولى والحال هذه ان يلوم عبده ويؤاخذه على عدم تحصيل غرضه.

وبالجملة : إذا كان الامر متمكنا من الامر فلم يأمر لم يكن تحصيل غرضه الملزم واجبا عقلا ، ولا شاهد عليه.

وعليه ، ففيما نحن فيه لا بد من ملاحظة الامر ومقدار فعليته ، فان المولى وإن تصدى فيما نحن فيه لتحصيل غرضه بالأمر لثبوت الامر واقعا ، لكن عرفت أن الامر بالأكثر - لو كان واقعا - لا يصلح للداعوية إلا بالمقدار الذي تعلق به العلم ، واما الزائد عليه فهو مجهول ، يكون مجرى البراءة عقلا وشرعا في حد نفسه ، ولا معنى لنفي البراءة بواسطة لزوم تحصيل الغرض المردد لعدم لزومه مع تمكن المولى من ايصاله في حال الجهل بجعل ايجاب الاحتياط ، فلا يلزم تحصيل غرض المولى على تقدير كونه يترتب على الأكثر لتمكنه من الامر بما يحصله ولو بواسطة جعل الاحتياط عند الجهل فلم يفعل ، فلا يلزم تحصيله .
وأمره الواقعي لا ينفع بعد عدم العلم به وعدم تنجزه في حق المكلف وعدم داعويته إلا بمقدار خاص وهو الأقل ).

إذ يبدو منه أنه لا يرى تحصيل الغرض موضوعا بحد نفسه للزوم تعظيم المولى وأداء حقه بتحصيله ، الا إن كان المولى عاجزا عنه ، وفيه ما عرفت من تقريب وجوب تحصيل أغراض المولى بنفس ملاك وجوب الطاعة.

كما أن المولى إن كان يأذن بترك غرضه أو علم منه أنه يرضى بذلك من عبده فهذا موضع وفاق بيننا وبينه إذ تقدم أن الغرض اللازم التحصيل هو الغرض اللازم عند المولى فحسب.

وأما استفادة عدم اهتمام المولى بغرضه ورضاه بترك تحصيله من مجرد عدم إصدار التكليف بما يحققه فليس تاما ، إذ قد لديه مانع من اصدار التكليف غير مانع من كون الغرض لازما فعالم الملاكات ومقتضيات صدور التكاليف وموانعه من أخفى الأمور وأبعدها عن عقول الرجال.

لا سيما أنه في المقام قد أصدر التكليف ولم يعلم بأنه الأقل والأكثر ، فمع غض النظر عن جريان البراءة الشرعية من تحصيل الغرض فإنه لا يسع العبد أن يحتج على المولى في مقام الاعتذار عن تحصيل الغرض بأنه لو كان يريد تحصيله لأمر بما يحصله ، ومع الشك فيه لأمر بالاحتياط له ، لأن الاحتياط لازم عقلا ما دام العبد يحتمل أن للمولى غرضا لازما قد يفوت إن لم يحتط له ، كما ستعرفه في الثاني.

وأما الثاني : وهو مقام الإثبات فإن مطلق الاحتمال كاف في تنجيز ذلك سواء وصل بعلم أو بأمارة معتبرة أو بمجرد احتمال ليس له مؤمن شرعي. وذلك لأن الكبرى الثبوتية إن تمت وهي وجوب حفظ غرض المولى بتحقق موضوعها، فإن احتمال ذلك كاف في جعل العبد تحت طائلة الارتطام بمخالفة المولى فوجب عليه الفحص عن الغرض فإن علم به أو بعدمه فالأمر واضح ، وإن بقي يحتمل الغرض فعليه الاحتياط له ، إذ لا ريب في حكم العقل بلزوم الاحتياط للواقع المجهول المهم ، وأي واقع أهم من حفظ أغراض المولى ؟!

وهذا هو المناسب لما تقرر سابقا من منجزية الاحتمال عند العقل وعدم صحة القول المشهور عند المتأخرين بقبح العقاب بلا بيان.

هذا من حيث ما يقتضيه الحكم العقلي ، وأما ما يقتضيه الدليل الشرعي سواء كان من سنخ الدليل العقلائي الممضى كما في البناء العقلائي على عدم المؤاخذة مع عدم البيان الذي إليه تعود الدعوى المشهورة بين متأخري الأصوليين (قبح العقاب بلا بيان ).
أو كان من سنخ الدليل اللفظي الشرعي من قبيل حديث الرفع فهو البراءة من لزوم حفظ الغرض الشرعي المحتمل، وذلك لكون الدليل كاشفا عن تصرف الشارع في موضوع حكم العقل بلزوم الاحتياط فإنه مأخوذ في موضوعه عدم إذن الشارع بترك الاحتياط فإذا صدر الإذن ارتفع الموضوع.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

03 Feb, 09:04


بحث الاصول ١١٠٤ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. الجواب المختار عن العلم الإجمالي. المانع الثالث: لزوم حفظ الغرض.
٤ شعبان المعظم ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

03 Feb, 02:42


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١١٠٤
الإثنين ٤ شعبان المعظم ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. الجواب المختار عن العلم الإجمالي. المانع الثالث: لزوم حفظ الغرض.

ومنها : أن غرض المولى الذي يجب تحصيله من عبده لا يقتصر على ما ذكره رحمه الله بل يجب تحصيل غرض المولى مطلقا لأن من حق المولى على عباده حفظ أغراضه كما له عليهم إطاعة أحكامه ، ولا يقتصر على الغرض الذي يتصدى المولى لتحصيله شرعا.

توضيح ذلك : أن غرض المولى تارة يلحظ ثبوتا بغض النظر عن مقام إثباته ووصوله بأي مرتبة من مراتب الوصول ، وتارة يلحظ إثباتا من حيث وصوله وانكشافه لدى المكلف.

أما الأول : فإن غرض المولى لازم التحصيل بحد نفسه بمعنى أن العقل العملي الذي يدرك _ ولو في الجملة _ حق المولى العظيم الذي يتعاظم بعظمته، وسبوغ نعمته وعظم الحاجة اليها وسعة كرمه فيها ، ومع المفروغية عن أن عظمته لا حد لها فعظيم حقه يكون بأعلى مراتب الحق ، الأمر الذي يحتم على العبد _ عقلا _ أن يستوفي كل طاقته في أداء أعلى ما يمكنه من ذلك الحق مع إقراره التام بعجزه عن الوفاء بحق نعمة واحدة من نعمه التي لا تحصى، ومن ثم لو فرض أن العبد قد علم أن للمولى غرضا لم يتصد الى تحصيله تشريعا لزم عليه بذل كل ما بوسعه لتحصيله.

نعم ، لا إشكال أن هذا الحق هو أمر تابع للمولى بيده التصرف في موضوعه لأنه حق له وليس حكما عليه فله أن يضيق دائرته ويرفع موضوعه حيث شاء ، ومن فإنه سيقط عن العبد عندما يبلغه عن مولاه مؤمن عن ذلك يعلم منه أنه لا يريد من عبده استيفاء ذلك الغرض. فحكم العقل في استيفاء الأغراض لا يختلف من هذه الجهة عن حكمه في إطاعة الأحكام.

ومع الالتفات الى هذه المقدمات البديهية أو القريبة من البداهة التي فصلنا القول فيها في مبحث ملاكات وجوب الطاعة لا يبقى أي شبهة في لزوم استيفاء غرض المولى الا مع رفع المولى لذلك الحق.

نعم إن لم يكن الغرض لازما عند المولى نفسه لم يلزم تحصيله لدى العبد لأن العقل إنما يحكم عليه بتحقيق ما هو غرض يراه المولى لازم التحقيق ، فإن لم يكن يراه كذلك فلا يحكم العقل بلزوم تحصيله ، وذلك لأن نكتة لزوم التحصيل هي لزوم أداء حقه بعبادته وتعظيمه وطاعته ، وعدم لزومه عند المولى يخرجه عن الموضوعية لأداء حق المولى فإنه بمثابة الإذن بتركه ، ومعه لا ملزم لأداء الحق. هذا من حيث مقام الثبوت.

وبه يناقش ما ذكره السيد الروحاني رحمه الله من أنه ( لا وجه لدعوى لزوم تحصيل غرض المولى الملزم إذا لم يكن المولى بصدد تحصيله بالأمر به مع التمكن.

وما جئ به شاهدا على حكم العقل بلزوم تحصيل الغرض الملزم من أنه لو وجد عبد المولى ولد مولاه في حالة الغرق وكان أبوه المولى نائما فلم يتصد العبد لانقاذ ولد مولاه مع قدرته على الانقاذ استحق العقاب والملامة والذم بنظر العقل لا يصلح شاهدا على الدعوى ، إذ المفروض في المثال عدم تمكن المولى من الامر لنومه أو غفلته . ولذا لو علم المولى بحالة ولده ، كما إذا كان بمرأى منه ولم يأمر عبده بانقاذه لم يجب - بحكم العقل - على العبد انقاذ ولد مولاه وتحصيل غرضه ، وليس للمولى والحال هذه ان يلوم عبده ويؤاخذه على عدم تحصيل غرضه.

وبالجملة : إذا كان الامر متمكنا من الامر فلم يأمر لم يكن تحصيل غرضه الملزم واجبا عقلا ، ولا شاهد عليه.

وعليه ، ففيما نحن فيه لا بد من ملاحظة الامر ومقدار فعليته ، فان المولى وإن تصدى فيما نحن فيه لتحصيل غرضه بالأمر لثبوت الامر واقعا ، لكن عرفت أن الامر بالأكثر - لو كان واقعا - لا يصلح للداعوية إلا بالمقدار الذي تعلق به العلم ، واما الزائد عليه فهو مجهول ، يكون مجرى البراءة عقلا وشرعا في حد نفسه ، ولا معنى لنفي البراءة بواسطة لزوم تحصيل الغرض المردد لعدم لزومه مع تمكن المولى من ايصاله في حال الجهل بجعل ايجاب الاحتياط ، فلا يلزم تحصيل غرض المولى على تقدير كونه يترتب على الأكثر لتمكنه من الامر بما يحصله ولو بواسطة جعل الاحتياط عند الجهل فلم يفعل ، فلا يلزم تحصيله .
وأمره الواقعي لا ينفع بعد عدم العلم به وعدم تنجزه في حق المكلف وعدم داعويته إلا بمقدار خاص وهو الأقل ).

إذ يبدو منه أنه لا يرى تحصيل الغرض موضوعا بحد نفسه للزوم تعظيم المولى وأداء حقه بتحصيله ، الا إن كان المولى عاجزا عنه ، وفيه ما عرفت من تقريب وجوب تحصيل أغراض المولى بنفس ملاك وجوب الطاعة.

كما أن المولى إن كان يأذن بترك غرضه أو علم منه أنه يرضى بذلك من عبده فهذا موضع وفاق بيننا وبينه إذ تقدم أن الغرض اللازم التحصيل هو الغرض اللازم عند المولى فحسب.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

03 Feb, 02:42


وأما استفادة عدم اهتمام المولى بغرضه ورضاه بترك تحصيله من مجرد عدم إصدار التكليف بما يحققه فليس تاما ، إذ قد لديه مانع من اصدار التكليف غير مانع من كون الغرض لازما فعالم الملاكات ومقتضيات صدور التكاليف وموانعه من أخفى الأمور وأبعدها عن عقول الرجال.

لا سيما أنه في المقام قد أصدر التكليف ولم يعلم بأنه الأقل والأكثر ، فمع غض النظر عن جريان البراءة الشرعية من تحصيل الغرض فإنه لا يسع العبد أن يحتج على المولى في مقام الاعتذار عن تحصيل الغرض بأنه لو كان يريد تحصيله لأمر بما يحصله ، ومع الشك فيه لأمر بالاحتياط له ، لأن الاحتياط لازم عقلا ما دام العبد يحتمل أن للمولى غرضا لازما قد يفوت إن لم يحتط له ، كما ستعرفه في الثاني.

وأما الثاني : وهو مقام الإثبات فإن مطلق الاحتمال كاف في تنجيز ذلك سواء وصل بعلم أو بأمارة معتبرة أو بمجرد احتمال ليس له مؤمن شرعي. وذلك لأن الكبرى الثبوتية إن تمت وهي وجوب حفظ غرض المولى بتحقق موضوعها، فإن احتمال ذلك كاف في جعل العبد تحت طائلة الارتطام بمخالفة المولى فوجب عليه الفحص عن الغرض فإن علم به أو بعدمه فالأمر واضح ، وإن بقي يحتمل الغرض فعليه الاحتياط له ، إذ لا ريب في حكم العقل بلزوم الاحتياط للواقع المجهول المهم ، وأي واقع أهم من حفظ أغراض المولى ؟!

وهذا هو المناسب لما تقرر سابقا من منجزية الاحتمال عند العقل وعدم صحة القول المشهور عند المتأخرين بقبح العقاب بلا بيان.

هذا من حيث ما يقتضيه الحكم العقلي ، وأما ما يقتضيه الدليل الشرعي سواء كان من سنخ الدليل العقلائي الممضى أو من سنخ الدليل اللفظي الشرعي فهو البراءة من لزوم حفظ الغرض الشرعي المحتمل، وذلك لكون الدليل كاشفا عن تصرف الشارع في موضوع حكم العقل بلزوم الاحتياط فإنه مأخوذ في موضوعه عدم إذن الشارع بترك الاحتياط فإذا صدر الإذن ارتفع الموضوع.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

02 Feb, 09:05


بحث الاصول ١١٠٣ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. الجواب المختار عن العلم الإجمالي. المانع الثالث: لزوم حفظ الغرض
٣ شعبان المعظم ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

01 Feb, 16:59


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١١٠٣
الأحد ٣ شعبان المعظم ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. الجواب المختار عن العلم الإجمالي. المانع الثالث: لزوم حفظ الغرض

المانع الثالث : لزوم حفظ الغرض
ويتبين وجهه بملاحظة عدة أمور :

الأول : أن حق المولى في وجوب طاعة أحكامه ليس هو الحق الأوحد للمولى بل يجب حفظ أغراضه وإن لم يصدر حكما ، ولهذا لا يتوقف أي عاقل في وجوب حفظ ابن المولى العرفي من خطر مميت وإن لم يأمر بحفظ ولده ، فضلا عن أن يأمر بدفع ذلك الخطر الداهم بالخصوص.

الثاني : أن التردد بين الأقل والأكثر، وإن جرت فيه البراءة من حيث الشك في الزائد ، ولكنه من جهة أخرى يرجع الى الشك في تحقيق غرض المولى ، إذ على تقدير وجوب الأكثر فإن الأقل لا يحقق غرض المولى فلا بد من الاتيان به وإن كان مشكوك الوجوب، وذلك لأن للمولى غرض معلوم لا يسع المكلف الا تحقيقه.

الثالث : أن التردد بين الأقل والأكثر هو في الحقيقة تردد في ما هو محقق لغرض المولى ، والغرض واحد ليس فيه تعدد ولا تردد ، بل التردد في ما يحققه فلا بد من الاحتياط له وعدم الاكتفاء بالأقل ، لعدم إحراز كونه محققا للغرض المعلوم الواجب التحصيل.

وقد ناقشه السيد الصدر كما ورد في بحوثه :

أولا - ان الغرض أيضا يمكن ان يكون مرددا بين الأقل والأكثر كنفس الواجب ، اما بفرض ان الغرض عبارة عن نفس الأفعال اما بذاتها لكونها حسنة ذاتا أو بعنوان منطبق عليها في طول الأمر كعنوان الطاعة فيكون الأمر بلحاظ الغرض دائرا بين الأقل والأكثر .

أو بفرض ان الغرض يتولد من الفعل ولكن يكون له مراتب عديدة وبعض مراتبه تحصل بالأقل ولا تستوفي كلها الا بالأكثر ويشك في أن الغرض الفعلي قائم ببعض تلك المراتب أو كلها.

أو بفرض ان الغرض المترتب على الفعل متعدد بعدد الأفعال فكل جزء يحقق غرضا - إعداديا أو نهائيا - ولكن الكمال المطلوب في حصول مجموعها فيشك في أن الكمال في مجموع تسعة من تلك الأغراض أو عشرة ، فهذه كلها فرضيات معقولة لكون الغرض أيضا دائرا بين الأقل والأكثر فيجري عليه نفس ما جرى على الواجب .

لا يقال - الغرض أمر تكويني لا معنى لجريان مثل حديث الرفع عنه .

فإنه يقال - مضافا إلى كفاية البراءة العقلية على القول بها والبراءة الشرعية بسائر أدلتها التي تكون بلسان نفي العقاب ، ان الرفع هنا لا يراد به الا رفع الثقل والعهدة والتسجيل أي رفع الوظيفة ، والغرض كالتكليف مستدع لذلك فيمكن رفعه بالترخيص الشرعي على حد رفع منجزية التكليف به .

لا يقال - لا يعلم في المقام بكون الغرض مركبا فلعله غرض واحد بسيط .

فإنه يقال - حيث لا يحرز وحدة الغرض وبساطته ، فلا يتم البرهان المذكور لإثبات الاحتياط بل تجري البراءة عن احتمال وجود غرض وحداني لا يسقط الا بالأكثر كما هو واضح .

وثانيا - ان الغرض انما يتنجز عقلا كالتكليف بالوصول إذا وصل مقرونا بتصدي المولى لتحصيله تشريعا ، وذلك بجعل الحكم والاعتبار على وفقه أو إبراز مطلوبيته ، فما لم يثبت مثل هذا التصدي التشريعي بالنسبة إلى الأكثر بمنجز وما دام مؤمنا عنه بالأصل فلا أثر لاحتمال قيام ذات الغرض بالأكثر.)
وهو في الجملة متين صالح للاعتماد عليه في المقام ، وإن لم يخل من ملاحظات :

منها : أن أحد فروض الغرض كان هو باحتمال أن الغرض هو نفس الأفعال التي يتشكل منها الاقل أو الأكثر وكان المستند لهذا الاحتمال هو كون الغرض هو الحسن العقلي في الأفعال التي يفرض حسنها الذاتي. لا يخلو من إشكال حاصله : أن كون الحسن العقلي ذاتيا في بعض الأفعال لا يستلزم أن يكون الحسن عين الفعل _ كما ذكر رحمه الله_ بل يمكن أن يكون صفة لازمة له ، ومن ثم يصح حمل الحسن على الفعل. فيقال مثلا التعبد حسن أو الصلاة حسنة عقلا بما هي وليس ما هي منطبق لعنوان آخر يكون الحسن بالنسبة اليه ذاتيا.

فالحمل من باب حمل الذاتي على الذات وهي الفعل الصلاتي وليس حمل العنوان العارض الممكن على الذات الذي يحتاج الى تعليل له بأمر ذاتي أو يرجع الى أمر ذاتي فإن ما بالعرض لا بد أن يرجع الى ما بالذات. ولكنه لا يكون نفس الذات.

ومنها : أن غرض المولى الذي يجب تحصيله من عبده لا يقتصر على ما ذكره رحمه الله بل يجب تحصيل غرض المولى مطلقا لأن من حق المولى على عباده حفظ أغراضه كما له عليهم إطاعة أحكامه ، ولا يقتصر على الغرض الذي يتصدى المولى لتحصيله شرعا .

توضيح ذلك : أن غرض المولى تارة يلحظ ثبوتا بغض النظرعن مقام إثباته ووصوله بأي مرتبة من مراتب الوصول ، وتارة يلحظ إثباتا من حيث وصوله وانكشافه لدى المكلف.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

01 Feb, 16:59


أما الأول : فإن غرض المولى لازم التحصيل بحد نفسه بمعنى أن العقل العملي الذي يدرك _ ولو في الجملة _ حق المولى العظيم الذي يتعاظم بعظمته، وسبوغ نعمته وعظم الحاجة اليها وسعة كرمه فيها ، ومع المفرغية عن أن عظمته لا حد لها فعظيم حقه يكون بأعلى مراتب الحق ، الأمر الذي يحتم على العبد _ عقلا _ أن يستوفي كل طاقته في أداء أعلى ما يمكنه من ذلك الحق مع إقراره التام بعجزه عن الوفاء بحق نعمة واحدة من نعمه التي لا تحصى، ومن ثم لو فرض أن العبد قد علم أن للمولى غرضا لم يتصد الى تحصيله تشريعا لزم عليه بذل كل ما بوسعه لتحصيله.

نعم ، لا إشكال أن هذا الحق هو أمر تابع للمولى بيده التصرف في موضوعه لأنه حق له وليس حكما عليه فله أن يضيق دائرته ويرفع موضوعه حيث شاء ، ومن فإنه سيقط عن العبد عندما يبلغه عن مولاه مؤمن عن ذلك يعلم منه أنه لا يريد من عبده استيفاء ذلك الغرض. فحكم العقل في استيفاء الأغراض لا يختلف من هذه الجهة عن حكمه في إطاعة الأحكام.

ومع الالتفات الى هذه المقدمات البديهية أو القريبة من البداهة التي فصلنا القول فيها في مبحث ملاكات وجوب الطاعة لا تبقى أي شبهة في لزوم استيفاء غرض المولى الا مع رفع المولى لذلك الحق. هذا من حيث مقام الثبوت.

وأما الثاني : وهو مقام الإثبات فإن مطلق الأحتمال كاف في تنجيز ذلك سواء وصل بعلم أو بأمارة معتبرة أو بمجرد احتمال ليس له مؤمن شرعي. وذلك لأن ... يتبع

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

22 Jan, 13:34


بحث الاصول ١١٠٢ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. الجواب المختار عن العلم الإجمالي. المانع الثاني: الاشتغال.
٢١ رجب ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

21 Jan, 19:49


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١١٠٢
الأربعاء ٢١ رجب ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. الجواب المختار عن العلم الإجمالي. المانع الثاني: الاشتغال.

وعليه فإن موضوع التنجيز ومنشأه وإن كان هو العلم بالحكم ، ولكن الحكم بالتنجيز مصبه هو تحقيق المتعلق خارجا ، وهنا لا فرق بين الأقل والأكثر من هذه الناحية الا المسؤولية المحتملة عن ايجاد الجزء الزائد وهو العاشر في المثال مع الأجزاء التسعة حيث أنه على الأقل لا مسؤولية الا عن الأجزاء التسعة.

ومنه يتضح جليا أن مركز التطابق بينهما هو تنجيز الأقل على أي حال ومركز الاختلاف بينهما هو تنجيز الإتيان بالجزء الأخير _مع الأجزاء التسعة المفروغ عنها _ بناء على الأكثر وعدم تنجيزه بناء على الأقل.

ومنه تعرف أيضا أن الفارق بينهما في مقام الامتثال والاستجابة لداعي التنجيز إنما هو في الجزء الزائد بعد المفروغية عن لزوم الاتيان بالتسعة امتثالا للحكم المعلوم سواء كان متعلقا بالأقل أو متعلقا بالأكثر
فمثلا لو علمنا بوجوب الصلاة الفاقدة للسورة أو الحاوية لها فإن سائر الأجزاء في الصلاة معلومة الوجوب بلا إشكال يتعلق بها الحكم الواحد بعنوانها بما له من كاشفية عن الأجزاء فتكون هي متعلقه وكون السورة تارة مأخوذة بنحو الاشتراط وتارة بنحو اللابشرط، لن يغير من كون العقل يدرك وجوب الاتيان بالأقل على أي حال فإنه ينجز على المكلف أن يأتي بالأجزاء التسعة كاملة على أي حال أي سواء كان الشارع قد اتخذ الجزء العاشر وهو السورة في مقام التشريع منظما اليها أو لا.

وهذا هو الذي يتنجز على العبد بالعلم الإجمالي ويجب عليه تحقيقه ، ومنه تعرف أن الأقل سيكون معلوم الوجوب والزائد مشكوك الوجوب وكفى بذلك حلا حقيقيا للعلم الإجمالي.

رابعا: أن احتمال تعلق التكليف بالسورة لكون الأكثر هو الواجب الواقعي لن يكون معه علم اجمالي بل هو مجرد شك بدوي صرف تجري منه الأصول العملية المؤمنة كما تجري من أي تكليف محتمل.

المانع الثاني: الاشتغال

وقد يقال _ كما نسب الى صاحب الفصول _ أن المانع من جريان البراءة هو قاعدة الاشتغال بتقريب :
إنه بعد ارتباطية التكليف واحتمال دخل الزائد الناشئ من احتمال وجوب الأكثر في سقوط التكليف بالأقل والخروج عن عهدته يستقل العقل بلزوم الاتيان بالأقل على نحو يقطع بوقوعه على صفة الوجوب وكونه مصداقا للمأمور به ، ومع ارتباطية التكليف واحتمال وجوب الأكثر وجدانا لا يتحقق ذلك الا بالاتيان بالأكثر ، إذ لو اقتصر على الأقل لم يعلم بالخروج عن عهدة ما تنجز عليه من التكليف المعلوم فالفراغ عن عهدة التكليف حينئذ كان احتماليا ، ومثله مما لا يجوزه العقل مع جزمه بالاشتغال.

ولكنه يندفع بما ذكره المحقق العراقي من أن حكم العقل بتحصيل الجزم بالفراغ تابع لمقدار ثبوت الاشتغال بالتكليف ، والمقدار
المعلوم ثبوت الاشتغال به في المقام انما هو التكليف بذات الأقل وهي الاجزاء المعلومة المحفوظة بذاتها في ضمن الأكثر وعدمه.

ومن الواضح انه بإتيان الأقل في الخارج يتحقق الفراغ عن عهدة التكليف المتعلق به ولو لم تنضم إليه الاجزاء المشكوكة ، فان الفراغ عن عهدة كل تكليف لا يكون الا بايجاد متعلقه في الخارج على نحو لا يكون قصور في المأتي به وبايجاده لا محالة يتحقق الخروج عن العهدة بالنسبة إلى ما تنجز التكليف به سواء انضم إليه الجزء المشكوك أم لا.

ومجرد الشك في سقوط التكليف بالأقل واتصاف المأتي به بالوجوب الفعلي والمؤثرية الفعلية غير ضائر بالمقصود .

وما قرع سمعك من عدم تجويز العقل الاكتفاء بالشك في الفراغ عند اليقين بالاشتغال انما هو فيما كان الشك في سقوط التكليف والفراغ عن عهدته لقصور من ناحية الماتى به ، لا فيما كان ذلك من جهة قصور في سقوط حكمه الناشئ من جهة فقدان الجزء المشكوك الذي هو بنفسه مجرى البراءة والترخيص كما في المقام ، حيث إن احتمال عدم سقوط التكليف بالأقل حينئذ مع الاتيان بمتعلقة انما كان من جهة احتمال ملازمة سقوطه مع ما لا يتنجز من القطعة المشكوكة المتعلقة بالزائد.

وبالجملة نقول ان هم العقل في حكمه بلزوم تحصيل الجزم بالفراغ وعدم جواز القناعة بالشك فيه عند الجزم بالاشتغال بالتكليف ، انما هو لزوم رفع الشك عن جهة متعلق التكليف بايجاده في الخارج للتخلص عن تبعة مخالفته لا رفع الشك عنه من جهة سقوط التكليف عنه واتصافه بالوجوب الفعلي والمؤثرية الفعلية في تحقق الغرض ولو كان ذلك من جهة قصور حكمه الناشئ من جهة امر آخر هو بنفسه تحت الترخيص.

ولا ريب أن ذلك مما يقطع بتحققه باتيان الأقل ولو على تقدير وجوب الأكثر واقعا ، حيث إنه بإتيانه يقطع بالخروج عن عهدة ما تنجز عليه من التكليف به ولا يبقى معه شك الا من جهة اتصافه بالوجوب والمؤثرية الفعلية ، وبعد ما لم يكن هم العقل رفع الشك عنه من هذه الجهة لعدم كون ذلك لقصور في الماتى به فلا يبقى

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

21 Jan, 19:49


مجال لاثبات وجوب الاتيان بالأكثر بقاعدة الاشتغال المزبور كما هو ظاهر ، هذا كله في البراءة العقلية.

واما البراءة النقلية فعلى القول بجريان البراءة في المشكوك كما هو المختار ، فلا اشكال في جريانها أيضا من دون احتياج إلى اثبات ان الواجب هو الأقل.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

21 Jan, 10:55


بحث الاصول ١١٠١ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. الجواب المختار عن العلم الإجمالي.
٢٠ رجب ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

20 Jan, 21:03


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١١٠١
الثلاثاء ٢٠ رجب ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. الجواب المختار عن العلم الإجمالي.

ثالثا : أن الارتباطية في أجزاء الواجب الارتباطية ، وإن كانت تحقق للمتعلق وحدة واحدة بينها ، ولكن هذه الوحدة إنما هي من حيث أن الاتيان ببعض الأجزاء لا يسقط بعض التكليف فضلا عن إسقاطه للتكليف بنحو تام ، كما لا يخفى. وهذا النحو من الوحدة يحقق المائز بين التكليف بالأقل والتكليف بالأكثر فوحدة الأقل تختلف عن وحدة الأكثر من جهة كون الزائد ليس جزءا منها فيما هو جزء من الوحدة المتحققة وجوب الأكثر حيث أن الزائد جزء منها وهذه الوحدة تحقق التباين في مرتبة الجعل ولحاظ الحكم وتشريعه من قبل المولى ، فإن اللحاظ إنما يتعلق بالوجود الذهني للعنوان الحاكي عن الأجزاء الناظر اليها بنظرة مجموعية ولا ريب أن العنوان الملحوظ في الأقل هو غير العنوان الملحوظ في الأكثر ، فيكون العنوانان متباينين.

الا أن هناك وحدة حقيقة بين الأقل والأكثر، وهي وحدة الوجود الخارجي للمتعلق الذي يقتضي الحكم من المكلف أن يحققه في الخارج لأن وجوب الأقل بناء على احتمال كون التكليف متعلقا بالأكثر ليس هو وجوبا غيريا ، بل هو وجوب ضمني منتزع عقلا من نفس الوجوب النفسي الواحد المتعلق بمجموع الأجزاء، فوجوب الأقل هو عين وجوب الأكثر من حيث الحكم، ومتعلقه من حيث الوجود الخارجي هو نفس أجزاء الأكثر منتقصا منها الجزء العاشر مثلا لأن من يبحث عن الفارق بين الأقل والأكثر في الوجود الخارجي للمتعلق الذي يجب على المكلف تحقيقه طاعة للمولى وامتثالا لأمره لن يجده الا في الزائد لأنها متطابقان من حيث المتعلق من حيث الأقل مختلفان في كون الأقل لم يتعلق بالزائد والأكثر متعلق به مع المفروغية عن تعلقهما معا بالأقل بلا إشكال.

وبتفصيل أكثر إن الفارق بين الاقل والأكثر تارة ينظر اليه من حيث مرتبة الجعل الشرعي ، وتارة من حيث مرتبة الحكم وهو الوجوب في المقام ، وتارة في مرتبة المنجزية والمسؤولية ، وتارة في مرتبة الامتثال.

أما المرتبة الأولى : فالشارع في مقام الجعل ، يلاحظ عنوان الأقل أي الصلاة الواحدة ذات الأجزاء التسعة، وعنوان الأكثر وهو الصلاة الواحدة ذات الأجزاء العشرة ، وبلا إشكال فإن الأقل والأكثر في مقام اللحاظ متباينان لا ينطبق أي منهما على الآخر. وهذا واضح وهو منشأ التوقف لدى بعض الأصوليين في انحلال العلم الإجمالي.
ولكنهما لم يلحظا كمفهومين مجردين بل كعنوانين حاكيين عن الواقع الخارجي للأقل وللأكثر، والحكاية في عنوان الأقل عن الأجزاء التسعة لا بشرط الجزء العاشر، والحكاية في عنوان الأكثر هو عن الأجزاء العشرة بتمامها.

والواقع الخارجي لهما في الأقل هو عينه في الأكثر لا يختلفان الا في كون الأقل فاقدا للجزء العاشر، والأكثر واجدا له.

وأما المرتبة الثانية : وهي مرتبة الحكم الشرعي أي القانون الصادر من الشارع المتعلق بالأقل أو الأكثر وهو الوجوب ، الذي هو نسبة بين المكلف والمكلف به الذي هو العنوان الملحوظ لدى الشارع في المرتبة السابقة ، والفارق هنا إنما هو في تعلق الوجوب وحمله في حال تعلقه بالأقل على المتعلق بعنوانه الحاكي عن التسعة لا بشرط العاشر أي إن وجد لم يعد وإن غاب لم يفتقد ، وفي حال تعلقه بالأكثر هو حمله على العنوان الحاكي عن الأجزاء العشرة.

وأما المرتبة الثالثة : وهي مرتبة المنجزية والمراد منها في المقام هو حكم العقل بوجوب الطاعة للحكم بتحقيق متعلقه خارجا واستحقاق العقاب على مخالفته ، وهي لا تتحقق الا بانكشاف الحكم المحقق لموضوع حكم العقل بوجوب الطاعة وهو الحجة على الحكم ومن ثم كونه لازم الإطاعة.

وهذه المرتبة موضوعها انكشاف الحكم الشرعي ووصوله ، بالعلم أو بالأمارة أو بمجرد الاحتمال على الكلام والخلاف المعهود في ذلك بين الأعلام في ما يحقق التأمين والتنجيز.

ومقتضاها تحقيق متعلقه بالخارج فهي تقتضي إيجاد المتعلق الذي به تتحقق الطاعة.

وعليه فإن موضوع التنجيز ومنشأه وإن كان هو العلم بالحكم ، ولكن الحكم بالتنجيز مصبه هو تحقيق المتعلق خارجا ، وهنا لا فرق بين الأقل والأكثر من هذه الناحية الا المسؤولية المحتملة عن ايجاد الجزء الزائد وهو العاشر في المثال مع الأجزاء التسعة حيث أنه على الأقل لا مسؤولية الا عن الأجزاء التسعة.

ومنه يتضح جليا أن مركز التطابق بينهما هو تنجيز الأقل على أي حال ومركز الاختلاف بينهما هو تنجيز الإتيان بالجزء الأخير _مع الأجزاء التسعة المفروغ عنها _ بناء على الأكثر وعدم تنجيزه بناء على الأقل.
ومنه تعرف أيضا أن الفارق بينهما في مقام الامتثال والاستجابة لداعي التنجيز إنما هو في الجزء الزائد بعد المفروغية عن لزوم الاتيان بالتسعة امتثالا للحكم المعلوم سواء كان متعلقا بالأقل أو متعلقا بالأكثر

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

20 Jan, 21:03


فمثلا لو علمنا بوجوب الصلاة الفاقدة للسورة أو الحاوية لها فإن سائر الأجزاء في الصلاة معلومة الوجوب بلا إشكال يتعلق بها الحكم الواحد بعنوانها بما له من كاشفية عن الأجزاء فتكون هي متعلقه وكون السورة تارة مأخوذة بنحو الاشتراط وتارة بنحو اللابشرط، لن يغير من كون العقل يدرك وجوب الاتيان بالأقل على أي حال فإنه ينجز على المكلف أن يأتي بالأجزاء التسعة كاملة على أي حال أي سواء كان الشارع قد اتخذ الجزء العاشر وهو السورة في مقام التشريع منظما اليها أو لا.

وهذا هو الذي يتنجز على العبد بالعلم الإجمالي ويجب عليه تحقيقه ، ومنه تعرف أن الأقل سيكون معلوم الوجوب والزائد مشكوك الوجوب وكفى بذلك حلا حقيقا للعلم الإجمالي.

