علي وجيه @aliwajeehcafee Channel on Telegram

علي وجيه

@aliwajeehcafee


شاعر وكاتب وإعلامي عراقي.

علي وجيه (Arabic)

قناة علي وجيه على تطبيق تليجرام هي وجهة مثالية لعشاق الشعر والكتابة والإعلام في العراق. يقدم علي وجيه، الشاعر والكاتب والإعلامي العراقي، محتوى متميز يشمل قصائده الخاصة، مقالاته الأدبية، وآخر التطورات في مجال الإعلام. إن قناته تجمع بين الإبداع الأدبي والتحليل الإعلامي المميز، مما يجعلها مصدراً موثوقاً وممتعاً لعشاق الثقافة العراقية. علي وجيه يتمتع بسمعة طيبة كشاعر موهوب وكاتب متميز، ويعتبر من أبرز الشخصيات الإعلامية في البلاد. إذا كنت تبحث عن مكان للاستمتاع بأفضل القصائد والمقالات الأدبية، فقناة علي وجيه هي واحة ثقافية رائعة تستحق الاشتراك فيها على تليجرام.

علي وجيه

25 Jan, 18:55


ما كتبه الأستاذ متفضّلاً على تلميذه، الشاعر طالب عبد العزيز..
" في طَمْسِ الطِّرسِ وحكِّ صدأِ النَّفسْ"
كان الشاعر علي وجيه قد إتصل بي في وقت متأخر من مساء أمس، قبل بلوغه البصرة بساعتين أو ثلاث، مستعلماً مني ما إذا كانت بي رغبةٌ في تقديمه، هو الحبيبُ والخدنُ والصديقُ وبالتهذيب الذي نعرفه عنه، وإذعاناً لما بيننا من الودِّ والوفاء واقتفاء أثر الجمال شقَّ علي التقاعسُ والاعتذار، وهكذا تجلببتُ اليه بجلباب المحبة والتقدير، وآثرتُ أنْ أكتب الورقة القصيرة هذه، زاهداً بالتقديم الشفاهي، الذي كثيرا ما تلفظه الذاكرة، ويذهب في النسيان.
قد يأخذُ غيرُ واحد على عليٍّ بأنّه "يقسِّمُ جسمَه في جسومٍ كثيرة" بحسب عروة بن الورد، ذلك لأنه أتي الشعرَ وأصدر فيه سبعة كتب هي( سرطان، بأجزائه الثلاثة) و(منفائيل) و(أصابعي تتكلم جسمك يستمع) و(دفتر المغضوب عليهم والضالين) و(الصوائت والصوامت والخوافت) و(كتاب الكتابين) و(يسحل حياته على الطريق السريع)، ويشترك مع أصدقاء فيصدر له الكتاب والكتابين والثلاثة، ويعمل في الصحافة والإعلام والى اليوم، فتولى رئاسة تحرير وكالة بغداد اليوم الإخبارية بين العامين 2020 -2021 وعمل مديرَ تحرير تنفيذي في الوكالة ذاتها بين عامي 2017 – 2020 ومحررا ثقافيا في جريدة العالم، وقناة NRT ومحررا للقسم السياسي في جريدة المدى وقناة الاتجاه، ومسؤولا عن البرامج الثقافية في القناة ذاتها، ومقدما للبرامج في قناة آسيا، وقدم برنامج "ذاكرة معاصرة" على قناة السومرية، وصالون علي وجيه على قناة آسيا، ثم يعد كتباً في الشعر والسيرة ليس أولها كتاب (استيقظ يا يوسف) ولا آخرها كتاب (واتساب عراقي) الذي اشتركت معه حوراء النداوي، وأسهم في صناعة أكثر من كتاب خاص في التشكيل العراقي.
هل أخطأ عليٌّ في اختياره بأن يكون ذلك كله، وهل أتاح عمره الفيزياوي له انتاج الكتب والاعمال الصحفية والتلفزيزنية كلها هذه، فضلاً عن حضوره اللافت في وسائط التواصل الاجتماعي بوصفه واحداً من أشهر المدونيين في العراق؟ شخصياً أقول: قد يؤتى المرءُ حظّاً من ذلك وأكثر، وحين نقرأ في كتب سير الكتاب والشعراء والفنانين العالميين سنجد من هم على هيئته وأزيد، كما أنني أقول بأنَّ الشاعر الممتلك لناصية لغته، والمحصِّن نفسه بالقراءات المتعددة والمتنوعة، والمؤتى نصيباً في الحفظ، وقوة الذاكرة، وسرعة البديهة، سيكون قادراً على الإتيان بالكثير الجميل، والمختلف الأجمل، وأشهدُ معرفتي بأنَّه كان واحداً من هؤلاء الشعراء الكتبةِ الحافظين.
هل قلتُ شيئاً لا يعرفه أحدٌ عنه؟ لا، بكل تأكيد! وما أنا هنا بمعرِّف به، ولا مقدِّم له، ولم تكن زيارتُه للمدينة التي يحبُّ بمفاجئةٍ لنا، فهو المتغزلُ بها في أكثر من قول شعري، وعمل فني، كما وله في كل بيت من بيوت أصدقائه نصيبٌ من الود والمحبة، لكنَّ الأولين درجوا على هذا النهج في الاحتفاء، وتقديم المحتفى بهم، وها نحن على هداهم سائرون وبهم مقتدون، ولعمري لقد جاؤوا بالحسن الجميل، والبديع والاصيل، فكان شرعةً ومنهاجاً. اللهم إجعلنا من الذين يستمعون الشعر، فيقتفون أثره، ويتبعون أحسنه، ويذهبون بقلوبهم الى مواطن العذوبة والجمال فيه، ويهتدون بقناديل الكلم الطيب الى حدائق الصفاء والنور، إنك على قلوبنا وقلوبهم أمينٌ قمين.
بدا لي أنَّ علياً الشاعر وقع في سنيّه التالية أسير حبائل لوحات وكتب شاكر حسن آل سعيد، بطرسها المكتوب، ولونها المسطور، وبما عرف عن آل سعيد من تجلٍّ صوفيٍّ، وعنايةٍ انتهت به كواحدٍ من السحرة المهرة الكبار، الذين جعلوا فضاء الحرف في أعمالهم معادلاً موضوعياً للون. يقول سهيل سامي نادر بان شاكر حسن كان "يدفع الوصف اللغوي الى الاقتراب من مجريات سطح اللوحة حد التطابق" وفي مقام آخر يلمّح سهيل الى أنه "عالج حياته في فنه وصارع تعديات السلطة" هل أقول بـأنَّ علياً حاول الخروج من دائرة الشعر لكي يستريح الى دوائر التشكيل، وهو المعروف بيننا بوصفه مقتن لوحات كبير، قبل أن يكون مطلسماً ومزخرفاً ومطرِّساً ومنتجاً لأعمال فنية عرّف بها فنانون معروفون في بغداد والبصرة؟
هل كانت غواية اللون والحرف أعتى من غواية الشعر فيه؟ لا أعلم، لكنني، وعلى وفق ما شاهدت وقرأتُ أقول بأنَّ الشاعرَ الشاعرَ قادرٌ بعدته وأخيلته على أخذنا الى حيث يريد، آيتي في ذلك قول ابن زريق: ( كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ) . لدى الشاعر إحساسٌ فطريٌّ يستعمله أحياناً وبظنّه أنَّه يعمل على إعادة توازن الكون، ويعمل على استرداد ما فقده الانسان في رحلته الداخلية، مخلصاً الى ما انطوت عليه ذاتُه شعراً وألواناً وطروسا، ولا جناح إن قلتُ: ونساءً وهرطقات!

علي وجيه

25 Jan, 18:55


في الحقيقة، لم يترك عليٌّ الشعرَ، فهو مادته الأولى، لكنه وجد في اللوحة ضالته التي يبحث عنها، إذْ، ربما وقفت آلةُ الشعر عند أحدنا عاجزةً أمام حاجة الروح، فذهبت تبحث عن معادلها في الرواية واللون واللوحة والقطعة الموسيقية، وبعلمنا فأنَّ الروح الشاعرة عميقةٌ، وجائعة الى الجمال والمطلق، لذا، علينا ألا نبخس الروحَ حاجتها في الانعتاق، وتوقها الى الابعد والكوني. وهذا صديقنا الشاعر حين تمكنت منه ضالته، غير المحدودة بحرف، ولا المسوّرة بلون أخذته سورةُ الحلم الى مواءَمة الضدين، إنْ كانا ضدين، أو الى تغليبِ الإلفِ على إلفِه إنْ هانَ عليه أحدُهما، على أنني لا أظنه كذلك.
وبما أننا نحتفي بكتاب عليٍّ الشعري – الفني الجديد" في طَمْسِ الطِّرسِ وحكِّ صدأِ النَّفسْ" نقول إنَّ الطِّرْسَ في اللغة هي الصحيفة، والطِرسُ هو الكتابُ الذي مُحيَ ثم كُتبَ، والجمعُ طروس وأطراس، ولأننا لم نتصفح الكتاب بعد فسوف نترك صاحبَه ليحدثنا عنه، فهو خير من نحتفى به الليوم وهو في جلستنا هذه خيرُ المتحدثين.

علي وجيه

25 Jan, 13:33


بحضورٍ ثقافيّ نوعيّ، وقّعتُ كتابي الأخير "في طمس الطرس وحكّ صدأ النفس"، في غاليري حامد سعيد - البصرة.
قدّمني فيها الأستاذ طالب عبد العزيز، الشاعر الكبير، وأضاء أمسيتي خيرة المثقفين العراقيين، كعادة البصرة بكرمها العظيم وحفاوتها.
عدسة: علي العذاري.

علي وجيه

24 Jan, 11:35


"تجارب المتقدّمين، مرايا المتأخّرين، كما يبصر فيها ما كان، يتبصّر بها فيما سيكون".

"الإمتاع والمؤانسة" - التوحيدي

علي وجيه

24 Jan, 01:03


ثلاث حالات. عدسة الحبيب د.كاظم علي.

علي وجيه

23 Jan, 22:55


في غاليري ومرسم المبدع أسامة حمدي، مع الأحبة الفنانين التشكيليين: كرار نصيّف، مهند محمّد، أسامة حمدي، محمد گاطع، د.كاظم علي..

علي وجيه

22 Jan, 23:46


في بصرة القلب.. أتطلّع لرؤية كلّ الأحبة 🌷

علي وجيه

22 Jan, 22:22


استدراك

لا صهيلُهُ الذي يشقُّ الصمتَ منذُ قرون
لا عُرفُهُ اللاعبُ مع الهواء
لا سرِجُهُ
ولا فارسُهُ
لا الحِلسُ المتململُ تحتَ الفارسِ
لا عرقُهُ الذي ينعكسُ في الصحراءِ صحيفةَ فضّةٍ سريعة
لا حوافرُهُ التي تدكُّ الأرض
أو سقوطُها على حوافرَ أخرى في القصيدة.
لا الجميلةُ المُختطَفَةُ من مرابعِ قبيلةٍ أخرى
لا ولا السيف المتدلّي على جانبه.
جوادٌ، مجرّدُ جوادٍ
إن ركضَ أو توقّفَ مُحمحمِاً
لكنَّ ما يصنعُ الأسطورةَ
هي الكبوةُ
هي خدشُ نظامِ السردِ على الرملِ
الاختلال الذي يُصيبُ الخبَبَ
كُنهُ الجوادِ كبوتُهُ
كبوةُ الجواد
قصيدتُهُ الفريدة.

علي وجيه

21 Jan, 11:44


الرايات. مواد مختلفة على ورق فابريانو، 35*27.

علي وجيه

21 Jan, 11:44


بسبب قلّة النوم، تستقرّ عيناي على مجموعة هالات وخطوط تمتدّ أفقياً، قال لي صديق: احقنها فَلر، ستعودُ نضارةُ وجهك. رفضتُ الاقتراح، مثلما رفضتُ اقتراحات زرع الشعر، الجسدُ له أكسباير، وما يطرأ عليه من حسنٍ وسيّء هو تأريخه، بكل خدوشه، وجروحه، بكلّ ما فيه. لا يوجد مَن يبقى شاباً للأبد، ومحاولة الصراع مع الزمن خاسرة، وعدا تصحيح النظر الليزك لن أعدّل شيئاً بي، لأنني لا أتصارعُ مع الوقت، ذاك الذي يمرّ على أجسادنا ليصنع منها ثوباً بالياً، وعلى أرواحنا ليصنع منها نثاراً وحيداً.

علي وجيه

21 Jan, 11:44


كل ثقوب جسم الكائن الهش الذي اسمه "الإنسان" لا تُنتج سوى القذارة، عدا الفم، الذي يمكن أن ينتج ما هو أقذر من باقي الثقوب، أو ما هو أطهر من أجنحة الملائكة، فليكن كلامكم نقيّاً، خفيفاً على الآخرين، ما هي إلا سويعات نعيشها في هذا العالم، لنكن فيها بالأقل: ذوي كلامٍ حسِن.

علي وجيه

20 Jan, 11:28


في لحظةٍ واحدة: تصطفقُ بدماغي مثل ظلفتيْ بابٍ في يومٍ عاصف: اللاميّتان، لاميّة الشنفرى بكلّ وحدتها وسخطها، ولاميّة الطغرائيّ بكلّ وحدتها وحزنتها، من اللام المضمومة إلى المكسورة يتنقّل دماغي، لأميلُ، متعزّلُ، الخللِ، رجُلِ، الأملِ، يتنازعُ نمران في قصيدتين، وحرفيْ روي يتشابهان ويختلفان، ويالبؤس مَن اصطادته لاميّة واحدة وغرزت أبياتها في جنبه مثل رمح، فكيف بمَن تعاونت عليه العربُ والعجم؟
ما أخيبَ المسعى. كما يقول سعدي، ما أخيب المسعى.

علي وجيه

20 Jan, 11:16


وَفي الأَرضِ مَنأى لِلكَريمِ عَنِ الأَذى
وَفيها لِمَن خافَ القِلى مُتَعَزَّلُ
لَعَمرُكَ ما في الأَرضِ ضيقٌ عَلى اِمرئٍ
سَرى راغِباً أَو راهِباً وَهوَ يَعقِلُ

الشنفرى

علي وجيه

20 Jan, 09:29


"..يُصنعُ الإناء من الطين، غير أن فراغه هو الذي يجعله صالحاً لوظيفته.
تخترقُ المسكنَ أبوابٌ ونوافذُ، لكن فراغها هو الذي يجعله قابلاً للسكنى، وهكذا نصنع أشياءً، غير أن فراغها هو الذي يعطيها معنى".