رابعا : أن احتمال تعلق التكليف بالسورة لكون الأكثر هو الواجب الواقعي لن يكون معه علم اجمالي بل هو مجرد شك بدوي صرف تجري منه الأصول العملية المؤمنة كما تجري من أي تكليف محتمل.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

20 Jan, 09:20


بحث الاصول ١١٠٠ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. الجواب الثاني: للشهيد الصدر ره. الجواب المختار عن العلم الإجمالي.
١٩ رجب ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

19 Jan, 19:40


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١١٠٠
الإثنين ١٩ رجب ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. الجواب الثاني: للشهيد الصدر ره. الجواب المختار عن العلم الإجمالي.

الجواب الثاني : للسيد الصدر
بل قد استشكل السيد الصدر على الشيخ في تصويره انحلال العلم الاجمالي بما حاصله مع توضيح منا : و يرد عليه _ بعد تسليم ما افترض فيه من اعتبار الاجزاء مقدمات داخلية ، و القول بوجوب المقدمة حتى الداخلية _ أن المقصود إن كان دعوى الانحلال الحقيقي فإنه مشروط بوقوف العلم على الجامع بحده وعدم سرايته إلى الفرد، إذ لو كان الجامع معلوما في ضمن فرد معين لكان علما تفصيليا لا إجماليا ولما كان منجزا الا بالنسبة إلى ذلك الفرد بالخصوص، و ليس الأمر كذلك في المقام لأن الجامع المعلوم بالإجمال هو الوجوب النفسيّ و المعلوم التفصيليّ وجوب الأقل و لو غيريا أي ان المعلوم هو الجامع بين أحد طرفي العلم الإجمالي- و هو الوجوب النفسيّ للأقل- و وجوب آخر، وهو الوجوب الغيري. وهذا لا يوجب الانحلال.

و ان أريد الانحلال الحكمي بدعوى ان وجوب الأقل منجز على أي حال و من ثم فإنه لا تجري البراءة عنه فتجري البراءة عن الآخر بلا معارض، فالجواب عليه: ان الوجوب الغيري ليس منجزا و انما المنجز هو الوجوب النفسيّ فقط على ما تقدم في بحوث الواجب الغيري و النفسيّ، وعليه فلا يكون العلم بالجامع بين الوجوب النفسيّ أو الغيري للأقل علما بوجوب منجز على كل تقدير بل هو علم بالجامع بين ما يقبل التنجيز و ما لا يقبل التنجيز و هو لا يصلح لكي يكون منجزا.

الجواب المختار عن العلم الإجمالي:
والمختار في الجواب عن مانعية العلم الإجمالي من جريان البراءة يتوقف على ملاحظة أمور:

أولا: أن احتمال التكليف بطبيعته يقتضي من العبد لزوم مراعاته ، ومن ثم لم نقبل ما اشتهر بين المتأخرين من البناء على حكم العقل بالتأمين في حال احتمال التكليف من دون وصوله الى المكلف وقيام الحجة عليه لديه من قبل المولى. المسمى اختصارا (قبح العقاب بلا بيان)، ومن ثم لا مجال بحسب المباني المختارة للقول بالبراءة العقلية. هذا مع كون التكليف محتملا فكيف إذا كان معلوما بالإجمال مرددا بين الأقل والأكثر؟!.

ثانيا : أن احتمال التكليف سواء كان مقترنا بالعلم الإجمالي أم لا صالح للتأمين عنه إن كان مشمولا بأدلة الترخيص العامة فضلا عن ما إذا قام دليل خاص فيه.

ثالثا : أن الارتباطية في أجزاء الواجب الارتباطية ، وإن كانت تحقق للمتعلق وحدة واحدة بينها ، ولكن هذه الوحدة إنما هي من حيث أن الاتيان ببعض الأجزاء لا يسقط بعض التكليف فضلا عن إسقاطه للتكليف بنحو تام ، كما لا يخفى.

وهذا النحو من الوحدة يحقق المائز بين التكليف بالأقل والتكليف بالأكثر فوحدة الأقل تختلف عن وحدة الأكثر من جهة كون الزائد ليس جزءا منها فيما هو جزء من الوحدة المتحققة وجوب الأكثر حيث أن الزائد جزء منها وهذه الوحدة تحقق التباين في مرتبة الجعل ولحاظ الحكم وتشريعه من قبل المولى ، فإن اللحاظ إنما يتعلق بالوجود الذهني للعنوان الحاكي عن الأجزاء الناظر اليها بنظرة مجموعية ولا ريب أن العنوان الملحوظ في الأقل هو غير العنوان الملحوظ في الأكثر ، فيكون العنوانان متباينين.

الا أن هناك وحدة حقيقة بين الأقل والأكثر وهي وحدة الوجود الخارجي للمتعلق لأن وجوب الأقل بناء على احتمال كون التكليف متعلقا بالأكثر ليس هو وجوبا غيريا ، بل هو وجوب ضمني منتزع عقلا من نفس الوجوب النفسي الواحد المتعلق بمجموع الأجزاء، فوجوب الأقل هو عين وجوب الأكثر من حيث الحكم، ومتعلقه من حيث الوجود الخارجي هو نفس أجزاء الأكثر منتقصا منها الجزء العاشر مثلا لأن من يبحث عن الفارق بين الأقل والأكثر في الوجود الخارجي للمتعلق الذي يجب على المكلف تحقيقه طاعة للمولى وامتثالا لأمره لن يجده الا في الزائد لأنها متطابقان من حيث المتعلق من حيث الأقل مختلفان في كون الأقل لم يتعلق بالزائد والأكثر متعلق به مع المفروغية عن تعلقهما معا بالأقل بلا إشكال.

فمثلا لو علمنا بوجوب الصلاة الفاقدة للسورة أو الحاوية لها فإن سائر الأجزاء في الصلاة معلومة الوجوب بلا إشكال يتعلق بها الحكم الواحد بما له من تعلق بالأجزاء فتكون هي متعلقه ويكون من حيث السورة تارة مأخوذة بنحو الاشتراط وتارة بنحو اللابشرط ولكن ذلك لن يغير من كون العقل يدرك وجوب الاتيان بالأقل على أي حال فإنه ينجز على المكلف أن يأتي بالأجزاء التسعة كاملة على أي حال أي سواء كان الشارع قد اتخذ الجزء العاشر وهو السورة في مقام التشريع منظما اليها أو لا.

وهذا هو الذي يتنجز على العبد بالعلم الإجمالي ويجب عليه تحقيقه ، ومنه تعرف أن الأقل سيكون معلوم الوجوب والزائد مشكوك الوجوب وكفى بذلك حلا حقيقا للعلم الإجمالي.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

19 Jan, 19:40


رابعا : أن احتمال تعلق التكليف بالسورة لكون الأكثر هو الواجب الواقعي لن يكون معه علم اجمالي بل هو مجرد شك بدوي صرف تجري منه الأصول العملية المؤمنة كما تجري من أي تكليف محتمل.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

19 Jan, 10:09


بحث الاصول ١٠٩٩ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. مناقشة الخراساني للأنصاري.
١٨ رجب ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

19 Jan, 05:54


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٩٩
الأحد ١٨ رجب ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء. مناقشة الخراساني للأنصاري. الجواب الثاني للشهيد الصدر.

وقد استشكل المحقق الخراساني في حاشيته على الفرائد على جواب الشيخ الأنصاري بأنه : " لا يكفي العلم بمطلوبيّة أحد طرفي الشّبهة تفصيلًا في ارتفاع أثر العلم الإجماليّ بالتّكليف بينهما ، إلَّا إذا كان الطَّلب فيما علم تفصيلًا مطلوبيّته منجّزاً على كلّ تقدير، كما إذا علم تفصيلًا بوجوب أحدهما فعلًا ، وإن تردّد وجهه بين أن يكون نفسيّاً أو غيريّاً من باب المقدّمة لواجب منجّز فعلي ، فإنّ العلم حينئذ ينحل إلى علم تفصيلي بالتّكليف في أحدهما ، فيستقلّ العقل بلزوم موافقته وحسن المؤاخذة على مخالفته ، وإلى شكّ بدويّ في الآخر ، ويستقلّ بقبح المؤاخذة عليه ، بخلاف ما إذا لم يكن الطَّلب فيما علم مطلوبيّته منجّزاً على كلّ تقدير ، كما إذا كان في المثال وجه الوجوب مردّداً بين أن يكون نفسيّاً أو من باب المقدّمة لواجب غير منجّز ، فإنّ وجوبه حينئذ لا يكون منجَّزاً فعليّاً ، بحيث يجب الخروج عن عهدته على كلّ تقدير، كي يكون الآخر مشكوك التّكليف بالشّك البدويّ ، بل التّكليف الفعلي بعدُ بينهما والعلم به على حاله من إجماله ، من دون انحلال العلم التّفصيليّ به في أحدهما والشّكّ البدويّ فيه في الآخر، والعلم التّفصيلي بوجوب الأقلّ فعلًا فيما نحن فيه؛ لتوقّفه على تنجّز التّكليف المعلوم إجمالًا ، لاحتمال كون وجوبه لأجل مقدّميّته للأكثر لا يعقل أن يرتفع به ما هو أثر العلم الإجماليّ من تنجّز التّكليف الواقعيّ ، وحينئذ لا محيص عن الاحتياط .

فتلخّص انّه لا يعقل عدم تنجّز التّكليف المعلوم بالإجمال في البين بسبب ما يتوقّف على تنجّزه من مطلوبيّة الأقلّ فعلًا ، ومطلق مطلوبيّته ولو من دون تنجّز وإن كان غير متوقّف على تنجّز المعلوم بالإجمال إلَّا انّه غير رافع لأثر العلم الإجماليّ ، لما عرفت من انّه معه على حاله من دون انحلاله بالنّسبة إلى التّكليف الفعلي وإن انحلّ بالنّسبة إلى الطَّلب. "

ويلاحظ عليه بأن ما ذكره (رحمه الله) غامض وإن اجتهد في توضيحه ، والمراد منه إن كان مبنيا على كون التردد بين الأقل والأكثر دائرا بين احتمالين :

1_ أن الأقل مطلوب وواجب وجوبا نفسيا ، وذلك على تقدير كون الصلاة بلا سورة في المثال هي الواجبة في الواقع فيكون الاقل هو المطلوب شرعا في علم الله .

2_ أن يكون الأقل مطلوبا بالطلب الغيري لكونه مقدمة لتحقيق الأكثر لأن الواجب في واقع التشريع هو الصلاة الواجدة للسورة.
وأن الاحتمال الأول على تقديره فالتكليف فيه منجز ، ولكن الاحتمال الثاني لا يقطع فيه بتنجز التكليف النفسي لأنه غير معلوم ولا يوجد مثبت لهذا التنجيز إذ مجرد الاحتمال غير كاف والعلم به غير متحقق .

وعليه لا مجال لافتراض انحلال العلم الإجمالي لعدم كون الأقل معلوم التكليف على كل حال بل غاية ما فيه أنه هو معلوم الطلب على كل حال.

أما من حيث أصل العلم الإجمالي بالتكليف، وتردده بين التعلق بالأقل أو التعلق بالأكثر فهو أمر وجداني لا مفر منه.

ويناقش بأن تعلق الطلب الغيري بالأقل على تقدير وجوب الأكثر وإن لم يكون مقطوعا لكنه مقطوع التنجيز لأن الأكثر أحد محتملي العلم الإجمالي ويكفي ذلك في تنجيزه على كل تقدير ولا حاجة للعلم به وإثباته كما هو حال سائر موارد العلم الإجمالي فإن مجرد احتمال انطباق المعلوم بالإجمال يكفي في تحقق التنجيز الذي لا يرفعه الا انحلال العلم أو تأمين الشارع.

وعلى أي حال فتصوير الشيخ الأنصاري لانحلال العلم الإجمال لا ينخدش بإشكال المحقق الخراساني.

لا سيما أنه يستفاد من بعض عبارات الشيخ الأنصاري أن هذا العلم الإجمالي منحل بالعلم التفصيليّ بوجوب الأقل على كل تقدير اما وجوبا نفسيا أو وجوبا غيريا لكونه جزء الواجب و مقدمة داخلية له.

نعم، لا يكفي ما ذكره الشيخ لدفع ما تقدم من تصوير العلم الإجمالي الذي بُني على أن الوجوب في الأكثر كما هو في الأقل ارتباطي، وأن الارتباطية تساوق الوحدة والوحدة تساوق التباين فلا يفي هذا الجواب وحده لدفع غائلة العلم الإجمالي.

الجواب الثاني : للسيد الصدر
بل قد استشكل السيد الصدر على الشيخ في تصويره انحلال العلم الاجمالي بما حاصله مع توضيح منا : و يرد عليه _ بعد تسليم ما افترض فيه من اعتبار الاجزاء مقدمات داخلية ، و القول بوجوب المقدمة حتى الداخلية _ أن المقصود إن كان دعوى الانحلال الحقيقي فإنه مشروط بوقوف العلم على الجامع بحده وعدم سرايته إلى الفرد ، إذ لو كان الجامع معلوما في ضمن فرد معين لكان علما تفصيليا لا إجماليا ولما كان منجزا الا بالنسبة إلى ذلك الفرد بالخصوص،و ليس الأمر كذلك في المقام لأن الجامع المعلوم بالإجمال هو الوجوب النفسيّ و المعلوم التفصيليّ وجوب الأقل و لو غيريا أي ان

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

19 Jan, 05:54


المعلوم هو الجامع بين أحد طرفي العلم الإجمالي- و هو الوجوب النفسيّ للأقل- و وجوب آخر، وهو الوجوب الغيري. وهذا لا يوجب الانحلال.

و ان أريد الانحلال الحكمي بدعوى ان وجوب الأقل منجز على أي حال و من ثم فإنه لا تجري البراءة عنه فتجري البراءة عن الآخر بلا معارض، فالجواب عليه: ان الوجوب الغيري ليس منجزا و انما المنجز هو الوجوب النفسيّ فقط على ما تقدم في بحوث الواجب الغيري و النفسيّ، وعليه فلا يكون العلم بالجامع بين الوجوب النفسيّ أو الغيري للأقل علما بوجوب منجز على كل تقدير بل هو علم بالجامع بين ما يقبل التنجيز و ما لا يقبل التنجيز و هو لا يصلح لكي يكون منجزا.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

18 Jan, 10:07


بحث الاصول ١٠٩٨ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء.
١٧ رجب ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

17 Jan, 19:01


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٩٨
السبت ١٧ رجب ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر. القسم الأول: الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء.

القسم الأول : الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء

والذي يخطر بالبال بدوا هو جريان البراءة من الجزء الزائد ومن ثم يكون البناء على الأقل لا على الأكثر.

مقتضي البراءة
وذلك لوضوح كون المقتضي لها تاما سواء قلنا بالبراءة العقلية والشرعية أو بالشرعية فقط. وقال الشيخ الأنصاري أنه : " المشهور بين العامة والخاصة ، المتقدمين منهم والمتأخرين ، كما يظهر من تتبع كتب القوم ، كالخلاف والسرائر وكتب الفاضلين والشهيدين والمحقق الثاني ومن تأخر عنهم.
بل الإنصاف : أنه لم أعثر في كلمات من تقدم على المحقق السبزواري ، على من يلتزم بوجوب الاحتياط في الأجزاء والشرائط وإن كان فيهم من يختلف كلامه في ذلك ، كالسيد والشيخ والشهيد ( قدس سرهم )" .

وذيل كلامه منبه على أن الأمر لم يبلغ من الإجماع والتسالم عليه حدا يغني عن البحث فيه ، لا سيما أنه قد يطرح في مقابله عدة موانع :

المانع الأول من البراءة:
وهو العلم الإجمالي المانع عن إجراء البراءة من الزائد ، وليس هو العلم الإجمالي بوجوب الأقل أو وجوب الزائد ليقال بان وجوب الزائد لا يحتمل كونه بديلا عن الأقل مباينا له فكيف يجعل طرفا مقابلا له في العلم الإجمالي المفروغ عن كونه مرددا بين متباينين ، بل إنه هو العلم الإجمالي بوجوب الأقل أو وجوب الأكثر المشتمل على الزائد الَّذي هو مباين للأقل لأن الوجوب ارتباطي والارتباطية تساوق الوحدة والوحدة تساوق التباين.

أما أن الارتباطية تساوق الوحدة فلأن الارتباطية تجعل الواجب من الحيثية الشرعية بسيطا ولهذا لا توجد وجوبات للأجزاء وإنما هو وجوب واحد متعلق بمجموع الأجزاء فإما أن يتعلق بالمجموع المكون من تسعة أجزاء أو بالمجموع الآخر المكون من عشرة.

ومن ثم لا فرق بين من يأتي بغالب أجزائه، ومن يأتي بجزء واحد منه، ومن لا يأتي بأي جزء منه، فكلهم لم يحققوا الواجب الذي تعلق به التكليف.

ومن هنا يتبين كيف أن الوحدة تساوق التباين فإن المجموع المتشكل في الأقل على تقدير كونه واجبا سيكون مباينا للمجموع المتشكل من الأكثر، فتتحقق الكثرة _ في مقابل الوحدة _ ولا يتعقل أقل وأكثر حقيقة الا مع فرض الكثرة فيكون العلم الإجمالي في المقام بحسب الحقيقة علما إجماليا بين متباينين ومعه لا يمكن إجراء الأصل لنفي وجوب الزائد لكونه جزء من أحد طرفي العلم الإجمالي.

وقد يجاب عن المانع الأول وهو العلم الإجمالي بعدة أجوبة :

الجواب الأول : للشيخ الأنصاري قده
وقد أجاب الشيخ قدس سره في رسائله عن منع اعتماد البراءة في حكم الدوران بين الأقل والأكثر بالعلم الإجمالي بما حاصله : " أن العقل يحكم بوجوب القيام بما علم إجمالا أو تفصيلا إلزام المولى به على أي وجه كان ، ويحكم بقبح المؤاخذة على ما شك في إلزامه ، والمعلوم إلزامه تفصيلا هو الأقل ، والمشكوك إلزامه رأسا هو الزائد ، والمعلوم إلزامه إجمالا هو الواجب النفسي المردد بين الأقل والأكثر ، ولا عبرة به بعد انحلاله إلى معلوم تفصيلي ومشكوك ، كما في كل معلوم إجمالي كان كذلك ، كما لو علم إجمالا بكون أحد من الإناءين اللذين أحدهما المعين نجس ، خمرا ، فإنه يحكم بحلية الطاهر منهما ، والعلم الإجمالي بالخمر لا يؤثر في وجوب الاجتناب عنه ".

مناقشة الخراساني للأنصاري
وقد استشكل المحقق الخراساني في حاشيته على الفرائد على جواب الشيخ الأنصاري بأنه : " لا يكفي العلم بمطلوبيّة أحد طرفي الشّبهة تفصيلًا في ارتفاع أثر العلم الإجماليّ بالتّكليف بينهما ، إلَّا إذا كان الطَّلب فيما علم تفصيلًا مطلوبيّته منجّزاً على كلّ تقدير، كما إذا علم تفصيلًا بوجوب أحدهما فعلًا ، وإن تردّد وجهه بين أن يكون نفسيّاً أو غيريّاً من باب المقدّمة لواجب منجّز فعلي ، فإنّ العلم حينئذ ينحل إلى علم تفصيلي بالتّكليف في أحدهما ، فيستقلّ العقل بلزوم موافقته وحسن المؤاخذة على مخالفته ، وإلى شكّ بدويّ في الآخر ، ويستقلّ بقبح المؤاخذة عليه ، بخلاف ما إذا لم يكن الطَّلب فيما علم مطلوبيّته منجّزاً على كلّ تقدير ، كما إذا كان في المثال وجه الوجوب مردّداً بين أن يكون نفسيّاً أو من باب المقدّمة لواجب غير منجّز ، فإنّ وجوبه حينئذ لا يكون منجَّزاً فعليّاً ، بحيث يجب الخروج عن عهدته على كلّ تقدير، كي يكون الآخر مشكوك التّكليف بالشّك البدويّ ، بل التّكليف الفعلي بعدُ بينهما والعلم به على حاله من إجماله ، من دون انحلال العلم التّفصيليّ به في أحدهما والشّكّ البدويّ فيه في الآخر، والعلم التّفصيلي بوجوب الأقلّ فعلًا فيما نحن فيه؛ لتوقّفه على تنجّز التّكليف المعلوم إجمالًا ، لاحتمال كون وجوبه لأجل مقدّميّته للأكثر لا يعقل أن يرتفع به ما هو أثر العلم الإجماليّ من تنجّز التّكليف الواقعيّ ، وحينئذ لا محيص عن الاحتياط.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

17 Jan, 19:01


فتلخّص انّه لا يعقل عدم تنجّز التّكليف المعلوم بالإجمال في البين بسبب ما يتوقّف على تنجّزه من مطلوبيّة الأقلّ فعلًا ، ومطلق مطلوبيّته ولو من دون تنجّز وإن كان غير متوقّف على تنجّز المعلوم بالإجمال إلَّا انّه غير رافع لأثر العلم الإجماليّ ، لما عرفت من انّه معه على حاله من دون انحلاله بالنّسبة إلى التّكليف الفعلي وإن انحلّ بالنّسبة إلى الطَّلب. ".

ويناقش : بأن ما ذكره (رحمه الله) غامض وإن اجتهد في توضيحه ، والمراد منه إن كان مبنيا على كون التردد بين الأقل والأكثر دائرا بين احتمالين :

1_ أن الأقل مطلوب وواجب وجوبا نفسيا ، وذلك على تقدير كون الصلاة بلا سورة في المثال هي الواجبة في الواقع فيكون الاقل هو المطلوب شرعا في علم الله.

2_ أن يكون الأقل مطلوبا بالطلب الغيري لكونه مقدمة لتحقيق الأكثر لأن الواجب في واقع التشريع هو الصلاة الواجدة للسورة.
وأن الاحتمال الأول على تقديره فالتكليف فيه منجز ، ولكن الاحتمال الثاني لا يقطع فيه بتنجز التكليف النفسي لأنه غير معلوم ولا يوجد مثبت لهذا التنجيز إذ مجرد الاحتمال غير كاف والعلم به غير متحقق .

وعليه لا مجال لافتراض انحلال العلم الإجمالي لعدم كون الأقل معلوم التكليف على كل حال بل غاية ما فيه أنه هو معلوم الطلب على كل حال.

أما من حيث أصل العلم الإجمالي بالتكليف، وتردده بين التعلق بالأقل أو التعلق بالأكثر فهو أمر وجداني لا مفر منه.

ويناقش بأن تعلق الطلب الغيري بالأقل على تقدير وجوب الأكثر وإن لم يكون مقطوعا لكنه مقطوع التنجيز لأن الأكثر أحد محتملي العلم الإجمالي ويكفي ذلك في تنجيزه على كل تقدير ولا حاجة للعلم به وإثباته كما هو حال سائر موارد العلم الإجمالي فإن مجرد احتمال انطباق المعلوم بالإجمال يكفي في تحقق التنجيز الذي لا يرفعه الا انحلال العلم أو تأمين الشارع.
وعلى أي حال فتصوير الشيخ الأنصاري لانحلال العلم الإجمال لا ينخدش بإشكال المحقق الخراساني.

نعم، لا يكفي ما ذكره الشيخ لدفع ما تقدم من تصوير العلم الإجمالي الذي بُني على أن الوجوب في الأكثر كما هو في الأقل ارتباطي، وأن الارتباطية تساوق الوحدة والوحدة تساوق التباين فلا يفي هذا الجواب وحده لدفع غائلة العلم الإجمالي.

الجواب الثاني :

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

15 Jan, 10:51


بحث الاصول ١٠٩٧ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية.  الدوران بين الأقل والأكثر.
١٤ رجب ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

14 Jan, 20:00


المانع الأول : هو العلم الإجمالي المانع عن إجراء البراءة من الزائد ، وليس هو العلم الإجمالي بوجوب الأقل أو وجوب الزائد ليقال بان وجوب الزائد لا يحتمل كونه بديلا عن الأقل مباينا له فكيف يجعل طرفا مقابلا له في العلم الإجمالي المفروغ عن كونه مرددا بين متباينين، بل إنه هو العلم الإجمالي بوجوب الأقل أو وجوب الأكثر المشتمل على الزائد الَّذي هو مباين للأقل لأن الوجوب ارتباطي والارتباطية تساوق الوحدة والوحدة تساوق التباين.

أما أن الارتباطية تساوق الوحدة فلأن الارتباطية تجعل الواجب من الحيثية الشرعية بسيطا ولهذا لا توجد وجوبات للأجزاء وإنما هو وجوب واحد متعلق بمجموع الأجزاء فإما أن يتعلق بالمجموع المكون من تسعة أجزاء أو بالمجموع الآخر المكون من عشرة.

ومن ثم لا فرق بين من يأتي بغالب أجزائه، ومن يأتي بجزء واحد منه، ومن لا يأتي بأي جزء منه، فكلهم لم يحققوا الواجب الذي تعلق به التكليف.

ومن هنا يتبين كيف أن الوحدة تساوق التباين فإن المجموع المتشكل في الأقل على تقدير كونه واجبا سيكون مباينا للمجموع المتشكل من الأكثر، فتتحقق الكثرة _ في مقابل الوحدة _ ولا يتعقل أقل وأكثر حقيقة الا مع فرض الكثرة فيكون العلم الإجمالي في المقام بحسب الحقيقة علما إجماليا بين متباينين ومعه لا يمكن إجراء الأصل لنفي وجوب الزائد لكونه جزء من أحد طرفي العلم الإجمالي.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

14 Jan, 20:00


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٩٧
الأربعاء ١٤ رجب ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الدوران بين الأقل والأكثر.

وقد وقع البحث والكلام بين المحققين في منجزية الأكثر وعدمه ، ومنشأ البحث في أن الدوران في الحالة الثانية هل يرجع بحسب الحقيقة والجوهر إلى الأقل والأكثر فينحل لا محالة ويكون الزائد مشكوكا بدوا كما ذكرنا في الحالة الأولى ، أو يرجع إلى الدوران بين المتباينين وان كان بحسب الظاهر دورانا بين الأقل والأكثر فلا يكون منحلا .

ولكي تتضح النكات الأساسية في هذا البحث ينبغي الإشارة إلى أن هناك مراتب متعددة يمكن ملاحظة هذا الدوران والتردد في الواجب بلحاظها ، فقد يكون الحال بلحاظ بعضها من الدوران بين الأقل والأكثر وبلحاظ مرتبة أخرى من الدوران بين المتباينين ، ولا بد من تشخيص أن الميزان في أي منها . وهذه المراتب التي يلحظ فيها الوجوب هي كما يلي :

1 - مرتبة الجعل الشرعي أي لحاظ المولى للواجب المردد بين الأقل والأكثر، فيبحث في أن الواجب الارتباطي المردد بين الأقل والأكثر بحسب مرتبة الجعل ولحاظ المولى هل يكون مرددا بين لحاظين متباينين أو مرددا بين لحاظين ولحاظ آخر زائد فيكون من الأقل والأكثر .

2 – مرتبة التقنين والحكم الشرعي نفسه الذي هو الوجوب والإلزام - أي مرتبة الحكم المجعول الملحوظ عند الجعل لا اللحاظ نفسه كما في المرتبة السابقة - فقد يكون الأمر في مقام الجعل واللحاظ المولوي دائرا بين متباينين ولكنه من حيث الإلزام والوجوب من حيث كونه تقنينا شرعيا يكون اللحاظ الزائد في الأكثر مزيدا من الوجوب والضيق، بينما اللحاظ الزائد في الأقل يستلزم التوسعة وإطلاق العنان.

3 – مرتبة المنجزية والمسؤولية العقلية ، أي ما يرى العقل لزوم طاعته و اشتغال ذمة المكلف به وتسجيله في عهدته ، فإنه قد يفرض ان الأمر بلحاظ المرتبتين السابقتين الجعل والوجوب دائر بين المتباينين ولكنه بلحاظ ما يتسجل في عهدة المكلف وتجب عليه عقلا طاعته يكون الأمر دائرا بين الأقل والأكثر كما سوف يأتي في الدوران بين التعيين والتخيير .

4 – مرتبة امتثال الأمر، وإحراز الامتثال ، فقد يكون الأمر فيه دائرا بين الأقل والأكثر أي ان مقدارا مما يقع في الخارج يصلح امتثالا للأمر بالأقل فإذا ضم إليه الزائد صار إحرازا قطعيا لتحقق المأمور به الواقعي وامتثالا للأمر على كل تقدير كما في موارد الشك في جزئية السورة في الصلاة، وأخرى لا يكون الأمر كذلك بل الفعل الَّذي يقع به امتثال الأكثر غير الَّذي قد يقع به امتثال الأقل كما إذا دار الأمر بين وجوب أحد الخصال أو خصوص العتق فان عتق الرقبة مباين مع الإطعام أو الصوم .

وبالتأمل في هذه المراتب أو المراحل الأربع لكيفية لحاظ الحكم يظهر ان أوسع المراحل في قابليته لأن يكون الدوران فيه بين الأقل والأكثر هي مرحلة المسؤولية العقلية عن التكليف وشغل الذّمّة.

وبناء عليه ينبغي أن نجعل الضابط لموضوع البحث والَّذي يكون جامعا لكل الأقسام هو ان يدور الأمر بين حكمين يكون امتثال أحدهما مساوقا لامتثال الآخر عقلا دون العكس، وهذا يشمل فرض (الدوران بين الأقل والأكثر بحسب الاجزاء والشرائط) كما يشمل فرض (الدوران بين التعيين والتخيير الشرعي والتعيين والتخيير العقلي) أي الجامع والحصة.

وعلى هذا الأساس ينقسم البحث إلى فصلين رئيسين:

أما الفصل الأول: وهو ما كان الدوران فيه بين الأقل والأكثر بحسب الأجزاء والشرائط فتارة يكون الدوران ناشئا من الشك في جزء أو أجزاء زائدة كما في الشك في وجوب السورة في الصلاة ، وأخرى يكون الدوران في الشرائط بمعنى أن يشك في وجوب شرط زائد كما في الشك في وجوب كون الرقبة التي تعتق في الكفارة مؤمنةً أو غير مؤمنة فيقع البحث عنه في قسمين رئيسين:

القسم الأول : الدوران بين الأقل والأكثر في الأجزاء

والذي يخطر بالبال بدوا هو جريان البراءة من الجزء الزائد ومن ثم يكون البناء على الأقل لا على الأكثر، وذلك لوضوح كون المقتضي لها تاما سواء قلنا بالبراءة العقلية والشرعية أو بالشرعية فقط. وقال الشيخ الأنصاري أنه : " المشهور بين العامة والخاصة ، المتقدمين منهم والمتأخرين ، كما يظهر من تتبع كتب القوم ، كالخلاف والسرائر وكتب الفاضلين والشهيدين والمحقق الثاني ومن تأخر عنهم.

بل الإنصاف : أنه لم أعثر في كلمات من تقدم على المحقق السبزواري ، على من يلتزم بوجوب الاحتياط في الأجزاء والشرائط وإن كان فيهم من يختلف كلامه في ذلك ، كالسيد والشيخ والشهيد ( قدس سرهم )".

وذيل كلامه منبه على أن الأمر لم يبلغ من الإجماع والتسالم عليه حدا يغني عن البحث فيه ، لا سيما أنه قد يطرح في مقابله عدة موانع :

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

14 Jan, 10:35


بحث الاصول ١٠٩٦ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية.   التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة. المختار. الدوران بين الأقل والأكثر.
١٣ رجب ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

04 Jan, 18:15


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٩٠
الأحد ٤ جمادى الثانية ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة. المختار.

وأما ما رواه الكليني عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن إسماعيل بن جابر قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما تقول في طعام أهل الكتاب ؟ فقال : لا تأكله، ثم سكت هنيئة، ثم قال : لا تأكله، ثم سكت هنيئة، ثم قال : لا تأكله ولا تتركه تقول : إنه حرام ولكن تتركه تنزها عنه، إن في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير.

الذي قد مر عليك أنه معتبر، وأن مفاده هو أن النهي المكرر عن الأكل من طعامهم _ ظاهرا_ هو نهي ظاهري للتنزه عن الطعام بسبب ما يعلم من ملاقاة آنيتهم للخمر والخنزير فيكون من موارد العلم الإجمالي الذي يستوجب الاحتياط فيه وموافقته القطعية.

فقد يقال بأنه يدل على لزوم الاجتناب عن الملاقي لأن المحذور المذكور في الأكل من طعام أهل الكتاب ليس هو حرمته الذاتية ، بل احتمال ملاقاته للخمر والخنزير، بل حرمة ملاقاة آنيتهم التي فرض ملاقاتها للخمر والخنزير لا سيما مع ما استفدناه من كون النهي إلزاميا طريقيا من باب الاحتياط عن مساورة النجس وهو الخنزير أو المتنجس وهو الآنية.

الا أن يقال: أنّ القدر المتيقن منه هو ما يكون معلوم الإصابة للخمر والخنزير ولو بالعلم الإجمالي ، وأنه لا إطلاق في تعليله المستفاد من قوله عليه السلام : " إن في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير"  لكي يشمل موارد ملاقاة بعض الأطراف.

وتقريب الإطلاق فيه على أساس أنه وارد مورد التحذير من وقوع أمر مستقبلي فلا يختص بتحقق الأمر جزما بل يكون مفاده مفاد ( لعل ) التعليلية من قبيل قوله تعالى : " ولينذروا قومهم إذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون " فإنه يجب الانذار في حال احتمال الحذر، وفي المقام يجب اجتناب الأكل من آنيتهم لكونها في معرض الإصابة والملاقاة للخمر ولحم الخنزير وهو متحقق في ملاقاة أحد الأطراف.

غير تام لأن مقتضى  هذا الإطلاق أنه يكون شاملا لموارد الشبهة البدوية غير المقترنة بالعلم الإجمالي فإنها محتملة وحمل الإطلاق على كونه واردا مورد التحذير وأن الغرض منه هو اجتناب الإصابة والملاقاة للخمر ولحم الخنزير واقعا فيلزم عليه الاحتياط عن محتملاته على غرار التعليل بمفاد (لعل) فيتعارض مع سائر ما دل على البراءة والحل والطهارة في الشبهات البدوية وهو _ كما تقدم في مباحث وجوب الموافقة القطعية_ شامل حتى لموارد العلم الإجمالي ، ولا مخرج من تلكم المطلقات الا الأدلة الشرعية المخصصة لها في موارد العلم الإجمالي في الشبهة المحصورة ومنها حديث اسماعيل بن جابر هذا الذي نحن بصدد البحث عن حدود مفاده ، ولو كان مفاده واسعا شاملا للشبهات البدوية كما تبين والمقترنة بالعلم الإجمالي كما هو القدر المتيقن منها ولملاقي بعض الأطراف كما هو محل الكلام فإنه لن يصلح مخصصا لأدلة الأصول الترخيصية العامة بل سيكون معارضا لها لسعة موضوعه الى حد لن يصلح للجمع العرفي بينهما على أساس التخصيص.
 
وعليه فلا بد من اختيار أحد أمور:
الأول : رفع اليد عن هذا الإطلاق أي إطلاقه الذي يرجع الى التحذير بمفاد ( لعل) فيكون شاملا لملاقي أحد الاطراف والشبهة البدوية، مضافا الى الشبهة المحصورة.

الثاني: رفع اليد عن التخصيص أي كونه مخصصا لأدلة الأصول العملية الترخيصية الشاملة لعموم الشبهات ورافع للترخيص في موارد الشبهة المحصورة .

ولا مجال لاختيار الثاني ورفع اليد عن كونه مخصصا لأنه مع فرض الإطلاق سيكون معارضا للأدلة العامة للأصول العملية الترخيصية ولا بد أن يسقط هو لندرته في مقابلها ولشهرتها والاجماع عليها وقيام السيرة على الأخذ بها كما لا يخفى.

الثالث: البناء على كونه أمرا احتياطيا استحبابيا أو ارشاديا من باب حسن الاحتياط عقلا أو استحبابه استحبابا طريقيا شرعيا وليس أمرا إلزاميا فلا مانع إذن من الجمع بينه وبين أدلة الترخيص الظاهري العامة.

وبعد بطلان الثاني فإن أمكن البناء على الأول ووجدنا له مصححا عرفيا فبها ونعمت ، والا فلا مناص من البناء على الثالث.
     
وقد يمكن تقريب الأول بالالتفات الى أن الأكل من طعام أهل الكتاب تارة يتصور أنه قضية في واقعة لا يبتلى بها الا نادرا فلا يحصل العلم بملاقاة النجس ولا يبقى الا ملاقاة أحد أطراف العلم الإجمالي فيندرج في المقام.

وتارة يتصور أنه محل الابتلاء بشكل متكرر فلا ينفك عن العلم الإجمالي بملاقاة النجس واقعا ، وهو المتعارف الذي لا يحرز الاطلاق في ما عداه فإن أهل الكتاب إن كان دأبهم في طعامهم ملاقاة الخمر ولحم الخنزير بل استعماله في أطعمتهم كجزء من مزيج الطعام فإن من كان في معرض الابتلاء بأهل الكتاب لا ينفك عادة عن العلم الإجمالي بتحقق الملاقاة لطعامه فيكون لمناسبة الحكم والموضوع وضوح مانع من البناء على الإطلاق لحصول الملاقاة بعض الأطراف فقط .

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

04 Jan, 18:15


لا سيما مع النظر الى أن السؤال شخصي عن حال فرد معين كما يستفاد من الجواب (لا تأكله) ولم يقل لا يجوز أكله كي يحمل على أنه بيان حكم عام لموضوع عام،   فيكفي للتوقف عن الاطلاق احتمال أن يكون مورد السؤال في معرض العلم الإجمالي وليس مجرد الملاقاة.

وعليه فلا يصلح الحديث للاستدلال به على لزوم الاحتياط في ملاقي بعض أطراف العلم الإجمالي.

وكذا فهو لا يصلح لإثبات جواز ارتكابه لأنه ساكت عن هذه الجهة. هذا من حيث حكم الملاقي بحد نفسه.

وأما اندراج الملاقي لأحد الأطراف في مضمون الحديث من حيث كونه طرفا من أطراف العلم الإجمالي لكون الملاقي مع الطرف الأصلي غير الملاقى مصداقا حقيقيا من مصاديق العلم الإجمالي، لتشكل العلم الإجمالي بينهما فقد يقال أن الحديث غير ظاهر في النظر اليه بما هو علم إجمالي منتزع من الواقعة بل هو ناظر الى طبيعة طعام أهل الكتاب وما يلازمها من اختلاط بالخمر ولحم الخنزير أو ملاقاة لهما فلا إطلاق فيه شامل لهذا الانتزاع الذي يحرر العلم الإجمالي من خلال ملاحظة حال الملاقي مع الطرف الآخر للملاقى.

وعلى المختار لا مجال للالتزام بكون العلوم الإجمالية بطبيعتها منجزة لأطرافها وأنه لا تخرج عن ذلك الا بمخرج كما هو الحال على المسلكين المعروفين بالعلية والاقتضاء ، بل إن مقتضى ما تقدم من المختار هو أن الأصل عدم التنجيز لشمول أدلة الأصول العملية لموارد العلم الإجمالي ، وأنه لا مخرج عن ذلك الا بدليل يدل على وجوب الاحتياط فيها كما تقدم في ختام البحث عن وجوب الموافقة القطعية ، وتعمق ذلك وتبلور في أواخر الكلام في الشبهة غير المحصورة.

وبناء عليه فإن حديث إسماعيل بن جابر لن يصلح لإثبات لزوم الاحتياط في ملاقي بعض أطراف الشبهة غير المحصورة. فتأمل.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

31 Dec, 09:12


بحث الاصول ١٠٨٩ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة. المختار.
٢٩ جمادى الثانية ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

31 Dec, 02:58


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٨٩
الثلاثاء ٢٩ جمادى الثانية ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة. المختار.

وأما ما رواه الكليني عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن إسماعيل بن جابر قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما تقول في طعام أهل الكتاب ؟ فقال : لا تأكله، ثم سكت هنيئة، ثم قال : لا تأكله، ثم سكت هنيئة، ثم قال : لا تأكله ولا تتركه تقول : إنه حرام ولكن تتركه تنزها عنه، إن في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير.

الذي قد مر عليك أنه معتبر، وأن مفاده هو أن النهي المكرر عن الأكل من طعامهم _ ظاهرا_ هو نهي ظاهري للتنزه عن الطعام بسبب ما يعلم من ملاقاة آنيتهم للخمر والخنزير فيكون من موارد العلم الإجمالي الذي يستوجب الاحتياط فيه وموافقته القطعية.

فقد يقال بأنه يدل على لزوم الاجتناب عن الملاقي لأن المحذور المذكور في الأكل من طعام أهل الكتاب ليس هو حرمته الذاتية ، بل احتمال ملاقاته للخمر والخنزير، بل حرمة ملاقاة آنيتهم التي فرض ملاقاتها للخمر والخنزير لا سيما مع ما استفدناه من كون النهي إلزاميا طريقيا من باب الاحتياط عن مساورة النجس وهو الخنزير أو المتنجس وهو الآنية.

الا أن يقال أن القدر المتيقن منه هو ما يكون معلوم الإصابة للخمر والخنزير ولو بالعلم الإجمالي ، وأنه لا إطلاق في تعليله المستفاد من قوله عليه السلام : " إن في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير" لكي يشمل موارد ملاقاة بعض الأطراف.

وتقريب الإطلاق فيه على أساس أنه وارد مورد التحذير من وقوع أمر مستقبلي فلا يختص بتحقق الأمر جزما بل يكون مفاده مفاد ( لعل ) التعليلية من قبيل قوله تعالى : " ولينذروا قومهم إذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون " فإنه يجب الانذار في حال احتمال الحذر ، وفي المقام يجب اجتناب الأكل من آنيتهم لكونها في معرض الإصابة والملاقاة للخمر ولحم الخنزير.

والانصاف أن الأكل من طعام أهل الكتاب تارة يتصور أنه قضية في واقعة لا يبتلى بها الا نادرا فلا يحصل العلم بملاقاة النجس ولا يبقى الا ملاقاة أحد أطراف العلم الإجمالي فيندرج في المقام .

وتارة يتصور أنه محل الابتلاء بشكل متكرر فلا ينفك عن العلم الإجمالي بملاقاة النجس واقعا ، وهو المتعارف الذي لا يحرز الاطلاق في ما عداه فإن أهل الكتاب إن كان دأبهم في طعامهم ملاقاة الخمر ولحم الخنزير بل استعماله في أطعمتهم كجزء من مزيج الطعام فإن من كان في معرض الابتلاء بأهل الكتاب لا ينفك عادة عن العلم الإجمالي بتحقق الملاقاة لطعامه فيكون لمناسبة الحكم والموضوع وضوح مانع من البناء على الإطلاق لحصول الملاقاة بعض الأطراف فقط . لا سيما مع النظر الى أن السؤال شخصي عن حال فرد معين كما يستفاد من الجواب ( لا تأكله ) ولم يقل لا يجوز أكله كي يحمل على أنه بيان حكم عام لموضوع عام، فيكفي للتوقف عن الاطلاق احتمال أن يكون مورد السؤال في معرض العلم الإجمالي وليس مجرد الملاقاة. والأمر بحاجة الى مزيد تأمل.

وأما حديث ( الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن رجل كانت له غنم وبقر وكان يدرك الذكي منها فيعزله و يعزل الميتة ثم إن الميتة والذكي اختلطا فكيف يصنع به ؟ فقال : يبيعه ممن يستحل الميتة ويأكل ثمنه فإنه لا بأس به).

الذي تقدم بيان أنه ظاهر في أن الاختلاط هو اشتباه المصاديق بحيث أنه لم يشخص الميتة من المذكي، وظاهره حرمة المخالفة القطعية، بل وجوب الموافقة القطعية، ولكن الموافقة القطعية فيه إنما هي من حيث أكل اللحم وبيعه وتطهير ما يعلم بنجاسته من الأواني ولو إجمالا وليست ظاهرة في التصدي لبيان حكم ملاقي أحد الأطراف فإنها ساكتة عن ذلك تماما ، بل يكاد المتأمل في الحديث أن يدعي أن إطلاق المقام فيها دال على طهارة الملاقي لأن الواقعة لا تخلو من ملاقاة عادة والسكوت عنها دون بيان حكمها ولزوم تطهيرها، فتدل على كونه طاهرا لما هو واضح من كونه عليه السلام جادا في بيان الحكم ، ما التفت اليه المكلف وسأل عنه وهو حكم اللحم نفسه فيكون ما ترك السؤال عنه إما واضحا عنده في كونه جائزا غير متنجس وهو المطلوب ، أو غافلا عنه فيكون أحوج الى بيان الحكم وتحذيره من ما ينجر اليه أمره إن غفل عن النجاسة وساورها فانتشرت لا سيما بناء على تنجيس المتنجس مطلقا.

واحتمال أن السكوت عنه إنما هو لأجل وضوح حال وجوب اجتنابه في غير محله جدا، لأن الاجتناب عن ملاقي أحد الأطراف أمر ابتلائي جدا، فلو كان واضحا للزم السؤال عنه ولو في بعض الأحاديث على غرار ما ورد من السؤال الذي لا يحصى عن ملاقاة النجاسات.

والانصاف أنه قد يصلح دليلا على حكم الملاقي فتأمل.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

31 Dec, 02:58


وليت السلف الصالح من المحققين في علم الأصول _ وهم يبذلون الجهود الكبيرة والمشكورة في تطبيق مسلك العلية أو الاقتضاء على المقام وملاحظة تداعيات الأمر وتفريعاته _ قد بذلوا مثل ذلك في تتبع النصوص الشريفة التي تصلح لتبين حكم الملاقي، فكل الصيد في جوف الفرا.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

30 Dec, 09:06


بحث الاصول ١٠٨٨ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة. المختار.
٢٨ جمادى الثانية ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

29 Dec, 20:56


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٨٨
الاثنين ٢٨ جمادى الثانية ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة. المختار.

أما على المختار من كون المنشأ في لزوم الاحتياط في الشبهة المحصورة هو الأدلة الشرعية فإن الميزان سيكون هو صلاحية ظواهر تلك الأدلة للمنع من ارتكاب الملاقي.
وقبل الدخول في تفاصيل المطلب ينبغي الالتفات الى أن أصل الاشكال في العلم الإجمالي الذي صوره الشيخ قدس سره إنما يكون له منشأ عند من يلتفت اليه ، وأغلب المكلفين من العوام ، بل بعض أهل العلم لا يلتفتون الى ذلك ، ومجرد التفات بعض الأعلام اليه لا يستوجب ترتب الأحكام على سائر المكلفين ووقوعهم تحت طائلة المنجزية بلحاظ تكون العلم الإجمالي الذي التفت اليها الخواص.

فمن لم يلتفت اليه فليس عنده الا الشك البدوي في ملاقاة طرف من أطراف العلم الإجمالي بالنجاسة.

أما بناء على العلم الإجمالي الثاني المتردد بين الملاقي والطرف الآخر الأصلي غير الملاقى ففي حال تقدم الملاقاة على العلم فالظاهر من الأدلة عدم لزوم الاحتياط ، فإن مفاد حديث (.. ضريس الكناسي قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن السمن والجبن نجده في ارض المشركين بالروم أ نأكله ؟، فقال : أما ما علمت أنه قد خلطه الحرام فلا تأكل، وأما ما لم تعلم فكله حتى تعلم أنه حرام )، أن المخلوط بالحرام نفسه يجب أن يجتنب ، وليس ما لاقاه فضلا عما احتمل أنه لاقاه.

وكذا حديث (إسحاق ابن عمار قال : سألته عن الرجل يشترى من العامل وهو يظلم قال : يشترى منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه أحدا).

فهو أجنبي عن الملاقي تماما لا سيما بناء على حملهما على الشبهة غير المحصورة.
وأما ما عن (عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل قال سئل عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو وليس يقدر على ماء غيره قال : يهريقهما جميعا ويتيمم) ، فقد يقال فيه أن الأمر بالإراقة لما في الاناءين من ماء كناية عن الحجر الشرعي التام على المكلف في الإفادة منهما بأي نحو من الأنحاء.

ولكن ذلك مردود بأن الظاهر من المنع هو عدم صحة الوضوء بهما، بل بأي واحد منهما ظاهرا وذلك بقرينة ما تضمنه من الانتقال في وظيفة المكلف الى التيمم ، وهو منّةٌ منه _ عليه السلام _ في رفع حيرة المكلف فإنه من جهة يجد أن عليه الوضوء لا التيمم لأنه واجد للماء الطاهر ، ولكنه لا يعرفه بعينه كي يتوضأ به ويخشى أنه إن توضأ بأحدهما أن يصادف النجس الواقعي، وإن توضأ بكليهما أنه سيتنجس ، وإن انتقل الى التيمم أنه لن يصح منه لأن موضوعه فقد الماء الطاهر ، وهو بين يديه ، وتعيينه لا سبيل اليه.

وكان يمكن للإمام عليه السلام أن يبين له حكم الشك فيرجح له ظاهرا في مقام تشخيص الوظيفة العملية أن يقرع بينهما، أو يقْدِم على ما شاء منهما ، أو يرجح المظنون منهما، أو يتوضأ بكليهما أو غير ذلك فأنقذه عليه السلام من حيرته بأن بين له أن وضيفته التيمم ، وأنه لا سبيل له الى الانتفاع بالماء من حيث الوضوء فوجودهما كالعدم ، وحتى مع احتمال أنه أمره بإهراقهما كي يكون يحقق عنوان فقد الماء فالأمر كذلك من حيث أن الدليل ناظر ظاهرا لشأن التيمم ، وليس لشأن الملاقي.

وأما حديث ( الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن رجل كانت له غنم وبقر وكان يدرك الذكي منها فيعزله و يعزل الميتة ثم إن الميتة والذكي اختلطا فكيف يصنع به ؟ فقال : يبيعه ممن يستحل الميتة ويأكل ثمنه فإنه لا بأس به).

الذي تقدم بيان أنه ظاهر في أن الاختلاط هو اشتباه المصاديق بحيث أنه لم يشخص الميتة من المذكي، وظاهره حرمة المخالفة القطعية، بل وجوب الموافقة القطعية، ولكن الموافقة القطعية فيه إنما هي من حيث أكل اللحم وبيعه وتطهير ما يعلم بنجاسته من الأواني ولو إجمالا وليست ظاهرة في التصدي لبيان حكم ملاقي أحد الأطراف فإنها ساكتة عن ذلك تماما ، بل يكاد المتأمل في الحديث أن يدعي أن إطلاق المقام فيها دال على طهارة الملاقي لأن الواقعة لا تخلو من ملاقاة عادة والسكوت عنها دون بيان حكمها ولزوم تطهيرها، فتدل على كونه طاهرا لما هو واضح من كونه عليه السلام جادا في بيان الحكم ، ما التفت اليه المكلف وسأل عنه وهو حكم اللحم نفسه فيكون ما ترك السؤال عنه إما واضحا عنده في كونه جائزا غير متنجس وهو المطلوب ، أو غافلا عنه فيكون أحوج الى بيان الحكم وتحذيره من ما ينجر اليه أمره إن غفل عن النجاسة وساورها فانتشرت لا سيما بناء على تنجيس المتنجس مطلقا.

واحتمال أن السكوت عنه إنما هو لأجل وضوح حال وجوب اجتنابه في غير محله جدا، لأن الاجتناب عن ملاقي أحد الأطراف أمر ابتلائي جدا، فلو كان واضحا للزم السؤال عنه ولو في بعض الأحاديث على غرار ما ورد من السؤال الذي لا يحصى عن ملاقاة النجاسات.

والانصاف أنه قد يصلح دليلا على حكم الملاقي فتأمل.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

29 Dec, 20:56


وليت السلف الصالح من المحققين في علم الأصول _ وهم يبذلون الجهود الكبيرة والمشكورة في تطبيق مسلك العلية أو الاقتضاء على المقام وملاحظة تداعيات الأمر وتفريعاته _ قد بذلوا مثل ذلك في تتبع النصوص الشريفة التي تصلح لتبين حكم الملاقي، فكل الصيد في جوف الفرا.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

29 Dec, 09:02


بحث الاصول ١٠٨٧ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة. رد القائلون بالاقتضاء والقائلون بالعلية.
٢٧ جمادى الثانية ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

29 Dec, 02:49


السابق رتبة ، فإنه يعتبر في منجزية العلم الاجمالي ان لا يكون مسبوقا بمنجز آخر موجب لتنجز أحد طرفيه والا فيخرج عن صلاحية المنجزية ومعه يرجع الشك في نجاسة الملاقي - بالكسر - ووجوب الاجتناب عنه إلى الشك البدوي فتجري فيه أصالة الطهارة "

أما على المختار من كون المنشأ في لزوم الاحتياط في الشبهة المحصورة هو الأدلة الشرعية فإن الميزان سيكون هو صلاحية ظواهر تلك الأدلة للمنع من ارتكاب الملاقي.

أما في حال تقدم الملاقاة على العلم فالظاهر من الأدلة لزوم الاحتياط ، فإن مفاد حديث (.. ضريس الكناسي قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن السمن والجبن نجده في ارض المشركين بالروم أ نأكله ؟، فقال : أما ما علمت أنه قد خلطه الحرام فلا تأكل، وأما ما لم تعلم فكله حتى تعلم أنه حرام )، أن المخلوط بالحرام نفسه يجب أن يجتنب ، وليس ما لاقاه فضلا عما احتمل أنه لاقاه.

وكذا حديث (إسحاق ابن عمار قال : سألته عن الرجل يشترى من العامل وهو يظلم قال : يشترى منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه أحدا).
فهو أجنبي عن الملاقي تماما.

وأما ما عن (عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل قال سئل عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو وليس يقدر على ماء غيره قال : يهريقهما جميعا ويتيمم) ، فقد يقال فيه أن الأمر بالإراقة لما في الاناءين من ماء كناية عن الحجر الشرعي التام على المكلف في الإفادة منهما بأي نحو من الأنحاء.
ولكن ذلك مردود بأن ....يتبع

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

29 Dec, 02:49


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٨٧
الأحد ٢٧ جمادى الثانية ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة. رد القائلون بالاقتضاء والقائلون بالعلية.

وبعد التوقف في البناء على رد الشيخ الأنصاري لتصوير العلم الإجمالي الثاني الذي يكون طرفاه الملاقي والطرف الآخر للملاقى قد تصدى القائلون بالاقتضاء والقائلون بالعلية لتقديم رد آخر يتناسب مع مبناهم.

أما القائلون بالاقتضاء كالمحقق النائيني وبعض تلامذته فقد كان الرد عندهم بحسب ما فصله السيد الخوئي هو " إنّ تنجيز العلم الاجمالي منوط ببطلان الترجيح بلا مرجّح ، فانّه بعد العلم الاجمالي لا يمكن جريان الأصل في جميع الأطراف ، للزوم المخالفة القطعية ، ولا في بعضها للزوم الترجيح بلا مرجح ، فتسقط الأُصول ويتنجّز التكليف لا محالة . وعليه فلو لم يجر الأصل في بعض الأطراف في نفسه لجهة من الجهات ، فلا مانع من جريان الأصل في الطرف الآخر ، فلا يكون العلم الاجمالي منجّزاً ، ولنذكر لتوضيح المقام أمثلة :

منها : ما لو علمنا إجمالاً بوقوع النجاسة في أحد المائعين مثلاً ، وكان أحدهما المعيّن محكوماً بالنجاسة لأجل الاستصحاب مثلاً قبل العلم الاجمالي ، فلا تجري فيه أصالة الطهارة بنفسها كي تكون معارضةً بجريانها في الطرف الآخر ، فتجري أصالة الطهارة في الطرف الآخر بلا معارض . وبعبارة أُخرى : لا يكون العلم الاجمالي المذكور علماً بالتكليف الفعلي على كل تقدير ، بل ليس إلاّ احتمال التكليف في الطرف الآخر ، فيجري الأصل النافي بلا معارض .

ومنها : ما لو كان مجرد الشك منجّزاً للتكليف في بعض الأطراف ، كما لو علمنا إجمالاً بأنّا لم نأت بصلاة العصر أو بصلاة العشاء ، وكان ذلك في الليل ، فانّ مجرد الشك في الاتيان بصلاة العشاء يكفي في تنجيز التكليف بالنسبة إليها ، لبقاء الوقت ، فوجوب الاتيان بها لا يحتاج إلى جريان أصالة عدم الاتيان فلا مانع من الرجوع إلى الأصل في الطرف الآخر وهو صلاة العصر ، فيرجع إلى قاعدة الحيلولة أو أصالة عدم وجوب القضاء ، لكونه بفرض جديد والأصل عدمه .

ومنها : ما لو علمنا بنجاسة أحد المائعين ، ثمّ علمنا إجمالاً بوقوع نجاسة في أحدهما أو في إناء ثالث ، فانّه لا أثر للعلم الاجمالي الثاني في تنجيز التكليف بالنسبة إلى الاناء الثالث ، لأنّ التكليف قد تنجّز بالعلم الاجمالي الأوّل بالنسبة إلى المائعين الأوّلين ، فليس العلم الاجمالي الثاني علماً بالتكليف على كل تقدير ، لاحتمال وقوع النجاسة في أحد المائعين الأوّلين ، وقد تنجّز التكليف فيهما بالعلم الأوّل ، فليس في الاناء الثالث إلاّ احتمال التكليف ، وينفيه الأصل الجاري بلا معارض .

ومقامنا من هذا القبيل بعينه ، فانّ العلم الاجمالي بنجاسة الملاقي - بالكسر – أو الطرف الآخر وإن كان حاصلاً بعد العلم بالملاقاة ، إلاّ أنّه لا يمنع عن جريان الأصل في الملاقي - بالكسر - لأنّ الأصل الجاري في الطرف الآخر قد سقط للمعارضة قبل حدوث العلم الثاني ، فليس العلم الاجمالي الثاني علماً بالتكليف الفعلي على كل تقدير ، إذ يحتمل أن يكون النجس هو الطرف الآخر المفروض تنجّز التكليف بالنسبة إليه للعلم السابق ، ومعه لا يبقى إلاّ احتمال التكليف في الملاقي - بالكسر - فيجري فيه الأصل النافي بلا معارض . وقد أشرنا سابقاً إلى أنّه يعتبر في تنجيز العلم الاجمالي أن لا يكون التكليف في بعض أطرافه منجّزاً بمنجّز سابق على العلم الاجمالي ، إذ معه لا يبقى إلاّ احتمال التكليف في الطرف الآخر ، ولا مانع من الرجوع إلى الأصل النافي .

هذا كلّه فيما إذا لم يكن الطرف الآخر الذي هو عدل للملاقى - بالفتح - مجرى لأصل طولي سليم عن المعارض ، كما إذا علمنا بنجاسة أحد المائعين ثمّ لاقى أحدهما شيء آخر .

وأمّا إذا كان كذلك ، كما إذا علمنا بنجاسة مرددة بين الثوب والماء ثمّ لاقى الثوب شيء آخر ، فتسقط أصالة الطهارة في الطرفين للمعارضة ، وتبقى أصالة الحل في الماء بلا معارض ، لعدم جريانها في الثوب في نفسها ، فيقع التعارض حينئذ بين أصالة الطهارة في الملاقي - بالكسر - وبين أصالة الإباحة في الماء فانّا نعلم إجمالاً بأنّ هذا الملاقي نجس ، أو أنّ هذا الماء حرام ، وبعد تساقط الأصلين يكون العلم الاجمالي بالنسبة إلى الملاقي - بالكسر - أيضاً منجّزاً ، فيجب الاجتناب عنه أيضاً في هذا الفرض".

وأما على القول بعلية العلم الإجمالي للتنجيز وأن ذلك ليس ناشئا من تعارض الاصول العملية الجارية في الأطراف فيكون وجه التخلص من الإشكال هو ما ذكره المحقق العراقي أعلى الله مقامه ، وحاصله " إذا كان العلم بنجاسة الملاقي أو الطرف ناشئا عن العلم بنجاسة الملاقى أو الطرف ، فلا شبهة في اختصاص التأثير بالعلم الاجمالي السابق بنجاسة الملاقى - بالفتح - أو الطرف وانه لا أثر معه للعلم الاجمالي المتأخر رتبة من جهة تنجز التكليف بالاجتناب عن الطرف في المرتبة السابقة بالعلم الاجمالي

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

28 Dec, 09:04


بحث الأصول ١٠٨٦ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة. اشكال السيد الجد ره.
٢٦ جمادى الثانية ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

27 Dec, 18:47


لا يبقى إلاّ احتمال التكليف في الملاقي - بالكسر - فيجري فيه الأصل النافي بلا معارض . وقد أشرنا سابقاً إلى أنّه يعتبر في تنجيز العلم الاجمالي أن لا يكون التكليف في بعض أطرافه منجّزاً بمنجّز سابق على العلم الاجمالي ، إذ معه لا يبقى إلاّ احتمال التكليف في الطرف الآخر ، ولا مانع من الرجوع إلى الأصل النافي .

هذا كلّه فيما إذا لم يكن الطرف الآخر الذي هو عدل للملاقى - بالفتح - مجرى لأصل طولي سليم عن المعارض ، كما إذا علمنا بنجاسة أحد المائعين ثمّ لاقى أحدهما شيء آخر .

وأمّا إذا كان كذلك ، كما إذا علمنا بنجاسة مرددة بين الثوب والماء ثمّ لاقى الثوب شيء آخر ، فتسقط أصالة الطهارة في الطرفين للمعارضة ، وتبقى أصالة الحل في الماء بلا معارض ، لعدم جريانها في الثوب في نفسها ، فيقع التعارض حينئذ بين أصالة الطهارة في الملاقي - بالكسر - وبين أصالة الإباحة في الماء فانّا نعلم إجمالاً بأنّ هذا الملاقي نجس ، أو أنّ هذا الماء حرام ، وبعد تساقط الأصلين يكون العلم الاجمالي بالنسبة إلى الملاقي - بالكسر - أيضاً منجّزاً ، فيجب الاجتناب عنه أيضاً في هذا الفرض".

وأما على القول بعلية العلم الإجمالي للتنجيز وأن ذلك ليس ناشئا من تعارض الاصول العملية الجارية في الأطراف فيكون وجه التخلص من الإشكال هو ما ذكره المحقق العراقي أعلى الله مقامه وحاصله...

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

27 Dec, 18:47


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٨٦
السبت ٢٦ جمادى الثانية ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة. اشكال السيد الجد ره.

نعم لو كان (الملاقي) مسبوقا بالطهارة أمكن في بعض الصور معارضة أصالة الحل فيهما باستصحاب الطهارة فيه (قبل جريان أصالة الطهارة لأن الاستصحاب مقدم على الأصل التنزيلي) وبعد التعارض (بين استصحاب الطهارة في الملاقي وأصالة الطهارة في الطرف الآخر وتساقطهما ) يرجع إلى أصل الطهارة فيه (أي في الملاقي فيصح كلام الشيخ في هذه الصورة).

لكن قد يكون ( الطرفان )الأصليان مسبوقين بالحل فيتعارض استصحاب الحل فيهما باستصحاب الطهارة فيه (أي في الملاقي) ثم يتعارض أصل الحل فيهما بقاعدة الطهارة فيه ويرجع فيه إلى أصل الحل لا غير. فتأمل جيدا".

وهو متين بناء على القول بالعلية ، علما أن ما ذكره قدس سره في آخر كلامه قريب من ما هو منقول عن السيد حيدر الصدر طاب ثراه وهو ما يعرف بالشبهة الحيدرية، وهو بحسب توضيح السيد الخوئي قدس سره " أنّه كما أنّ جريان أصالة الطهارة في الملاقي - بالكسر - في طول جريان أصالة الطهارة في الملاقى - بالفتح - كذلك جريان أصالة الحل في الطرفين في طول جريان أصالة الطهارة فيهما ، إذ لو أُجريت أصالة الطهارة وحكم بالطهارة لا تصل النوبة إلى جريان أصالة الحل ، فتكون أصالة الطهارة في الملاقي - بالكسر - وأصالة الحل في الطرف الآخر في مرتبة واحدة ، لكون كليهما مسببياً ، فانّا نعلم إجمالاً - بعد تساقط أصالة الطهارة في الطرفين - بأن هذا الملاقي - بالكسر - نجس أو أنّ الطرف الآخر حرام ، فيقع التعارض بين أصالة الطهارة في الملاقي وأصالة الحل في الطرف الآخر ويتساقطان ، فيجب الاجتناب عن الملاقي .
نعم ، لا مانع من جريان أصالة الحل في الملاقي - بالكسر - بعد سقوط أصالة الطهارة فيه للمعارضة بأصالة الحل في الطرف الآخر ، لعدم معارض له في هذه المرتبة".

وبعد التوقف في البناء على رد الشيخ الأنصاري لتصوير العلم الإجمالي الثاني الذي يكون طرفاه الملاقي والطرف الآخر للملاقى قد تصدى القائلون بالاقتضاء والقائلون بالعلية لتقديم رد آخر يتناسب مع مبناهم
أما القائلون بالاقتضاء كالمحقق النائيني وبعض تلامذته فقد كان الرد عندهم بحسب ما فصله السيد الخوئي هو " إنّ تنجيز العلم الاجمالي منوط ببطلان الترجيح بلا مرجّح ، فانّه بعد العلم الاجمالي لا يمكن جريان الأصل في جميع الأطراف ، للزوم المخالفة القطعية ، ولا في بعضها للزوم الترجيح بلا مرجح ، فتسقط الأُصول ويتنجّز التكليف لا محالة . وعليه فلو لم يجر الأصل في بعض الأطراف في نفسه لجهة من الجهات ، فلا مانع من جريان الأصل في الطرف الآخر ، فلا يكون العلم الاجمالي منجّزاً ، ولنذكر لتوضيح المقام أمثلة :

منها : ما لو علمنا إجمالاً بوقوع النجاسة في أحد المائعين مثلاً ، وكان أحدهما المعيّن محكوماً بالنجاسة لأجل الاستصحاب مثلاً قبل العلم الاجمالي ، فلا تجري فيه أصالة الطهارة بنفسها كي تكون معارضةً بجريانها في الطرف الآخر ، فتجري أصالة الطهارة في الطرف الآخر بلا معارض . وبعبارة أُخرى : لا يكون العلم الاجمالي المذكور علماً بالتكليف الفعلي على كل تقدير ، بل ليس إلاّ احتمال التكليف في الطرف الآخر ، فيجري الأصل النافي بلا معارض .

ومنها : ما لو كان مجرد الشك منجّزاً للتكليف في بعض الأطراف ، كما لو علمنا إجمالاً بأنّا لم نأت بصلاة العصر أو بصلاة العشاء ، وكان ذلك في الليل ، فانّ مجرد الشك في الاتيان بصلاة العشاء يكفي في تنجيز التكليف بالنسبة إليها ، لبقاء الوقت ، فوجوب الاتيان بها لا يحتاج إلى جريان أصالة عدم الاتيان فلا مانع من الرجوع إلى الأصل في الطرف الآخر وهو صلاة العصر ، فيرجع إلى قاعدة الحيلولة أو أصالة عدم وجوب القضاء ، لكونه بفرض جديد والأصل عدمه .

ومنها : ما لو علمنا بنجاسة أحد المائعين ، ثمّ علمنا إجمالاً بوقوع نجاسة في أحدهما أو في إناء ثالث ، فانّه لا أثر للعلم الاجمالي الثاني في تنجيز التكليف بالنسبة إلى الاناء الثالث ، لأنّ التكليف قد تنجّز بالعلم الاجمالي الأوّل بالنسبة إلى المائعين الأوّلين ، فليس العلم الاجمالي الثاني علماً بالتكليف على كل تقدير ، لاحتمال وقوع النجاسة في أحد المائعين الأوّلين ، وقد تنجّز التكليف فيهما بالعلم الأوّل ، فليس في الاناء الثالث إلاّ احتمال التكليف ، وينفيه الأصل الجاري بلا معارض .

ومقامنا من هذا القبيل بعينه ، فانّ العلم الاجمالي بنجاسة الملاقي - بالكسر – أو الطرف الآخر وإن كان حاصلاً بعد العلم بالملاقاة ، إلاّ أنّه لا يمنع عن جريان الأصل في الملاقي - بالكسر - لأنّ الأصل الجاري في الطرف الآخر قد سقط للمعارضة قبل حدوث العلم الثاني ، فليس العلم الاجمالي الثاني علماً بالتكليف الفعلي على كل تقدير ، إذ يحتمل أن يكون النجس هو الطرف الآخر المفروض تنجّز التكليف بالنسبة إليه للعلم السابق ، ومعه

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

25 Dec, 09:58


بحث الاصول ١٠٨٥ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة. اشكال السيد الجد ره.
٢٣ جمادى الثانية ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

24 Dec, 19:15


منها : ما لو علمنا إجمالاً بوقوع النجاسة في أحد المائعين مثلاً ، وكان أحدهما المعيّن محكوماً بالنجاسة لأجل الاستصحاب مثلاً قبل العلم الاجمالي ، فلا تجري فيه أصالة الطهارة بنفسها كي تكون معارضةً بجريانها في الطرف الآخر ، فتجري أصالة الطهارة في الطرف الآخر بلا معارض . وبعبارة أُخرى : لا يكون العلم الاجمالي المذكور علماً بالتكليف الفعلي على كل تقدير ، بل ليس إلاّ احتمال التكليف في الطرف الآخر ، فيجري الأصل النافي بلا معارض
.
ومنها : ما لو كان مجرد الشك منجّزاً للتكليف في بعض الأطراف ، كما لو علمنا إجمالاً بأنّا لم نأت بصلاة العصر أو بصلاة العشاء ، وكان ذلك في الليل ، فانّ مجرد الشك في الاتيان بصلاة العشاء يكفي في تنجيز التكليف بالنسبة إليها ، لبقاء الوقت ، فوجوب الاتيان بها لا يحتاج إلى جريان أصالة عدم الاتيان فلا مانع من الرجوع إلى الأصل في الطرف الآخر وهو صلاة العصر ، فيرجع إلى قاعدة الحيلولة أو أصالة عدم وجوب القضاء ، لكونه بفرض جديد والأصل عدمه.

ومنها : ما لو علمنا بنجاسة أحد المائعين ، ثمّ علمنا إجمالاً بوقوع نجاسة في أحدهما أو في إناء ثالث ، فانّه لا أثر للعلم الاجمالي الثاني في تنجيز التكليف بالنسبة إلى الاناء الثالث ، لأنّ التكليف قد تنجّز بالعلم الاجمالي الأوّل بالنسبة إلى المائعين الأوّلين ، فليس العلم الاجمالي الثاني علماً بالتكليف على كل تقدير ، لاحتمال وقوع النجاسة في أحد المائعين الأوّلين ، وقد تنجّز التكليف فيهما بالعلم الأوّل ، فليس في الاناء الثالث إلاّ احتمال التكليف ، وينفيه الأصل الجاري بلا معارض.