كتاب التاو - تي تشينغ

علي وجيه

19 Jan, 16:07


في حبّ خالي عليّ، ود.حكمت البيضاني، ومفيد الناصح، وفؤاد سالم..
.
عام ١٩٩٩، كان ثمّة كاسيت، ضمن كاسيتات خالي عليّ، وقد كُتبَ عليه بشكلٍ أشوه "تانيت"، سرقتُهُ منه، وسمعتُهُ بمسجّلي الصغير، وكانت فيه أغانٍ لفؤاد سالم، مطربي الأول الذي اكتشفته بظهيرةٍ كما اكتشفتُ كلّ شيء، من الشعر إلى الجسد وصولاً للتدخين، كانت الأغاني نادرة، وأحسبُ أنها لم تُسمع بشكلٍ جيد إلى الآن: "تانيت - شنهو السبب ناسيني، شاطي وكَمرية وليل أخضر، ما بالُ عينيكِ تصدّان، أعاتب"، وضاع الكاسيت.
.
عام ٢٠٠٦، حين تحوّل الكاسيت إلى سيدي، كان خالي علي جالساً، يسمعُ هذه الأغنية الساحرة، طلبتُ منه السيدي فقال:
- يمعود هذا ماستر، ومال حكمت، لا تورّطني وياه..
أقنعتُهُ أخيراً باستعارته، وخزن الأغنية، وهذا ما حصل، لكن يعرف جيلي، ممن ذاقَ الفايروسات وانطفاء الوندوز وتصفير الذاكرة، كيف يُحرقُ هذا الدم والأعصاب، لم أحزن على أيّ مفقود في الكومبيوتر غير هذه الأغنية.
.
عام ٢٠١٦، تواصلتُ بمحبّة عالية، مع "حسن فؤاد سالم"، أحيّيه من هنا فقد فقدتُ حسابه بعد إغلاق حسابي، وبعد أن رأى دروشتي ومعرفتي بأبيه، سألتُهُ عن هذه الأغنية، فأرسلها لي برزليوشن عالٍ، وكأنها سُجّلت للتوّ. فرفعتُها على ساوند كلاود بحسابي، لتستقر في الذاكرة.
.
قبل شهرين، أرسلَ لي د.حكمت البيضاني، هذا المقطع، من مكتبه العظيم ذي النوادر، بذات نسخة الماستر، وقبل قليل رأيتُ صورةَ ملحّنها الأستاذ مفيد الناصح في بغداد.
يسمّونها: "تانيت"، أو "ياما الهوا طش كَذلتك"، واسمُها الرسمي "يا ريت".
كلمات: محمّد حسين العبودي، ألحان الناصح، أداء أبي نغم، طاب ثراه.
أغنية امتدّت على ثُلثيْ عمري، وما تزالُ تقول "هل من مزيد؟"
ويا ريت يا ريع الكَلب
طيفك يمرّ اعلى الدرب
جا حمّليته عتاب الك:
شنهو السبب ناسيني؟

علي وجيه

19 Jan, 14:35


ثمّة عيونٌ ناعسة، وأخرى ساذجة، مكتحلة، وأخرى حزينة، دامعة، ومبتسمة، لكن لا عيون أجمل من العيون الذكيّة، تلكَ التي إن نظرتْ إليكَ، وصلتْ إلى كُنهِكَ وذاتِكَ ونفسِكَ، العيون الذكيّة هي عقلان في بؤبؤين، رحم الله أبا الطيّب حين قال فيها:
تُعرَفُ في عَينِهِ حَقائِقُهُ
كَأَنَّهُ بِالذَكاءِ مُكتَحِلُ
أُشفِقُ عِندَ اِتِّقادِ فِكرَتِهِ
عَلَيهِ مِنها أَخافُ يَشتَعِلُ

علي وجيه

18 Jan, 21:41


تأويلٌ بَصَريّ ولُغويّ:

رأيتُ غراباً ساقطاً فوقَ بانةٍ
يُنشنشُ أعلى ريشِهِ ويُطايرُهْ
فقالَ: "غرابٌ" بـ"اغترابٍ" من النَّوى
و"بانٌ" بـ"بينٍ" من حبيبٍ تُحاذِرُهْ
فكانَ: اغترابٌ بالغرابِ ونيّةٌ
وبالبانِ بيْنٌ بيِّنٌ لكَ طائرُه.

السّمهريّ بن بِشر العُكْلي

علي وجيه

18 Jan, 21:05


ارتجف لو بس على بابي يهبهاب
هواك وگام دلاّلي يهبهاب
شجاك وضيّعت كهرب يهبهاب؟
خسر واحد تره مضيّعله ميّة

علي وجيه

17 Jan, 17:05


عسى أن يلينَ حجرُ فراقكَ في الصدور بحقّ اسمِكَ الكريم واسمِ سميّكَ الأكرم.
روايةٌ للبُرسي بصوت الحبيب، الفاتحة على روحه.

علي وجيه

17 Jan, 16:50


على الكاتبِ أن يرفعَ القارئَ من ذهنِهِ تماماً بلحظةٍ من اللحظات، أن لا ينتظرَ انعكاسَ قيمة نصّه من "آخر"، إن كان نخبويّاً أو شعبيّاً، فذلك سيؤخّر نتاجه، بحجّة تلقّي النتاج السابق بشكلٍ صحيح، وربّما توغّل القارئ العادي، خصوصاً في فضاء السوشيال ميديا، سيُجبر الكاتب على تبسيط ما يقول، أو أن يكتبَ كي يرضي الآخر وذائقته.
على الكاتبِ أن يكتبَ لنفسه. هو ناقدُهُ وهو القارئ الأنضج لنفسه.
الصورة: دودو، أول كاتب في التأريخ، سومري.

علي وجيه

17 Jan, 12:48


القراءة والنظام
في شذرة عجيبة لكيليطو، شرحت واحدة من المعاضل الشخصية التي أواجهها، حيث يقول "‏أقرأ كثيراً وبلا نظام، يُخيّل إليّ أحياناً أنني قرأتُ كل الكتب، وأحياناً أنني لم أقرأ شيئاً"، وهذه الحالة من أعظم السلبيات الإيجابية، لو صحّت العبارة، أو الإيجابيات السلبية.
لا يبدو على مكتبتي أنها مكتبة شاعر، أو عاشق سرد، أو فنان تشكيلي، أو باحث في التراث، أو أي شيء آخر، لكنها منوعة لدرجة الفوضى، بحيث تبدو أنها كلّ ما تقدم.
فيما أعرفه من ملفات، لم أقرأ "كلّ شيء" يخصّ شيئاً إلا الجواهري، ديوانه وما كتبه وما كُتب عنه، بأكثر التفاصيل ندرة، وحتى إن قرأتُ الأعمال الكاملة لفلان أو فلان، فإنني لا أعرفُ كلّ شيء عنهم.
أقرأ السرد بلا نظام، ويُخيّل لي أنني لا أعرف أي شيء عنه، حتى أتحدث مع روائي لتجتمع القطع المتناثرة، ثم أقرأ عن التشكيل، وأنا هاوٍ وعاشق بلا معرفة، حتى أتحدث مع مختص.
ضربة "الخلاط" العجيبة هذه، جعلت قراءتي نسيجاً غير متجانس، أقرأ شعراً، ثم كتاباً عن الآثار، وما إن أتركه حتى أقرأ رواية، أو كتاب يوميات، ثم كتاباً سياسياً جافاً، ثم نصاً تراثياً.
سعيدٌ لأنني، مثل كيليطو، قرأتُ كل الكتب.
سعيدٌ لأنني مثله، لم أقرأ شيئاً حتى الآن!
سعيد بهذا النقص المنهجي بمعرفة كل شيء عن شيء، وسعيد لأنني أعرف أشياء أخرى عن أشياء أخرى.

علي وجيه

16 Jan, 14:20


إلى جنّة عرضُها السماوات والأرض، أستاذي د.خالد عبد الإله، عميد كلّية العلوم السياسية في بغداد.
درّسني ٤ أعوام، وما كان إلا أخاً أكبر، متواضعاً، لا يبخلُ بالمعلومة، ويمنح طلبته مساحةً للإبداع والاجتهاد، رغم كوننا في البكالوريوس.
الرحمة والمغفرة لروحه الطاهرة، الفاتحة.

علي وجيه

15 Jan, 19:14


مَن يريد أن يعرفَ معيار الانتصار والهزيمة ما بعد الطوفان، عليه أن يفهم المنظومتين الثقافيتين للمعسكرين: معسكر المقـ..اومة، والكـ..يان:
- الحرب هي حربٌ مستمرة، لن تنتهي تماماً إلا بـ: تطبيـ.ع الأول، أو فناء الثاني.
- الحرب فيها خسائر، وخسائر كبيرة، لكنها ألفباء الحرب، وبالمقابل صُفع الكيان بالعملية، وما تلاها، صفعةً رمزية عملاقة، بداخل الأراضي المُغتـ.صبة، لا تعدلها إلا الهولو.كوست.
- الرمزية الثقافية التي بُنيت عليها سردية الكـيـ.ان وهي الإبادة، تضررت بشكل عملاق، بعد أن مارس هو نفسه مجازر ضد المدنيين في غرْة.
- لم ينته حزب الرب، ولا حمـ.اس، وعدم قدرة الاحـ.تلال على الخوض بشبر إضافية في لبنان، وكشفت هذه الحرب عن وجود الجيل الثالث من الحركتين، وهما أقسى وأشد من الجيليْن السابقين.
- ثقافياً، أعادت الحرب القضية إلى صدارة الإعلام والتفكير، بعد سلسلة تطبيع أنظمة عربية، وأوقفت تطبيع بلدان أخرى.
- كشفت المعايير الغربيّة المتوحشة في التعامل مع المدنيين، الإعلام، السوشيال ميديا، والتظاهرات المساندة.
مَن يريد الخسارة والربح التامّين عليه بلعب الشطرنج أو كرة القدم، ومَن يرى المعركة مسلسلاً ضد مُغتـ.صب عليه أن يفهم منظومة المعسكر الأول، تلك التي إن انتصرت عسكرياً صاحت "يا داحي باب خيبر"، وإن خسرت عسكرياً قالت "يا حسين"، وليس اللملوم "الأوروبي، والمرتزقة.
السلام على أبي هادي وصحبه، ويحيى وصحبه، ما بقيت "لاؤهما" ضد اللقطـ.اء، وللمعركة تتمة.

علي وجيه

15 Jan, 16:09


نبتسمُ في الصور الفوتوغرافيّة عادةً لاصطياد الابتسامة نفسها وتجميدها إلى الأبد، لإقناع أنفسنا أن هذه الابتسامة جزء من الوجه، وليس بقية الزمن خارج لحظة التقاطها.
عدسة: صلاح نوري.

علي وجيه

15 Jan, 13:41


ما هِمّ بجرح روحي منيداي
بكثر همّ السحب إيده منيداي
وتركني وما سمع منّي منيداي
لَما عشعش غراب البين بيّه

علي وجيه

يبو شارة الذي تعثّر منيداك
بخيت وماخسر كلمن منيداك
زين انتَ وسحب إيده منيداك
سحب جلدي وعظم ماستر بيه

اياد عبد الله الاسدي

علي وجيه

15 Jan, 10:35


‏من المستحيل أن يُبدعَ امرؤ بشيء إلا باقتناعه بأنه هو الأفضل، عبر إزاحة جميع منافسيه من دماغه، وأن يمتزجَ هو بأثره، إن وضعَ آخرين في دماغه، مقارنةً وحسداً ومنافسةً، فلن يعدو كونه نصفَ مبدع يحتاج إلى محفّز ومنافس وعدوّ كي ينتج، ولا تُبدعُ ذات سوداء أبداً، الإبداع يحتاج روحاً عالية.

علي وجيه

15 Jan, 09:19


‏ليحزن العراق كما يجب، ولتكن دجلة والفرات دمعتين على خدّه، فقد مات ابنه البار، بنّاؤه، مَن وهبَ سيرةً ساحرة صنعت جزءاً أساسياً من العراق المعاصر، شيخ الهندسة المدنيّة، مرصّع وجه بغداد بأجمل بناياتها، ومحقّق أحلام السحرة من معماريي جيله: هشام المدفعي، إلى رحمة الله وغفرانه

علي وجيه

14 Jan, 22:47


أيدي
.
اليدُ التي رددتِها إلى كتفي
حاملةً كومةَ رماد:
يدٌ خشِنةٌ
لفرطِ ما أزالت الشوكَ والعوالقَ من الكلام.
يدٌ مالحة
كفكفتْ كثيراً من دمعي ودموعِهم.
يدٌ سمراء
لوّحت كثيراً للراحلين تحت الشمس القاسية؛
وهي يدٌ بيضاءُ
آذاها ربطُ حبال الأكفان
قبلَ أن تصفرَّ تُراباً.
يدٌ لا تُشبِهُ يدكَ الصغيرةَ البضّةَ
بالذهبِ اللائبِ على رسغِكِ
بلونِ أظافرِكِ المُضحكِ
وهو يُشبِهُ كلَّ لونٍ طفوليّ
يدٌ خافتْ أن تمسَّ كلّ يدِكِ
تلكَ اليدُ التي رددتِها إلى كتفي
حاملةً كومةَ رماد.
لم تكن الخشنةُ
المالحةُ
السمراءُ البيضاءُ الصفراءُ
لتودَّ أكثر من يدٍ بضّةٍ
تُغمضُ العيونَ لشيخٍ
ما حظيَ، رغمَ قرونِ التعب، بيدٍ واحدةٍ
تقولُ لهُ: هاتِ يدكَ، وهاكَ يدي
وتعالَ نمشي لآخر العالم.

علي وجيه

13 Jan, 17:34


كنّا نظنّ أنّك ولدتَ هكذا ببساطة، أن ينشقّ الركنُ اليماني، وتخرجُ فاطمةُ بنت أسد منه، منهكةً من الطلْق، وهي تحملُ بيديها يدَ الله البيضاء على رؤوسنا، أو أنكَ بكيتَ كأيّ مولود آخر، ينتظرُهُ مؤمنُ قريش أبو طالب كما لم ينتظر شيئاً في حياته.
كنّا نظنّ ذلك، العقولُ البشرية البسيطة، عقولنا، تظنّ ذلك، تظنّ أن جدار الكعبة تعرّش بالريحان، وأن الطفلَ الذي خرجَ من ذلك الشقّ، لن يبقى بعده العالم كما كان.
هكذا حدثتنا الكتب، لكنها لم تحدثنا عن كسرة الظلّ في جانبك، عن اليدين السمراوين فوق هاماتِ مَن شهدوا أنّكَ وليّ الله، عن السيف الذي ظلّ يتبعُ ظلال بنيك، وخطواتهم الخائفة، من أمّ القرى وصولاً لكربلاء وليس انتهاءً بمسطر ساحة الطيران.
الكتبُ لا تقول أن القلبَ يمكن أن يكونَ أكبر من الجسد، وأن اسمك ذا الحروف الثلاثة أطول من الأبجدية، وأكبر من القواميس. تلك الكتب الغبية تجعلنا نعرف كيف نحبّ حبيباتنا وأهلنا وأنفسنا، لكنها لا تشرحُ لنا كيف نحبّك، ولا تشرح لنا كيف يمكن أن ينطبقَ عليكَ فعلٌ نقوم به، وإن كان الحبّ نفسه.
يا أبي، يا روحي من الخليقة، يا مقام السوى بكلّ ما فيه من خير، ويا حبل الله، أخبرتنا الكتب أنّكَ ولدتَ في الكعبة، لم تخبرنا أن الكعبة ولدتْ في أصابعك الغضّة، يا حبل الله المتين، يا كلّ النقاط تحت الباء وفوق النون، يا فارزةَ الحقّ والباطل، اغفر لقلوبنا الصغيرة، والكتب التي لا تعلّمنا شيئاً، والأبجدية التي تتقزّم أمام اسمك، يا بخت الله، يا ناموسَهُ، يا قصيدة السماوات السبع، اغفر لبنيك، فهم يحبّونك ولا يجيدون قول ذلك، ولهذا يكركر الرضيعُ في الفجر، ولهذا تتفتحُ الوردة في الندى، دون أن يقولا شيئاً، يا وجه الله الأخير، يا مسند عرشه، يا نعومة ريش الملاك، أقبّل أعتابك، وأسألكَ أن لا تقطعَ حبلك بي، حتى أردَ إليك ورود المشتاقين، لأستقر بكسرة الظل بجانب عباءتك، أنا وبنوك كلّهم، الذين يحبّون ولا تعلّمهم الكتب العقيمة كيف يقولون ذلك.
كل عام ونحنُ في خيرك، حيث لا خير سواه.