ومقامنا من هذا القبيل بعينه ، فانّ العلم الاجمالي بنجاسة الملاقي - بالكسر – أو الطرف الآخر وإن كان حاصلاً بعد العلم بالملاقاة ، إلاّ أنّه لا يمنع عن جريان الأصل في الملاقي - بالكسر - لأنّ الأصل الجاري في الطرف الآخر قد سقط للمعارضة قبل حدوث العلم الثاني ، فليس العلم الاجمالي الثاني علماً بالتكليف الفعلي على كل تقدير ، إذ يحتمل أن يكون النجس هو الطرف الآخر المفروض تنجّز التكليف بالنسبة إليه للعلم السابق ، ومعه لا يبقى إلاّ احتمال التكليف في الملاقي - بالكسر - فيجري فيه الأصل النافي بلا معارض . وقد أشرنا سابقاً إلى أنّه يعتبر في تنجيز العلم الاجمالي أن لا يكون التكليف في بعض أطرافه منجّزاً بمنجّز سابق على العلم الاجمالي ، إذ معه لا يبقى إلاّ احتمال التكليف في الطرف الآخر ، ولا مانع من الرجوع إلى الأصل النافي.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

23 Dec, 20:24


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٨٤
الثلاثاء ٢٢ جمادى الثانية ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة. نظر الشيخ الأنصاري ره واشكال السيد الجد ره.

الأول : ما ذهب اليه الشيخ الأنصاري قدس سره وحاصله " أن أصالة الطهارة والحل في الملاقي - بالكسر - سليم عن معارضة أصالة طهارة المشتبه الآخر ، بخلاف أصالة الطهارة والحل في الملاقى - بالفتح - فإنها معارضة بها في المشتبه الآخر .

والسر في ذلك : أن الشك في الملاقي - بالكسر - ناش عن الشبهة المتقومة بالمشتبهين ، فالأصل فيهما أصل في الشك السببي ، والأصل فيه أصل في الشك المسببي ، وقد تقرر في محله: أن الأصل في الشك السببي حاكم على الأصل في الشك المسببي - سواء كان مخالفا له ، كما في أصالة طهارة الماء الحاكمة على أصالة نجاسة الثوب النجس المغسول به ، أم موافقا له كما في أصالة طهارة الماء الحاكمة على أصالة إباحة الشرب - ، فما دام الأصل الحاكم الموافق أو المخالف يكون جاريا لم يجر الأصل المحكوم ، لأن الأول رافع شرعي للشك المسبب بمنزلة الدليل بالنسبة إليه ، وإذا لم يجر الأصل الحاكم لمعارضته بمثله زال المانع من جريان الأصل في الشك المسبب ووجب الرجوع إليه، لأنه كالأصل بالنسبة إلى المتعارضين.

فالتحقيق في تعارض الأصلين مع اتحاد مرتبتهما لاتحاد الشبهة الموجبة لهما : الرجوع إلى ما وراءهما من الأصول التي لو كان أحدهما سليما عن المعارض لم يرجع إليه ، سواء كان هذا الأصل مجانسا لهما أو من غير جنسهما كقاعدة الطهارة في المثالين، فافهم واغتنم .

نعم ، لو حصل للأصل في هذا الملاقي - بالكسر - أصل آخر في مرتبته كما لو وجد معه ملاقي المشتبه الآخر ، كانا من الشبهة المحصورة .

ولو كان ملاقاة شئ لأحد المشتبهين قبل العلم الإجمالي وفقد الملاقى - بالفتح - ثم حصل العلم الإجمالي بنجاسة المشتبه الباقي أو المفقود ، قام ملاقيه مقامه في وجوب الاجتناب عنه وعن الباقي ، لأن أصالة الطهارة في الملاقي - بالكسر - معارضة بأصالة الطهارة في المشتبه الآخر ، لعدم جريان الأصل في المفقود حتى يعارضه ، لعدم جريان الأصل في ما لا يبتلي به المكلف ولا أثر له بالنسبة إليه.

فمحصل ما ذكرنا : أن العبرة في حكم الملاقي بكون أصالة طهارته سليمة أو معارضة" .

وتوضيح المنشأ بتقدم الأصل السببي على الأصل المسببي هو أن الأصل الجاري في السبب ينفي الشك وهو موضوع الاصل المسببي ولا معارض له في هذا النفي ، حيث إن أدلة الأصل الجاري في المسبب غير متكلفة لإثبات وجود موضوعه أو نفيه وإنما هي تثبت الحكم على تقدير وجود موضوعها.

ومثاله المعروف الماء المشكوك طهارته فيما إذا غسلنا به ثوبا متنجسا فإن قاعدة الطهارة الجارية في الماء لا تبقي شكا في طهارة الثوب المغسول به ليجري فيه استصحاب نجاسته لأنه من الآثار الشرعية المترتبة على طهارة الماء طهارة المتنجس المغسول به فهي رافعة لموضوع استصحاب النجاسة الجاري في الثوب ، وأدلة الاستصحاب لا تتكفل بإثبات وجود موضوعه في الثوب ، وهذا بخلاف ما لو عكسنا الأمر وأجرينا الاستصحاب المسببي ، لأن نجاسة الثوب وبقائها مما لا يترتب على نجاسة الماء شرعا إلا بالملازمة العقلية لأنه لو كان طاهرا لطهر الثوب فيه.

وإذا تبين لك هذا واتضح عندك مرام الشيخ فاعلم أنه قد استشكل فيه سيدنا الجد في مستمسكه وفي حقائقه أيضا فاختصر في المستمسك فقال :" أن هذا مبني على أن المانع من جريان الأصل المرخص في طرف العلم الاجمالي هو المعارضة ، وقد عرفت أنه خلاف التحقيق ، بل المانع نفس العلم من جهة اقتضائه تنجيز متعلقه المردد بين الأطراف ، فالترخيص في ارتكاب طرف منها مخالفة لمقتضى العلم ، وذلك يؤدي إلى احتمال التناقض ".

وتفصيل إشكاله على الشيخ في حقائقه مع توضيح منا هو : " أنه مبني على القول بأن المانع من جريان الأصل في طرف العلم الاجمالي هو المعارضة ( بين الأصول الترخيصية الجارية في أطرافه ، وهو المعروف بالقول بالاقتضاء ) ، دون العلم الاجمالي المبتني على كون العلم الاجمالي علة تامة لحرمة المخالفة القطعية الحاصلة من جريان الأصل في تمام الأطراف دون وجوب الموافقة القطعية، (أي أن العلم الإجمالي علة تامة لحرمة المخالفة لا لوجوب الموافقة القطعية) وقد عرفت أن التحقيق هو الثاني. وحينئذ لا مجال لجريان الأصل في بعض الأطراف وإن لم يكن له معارض لأن اجراءه مخالفة احتمالية، (ومن ثم لا مجال لجريان أصالة الطهارة في الملاقي لكون العلم الإجمالي مانعا منها فإن المكلف يعلم إجمالا إما بنجاسة الملاقي أو نجاسة الطرف الآخر غير الملاقى، وبذلك تعرف على القول بالعلية وجود المانع العقلي من جريان الأصل وهو العلم الإجمالي )، مضافا إلى (الدليل الثاني الذي يستند الى المانع الشرعي من جريان الأصل وهو) أن أصالة الطهارة في الملاقي - بالكسر - معارضة بأصالة الحل في الأصليين لأنها فيهما أصل مسببي يرجع إليها بعد تعارض

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

23 Dec, 20:24


أصالة الطهارة فيهما وبعد التعارض يرجع إلى أصالة الحل في الملاقي - بالكسر - ولازم ذلك جواز شربه و( لكن مع ) عدم ترتيب آثار الطهارة عليه ( وبذلك تتضح مناقشة كلام الشيخ قدس سره ودعوى جريان أصالة الطهارة في الملاقي بلا معارض).

نعم لو كان (الملاقي) مسبوقا بالطهارة أمكن في بعض الصور معارضة أصالة الحل فيهما باستصحاب الطهارة فيه (قبل جريان أصالة الطهارة لأن الاستصحاب مقدم على الأصل التنزيلي) وبعد التعارض (بين استصحاب الطهارة في الملاقي وأصالة الطهارة في الطرف الآخر وتساقطهما ) يرجع إلى أصل الطهارة فيه (أي في الملاقي فيصح كلام الشيخ في هذه الصورة).

لكن قد يكون ( الطرفان )الأصليان مسبوقين بالحل فيتعارض استصحاب الحل فيهما باستصحاب الطهارة فيه (أي في الملاقي) ثم يتعارض أصل الحل فيهما بقاعدة الطهارة فيه ويرجع فيه إلى أصل الحل لا غير. فتأمل جيدا".

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

23 Dec, 08:34


بحث الاصول ١٠٨٣ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة.
٢١ جمادى الثانية ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

23 Dec, 03:42


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٨٣
الإثنين ٢١ جمادى الثانية ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة.

التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة.

إن الملاقاة لأحد أطراف الشبهة المحصورة التي يعلم فيها نجاسة أحد الأطراف ، تارة ينظر فيها الى كون الملاقي يأخذ حكم الملاقى فيجري فيه ما يجري فيه ، وهذا احتمال ضعيف يحرر في كتاب الطهارة ويتبين هناك أن المتنجس غير عين النجاسة وأن ملاقي المتنجس ليس بحكم المتنجس حقيقة وإنما هو ملحق به بحكم الشارع، ومن ثم فإن ملاقي أحد الأطراف لا يحكم بنجاسته بل غاية الأمر فيه أن يكون مشكوك النجاسة فتجري فيه أصالة الطهارة ، ويبنى على طهارته وإن كان يجب الاحتياط في أطراف الشبهة المحصورة ومنها الملاقى.

ولكن قد يدعى ان لزوم الاجتناب عن ملاقي النجس وإن كان حكما مستقلا غير وجوب الاجتناب عن النجس نفسه ، لكن هذا لا يضر في لزوم الاجتناب عن ملاقي أحد المشتبهين بالنجس ، وذلك لأنه يكون طرفا لعلم إجمالي آخر يقتضي تنجز التكليف فيه ، فإنه عند تحقق الملاقاة يحصل عند المكلف علم إجمالي اخر بنجاسة أحد الإناءين ، إما الملاقي - بالكسر - أو الطرف الاخر للملاقى - بالفتح - ، وهذا العلم الاجمالي يوجب تنجز التكليف في الملاقي ، كاستلزام العلم الاجمالي الذي طرفاه الملاقي والاناء الاخر لتنجيز طرفيه. وقد تصدى الأعلام الى دفع هذه الدعوى، ونفي منجزية هذا العلم الإجمالي الآخر، واليك أهم ما ذكروه في هذا الشأن :

الأول : ما ذهب اليه الشيخ الأنصاري قدس سره وحاصله " أن أصالة الطهارة والحل في الملاقي - بالكسر - سليم عن معارضة أصالة طهارة المشتبه الآخر ، بخلاف أصالة الطهارة والحل في الملاقى - بالفتح - فإنها معارضة بها في المشتبه الآخر .

والسر في ذلك : أن الشك في الملاقي - بالكسر - ناش عن الشبهة المتقومة بالمشتبهين ، فالأصل فيهما أصل في الشك السببي ، والأصل فيه أصل في الشك المسببي ، وقد تقرر في محله: أن الأصل في الشك السببي حاكم على الأصل في الشك المسببي - سواء كان مخالفا له ، كما في أصالة طهارة الماء الحاكمة على أصالة نجاسة الثوب النجس المغسول به ، أم موافقا له كما في أصالة طهارة الماء الحاكمة على أصالة إباحة الشرب - ، فما دام الأصل الحاكم الموافق أو المخالف يكون جاريا لم يجر الأصل المحكوم ، لأن الأول رافع شرعي للشك المسبب بمنزلة الدليل بالنسبة إليه ، وإذا لم يجر الأصل الحاكم لمعارضته بمثله زال المانع من جريان الأصل في الشك المسبب ووجب الرجوع إليه ، لأنه كالأصل بالنسبة إلى المتعارضين .

فالتحقيق في تعارض الأصلين مع اتحاد مرتبتهما لاتحاد الشبهة الموجبة لهما : الرجوع إلى ما وراءهما من الأصول التي لو كان أحدهما سليما عن المعارض لم يرجع إليه ، سواء كان هذا الأصل مجانسا لهما أو من غير جنسهما كقاعدة الطهارة في المثالين ، فافهم واغتنم .

نعم ، لو حصل للأصل في هذا الملاقي - بالكسر - أصل آخر في مرتبته كما لو وجد معه ملاقي المشتبه الآخر ، كانا من الشبهة المحصورة .

ولو كان ملاقاة شئ لأحد المشتبهين قبل العلم الإجمالي وفقد الملاقى - بالفتح - ثم حصل العلم الإجمالي بنجاسة المشتبه الباقي أو المفقود ، قام ملاقيه مقامه في وجوب الاجتناب عنه وعن الباقي ، لأن أصالة الطهارة في الملاقي - بالكسر - معارضة بأصالة الطهارة في المشتبه الآخر ، لعدم جريان الأصل في المفقود حتى يعارضه ، لعدم جريان الأصل في ما لا يبتلي به المكلف ولا أثر له بالنسبة إليه.

فمحصل ما ذكرنا : أن العبرة في حكم الملاقي بكون أصالة طهارته سليمة أو معارضة" .

وقد استشكل فيه سيدنا الجد في حقائقه بتوضيح منا فقال : " أنه مبني على القول بأن المانع من جريان الأصل في طرف العلم الاجمالي هو المعارضة ( بين الأصول الترخيصية الجارية في أطرافه ، وهو المعروف بالقول بالاقتضاء ) ، دون العلم الاجمالي المبتني على كون العلم الاجمالي علة تامة لحرمة المخالفة القطعية الحاصلة من جريان الأصل في تمام الأطراف دون وجوب الموافقة القطعية، (أي أن العلم الإجمالي علة تامة لحرمة المخالفة لا لوجوب الموافقة القطعية) وقد عرفت أن التحقيق هو الثاني. وحينئذ لا مجال لجريان الأصل في بعض الأطراف وإن لم يكن له معارض لأن اجراءه مخالفة احتمالية، (ومن ثم لا مجال لجريان أصالة الطهارة في الملاقي لكون العلم الإجمالي مانعا منها فإن المكلف يعلم إجمالا إما بنجاسة الملاقي أو نجاسة الطرف الآخر غير الملاقى، وبذلك تعرف على القول بالعلية وجود المانع العقلي من جريان الأصل وهو العلم الإجمالي )، مضافا إلى (الدليل الثاني الذي يستند الى المانع الشرعي من جريان الأصل وهو) أن أصالة الطهارة في الملاقي - بالكسر - معارضة بأصالة الحل في الأصليين لأنها فيهما أصل مسببي يرجع إليها بعد تعارض أصالة الطهارة فيهما وبعد التعارض يرجع إلى أصالة الحل في الملاقي -

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

23 Dec, 03:42


بالكسر - ولازم ذلك جواز شربه و( لكن مع ) عدم ترتيب آثار الطهارة عليه ( وبذلك تتضح مناقشة كلام الشيخ قدس سره ودعوى جريان أصالة الطهارة في الملاقي بلا معارض).

نعم لو كان (الملاقي) مسبوقا بالطهارة أمكن في بعض الصور معارضة أصالة الحل فيهما باستصحاب الطهارة فيه (قبل جريان أصالة الطهارة لأن الاستصحاب مقدم على الأصل التنزيلي) وبعد التعارض (بين استصحاب الطهارة في الملاقي وأصالة الطهارة في الطرف الآخر وتساقطهما ) يرجع إلى أصل الطهارة فيه (أي في الملاقي فيصح كلام الشيخ في هذه الصورة).

لكن قد يكون ( الطرفان )الأصليان مسبوقين بالحل فيتعارض استصحاب الحل فيهما باستصحاب الطهارة فيه (أي في الملاقي) ثم يتعارض أصل الحل فيهما بقاعدة الطهارة فيه ويرجع فيه إلى أصل الحل لا غير . فتأمل جيدا" .

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

22 Dec, 08:55


بحث الاصول ١٠٨٢ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه التاسع : أثر اختلاف الأصول في الرتبة. تتمة نظر السيد الخوئي ره.
٢٠ جمادى الثانية ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

21 Dec, 21:19


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٨٢
الأحد ٢٠ جمادى الثانية ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه التاسع : أثر اختلاف الأصول في الرتبة. تتمة نظر السيد الخوئي ره. التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة.

ومن هنا انتهى قدس سره الى "حكم صورة ثالثة، وهي العلم الاجمالي بنجاسة أحدهما أو غصبية الآخر، كما إذا علمنا إجمالاً بنجاسة الماء أو غصبية التراب ، فيجري الكلام السابق من تساقط الأُصول وتنجيز العلم الاجمالي ، ودوران الأمر بين المحذورين والاكتفاء بالموافقة الاحتمالية ، إلاّ أنّه يجب الوضوء في الفرض المذكور، ولا يجوز التيمم بحكم العقل ، إذ في الوضوء احتمال الموافقة مع عدم احتمال الحرمة وعدم احتمال العقاب أصلاً ، بخلاف التيمم ، فانّ فيه احتمال الموافقة مع احتمال الحرمة من جهة احتمال الغصبية ، فتعيّن الوضوء بحكم العقل. ولو انعكس الأمر انعكس الحكم ، أي لو علمنا إجمالاً بأنّ الماء غصب أو التراب نجس ، تعيّن عليه التيمم بحكم العقل لعين ما ذكرناه".

وهو تام على مبنى الاستدلال لوجوب الموافقة القطعية بالتعارض بين الأصول المؤمنة ، وأما على المختار من أن الحجة في وجوب الموافقة القطعية في الشبهة المحصورة هي النصوص الدالة على الاحتياط فإن الظاهر منها هو لزوم الاحتياط؛ إذ لا موضوعية للطولية الشرعية بين أطرافها في ما يستفاد من مجموع النصوص الشريفة التي هي الحجة الأساسية على لزوم الاحتياط في الشبهة غير المحصورة، من قبيل ما تضمن (كل شئ لك حلال حتى يجيئك شاهدان يشهدان عندك أن فيه ميتة)، و(..يشترى منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه أحدا) ، و(وأما ما لم تعلم فكله حتى تعلم أنه حرام)، و(..يهريقهما ويتيمم) وغيرها.

أما في الصورة الثانية (التي يفترض أن للتراب في المثال أثر غير الأثر الشرعي الذي يكون في طول أثر الماء) فالأمر واضح.
وأما في الصورة الأولى فكذلك لأن إطلاق أدلة المنع شامل لما كان بين أطرافه طولية أو لم يكن فيه طولية لأن النكتة في استفادة وجوب الاحتياط من الأدلة هي أن الشارع في الأطراف القليلة من العلم الإجمالي يغلّب أهمية الامتثال وتحصيل الواقع على مصلحة التسهيل التي ظهر فيها لطفه التشريعي كثيرا ، وعلى هذا الأساس جمعنا بين النصوص التي دلت على لزوم الاحتياط في الشبهة المحصورة والنصوص التي دلت على عدم لزوم الاحتياط في الأطراف الكثيرة التي حملنا على أساسها معنى الشبهة غير المحصورة على الأطراف الكثيرة التي يغلب على الظن بسبب كثرتها عدم الارتطام بارتكاب المعلوم بالإجمال فيها، وعلى أي حال ففي المقام عندما يكون المحرم دائرا بين طرفين يلزم الاحتياط لهما وإن كانت هناك طولية بين الطرفين.
وبه تلحق الصورة الثالثة أيضا.

التنبيه العاشر : في حكم ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة

إن الملاقاة لأحد أطراف الشبهة المحصورة التي يعلم فيها نجاسة أحد الأطراف ، تارة ينظر فيها الى كون الملاقي يأخذ حكم الملاقى فيجري فيه ما يجري فيه ، وهذا احتمال ضعيف يحرر في كتاب الطهارة ويتبين هناك أن المتنجس غير عين النجاسة وأن ملاقي المتنجس ليس بحكم المتنجس حقيقة وإنما هو ملحق به بحكم الشارع، ومن ثم فإن ملاقي أحد الأطراف لا يحكم بنجاسته بل غاية الأمر فيه أن يكون مشكوك النجاسة فتجري فيه أصالة الطهارة ، ويبنى على طهارته وإن كان يجب الاحتياط في أطراف الشبهة المحصورة ومنها الملاقى.

ولكن قد يدعى ان لزوم الاجتناب عن ملاقي النجس وإن كان حكما مستقلا غير وجوب الاجتناب عن النجس نفسه ، لكن هذا لا يضر في لزوم الاجتناب عن ملاقي أحد المشتبهين بالنجس ، وذلك لأنه يكون طرفا لعلم إجمالي آخر يقتضي تنجز التكليف فيه ، فإنه عند تحقق الملاقاة يحصل عند المكلف علم إجمالي اخر بنجاسة أحد الإناءين ، إما الملاقي - بالكسر - أو الطرف الاخر للملاقى - بالفتح - ، وهذا العلم الاجمالي يوجب تنجز التكليف في الملاقي ، كاستلزام العلم الاجمالي الذي طرفاه الملاقي والاناء الاخر لتنجيز طرفيه.

وقد تصدى الأعلام الى دفع هذه الدعوى، ونفي منجزية هذا العلم الإجمالي الآخر، واليك أهم ما ذكروه في هذا الشأن :

الأول : ما ذهب اليه الشيخ الأنصاري قدس سره وحاصله " أن أصالة الطهارة والحل في الملاقي - بالكسر - سليم عن معارضة أصالة طهارة المشتبه الآخر ، بخلاف أصالة الطهارة والحل في الملاقى - بالفتح - فإنها معارضة بها في المشتبه الآخر .

والسر في ذلك : أن الشك في الملاقي - بالكسر - ناش عن الشبهة المتقومة بالمشتبهين ، فالأصل فيهما أصل في الشك السببي ، والأصل فيه أصل في الشك المسببي ، وقد تقرر في محله: أن الأصل في الشك السببي حاكم على الأصل في الشك المسببي - سواء كان مخالفا له ، كما في أصالة طهارة الماء الحاكمة على أصالة نجاسة الثوب النجس المغسول به ، أم موافقا له كما في أصالة طهارة الماء الحاكمة على أصالة إباحة الشرب - ، فما دام الأصل الحاكم الموافق أو المخالف يكون جاريا لم يجر الأصل

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

21 Dec, 21:19


المحكوم ، لأن الأول رافع شرعي للشك المسبب بمنزلة الدليل بالنسبة إليه ، وإذا لم يجر الأصل الحاكم لمعارضته بمثله زال المانع من جريان الأصل في الشك المسبب ووجب الرجوع إليه ، لأنه كالأصل بالنسبة إلى المتعارضين .

فالتحقيق في تعارض الأصلين مع اتحاد مرتبتهما لاتحاد الشبهة الموجبة لهما : الرجوع إلى ما وراءهما من الأصول التي لو كان أحدهما سليما عن المعارض لم يرجع إليه ، سواء كان هذا الأصل مجانسا لهما أو من غير جنسهما كقاعدة الطهارة في المثالين ، فافهم واغتنم .

نعم ، لو حصل للأصل في هذا الملاقي - بالكسر - أصل آخر في مرتبته كما لو وجد معه ملاقي المشتبه الآخر ، كانا من الشبهة المحصورة .

ولو كان ملاقاة شئ لأحد المشتبهين قبل العلم الإجمالي وفقد الملاقى - بالفتح - ثم حصل العلم الإجمالي بنجاسة المشتبه الباقي أو المفقود ، قام ملاقيه مقامه في وجوب الاجتناب عنه وعن الباقي ، لأن أصالة الطهارة في الملاقي - بالكسر - معارضة بأصالة الطهارة في المشتبه الآخر ، لعدم جريان الأصل في المفقود حتى يعارضه ، لعدم جريان الأصل في ما لا يبتلي به المكلف ولا أثر له بالنسبة إليه.

فمحصل ما ذكرنا : أن العبرة في حكم الملاقي بكون أصالة طهارته سليمة أو معارضة" .

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

21 Dec, 09:35


بحث الاصول ١٠٨١ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه التاسع : أثر اختلاف الأصول في الرتبة.
١٩ جمادى الثانية ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

20 Dec, 19:28


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٨١
السبت ١٩ جمادى الثانية ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه التاسع : أثر اختلاف الأصول في الرتبة.

وقد فصل السيد الخوئي قدس سره القول في المسألة فقال : " إنّ التراب المحتمل نجاسته تارةً لا يكون لطهارته أثر شرعي في عرض الأثر الشرعي لطهارة الماء ، وكان الأثر الشرعي لطهارته جواز التيمم فقط الذي ليس في مرتبة طهارة الماء، كما إذا كان التراب مال الغير ولم يأذن في السجدة عليه ، أو كان المكلف غير مكلف بالسجدة وكان تكليفه الايماء مثلاً.

وأُخرى يكون لطهارته أثر آخر غير جواز التيمم ، وكان ذلك الأثر في عرض الأثر الشرعي لطهارة الماء، كجواز السجدة عليه".

وقد اتفق مع استاذه المحقق النائيني قدس سرهما في الصورة الأُولى وقال : "لا ينبغي الاشكال في جريان أصالة الطهارة في الماء بلا معارض ، لعدم جريانها في التراب لعدم ترتب أثر عليه . وقد ذكرنا أنّ تنجيز العلم الاجمالي يتوقف على كونه متعلقاً بالتكليف الفعلي على كل تقدير ، وهو مفقود في المقام ، إذ النجاسة على تقدير وقوعها في التراب لا يترتب عليها عدم جواز التيمم ، بل عدم جوازه حينئذ إنّما هو من جهة التمكّن من الماء الطاهر لا من جهة نجاسة التراب.

وإن شئت قلت : إنّ النجاسة المعلومة بالإجمال لا يترتب عليها عدم جواز التيمم أصلاً ، لأنّها إن كانت واقعة في الماء فهي مقتضية لجواز التيمم لا لعدم جوازه ، وإن كانت واقعة في التراب فعدم جواز التيمم مستند إلى وجود الماء الطاهر لا إلى نجاسة التراب ، وعليه فلا تجري أصالة الطهارة في التراب ، وتجري في الماء بلا معارض.
وبجريانها يرتفع موضوع جواز التيمم وهو عدم التمكن من الماء الطاهر ".

أمّا الصورة الثانية فقد رأى أن "جريان أصالة الطهارة في الماء المترتب عليه جواز الوضوء به يعارض بجريانها في التراب المترتب عليه جواز السجدة عليه ، وبعد التساقط يكون العلم الاجمالي منجّزاً ، وحينئذ لا وجه لإدراج المكلف في فاقد الطهورين بل يجب عليه الجمع بين الوضوء والتيمم تحصيلاً للطهارة اليقينية ".

ثم تصدى لما يحتمل كونه مانعاً وأرجعه الى أمرين :
" أحدهما : حرمة التوضي بالماء المتنجس لكونه تشريعا، وكذلك التيمم بالتراب المتنجس.
ثانيهما : احتمال نجاسة بدنه بملاقاة الماء المحتمل كونه نجساً.

أمّا الأوّل : فمدفوع بأنّ المكلف يحتاط ويأتي بهما رجاءً فلا تشريع هناك.

وأمّا الثاني : فمدفوع بأنّ مجرد الاحتمال ممّا لا بأس به بعد كونه مورداً لأصالة الطهارة، فتحصّل : أنّ المتعيّن هو الجمع بين الوضوء والتيمم تحصيلاً للطهارة اليقينية.

وبعبارة أُخرى: هناك علمان إجماليان أحدهما العلم الاجمالي بنجاسة الماء أو التراب ، والثاني العلم الاجمالي بوجوب الوضوء أو التيمم . ومقتضى العلم الأوّل ليس حرمة الوضوء والتيمم ذاتاً ، بل عدم الاجتزاء بكل واحد منهما في مقام الامتثال. ومقتضى العلم الثاني هو الجمع بينهما تحصيلاً لليقين بالطهارة ، ولا منافاة بينهما.

نعم ، يجب تقديم التيمم على الوضوء ، لأنّه مع تقديم الوضوء على التيمم يعلم تفصيلاً بفساد التيمم إمّا من جهة نجاسة التراب على تقدير كون الماء طاهراً ، وإمّا من جهة نجاسة محل التيمم على تقدير كون الماء نجساً ، بناءً على ما هو المعروف المشهور من اشتراط طهارة المحل في التيمم ، وإن لم نجد دليلاً عليه إلى الآن.

هذا كلّه فيما إذا لم يكن للمعلوم بالإجمال أثر تكليفي ، كما في العلم الاجمالي بنجاسة الماء أو التراب ، فانّ المترتب على المعلوم بالإجمال هو الحكم الوضعي فقط ، وهو عدم صحّة الوضوء أو التيمم.

وأمّا إذا كان المترتب على المعلوم بالإجمال حكماً تكليفياً أيضاً ، كما إذا علمنا إجمالاً بغصبية الماء أو التراب ، فانّ الأثر المترتب على هذا المعلوم بالإجمال ليس الوضع فقط وهو عدم صحّة الوضوء والتيمم ، بل له أثر تكليفي أيضاً وهو حرمة التصرّف والاستعمال، فحينئذ يكون المقام من موارد دوران الأمر بين المحذورين ، لأنّا نعلم بحرمة التصرّف في أحدهما وبوجوب استعمال أحدهما ، ولا يمكن تحصيل الموافقة القطعية إلاّ مع المخالفة القطعية ، إذ في صورة الجمع بين الوضوء والتيمم نقطع بالموافقة من ناحية الوجوب ونقطع بالمخالفة من ناحية الحرمة. وفي صورة تركهما معاً نقطع بالموافقة من جهة الحرمة، ونقطع بالمخالفة من جهة الوجوب ، فيسقط حكم العقل بوجوب الموافقة القطعية لاقترانها بالمخالفة القطعية ، فلا مناص من الاجتزاء بالموافقة الاحتمالية والاكتفاء بأحدهما ، فانّه ليس فيه إلاّ احتمال المخالفة ولا بأس به بعد عدم إمكان الزائد منه. ولا ترجيح للوضوء على التيمم ، لأنّ الأصل الجاري في التراب ليس هنا متأخراً عن الأصل الجاري في الماء ، لعدم انحصار أثر غصبية التراب في عدم جواز التيمم به. بل يترتب عليها عدم جواز التصرّف فيه مطلقاً كما تقدّم .

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

20 Dec, 19:28


وليس المقام من باب التزاحم فانّه تابع لوجود الملاكين في الطرفين، بخلاف المقام".

ومن هنا انتهى قدس سره الى "حكم صورة ثالثة، وهي العلم الاجمالي بنجاسة أحدهما أو غصبية الآخر، كما إذا علمنا إجمالاً بنجاسة الماء أو غصبية التراب ، فيجري الكلام السابق من تساقط الأُصول وتنجيز العلم الاجمالي، ودوران الأمر بين المحذورين والاكتفاء بالموافقة الاحتمالية ، إلاّ أنّه يجب الوضوء في الفرض المذكور، ولا يجوز التيمم بحكم العقل ، إذ في الوضوء احتمال الموافقة مع عدم احتمال الحرمة وعدم احتمال العقاب أصلاً ، بخلاف التيمم ، فانّ فيه احتمال الموافقة مع احتمال الحرمة من جهة احتمال الغصبية ، فتعيّن الوضوء بحكم العقل. ولو انعكس الأمر انعكس الحكم ، أي لو علمنا إجمالاً بأنّ الماء غصب أو التراب نجس ، تعيّن عليه التيمم بحكم العقل لعين ما ذكرناه".

وهو تام على مبنى الاستدلال لوجوب الموافقة القطعية بالتعارض بين الأصول المؤمنة ، وأما على المختار من أن الحجة في وجوب الموافقة القطعية في الشبهة المحصورة هي النصوص الدالة على الاحتياط فإن الظاهر منها هو لزوم الاحتياط؛ إذ لا موضوعية للطولية الشرعية بين أطرافها في ما يستفاد من مجموع النصوص الشريفة التي هي الحجة الأساسية على لزوم الاحتياط في الشبهة غير المحصورة، من قبيل ما تضمن (كل شئ لك حلال حتى يجيئك شاهدان يشهدان عندك أن فيه ميتة)، و(..يشترى منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه أحدا) ، و(وأما ما لم تعلم فكله حتى تعلم أنه حرام)، و(..يهريقهما ويتيمم) وغيرها.

أما في الصورة الثانية (التي يفترض أن للتراب في المثال أثر غير الأثر الشرعي الذي يكون في طول أثر الماء) فالأمر واضح.

وأما في الصورة الأولى فكذلك لأن إطلاق أدلة المنع شامل لما كان بين أطرافه طولية أو لم يكن فيه طولية لأن النكتة في استفادة وجوب الاحتياط من الأدلة هي أن الشارع في الأطراف القليلة من العلم الإجمالي يغلّب أهمية الامتثال وتحصيل الواقع على مصلحة التسهيل التي ظهر فيها لطفه التشريعي كثيرا ، وعلى هذا الأساس جمعنا بين النصوص التي دلت على لزوم الاحتياط في الشبهة المحصورة والنصوص التي دلت على عدم لزوم الاحتياط في الأطراف الكثيرة التي حملنا على أساسها معنى الشبهة غير المحصورة على الأطراف الكثيرة التي يغلب على الظن بسبب كثرتها عدم الارتطام بارتكاب المعلوم بالإجمال فيها، وعلى أي حال ففي المقام عندما يكون المحرم دائرا بين طرفين يلزم الاحتياط لهما وإن كانت هناك طولية بين الطرفين.
وبه تلحق الصورة الثالثة أيضا.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

18 Dec, 08:32


بحث الاصول ١٠٨٠ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه التاسع : أثر اختلاف الأصول في الرتبة.
١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

17 Dec, 17:43


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٨٠
الأربعاء ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه التاسع : أثر اختلاف الأصول في الرتبة.

التنبيه التاسع : أثر اختلاف الأصول في الرتبة

ذكر المحقق النائيني قدس سره أن المكلف " إذا علم اجمالا بوقوع نجاسة في الماء أو التراب مع انحصار الطهور بهما فهل يجب عليه الوضوء فقط نظرا إلى أن وجوب التيمم في مرتبة متأخرة عن وجوب الوضوء ففي المرتبة السابقة عليه لا علم له بتكليف فعلي على كل تقدير، فيكون الشك في النجاسة من حيث وجوب الوضوء شكا بدويا يجري فيه الأصل؟

أو لا يجب عليه شئ نظرا إلى أنه لا أثر لطولية الحكم بعد كون كل من الماء والتراب موردا لابتلائه وقدرته على ارتكابه فيجب الاجتناب عنهما فيجري عليه حكم فاقد الطهورين؟ أو يجب الجمع بين الوضوء والتيمم للتمكن من تحصيل الطهارة وعدم علمه بتنجس بدنه لاحتمال نجاسة التراب ولم يرد في المقام نص على الاجتناب عنهما كما ورد في الماءين المشتبهين؟

وجوه: أقواها الأول، ثم الأخير، وإن كان الأحوط هو الجمع.

وبعبارة أوضح أنه إذا كانت الأصول طولية ، بأن يكون الأصل الجاري في بعض الأطراف في مرتبة لاحقة عن الأصل الجاري في الطرف الآخر ، كما لو علم بوقوع نجاسة في الماء أو التراب مع انحصار الطهور بهما ، فإنه لو جرت أصالة الطهارة في الماء لا تصل النوبة إلى جريانها في التراب ، إذ لا اثر له ، لعدم جواز التيمم مع وجود الماء الطاهر ، فهل يكون مثل هذا العلم منجزا وتتساقط الأصول في أطرافه؟ ، أو يجري الأصل في الماء لتقدم رتبته على الأصل الجاري في التراب ، ولا يكون الأصل الجاري في التراب معارضا للأصل الجاري في الماء.

لعدم كونه في رتبته فتجري أصالة الطهارة في الماء بلا معارض ؟

وعلى تقدير التساقط فهل يحكم بكون المكلف فاقدا للطهورين؟ أو بوجوب الجمع بين الوضوء والتيمم عليه تحصيلا للطهارة اليقينية ؟ وهل يختلف الحال بين تصوير وجوب الموافقة القطعية على أساس تساقط الاصول كما هو المعروف بين المعاصرين أو على أساس تخصيص أدلة التأمين الشرعي العامة بأدلة وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة كما هو المختار؟ وجوه.

وقد رأيت أن المحقق النائيني قد ذهب الى عدم تنجيز العلم الإجمالي وجريان الأصل في الماء بلا معارض، والمهم في تقريب نظره في ذلك هو:

أن تنجيز العلم بوقوع النجاسة يتوقف على كونه منشأ للعلم بالتكليف الفعلي على كل تقدير، وهذا مفقود في المقام ، إذ النجاسة على تقدير وقوعها في التراب لم يترتب عليها عدم جواز التيمم به ، بل عدم جواز التيمم حينئذ من جهة تمكنه من الماء الطاهر ، لا من جهة نجاسة التراب.

وبعبارة أخرى: نعلم تفصيلا ان النجاسة المعلومة في البين لم يترتب عليها عدم جواز التيمم بالتراب ، فإنها ان كانت واقعة في الماء فهي مقتضية لجواز التيمم لا لعدم جوازه ، وان كانت واقعة في التراب فعدم جواز التيمم مستند إلى وجود الماء الطاهر لا إلى نجاسة التراب ، وعليه فلا معارض لجريان أصالة الطهارة في الماء ، وبذلك يرتفع موضوع جواز التيمم ، وهو عدم التمكن من الماء.

ولكنه نوقش بأن ما أفاده قدّس سرّه انما يتم فيما إذا لم يكن لنجاسة التراب أثر آخر في عرض الأثر المترتب على نجاسة الماء ، واما فيما إذا كان ذلك كعدم جواز السجود عليه ، فالأصل الجاري في الماء لجواز الوضوء به يعارض الأصل الجاري في التراب لجواز السجود عليه ، فيتساقطان ، وحينئذ يمكن القول بوجوب التيمم عليه ، نظرا إلى ان المكلف فاقد للماء ، وليس في البين إلَّا احتمال عدم جواز التيمم بالتراب ، لاحتمال نجاسته ، وبما انه احتمال غير مقرون بالعلم الإجمالي يجري فيه أصالة الطهارة من غير معارض ، وقد مر غير مرة انه لا مانع من التفكيك في جريان الأصل من جهة دون جهة.

وكأن ما ذكر مجرد مناقشة في المثال، إذ يبدو أن فرض المسألة في كلامه هو المفروغية عن عدم ترتب الاثر في الطرف الآخر ، فلو كان يترتب عليه أثر آخر فهو خارج عن محل النزاع. وعلى أي حال فالأمر سهل ما دام الرأي واحدا.

وقد فصل السيد الخوئي قدس سره القول في المسألة فقال : " إنّ التراب المحتمل نجاسته تارةً لا يكون لطهارته أثر شرعي في عرض الأثر الشرعي لطهارة الماء ، وكان الأثر الشرعي لطهارته جواز التيمم فقط الذي ليس في مرتبة طهارة الماء، كما إذا كان التراب مال الغير ولم يأذن في السجدة عليه ، أو كان المكلف غير مكلف بالسجدة وكان تكليفه الايماء مثلاً.

وأُخرى يكون لطهارته أثر آخر غير جواز التيمم ، وكان ذلك الأثر في عرض الأثر الشرعي لطهارة الماء، كجواز السجدة عليه.

أمّا الصورة الأُولى : فلا ينبغي الاشكال في جريان أصالة الطهارة في الماء بلا معارض ، لعدم جريانها في التراب لعدم ترتب أثر عليه .

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

17 Dec, 17:43


وقد ذكرنا أنّ تنجيز العلم الاجمالي يتوقف على كونه متعلقاً بالتكليف الفعلي على كل تقدير ، وهو مفقود في المقام ، إذ النجاسة على تقدير وقوعها في التراب لا يترتب عليها عدم جواز التيمم ، بل عدم جوازه حينئذ إنّما هو من جهة التمكّن من الماء الطاهر لا من جهة نجاسة التراب.

وإن شئت قلت : إنّ النجاسة المعلومة بالإجمال لا يترتب عليها عدم جواز التيمم أصلاً ، لأنّها إن كانت واقعة في الماء فهي مقتضية لجواز التيمم لا لعدم جوازه ، وإن كانت واقعة في التراب فعدم جواز التيمم مستند إلى وجود الماء الطاهر لا إلى نجاسة التراب ، وعليه فلا تجري أصالة الطهارة في التراب ، وتجري في الماء بلا معارض.
وبجريانها يرتفع موضوع جواز التيمم وهو عدم التمكن من الماء الطاهر .

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

17 Dec, 08:33


بحث الاصول ١٠٧٩ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. التنبيه الثامن . كلام المحقق العراقي
١٥ جمادى الثانية ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

13 Nov, 09:55


أحاديث الأربعاء
١٠ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

13 Nov, 09:55


بحث الاصول ١٠٦٣ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الثاني: الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين. المختار.
١٠ جمادى الأولى ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

12 Nov, 21:36


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٦٣
الأربعاء ١٠ جمادى الأولى ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الثاني: الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين. المختار.

قلت : إن ما ذكر قد يكون له وجه على المبنى المشهور في حكم العلم الإجمالي ، ومع ذلك فهو خاضع للنقاش من جهة أن الاضطرار الى غير المعين لا يجعل الحل حكما لأحد الطرفين بنحو التخيير فلا يصح ما ورد من أن كلا من الطرفين كان حلالا بحد نفسه لأنه يمكن به دفع الاضطرار فإنه لم يكن حلالا بل كان صالحا لأن يحل إن دفع المكلف به اضطراره ، ولا حلية فعلية في أي من الطرفين فهو ليس كالواجب التخييري كما ورد في بعض الكلمات من حيث أن مصداقه متعلق للوجوب مباشرة أو أنه مصداق للعنوان الكلية الذي تعلق به الوجوب من قبيل عنوان عتق الرقبة.

أما في المقام فليس تحليل الشارع للمكلف أن يفعل ما يرفع به اضطراره الا جعلا للحل في حدود العنوان ( المضطر إليه ) وهذا العنوان مختص بما يدفع به الاضطرار ودفع الاضطرار تارة يكون منحصرا بفرد فيجوز هو بنفسه وتارة بعنوان فيجوز منه ما يرفع الاضطرار فحسب ولا يشمل سائر مصاديقه لأن العنوان ليس حلالا وإنما المضطر اليه هو الحلال فحسب.

ولا يخفى أن الرافع للاضطرار إن تعدد وكان أحدها محرما والآخر محللا فلا يجوز رفع الاضطرار بالمحرم فإنه ليس مضطرا اليه ويمكن تركه الى سواه ورفع الاضطرار بالآخر لأن دليل تحليل الاضطرار وإن كان شاملا للحرام الذي ليس له بدل لكنه قاصر عن شمول ما هو حرام وله بدل. فلا يصلح لإثبات الحل الشرعي الواقعي للطرف الذي يختاره المكلف.

اللهم الا أن يقال إن إطلاق دليل الاضطرار ليس منصرفا عن مجهول الحرمة عندما لا يكون له أي بدل ولا يوجد طريق لمعرفة الواقع أو الاحتياط له ، فيكون كل ما يرفع الاضطرار محللا تحليلا شرعيا ببركة دليل تحليل المضطر اليه فيجوز ارتكابه وينحل العلم الإجمالي به إن سبق على العلم بلا إشكال من هذه الجهة.

نعم إن لحق الاضطرار العلم بعد حصول التنجيز ببركة إطلاق أدلة تنجيز موارد الشبهة المحصورة فيجب الاحتياط في باقي الأطراف تمسكا بإطلاق نفس الأدلة لحالة الاضطرار وغيره كما هي شاملة لسائر الحالات.

هذا كله إن كان مفاد الاضطرار يستوجب الحل كما قد يستفاد من حاق بعض الأدلة المشهورة من قبيل مضمون ( وليس شئ مما حرم الله إلا وقد أحله لمن اضطر إليه ).
أما إذا كان المستفاد من الأدلة رفع التبعات فحسب كما هو التحقيق المتقدم في مفاد حديث الرفع الذي تضمن رفع ما اضطروا اليه.

فالاضطرار إنما يستوجب التصرف في مقام الامتثال فحسب، ولا يصلح لتخصيص دليل الحرمة ، وعليه لا مناص من كون المسألة من التوسط في التنجيز حتى على مسلكنا فإن دليل التنجيز ووجوب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة يبقى على إطلاقه في الطرف الآخر ولا يسقط منه الا ما دفع به الاضطرار.

وعليه لا بد من تنقيح حال قاعدة الاضطرار من هذه الجهة.

وتوضيح ذلك : أن مفاد الحديث موجود في طوائف من النصوص:

الطائفة الأولى : ما تضمنه حديث الرفع الذي هو حديث مشهور تقدم الكلام في إثبات صدوره مفصلا في مباحث البراءة ، وهو مروي في الكافي وتحف العقول والنوادر وغيرها ورواه الصدوق بطرق عديدة على اختلاف بينها والمهم منا في المقام ما رواه الصدوق في التوحيد قال : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : رفع عن أمتي تسعة : الخطأ ، و النسيان ، وما أكرهوا عليه ، وما لا يطيقون ، وما لا يعلمون ، وما اضطروا إليه ، و الحسد ، والطيرة ، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة.

ورواه في الخصال نفسه سندا وقريبا منه متنا و قدم فيه (ما لا يعلمون) على (ما لا يطيقون). فإنه صحيح سندا واضح دلالة معتضد بالأحاديث الأخرى.

والمهم في مفاد الحديث في هذه الطائفة أنه لا يستفاد منه جعل الحل ، وإنما رفع التبعات فيكون مرتبطا بمقام الامتثال ليس صالحا لتخصيص أدلة الحرمة ، وإنما للتأمين منها في مقام العمل.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

12 Nov, 09:28


بحث الاصول ١٠٦٢ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الثاني: الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين. المختار.
٩ جمادى الأولى ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

11 Nov, 21:39


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٦٢
الثلاثاء ٩ جمادى الأولى ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الثاني: الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين. المختار.

أما على ما اخترناه من كون أدلة الأصول العملية المؤمنة وسائر أدلة التأمين الشرعي مخصصة بما دل على لزوم الاحتياط في الشبهة المحصورة فإن إطلاق الأدلة فيه الذي يشمل ما كان فيه اضطرار الى بعض الاطراف بلا تعيين فإنه تكفي لإثبات لزوم الاحتياط في الأطراف التي لم يرفع المكلف بها اضطراره.

إن قلت: إن هذه النصوص محكومة بأدلة رفع الاضطرار كما هي محكومة لسائر الأدلة الثانوية أيضا فكيف تصلح لإثبات التنجيز في مقابل أدلة الاضطرار.

وبعبارة أخرى قد يقال : كما تمسكتم بإطلاق دليل الاحتياط في الشبهة المحصورة فلا بد من التمسك بإطلاق دليل الاضطرار فهو شامل لكل الأطراف وبيد المكلف أن يطبقه على أي طرف شاء فهو حلال له . فكيف يكون حلال الارتكاب قبل أن يختار المكلف أي طرف من الأطراف ثم يحرم عليه بعدما اختار سواه ودفع به اضطراره وهو يشك بكون الحرام الواقعي كان هو ذلك الذي اختاره المكلف لدفع اضطراره ، فلا يكون عالما بالحرام بين الأطراف بل غاية ما يبلغه علمه هو حرمة أحد الأطراف إن لم يكن هو الطرف الذي يختاره المكلف لدفع اضطراه.

فتنجلي الغبرة عن علم تفصيلي بحِلِّ الطرف الذي اختاره لدفع اضطراره إما لأنه حلال بنفسه وبعنوانه الأولي وإما لأنه حلال بالعنوان الثانوي لكونه دافعا للاضطرار، وشك بدويّ في حرمة الطرف الآخر لكونه مرددا بين كونه الحرام الواقعي أو الحلال الواقعي. فتعود حقيقة الأمر الى شك بدوي وليس علما إجماليا.

ولا يختلف الحال بين ما سبق فيه الاضطرار على العلم الإجمالي أو لحق به، نعم على الثاني فإن العلم الإجمالي يكون منجزا يجب الاحتياط له بموافقته القطعية الى أن يحصل الاضطرار ثم عنده لا يبقى على ما هو عليه ، وإنما ينحل كما ذكرنا الى معلوم الحلية وهو ما يندفع به الاضطرار ومشكوك الحرمة وهو سائر الأطراف الباقية، فيكون موردا لأدلة الأصول العملية الترخيصية كما هو معروف.

قلت : إن ما ذكر قد يكون له وجه على المبنى المشهور في حكم العلم الإجمالي ، ومع ذلك فهو خاضع للنقاش من جهة أن الاضطرار الى غير المعين لا يجعل الحل حكما لأحد الطرفين بنحو التخيير فلا يصح ما ورد من أن كلا من الطرفين كان حلالا بحد نفسه لأنه يمكن به دفع الاضطرار فإنه لم يكن حلالا بل كان صالحا لأن يحل إن دفع المكلف به اضطراره ، ولا حلية فعلية في أي من الطرفين فهو ليس كالواجب التخييري كما ورد في بعض الكلمات من حيث أن مصداقه متعلق للوجوب مباشرة أو أنه مصداق للعنوان الكلية الذي تعلق به الوجوب من قبيل عنوان عتق الرقبة.

أما في المقام فليس تحليل الشارع للمكلف أن يفعل ما يرفع به اضطراره الا جعلا للحل في حدود العنوان ( المضطر إليه ) وهذا العنوان مختص بما يدفع به الاضطرار ودفع الاضطرار تارة يكون منحصرا بفرد فيجوز هو بنفسه وتارة بعنوان فيجوز منه ما يرفع الاضطرار فحسب ولا يشمل سائر مصاديقه لأن العنوان ليس حلالا وإنما المضطر اليه هو الحلال فحسب.

ولا يخفى أن الرافع للاضطرار إن تعدد وكان أحدها محرما والآخر محللا فلا يجوز رفع الاضطرار بالمحرم فإنه ليس مضطرا اليه ويمكن تركه الى سواه ورفع الاضطرار بالآخر لأن دليل تحليل الاضطرار وإن كان شاملا للحرام الذي ليس له بدل لكنه قاصر عن شمول ما هو حرام وله بدل. فلا يصلح لإثبات الحل الشرعي الواقعي للطرف الذي يختاره المكلف.

اللهم الا أن يقال إن إطلاق دليل الاضطرار ليس منصرفا عن مجهول الحرمة عندما لا يكون له أي بدل ولا يوجد طريق لمعرفة الواقع أو الاحتياط له ، فيكون كل ما يرفع الاضطرار محللا تحليلا شرعيا ببركة دليل تحليل المضطر اليه فيجوز ارتكابه وينحل العلم الإجمالي به إن سبق على العلم بلا إشكال من هذه الجهة.

نعم إن لحق الاضطرار العلم بعد حصول التنجيز ببركة إطلاق أدلة تنجيز موارد الشبهة المحصورة فيجب الاحتياط في باقي الأطراف تمسكا بإطلاق نفس الأدلة لحالة الاضطرار وغيره كما هي شاملة لسائر الحالات.

هذا كله إن كان مفاد الاضطرار يستوجب الحل كما قد يستفاد من حاق بعض الأدلة المشهورة من قبيل مضمون ( وليس شئ مما حرم الله إلا وقد أحله لمن اضطر إليه ).

أما إذا كان المستفاد من الأدلة رفع التبعات فحسب كما هو التحقيق المتقدم في مفاد حديث الرفع الذي تضمن رفع ما اضطروا اليه

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

11 Nov, 21:39


فالاضطرار إنما يستوجب التصرف في مقام الامتثال فحسب، ولا يصلح لتخصيص دليل الحرمة ، وعليه لا مناص من كون المسألة من التوسط في التنجيز حتى على مسلكنا فإن دليل التنجيز ووجوب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة يبقى على إطلاقه في الطرف الآخر ولا يسقط منه الا ما دفع به الاضطرار.

وعليه لا بد من تنقيح حال قاعدة الاضطرار من هذه الجهة ...

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

11 Nov, 09:30


بحث الاصول ١٠٦١ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الثاني: الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين. نظر الميرزا النائيني ره في تقريب التنجيز وما يلاحظ عليه. المختار
٨ جمادى الأولى ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

11 Nov, 02:13


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٦١
الإثنين ٨ جمادى الأولى ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الثاني: الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين. نظر الميرزا النائيني ره في تقريب التنجيز وما يلاحظ عليه. المختار.

وتوهم : أن الترخيص الواقعي في كل واحد من الأطراف تخييرا ينافي العلم بالتكليف الواقعي تعيينا.
فاسد ، فإنه إنما ينافي العلم بالتكليف التعييني على كل تقدير وفي كل حال ، وأما العلم بالتكليف على تقدير دون تقدير وفي حال دون حال ، فالترخيص التخييري في كل واحد لا ينافيه ، فتأمل.

هذا غاية ما يمكن أن يقال في وجه كون الاضطرار إلى غير المعين يقتضي الترخيص الواقعي والتوسط في التكليف ، وقد مال إليه شيخنا الأستاذ – مد ظله - ( أي المحقق النائيني نفسه ) بل قواه في ابتداء الامر ، ولكن عدل عنه في فذلكة البحث واختار الترخيص الظاهري والتوسط في التنجيز وهو الذي ينبغي المصير إليه. انتهى.

هذا ما يقتضيه النظر على مبانيهم في منشأ وجوب الموافقة القطعية بعد حرمة المخالفة القطعية والاستناد في ذلك الى حكم العقل وتعارض الأصول وتساقطها.

وقد يناقش ما ذكره أخيرا من كون ارتكاب المكلف للحرام عند مصادفته له يكون مصداقا للاضطرار، وإن كان يمكن رفع الاضطرار بالطرف الآخر نظير الاتيان بأحد فردي الواجب التخييري ، فان المأتي به يكون مصداقا للواجب ، مع أنه يجوز تركه والإتيان بالفرد الآخر ، وإذا صدق الاضطرار إلى الحرام ، فالترخيص فيه يكون واقعيا.
بأن الاضطرار لا يحل كل ما يندفع به الاضطرار ولو كان محرما فلو كان لدى المكلف فردان يمكن دفع الاضطرار بأحدهما وكان أحدهما حلالا والآخر حراما فليس له أن يدفع الاضطرار بالحرام ، وليس في دليله ما يصلح لتحليله واقعا. ومن ثم لو ارتكب الحرام لعد مخالفا واقعا لدليله ولكنه معذور عنه بسبب جهله بالواقع كمن يرتكب الحرام اشتباها وخطئا.

ومن ثم يختلف حاله عن الواجب التخييري فهو حقيقة ينطبق على كل مصداق يندرج تحت عنوانه سواء كان عنوانه حقيقيا أو انتزاعيا من قبيل عنوان ( أحدهما ).

ومن ثم ينبغي أن يكون المنشأ في حل المضطر اليه المردد بين الحرام وغيره هو ارتفاع تنجيز الحرام في حدود ما يرفع به الاضطرار فحسب.
ويبقى الطرف الآخر على حاله من التنجيز . وسنتمم المطلب عند بيان المختار ان شاء الله.

هذا ما ذكره الأعلام في تقريب التنجيز وبعض ملاحظاتنا عليه.

أما على ما اخترناه من كون أدلة الأصول العملية المؤمنة وسائر أدلة التأمين الشرعي مخصصة بما دل على لزوم الاحتياط في الشبهة المحصورة فإن إطلاق الأدلة فيه الذي يشمل ما كان فيه اضطرار الى بعض الاطراف بلا تعيين فإنه تكفي لإثبات لزوم الاحتياط في الأطراف التي لم يرفع المكلف بها اضطراره.

إن قلت: إن هذه النصوص محكومة بأدلة رفع الاضطرار كما هي محكومة لسائر الأدلة الثانوية أيضا فكيف تصلح لإثبات التنجيز في مقابل أدلة الاضطرار .

وبعبارة أخرى قد يقال: كما تمسكتم بإطلاق دليل الاحتياط في الشبهة غير المحصورة فلا بد من التمسك بإطلاق دليل الاضطرار فهو شامل لكل الأطراف وبيد المكلف أن يطبقه على أي طرف شاء فهو حلال له . فكيف يكون حلال الارتكاب قبل أن يختار المكلف أي طرف من الأطراف؟ ثم يحرم عليه بعدما اختار سواه ودفع به اضطراره وهو يشك بكون الحرام الواقعي كان هو ذلك الذي اختاره المكلف لدفع اضطراره ، فلا يكون عالما بالحرام بين الأطراف بل غاية ما يبلغه علمه هو حرمة أحد الأطراف إن لم يكن هو الطرف الذي يختاره المكلف لدفع اضطراه.

فتنجلي الغبرة عن علم تفصيلي بحِلِّ الطرف الذي اختاره لدفع اضطراره إما لأنه حلال بنفسه وبعنوانه الأولي وإما لأنه حلال بالعنوان الثانوي لكونه دافعا للاضطرار، وشك بدويّ في حرمة الطرف الآخر لكونه مرددا بين كونه الحرام الواقعي أو الحلال الواقعي. فتعود حقيقة الأمر الى شك بدوي وليس علما إجماليا.

ولا يختلف الحال بين ما سبق فيه الاضطرار على العلم الإجمالي أو لحق به، نعم على الثاني فإن العلم الإجمالي يكون منجزا يجب الاحتياط له بموافقته القطعية الى أن يحصل الاضطرار ثم عنده لا يبقى على ما هو عليه ، وإنما ينحل كما ذكرنا الى معلوم الحلية وهو ما يندفع به الاضطرار ومشكوك الحرمة وهو سائر الأطراف الباقية، فيكون موردا لأدلة الأصول العملية الترخيصية كما هو معروف.

قلت: إن ما ذكر قد يكون له وجه على المبنى المشهور في حكم العلم الإجمالي ، ومع ذلك فهو خاضع للنقاش من جهة أن الاضطرار الى غير المعين لا يجعل الحل حكما لأحد الطرفين بنحو التخيير فلا يصح ما ورد من أن كلا من الطرفين كان حلالا بحد نفسه لأنه يمكن به دفع الاضطرار فإنه لم يكن حلالا بل كان صالحا لأن يحل إن دفع المكلف به اضطراره ، ولا حلية فعلية في

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

11 Nov, 02:13


أي من الطرفين فهو ليس كالواجب التخييري كما ورد في بعض الكلمات من حيث أن مصداقه متعلق للوجوب مباشرة أو أنه مصداق للعنوان الكلية الذي تعلق به الوجوب من قبيل عنوان عتق الرقبة.

أما في المقام فليس تحليل الشارع للمكلف أن يفعل ما يرفع به اضطراره الا جعلا للحل في حدود العنوان ( المضطر إليه ) وهذا العنوان مختص بما يدفع به الاضطرار ودفع الاضطرار تارة يكون منحصرا بفرد فيجوز هو بنفسه وتارة بعنوان فيجوز منه ما يرفع الاضطرار فحسب ولا يشمل سائر مصاديقه لأن العنوان ليس حلالا وإنما المضطر اليه هو الحلال فحسب.

ولا يخفى أن الرافع للاضطرار إن تعدد وكان أحدها محرما والآخر محللا فلا يجوز رفع الاضطرار بالمحرم فإنه ليس مضطرا اليه ويمكن تركه الى سواه ورفع الاضطرار بالآخر لأن دليل تحليل الاضطرار وإن كان شاملا للحرام الذي ليس له بدل لكنه قاصر عن شمول ما هو حرام وله بدل. فلا يصلح لإثبات الحل الشرعي الواقعي للطرف الذي يختاره المكلف.

اللهم الا أن يقال إن إطلاق دليل الاضطرار ليس منصرفا عن مجهول الحرمة عندما لا يكون له أي بدل ولا يوجد طريق لمعرفة الواقع أو الاحتياط له ، فيكون كل ما يرفع الاضطرار محللا تحليلا شرعيا ببركة دليل تحليل المضطر اليه فيجوز ارتكابه وينحل العلم الإجمالي به إن سبق على العلم بلا إشكال من هذه الجهة.

نعم إن لحق الاضطرار العلم بعد حصول التنجيز ببركة إطلاق أدلة تنجيز موارد الشبهة المحصورة فيجب الاحتياط في باقي الأطراف تمسكا بإطلاق نفس الأدلة لحالة الاضطرار وغيره كما هي شاملة لسائر الحالات. يتبع

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

10 Nov, 09:03


بحث الاصول ١٠٦٠ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الثاني: الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين. نظر الميرزا النائيني ره في تقريب التنجيز وما يلاحظ عليه.
٧ جمادى الأولى ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

09 Nov, 21:13


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٦٠
الأحد ٧ جمادى الأولى ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الثاني: الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين. نظر الميرزا النائيني ره في تقريب التنجيز وما يلاحظ عليه.

هذا وكنت آثرت أن أكتفي بذكر كلام السيد الخوئي قدس سره رعاية للاختصار ، ولكني وجدت من تدقيق بعض الأخوة الأفاضل في البحث ما يقتضي ذكر كلام المحقق النائيني قدس سره أيضا زيادة في الفائدة ، وذلك أنه قد ذكر في فوائده ما حاصله (أن التوسط في التكليف معناه : ثبوت التكليف الواقعي على تقدير وعدم ثبوته على تقدير آخر ، بتقييد إطلاقه وتخصيصه بحال دون حال كما هو الشأن في تقييد كل إطلاق بقيد وجودي أو عدمي.

والتوسط في التنجيز معناه : بلوغ التكليف إلى مرتبة التنجز على تقدير، وعدم بلوغه إلى تلك المرتبة على تقدير آخر ، مع إطلاق التكليف الواقعي وثبوته في كلا التقديرين بلا تصرف فيه واقعا ، بل كان تنجز التكليف مقصورا بأحد التقديرين.

والاضطرار إلى غير المعين : في اقتضائه التوسط في التنجيز أو التوسط في التكليف ، كما اختاره الشيخ - قدس سره - وجهان ، لأنه قد اجتمع فيه كل من الجهتين ، فان لكل من الجهل والاضطرار دخلا في الترخيص فيه ، إذ لولا الجهل بشخص الحرام كان يتعين على المكلف رفع الاضطرار بغيره ، كما أنه لولا الاضطرار كان يجب الاجتناب عن جميع الأطراف ولم يحصل في البين ما يوجب الترخيص في البعض ، فالترخيص في ارتكاب أحد الأطراف تخييرا يستند إلى مجموع الأمرين : من الجهل والاضطرار .
وحينئذ لابد من ملاحظة الجزء الأخير لعلة الترخيص.

فإن كان هو الجهل ، فالترخيص فيه يكون ظاهريا لا واقعيا ، ويلزمه التوسط في التنجيز ، والترخيص الظاهري في المقام - كسائر موارد الترخيصات الظاهرية المستفادة من أصالة البراءة والحل - لا يقتضي أزيد من المعذورية في مخالفة التكليف على تقدير مصادفة ما اختاره المكلف لدفع الاضطرار لموضوع التكليف مع بقاء الواقع على ما هو عليه بلا تصرف فيه ، فان الترخيص الظاهري لا يصادم الواقع.
وإن كان هو الاضطرار ، فالترخيص فيه يكون واقعيا ويلزمه التوسط في التكليف .

والانصاف : أن لكل من الترخيص الواقعي والترخيص الظاهري وجها قويا.

أما وجه كون الترخيص ظاهريا : فهو ما تقدم من أن الاضطرار إلى غير المعين بوجوده لا يصادم التكليف الواقعي ولا يمس الموضوع ، بل الموضوع بتمام ما له من القيود الوجودية والعدمية محفوظ ، فالعلة الموجبة للترخيص في ارتكاب الحرام إنما هو الجهل ، إذ لولا الجهل كان يتعين رفع الاضطرار بغير الحرام ، ولذا قلنا : إن الحكم في مورد الاضطرار إلى غير المعين يكون فعليا.

وأما وجه كون الترخيص واقعيا : فهو أن الاضطرار بوجوده وإن لم يناف التكليف الواقعي ، إلا أنه في حال الجهل بالموضوع وعدم العلم بشخص الحرام ينافيه ويقع المصادمة بين التكليف والاضطرار ولو في صورة مصادفة ما اختاره لدفع الاضطرار لموضوع التكليف ، فان ارتكاب المكلف للحرام في هذا الحال يكون مصداقا للاضطرار ويحمل عليه بالحمل الشايع الصناعي ، ويصح أن يقال : إن ارتكابه للحرام كان عن اضطرار إليه ، وإن كان يمكن رفع الاضطرار بالطرف الآخر نظير الاتيان بأحد فردي الواجب التخييري ، فان المأتي به يكون مصداقا للواجب ، مع أنه يجوز تركه والإتيان بالفرد الآخر ، وإذا صدق الاضطرار إلى الحرام ، فالترخيص فيه يكون واقعيا.

وتوهم : أن الترخيص الواقعي في كل واحد من الأطراف تخييرا ينافي العلم بالتكليف الواقعي تعيينا.
فاسد ، فإنه إنما ينافي العلم بالتكليف التعييني على كل تقدير وفي كل حال ، وأما العلم بالتكليف على تقدير دون تقدير وفي حال دون حال ، فالترخيص التخييري في كل واحد لا ينافيه ، فتأمل.

هذا غاية ما يمكن أن يقال في وجه كون الاضطرار إلى غير المعين يقتضي الترخيص الواقعي والتوسط في التكليف ، وقد مال إليه شيخنا الأستاذ – مد ظله - ( أي المحقق النائيني نفسه ) بل قواه في ابتداء الامر ، ولكن عدل عنه في فذلكة البحث واختار الترخيص الظاهري والتوسط في التنجيز وهو الذي ينبغي المصير إليه.

هذا ما يقتضيه النظر على مبانيهم في منشأ وجوب الموافقة القطعية بعد حرمة المخالفة القطعية والاستناد في ذلك الى حكم العقل وتعارض الأصول وتساقطها. انتهى.

وقد يناقش ما ذكره أخيرا من كون ارتكاب المكلف للحرام عند مصادفته له يكون مصداقا للاضطرار، وإن كان يمكن رفع الاضطرار بالطرف الآخر نظير الاتيان بأحد فردي الواجب التخييري ، فان المأتي به يكون مصداقا للواجب ، مع أنه يجوز تركه والإتيان بالفرد الآخر ، وإذا صدق الاضطرار إلى الحرام ، فالترخيص فيه يكون واقعيا.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

09 Nov, 21:13


بأن الاضطرار لا يحل كل ما يندفع به الاضطرار ولو كان محرما فلو كان لدى المكلف فردان يمكن دفع الاضطرار بأحدهما وكان أحدهما حلالا والآخر حراما فليس له أن يدفع الاضطرار بالحرام ، وليس في دليله ما يصلح لتحليله واقعا. ومن ثم لو ارتكب الحرام لعد مخالفا واقعا لدليله ولكنه معذور عنه بسبب جهله بالواقع كمن يرتكب الحرام اشتباها وخطئا.

ومن ثم يختلف حاله عن الواجب التخييري فهو حقيقة ينطبق على كل مصداق يندرج تحت عنوانه سواء كان عنوانه حقيقيا أو انتزاعيا من قبيل عنوان ( أحدهما ).

ومن ثم ينبغي أن يكون المنشأ في حل المضطر اليه المردد بين الحرام وغيره هو ارتفاع تنجيز الحرام في حدود ما يرفع به الاضطرار فحسب.

ويبقى الطرف الآخر على حاله من التنجيز . وسنتمم المطلب عند بيان المختار ان شاء الله.

هذا ما ذكره الأعلام في تقريب التنجيز وبعض ملاحظاتنا عليه .

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

09 Nov, 09:18


بحث الاصول ١٠٥٩ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الثاني: الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين. نظر صاحب الكفاية والنائيني والخوئي ره.
٦ جمادى الأولى ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

08 Nov, 19:58


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٥٩
السبت ٦ جمادى الأولى ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الثاني: الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين. نظر صاحب الكفاية والنائيني والخوئي ره.

وفي مقابله نظر صاحب الكفاية حيث قال : ( إن الاضطرار كما يكون مانعا عن العلم بفعلية التكليف لو كان إلى واحد معين ، كذلك يكون مانعا لو كان إلى غير معين ، ضرورة أنه مطلقا موجب لجواز ارتكاب أحد الأطراف أو تركه ، تعيينا أو تخييرا ، وهو ينافي العلم بحرمة المعلوم أو بوجوبه بينها فعلا ، وكذلك لا فرق بين أن يكون الاضطرار كذلك سابقا على حدوث العلم أو لاحقا ، وذلك لان التكليف المعلوم بينها من أول الامر كان محدودا بعدم عروض الاضطرار إلى متعلقة ، فلو عرض على بعض أطرافه لما كان التكليف به معلوما ، لاحتمال أن يكون هو المضطر إليه فيما كان الاضطرار إلى المعين ، أو يكون هو المختار فيما كان إلى بعض الأطراف بلا تعيين.

لا يقال : الاضطرار إلى بعض الأطراف ليس إلا كفقد بعضها ، فكما لا إشكال في لزوم رعاية الاحتياط في الباقي مع الفقدان ، كذلك لا ينبغي الاشكال في لزوم رعايته مع الاضطرار ، فيجب الاجتناب عن الباقي أو ارتكابه خروجا عن عهدة ما تنجز عليه قبل عروضه.

فإنه يقال : حيث أن فقد المكلف به ليس من حدود التكليف به وقيوده ، كان التكليف المتعلق به مطلقا ، فإذا اشتغلت الذمة به ، كان قضية الاشتغال به يقينا الفراغ عنه كذلك ، وهذا بخلاف الاضطرار إلى تركه ، فإنه من حدود التكليف به وقيوده ، ولا يكون الاشتغال به من الأول إلا مقيدا بعدم عروضه ، فلا يقين باشتغال الذمة بالتكليف به إلا إلى هذا الحد ، فلا يجب رعايته فيما بعده ، ولا يكون إلا من باب الاحتياط في الشبهة البدوية ، فافهم وتأمل فإنه دقيق جدا).

ومال المحقق النائيني والسيد الخوئي رحمهما الله الى ما ذهب اليه الشيخ رحمه الله وخلاصة ما جاد به نظرهما يتبين بأمور :

الأوّل : أنّ الحرام المعلوم بالاجمال لم يطرأ ما يوجب ارتفاعه ، لما عرفت من أنّ الاضطرار إنّما هو إلى الجامع لا إلى خصوص الحرام ليرتفع حكمه.

الثاني : أنّه لا يمكن الترخيص في ارتكاب جميع الأطراف ، لاستلزامه الترخيص في المعصية ومخالفة التكليف الواصل.

الثالث : أنّه لا بدّ من رفع اليد عن وجوب الموافقة القطعية ، لتوقف رفع الاضطرار على ارتكاب بعض الأطراف ، فلا مناص من الترخيص في الارتكاب بمقدار يرتفع به الاضطرار .

الرابع : أنّه إن انطبق ما اختاره المكلف لرفع اضطراره على الحلال الواقعي ، فالحرمة الواقعية في الطرف الآخر باقية بحالها ، ولا وجه لرفع اليد عنها ، فانّ الحرام الواقعي لا يكون مضطراً إليه ، ولا انطبق عليه ما اختاره المكلف لرفع اضطراره ، وإن انطبق ما اختاره المكلف لرفع اضطراره على الحرام الواقعي ، فالحرمة الواقعية وإن لم ترتفع ، لأنّ اختيار المكلف له لرفع اضطراره لا يكشف عن تعلّق الاضطرار به ، فلا موجب لرفع حرمته ، إلاّ أنّ الجهل به مستلزم للترخيص الظاهري في ارتكابه المستلزم لعدم العقاب عليه .