علي وجيه

13 Jan, 07:50


أغادرُ #مسقط الآمنة إلى بغداد الحبيبة بعد حضور حفل الذكرى الخامسة لتنصيب السلطان هيثم بن طارق. في ذهني كثيرٌ عن السلطنة، عن لطف أهلها وجمالهم وتواضعهم، من وزيرهم إلى سائق الأجرة. بلدٌ ينمو بستراتيجية واضحة، مع هدوء سياسيّ رزن وسط المنطقة المشتعلة. ستكون لي عودة مكثفة مقالياً عنه.

علي وجيه

12 Jan, 13:34


مرّ أشخاص كثيرون في حياتي، يكتفون بالقليل من كلّ شيء، مثلاً: رجلٌ يرتدي خاتماً واحداً، قد لا تكون له أي دلالة، لكنه يكتفي به، وهو بذات الوقت ربّما يعرفُ مشهوراً واحداً، يصرعُ أدمغتنا به كلما جلسنا، لا يمتلكُ سوى كتابين أو ثلاثة، أحدهما القرآن والثاني مفاتيح الجنان والثالث رسالةٌ عمليّة لمرجع كي تعلّمه الفرق بين الجلد المذكّى وغير المذكّى. يحفظُ ٤ أبيات ملحونة يستدلّ بها على كلّ شيء، غالباً ما تكون منسوبةً للإمام علي وليس للإمام علاقة بها.
هؤلاء الأشخاص مستقرّون بطريقةٍ عجيبة، بحياةٍ فاترة، هادئة، بذات لا تعرفُ أنها تحتاجُ شيئاً، مستقرّة، بينما يلوبُ ذو الخواتم المئة، والكتب التي تمتدّ على نصف بيت وربع شقّة، ودماغ يكادُ يحفظُ كلّ ما تستقرّ عليه عيناه، دون أن يهدأ لحظةً، أو يستكين!

علي وجيه

12 Jan, 03:44


صباحكم ورد يا أهل الدار..

https://youtu.be/TiYksStFXus?si=qwh72IwPYzxAslXw

علي وجيه

11 Jan, 08:44


مَن لا يدوّن يوميّاته، يكون هو الدفتر، والتدوينة، أثر الأيام على الذات لا الورق، بقلم قاسٍ أحياناً، وذي حبرٍ سحريّ في أحيان أخرى. لكنّ الدفتر يتعاظم، دفتر الذات، تلك التي لن تنتهي أوراقها، تصفرّ وتعتق، وتمتلئ بما هو جميل وقبيح، بما هو مُفرح ومُحزن.
مَن لا يدوِّن، يُدوَّن.

علي وجيه

11 Jan, 07:14


هاشم تايه كاتبٌ غريب، تشكيليّ أغرب، شاعرٌ فريد، قرأتُ كتابه هذا على مرحلتين: الأولى على بعد آلاف الكيلومترات من سطح البحر، والثاني منغمراً بالماء ما خلى رأسي ويديّ، هكذا يُقترَبُ من عوالمه، أن تندمجَ بالعناصر الأربعة، أن تقرأه حافياً، ربّما شبه عارٍ، أو ماشياً، أو بأية طريقة لا تُشبهُ قراءتك المعتادة، حتى إن تلفتْ النسخة بعدوّها الأساسيّ أكثر من النار: الماء، أليس هذا مشغل هاشم؟ التَلَف والامّحاء وبقاء المعنى في الذهن؟ أعني أن تقتربَ من لحظة تلقّي الأثر الفنّي، لا الأثر بحدّ ذاته، مستطعماً باللغة، بكلّ مفردة، بكلّ شدّة تستقرّ على مفردةٍ كما تستقرّ شامةٌ على نهد حسناء؟
هذا الكتابُ درسٌ كبيرٌ بتلقّي العمل الفنّي، سأحتفظُ بنسخته المبلّلة التي أحب، وأقتني أخرى للقراءة الكلاسيكية المُملة، التي نقرأ بها الآخرين، لا هاشم تايه!

علي وجيه

09 Jan, 01:44


بسبب اضطراب النوم، خرجتُ قليلاً الى شرفة الفندق، لأدخن، غرامة السيجارة الواحدة في الفندق ٨٠٠$، بعد أن كانت البشرية تدخن حتى في الطائرات، صار المدمنُ منّا محروماً حتى من سيجارة السرير الألذ.
ولأن الطقس لطيف، والشرفات متجاورة، أسمع الآن نحو ٥ هواتف وهي ترنّ بمنبّه الصباح، كسل الآخرين يجعلهم لا يوقفونها، أو حتى يضغطوا على زرّ "غفوة"، تذكرتُ حينها تأنيب كونديرا للبشرية، بالفكرة المرعبة هذه:
‏"في هذه البلدة لا يقدّر الناس الصباحات. فهم يصحون فجأة، على جرس منبه يقطع نومهم مثل ضربة الفأس، ثم يدفعون بأنفسهم فجأة في نشاط صاخب كئيب.
‏قل لي: كيف يمكن ليوم لطيف أن يبدأ بمثل هذه الوتيرة العنيفة، الخرقاء!".

علي وجيه

07 Jan, 16:33


أحياناً تكون الرقّة جارحةً أكثر من الصلابة، شلاّل يمكن أن توقفه صخرة، لن يغيّر بها شيئاً كبيراً، لكن الصخرة لن تقاوم قطرات صغيرة تسقط ببطء وتؤدة، فجأة ستنفطر وتتهافت.
هامش:
لقد نبتتْ في القلبِ منكِ محبةٌ
كما نبتتْ في الراحتين الأصابعُ
مجنون ليلى

هامشٌ ثان:

https://youtu.be/h_SuUkQgkpE?si=QUsuGlFfLnRO1Kqp

علي وجيه

07 Jan, 14:58


طلسم
*
رفعَ الصائغُ اليمانيّ اليهوديُّ رأسَهُ عن حجر الهبهاب، بعد أن غرزَهُ ببدن الفضّة. نقشَ عليه تاجَ الأوفاق، الطلسم المثلّث، التساعيّ الذي كلّما جمعتَ خانةً منه أدّى جمعُكَ إلى رقم ١٥.
دهنَ الخاتمَ بزيتٍ وزعفران وماء زمزم، ودعا عاملَهُ المسلمَ لقراءة سورة يوسف كاملةً عليه، والتشديدِ على "وهمّت بهِ"، وأن يكررَها أربعين مرّةً.
كانَ العاشقُ الذي أوصى الصائغَ ينتظرُ في الباب، وضلوعُهُ تخفقُ مثل سعفة، ينتظرُ أن يرتدي الخاتم، وأن يقفَ تحتَ شرفةِ قرّة العين في ليلةٍ مقمرة، كي تحبّه. لكنّ الصائغ، تمتمَ، وهو يلفّ الخاتمَ بقطعةِ حرير:
أوفاقُ العالمِ كلّها، لن تحرّكَ قلبَ امرأةٍ واحدة، ما دامت قد وضعتْ جداراً أمام قلبها، جداراً من رجالٍ استخدموا خواتمَ أخرى، فأفسدوا النبضَ وارتجافة اليد. اكتب على عود رمّانٍ حلوٍ "يا غياث المستغيثين"، واحرقْهُ وتنشّق دخانه، عسى أن يشملَكَ شيءٌ من سلوانِها، أو تكونَ من أخدانِها.
وما برحَ حتى زفرَ العاشقُ زفرةً كادت أن تقلعَ روحَهُ من بدنه، ومضى يتفّرسُ بالجدار، وهو يردّدُ مثل هذيانِ محموم:
وصالُها خُسران، وهجرُها تَلَف.

علي وجيه

06 Jan, 12:56


طفولة. ٣٥*٢٥، حبر صيني ومواد مختلفة على ورق فابريانو ٣٠٠ غم.

علي وجيه

06 Jan, 12:15


ثمّة نوعٌ من البشر تشعرُ أن الصبحَ يتنفس انطلاقاً من نقاء روحه، وكلّ ثانيةٍ يتواجد فيها على هذه الأرض هي فضلٌ سماويّ لمَن يعرفه، وثمّة نوع آخر تشعر أن الأرض تنزعجُ من دبيبه عليها، وأن شهيقه وزفيره شرّ وثقل، وكأنه يأخذُ من أنفاسك، فالسلام على الأول، واللعنة على الثاني!

علي وجيه

06 Jan, 08:20


"يعرفُ الرحّال أن موته في توقفه عن المقاومة وتخليه عن التحدّي، إنه ما ينفكّ يتجنّب الاستقرار البليد، والاستيطان الخامل، والتعلّق الرخيص بالثوابت، فهو يؤمنُ أنه لا يملكُ إلا المسافات التي تُبعده، بهذا المعنى فالترحالُ نشدان للغربة في ما هو مألوف، وتكريس للانفصال في ما هو متصل".

علي وجيه

04 Jan, 17:16


وقائع احتلالي لبودكاست (جيم سين) مُحاوِراً لصاحب البودكاست، الحبيب ثائر چياد الحسناوي..
استمتعوا بهذه السيرة..
https://youtu.be/QGj0C4SexVY?si=c0A5HZIA7JVCJbq7

علي وجيه

03 Jan, 14:21


الحوارُ مع الروائيّة وخبيرة التنمية الدولية الست هاجر القحطاني جلسة عصف ذهنيّ رائعة، استمتعتُ بها شخصيّاً، من الرواية إلى البناء الثقافي، من الذات إلى إشكالية الهوية، مروراً بالوضع السياسيّ وبناء الجماعات وهدمها، حلقتان في الصالون من أجمل ما حاورتُ بالنسبة لي، على الرابطين التاليين:
الجزء الأول:
https://www.youtube.com/watch?v=HpWkOwxT4hI
الجزء الثاني:
https://www.youtube.com/watch?v=NKZBVAqoBR8

علي وجيه

02 Jan, 00:35


قول
.
قالَ لي العارفُ:
لم يعد في الكلامِ كلامٌ
إنكَ تكسرُ كلمةَ "جوزة"
فلا تجدُ شيئاً
وتكتبُ "النارَ"
فلا تحترقُ الورقة.
قالَ العارفُ ذلكَ
ومضى يكفكفُ دمعَهُ
أمامَ قاموس الكلمات المرتجفة
أمام الشمعةِ الأخيرة
وهو يتمتمُ:
- القولُ أكذوبةٌ، والقولةُ زوجتُهُ
والمفردةُ
جنينٌ
ما حظيَ بكتابٍ دافئ.
قال ذلكَ
قبلَ أن تُطبقَ دفّتا تابوتِهِ
ويستقرّ بينهما
مخطوطاً ما حقّقَهُ إلهٌ
وما طبعَهُ صديقٌ
ولا شرحتْه امرأة
لأنهُ كانَ، ورغمَ كلامِهِ الكثيرِ:
الكلامَ الخالي من الكلام.

علي وجيه

01 Jan, 14:42


‏تحت كل كلمة
‏ثمّة شخصٌ ميت.

‏ريتسوس

علي وجيه

31 Dec, 21:46


في كُنْهِ الشوقِ والمشتاق
.
لو كانتِ الذاتُ لؤلؤة، كان بناؤها حبَّةَ رملٍ آذت المحّارة، ثمّ صيَّرَها ألمُها ما ترى، لاحتاجتْ إلى مرآةٍ وآخر، لتعرفَ أنّها لؤلؤة، ودون ذلك، كانت لتظنَّ نفسَها قطعةَ فحمٍ، أو شيئاً مرذولاً، عابراً، متروكاً.
لكنّ الآخرَ – المرآة، حين يتصلُ باللؤلؤةِ، يريها لمعانَها، وغلاءها، وندرتها، وإن غاب، فقدت اللؤلؤةُ لؤلؤيّتَها، فلا آخر يقولُ لها: أنتِ لؤلؤة.
وإن فقدت الذاتُ ذلك، كابدت الشوق، وصار صاحبُها مُشتاقاً، وإن الشوقَ، بهدوئِهِ اللا منظور، لأشدّ من سيفٍ حادّ، أو يدين تخرطان قتاد السوء إلى آخر العصر والزمان.
ألم ترَ أن "الشوقَ" مُشتقٌّ من "المشقّة"؟ وأنَّ المشتاقَ ذليلٌ وإن كان سيّدَ قومه، وهو عيٌّ وإن كان بليغَهم، وهو ذو الدمعتين، الذي يكادُ أن يشيطَ بدنه، ويحترقَ ثوبُهُ عليه، حين يمدُّ اليدين دون أن تمسَّهما يدين، وهو صاحبُ الزفرتين، ويالشدّة زفرة النهار تلك التي تكادُ تُسلِمُ روحَهُ لزفرة الليل.
إنَّ الشوقَ ليحكّ الروح مثلما تسقطُ الفأسُ على قطعة خشبٍ، ليتركَ بها أرضةً لا تُعالج إلاّ بالوصل، ولا يشتاقُ القلبُ المتقلّبُ إلاّ لمَن لا وصل معه، لينزفَ إثر هذا دماً ودمعاً وقصائدَ وحسراتٍ، تسوِّدُ الجدار أمام عينيه، فنهارُهُ ليل، وليلُهُ قبر، وعمرُهُ انتظارٌ لِما لن يأتي.
المشتاقُ علّتُهُ الكتمان، والبُعد، فهو يعلمُ إن مدَّ يديهِ ستكونُ رماداً في المسافة، والشوقُ علّةُ المسافة، وتجريحُها، واضطرار الذات لتفتّتها تحت الجلد، حتى يأذن اللهُ بالوصل، وغالباً: لا يأذن.
إنما الشوقُ ما يُعجِزُ الرجال، وما يُسقِطُ شَعْرَ النساء، وإن بكي الطفلُ، أو تأوَّهَ، فإن الشوقَ صمتٌ مُطبِقٌ، وضجيجٌ داخل الذات، لا يُسكِنُهُ إلاّ وجهٌ أو يدٌ أو صوت.
أحشاءُ المشتاقِ معركةٌ جُندِلَ بها كلّ فارسٍ وراجل، وما تنقضي المعركةُ وإن نزَّتْ دموعُ السماءِ والأرض منه، فما يلوبُ بهِ سيبقى لائباً، وإن اتكأ على جدارٍ فهو على هواء، لا تحملُهُ أرض، ولا يغريهِ غدٌ، وأمسُهُ ضائعٌ وإن أخذ منه ما أخذ.
إن رأيتم المشتاق فهوّنوا عليه، فوالله ما استمعَ أحدٌ لمشتاقٍ، إلاّ ورزقَهُ الله فردوساً لا ينفدُ، فلا يحتاجُ المشتاقُ، بغياب الوصل، إلاّ لسامعٍ، فاهمٍ، يعرفُ ما يُكابِدُهُ.
رحم الله المشتاقَ الميّتَ في ثيابِهِ وإن دبَّ على الأرض، اجمعوا دموعَهُ فهي أطهرُ من ماء المُزن، وإن ضعفَهُ لأهو أصدقُ من مستدركٍ على كتابٍ سماويّ، وإنَّهُ، وإن كبُرَ وتعاظَمَ، فستقصمُ ظهرَهُ ريشةٌ، وتفتّتهُ ذكرى، وتُحرقهُ أغنية، وتحييه كلمة.
هوّنوا على المشتاق، فوالذي نفسي بيده كابدَ شيئاً أوّلُهُ منيّة، وآخره ذلّ، وأوسطه إحراقٌ لجلدٍ لا ينضج، ولنار لا تهدأ.
هوّنوا على الذليل، وإن كان عزيزَ قومه. على العيّ وإن كان بليغهم، على جبانِهم وإن كان أشجعهم.

علي وجيه

31 Dec, 17:50


لازم الواحد يدلل نفسه بالكريسمس..
إهداءان نادران: الإمام محمد الحسين كاشف الغطاء، لكتابه المهم "أصلُ الشيعة وأصولها"، وإهداء من شاكر حسن آل سعيد إلى جميل حمودي. رحمهم الله جميعاً.

علي وجيه

31 Dec, 17:20


كان عاماً غريباً، ككلّ أعوامي، لن ألتفتَ لأحزانه، لكنني سأنظرُ إلى أنه العام الذي استأنفتُ به رحلة توثيقي للثقافة العراقية عبر #صالون_علي_وجيه في قناة دجلة الفضائية، وهو عامُ صدور "في طمس الطرسِ وحكّ صدأ النفس"، عن دار غاف الإماراتية، وهو عام معرضي الشخصيّ الأول "طرسُ عليّ" في غاليري الأطرقچي، والذي أثمر عن ريعه الخيريّ أول مسرح دمى لأطفال التوحد، وهو عامُ ٦ جلسات شعرية ومحاضرتين في أماكن مختلفة، وهو عامُ تسنّمي الإدارة التنفيذية لوكالتيْ إيشان، مرفأ، والقسم الثقافيّ في دجلة، وهو عام إتمام مخطوطتين ستريان النور في العام المقبل، وهو عام السيطرة على الحزن وإمساكه من قرنيه، بعد أن أثخنني بكلّ ما يؤذي لأكثر من عام.
حفظ الله أحباءكم، وجعل سنواتكم محبةً وطمأنينةً ورزقاً وإنجازاً وكل عام وأنتم بألف خير.

علي وجيه

31 Dec, 11:14


الراهبُ في محراب الأبيض والأسود، هادئ الستّينيين، الگرافيكي الفذ، والمجدد بلا ضجيج، #هاشم_سمرجي إلى رحمة الله وغفرانه في لندن. أثره في التشكيل العراقيّ أثر عميق، أثر عارفٍ شيخٍ لا يعرفه إلا مُريد. تعازيّي لمحبيه وتلامذته وزملائه.
العمل: تحية له في العام الماضي.

علي وجيه

30 Dec, 22:19


في مقاربةٍ تُروى عن لسان أميديو موديغلياني، في كتاب "الملاك الفاسد"، وجرى تكرارها في فيلمه الشهير، قوله "إن مستقبل الفن يكمنُ بوجه امرأة جميلة". ويبدو، بطريقةٍ ما، أن الأمر له علاقة بفتوّة وحداثة سن الفنان المبدع المتمرد، فكلّما امتدّ الزمنُ بي، رأيتُ أن مستقبل كل شيء، ومن ضمنه الفن، يكمنُ بالعقل الحاد، والروح العالية، وكم من وجهٍ جميل، أخفى وراه ظلاماً وبيتاً مهجوراً تصطفقُ نوافذه وحشةً، مليئاً بالغربان، وكم من روحٍ عالية استندَ عليها الفنّان، أياً كان اختصاصه، دون الانتباه للبشرة وجمالها، تلك التي سيفتكُ بها الزمنُ تجاعيدَ وذبولاً.
مستقبلُ الفن يكمنُ بروحٍ عالية، وعقل حاد.

علي وجيه

29 Dec, 22:57


في رثاء أحمد عدويّة..
قطارُ الشعبويين بطعم الطين
.

لكلّ بلدٍ لسانان، ولكلّ ثقافة كذلك، ثقافةٌ تستيقظُ صباحاً، تفرّشُ أسنانها، وترتدي البذلة اللامعة، وتضعُ العطرَ على الرقبة، وعلى ما ينبضُ قربَ الوريد، ثمّ تغنّي عن الحبيب الذي يغيب، وعن الوردِ في حديقته، ثمّ تستيقظُ ثقافةٌ أخرى، تزيحُ عنها رمادَ الليلة السابقة، إن كانت جلسة عرقٍ أو غُرزة حشيش، في عشوائيّة ما، بين مدينة الثورة، أو مقتربات حضرموت، أو القاهرة القديمة، لتغنّي عن جروحها، عن عدم تقبّلها، بأصوات قوية، تنتمي للطرب ولا تعرفُ ما هو بالضبط، الثقافة الأولى تستطيعُ أن تقاربَ موزارت، بالموشّح، بما تفعله، لكنّ هذا المراهق أو ذاك، من "الشعبويين"، يغنّي كما تُريدُ روحُهُ، لأنه يحتاجُ أن يغنّي.
ومن سلمان المنكوب قبالةَ ناظم الغزالي، وكرامة مرسال قبالة أبو بكر سالم، من أحمد عدويّة بمواجهة هاني شاكر، ينمو قطارُ الشعبويين، بقمصانهم المزركشة، الذين لفظتْهم الإذاعة والتلفزيون.
يجدُ عبد الوهاب فسحةً ليحنّ لعاشقٍ لا يعرفه، مثل "الحبيب المجهول"، أو يغنّي طائراً بين حجرِ "الكرنك"، أو بالأقل يتغزّل بـ"كليوباترا"، لكن عدوية، وأظن لقبه لقب امرأة، مثل جبّار "ونيسة"، أو حسين "سعيدة"، كان ممتعضاً من القاهرة القاهرة، ليقول: زحمة يا دُنيا زحمة!
وإن كان عبد الوهاب وعبد الحليم في "لا تكذبي"، يقول لحبيبته:
كوني، كما تبغين، لكن: لن تكوني
فأنا صنعتُكِ من هواي ومن جنوني..
فإنّ عدوية، ابن الطين، يقول لها "يا بنت السلطان، حنّي على الغلبان"، وهو غلبان، تلفظُهُ العاصمة، والغِنى، وعدم معرفة السلّم الموسيقي، وهو ابن كلّ مطربات الطقاطيق، الذين محتْهم أم كلثوم بنظامِها الصارم، وعبد الوهاب، النباتيّ القاسيّ، والسنباطيّ بشرقيّته النقيّة، لأنه كان طيناً، وليس قطعة فخارٍ مرصّعة بلازوردٍ غالٍ، يُجيدُ الغناء لفؤاد، والعسكر، والسادات، ولمَن سيأتي.
الشعبيون، رثّون، مساكين، لكنهم لذيذون، لأننا نأنسُ لهم حين نشتاق، كما نأنس لأحمد فؤاد نجم، وليس لأحمد شوقي، كما نرمي أنفسنا بطين الأبنودي، لا بتفعيلة صلاح عبد الصبور، للفنّ النوبيّ الفطريّ، لا لبورتريهات رامبرانت.
الشعبويّون حقيقيون، إن كانوا صعايدة، أو شروكَية، أو من أيّ طرفٍ آخر تلفظه المركزيّات الثقافية.
يا عدوّية، أيها المُختلف، ستجدُ كرامة مرسال ببرميل بيرة ينتظرُكَ، بباب الفردوس، وسلمان المنكوب بسطل عرق، ستجدُ وحيّد الأسود "ينكَز" بانتظارك، وقاسم أبو عامر، ستجد نجيب سرور بكسّمياته، بآخر سيجارة حشيش سقطت من كفّ بيرم، قبل أن يموت، ستجدُ الكاولية، ستجدُ غناء النهّامة والبحّارة، والبدو الذين يحدون إبلهم بكثير من الألم، ذاك الألم الذي لن تحتويه عاصمة، سينتظرُكَ قطارُ الشعبويين الأفذاذ، أولئكَ الذين ما لمّهم قالبٌ، ولا استقبلتهم إذاعة، وتسرّبوا لذواتنا عبر الكاسيت، والأعراس، والكَولات، والبزخ، من العراق إلى مصر إلى آخر غناء النوبيين، سينتظرُكَ مغنّو سيرة أبي زيد الهلاليّ، وحاملو الرقّ والطبلة في صنعاء حين يشتاقون لذيّاك الغزال، وشدّات العِبيد في آخر نقطة بالزبير.
قطارُ الشعبويين اللذيذين، الحقيقيين، بدون بذلات أنيقة، بقمصان مزركشة مُضحكة، هم الحقيقيون، إن أردنا البكاء على "بنت السلطان" أو صرخنا "زحمة يا دُنيا زحمة".
كم أنتَ مهم يا عدويّة..
كم أنتَ مهم يا قطار الشعبويين!

علي وجيه

23 Dec, 21:00


لولو
حبيبي وسام، كنتَ "لولو" طوالَ العمر، فما الذي كبّركَ فجأةً، لتكون اسماً ولقباً؟ ثمّ قبراً باسم ثلاثيّ ولقب؟
لا أتصوّر أن أحداً قال لك "لهذا كان لقبُكَ (لولو)"، دعني أخبركَ هذا، بوصفي مؤرخَ العائلة، بكلّ دموعها وضحكاتها، مع سنة ولادتكَ، أعيد عرض أفلام كارتون مشتق من "دارتنيان والفرسان الثلاثة"، ولأن أسماءهم الأصلية كانت صعبةً على الأطفال، أسموهم بأسماءٍ أبسط، نالكَ منها "لولو"، كما نالَ المجتبى، ابن خالك عبّاس لقبَ "شرشور".
كنتُ على وشك المراهقة، حين قالت لي أمّي "يمّه، خالتك منال جاها وليد"، وقفتُ على مهدكَ، أذكرُ تماماً هذا، كان خدّاك الكبيران السمينان نصف القماط، ولأنني أجيدُ حمل الأطفال، حملتُكَ، كانت رائحة الباودر تملأ عنقك، وقدماكَ الصغيرتان بضّتين للتقبيل، ورائحة الطُهر والحليب، مع سنّ الذئب والخضرمة على صدركَ الواسع..
ثمّ كبرتَ يا "لولو"، لكنّك "لولو"، الطفل الذي نلاعبه، كنتَ مبتسماً في كلّ لحظةٍ من لحظات حياتكَ، وأتحدّى كلّ العشيرة، أنها شاهدتْكَ غير مبتسم، حتى وإن حزنتَ، فهو حزن المبتسم، أن يتجهّم الوجه مع ربع ابتسامة..
وكأنّ قلبكَ الأبيض كان منبعاً لكلّ طِيْب، إن كنتَ طفلاً، بقماطٍ بين ذراعيّ، أو طفلاً أسيرُ به إلى الأسواق في "حي أور"، أو شاباً، مراسلاً رياضياً، أشاهدُ ما ينجحُ به عن بعد.
قبل قليل، استخدمتْ أمّكَ وأمّي ذات المفردة، كانت أمّي تبكي، وأمّكَ بنبرة قرارٍ مرعبة، ويا لرعب قرار الثكلى، وهي تقول "وليدي"، نعشُكَ كان يدورُ قرب فضّة الأمير (عليه السلام) ليستقرّ قربَ عمّهِ الشهيد، وعمّه العليل الآخر، وجدّه الذي ما رفعنا قماشَ عزائه إلاّ مؤخراً.
تعوّدتُ أن أرثي مَن همُ أكبر منّي، كاتباً كبيراً أعدّدُ مناقبه، أو قريباً أسردُ ذكرياتي معه، لكن ياليتم لغتي هذه الليلة، وهي تتنقلُ بين باودر قماطكَ، وبين ابتسامتكَ، ونعشك الأخير.
منذ الصباح، وأنا أخاتلُ حزني كمَن يقطعُ تنفسه هرباً من ذئبٍ أعمى، لكنكَ تعرفُ، أكثر من غيرك، أن لا مهربَ من الحزن، وأنه الشعورُ الوحيد المستقرّ بين عواطف الإنسان، فهو الوحيد الذي يترسّب، عكسَ الفرح والغضب والحب والكراهية.
الآن أنتَ في رملتِكَ النديّة، قربَ الهواشمِ والفواطم، ستفِدُ وترى أم ستّار، في الفردوس، وهي تضعُ شايَها على النار لجدّكَ هاشم، ربّما ستكونُ مبتسمةً نصف ابتسامة، لأن ستّار ونضال بقربها، والنصف الآخر غاب، لأنها تعرفُ بأنّ أمكَ ثُلِمتْ ثلمةً بعد رحيلها هي، لا يسدّها شيء، فكيف وقد ثنّى القدر بك؟
سلّم لنا على أهلنا يا لولو، أقبّلكَ من رقبتك كما قبّلتكَ وأنتَ في المهد، وكما فرحتُ بكَ وأنتَ أطولُ منّي، وكنتُ أنتظرُ منك الكثير، لكن، ويالمرارة الـ"لكن"، تلكَ التي تبترُ المسرّات، والتي منعتْني من حمل أطفالكَ، كما حملتُكَ.
حسبُكَ أنكَ مررتَ في حيواتِنا كما تمرّ حلقومة بين قطعتي بسكت، مبتسماً، حبّوباً، بخدّين كبيرين، كانا يملآن نصفَ القماط، كما سيملآن الليلة، نصف القبر.
لم أكن أتصوّر أنني أحبّكَ لهذه الدرجة، ولا أن أنكسرَ عليك لهذه الدرجة، يا لولو، يا وسام محمّد الياسري، يا صاحب أجمل ابتسامة في العشيرة.