ونتيجة ما ذكرناه من الاُمور : أنّ التكليف في المقام في مرتبة متوسطة بين الشبهة البدوية التي لم يتنجز الواقع فيها أصلاً ، وبين العلم الاجمالي الذي لم يتعلّق الاضطرار بشيء من أطرافه وكان الواقع فيه منجّزاً على كل تقدير ، فانّ التكليف في المقام منجّز على تقدير عدم مصادفة ما يختاره المكلف لرفع اضطراره مع الحرام ، وغير منجّز على تقدير مصادفة ما يختاره المكلف مع الحرام ، فانّ الجهل به يسقط تنجّزه ، فصحّ أن نقول : إنّ التكليف في المقام في رتبة التوسط من التنجّز ، كما هو الحال في دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، فانّ التكليف بالنسبة إلى الأقل منجّز للعلم بوجوبه على كل تقدير ، وبالنسبة إلى الأكثر غير منجّز للشك فيه ، فيكون مجرىً للبراءة ، فصحّ أن نقول : إنّ للتكليف - على تقدير تعلّقه بالأكثر - توسطاً في التنجز ، بمعنى أنّه لو أتى بالأقل فغير منجّز ، أي ليس على ترك الأكثر حينئذ عقاب ، لعدم العلم بوجوبه .

وعلى تقدير ترك الأقل أيضاً فهو- أي التكليف المتعلق بالأكثر - منجّز ويعاقب على تركه ، حيث لا ينفك عن ترك الأقل. 
هذا ما يقتضيه النظر على مبانيهم في منشأ وجوب الموافقة القطعية بعد حرمة المخالفة القطعية والاستناد في ذلك الى حكم العقل وتعارض الأصول وتساقطها.

أما على ما اخترناه من كون أدلة الأصول العملية المؤمنة وسائر أدلة التأمين الشرعي مخصصة بما دل على لزوم الاحتياط في  الشبهة المحصورة فإن إطلاق الأدلة فيه الذي يشمل ما كان فيه اضطرار الى بعض الاطراف بلا تعيين فإنه تكفي لإثبات لزوم الاحتياط  في الأطراف التي لم يرفع المكلف بها اضطراره .

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

08 Nov, 19:58


إن قلت : إن هذه النصوص محكومة بأدلة رفع الاضطرار كما هي محكومة لسائر الأدلة الثانوية أيضا فكيف تصلح لإثبات التنجيز في مقابل أدلة الاضطرار . وبعبارة أخرى يقال : كما تمسكتم بإطلاق دليل الاحتياط في الشبهة غير المحصورة فلا بد من التمسك بإطلاق دليل الاضطرار فهو شامل لكل الأطراف وبيد المكلف أن يطبقه على أي طرف شاء فهو حلال له . فكيف يكون حلال الارتكاب قبل أن يختار المكلف أي طرف من الأطراف ثم يحرم عليه بعدما اختار سواه ودفع به اضطراره وهو يشك بكون الحرام الواقعي كان هو ذلك الذي اختاره المكلف لدفع اضطراره ، فلا يكون عالما بالحرام بين الأطراف بل غاية ما يبلغه علمه هو حرمة أحد الأطراف إن لم يكن هو الطرف الذي يختاره المكلف لدفع اضطراه ، وهو في حقيقة الأمر شك بدوي وليس علما إجماليا ، غايته أن الاضطرار إن لحق العلم الإجمالي فإن العلم الإجمالي يكون متحققا الى ما قبل ذلك ثم ينحل عند الاضطرار الى معلوم الحلية وهو ما يندفع به الاضطرار  ومشكوك الحرمة وهو سائر الأطراف الباقية.

قلت :

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

06 Nov, 08:48


بحث الاصول ١٠٥٨ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الثاني: الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين.
٣ جمادى الأولى ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

06 Nov, 03:34


ونتيجة ما ذكرناه من الاُمور : أنّ التكليف في المقام في مرتبة متوسطة بين الشبهة البدوية التي لم يتنجز الواقع فيها أصلاً ، وبين العلم الاجمالي الذي لم يتعلّق الاضطرار بشيء من أطرافه وكان الواقع فيه منجّزاً على كل تقدير ، فانّ التكليف في المقام منجّز على تقدير عدم مصادفة ما يختاره المكلف لرفع اضطراره مع الحرام ، وغير منجّز على تقدير مصادفة ما يختاره المكلف مع الحرام ، فانّ الجهل به يسقط تنجّزه ، فصحّ أن نقول : إنّ التكليف في المقام في رتبة التوسط من التنجّز ، كما هو الحال في دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، فانّ التكليف بالنسبة إلى الأقل منجّز للعلم بوجوبه على كل تقدير ، وبالنسبة إلى الأكثر غير منجّز للشك فيه ، فيكون مجرىً للبراءة ، فصحّ أن نقول : إنّ للتكليف - على تقدير تعلّقه بالأكثر - توسطاً في التنجز ، بمعنى أنّه لو أتى بالأقل فغير منجّز ، أي ليس على ترك الأكثر حينئذ عقاب ، لعدم العلم بوجوبه.

وعلى تقدير ترك الأقل أيضاً فهو - أي التكليف المتعلق بالأكثر - منجّز ويعاقب على تركه ، حيث لا ينفك عن ترك الأقل.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

06 Nov, 03:34


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٥٨
الأربعاء ٣ جمادى الأولى ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الثاني: الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين.

المقام الثاني : وهو الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين ، وقد اختلفت فيه أنظار الأعلام بين من يرى لزوم الاحتياط إذا كان الاضطرار اليه بعد تحقق العلم بالتكليف فقد ذهب الشيخ الانصاري الى وجوب الاجتناب عن الآخر ( وإن كان الاضطرار قبل العلم الإجمالي ، لأن العلم حاصل بحرمة واحد من أمور لو علم حرمته تفصيلا وجب الاجتناب عنه ، وترخيص بعضها على البدل موجب لاكتفاء الأمر بالاجتناب عن الباقي.

فإن قلت : ترخيص ترك بعض المقدمات دليل على عدم إرادة الحرام الواقعي ولا تكليف بما عداه ، فلا مقتضي لوجوب الاجتناب عن الباقي . ( ومراده ظاهرا هو أن تجويز الشارع ارتكاب أحد الأطراف في حال الاضطرار الى ذلك ترخيص في ترك بعض مقدمات اجتناب الحرام الواقعي ومن ثم يعرف أنه لا يريد الواقع على كل حال فلا موجب لترك سائر الأطراف الأخرى تحصيلا للواقع).

قلت : المقدمة العلمية مقدمة للعلم ، واللازم من الترخيص فيها عدم وجوب تحصيل العلم ، لا عدم وجوب الاجتناب عن الحرام الواقعي رأسا ، وحيث إن الحاكم بوجوب تحصيل العلم هو العقل - بملاحظة تعلق الطلب الموجب للعقاب على المخالفة الحاصلة من ترك هذا المحتمل - ، كان الترخيص المذكور موجبا للأمن من العقاب على المخالفة الحاصلة من ترك هذا الذي رخص في تركه ، فيثبت من ذلك تكليف متوسط بين نفي التكليف رأسا وثبوته متعلقا بالواقع على ما هو عليه.

وحاصله : ثبوت التكليف بالواقع من الطريق الذي رخص الشارع في امتثاله منه ، وهو ترك باقي المحتملات . وهذا نظير جميع الطرق الشرعية المجعولة للتكاليف الواقعية ، ومرجعه إلى القناعة عن الواقع ببعض محتملاته معينا كما في الأخذ بالحالة السابقة في الاستصحاب ، أو مخيرا كما في موارد التخيير).

وفي مقابله نظر صاحب الكفاية حيث قال : ( إن الاضطرار كما يكون مانعا عن العلم بفعلية التكليف لو كان إلى واحد معين ، كذلك يكون مانعا لو كان إلى غير معين ، ضرورة أنه مطلقا موجب لجواز ارتكاب أحد الأطراف أو تركه ، تعيينا أو تخييرا ، وهو ينافي العلم بحرمة المعلوم أو بوجوبه بينها فعلا ، وكذلك لا فرق بين أن يكون الاضطرار كذلك سابقا على حدوث العلم أو لاحقا ، وذلك لان التكليف المعلوم بينها من أول الامر كان محدودا بعدم عروض الاضطرار إلى متعلقة ، فلو عرض على بعض أطرافه لما كان التكليف به معلوما ، لاحتمال أن يكون هو المضطر إليه فيما كان الاضطرار إلى المعين ، أو يكون هو المختار فيما كان إلى بعض الأطراف بلا تعيين.

لا يقال : الاضطرار إلى بعض الأطراف ليس إلا كفقد بعضها ، فكما لا إشكال في لزوم رعاية الاحتياط في الباقي مع الفقدان ، كذلك لا ينبغي الاشكال في لزوم رعايته مع الاضطرار ، فيجب الاجتناب عن الباقي أو ارتكابه خروجا عن عهدة ما تنجز عليه قبل عروضه.

فإنه يقال : حيث أن فقد المكلف به ليس من حدود التكليف به وقيوده ، كان التكليف المتعلق به مطلقا ، فإذا اشتغلت الذمة به ، كان قضية الاشتغال به يقينا الفراغ عنه كذلك ، وهذا بخلاف الاضطرار إلى تركه ، فإنه من حدود التكليف به وقيوده ، ولا يكون الاشتغال به من الأول إلا مقيدا بعدم عروضه ، فلا يقين باشتغال الذمة بالتكليف به إلا إلى هذا الحد ، فلا يجب رعايته فيما بعده ، ولا يكون إلا من باب الاحتياط في الشبهة البدوية ، فافهم وتأمل فإنه دقيق جدا).

ومال المحقق النائيني والسيد الخوئي رحمهما الله الى ما ذهب اليه الشيخ رحمه الله وخلاصة ما جاد به نظرهما يتبين بأمور:

الأوّل : أنّ الحرام المعلوم بالاجمال لم يطرأ ما يوجب ارتفاعه ، لما عرفت من أنّ الاضطرار إنّما هو إلى الجامع لا إلى خصوص الحرام ليرتفع حكمه.

الثاني : أنّه لا يمكن الترخيص في ارتكاب جميع الأطراف ، لاستلزامه الترخيص في المعصية ومخالفة التكليف الواصل.

الثالث: أنّه لا بدّ من رفع اليد عن وجوب الموافقة القطعية ، لتوقف رفع الاضطرار على ارتكاب بعض الأطراف ، فلا مناص من الترخيص في الارتكاب بمقدار يرتفع به الاضطرار.

الرابع: أنّه إن انطبق ما اختاره المكلف لرفع اضطراره على الحلال الواقعي ، فالحرمة الواقعية في الطرف الآخر باقية بحالها ، ولا وجه لرفع اليد عنها ، فانّ الحرام الواقعي لا يكون مضطراً إليه ، ولا انطبق عليه ما اختاره المكلف لرفع اضطراره ، وإن انطبق ما اختاره المكلف لرفع اضطراره على الحرام الواقعي ، فالحرمة الواقعية وإن لم ترتفع ، لأنّ اختيار المكلف له لرفع اضطراره لا يكشف عن تعلّق الاضطرار به ، فلا موجب لرفع حرمته ، إلاّ أنّ الجهل به مستلزم للترخيص الظاهري في ارتكابه المستلزم لعدم العقاب عليه.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

05 Nov, 07:50


بحث الاصول ١٠٥٧ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الأول : ما كان الاضطرار فيه الى معين.
٢ جمادى الأولى ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

05 Nov, 01:38


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٥٧
الثلاثاء ٢ جمادى الأولى ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الأول : ما كان الاضطرار فيه الى معين. المقام الثاني:وهو الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين.

المقام الأول : ما كان الاضطرار فيه الى المعين وله صور أربعة:

الصورة الأُولى : أن يكون الاضطرار حادثاً بعد التكليف وبعد العلم به.

الصورة الثانية: أن يكون الاضطرار حادثاً بعد التكليف وقبل العلم به ، كما إذا كان
أحد الماءين نجساً في الواقع ، ولكنّه لم يكن عالماً به فاضطرّ إلى شرب أحدهما ثمّ
علم بأنّ أحدهما كان نجساً قبل الاضطرار.

الصورة الثالثة: أن يكون الاضطرار حادثاً قبل التكليف وقبل العلم به.

الصورة الرابعة: أن يكون الاضطرار حادثا مع العلم بالتكليف.
وقد ذكرنا أحكام الصورة الثانية والثالثة والرابعة ، ووقع الاشتباه في ذكر الصورة الأولى بدلا من الثالثة.

وبقي علينا الأن أن نذكر حكم الصورة الأولى وهي ما كان الاضطرار واقعا بعد التكليف والعلم به فنقول:

أن التنجيز الذي حصل عند العلم الإجمالي بالتكليف قد أوجب الاحتياط وسقوط الاطلاق في الأصول عن المورد بلا إشكال شأنه شأن سائر موارد العلم الإجمالي ، وأن طروء الاضطرار في ما بعد على أحد الأطراف بعينه لا يعيد الأصول في الطرف الآخر سِيرَتَهَا الأولَى فإن ما سقط لا يعود.

وأما دعوى عودة الاصل بتقريب أن الأصل الآخر الجاري في الطرف الآخر الذي كان يتعارض معه قد سقط بسبب الاضطرار فلا موضع لجريانه ولو اقتضاء فكيف يتعارض مع الأصل الجاري في الطرف غير المضطر اليه ، فيبقى الأصل الجاري في الطرف الآخر غير المضطر اليه بلا معارض فيصلح للتأمين فيه ولا يجب الاحتياط فيه.
فهي مردودة نقضا وحلا.

أما النقض فبخروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء بحيث لا تكون موضوعا للتكليف ، وبامتثال بعض الأطراف ، وبارتكاب بعض الأطراف، وبإتلاف بعض الأطراف عمدا أو بتحقق تلفها ولو بلا عمد فيفترض في كل ذلك الالتزام بكون الأصل لا يجري في الطرف المبتلى بكل واحد من هذه الشؤون، وعليه فإن لم يجر جرى الأصل في الطرف الآخر بلا معارض.

ولكان جواب الإمام في الحديث الذي تضمن السؤال عن مائين في أحدهما قذر ليس هو إهراقهما معا والتيمم بل هو إتلاف أحدهما كي لا يكون موردا للأصل العملي المرخص فيتعارض مع الأصل الآخر، ومن ثم سيتخلص الطرف الآخر من المعارض فيجري فيه ويؤمن عنه. وهو كما ترى.

وأما الحل فبأن الأصل كما يعقل أن يجري في عمود الزمان في الطرفين معا ويتعارضان ، كذلك يمكن جريانه في بعض الأزمان دون بعض ولو بسبب عارض مانع من التكليف ويكفي جريانه بدوا في فترة من الزمان لمعارضة الأصل في الطرف الآخر في زمان أطول من زمانه لأن المنشأ في التعارض هو تكاذب الأصلين بعد العلم بكونهما لا يصلحان للجريان مع العلم الإجمالي لأنهما يتعارضان بالعرض بسببه ، أو فقل لأن المانع الشرعي من جريان الأصول في أطراف الشبهة المحصورة كما يمنع منهما في حال استمرارهما زمانا كذلك يمنع من جريان الاصول في حال اختلافهما زمانا لإطلاق الأمر بإراقة الماء مثلا لكون أحد الطرفين صار مضطرا اليه في ما بعد أو لا ، وكذا لتلف أحد الطرفين في ما بعد أو لامتثاله كذلك.

المقام الثاني : وهو الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين ، وقد اختلفت فيه أنظار الأعلام بين من يرى لزوم الاحتياط إذا كان الاضطرار اليه بعد تحقق العلم بالتكليف فقد ذهب الشيخ الانصاري الى وجوب الاجتناب عن الآخر ( وإن كان الاضطرار قبل العلم الإجمالي ، لأن العلم حاصل بحرمة واحد من أمور لو علم حرمته تفصيلا وجب الاجتناب عنه ، وترخيص بعضها على البدل موجب لاكتفاء الأمر بالاجتناب عن الباقي.

فإن قلت: ترخيص ترك بعض المقدمات دليل على عدم إرادة الحرام الواقعي ولا تكليف بما عداه ، فلا مقتضي لوجوب الاجتناب عن الباقي . ( ومراده ظاهرا هو أن تجويز الشارع ارتكاب أحد الأطراف في حال الاضطرار الى ذلك ترخيص في ترك بعض مقدمات اجتناب الحرام الواقعي ومن ثم يعرف أنه لا يريد الواقع على كل حال فلا موجب لترك سائر الأطراف الأخرى تحصيلا للواقع).

قلت: المقدمة العلمية مقدمة للعلم ، واللازم من الترخيص فيها عدم وجوب تحصيل العلم ، لا عدم وجوب الاجتناب عن الحرام الواقعي رأسا ، وحيث إن الحاكم بوجوب تحصيل العلم هو العقل - بملاحظة تعلق الطلب الموجب للعقاب على المخالفة الحاصلة من ترك هذا المحتمل - ، كان الترخيص المذكور موجبا للأمن من العقاب على المخالفة الحاصلة من ترك هذا الذي رخص في تركه ، فيثبت من ذلك تكليف متوسط بين نفي التكليف رأسا وثبوته متعلقا بالواقع على ما هو عليه.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

05 Nov, 01:38


وحاصله: ثبوت التكليف بالواقع من الطريق الذي رخص الشارع في امتثاله منه ، وهو ترك باقي المحتملات . وهذا نظير جميع
الطرق الشرعية المجعولة للتكاليف الواقعية ، ومرجعه إلى القناعة عن الواقع ببعض محتملاته معينا كما في الأخذ بالحالة السابقة في الاستصحاب ، أو مخيرا كما في موارد التخيير).

وفي مقابله نظر صاحب الكفاية حيث قال : ( إن الاضطرار كما يكون مانعا عن العلم بفعلية التكليف لو كان إلى واحد معين ، كذلك يكون مانعا لو كان إلى غير معين ، ضرورة أنه مطلقا موجب لجواز ارتكاب أحد الأطراف أو تركه ، تعيينا أو تخييرا ، وهو ينافي العلم بحرمة المعلوم أو بوجوبه بينها فعلا ، وكذلك لا فرق بين أن يكون الاضطرار كذلك سابقا على حدوث العلم أو لاحقا ، وذلك لان التكليف المعلوم بينها من أول الامر كان محدودا بعدم عروض الاضطرار إلى متعلقة ، فلو عرض على بعض أطرافه لما كان التكليف به معلوما ، لاحتمال أن يكون هو المضطر إليه فيما كان الاضطرار إلى المعين ، أو يكون هو المختار فيما كان إلى بعض الأطراف بلا تعيين.

لا يقال: الاضطرار إلى بعض الأطراف ليس إلا كفقد بعضها ، فكما لا إشكال في لزوم رعاية الاحتياط في الباقي مع الفقدان ، كذلك لا ينبغي الاشكال في لزوم رعايته مع الاضطرار ، فيجب الاجتناب عن الباقي أو ارتكابه خروجا عن عهدة ما تنجز عليه قبل عروضه.

فإنه يقال: حيث أن فقد المكلف به ليس من حدود التكليف به وقيوده ، كان التكليف المتعلق به مطلقا ، فإذا اشتغلت الذمة به ، كان قضية الاشتغال به يقينا الفراغ عنه كذلك ، وهذا بخلاف الاضطرار إلى تركه ، فإنه من حدود التكليف به وقيوده ، ولا يكون الاشتغال به من الأول إلا مقيدا بعدم عروضه ، فلا يقين باشتغال الذمة بالتكليف به إلا إلى هذا الحد ، فلا يجب رعايته فيما بعده ، ولا يكون إلا من باب الاحتياط في الشبهة البدوية ، فافهم وتأمل فإنه دقيق جدا).

ومال المحقق النائيني والسيد الخوئي رحمهما الله الى ما ذهب اليه الشيخ رحمه الله وخلاصة ما جاد به نظرهما يتبين بأمور

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

04 Nov, 09:58


بحث الاصول ١٠٥٦ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الأول : ما كان الاضطرار فيه الى معين. الصورة الثالثة والرابعة. المقام الثاني.
غرة جمادى الأولى ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

03 Nov, 21:35


وحاصله : ثبوت التكليف بالواقع من الطريق الذي رخص الشارع في امتثاله منه ، وهو ترك باقي المحتملات . وهذا نظير جميع الطرق الشرعية المجعولة للتكاليف الواقعية ، ومرجعه إلى القناعة عن الواقع ببعض محتملاته معينا كما في الأخذ بالحالة السابقة في الاستصحاب ، أو مخيرا كما في موارد التخيير) .

وفي مقابله نظر صاحب الكفاية حيث قال : ( إن الاضطرار كما يكون مانعا عن العلم بفعلية التكليف لو كان إلى واحد معين ، كذلك يكون مانعا لو كان إلى غير معين ، ضرورة أنه مطلقا موجب لجواز ارتكاب أحد الأطراف أو تركه ، تعيينا أو تخييرا ، وهو ينافي العلم بحرمة المعلوم أو بوجوبه بينها فعلا ، وكذلك لا فرق بين أن يكون الاضطرار كذلك سابقا على حدوث العلم أو لاحقا ، وذلك لان التكليف المعلوم بينها من أول الامر كان محدودا بعدم عروض الاضطرار إلى متعلقة ، فلو عرض على بعض أطرافه لما كان التكليف به معلوما ، لاحتمال أن يكون هو المضطر إليه فيما كان الاضطرار إلى المعين ، أو يكون هو المختار فيما كان إلى بعض الأطراف بلا تعيين .

لا يقال : الاضطرار إلى بعض الأطراف ليس إلا كفقد بعضها ، فكما لا إشكال في لزوم رعاية الاحتياط في الباقي مع الفقدان ، كذلك لا ينبغي الاشكال في لزوم رعايته مع الاضطرار ، فيجب الاجتناب عن الباقي أو ارتكابه خروجا عن عهدة ما تنجز عليه قبل عروضه .

فإنه يقال : حيث أن فقد المكلف به ليس من حدود التكليف به وقيوده ، كان التكليف المتعلق به مطلقا ، فإذا اشتغلت الذمة به ، كان قضية الاشتغال به يقينا الفراغ عنه كذلك ، وهذا بخلاف الاضطرار إلى تركه ، فإنه من حدود التكليف به وقيوده ، ولا يكون الاشتغال به من الأول إلا مقيدا بعدم عروضه ، فلا يقين باشتغال الذمة بالتكليف به إلا إلى هذا الحد ، فلا يجب رعايته فيما بعده ، ولا يكون إلا من باب الاحتياط في الشبهة البدوية ، فافهم وتأمل فإنه دقيق جدا).

ومال المحقق النائيني والسيد الخوئي رحمهما الله الى ما ذهب اليه الشيخ رحمه الله وخلاصة ما جاد به نظرهما يتبين بأمور:

الأوّل : أنّ الحرام المعلوم بالاجمال لم يطرأ ما يوجب ارتفاعه ، لما عرفت من أنّ الاضطرار إنّما هو إلى الجامع لا إلى خصوص الحرام ليرتفع حكمه.

الثاني : أنّه لا يمكن الترخيص في ارتكاب جميع الأطراف ، لاستلزامه الترخيص في المعصية ومخالفة التكليف الواصل.

الثالث : أنّه لا بدّ من رفع اليد عن وجوب الموافقة القطعية ، لتوقف رفع الاضطرار على ارتكاب بعض الأطراف ، فلا مناص من الترخيص في الارتكاب بمقدار يرتفع به الاضطرار .

الرابع : أنّه إن انطبق ما اختاره المكلف لرفع اضطراره على الحلال الواقعي ، فالحرمة الواقعية في الطرف الآخر باقية بحالها ، ولا وجه لرفع اليد عنها ، فانّ الحرام الواقعي لا يكون مضطراً إليه ، ولا انطبق عليه ما اختاره المكلف لرفع اضطراره ، وإن انطبق ما اختاره المكلف لرفع اضطراره على الحرام الواقعي ، فالحرمة الواقعية وإن لم ترتفع ، لأنّ اختيار المكلف له لرفع اضطراره لا يكشف عن تعلّق الاضطرار به ، فلا موجب لرفع حرمته ، إلاّ أنّ الجهل به مستلزم للترخيص الظاهري في ارتكابه المستلزم لعدم العقاب عليه.

ونتيجة ما ذكرناه من الاُمور : أنّ التكليف في المقام في مرتبة متوسطة بين الشبهة البدوية التي لم يتنجز الواقع فيها أصلاً ، وبين العلم الاجمالي الذي لم يتعلّق الاضطرار بشيء من أطرافه وكان الواقع فيه منجّزاً على كل تقدير ، فانّ التكليف في المقام منجّز على تقدير عدم مصادفة ما يختاره المكلف لرفع اضطراره مع الحرام ، وغير منجّز على تقدير مصادفة ما يختاره المكلف مع الحرام ، فانّ الجهل به يسقط تنجّزه ، فصحّ أن نقول : إنّ التكليف في المقام في رتبة التوسط من التنجّز ، كما هو الحال في دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، فانّ التكليف بالنسبة إلى الأقل منجّز للعلم بوجوبه على كل تقدير ، وبالنسبة إلى الأكثر غير منجّز للشك فيه ، فيكون مجرىً للبراءة ، فصحّ أن نقول : إنّ للتكليف - على تقدير تعلّقه بالأكثر - توسطاً في التنجز ، بمعنى أنّه لو أتى بالأقل فغير منجّز ، أي ليس على ترك الأكثر حينئذ عقاب ، لعدم العلم بوجوبه.

وعلى تقدير ترك الأقل أيضاً فهو - أي التكليف المتعلق بالأكثر - منجّز ويعاقب على تركه ، حيث لا ينفك عن ترك الأقل.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

03 Nov, 21:35


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٥٦
الإثنين غرة جمادى الأولى ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الأول : ما كان الاضطرار فيه الى معين. الصورة الثالثة والرابعة. المقام الثاني.

وأجاب السيد الخوئي قدس سره عن ذلك بأن (المقام ليس مجرى للاستصحاب ولا لقاعدة الاشتغال ، فان الاستصحاب أو القاعدة انما يجريان فيما إذا كانت الأصول في أطراف العلم الاجمالي ساقطة بالمعارضة ، كما في الشك في بقاء الحدث المردد بين الأصغر والأكبر بعد الوضوء ، فان الأصل في كل منهما معارض بالأصل الجاري في الآخر ، وبعد تساقطهما يرجع إلى الاستصحاب ويحكم ببقاء الحدث الجامع بين الأكبر والأصغر.

وهذا بخلاف ما إذا كان الأصل جاريا في بعض الأطراف بلا معارض ، كما في المقام ، فان التكليف في الطرف المضطر إليه معلوم الانتفاء بالوجدان ، فلا معنى لجريان الأصل فيه وفي الطرف الآخر مشكوك الحدوث ، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل فيه ، فليس لنا علم بالتكليف وشك في سقوطه حتى نحكم ببقائه للاستصحاب أو لقاعدة الاشتغال ، كما في مثال الحدث المردد بين الأكبر والأصغر ، لان التكليف في الطرف المضطر إليه منفي بالوجدان ، وفي الطرف الآخر مشكوك الحدوث، ومنفي بالتعبد للأصل الجاري فيه بلا معارض.

ومن هنا نقول بان المرجع عند دوران الامر بين الأقل والأكثر الارتباطيين هي البراءة ، فإنه مع الاتيان بالأقل يشك في بقاء التكليف المعلوم بالإجمال ، ومع ذلك لا يرجع إلى الاستصحاب ولا إلى قاعدة الاشتغال ، وليس ذلك إلا لان منشأ الشك في بقاء التكليف احتمال تعلقه بالأكثر الذي يجري فيه الأصل بلا معارض، فالتكليف بالأقل ساقط بالامتثال.

والتكليف بالأكثر مشكوك الحدوث من أول الامر، ومنفي بالتعبد للأصل الجاري فيه بلا معارض فلم يبق مجال للرجوع إلى الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال).

والانصاف أن ما ذكره متين ويمكن اعتماده في مقام البحث.

الصورة الثالثة والرابعة : وهي ما إذا كان الاضطرار فيه قبل التكليف وقبل العلم به ، كما إذا اضطرّ إلى شرب أحد الماءين مثلاً ، ثمّ علم بوقوع النجاسة في أحدهما بعد الاضطرار . ولا إشكال في عدم التنجيز في هذه الصورة ، إذ لا يوجد أي علم بالتكليف فيها ، لاحتمال وقوع النجاسة في الطرف المضطر إليه ، وبما أنّ المفروض هو كون الاضطرار قبل وقوع النجاسة ، فلازم ذلك أن وقوعها في الطرف المضطر إليه لا يحقق التكليف، ووقوعها في الطرف الآخر إنما هو مجرد شك لا يمنع من الرجوع فيه إلى الأصل . ومثل ذلك صورة تقارن الاضطرار والعلم بالتكليف فيجري فيه الكلام نفسه فتكون النتيجة عدم التنجيز أيضا.

وبذلك يتبين حكم المقام الأول أي الاضطرار الى معين ، وهو عدم تنجيز العلم الإجمالي وجواز ارتكاب الطرف الآخر مضافا الى الطرف المعين المضطر اليه.

المقام الثاني : وهو الاضطرار الى بعض الأطراف بدون تعيين ، وقد اختلفت فيه أنظار الأعلام بين من يرى لزوم الاحتياط إذا كان الاضطرار اليه بعد تحقق العلم بالتكليف فقد ذهب الشيخ الانصاري الى وجوب الاجتناب عن الآخر ( وإن كان الاضطرار قبل العلم الإجمالي ، لأن العلم حاصل بحرمة واحد من أمور لو علم حرمته تفصيلا وجب الاجتناب عنه ، وترخيص بعضها على البدل موجب لاكتفاء الأمر بالاجتناب عن الباقي .

فإن قلت : ترخيص ترك بعض المقدمات دليل على عدم إرادة الحرام الواقعي ولا تكليف بما عداه ، فلا مقتضي لوجوب الاجتناب عن الباقي . ( ومراده ظاهرا هو أن تجويز الشارع ارتكاب أحد الأطراف في حال الاضطرار الى ذلك ترخيص في ترك بعض مقدمات اجتناب الحرام الواقعي ومن ثم يعرف أنه لا يريد الواقع على كل حال فلا موجب لترك سائر الأطراف الأخرى تحصيلا للواقع).

قلت : المقدمة العلمية مقدمة للعلم ، واللازم من الترخيص فيها عدم وجوب تحصيل العلم ، لا عدم وجوب الاجتناب عن الحرام الواقعي رأسا ، وحيث إن الحاكم بوجوب تحصيل العلم هو العقل - بملاحظة تعلق الطلب الموجب للعقاب على المخالفة الحاصلة من ترك هذا المحتمل - ، كان الترخيص المذكور موجبا للأمن من العقاب على المخالفة الحاصلة من ترك هذا الذي رخص في تركه ، فيثبت من ذلك تكليف متوسط بين نفي التكليف رأسا وثبوته متعلقا بالواقع على ما هو عليه.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

03 Nov, 10:43


بحث الاصول ١٠٥٥ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الأول : ما كان الاضطرار فيه الى معين.
٣٠ ربيع الثاني ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

02 Nov, 20:15


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٥٥
الأحد ٣٠ ربيع الثاني ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الأول : ما كان الاضطرار فيه الى معين.

فتحصل ان الكلام في انحلال العلم الاجمالي للاضطرار وعدمه انما هو فيما إذا كان الاضطرار موجبا لرفع جميع الآثار .)
وبما تبين لك من أن الاضطرار تارة يكون الى طرف معين ، وتارة الى غير معين ينبغي تقسيم البحث الى مقامين.

وعلى هذا الأساس ينبغي رسم منهجية المطلب فنلحظ الصور في كل من المقامين، ونتبين حكمه ، وما كان أمره مشكلا نلاحظ فيه أهم الأقوال ، وننقدها على أساس ما تقدم من المباني المختارة :

المقام الأول : ما كان الاضطرار فيه الى معين. وفيه عدة صور :

الصورة الأولى : ما كان الاضطرار فيه قبل تعلق التكليف والعلم به ، وقد رأيت أن المحقق النائيني رأى أنه ( لا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر الغير المضطر إليه ، لاحتمال أن يكون متعلق التكليف هو المضطر إليه ، فالعلم الاجمالي الحادث لم يتعلق بالتكليف الفعلي ، والأصول غير جارية في جميع الأطراف لتسقط بالمعارضة ، لعدم جريان الأصل النافي للتكليف في الطرف المضطر إليه ، للقطع بعدم وجوب الاجتناب عنه ، فيبقى الطرف الآخر جاريا فيه الأصل بلا معارض ) وهو متين.

الصورة الثانية : ما كان الاضطرار قد تحقق فيه بعد تعلق التكليف بأحد الأطراف، ولكن العلم الاجمالي به متأخر عن التكليف وعن الاضطرار ، كما إذا كان أحد المائين نجسا في الواقع ، ولكنه لم يكن عالما به فاضطر إلى شرب أحدهما ، ثم علم بان أحدهما كان نجسا قبل الاضطرار فالأقوى فيه عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الغير المضطر إليه وفاقا للشيخ والمحقق النائيني - قدس سرهما - ؛ وتقريب ذلك عندهم هو أن الاضطرار إلى بعض الأطراف قبل العلم الاجمالي كتلف بعضها قبله، ولا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الباقي غير التالف والاعتماد في ذلك على الأصول العملية، لاحتمال أن يكون التالف هو متعلق التكليف واقعا ، وعليه فلا يكون العلم الاجمالي علما بالتكليف ، بل هو علم بالتكليف على فرض دون آخر وهو فرض كون المعلوم بالإجمال واقعا هو الطرف غير المضطر اليه ، وعليه لا يوجد لدى المكلف علم فعلي بالتكليف بل شك فعلي به.

والمشكوك يجري فيه الأصل ، والمضطر اليه المعين ليس مشكوك الحرمة فهو حلال على كل حال ، إما لأنه ليس فيه التكليف المعلوم ، وإما لأنه هو متعلق التكليف المعلوم ولكنه حلال لكونه مضطرا اليه ، فلا يجري فيه الأصل على أي حال ، بل يجري في الآخر بلا معارض ، شأنه في ذلك شأن التالف الذي لا يجري فيه الأصل، وفي الطرف الآخر الباقي يجري الأصل بلا معارض. والاضطرار ملحق بالتلف في جميع المقامات ، لان المضطر إليه كالمعدوم.
وأما ما قد يقال من أن التكليف الواقعي وان لم يكن بحد نفسه مانعا من جريان الأصل لعدم تحقق العلم الإجمالي به ، إلا أنه بعد العلم به تترتب آثاره من حين حدوثه لا من حين العلم به كما هو الحال في العلم التفصيلي ، فإنه لو علمنا بأن الماء الذي اغتسلنا به للجنابة قبل أسبوع مثلا كان نجسا يجب ترتيب آثار نجاسة الماء المذكور من حين نجاسته لا من حين العلم بها ، فيجب الاتيان بقضاء الصلوات التي اتينا بها مع هذا الغسل، وكذا سائر الآثار المترتبة شرعا على نجاسة الماء المذكور.