علي وجيه

22 Dec, 20:43


كلّ توحّشٍ في التاريخ، يُمكن أن يبرّره سيءٌ ما، حتى التوحّش ضد النساء، الشيوخ، أو المراهقين، لكن أسوأ البشر في الخليقة لم يجرؤ على تبرير أو قتل طفل كما فعل صدّام وأعوانه.
كلّما بلغت البشرية توحّشاً، يكون صدّام قد سبقها فيه.

علي وجيه

22 Dec, 20:18


ألم تتعلّم أن تقولَ "شكراً"؟
لهذا لم ترَ الطائرَ الصغيرَ
وهو يقفزُ على طاولتكَ
يشربُ الماءَ من قدحك،
يحدّقُ في العيون
ويقولُ "شكراً".
أنا، علّمني الطائر.

يانيس ريتسوس

علي وجيه

22 Dec, 20:18


قيلَ "إنّ لجسدكَ عليكَ حقّاً"، وحقّ الجسدِ إنهاكُهُ.
منذ فترة طويلة، ويومي يمتدّ عملاً فعلياً وحديثاً لـ١٦ أو ١٧ ساعة، حتى أسمعَ صريراً في ركبتي لكثرة القيادة، أو يشطرني الصداعُ نصفين لفرط المتابعة أو الكتابة أو القراءة، وتقريباً كلّ عضلة به، أعني جسدي، متشنّجة، ولا ينقذني منها سوى المعالج الرياضي في الحمّام الشعبي الذي أرتاده.
نومي قليل لدرجة أن بعض أحلامي مبتورة، ورغم هذا التوتر والإجهاد، لكنّني مسرور، لأن النوم والدِعة لا مكان لها إلا في القبر، وإن العُمر حبل يقرضه الليلُ والنهار، ولا يبقى منّا سوى ما ننجزه، فضلاً عن أن الإنهاك الجسدي هو راحة نفسية، فبعد أن عجزتُ عن مداواةِ نفسي بكل شيء، اكتشفتُ أن التداوي بالعمل هو الأنجع.
حقّ الجسد إنهاكه، حقّ العمر عصرُهُ واستخلاص تجاربه ومنجزاته.

علي وجيه

22 Dec, 20:18


أتذكرُ تماماً كيف صُعِقَ جيلي الشعريّ، ونحنُ نقرأ "افتحْ أبواب الليل"، المختارات الشعريّة لجويس منصور، الفرنسيّة - المصريّة، السرياليّة التي حيّاها بريتون أكثر من مرّة.
كانتْ بترجمة بشير السِباعيّ.
شاعرة غريبة، حادّة، تختلفُ سورياليّتها عن زملائها، بما فيهم ذوي الأصول العربيّة مثل جورج حنين، لكنّ تلقّينا، أو تلقّيي بالأقل، انقطعَ بذاك الكتاب، حتى سمعنا بصدور سيرتها بقلم الشاعر والتشكيليّ المصري محسن البلاسيّ، ولم أهتدِ إلى الكتاب الى الآن، قبل أن تفاجئنا منشورات المتوسّط بالأعمال النثرية الكاملة لمنصور.
ومشاريعُ كهذه، ليس لها إلاّ دورٌ بهمم عالية، مثل المتوسّط، وصاحبها الناصريّ خالد سليمان.
سردُ جويس منصور محتدمٌ مثل شعرِها، بمعنى أدق: نصوصها هذه التقاء السرد بالشعر بالمونودراما بالفوتوغراف بالتشكيل بالمسرح، بخلطةٍ كانت مميّزة حتى على السورياليين أنفسهم.
أجواؤها الغرائبيّة، لغتها الحادة، تراكيبها النادرة، جعلت هذا الكتاب خلْقاً جديداً لجويس منصور، القطعة الغريبة في الجدار الثقافيّ الأغرب، أعني السرياليّة.
شكراً للمتوسط، ولمحسن البلاسيّ، وأحرّضكم على قراءة هذه الأعمال.

علي وجيه

21 Dec, 11:17


لأنَّ النار قليلة، تزوّجَ الشاعرُ المدينةَ التي كانت تشتعل.

الآن بوسكيه

علي وجيه

21 Dec, 10:02


حديث حاد، مع الصديق زيد طارق..
على الرابط التالي:

https://youtu.be/hZTYwG0JM5A?si=AOXuM9YvrqyMn0Um

علي وجيه

20 Dec, 18:11


١٠ من مساء اليوم، على قناة الأولى، حواري مع الصديق "زيد طارق" في برنامج "حوار حاد"، ضيفاً.
وفي ١١ من مساء اليوم، على قناة دجلة الفضائية، حواري مع الروائية هاجر القحطاني، في #صالون_علي_وجيه.
لمَن يرغب 🌷

علي وجيه

19 Dec, 19:07


عن الواحد الذي لا يُمكنُ أن يكون اثنين، يقولُ مونتيني:
"إنّ صداقةً وحيدةً وجوهريّة تحلّ كافة الالتزامات الأخرى، فالسرّ الذي أقسمتُ ألاّ أفشيه لأيّ واحد، يمكنني أن أفشيه من غير حنثٍ لمَن ليس آخر، ما دام هو نفسه أنا، وإنه لأمرٌ رائع أن يتمكّن المرءُ من الازدواج والانفصام، وهو ما لا يعرفُ قيمته مَن يزعمون الانقسام إلى ثلاثة، فمَن له نظيره لا شيء يبدو له مغالاة، ومَن سيصدق أنني من بين الاثنين أحبّهما معاً على قدم المساواة، وأنهما أيضاً يحبّهما البعض البعض، وأنهما يحبّاني مقدار حبّي لهما؟ فها هو الشيء الأوحد والأكثر اتحاداً يتضاعفُ ليتحوّل إلى طائفة، وهو الأمرُ الذي يُمكن أن نجده في الدنيا".
مونتيني - المقالات، تـ: فريد الزاهي.
.
الفاتحة على روح واحدي، عليّ عبد الحسين الخزاعي (طاب ثراه).

علي وجيه

17 Dec, 13:16


‏قال أحدُهم برثاء كاتب:

‏استشعرَ الكتّابُ فقدَكَ سالفاً
‏وقضتْ بصحّة ذلك الأيامُ
‏فلذاكَ سُوِّدت الدّويّ كآبةً
‏أسفاً عليكَ وشُقّتِ الأقلامُ

‏الدويّ: جمعُ دواة. المحبرة.

علي وجيه

17 Dec, 11:23


قالوا: مشتْ
فالحقلُ من ولهٍ
متلبّكٌ
والقمحُ يكتنزُ
بُعثَ التناغمُ عبر خطوتِها
والهيدبى، والوخدُ والرَّجزُ
تومي، فيلتفتُ الغروبُ لها
من لهفةٍ ويتعتعُ العَنَزُ..
لفتاتُها تخِزُ
وقميصُها كرزُ
وجفونُها وترٌ
وأغنيةٌ صيفيّةٌ..

أدونيس

علي وجيه

15 Dec, 18:54


‏أعددتُ للناس إنْ جلّوا وإن صغروا
‏بِشْراً ببِشْرٍ وإعراضاً بإعراضِ

‏ابن حيّوس

علي وجيه

15 Dec, 17:02


انكبابٌ على الوجه
هبطتُ السلّم الطويل من الطابق الثاني إلى الأوّل في المقهى الذي أجلسُ فيه للكتابة والقراءة، وبمنتصف السلّم تماماً، انقطع التيّار الكهربائي.
ردّةُ الفعل الطبيعيّة العقلانيّة، أن يتوقّف المرءُ عن النزول والصعود، أو يخرجُ موبايله ليضيءَ طريقَ قدميه، أو قدّاحة، لكنني للحظة فكّرتُ: وماذا سيحصل إن كان نزولي مستمرّاً؟ رغم الأسود المُحايد المظلم، الذي يخلو من كلّ إضاءة.
نزلتُ، حتى اتسعت أخيراً مساحة خطوتي، فوصلتُ الطابق الأول، وعاد الضوء.
أحياناً، لا بدّ من خلخلة ما يتفقُ عليه الجميع، أو الذات بالأقل، للتوصل إلى نتيجةٍ مُغايرة، ربّما حصاة واحدة، يدوسها إطار سيّارة، فتقفزُ مثل نصف رصاصة، على رجل واقف على الناصية، لتفقأ عينه، فتغيّر مسار حياته، أو ربّما ذات الحصاة، تقفزُ باتجاهه، لتضربه في رأسه ويسقط، لتنقذه من رصاصة فعليّة، أو ربّما تقفز ذات الحصاة، من الأرض باتجاه زجاجة السيّارة التي تكونُ بعده، لتفطرَ الزجاج، وليضطرّ صاحب السيارة إلى استبدالها لدى مصلّح ابنه مريض.
خلخلة الثابت، وإمكانية السقوط من السلّم وكسر اليد أو القدم، أو ربّما نتيجة ثانية، هو ما يُمكنُ أن يصنع اختلاف النتائج، لا المتوقَع، المنطقيّ.
جلستُ إلى طاولتي، وأنا أفكّر بالآية القرآنية "أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ". وجدتُ نفسي أميلُ لمَن يمشي مكبّاً على وجهه، فالخوارزميّة الأخرى، خوارزميّة الصراط المستقيمة معروفة: ولادة، عبادة، الصراط، النعيم، لكن التخبّط بالظلام، والأخطاء، وما سوى ذلك، هو ما يصنعُ الفرق.
الصورة: إنصات لحديث الحبيب الفنّان محمّد كَاطع.

علي وجيه

15 Dec, 01:01


دنيا، ووراها الموت، وآنه أهتم الها؟
إشكثر ذلّت ناس! والله إلا أذلها!

عريان

علي وجيه

14 Dec, 23:49


هذا الشاب اللذيذ، صديقي..
إيهاب القيسي، مهندسُ مسرّات معرض العراق الدولي للكتاب، والداينمو العجيب في دار المدى.
في كلّ عام، أعيشُ عيداً شخصيّاً بحضرة جهوده، وجهود العزيزين: الأستاذ فخري كريم، ود.غادة العاملي، فضلاً عن كل الكوادر المشاركة.
شكراً للمدى كل هذا الجمال، بيتنا الثقافيّ المعرفيّ، لحظة انطلاقنا، ومثابتنا العُليا.
مبارك لنا هذا الجمال والنجاح المُستدام، بسعي إيهاب وفريقه.

علي وجيه

14 Dec, 10:09


درسٌ في الوثيقة الثقافية، المحبّة، من عبد الملك نوري مروراً بسعدي يوسف وفوزي كريم والبريكان ومحمود عبد الوهاب وليس انتهاءً بكوكب حمزة وصادق كويّش وصلاح چياد، مقالات ونصوص المعلّم #محمد_خضير، رشيقة، ذوات خيوط تصلُ كلّ شيء بكل شيء، يُقرأ بجلسة واحدة لكن تأثيره عجيب.

علي وجيه

11 Dec, 18:05


غداً، مع الحبيب زاهي وهبي.
شعرٌ وموسيقى بنكهة الأرز.

علي وجيه

05 Dec, 01:49


الألمُ علاجاً..
جرّب أن تضعَ كوبَ قهوةٍ ممتلئاً تحت صنبور، قهوةً تركيّة تحديداً، غامقة، وليكن الكوبُ أبيض، سيفيضُ السواد، وترمي ثُفلَها، ثم يخّف، من الأسود، إلى الجوزيّ الغامق، إلى البنّي، إلى الفاتح، قبل أن يتحوّل الماءُ ماءً، ويصيرُ بياضاً في بياضٍ في بياض.
وذواتُنا لا تختلفُ كثيراً عن هذا الكوب.
اختبرتُ، قبل العام الماضي آلاماً، كنتُ أظنّها آلاماً كبيرة، لكنّ الألمَ الذي اختبرتُهُ في العام الماضي، كان شديداً لفرط اختلال الذات، وانقلابِها إلى شيءٍ آخر لا أعرفه، كانت تلكَ لحظة فتح الصنبور، صنبور الألم، على الذات البيضاء.
وامتدّ، طويلاً..
قال لي مرّة صديق تم اعتقاله: في التعذيب، تؤذيك الضربات الثلاث الأولى، ثمّ يخدر الجلد، والبدن، تذكرتُ حينها مشاهد من جرائم زبانية صدام في المعتقلات، يتوسّل المعتقل بداية ضربه، ثمّ يستكين، يضربهُ العسكريّ، ولا تصدر منه نأمة، لا ولا حتى اعتراض.
الألمُ حين يفيض، إلى حدّ كبير، يتوقّف تأثيره، يصنعُ منكَ جثَة بعقل، كوبَ ماءٍ أبيض مليئاً بالماء، الألمُ القليلُ: قهوة.
بعد أن تذوّقتُ ما ملأني في العام الماضي من ألم، أشعرُ أن لا شيء باستطاعته إيذاء ما تبقى مني، لأن ما تبقى هو: جثّة وعقل.
لا الجثة تموت، ولا العقل يتألم.
الألمُ إن فاضَ على ذاته: يُربّي.
الألمُ معلّم عملاق.

علي وجيه

01 Dec, 07:44


قليلاً ما يجودُ لكَ الزمانُ بصديقٍ تأنسُ إليهِ روحكَ إنساناً، وتتكئُ عليه روحُكَ المُنهكة طبيباً، ويعطشُ عقلكَ لِما يكتبُ ويترجمُ كاتباً ومثقّفاً جادّاً مُنتِجاً. الحميد، الخالي من الشوائب، د.حميد يونس.

علي وجيه

30 Nov, 21:58


اليوم، أكملت العزيزة الفذّة حوراء النداوي كتاباً جديداً.
ليس روايةً، وإن انتظمَ سردياً، لكنه يعالجُ، عبر شخصيّاتٍ نعرفُ بعضها، أزمة الهويّة، من الشرق إلى الغرب.
أكرمتْني بقراءة مخطوطته، وأزعمُ أنه كتابٌ جديدٌ على الثقافة العراقيّة.
وهي كما هي، حادّة الذكاء، على أدقّ التفاصيل، بلغةٍ تنسابُ كالحرير، ضمن انتظامٍ منهجيّ معلوماتيّ بذات الوقت، دون أن يتحوّل الكتاب الى كتابٍ سرديّ، ولا إلى كتاب تنظيريّ.
بكلّ صدق أقول: حاولوا أن تقرأوا كتاب حوراء النداوي المقبل، فور صدوره.

علي وجيه

30 Nov, 21:03


آن لكَ أن ترمي ساطورَكَ الصوابيَّ جانباً.
آن لكَ أن ترتاح من المسطرة الحادّة، دع خوارزميّة الساوند كلاود تسمعكَ أغانيَ تافهة، لم تكن بأيّ طريقةٍ من الطرق لتسمعها، لن يختلّ نظام العالم، دع الخوارزميّة تتجوّل في ذهنك، لا توقفْ الأغنية لتركضَ باتجاه مَن تحبّ سماعهم. انصتْ لمَن يرتكبُ الفاحشة ضدّ المنطق وهو ينظّر بما تعرف، واكتفِ بجملة "نعم، طيّب، أتفق"، دع الحماقةَ تسيرُ بثوبِها المُهلهل كما هي، اتركْ المشاكل العالقة التي تعجزُ عن حلّها، لأنكَ تعجزُ عن حلّها، اهملْ أعداءكَ، لأنكَ آذيتَهم جدّاً بعد أن آذوكَ جدّاً، واسحب سيجارتكَ ودخّنها بكسل، ولا تضطرّ نفسكَ لأعلى درجات المحبّة والعطاء، لأنها مُنهكة وإن كانتْ لمَن يستحق..
دع حياتكَ، السيّارة، تسير كما تشاء، إن وقفتْ بسلام: دعها، إن ارتطمت بعمود كهرباء، دعها، بكلّ الأحوال: ارمِ الساطورَ الصوابيّ، واسترحْ قليلاً..

علي وجيه

27 Nov, 22:10


ليسَ وجهَكَ لوحدك، أنتَ تعرف هذا، إن حلقتَ شعرَكَ صفراً، واستعجلتَ الصلعَ الذي يتمشى وحدك، ستكونُ جدّك. بنظّارةٍ أنت الخال رقم ٣، وبدونها الخال رقم ٢، إن طال شارباكَ نيتشوياً ستكون العمّ رقم ٢، وإن كانت لحية خفيفة فأنتَ العمّ رقم ٥، وإن طالتْ فالعمّ رقم ٥.
إن حلقتَها كلّها، ستكون الخال الأصغر، إن مازحتَ أحدهم وارتديتَ حجاباً ستكون أمّك، صوتُكَ صوتُ أبيك، حركاتُكَ مزيجٌ منهم، نومتُكَ نومةُ عمٍّ قلق، طولُكَ طولُ جدّك، ضحكتُكَ الكاذبة ضحكةُ خالكَ الراحل، ضحكتُكَ الصادقة لم تُخلَق بعد.
كلّ نظرة في المرآة هي آخرون يتكررون، وأنتَ موزّع بينهم، لا شيء منكَ فيك، أوحد، نسخةٌ متكررة سالت من الأصلاب والأرحام، تلك التي تكرّرنا مثل أجهزة الآيفون.
تلكَ الندبةُ البشعة، في الذاكرة، هي ما يميّزكَ، وبكل الأحوال لا يراها سواك.

علي وجيه

27 Nov, 14:35


عدسة: محمود رؤوف.

علي وجيه

27 Nov, 13:21


كان هذا مكتبي في صحيفة المدى، عام ٢٠٠٩ تعلمتُ عليه تحرير الأخبار على يد محمد الذهبي.
كنتُ أنمو وسط جيل عملاق من فناني الصحافة العراقية، بمختلف تواجهاتها: الرائد فائق بطّي والست ابتسام عبد الله (طيّب الله ثراهما)، ثم الأساتذة: حميد قاسم، نزار عبد الستار، علاء المفرجي، وارد بدر السالم، علي حسين، يوسف المحمداوي، وآخرين كثر، فضلاً عن زملاء وزميلات أكارم مثل نصير العوام، هشام الركابي، محمد مزيد، عامر القيسي، وائل نعمة، بشير الأعرجي، غزوان؟، عمار كاظم محمد، عباس الغالبي، وغيرهم، يحتفظ لهم العقل والروح بأجمل الذكريات.
أعتذرُ عن عدم ذكر الجميع، فهم كثر، نجوم الصحافة العراقية.
مشاعرُ متضاربة، عن زمن ذهبيّ مضى سريعاً.

علي وجيه

24 Nov, 20:56


عن الشامة فوق ذال "ذي قار"
.
لو أنَّ اللهَ قلبَني نسراً، وهبطتُ، من أعلى جبلٍ أسكنُ قربَهُ، وأنا أشقُّ الهواء إلى الجنوب، حيثُ ترتوي الروحُ بكلّ ما فيه، وأمرّ، وأنا أسمعُ اللكناتِ واللهجاتِ، ثمّ أمرّ ببغداد لأنعطفَ باتجاه الجنوب، إلى هُناك، إلى التي أكبر من التسميات، هل سأظلُّ صقراً؟
الترابُ أصفرُ، لكنّهُ يهمهمُ، ويالتلك الهمهمة، يالذاك الصوت الذي ينغرزُ في الرملةِ الصفراء، طبقاتٌ متعددة، من كلّ شيء، طبقات لا نهائيّة، طبقات تبدأ ولا تنتهي، حتى حاضرُها طبقات.
وصلتُ، أنا النسرُ المنهك، ووقفتُ على أوّل قوسٍ في التأريخ، كانتِ البشريّة مربَّعة، حادّة، حتى ظهرَ معماريٌّ مجنون، وقال: لأقلبَ الطابوقَ قوساً، وصنعَهُ في معبد (دب لال ماخ)، ومُذ ذاك: تقوّس ظهرُ التأريخ، وانحنى على تلك المدينة اللابشريّة، تلك التي حين تضجرُ تصنعُ الآلهة، وحين تغنّي يصمتُ العالم من أقصى المعابد اليابانيّة، حتى الشاعرين بالبرد في القطب الشماليّ.
النسر مُنهكٌ، لكنّهُ يشمّ رائحةَ البنّ المرّ، من بيت قصب، حطّ النسرُ على مشحوفٍ، يمشي بتؤدة، يظهرُ رأسُ جاموسٌ من الماء، يقولُ له الفتى الأسمر: هوياييييي هممم، فيقدمُ إليه، وبيتُ القصب يرمي للنسر، الذي صارَ شاعراً مُنهكاً، ما تيسّر من سيّاحهِ وطابكَهِ وشانكَهِ وزوريّهِ وخشنيّه، بأعظم ما خبّأهُ الصفّاطة لمحبّي السمك، بأجمل ما خبأهُ أصحابُ المشاحيف من أزرق لا يرتبطُ إلاّ بالسماء، يجفّ ويعلو، لكنّهُ يبقى، منذُ أن فتقَ اللهُ هذه الأرضَ ماءً، ثم رتقها شعراً.
ثم يرتقي، الشاعرُ المنهكُ، تلكَ الزقّورة، ليسمعَ همهمات المعبد، الإله بنسختهِ الطريّة، تلك التي أسكرت طه باقر، وسكرَ معها الشاعرُ كما يجب، حيثُ كلّ شيء تلك السلالم المؤدية إلى المُطلق، المُنتهى، الذي لا يصل إليه أحد، ويصل إلى كلّ أحد.
سُمر الجباه، لا يُشبههم أسمرُ في الجنوب، حادّون مثل نصل، وأرقّ من عباءة أمّ تغطّيكَ ظهراً، يعرفون كلّ شيء عن كلّ شيء دون أي يعرفوا، لأنّ لديهم الأصل: أصل كلّ شيء.
الناصريّة..
عنّت عليّه
الكَلب يهواهه وأنا شطايح بديّه؟!
أمتزجُ بالرمل، بفرقعةِ الملاعقِ باستكانات الشاي، ليطلّ عليك ١٠ آلاف شاعر، كلّ شاعرٍ منهم يكتبُ ألف أبوذية، كلّ أبوذية تحيلكَ نثاراً، يُنهيكَ، عن حبيبةٍ قاسية، وعن وطنٍ لا يرحم.
السلامُ على ذي قار، طِر أيها النسر، طرْ فوقَ مضيف ثامر آل حمّودة، لتسمعَ فاكهة الكلام، واهبط على مقهى إبراهيم طلب وهو يمنحكَ استكان الشاي مع دمعة، اذهب لبيت داخل وناصر، غنّ معهم حتى يتساقطَ ريشُكَ، طرْ واهبط على بيت صباح السهل، أجمل معدومٍ في العالم، ودوزنْ عودَ طالب القره غولي الأخير، قبل أن يموتَ بين أهله، بعد أن قضى عقوداً غريباً في كلّ مكان، ابحث عن دفاتر كاظم جهاد في المراهقة، وعن بكاء السيّد على دندوشة، غنِّ بطور الصبّي، ابكِ كثيراً، وارفعْ رأسكَ أيها النسر، حلّق عالياً، كي تصلَ بعضَ ذي قار.
طر، واهبطْ في الزمان تحت عصا أبو معيشي، لتمسّك نارُ مخبز عقيل علي، وصوفيّات رشدي عبد الصاحب، وطر إلى الأعلى، إلى السماء الخامسة، فنعاوي الموشومات، الحنينات، الكريمات، تتسامى مثل العطر فلا تجدها في الأرض، واهبط، واحفر الأرض، حتى تجدَ رقيماً طينياً يتحدّث عن شاعرٍ منهكٍ، كان نسراً منهكاً، وما رمّ عظمه، واجتمعَ ريشُهُ إلاّ بذي قار.
السلامُ على ذي قار وهي تغنّي، وهي تمزجُ الليلَ بالخمرة، والنهارَ بالحزن، السلام على مواكب الشور، السلام على تشرينها، السلام على حشدِها، السلام على حيادِها، وعلى رأس نصلِها، السلامُ على كلّ شيءٍ فيها كان كثيراً، حتى ليبدو أكثر من أيّ بقعةٍ أخرى.
السلامُ على كلّ بيوتِها، ورجالها ونسائها، أكارم وكريمات، يطعمونكَ الأبوذيات والبكاء والغضب، ويطعمنكَ الحنّية والخبز والسمك، ثمّ يعتذرون عن التقصير.
يا أبناء الآلهة، يا تمام خلقة العالم، يا آخر حَسِنٍ في كلّ شيءٍ حسن، يبدو العالمُ صغيراً بشكلٍ مبالغٍ به أمام ذي قار.
هلاّ صرتِ، مدينةً بشرية، كي نتمكن أن نكتبَ عنكِ مثل البشر؟ يالهذه المدينة، التي ندخلُها صغاراً، ونخرجُ منها كباراً جداً، محمّلين بالقُبَلِ والأحضانِ وما لا يُجازى أبداً.
السلامُ على ذي قار، ما بقيَ سلامٌ وليلٌ ونهار، السلامُ عليها مُنذ أن قال لها الله "كوني" فكانتْ، وكانت البشرية، وحتى تغلقَ باب البشرية قبل يوم القيامة بدقيقتين.
السلامُ عليكِ وأنتِ أكبر من اللغة الصغيرة، تلك التي اخترعتِها حين شعرتِ بالضجر، السلام عليكِ يا ستّ الدنيا، وأمها.

علي وجيه

علي وجيه

22 Nov, 01:00


استفتاءات لا قيمة لها، من جهاتٍ لا وجود لها على أرض الواقع، تضعُكَ مع زملاء محترمين فضلاً عن النطيحةِ والمتردية وما أكل السبع، ثم يقوم الموهومون باستخدام "رشق" وهميّ، من أجل أصوات وهمية، لفوزٍ وهميّ، لا قيمة له.
سياقٌ رثّ وسخيف، يتمّ التمسحُ أثناءه، بالمسؤولين والسياسيين.
#قردة

علي وجيه

21 Nov, 00:36


انمتَن، بزر إنفاس، يلعي وأفر بيه
هيچ آنه گلبي اعليك جيب اليداويه
أبو معيني

علي وجيه

20 Nov, 14:50


مع اياد عبد الله الاسدي

علي وجيه

19 Nov, 22:31


عن الرويشد، والرينو، والكرسيّ المصنوع من القلوب
.
عام ٢٠١٦، كنتُ أمتلكُ سيّارة مضحكة: رينو ديستار، وهي سيارة عجيبة، وبالنسبة لأمّي في الميكانيك والكهربائيات، فقد أرتْني الجحيم من ١١ محوراً، إلاّ مرةً: حين عطلَ مسجّل السيارة.
ولم يعطل المسجّل إلاّ وبداخله سي دي يضمّ نحو ١٤٠ أغنية لعبد الله الرويشد، الذي أحتفظ له ولعشرات المطربين في ذلك الوقت، بعشرات السيديهات كما يعرفُ أصدقائي، كانت سيّارة تضمّ داخلها نحو ألف أغنية.
دخلَ قرصُ الرويشد، ولم يرضَ بالخروج، ولأنني كسول، ومشغول، وأحبّ أن أستمع للأغاني لاحتمال ازدحامات بغداد، بقيت ٦ أشهر لا أسمعُ في تجوالي سواه، فسمعتُهُ بطريقة منهجيّة.
أعرف الرويشد كما يعرفه الجميع، مَن سبقني، وأبناء جيلي، ومَن تلاني، لكن التوغّل بالرويشد، رحلةٌ ساحرة، تجعلُهُ أكثر من مطرب، وكأنه أخوك الذي تحبّ وتحترم، ويغنّي لك.
هل قلتُ سابقاً، أنني أحببتُ لأنني استمعتُ له؟ والمفارقة، أنه ودون كلّ المطربين الآخرين: يقدّم وصفةً كاملة لكل علاقات الحب، بكلّ حبورها وسوئها، بكلّ سحرِها وسمّها، بكل خياناتها ووفائها، إن عشقتَ وأنتَ بدويّ ستجدُ للرويشد شيئاً عن حبّ البدو، وإن كنتَ يمنياً، أو عراقياً، إن كنتَ ذائباً بمَن يستحق، أو تحبّ مَن لا يستحق، إن اعتذرتَ وإن طالبتَ بالاعتذار، إن اشتقتَ أو أدرتَ وجهك، ستجدُ أغنيةً عجيبة ترتديها مثل قميصٍ مفصّل عن كل حالةٍ بالحب، وأزعم أن ليس لغير الرويشد هذه الميزة.
والميزةُ الأخرى، لهذا الرجل الكريم المحترم، بشواربهِ الرجولية، غير المستفزّة، فهو رجلٌ طبيعيّ، لا يتميّع، ولا يبالغُ بالاسترجال، فهو رجلٌ طبيعيّ، ليس حزيناً أكثر من اللازم، وليس فرحاً، وكأنّهُ يكتبُ مذكراتِنا جميعاً في أغانيه، الطبيعية، التي تشبهنا.
وهو حجرٌ كريم، يمرّ عليه الملحّن، فيبقى الرويشد كما هو، فهو عندَ فاروق هلال رويشد، ولدى أنور عبد الله كذلك، بل يمرّ به بركانٌ عملاق مثل أبو بكر سالم، أو عاصفة من الخصوصيّة مثل عمّار الشريعي، لكن عبد الله يبقى كما هو، لهُ جزؤه، ولهم خصوصيّتهم، لكن إن لحَّنَ هو نفسه، يكونُ عبد الله، فيصبغ الآخرين بلحنه، جرّبوا أن تسمعوا مجدداً "لِما قلبي" لأحلام، سترونَ حتى عِرَب الرويشد بحنجرتها، بل أكادُ أن أراها بشاربين وابتسامة تحتها أسنانٌ بيضٌ ناصعة.
لكنني أحذّركم، أيها العشّاق، المستوحشون، المشتاقون، أن تبتعدوا عن الرويشد بشكلٍ فوريّ إن انضمّ إلى اسمه: خالد الشيخ وفتحية عجلان، سترون ما هو أقسى من الخنجر، وأرقّ من قطرة الندى، وبأغانٍ لن تجدوها عند الرويشد نفسه.
المبتعد عن القيل والقال، المُحبّ، ساندُ أبو بكر سالم في شيخوخته، ومحتضن مطرف المطرف، الخيّر، ابن الأصول، ذو الأخلاق الرفيعة، شقيقُ الفنانات وصديقهنّ المحترم، قدّم لنا قطعةً سلوكيّة أخلاقية في جميع حواراتِهِ، ما سفَّ في كلامه، وما استغلّ عداوة، وما حاول أن يركبَ آخر كي يُعلي من كعبه، فكعبُهُ عالٍ، وقلبه أبيض مثل غترته.
بعد أن عاد بقوّة صوته، خارقاً أسطورة العمر والقوّة واللياقة في "ما أناديلك"، مرضَ الرويشد، فسندتْهُ القلوب، وكان كرسيّه المتحرك مصنوعاً من قلوبنا، من كلّ "أحبّك وأحبج"، وصولاً لـ"توحشّتك بزّاف"، وما بينهما، كل ابتسامة عاشقيْن، وكلّ دمعتين، كانتا برعايته، قلوبنا الصغيرة كانت تطرّز دشداشته البيضاء، وسيرته.
شكراً عبد الله الرويشد! كم جعلتَ العالم أجمل بوجودك حبيبنا، لكَ السلامة والعافية، وعسى أن أتوفق بحلمٍ مؤجلٍ منذ عقد: أن أكتبَ سيرتك الذاتية، العصاميّة، المليئة بمُنجز سيصعب كثيراً تجاوزه.