وفي المقام أيضا لا مناص من ترتيب آثار التكليف من حين حدوثه لا من حين انكشافه . وحينئذ لما كان حدوث التكليف قبل الاضطرار ، فلا بد من اعتبار وجوده قبله ولو كان منكشفا بعده وعليه فبعد طرؤ الاضطرار نشك في سقوط هذا التكليف الثابت قبل الاضطرار لأجل الاضطرار ، لأنه لو كان في الطرف المضطر إليه فقد سقط بالاضطرار ، ولو كان في الطرف الآخر كان باقيا لا محالة ، فيرجع إلى استصحاب بقاء التكليف أو الى قاعدة الاشتغال وعلى كل تقدير لا مجال للرجوع إلى أصالة البراءة في الطرف غير المضطر إليه.

وأجاب السيد الخوئي قدس سره عن ذلك بأن (المقام ليس مجرى للاستصحاب ولا لقاعدة الاشتغال ، فان الاستصحاب أو القاعدة انما يجريان فيما إذا كانت الأصول في أطراف العلم الاجمالي ساقطة بالمعارضة ، كما في الشك في بقاء الحدث المردد بين الأصغر والأكبر بعد الوضوء ، فان الأصل في كل منهما معارض بالأصل الجاري في الآخر ، وبعد تساقطهما يرجع إلى الاستصحاب ويحكم ببقاء الحدث الجامع بين الأكبر والأصغر.

وهذا بخلاف ما إذا كان الأصل جاريا في بعض الأطراف بلا معارض ، كما في المقام ، فان التكليف في الطرف المضطر إليه معلوم الانتفاء بالوجدان ، فلا معنى لجريان الأصل فيه وفي الطرف الآخر مشكوك الحدوث ، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل فيه ، فليس لنا علم بالتكليف وشك في سقوطه حتى نحكم ببقائه للاستصحاب أو لقاعدة الاشتغال ، كما في مثال الحدث

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

02 Nov, 20:15


المردد بين الأكبر والأصغر ، لان التكليف في الطرف المضطر إليه منفي بالوجدان ، وفي الطرف الآخر مشكوك الحدوث، ومنفي بالتعبد للأصل الجاري فيه بلا معارض.

ومن هنا نقول بان المرجع عند دوران الامر بين الأقل والأكثر الارتباطيين هي البراءة ، فإنه مع الاتيان بالأقل يشك في بقاء التكليف المعلوم بالإجمال ، ومع ذلك لا يرجع إلى الاستصحاب ولا إلى قاعدة الاشتغال ، وليس ذلك إلا لان منشأ الشك في بقاء التكليف احتمال تعلقه بالأكثر الذي يجري فيه الأصل بلا معارض، فالتكليف بالأقل ساقط بالامتثال.

والتكليف بالأكثر مشكوك الحدوث من أول الامر، ومنفي بالتعبد للأصل الجاري فيه بلا معارض فلم يبق مجال للرجوع إلى الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال).
والانصاف أن ما ذكره متين ويمكن اعتماده في مقام البحث.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

02 Nov, 10:18


بحث الاصول ١٠٥٤ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف.
٢٩ ربيع الثاني ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

01 Nov, 18:47


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٥٤
السبت ٢٩ ربيع الثاني ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. انحلال العلم الاجمالي عند الاضطرار لبعض الأطراف. المقام الأول : ما كان الاضطرار فيه الى معين.

وهذا وينبغي الالتفات الى ان الكلام في انحلال العلم الاجمالي وعدمه في حال الاضطرار الى بعض الأطراف ( إنما هو فيما إذا كان الاضطرار رافعا لجميع الآثار للحكم المعلوم بالإجمال ، كما إذا علمنا بنجاسة أحد الخلين مثلا ، مع الاضطرار إلى شرب أحدهما ، فان الأثر المترتب على هذا المعلوم بالإجمال ليس الا الحرمة المرتفعة بالاضطرار ، فيمكن القول بانحلال العلم الاجمالي في هذا الفرض ، باعتبار ان التكليف في الطرف المضطر إليه مرتفع بالاضطرار ، وفي الطرف الآخر مشكوك فيه ، فيرجع فيه إلى الأصل ، وأما إذا لم يكن الاضطرار رافعا لجميع آثار المعلوم بالإجمال ، بأن تكون له آثار يرتفع بعضها بالاضطرار دون بعض آخر ، كما إذا علمنا بنجاسة أحد المائعين الماء أو الحليب مع الاضطرار إلى شرب الماء ، فان الأثر المترتب على هذا المعلوم بالإجمال تكليف ، وهو حرمة الشرب ، ووضع وهو عدم صحة الوضوء بالماء والمرتفع بالاضطرار انما هو التكليف وحرمة الشرب فقط دون الوضع ، فان الاضطرار إلى شرب النجس يوجب جواز التوضي به كما هو ظاهر .

هذا فيما إذا كان الاضطرار إلى أحد الأطراف على التعيين ، وكذا الحال فيما إذا كان الاضطرار إلى أحدها لا على التعيين ، كما إذا علمنا اجمالا بنجاسة أحد الماءين مع الاضطرار إلى شرب أحدهما لا بعينه ، فان المرتفع بالاضطرار إنما هو حرمة الشرب لا عدم صحة الوضوء به ، ففي مثل ذلك لا ينحل العلم الاجمالي بالاضطرار بلا اشكال ولا خلاف لبقاء اثر المعلوم بالإجمال في الطرف المضطر إليه بعد الاضطرار أيضا ، فانا نعلم اجمالا - ولو بعد الاضطرار - أن هذا الماء لا يجوز التوضي به أو هذا الحليب لا يجوز شربه وهذا العلم منجز للتكليف لا محالة ، فلا يجوز التوضي بالماء ولا شرب الحليب ، وكذا الحال في مثال الاضطرار إلى أحد الأطراف لا علي التعيين ، فانا نعلم اجمالا بعدم صحة الوضوء بهذا الماء أو بذلك الماء وان جاز شرب أحدهما للاضطرار .

و ( بالجملة ) رفع بعض الآثار لأجل الاضطرار ليس الا مثل انتفاء بعض الآثار من غير جهة الاضطرار ، ومن غير ناحية النجاسة ، كما في الحليب ، فإنه لا يجوز التوضي به مع قطع النظر عن عروض النجاسة وكونه طرفا للعلم الاجمالي ففي مثال دوران الامر بين نجاسة الماء والحليب يكون اثر المعلوم بالإجمال قبل الاضطرار عدم جواز الشرب وحده في طرف ، وهو الحليب وعدم جواز الشرب ، وعدم صحة التوضي في الطرف الآخر وهو الماء . وبعد الاضطرار إلى شرب الماء ترتفع حرمة شربه فقط ، ويبقى الحكم الوضعي وهو عدم صحة الوضوء به بحاله ، فيكون المعلوم بالاجمال ذا اثر في الطرفين ، فيكون العلم الاجمالي منجزا لا محالة ، ولا يكون الاضطرار موجبا لانحلاله.

فتحصل ان الكلام في انحلال العلم الاجمالي للاضطرار وعدمه انما هو فيما إذا كان الاضطرار موجبا لرفع جميع الآثار .)

وبما تبين لك من أن الاضطرار تارة يكون الى طرف معين ، وتارة الى غير معين ينبغي تقسيم البحث الى مقامين:

وعلى هذا الأساس ينبغي رسم منهجية المطلب فنلحظ الصور في كل مقام ، وما كان مشكلا نلاحظ فيه أهم الأقوال ، وننقدها على أساس ما تقدم من المباني المختارة :

المقام الأول : ما كان الاضطرار فيه الى معين. وفيه عدة صور :

الصورة الأولى : ما كان الاضطرار فيه قبل تعلق التكليف والعلم به ، وقد رأيت أن المحقق النائيني رأى أنه ( لا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر الغير المضطر إليه ، لاحتمال أن يكون متعلق التكليف هو المضطر إليه ، فالعلم الاجمالي الحادث لم يتعلق بالتكليف الفعلي ، والأصول غير جارية في جميع الأطراف لتسقط بالمعارضة ، لعدم جريان الأصل النافي للتكليف في الطرف المضطر إليه ، للقطع بعدم وجوب الاجتناب عنه ، فيبقى الطرف الآخر جاريا فيه الأصل بلا معارض ) وهو متين.

الصورة الثانية : ما كان الاضطرار قد تحقق فيه بعد تعلق التكليف بأحد الأطراف، ولكن العلم الاجمالي به متأخر عن التكليف وعن الاضطرار ، كما إذا كان أحد المائين نجسا في الواقع ، ولكنه لم يكن عالما به فاضطر إلى شرب أحدهما ، ثم علم بان أحدهما كان نجسا قبل الاضطرار فالأقوى فيه عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الغير المضطر إليه وفاقا للشيخ والمحقق النائيني - قدس سرهما - ؛ وتقريب ذلك عندهم هو أن الاضطرار إلى بعض الأطراف قبل العلم الاجمالي كتلف بعضها قبله، ولا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الباقي غير التالف والاعتماد في ذلك على الأصول العملية، لاحتمال أن يكون التالف هو متعلق التكليف واقعا ، وعليه فلا يكون العلم الاجمالي علما بالتكليف ، بل هو علم بالتكليف على

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

01 Nov, 18:47


فرض دون آخر وهو فرض كون المعلوم بالإجمال واقعا هو الطرف غير المضطر اليه ، وعليه لا يوجد لدى المكلف علم فعلي بالتكليف بل شك فعلي به.

والمشكوك يجري فيه الأصل ، والمضطر اليه المعين ليس مشكوك الحرمة فهو حلال على كل حال ، إما لأنه ليس فيه التكليف المعلوم ، وإما لأنه هو متعلق التكليف المعلوم ولكنه حلال لكونه مضطرا اليه ، فلا يجري فيه الأصل على أي حال ، بل يجري في الآخر بلا معارض ، شأنه في ذلك شأن التالف الذي لا يجري فيه الأصل، وفي الطرف الآخر الباقي يجري الأصل بلا معارض. والاضطرار ملحق بالتلف في جميع المقامات ، لان المضطر إليه كالمعدوم.

وأما ما قد يقال من أن التكليف الواقعي وان لم يكن بحد نفسه مانعا من جريان الأصل لعدم تحقق العلم الإجمالي به ، إلا أنه بعد العلم به تترتب آثاره من حين حدوثه لا من حين العلم به كما هو الحال في العلم التفصيلي ، فإنه لو علمنا بأن الماء الذي اغتسلنا به للجنابة قبل أسبوع مثلا كان نجسا يجب ترتيب آثار نجاسة الماء المذكور من حين نجاسته لا من حين العلم بها ، فيجب الاتيان بقضاء الصلوات التي اتينا بها مع هذا الغسل، وكذا سائر الآثار المترتبة شرعا على نجاسة الماء المذكور.

وفي المقام أيضا لا مناص من ترتيب آثار التكليف من حين حدوثه لا من حين انكشافه . وحينئذ لما كان حدوث التكليف قبل الاضطرار ، فلا بد من اعتبار وجوده قبله ولو كان منكشفا بعده وعليه فبعد طرؤ الاضطرار نشك في سقوط هذا التكليف الثابت قبل الاضطرار لأجل الاضطرار ، لأنه لو كان في الطرف المضطر إليه فقد سقط بالاضطرار ، ولو كان في الطرف الآخر كان باقيا لا محالة ، فيرجع إلى استصحاب بقاء التكليف أو الى قاعدة الاشتغال وعلى كل تقدير لا مجال للرجوع إلى أصالة البراءة في الطرف غير المضطر إليه.

وأجاب السيد الخوئي قدس سره عن ذلك بأن (المقام ليس مجرى للاستصحاب ولا لقاعدة الاشتغال ، فان الاستصحاب أو القاعدة انما يجريان فيما إذا كانت الأصول في أطراف العلم الاجمالي ساقطة بالمعارضة ، كما في الشك في بقاء الحدث المردد بين الأصغر والأكبر بعد الوضوء ، فان الأصل في كل منهما معارض بالأصل الجاري في الآخر ، وبعد تساقطهما يرجع إلى الاستصحاب ويحكم ببقاء الحدث الجامع بين الأكبر والأصغر.

وهذا بخلاف ما إذا كان الأصل جاريا في بعض الأطراف بلا معارض ، كما في المقام ، فان التكليف في الطرف المضطر إليه معلوم الانتفاء بالوجدان ، فلا معنى لجريان الأصل فيه وفي الطرف الآخر مشكوك الحدوث ، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل فيه ، فليس لنا علم بالتكليف وشك في سقوطه حتى نحكم ببقائه للاستصحاب أو لقاعدة الاشتغال ، كما في مثال الحدث المردد بين الأكبر والأصغر ، لان التكليف في الطرف المضطر إليه منفي بالوجدان ، وفي الطرف الآخر مشكوك الحدوث، ومنفي بالتعبد للأصل الجاري فيه بلا معارض.

ومن هنا نقول بان المرجع عند دوران الامر بين الأقل والأكثر الارتباطيين هي البراءة ، فإنه مع الاتيان بالأقل يشك في بقاء التكليف المعلوم بالإجمال ، ومع ذلك لا يرجع إلى الاستصحاب ولا إلى قاعدة الاشتغال ، وليس ذلك إلا لان منشأ الشك في بقاء التكليف احتمال تعلقه بالأكثر الذي يجري فيه الأصل بلا معارض، فالتكليف بالأقل ساقط بالامتثال.

والتكليف بالأكثر مشكوك الحدوث من أول الامر، ومنفي بالتعبد للأصل الجاري فيه بلا معارض فلم يبق مجال للرجوع إلى الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال).
والانصاف أن ما ذكره متين ويمكن اعتماده في مقام البحث.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

30 Oct, 10:28


بحث الاصول ١٠٥٣ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. صور المطلب.
٢٦ ربيع الثاني ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

30 Oct, 02:01


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٥٣
الأربعاء ٢٦ ربيع الثاني ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. صور المطلب.

التنبيه السابع : الاضطرار الى بعض الأطراف

ذكر المحقق النائيني رحمه الله أن المكلف ( لو اضطر إلى ارتكاب بعض الأطراف فتارة : يكون الاضطرار قبل تعلق التكليف بأحدها وقبل العلم به ، كما لو اضطر إلى استعمال أحد مقطوعي الطهارة أو الحلية ثم حدثت نجاسة أحدهما أو حرمته والعلم بها. وأخرى : يكون الاضطرار بعد تعلق التكليف بأحدها وقبل العلم به . وثالثة : يكون الاضطرار بعد العلم به أيضا أو مقارنا له.

وعلى جميع التقادير : فتارة يكون الاضطرار إلى أحدها المعين. وأخرى إلى أحدها لا بعينه.

فإن كان الاضطرار قبل تعلق التكليف والعلم به وكان إلى المعين فلا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر الغير المضطر إليه ، لاحتمال أن يكون متعلق التكليف هو المضطر إليه ، فالعلم الاجمالي الحادث لم يتعلق بالتكليف الفعلي ، والأصول غير جارية في جميع الأطراف لتسقط بالمعارضة ، لعدم جريان الأصل النافي للتكليف في الطرف المضطر إليه ، للقطع بعدم وجوب الاجتناب عنه ، فيبقى الطرف الآخر جاريا فيه الأصل بلا معارض.

ولو كان إلى غير المعين ، فحكمه الاضطرار إلى الواحد لا بعينه بعد تعلق التكليف بأحد الأطراف وقبل العلم الاجمالي به . وسيأتي أن الأقوى فيه وجوب الاجتناب عما عدا ما يدفع به الاضطرار.

وإن كان الاضطرار بعد تعلق التكليف بأحدها وقبل العلم به وكان إلى المعين ، فالأقوى فيه أيضا عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الغير المضطر إليه وفاقا للشيخ - قدس سره - لان الاضطرار إلى بعض الأطراف قبل العلم الاجمالي كتلف بعضها قبله ، ولا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الباقي الغير التالف ، لاحتمال أن يكون التالف هو متعلق التكليف ، فلا يكون العلم الاجمالي علما بالتكليف ، فلا تعارض بين الأصول ، بل الأصل في التالف لا يجري ، وفي الباقي يجري بلا معارض والاضطرار ملحق بالتلف في جميع المقامات ، لان المضطر إليه كالمعدوم ).

وعلى هذا الأساس ينبغي رسم منهجية المطلب فنأتي على الصور تباعا ، ونلاحظ أهم الأقوال فيها ، ونبحث عن حكمها على أساس ما تقدم من المباني المختارة.

الصورة الأولى : ما كان الاضطرار فيه قبل تعلق التكليف والعلم به وكان الاضطرار إلى المعين ، وقد رأيت أن المحقق النائيني رأى أنه (لا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر الغير المضطر إليه ، لاحتمال أن يكون متعلق التكليف هو المضطر إليه ، فالعلم الاجمالي الحادث لم يتعلق بالتكليف الفعلي ، والأصول غير جارية في جميع الأطراف لتسقط بالمعارضة ، لعدم جريان الأصل النافي للتكليف في الطرف المضطر إليه ، للقطع بعدم وجوب الاجتناب عنه ، فيبقى الطرف الآخر جاريا فيه الأصل بلا معارض) وهو متين.

الصورة الثانية : ما كان الاضطرار قد تحقق فيه بعد تعلق التكليف بأحد الأطراف، ولكنه العلم الاجمالي به متأخر عن التكليف وعن الاضطرار ، وكان المضطر اليه طرفا معينا، فالأقوى فيه عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الغير المضطر إليه وفاقا للشيخ والمحقق النائيني - قدس سرهما - ؛ وتقريب ذلك عندهم هو أن الاضطرار إلى بعض الأطراف قبل العلم الاجمالي كتلف بعضها قبله، ولا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الباقي غير التالف والاعتماد في ذلك على الأصول العملية، لاحتمال أن يكون التالف هو متعلق التكليف واقعا ، وعليه فلا يكون العلم الاجمالي علما بالتكليف ، بل هو علم بالتكليف على فرض دون آخر وهو فرض كون المعلوم بالإجمال واقعا هو الطرف غير المضطر اليه ، وعليه لا يوجد لدى المكلف علم فعلي بالتكليف بل شك فعلي به.

والمشكوك يجري فيه الأصل ، والمضطر اليه المعين ليس مشكوك الحرمة فهو حلال على كل حال ، إما لأنه ليس فيه التكليف المعلوم ، وإما لأنه هو متعلق التكليف المعلوم ولكنه حلال لكونه مضطرا اليه ، فلا يجري فيه الأصل على أي حال ، بل يجري في الآخر بلا معارض ، شأنه في ذلك شأن التالف الذي لا يجري فيه الأصل، وفي الطرف الآخر الباقي يجري الأصل بلا معارض. والاضطرار ملحق بالتلف في جميع المقامات ، لان المضطر إليه كالمعدوم.

الصورة الثالثة : إذا كان التكليف متعلقا بأحد الأطراف ثم اضطر الى أحد الأطراف بلا تعيين ، ثم تحقق العلم الإجمالي بالتكليف كما لو حصلت النجاسة في أحد الإنائين في الساعة السادسة دون أن يعلم بها، ثم اضطر الى أحدهما غير المعين في الساعة السابعة فارتكب أحدهما وبقي الآخر، ثم بعد ذلك في الساعة الثامنة علم بأن النجاسة كانت قد سبقت الاضطرار الذي فرضنا أنه كان قد تحقق قبل العلم بالنجاسة فهل يجب عليه الاحتياط في الطرف الآخر الباقي.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

30 Oct, 02:01


وهل يلاحظ سبق النجاسة التي تتنجز في ما بعد بالعلم بها وتتعطل الأصول عن الجريان في الأطراف بسببها، أم يلاحظ سبق الاضطرار على العلم الذي هو منشأ التنجيز والمنع من جريان الأصول ؟

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

29 Oct, 10:02


بحث الاصول ١٠٥٢ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السادس: في الشبهة غير المحصورة. المختار. ضابطة الشبهة غير المحصورة.
٢٥ ربيع الثاني ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

28 Oct, 19:48


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٥٢
الثلاثاء ٢٥ ربيع الثاني ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السادس: في الشبهة غير المحصورة. المختار. ضابطة الشبهة غير المحصورة. التنبيه السابع: الاضطرار إلى بعض الأطراف. صور المطلب. الصورة الأولى.

ومن ثم فإن شبهة الكثير في الكثير لا يمكن البناء على التأمين فيها لقصور الأدلة عن شمولها ، إذ غاية ما يمكن أن يدعى للتأمين فيها ما تقدم نصوص الجبن بناء على كثرة استعمال أنفحة الميتة في تصنيعه ولكنه غير تام لأن الجبن يحتمل فيه أنه من الكثير في الكثير ، ولكن لا سبيل عادة في عصر صدور النصوص الى تحصيل العلم بكثرة المعلوم بالإجمال ، لا سيما بعد ملاحظة ما تقدم في حديث أبي الجارود قال : سألت أبا جعفر ( ع ) عن الجبن ؟ - وقلت له : أخبرني من رأى أنه جعل فيه الميتة فقال : أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم في جميع الأرضين ؟ ! إذا علمت أنه ميتة فلا تأكل ، وإن لم تعلم فاشتر وبع وكل ، والله إني لاعترض السوق فاشترى بها اللحم والسمن والجبن ، والله ما أظن كلهم يسمون هذه البربر وهذه السودان.

حيث لم يقل للإمام عليه السلام أن استعمال أنفحة الميتة منتشر بحيث يعلم بوجوده مضافا الى ما علم به من خلال خبر من أخبره عن ذلك. فلو كان الأمر كما ذكر لبادره أبو الجارود بذلك.

وما تقدم أيضا من حديث أبي عبيدة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سألته عن الرجل منا يشتري من السلطان من إبل الصدقة وغنمها وهو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم قال : فقال : ما الإبل والغنم إلا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه.
بدعوى أنه يعلم كثرة أخذ عمال السلطان من الناس أكثر من الحق الذي يجب عليهم فيكون من الكثير في الكثير.

والانصاف أنه محتمل قويا لكن البناء على كونه معلوما إجمالا لا سبيل عندي اليه.

وأما تفسير عدم تصدي الشارع لضبط الشبهة غير المحصورة بشكل رقمي محدد فهو لا يصلح مانعا من الأخذ بالنصوص الشريفة وفق الموازين الصحيحة ، ومع ذلك لا مانع من تقليب النظر فيه، ولعله يعود الى عدة أمور أهمها :

1_ أن الاحتياط حسن على أي حال الا أن يؤدي الى تضييع المصالح الشرعية المهمة وهو أمر يختلف باختلاف الحالات والملابسات.

2_ أن الضابطة التي استفدناها من النصوص الشريفة استنباطا ولم يُصرَح بها كانت تشتمل على عنصرين وهما ضئآلة نسبة المعلوم بالإجمال الى الأطراف ، وعدم الابتلاء بارتكاب أطراف كثيرة من الشبهة وهما يتأثران ببعضهما جدا فكلما ارتفع احدهما اقتضى بقاء مفاد أدلة الحل شاملا له أن ينخفض الآخر بنفس النسبة والا قصر الدليل عن شمول الواقعة.

وفي مثله قد تكون حكمة الخطاب ببيان الحل بنحو عام لا يقيده سوى ما تم في الشبهة المحصورة من لزوم الاحتياط ارتكازا وشرعا.

3_ وربما يكون قد صدر من الشارع ما يحدد بالضبط ميزان الشبهة غير المحصورة التي لا يجب الاحتياط فيها ولكنه لم يصل الينا.

وينبغي أن يعلم أن هذه الأدلة بطوائفها الثلاثة وما تقدم من سائر الأدلة التي اعتمدنا في الشبهة غير المحصورة إنما هو في الشبهة الموضوعية في الأحكام الوضعية من قبيل النجاسة ، والغصبية ، وفي الشبهة الموضوعية التكليفية التحريمية ، وعلى هذا الأساس لا موضع للاستدلال بأي دليل من الأدلة المتقدمة على سقوط العلم الإجمالي في الشبهات الحكمية الكثيرة الأطراف ، بل الحكم فيه وجوب الفحص حتى العثور على الحكم علما به أو تحصيلا للأمارة المثبتة أو النافية له قبل الرجوع الى الأصول لتشخيص الوظيفة العملية ، ووجوب ذلك ثابت بالعلم الإجمالي بل بالأوامر الطريقية بوجوب الفحص التي تثبت تنجيز الاحتمال حتى مع عدم الاقتران بالعلم الإجمالي.

التنبيه السابع : الاضطرار الى بعض الأطراف

ذكر المحقق النائيني رحمه الله أن المكلف ( لو اضطر إلى ارتكاب بعض الأطراف فتارة : يكون الاضطرار قبل تعلق التكليف بأحدها وقبل العلم به ، كما لو اضطر إلى استعمال أحد مقطوعي الطهارة أو الحلية ثم حدثت نجاسة أحدهما أو حرمته والعلم بها. وأخرى : يكون الاضطرار بعد تعلق التكليف بأحدها وقبل العلم به . وثالثة : يكون الاضطرار بعد العلم به أيضا أو مقارنا له .

وعلى جميع التقادير : فتارة يكون الاضطرار إلى أحدها المعين. وأخرى إلى أحدها لا بعينه.

فإن كان الاضطرار قبل تعلق التكليف والعلم به وكان إلى المعين فلا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر الغير المضطر إليه ، لاحتمال أن يكون متعلق التكليف هو المضطر إليه ، فالعلم الاجمالي الحادث لم يتعلق بالتكليف الفعلي ، والأصول غير جارية في جميع الأطراف لتسقط بالمعارضة ، لعدم جريان الأصل النافي للتكليف في الطرف المضطر إليه ، للقطع بعدم وجوب الاجتناب عنه ، فيبقى الطرف الآخر جاريا فيه الأصل بلا معارض .

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

28 Oct, 19:48


ولو كان إلى غير المعين ، فحكمه الاضطرار إلى الواحد لا بعينه بعد تعلق التكليف بأحد الأطراف وقبل العلم الاجمالي به . وسيأتي أن الأقوى فيه وجوب الاجتناب عما عدا ما يدفع به الاضطرار.

وإن كان الاضطرار بعد تعلق التكليف بأحدها وقبل العلم به وكان إلى المعين ، فالأقوى فيه أيضا عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الغير المضطر إليه وفاقا للشيخ - قدس سره - لان الاضطرار إلى بعض الأطراف قبل العلم الاجمالي كتلف بعضها قبله ، ولا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الباقي الغير التالف ، لاحتمال أن يكون التالف هو متعلق التكليف ، فلا يكون العلم الاجمالي علما بالتكليف ، فلا تعارض بين الأصول ، بل الأصل في التالف لا يجري ، وفي الباقي يجري بلا معارض والاضطرار ملحق بالتلف في جميع المقامات ، لان المضطر إليه كالمعدوم ).

وعلى هذا الأساس ينبغي رسم منهجية المطلب فنأتي على الصور تباعا ، ونلاحظ أهم الأقوال فيها ، ونبحث عن حكمها على أساس ما تقدم من المباني المختارة.

الصورة الأولى : ما كان الاضطرار فيه قبل تعلق التكليف والعلم به وكان إلى المعين ، وقد رأيت أن المحقق النائيني رأى أنه (لا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر الغير المضطر إليه ، لاحتمال أن يكون متعلق التكليف هو المضطر إليه ، فالعلم الاجمالي الحادث لم يتعلق بالتكليف الفعلي ، والأصول غير جارية في جميع الأطراف لتسقط بالمعارضة ، لعدم جريان الأصل النافي للتكليف في الطرف المضطر إليه ، للقطع بعدم وجوب الاجتناب عنه ، فيبقى الطرف الآخر جاريا فيه الأصل بلا معارض) وهو متين.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

28 Oct, 14:00


بحث الاصول ١٠٥١ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السادس: في الشبهة غير المحصورة. الوجه السابع: المختار. ضابطة الشبهة غير المحصورة.
٢٤ ربيع الثاني ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

25 Oct, 20:04


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٤٩
السبت ٢٢ ربيع الثاني ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السادس: في الشبهة غير المحصورة. الوجه السابع: المختار. ضابطة الشبهة غير المحصورة.

ومنها : ما رواه الكليني ره عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيه عنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ سَمِعْتُه يَقُولُ كُلُّ شَيْءٍ هُوَ لَكَ حَلَالٌ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّه حَرَامٌ بِعَيْنِه فَتَدَعَه مِنْ قِبَلِ نَفْسِكَ وذَلِكَ مِثْلُ الثَّوْبِ يَكُونُ قَدِ اشْتَرَيْتَه وهُوَ سَرِقَةٌ أَوِ الْمَمْلُوكِ عِنْدَكَ ولَعَلَّه حُرٌّ قَدْ بَاعَ نَفْسَه أَوْ خُدِعَ فَبِيعَ أَوْ قُهِرَ أَوِ امْرَأَةٍ تَحْتَكَ وهِيَ أُخْتُكَ أَوْ رَضِيعَتُكَ، والأَشْيَاءُ كُلُّهَا عَلَى هَذَا حَتَّى يَسْتَبِينَ لَكَ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ تَقُومَ بِه الْبَيِّنَةُ.

وهو معتبر، والإنصاف مفاده كما يشمل الشبهة البدوية غير المقترنة بالعلم الإجمالي فهو لا يخلو من إطلاق للشبهة المحصورة وغير المحصورة التي تكون أطرافها كثيرة، فإنه قد جعلت الغاية فيه العلم التفصيلي ، ولو كان المراد منه بيان الشبهة البدوية فحسب والبناء على لزوم الاحتياط في العلم الإجمالي لكان يكفي أن يقول عليه السلام في بيان غاية (حتى تعلم أنه حرام) ، وكان الحديث خاليا من قوله عليه السلام : (بِعَيْنِه فَتَدَعَه مِنْ قِبَلِ نَفْسِكَ). فإن التصريح بذلك ظاهر في أن العلم التفصيلي هو غاية الحل وما عداه يدخل كله في دائرة الحل ، ومن ثم لو لم نعثر على ما يخصص عمومه من أدلة الاحتياط في الشبهة المحصورة لكان البناء على كونه مرخصا في ارتكاب بعض أطراف الشبهة المحصورة هو المتعين.

أما الشبهة غير المحصورة فلا يوجد مبرر لرفع اليد عن عموم الترخيص فيها فيبقى الحكم بالحل الظاهري هو المتعين ، وبما أن الحديث ليس فيه الا عموم الحل ، وما يخصصه ليس فيه تحديد للشبهة المحصورة التي يجب الاحتياط فيقتصر في تخصيصه على القدر المتيقن من مفاد أدلة الاحتياط ، وهي خالية من الدلالة على عنوان الشبهة المحصورة ، بل هي خالية من الدلالة الشاملة لكافة مصاديق الشبهة المحصورة وغاية ما يستفاد منه ما كان عدد أطرافه قليلا ، وكان المكلف في معرض ارتكاب كافة أطرافه كما في ما دل على إراقة المائين الذين يعلم بكون أحدهما نجس، وما دل على الصلاة بالثوبين المعلوم نجاسة أحدهما وترك الطعام في الأواني التي يعلم بأن أصحابها يأكلون لحم الخنزير، فيقتصر في البناء على الاحتياط على ما يستفاد من النصوص دون المضي في إثباته لكافة موارد الشبهة المحصورة فضلا عن موارد الشبهة غير المحصورة.

وعلى هذا تحمل النصوص الأخرى التي قد تندرج في هذه الطائفة.

الطائفة الثالثة : في النصوص التي يظهر منها التأمين في الموارد التي تكون أطرافها كثيرة جدا، وفيها عدة أحاديث:

منها : ما رواه الكليني عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن عبد الله بن سليمان قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجبن، فقال لي : لقد سألتني عن طعام يعجبني ثم أعطى الغلام درهما فقال : يا غلام ابتع لنا جبنا، ودعا بالغداء فتغدينا معه وأتى بالجبن فأكل وأكلنا معه فلما فرغنا من الغداء قلت له : ما تقول في الجبن فقال لي : أو لم ترني أكلته ؟ قلت : بلى ولكني أحب أن أسمعه منك فقال : سأخبرك عن الجبن وغيره كل ما كان فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه.

والسند معتبر، وعبد الله بن سليمان ممن روى عنه أحمد بن محمد بن عيسى في هذه الرواية فلو كان مجهولا ومشتركا لم يضره ذلك. والدلالة تامة على عدم لزوم الاحتياط ، بل جعل الحل ، وموضوعه موارد الشك مطلقا سواء كان مقترنا بالعلم الإجمالي أو لا ، وهو بذلك يشترك مع الطائفة السابقة ، لكن المهم هنا أن مورده هو الجبن ، وهو من الموارد التي يعلم عادة بوجود حرام فيها ولكن أطرافها كثيرة جدا. ومن هنا ادرجناه في هذه الطائفة.

ومنها : في المحاسن عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن عبد الله بن سليمان، قال : سألت أبا جعفر ( ع ) عن الجبن ؟ - فقال : لقد سألتني عن طعام يعجبني، ثم أعطى الغلام دراهم فقال : يا غلام ابتع لي جبنا ودعا بالغداء فتغدينا معه، وأتى بالجبن فقال: كل، فلما فرغ من الغداء قلت : ما تقول في الجبن ؟ - قال : أولم ترني أكلت ؟ - قلت : بلى ولكني أحب أن أسمعه منك، فقال : سأخبرك عن الجبن وغيره، كل ما يكون فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه.

وسندها وإن كان معتبرا بناء على اعتبار عبد الله بن سليمان برواية ابن محبوب وأحمد بن محمد بن عيسى عنه.
ومضمونها كأنه عين الرواية السابقة لكنها منقولة بالمعنى فالكلام فيهما سواء.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

25 Oct, 20:04


ومنها : ما في المحاسن أيضا عن اليقطيني، عن صفوان، عن معاوية بن عمار، عن رجل من أصحابنا، قال : كنت عند أبي جعفر ( ع ) فسأله رجل من أصحابنا عن الجبن فقال أبو جعفر ( ع ) : إنه طعام يعجبني فسأخبرك عن الجبن وغيره، كل شئ فيه الحلال والحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام فتدعه بعينه.

وسندها ينجبر بكون الراوي عنه بالواسطة هو صفوان ، مضافا لكون المضمون مستفيض فلا يحتاج الى تدقيق في هذا الطريق.
ومضمونه واضح.

ومنها : ما رواه البرقي في المحاسن ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن أبي الجارود ، قال : سألت أبا جعفر ( ع ) عن الجبن ؟ - وقلت له : أخبرني من رأى أنه جعل فيه الميتة فقال : أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم في جميع الأرضين ؟ ! إذا علمت أنه ميتة فلا تأكل ، وإن لم تعلم فاشتر وبع وكل ، والله إني لاعترض السوق فاشترى بها اللحم والسمن والجبن ، والله ما أظن كلهم يسمون هذه البربر وهذه السودان .

وسنده معتبر. ودلالته واضحة جدا على كون الترخيص مجعولا في موارد العلم الإجمالي ذي الأطراف الكثيرة جدا. علما ظاهر في الانطباق عليها لا الانحصار فيها، إذ ليس في الدليل أي تحديد يفهم منه الاقتصار في الترخيص على الأطراف الكثيرة جدا، كما لا يخفى.

ومنها : ما رواه البرقي في المحاسن ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن منصور بن حازم ، عن بكر بن حبيب ، قال : سئل أبو عبد الله ( ع ) عن الجبن وأنه يصنع فيه الإنفحة قال : لا يصلح ثم أرسل بدرهم فقال : اشتر بدرهم من رجل مسلم ولا تسأله عن شيء.