علي وجيه

18 Nov, 11:18


هذا الكتاب أحبّ لي من سبيكة ذهبٍ ضعف وزنه، ديوان حسين المحضار، الشاعر اليمني الكبير، والملحّن الفطريّ، صاحب لآلئ وجواهر أبو بكر سالم وصالح زيمان وكرامة مرسال والرويشد ومحمد البلوشي وغيرهم.
هدية من ابن قلبي شبر، نفعت تربيتي 🤓

علي وجيه

17 Nov, 12:38


"هل أنتَ مكتئب فعلاً؟"
حلقة رائعة من بودكاست فنجان، مع الدكتور أحمد الشايع أستاذ علم النفس المرضي في جامعة الملك سعود، ورئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لعلم النفس.
تفكيك كثير من الأوهام التي تحيط بنا، وفرز الاكتئاب عمّا سواه.
حلقة نافعة فعلاً.
https://www.youtube.com/watch?v=IDbMd2cVA8I

علي وجيه

17 Nov, 11:41


وبصيرُ الأقوامِ مثليَ أعمى
فهلّموا في حندسٍ نتصادمْ
#المعري
.
اللوحة: أعمى يقودُ عمياناً
لـ: بيتر بروغل الأب.

علي وجيه

16 Nov, 21:08


كلّما هبطَ عليَّ وطواطُ وحشتي، لأسبابٍ أوّلها عندي وآخرُها عندي، كنتُ أفكّرُ بشخصيّات إدوارد هوبر، الفنّان التشكيليّ الأمريكي، كان يرسمُ كائناتٍ وحيدةً، بشوارعَ فارغة، ومدن هادئة، أو مقاهٍ لا يحضرُ فيها أحد، أفكّرُ فيهم أكثر من متوحّشي مونخ، أو باكيات بيكاسو، أو حتى إشارات تابيس غير البشريّة.
هوبر، كانَ يُشيرُ للوحشة دون أن يصفَها، للوحدة، للنَفَس الذي لا يحسّ به سوى صاحبِه، أفكّرُ، بطريقةٍ فانتازيّة، أن أجمعَ يوماً ما كلّ كائناته الوحيدة، مع وطواط وحشتي، لنتحدّثَ طويلاً، عن الوحشة التي لا يلمّها كانفاس، ولا يُدركُكها آخر.

إدوارد هوبر: مكتب في المدينة الصغيرة. متحف المتروبوليتان.

علي وجيه

16 Nov, 19:21


الشاعرُ الذي يرسم، والتشكيليّ الذي يكتبُ الشعر، يحيى البطاط، ضيف #صالون_علي_وجيه، بحلقةٍ ساحرة..
استمتعوا بهذا الحديث اللذيذ..

https://www.youtube.com/watch?v=EmhX1cL7rEw

علي وجيه

15 Nov, 16:46


أين مضت ظاهرةُ الآباء والأعمام والأجداد؟ أولئكَ الذين كانوا يجلّدون الكتبَ مذهّبةً كعباً قاسياً ليحفظها من التلف؟ ويجمعون أجزاءها بمجلد واحد؟ بل أين اختفى المجلّدون؟ وتلك الأزمان الأنيقة؟
ثلاثية نجيب محفوظ بمجلد واحد، نجيب "محفوظ" فعلاً بهذه الطريقة الأنيقة التي لا تشبه زمننا الرثّ.

علي وجيه

15 Nov, 12:44


نصوص
.
(موندريان في غزّة)

المُربَّعُ الأزرقُ
حوصِرَ بحراً
- ما أشدَّ أن تحاصرَ الأزرقَ بالأضلاع المُتساويةِ –
والأصفرُ
لا يُسرُّ ناظراً.
الأسودُ مُحايدٌ
فهو سيّدٌ
للألوانِ وغير الألوان
وحدَهُ الأحمرُ، يمتدُّ، ليكونَ كلَّ اللوحةِ
ويسيلُ، مُستمرّاً، خارجَ الإطار.
***
أربيل ٣:٠٠ صباحاً

رغمَ أنَّكَ نسيتَ ارتداءَها
أعني: الكِنزةَ الكُحليّةَ
ونسيتَ، ساهماً، زجاجَ السيّارةِ جرحاً مفتوحاً
ليَدخُلَ الهواءُ الأزرقُ سكاكينَ.
ورغم أنَّ الأغنيةَ
كانتْ تتحدثُ عن الصقيعِ البعيدِ
وعن الثلجِ الذي ما توقَّفَ عن السقوطِ
مُنذ أيّام.
رغمَ أنَّكَ أشيبُ اللحيةِ
مثلَ دبٍّ استيقظَ من سُباتِهِ
رغمَ تحذيرِ الأنواء الجويّةِ
الذي حرّضكَ على ارتداءِ الملابسِ الثقيلةِ
وكان يعني: الكِنزةَ الكُحليّةَ التي نسيتَها
ورغمَ عودتِكَ للفندقِ الرخيصِ
وفراشِهِ الباردِ
إلاّ أنَّ جمرةَ صدرِكَ المُستعِرة
ظلّتْ تتأجّجُ
حتى الخيطِ الأبيضِ من فجرِكَ الأخير.
***
حصاة
إلى: تشارلز سيميك

ليستْ وحيدةً، بالمرّةِ
مثلَ أرملةٍ عجوز.
ليستْ ضاجّةً أبداً
مثل نجمةِ تلفزيونٍ
وهي تضيّعُ العاشقَ الأخير
بين العابرين.
ليستْ حزينةً مثلَ بابٍ صدئٍ
ولا فرحةً، مثل وسادةٍ ضمّتْ ألفَ قبلةٍ بليلةٍ واحدة.
هي مجرّدُ حصاةٍ
في نهرٍ
حياتُها، إن كانَ لها حياةٌ
حياديّة بشكلٍ مريض
حياديّةٌ لدرجةٍ كبيرة
كي نكتبَ عنها
- نحنُ حصى اللغةِ –
ما نشاءُ حين تفقِدُ أيادينا الكِناية.
***
ذِكرى
الجميلةُ القديمةُ
التي صارتْ جدَّةً مُنذ عقدين
كتبَ عنها كلُّ الشعراءِ الكبارِ
الذين وضعوا جمرةَ اللغةِ بجيوبنا
بعد أن عشقوها.
كتبوا أغانيَ ونصوصاً وخيباتٍ
عن كُحلِها
وآخر كسرةٍ بتنورتِها
والشَعرةِ الأخيرةِ من رمشها الأيسرِ
ومضوا.
وحينَ عشقنا
وردّدنا قصائدَهم
وأغانيهم
كانتِ الجميلةُ القديمةُ تراها
وتسمعُها من أصواتِنا المبحوحةِ
قبلَ أن تلتفتَ إلى جدارِ صورِ الأمواتِ
وتبتسم.
الجميلةُ القديمةُ
التي أحبّها الجميعُ
ستلتمعُ عيناها لعقودٍ
قبلَ أن تمضي، حاملةً أسرار الجدارِ الأخير.
***

أربيل
١٥-١١-٢٠٢٤

علي وجيه

14 Nov, 10:48


هذا فرقُ أبي فراس عن أبي الطيّب، كان أبو الطيب يحزن بدلاً عن سيف الدولة، ويفتخر، ويشتاق، وكل مشاعر أخرى، لكنّ أبا فراس كان يصدقه القول، ويتعامل معه بوصفه بشراً، كي يضعَ كلّ شعور في موضعه، أيّ راثٍ يوصي المُعزّى بالحزن غير الذي يريد للحزين أن يتمّ حزنه ليغادره؟
لله درّ أبي فراس ما أصدقه!

علي وجيه

13 Nov, 20:26


ألفُ طريقة لتلقّي بيجاما

..أو "بُجامة"، وفي المفردة الإفرنجيّة ينبعثُ منها ملمسُ الحرير، واللونُ الزاهي، وفي الثانية شيءٌ كالحٌ من التسعينات، ما زلتُ أذكرُ أوّل مرة سمعتُ المفردةَ طفلاً، ضحكتُ، كانت مفردة مضحكة في التلقّي الأوّل، لكنّ تكرارها، قبل مرحلة "التراكسوت"، أو "التراك" اختصاراً، نزعَ عنها الانطباع المضحك، وبقيتْ كلمةً محايدة، بكثيرٍ من الشقوق والثقوب.
وبالنسبةِ لطفلٍ كبر في مدينة الثورة (الصدر حالياً) فإنّها كانت الزيّ الموحد، يختلفُ قطعياً عمّا يتحدثُ به أعمامنا وآباؤنا عنها بيجاماتهم، فتلكَ "بازة"، وما نرتديه غير ذلك، ثمّ يعدّدون مناقبَها كما لو كان لها هيبةُ قميص يوسف أو عثمان، أو طيلسان سليمان أمام بلقيس، فبيجاماتهم كان لها كيسٌ خاصٌّ للدعابل، يأتي به الأبُ والأم من "الأورزدي – الأسواق المركزية"، بيجامات بيْض بخطوط سمائيّة أو حمراء، يضعُها الأطفال الذين كبروا حين ولدنا قرب رؤوسهم بليلة العيد، لـ"يكشخوا" على بعضِهم في أزقّة المناطق الشعبيّة.
لكن بيجاماتنا لم تكن كذلك، كانت كالحة، وكانت الكبائر فيما يخصّها هو أن تُثقب من جهة الرُكبة، أثناء لعب الكرة، كي لا تضطرّ الأمّ لرقعِها، أو ينهرك أحدٌ "لا تفتح قدميك أثناء رمي الدعبلّة كي لا تنفتقـ[كَـ]"، وهي الملبسُ الوحيد الذي ينطبقُ عليه جميع ما يتعرّض له القماش، فهي: تنفتكَـ تنزرف، تنشكَـ، تنسلت [إن مزحَ ثقيلُ دم مع طفل مؤدب]، تجولِح، إلخ.. ولا تستطيعُ قولَ هذا عن البنطال مثلاً، أو القميص.
البيجاما فردٌ من العائلة، ينتقلُ بين الأخوة، وحين تصل إلى الأصغر تُنهَكُ، وتتحوّل إلى قطع قماش لمسح الطبّاخ والكاونتر وتنظيفهما، لتتركَ الأمّ كثيراً من خطى الطفولة على أثاث مطبخها.
تبقى محاذيرُ البيجاما وقتَها، هي أن تنحني على "الدعبّلة" فيظهر الجزء العلويّ من المؤخرة، كأيّ مصلّح بواري، أو شخص يواجه إطار سيّارته المثقوب، أو أن تتمزّق من ناحية العضو، ليظهرَ منكَ ما تُخفيه، حتى تتعرّض للصفعات قبل أن تخيطها أمّك، وبالغالب يكونُ الخيطُ بلونٍ لا يُشبِهُ البيجاما.
كبرنا، واكتشفنا بيجامات عديدة: بيجاما رشدي أباظة أمام شادية وهي تغنّي له "وحياة عينيك"، بيجاما الوافد من الصعيد إلى القاهرة قبل أن يزوره الأب القاسي فيقول له "بيجاما إيه يا بَجَم؟"، أو بيجاما ليلى علوي حين تزحفُ عيوننا إلى ما وراء الزرّ الأعلى، لكنّ البيجاما الأنثوية لا تأتي باسمٍ مُحايد وإنما "بيجاما مال نوم" للإشارة لمهمّتها الكبرى، أن تُخلَع، ناعمةً، لتسقطَ جانب السرير.
يبتعدُ عنها الشعراء والقصّاصون، ربّما أستثني تلك البيجاما التي تشفي المريض عند نزار عبد الستّار "بيجاما حمراء بدانتيلا بيضاء"، وربّما أستثني نزار قبّاني، ربّما كتبَ عنها، لكنها – ورغم دخول مليارات العناصر – في الشعر الشعبي العراقي، لم تدخله، لا أنثوية ولا ذكورية.
لكنّ بيجاما الكائن، كانت بيجاما غريبة، في ليلة بغداد، حتى رسمها ذات يوم، في تخطيط ضمن دفترٍ فنّي، كانتْ بيجاما أبيه، تلكَ التي نسيَها مرّةً في شقّته، فارتداها الكائنُ المرتعب، من ليل بغداد، والوحدة، والفقدان، وكأنه يُدخِلُ نفسَهُ في خطى أبيه، القويّ، الذي واجه وحوشَ ليله ونهاره كما يجب، بتعبير سركون بولص.
للبيجاما وجوه تأويل، وطرق نطق، وتعاطٍ عديدة، لكنّ أبرزها هي أنّها تتحوّلُ في كلّ سياقٍ إلى شيءٍ مغاير، بطريقةٍ عجيبة، فوجودها على طفل، غير امرأة، وفي منطقة شعبيّة غير منطقة أرستقراطية، وعلى امرأة فرحةٍ أو دافئة، غيرها على كائن مكتئبٍ وحيد في ليل بغداد العجيب.