وسنده متكئ في اعتباره على ما عرف به صفوان من أنه لا يرسل ولا يروي الا عن ثقة. وهو واضح في الدلالة على كون الجبن حلالا رغم أنه يعلم إجمالا أن فيه حراما وأن أطرافه عادة كثيرة جدا.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

23 Oct, 10:45


بحث الاصول ١٠٤٨ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السادس: في الشبهة غير المحصورة. الوجه السابع: المختار. ضابطة الشبهة غير المحصورة.
١٩ ربيع الثاني ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

23 Oct, 03:19


الشبهة المحصورة فضلا عن موارد الشبهة غير المحصورة.

وعلى هذا تحمل النصوص الأخرى التي قد تندرج في هذه الطائفة.

الطائفة الثالثة : في النصوص التي يظهر منها التأمين في الموارد التي تكون أطرافها كثيرة جدا، وفيها عدة أحاديث:

منها : ما رواه الكليني عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن عبد الله بن سليمان قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجبن، فقال لي : لقد سألتني عن طعام يعجبني ثم أعطى الغلام درهما فقال : يا غلام ابتع لنا جبنا، ودعا بالغداء فتغدينا معه وأتى بالجبن فأكل وأكلنا معه فلما فرغنا من الغداء قلت له : ما تقول في الجبن فقال لي : أو لم ترني أكلته ؟ قلت : بلى ولكني أحب أن أسمعه منك فقال : سأخبرك عن الجبن وغيره كل ما كان فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه.

والسند معتبر ، وعبد الله بن سليمان ممن روى عنه أحمد بن محمد بن عيسى في هذه الرواية فلو كان مجهولا و مشتركا لم يضره ذلك. والدلالة ...

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

23 Oct, 03:19


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٤٨
الاربعاء ١٩ ربيع الثاني ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السادس: في الشبهة غير المحصورة. الوجه السابع: المختار. ضابطة الشبهة غير المحصورة.

ومن الثاني ما نحن فيه فإن الشبهة المحصورة وغير المحصورة عنوانان اصطلاحيان يفترض فيهما أنهما يستوعبان كافة موارد الشبهة الناشئة من العلم الإجمالي لأن القسمة فيها عقلية لأنها إما أن تكون محصورة أو لا والأولى هي المحصورة والأخرى هي غير المحصورة.

ولكن هذين العنوانين لا ينبغي أن يضللا الاستنباط الفقهي فيفترض مسبقا أن الحكم في الشبهة المحصورة هو الاحتياط مثلا والحكم في الشبهة غير المحصورة هو البراءة مثلا ، إذ يمكن أن يندرج في الشبهة المحصورة بعض الموارد التي لا يجب فيها الاحتياط ، كما يمكن أن يندرج في الشبهة غير المحصورة ما يجب فيه الاحتياط ، وذلك لأن الأمر تابع لمفاد الدليل في كل منهما فإن تم على نحو العموم أخذ به في كافة موارد الشبهة والا فلا يتم الحكم الا في حد ما قام به الدليل. فالدليل هو المحكم وليس العنوان الاصطلاحي.

بل إن العنوان الاصطلاحي بما أنه مختلف جدا في تعريفه لما تقدم في بداية البحث عن الشبهة غير المحصورة ، وإنما أخذ فيه الحكم مقدرا ففرض أن لزوم الاحتياط في الشبهة المحصورة مفروغ عنه ، كما أن البراءة في الشبهة غير المحصورة مفروغ عنها ومن ثم سرى الاختلاف في حدود حكم الشبهة غير المحصورة الى الاختلاف في تعريفها ، ولولا ذلك لكان يمكن للأصوليين أن يتفقوا على تعريف الشبهة المحصورة وغير المحصورة ثم يبحثون عن حكمهما كما اتفقوا على تعريف خبر الواحد ثم اختلفوا في حدود حجيته.

وفي المقام لا يخرج من مفاد حديث عبد الله بن سنان في بيان التأمين الشرعي الا في حدود ما تقتضيه الأدلة من لزوم الاحتياط وهو ليس شاملا لكافة ما قد يسمى شبهة محصورة عند بعض الأصوليين.
وأما دلالته على ما تقدم استفادته من الأدلة في الطائفة السابقة من التأمين في موارد كثرة الأطراف بالنسبة الى المعلوم بالإجمال فإنها بالعموم وليست بشكل محدد فقد يستفاد من حديث عبد الله بن سنان أن كل ما لم يخرج من مفاده بالأدلة المخصصة له يكون حكمه التأمين الشرعي حتى لو كانت أطرافه ليست كثيرة بتلك النسبة التي ذكرناها سابقا فقد يشمل ما تكون نسبته نسبة الواحد الى عشرة ويكون المكلف في معرض ارتكاب أحد اطرافه العشرة المعلوم أن أحدها محرم مثلا.

ومنها : ما رواه الكليني ره عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيه عنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ سَمِعْتُه يَقُولُ كُلُّ شَيْءٍ هُوَ لَكَ حَلَالٌ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّه حَرَامٌ بِعَيْنِه فَتَدَعَه مِنْ قِبَلِ نَفْسِكَ وذَلِكَ مِثْلُ الثَّوْبِ يَكُونُ قَدِ اشْتَرَيْتَه وهُوَ سَرِقَةٌ أَوِ الْمَمْلُوكِ عِنْدَكَ ولَعَلَّه حُرٌّ قَدْ بَاعَ نَفْسَه أَوْ خُدِعَ فَبِيعَ أَوْ قُهِرَ أَوِ امْرَأَةٍ تَحْتَكَ وهِيَ أُخْتُكَ أَوْ رَضِيعَتُكَ، والأَشْيَاءُ كُلُّهَا عَلَى هَذَا حَتَّى يَسْتَبِينَ لَكَ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ تَقُومَ بِه الْبَيِّنَةُ.

وهو معتبر ، والإنصاف مفاده كما يشمل الشبهة البدوية غير المقترنة بالعلم الإجمالي فهو لا يخلو من إطلاق للشبهة المحصورة وغير المحصورة التي تكون أطرافها كثيرة، فإنه قد جعلت الغاية فيه العلم التفصيلي ، ولو كان المراد منه بيان الشبهة البدوية فحسب والبناء على لزوم الاحتياط في العلم الإجمالي لكان يكفي أن يقول عليه السلام في بيان غاية (حتى تعلم أنه حرام) ، وكان الحديث خاليا من قوله عليه السلام : (بِعَيْنِه فَتَدَعَه مِنْ قِبَلِ نَفْسِكَ). فإن التصريح بذلك ظاهر في أن العلم التفصيلي هو غاية الحل وما عداه يدخل كله في دائرة الحل ، ومن ثم لو لم نعثر على ما يخصص عمومه من أدلة الاحتياط في الشبهة المحصورة لكان البناء على كونه مرخصا في ارتكاب بعض أطراف الشبهة المحصورة هو المتعين.
أما الشبهة غير المحصورة فلا يوجد مبرر لرفع اليد عن عموم الترخيص فيها فيبقى الحكم بالحل الظاهري هو المتعين ، وبما أن الحديث ليس فيه الا عموم الحل ، وما يخصصه ليس فيه تحديد للشبهة المحصورة التي يجب الاحتياط فيقتصر في تخصيصه على القدر المتيقن من مفاد أدلة الاحتياط ، وهي خالية من الدلالة على عنوان الشبهة المحصورة ، بل هي خالية من الدلالة الشاملة لكافة مصاديق الشبهة المحصورة وغاية ما يستفاد منه ما كان عدد أطرافه قليلا ، وكان المكلف في معرض ارتكاب كافة أطرافه كما في ما دل على إراقة المائين الذين يعلم بكون أحدهما نجس، وما دل على الصلاة بالثوبين المعلوم نجاسة أحدهما وترك الطعام في الأواني التي يعلم بأن أصحابها يأكلون لحم الخنزير، فيقتصر في البناء على الاحتياط على ما يستفاد من النصوص دون المضي في إثباته لكافة موارد

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

22 Oct, 10:28


بحث الاصول ١٠٤٧ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السادس: في الشبهة غير المحصورة. الوجه السابع: المختار. ضابطة الشبهة غير المحصورة.
١٨ ربيع الثاني ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

21 Oct, 19:39


وفي المقام لا يخرج من مفاد حديث عبد الله بن سنان في بيان التأمين الشرعي الا في حدود ما تقتضيه الأدلة من لزوم الاحتياط وهو ليس شاملا لكافة ما قد يسمى شبهة محصورة عند بعض الأصوليين.

وأما دلالته على ما تقدم استفادته من الأدلة في الطائفة السابقة من التأمين في موارد كثرة الأطراف بالنسبة الى المعلوم بالإجمال فإنها بالعموم وليست بشكل محدد فقد يستفاد من حديث عبد الله بن سنان أن كل ما لم يخرج من مفاده بالأدلة المخصصة له يكون حكمه التأمين الشرعي حتى لو كانت أطرافه ليست كثيرة بتلك النسبة التي ذكرناها سابقا فقد يشمل ما تكون نسبته نسبة الواحد الى عشرة ويكون المكلف في معرض ارتكاب أحد اطرافه العشرة المعلوم أن أحدها محرم مثلا.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

21 Oct, 19:39


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٤٧
الثلاثاء ١٨ ربيع الثاني ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السادس: في الشبهة غير المحصورة. الوجه السابع: المختار. ضابطة الشبهة غير المحصورة.

الطائفة الثانية: ما دل على التأمين في أطراف الشبهة مطلقا سواء كانت محصورة أو غير محصورة ، وقد تقدم أن هذه الطائفة تدل على حكم الشبهة غير المحصورة بالإطلاق ، ولا تختص بها بل هي شاملة للشبهة البدوية وهي القدر المتيقن منها ، وشامل للشبهة المحصورة وهي خارجة عنها حكما بسبب ما قام من أدلة على التنجيز في الشبهة المحصورة مما يستوجب رفع البد عن الإطلاق في هذه الطائفة ورفع اليد عن تحكيمها في الشبهة المحصورة فتبقى دلالتها على حكم الشبهة غير المحصورة على رسلها.

والمهم هنا في مقام تحديد المفاد والخروج بالضابطة الشرعية للشبهة غير المحصورة هو أن مفاد الطائفة بحد نفسه لا ينفع في رسم حد الشبهة غير المحصورة المرخص فيها بل إن ما يتبقى من دلالته بعد سقوط إطلاقه للشبهة المحصورة هو الحجة ومن ثم فقد يصلح للرجوع اليه في مورد الشك بعد رفع اليد عن القدر المتيقن من الخاص او المقيد ويكون حق الموارد المشكوكة المتوسطة بين ما علم خروجه بالخاص وما علم اندراجه في الشبهة غير المحصورة من مفاد الطائفة السابقة هو التمسك بإطلاق أدلة هذه الطائفة للبناء على التأمين فيها.

ويتبين ذلك بنحو واضح عند ملاحظة بعض نصوص هذه الطائفة لتحصيل المطلوب منها في هذا المقام من البحث وهو مقام تحديد الضابطة للشبهة غير المحصورة التي تم فيها التأمين الشرعي.

منها : ما تقدم معتبرا عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : " كل شيء يكون فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه ".

وهو مع اعتباره لم يتضمن بيان الضابطة المتعلقة بالشبهة غير المحصورة ، بل غاية ما فيه أنه وضع القاعدة العامة للحل بلسان العموم التي تقدم الدليل التام على تخصيصها بما دل على لزوم الاحتياط في الشبهة المحصورة ، ومن ثم يمكن الرجوع الى العموم في ما عداها ، وبتعبير أدق يمكن الرجوع اليه في ما عدا ما استفيد من الأدلة على التنجيز في موارد الشبهة المحصورة ولا تصلح تلك الأدلة لتنقيح وجوب الاحتياط في مطلق ما يصطلح عليه اصوليا أنه شبهة محصورة ، ومن ثم ينبغي التحفظ من البناء على تعميم الحكم بالاحتياط لسائر موارد الشبهة المحصورة.

توضيح : أن العناوين المأخوذة في كل علم لا سيما في علم الأصول والفقه تارة تكون محددة والبحث في حكمها كما في سيرة العقلاء ، والشهرة ، والقطع ، والظن ، ومقدمة الواجب ، والصيام، والحج والبيع ، والنكاح والطلاق، وغيرها.

وتارة تكون العناوين تعريفها متأثر بحكمها كالإجماع ، والاطمئنان، والمفهوم، وسيرة المتشرعة وغيرها ، فإذا اختلف أكثر الأصوليين في الدليل على حجية الاجماع فإنهم يختلفون في تعريفه بالنحو الذي يكون حجة ، وإذا اختلفوا في تعريف الاطمئنان فإنهم قد يختلفون في حدود المرتبة العالية من الظن المتاخم للعلم التي تكون حجة ، وإذا اختلفوا في مفهوم اللقب والوصف مثلا فلأنهم يختلفون في أن اللقب له مفهوم أي هل هو ظاهر بالمفهوم أم لا ، وكذلك سيرة المتشرعة.

ومن الثاني ما نحن فيه فإن الشبهة المحصورة وغير المحصورة عنوانان اصطلاحيان يفترض فيهما أنهما يستوعبان كافة موارد الشبهة الناشئة من العلم الإجمالي لأن القسمة فيها عقلية لأنها إما أن تكون محصورة أو لا والأولى هي المحصورة والأخرى هي غير المحصورة.

ولكن هذين العنوانين لا ينبغي أن يضللا الاستنباط الفقهي فيُفترَض مسبقا أن الحكم في الشبهة المحصورة هو الاحتياط مثلا والحكم في الشبهة غير المحصورة هو البراءة مثلا ، إذ يمكن أن يندرج في الشبهة المحصورة بعض الموارد التي لا يجب فيها الاحتياط ، كما يمكن أن يندرج في الشبهة غير المحصورة ما يجب فيه الاحتياط ، وذلك لأن الأمر تابع لمفاد الدليل في كل منهما فإن تم على نحو العموم أخذ به في كافة موارد الشبهة والا فلا يتم الحكم الا في حد ما قام به الدليل. فالدليل هو المحكم وليس العنوان الاصطلاحي.

بل إن العنوان الاصطلاحي بما أنه مختلف جدا في تعريفه لما تقدم في بداية البحث عن الشبهة غير المحصورة ، وإنما أخذ فيه الحكم مقدرا ففرض أن لزوم الاحتياط في الشبهة المحصورة مفروغ عنه ، كما أن البراءة في الشبهة غير المحصورة مفروغ عنها ومن ثم سرى الاختلاف في حدود حكم الشبهة غير المحصورة الى الاختلاف في تعريفها ، ولولا ذلك لكان يمكن للأصوليين أن يتفقوا على تعريف الشبهة المحصورة وغير المحصورة ثم يبحثون عن حكمهما كما اتفقوا على تعريف خبر الواحد ثم اختلفوا في حدود حجيته.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

21 Oct, 09:57


بحث الاصول ١٠٤٦ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السادس: في الشبهة غير المحصورة. الوجه السابع: المختار. ضابطة الشبهة غير المحصورة.
١٧ ربيع الثاني ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

20 Oct, 20:37


والمهم هنا في مقام تحديد المفاد والخروج بالضابطة الشرعية للشبهة غير المحصورة هو أن مفاد الطائفة بحد نفسه لا ينفع في رسم حد الشبهة غير المحصورة المرخص فيها بل إن ما يتبقى من دلالته بعد سقوط إطلاقه للشبهة المحصورة هو الحجة ومن ثم فقد يصلح للرجوع اليه في مورد الشك بعد رفع اليد عن القدر المتيقن من الخاص او المقيد ويكون حق الموارد المشكوكة المتوسطة بين ما علم خروجه بالخاص وما علم اندراجه في الشبهة غير المحصورة من مفاد الطائفة السابقة هو التمسك بإطلاق أدلة هذه الطائفة للبناء على التأمين فيها .

ويتبين ذلك بنحو واضح عند ملاحظة بعض نصوص هذه الطائفة لتحصيل المطلوب منها في هذا المقام من البحث وهو مقام تحديد الضابطة للشبهة غير المحصورة التي تم فيها التأمين الشرعي .
منها :

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

20 Oct, 20:37


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٤٦
الإثنين ١٧ ربيع الثاني ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السادس: في الشبهة غير المحصورة. الوجه السابع: المختار. ضابطة الشبهة غير المحصورة.

فلا بد من تبين الأمر بالتأمل بمفاد النصوص التأمينية الواردة في ما له أطراف كثيرة.
وهي على طوائف:

الطائفة الأولى: ما كان الدليل فيه على الترخيص ظاهرا في كون مورده كثير الأطراف بنحو تكون نسبة المعلوم بالإجمال اليها ضعيفا قليلا جدا.

ومنها : ما تقدم معتبرا عن جدي يرضع من خنزيرة حتى كبر وشب واشتد عظمه ثم إن رجلا استفحله في غنمه فأخرج له نسل ؟ فقال : أما ما عرفت من نسله بعينه فلا تقربنه وأما ما لم تعرفه فكله، فهو بمنزلة الجبن ولا تسأل عنه.
فقد تقدم أن الظاهر منه أن الحرام هو فرد أو أفراد قليلة ضمن قطيع من الغنم .

وعليه فمع الشك في نسبة الغنم الى النسل الخبيث لذلك الجدي فإنها واقعة خارجية لا مجال للتمسك بإطلاقها فيقتصر فيها على ما هو معلوم منها فلا يشمل ما خرج من نسل في ضمن عشرة شياه أو عشرين بعد فرض نسله على الأقل اثنين أو ثلاث غنيمات.

فالقدر المستفاد منها هو كون الغنم خمسين شاة أو أكثر وتكون النسبة التقريبية فيه بين الأطراف والمعلوم بالإجمال هي واحد أو اثنين الى عشرين.

ومنها : ما تقدم عن بشر بن مسلمة ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في جدي يرضع من خنزيرة ثم ضرب في الغنم قال : هو بمنزلة الجبن فما عرفت بأنه ضربه فلا تأكله وما لم تعرفه فكله.
ورواه الشيخ عن محمد بن يعقوب عن حميد بن زياد مثله.

وذكرنا أنه معتبر سندا، وافٍ دلالة على التأمين في مورد الشبهة الكثيرة الأطراف التي تكون أطرافها في محل الابتلاء، فتندرج فيها الشبهة غير المحصورة. والحد المعلوم من مفادها العرفي شبيه بسابقه لوحدة مورده كما لا يخفى.

ومنها : ما تقدم معتبرا عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخفاف التي تباع في السوق فقال : اشتر وصل فيها حتى تعلم أنه ميت (ميتة) بعينه.

وروى الكليني قريبا منه عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبي قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : الخفاف عندنا في السوق نشتريها فما ترى في الصلاة فيها ؟ فقال : صل فيها حتى يقال لك : إنها ميتة بعينها.

وقد تقدم في دلالته أنه _ بعد إلغاء خصوصيته ولو بالنظر الى الأدلة الأخرى _ ينفع في الدلالة على وقوع الترخيص في ارتكاب بعض أطراف الشبهة غير المحصورة، لا سيما أنها هي القدر المتيقن من مورد الحديث. وظاهره شامل للنسبة السابقة فما زاد عليها.

ومنها : ما تقدم معتبرا عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سألته عن الرجل منا يشتري من السلطان من إبل الصدقة وغنم الصدقة وهو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم قال : فقال : ما الإبل والغنم إلا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه.

وهو كذلك ظاهر في الكثرة الكاثرة وصالح للانطباق على ما يكثر فيه الحرام بحيث تكون النسبة فيه بين المعلوم بالإجمال والأطراف أعلى مما تقدم ، لكنه مجمل أيضا لا يسعنا الأخذ به الا في حدود ما يعلم باندراجه في مضمونه وهو ما يضاهي النسبة السابقة كذلك.

ومنها : ما تقدم معتبرا عن سماعة قال : سألته عن اكل الجبن وتقليد السيف وفيه الكيمخت والغراء ؟ فقال : لا بأس ما لم تعلم أنه ميتة.

ومن المعلوم أن الجبن الذي يعلم أن فيه ميتة هو قليل جدا نسبة الى الجبن الموجود المعروض للبيع الذي يكون داخلا في محل الابتلاء، وكذا الجلود التي يتقلد بها السيف وفيها الكيمخت والغراء حيث أن المعلوم منها بالإجمال قليل جدا الى سائر الأطراف قد لا يزيد عن الواحد الى مائة.

والمتحصل من هذه الطائفة أن الحد الأدنى من الشبهة مما يعلم اندراجه في مفاد الأدلة هو ما تكون نسبته واحد الى عشرين تقريبا وما زادت فيه النسبة على ذلك في مفاده فلا ينافيه بل هو من مراتبه فإنه إذا كانت المرتبة الدنيا مرخصا فيها شرعا فإن ما فوقها مرخص فيه بلا إشكال ما دامت النكتة العرفية في الترخيص هي كثرة الأطراف الاتي يتردد الحرام بينها.

الطائفة الثانية: ما دل على التأمين في أطراف الشبهة مطلقا سواء كانت محصورة أو غير محصورة ، وقد تقدم أن هذه الطائفة تدل على حكم الشبهة غير المحصورة بالإطلاق ، ولا تختص بها بل هي شاملة للشبهة البدوية وهي القدر المتيقن منها ، وشامل للشبهة المحصورة وهي خارجة عنها حكما بسبب ما قام من أدلة على التنجيز في الشبهة المحصورة مما يستوجب رفع البد عن الإطلاق في هذه الطائفة ورفع اليد عن تحكيمها في الشبهة المحصورة فتبقى دلالتها على حكم الشبهة غير المحصورة على رسلها .

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

20 Oct, 11:44


بحث الاصول ١٠٤٥ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السادس: في الشبهة غير المحصورة. الوجه السابع: المختار. ضابطة الشبهة غير المحصورة.
١٦ ربيع الثاني ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

19 Oct, 20:49


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٤٥
الأحد ١٦ ربيع الثاني ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السادس: في الشبهة غير المحصورة. الوجه السابع: المختار. ضابطة الشبهة غير المحصورة.

وإذ تقرر كل ذلك وتبين أن الأدلة الشرعية كافية في إثبات الترخيص في موارد الشبهة غير المحصورة فلا بد من تحديد الضابطة لها فنقول :

أن الأدلة الشرعية التي استفدنا من الترخيص في ارتكاب أطراف الشبهة غير المحصورة لم تتوفر على تحديد ضابطة للترخيص سوى ما ورد في بعضها من جعل الغاية هي العلم.

فيقتصر في دلالتها على مفادها الظاهر منها وهو ما كانت فيه نسبة المعلوم بالإجمال فيه الى الأطراف نسبة عالية ولا يكون المكلف بصدد ارتكاب أطراف كثيرة منها بحيث يكون احتمال مصادفة الواقع معتدا عند العقلاء في شؤونهم الاعتيادية أي يغلب الظن على عدم مصادفته للمعلوم بالإجمال.

وهو مناسب جدا للمنطق العقلائي ، بل لمذاق الشارع في الأحكام الظاهرية لا سيما بناء على تفسيرها في مقام الملاك بأنها تنشأ من تحديد الشارع لما هو أهم من الملاكات عندما تتزاحم بينها في مقام حفظها كما في نظرية السيد الصدر رحمه الله.

فإن أهم ميزات الشبهة غير المحصورة كثرة أطرافها نسبة الى المعلوم بالإجمال ، فيكون من الطبيعي فيها أن ملاك الإباحة في سائر الأطراف عندما يتراكم بحسب تكثر الأطراف ويتزاحم مع ملاك الحرمة في المعلوم بالإجمال فإنه يغلبه ويتقدم عليه في مقام حفظه التشريعي عندما يشتبه الحال على المكلف.

وهذا التقريب _ كما ترى _ لا يصلح حجة بحال فغاية ما يثبته بعد المفروغية عن إمكان الترخيص هو الظن بوقوعه ، والظن لا يغني من الحق شيئا.
فلا بد من تبين الأمر بالتأمل بمفاد النصوص التأمينية الواردة في ما له أطراف كثيرة.
وهي على طوائف:

الطائفة الأولى: ما كان الدليل فيه على الترخيص ظاهرا في كون مورده كثير الأطراف بنحو تكون نسبة المعلوم بالإجمال اليها ضعيفا قليلا جدا.

ومنها : ما تقدم معتبرا عن جدي يرضع من خنزيرة حتى كبر وشب واشتد عظمه ثم إن رجلا استفحله في غنمه فأخرج له نسل ؟ فقال : أما ما عرفت من نسله بعينه فلا تقربنه وأما ما لم تعرفه فكله، فهو بمنزلة الجبن ولا تسأل عنه.

فقد تقدم أن الظاهر منه أن الحرام هو فرد أو أفراد قليلة ضمن قطيع من الغنم.
وعليه فمع الشك في نسبة الغنم الى النسل الخبيث لذلك الجدي فإنها واقعة خارجية لا مجال للتمسك بإطلاقها فيقتصر فيها على ما هو معلوم منها فلا يشمل ما خرج من نسل في ضمن عشرة شياه أو عشرين بعد فرض نسله على الأقل اثنين أو ثلاث غنيمات.

فالقدر المستفاد منها هو كون الغنم خمسين شاة أو أكثر وتكون النسبة التقريبية فيه بين الأطراف والمعلوم بالإجمال هي واحد أو اثنين الى عشرين.

ومنها : ما تقدم عن بشر بن مسلمة ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في جدي يرضع من خنزيرة ثم ضرب في الغنم قال : هو بمنزلة الجبن فما عرفت بأنه ضربه فلا تأكله وما لم تعرفه فكله.
ورواه الشيخ عن محمد بن يعقوب عن حميد بن زياد مثله.

وذكرنا أنه معتبر سندا، وافٍ دلالة على التأمين في مورد الشبهة الكثيرة الأطراف التي تكون أطرافها في محل الابتلاء، فتندرج فيها الشبهة غير المحصورة. والحد المعلوم من مفادها العرفي شبيه بسابقه لوحدة مورده كما لا يخفى.

ومنها : ما تقدم معتبرا عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخفاف التي تباع في السوق فقال : اشتر وصل فيها حتى تعلم أنه ميت (ميتة) بعينه.

وروى الكليني قريبا منه عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحلبي قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : الخفاف عندنا في السوق نشتريها فما ترى في الصلاة فيها ؟ فقال : صل فيها حتى يقال لك : إنها ميتة بعينها.

وقد تقدم في دلالته أنه _ بعد إلغاء خصوصيته ولو بالنظر الى الأدلة الأخرى _ ينفع في الدلالة على وقوع الترخيص في ارتكاب بعض أطراف الشبهة غير المحصورة، لا سيما أنها هي القدر المتيقن من مورد الحديث. وظاهره شامل للنسبة السابقة فما زاد عليها.

ومنها : ما تقدم معتبرا عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سألته عن الرجل منا يشتري من السلطان من إبل الصدقة وغنم الصدقة وهو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم قال : فقال : ما الإبل والغنم إلا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه.

وهو كذلك ظاهر في الكثرة الكاثرة وصالح للانطباق على ما يكثر فيه الحرام بحيث تكون النسبة فيه بين المعلوم بالإجمال والأطراف أعلى مما تقدم ، لكنه مجمل أيضا لا يسعنا الأخذ به الا في حدود ما يعلم باندراجه في مضمونه وهو ما يضاهي النسبة السابقة كذلك .

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

19 Oct, 20:49


الطائفة الثانية: ما دل على التأمين في أطراف الشبهة مطلقا سواء كانت محصورة أو غير محصورة ، وقد تقدم أن هذه الطائفة تدل على حكم الشبهة غير المحصورة بالإطلاق ، ولا تختص بها بل هي شاملة للشبهة البدوية وهي القدر المتيقن منها ، وشامل للشبهة المحصورة وهي خارجة عنها حكما بسبب ما قام من أدلة على التنجيز في الشبهة المحصورة مما يستوجب رفع البد عن الإطلاق في هذه الطائفة ورفع اليد عن تحكيمها في الشبهة المحصورة فتبقى دلالتها على حكم الشبهة غير المحصورة على رسلها.

والمهم هنا في مقام تحديد المفاد والخروج بالضابطة الشرعية للشبهة غير المحصورة هو أن مفاد الطائفة بحد نفسه لا ينفع في رسم حد الشبهة غير المحصورة المرخص فيها بل إن ما يتبقى من دلالته بعد سقوط إطلاقه للشبهة المحصورة هو الحجة ومن ثم فقد يصلح للرجوع اليه في مورد الشك بعد رفع اليد عن القدر المتيقن من الخاص او المقيد ويكون حق الموارد المشكوكة المتوسطة بين ما علم خروجه بالخاص وما علم اندراجه في الشبهة غير المحصورة من مفاد الطائفة السابقة هو التمسك بإطلاق أدلة هذه الطائفة للبناء على التأمين فيها .
ويتبين ذلك بنحو واضح عند ملاحظة بعض نصوص هذه الطائفة لتحصيل المطلوب منها في هذا المقام من البحث وهو مقام تحديد الضابطة للشبهة غير المحصورة التي تم فيها التأمين الشرعي.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

19 Oct, 14:14


بحث الاصول ١٠٤٤ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السادس: في الشبهة غير المحصورة. الوجه السابع: المختار. النصوص المانعة من التأمين الشرعي. ضابطة الشبهة غير المحصورة.
١٥ ربيع الثاني ١٤٤٦

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

18 Oct, 16:58


فيقتصر في دلالتها على مفادها الظاهر منها وهو ما كانت فيه نسبة المعلوم بالإجمال فيه الى الأطراف نسبة عالية ولا يكون المكلف بصدد ارتكاب أطراف كثيرة منها بحيث يكون احتمال مصادفة الواقع معتدا عند العقلاء في شؤونهم الاعتيادية أي يغلب الظن على عدم مصادفته للمعلوم بالإجمال.

ويتبين الأمر بالتأمل بمفاد النصوص التأمينية الواردة في ما له أطراف كثيرة.
ومنها :

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

18 Oct, 16:58


بسم الله الرحمن الرحيم
بحث الاصول الدرس ١٠٤٤
السبت ١٥ ربيع الثاني ١٤٤٦
الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السادس: في الشبهة غير المحصورة. الوجه السابع: المختار. النصوص المانعة من التأمين الشرعي. ضابطة الشبهة غير المحصورة.

هذا إن لم نقل بأن إطلاق ذيله مقيد بما ورد في صدره من ظهور قوي في كونه هو الضابطة التشريعية لقاعدة الحل جعل العلم، وهو كالصريح في جعل العلم التفصيلي حدا لقاعدة الحل.

ومن جهة أخرى فإن الذيل قد ورد متفرعا عن الصدر وتأكيدا له، ولم يرد كقاعدة كما هو الحال في كثير من النصوص التي يكون ختامها بيان القاعدة النهائية التي تحدد الضابطة لما قبلها، فإن ذلك هو السبب لما جرى عليه دأب الفقهاء بتحكيم الذيل على الصدر، وهو غير متحقق في المقام.

ومن أهم ما ينبغي النظر في مانعيته من حجية أدلة التأمين الشرعي في موارد الشبهة غير المحصورة النصوص التي تقدم الاستدلال بها على لزوم الاحتياط في الشبهة المحصورة وكانت مانعا من الأخذ بالعمومات والإطلاقات الترخيصية، فقد يقال بأن تصلح منجزا للعلم الإجمالي بنحو مطلق سواء كانت أطرافه قليلة أو كثيرة ، محصورة أو غير محصورة.

ومنه : ما تقدم معتبرا عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن رجل كانت له غنم وبقر وكان يدرك الذكي منها فيعزله و يعزل الميتة ثم إن الميتة والذكي اختلطا فكيف يصنع به ؟ فقال : يبيعه ممن يستحل الميتة ويأكل ثمنه فإنه لا بأس به.

وهو _ كما ترى _ مختص بالشبهة المحصورة ذات الأطراف القليلة نسبة الى المعلوم بالإجمال ، فهو قاصر عن شمول موارد الأطراف الكثيرة للمعلوم بالإجمال الواحد أو القليل جدا.

ومنه : ما تقدم عن زرارة قال : قلت أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره ، أو شئ من مني ( إلى أن قلت : ) فإني قد علمت أنه قد أصابه ولم أدر أين هو فأغسله ؟ قال : تغسل من ثوبك الناحية التي ترى أنه قد أصابها حتى تكون على يقين من طهارتك . الحديث .

ورواه الصدوق في ( العلل ) عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام مثله. فهو معتبر.

وهو كسابقه ، بل يزيد عليه بأن الثوب فيه معلوم النجاسة بعينه فهو من هذه الجهة خارج حتى عن الشبهة المحصورة.

ومنه: ما رواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه بسنده الى صفوان قال: وكتب صفوان بن يحيى إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله " عن الرجل معه ثوبان فأصاب أحدهما بول ولم يدر أيهما هو وحضرت الصلاة وخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع ؟ قال : يصلي فيهما جميعا " .

ومورده من الشبهة المحصورة قطعا ولا يخرج عنه الا الى ما يفهم منه عدم الخصوصية بالنسبة اليه من قبيل من كان لديه ثلاثة أثواب أو يزيد قليلا. أما شموله لعشرين مثلا فهو خارج عن مفاده.

ومنه : ما تقدم بسند معتبر عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل قال سئل عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو وليس يقدر على ماء غيره قال : يهريقهما جميعا ويتيمم.

ولا يصلح لإثبات الاحتياط  في من كان عنده أكثر من عشرة أواني يعلم بأن أحدها قذر ، فالقدر المتيقن من ظهوره ثلاثة أو أربعة أواني ولا يشمل ما فوق ذلك .

ومنه : ما تقدم معتبرا عن سماعة قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) _ في حديث _ وعن رجل معه إناء ان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر ولا يدري أيهما هو وليس يقدر على ماء غيره ؟ قال : يهريقهما جميعا ويتيمم .

وذيله ظاهر في لزوم الموافقة القطعية في الشبهة المحصورة ذات الأطراف القليلة فهو ليس صالحا لشمول الأطراف الكثيرة كما لا يخفى.

وبه يتضح أنه لا مجال للبناء على كون هذه الطائفة من الأحاديث صالحة للمنع من ما تقدم من الأدلة الكثيرة على التأمين في موارد الشبهة المحصورة، نعم ما تقدم من النصوص على لزوم الاحتياط في الشبهة الحكمية ووجوب الفحص عنها وتنجيز الاحتمال فيها واف في إثبات وجوب الموافقة القطعية وإن كانت الأطراف كثيرة ، والنصوص الواردة في التأمين الشرعي لم نلحظ فيها ما يرتبط بالشبهة الحكمية بل كانت مواردها ومفاداتها مختصة بالشبهة الموضوعية. فهما خارجان تخصصا عن بعضهما ولا تعارض بينهما ولا يصلح أحدهما مانعا من الأخذ بمفاد الآخر.     

وإذ تقرر كل ذلك وتبين أن الأدلة الشرعية كافية في إثبات الترخيص في موارد الشبهة غير المحصورة فلا بد من تحديد الضابطة لها فنقول : أن الأدلة الشرعية التي استفدنا من الترخيص  في ارتكاب أطراف الشبهة غير المحصورة لم تتوفر على تحديد ضابطة للترخيص سوى ما ورد في بعضها من جعل الغاية هي العلم.

بحث اصول الفقه/السيد حسين الحكيم

16 Oct, 12:54


بحث الاصول ١٠٤٣ : الدورة الثانية. القسم الرابع: الاصول العملية. الباب الثالث: الدوران بين المتباينين (منجزية العلم الإجمالي) تنبيهات. التنبيه السادس: في الشبهة غير المحصورة. الوجه السابع: المختار. الخامس : النصوص الشريفة التي تشمل بمطلقاتها وعموماتها موارد كثرة أطراف العلم الإجمالي.
١٢ ربيع الثاني ١٤٤٦

1,661

subscribers

1

photos

3

videos