التخطيط: صفحة من دفتر "عن عين لا تنسى ويدٍ لا تتذكر"، ٢٣*١٦، أحبار على ورق فابريانو. الدفتر من مجموعة الفنّان وضّاح مهدي.

علي وجيه

13 Nov, 13:23


في زمن الريلز والتغريدة، لماذا تكتب نصّاً واحداً من ١٣٠٠ صفحة؟
عدنان الصائغ يجيب في #صالون_علي_وجيه.

علي وجيه

12 Nov, 17:20


عن قمر العروبة وآخر الرفضة أبي هادي (طاب ثراه)، كلماتُ السيد الوالد بصوت المنشد حسين الأكرف.

علي وجيه

12 Nov, 16:20


يفتحُ المرء عينيه، بمنبّه أو بدون ذلك، وهو محاط بكل عنصر آمن: استلقاؤه جنينيّ، بطانيّته المفضلة أو شرشفه، وسادتاه، الإضاءة الخافتة أو الظلام محفّز الميلاتونين، لكنه لن يكون محظوظاً ويكتفي أن يبقى في هذا الحيّز البشري الآمن، لكن عليه النزول ومواجهة العالم، حياته، الآخرين.
تملّكتني رغبة اليوم، عملاقة، بعدم مغادرة السرير، أن أبقى صانعاً من البطانية ما يشبه صدفة السلحفاة، لكن الأمر يختلف عن الاعتذار عن الذهاب إلى المدرسة، وأن يكذب الكذبة الطفولية الموحدة على الأم "بطني توجعني"، لأنكَ كبرتَ يا هذا، وهذه حياتُكَ التي لا ترحم أنتَ قائدها وعبدها بوقتٍ واحد.
لا يعيش مَن لا يمتلكُ حظّ عدم مغادرة السرير، بلا سبب، ليومٍ واحد بالأقل، لا يعيش مَن لا يمتلك رفاهية إغلاق هاتفه أو أن يكون وحده، لا يعيش مَن يتصوّر أنه يحرّك حياته ويسيطر عليها، لكنه في الواقع مجرد هامستر في عجلتها القاسية التي لا تتوقف إلا بالقبر.

علي وجيه

11 Nov, 23:25


حبيبنا أبا هادي، يُقال، إنّ هذه الصورة لأبيكَ، وهو يقبّلُ جثمانك.
يا له من محظوظ! أعني أباكَ الكريم، أنجبكَ من صلبهِ، يا أكبرَ العرب، ويا درّة تاج حرف الضاد، ثمّ رآك وأنتَ تستقيمُ جداراً ضدّ اللقطاء، ثمّ كان محظوظاً أن يقبّلكَ في نحرك.
لا يقبّلنا من نحرِنا إلاّ مَن يحبّنا كما يجب، ومَن نحبّه كما يجب.
يا صاحبَ الكفن الأغرب، بكل حجمه العملاق الذي يشبه طبعةً بيروتيّة أنيقة من "بحار الأنوار"، بكل السروّ الذي فيه، بـ"الململ" الذي تحتجبُ وراءه الجميلاتُ خوفَ قرصات البعوض، إنّ قبلةً على نحركَ، لهي ألذّ من عيون الحبيب، ومن أصابع أطفالنا، رضّعاً، تلتفُ على سبّاباتنا.
إن كان هذا الجثمانُ لكَ أو لا، أخبركَ قد تعدّى اليوم الأربعون، وما زلنا حزانى، رغم أن أبناءكَ من الجيل الثالث أوقفوا أبناء القبّة عن أي توغّل..
لكنكَ رحلتَ لسببٍ واحد: كي نعرفَ كم نحبّكَ.
حاء، سين، نون.
والذي نفسي بيده هي لأقدسُ من كلّ قصار الصور، أستطيعُ تخيّل حياتي بلا كهيعص، لكنني لن أتخيّل جبهتي العالية، ورفضي، وعلويّتي، دون حاء، ياء، سين.
أبناؤكَ، أيها الألثغُ اللذيذ، يتمّون المسير وراءك كما يجب، ونحنُ نحملُ لاءكَ الرافضة، كما يحملُ مهاجرٌ غريبٌ صورة واحدة لحبيبته.
أبا هادي، نَم بسلام، ما دامَ ثمّة طفل، في بيته صورة لعليّ الكبير مع الأسد، لن يهنأ اسراويليّ بنومٍ هانئ.
نَم هانئاً، أيها اللمعةَ الفضيّة بخوذة العبّاس، نَم هانئاً يا كلّ بحار الأنوار. نَم يا ألذ مفردات "دعاء الصباح"، نَم هادئاً يا كتاب "الجفر" الذي لم يقرؤه أحد.
نم هادئاً، أبانا الذي في الضاحية.

علي وجيه

11 Nov, 21:32


التَحنان.. الذبح بخيطٍ ناعم

كلُّ مفردةٍ، بالنسبةِ لرأسي المُنهَكِ، هي لحظةُ تفكُّر، لا تفكير أو تلقٍّ، وبالنسبةِ لي واحدةٌ من أسوأ جمل حياتي هي "اللغة أداة إيصال". أهربُ من البَصَريّ إلى اللغويّ، وأتفكّرُ بكلّ مفردة.
قطعتُ نحو ١٠٠ كم وأنا ساهمٌ بمفردةٍ واحدة، "التَحْنان"، نادرةِ الاستخدام، وهي كما تقولُ المعاجم "الحَنينُ الشديد".
نحن الشعراء، نولدُ ومعنا عدّة جاهزة من المفردات، بوصفنا مراهقين، ثمّ يصبغُنا العُمر بالبياض، والرأسُ يتقلّبُ بين المفردات، حتى نتناساها، مثل "الحب، شفتاكِ، القدر، الوطن.." وغيرها من مفرداتٍ تؤشّر على أشياء عاطفية كبيرة، يُريدُ أن يُقبلَ عليها الشابُّ الكاتب، حتى ليكتشفَ أن الإشارة لهذه الأشياء أفضل من كتابتِها بحجمِها الكبير.
"الحنين" من هذه المفردات، لأنه شعورٌ ثعلبيّ يُجيدُ التسلّلَ بين الروحِ وطيّاتها، حتى ليأتي بلا سبب، ألم تقلُ الماسّة "أنا عندي حنين، ما بعرف لمين؟".
بإمكانِكَ إمساكُ الحزن من يديه الساخنتين، وأن يتمظهرَ دمعاً وانكساراً واختناقاً، بإمكانكَ أن تعرفَ الغضبَ كما هو، بكلّ حجارتِهِ التي تُلقيها على الآخرين، مع تقطيبة الحاجبين، لكنّكَ لن تجيدَ الإمساك بالحنين، حتى يكونَ تحناناً مؤذياً.
لاحظ، أيها المكروبُ، كم أن الكلمتين مُحايدتان: التاء واسترخاؤها، الحاء الخارجة من القصبة الهوائيّة، النون، أو حرفيْ المَد: الياء في "حنين" والألف في "تَحنان"، حتى في النطقِ هما ثعلبيّان.
وسوءُ التحنان، سلّمكَ الله أو لم يسلّمك، أنه شعورٌ أحاديّ، أي: أنّكَ إن كان حنينُكَ لمنزلٍ، لن يُعوَّض بمنزلٍ آخر، إلى صديق، لن يملأ مكانه صديقٌ آخر، بينما الغضب يُمكن أن تغضبَ من "س" لتفرّغ غضبك في "ص"، أو حتى الحزن، يمكنكَ جمع المصائب بمصيبةٍ، لتعالجَها وتنام خفيفاً من بنات العين السائلات، لكن التحنان له اتجاه واحد، وغالباً ما يغلقُ عليكَ الحلّ ويريكَ طريقةً واحدة: وبالغالب هي مستحيلة.
التحنانُ ماكنةُ الذلّ، وإلغاء الذات، وارتكاب الأخطاء، أن تشتهي بلداً مستحيلاً، وصديقاً تحت التراب، أو رائحة لبيتٍ باعه ورثته، أو عباءة مضيتْ صاحبتها، أو امرأة قاسية، أو كتابٍ في مكتبةٍ ثانية، تُلِفَ أو سُرق، التحنانُ هو الطريق الذي لا يؤدي، الوجهةُ المستحيلة، ما ينبعُ من الذات كبئرٍ خفيّة للندم، ويأتي بلا مقدّمات، ليجعلَ منكَ كائناً ضعيفاً، مستنداً على جدار ويحسبُ أنّه طائرٌ بقلبٍ مخلوع.
التحنانُ يسيلُ من تحت الجلد، ثم يتحوّل إلى كلّ المشاعر الأخرى: إلى غضبٍ لمَن لا يعرفُ قيمةَ التحنان، وإلى الحزن إن كان لا يصله، وإلى السعادة إن كان تحناناً بسيطاً: "حنّيت لك من ناموا الناس"، فهو ذئبٌ بأخلاق ثعلب، لا يأتيكَ إلاّ ليلاً، أو باستحالةِ تنفيذ شيء، والوصول إليه، ومهمّته الأساسية أن تكرَهَ نفسك، وأن ترى القطعةَ الناقصةَ من العالم، تلك التي لا يملؤها إلاّ بيت واحد، رجلٌ واحد، امرأة واحدة، كتاب واحد، رائحة واحدة، يدٌ واحدة.
التحنانُ لا توقفه قصيدة، ولا تفرغه دمعة، ولا إيذاءُ نفس، التحنانُ خيطٌ رقيقٌ حادٌّ ينحركَ من الحنين إلى الحنين، ويتركك رماداً، تلمّ نفسكَ تالياً، بانتظار الخيط الآخر، عن مستحيلٍ آخر، التحنانُ مثل الموت، يأتي دونَ إشارة، بلا تحذير، وليس "الحنين" وحده مُشتقاً منه، أو "الحنوّ"، بل "الانحناء"، و"التنحّي – الابتعاد"، وربّما حتى "الحنّاء" لأنه يصبغُ القلبَ قاتماً.
اللهم ابعد عنّي التحنان، فما بقيَ ملّيمتر واحدٌ ليسَ فيه ما يؤجج التَحنان، ذئبكَ الرقيق، ذئبكَ ذا أخلاق الثعلب.

علي وجيه

08 Nov, 19:55


يدُهُ بيضاءُ عليَّ، قارئاً لأنهُ صاحب دار "المدى" و"النهج" و"تاتوو" وغيرها من مشاريع، وإعلامياً لأنني صرتُ صحفياً في مؤسسته حيث درّبني خيرةُ أساتذتي.
في حضرة أستاذنا سياسياً وإعلامياً وكاتباً ومناضلاً وإنساناً كبيراً: فخري كريم.

علي وجيه

08 Nov, 16:43


..أخبرنا أبو سعيد السيرافيّ، قال: أخبرنا ابنُ دريد، قال: قال أبو حاتم السَّجِستاني: إذا مات لي صديقٌ سقطَ منّي عضواً.


من "رسالة الصداقة والصديق"، لأبي حيان التوحيديّ، تحقيق: د.ابراهيم الكيلاني.

علي وجيه

08 Nov, 15:57


چنّه خدّك
مَر على الزعرور
وشال الفيْ
وحطّه بوسط حِجري
والحواجب چنها مطرت گبل ساعة
ورسمت النومة اعله صدري..

ابو عادل

علي وجيه

07 Nov, 17:46


يحتمي الكائنُ الهشُّ من العالم خلفَ طاولته، تلك التي تضمّ كل شيء بشكلٍ فوضويّ، هو وحدَهُ مَن يعرف نظامه، لذلك لا يسمحُ لأحدٍ بترتيب هذه الفوضى، أو بعثرة هذا الترتيب الذي يعرفه هو.
يحتمي خلف ألوانه من السواد، ومن الوحشة بهدايا الأصدقاء، ومن الراحلين بالصور، مئات الأقلام، وآلاف الكتب، تكفي لأن يدخلَ الغرفة ولا يخرج إلى نهاية العصر والزمان، لكنه يعودُ دوماً لطاولته، بأحبارها، بكتبِها، بأبوذياتها ودفاترها التي لن تنفد، يعودُ كي يغسلَ روحه من عالمٍ وحشيّ خارج الغرفة، خارج الطاولة، يُمعِنُ بتفتيت وجوده، قبل أن يرمّم نفسه مجدداً، مثل طفلٍ، بألوانه ودفاتره وكتبه.

علي وجيه

07 Nov, 15:11


غداً، الجزء الثاني من حوار #صالون_علي_وجيه مع الشاعر #عدنان_الصائغ.
قناة دجلة الفضائية، ١١ مساءً بتوقيت بغداد الحبيبة.

علي وجيه

06 Nov, 19:55


نظارة طبيّة
.
سقطت نظّارتي الطبيّة، وانكسرت، وانحنيتُ عليها لألتقطها مثل الطفل في المشهد الأخير بفيلم (عمر المختار).
رميتُها في القمامة.
ورغم أنني أكملتُ المسير الى بيتي بصورة مضبّبة، تشبه الـ"آوت فوكس" في التصوير الفوتوغرافي، حيث يبدو كلّ ظلّ رجلاً، وكلّ رجلٍ امرأة، وكلّ قطّ كيس نفايات طائراً، لكنني تفكّرتُ بهذه المكسورة، التي تعتلي وجهي منذ عام ٢٠٠٧، وكيف أنها تحجبُ كلّ شيءٍ ابتداءً، لكنها توصلُ البؤبؤين لكل شيء بشكلٍ أفضل.
دريئة العين من الهواء، المُزعجة لفرط اضطرار التنظيف والتلميع، انكسرت، أحببتُ المشهد المضبّب، وكأنني في لوحةٍ لمونيه، فكلّ شيء هو إشارةٌ لهُ، وليس هو كما يجب، فلا نظّارة على الوجه، واليسرى ينقصها درجة ونصف، واليمنى درجة وربع.
قالتْ جميلةٌ مرّة: "وجهكَ - دون نظّارة - أجمل، وجه طفل"، لكنني بقيتُ أرتدي النظّارة، للتمعّن بالكارثة، وكي يكتمل ديكور الكهولة، الذي يمتدّ من السوالف، والصلع المبكّر ولا ينتهي بالاكتئاب.
كلّ نظّارة طبية هي علاقة حب، هي أولُ ما تمدّ يديكَ له بعد أن تستحمّ، كي ترى ما يجب أن يُرى بشكلٍ صحيح، ولا تكونُ لديّ نظّارتان في وقتٍ واحد، هي خيانةٌ لإحدى النظرتين.
النظارةُ رؤية ونظر وبصر، بطريقةٍ ما هي علاقة سامّة، بإمكاني إنهاؤها بمئات قليلة من الدولارات بعملية ليزك، لكنني أحتمي وراءها من العالم بطريقةٍ ما، توتّري، دفعي لها بسبّابتي باتجاه جبيني، تنظيفها الذي يحجبُ ردّة فعلي على جملةٍ معيّنة.
النظّارة، إن كانتْ ثمانينيّة مثل درويش، أو مودرن ملوّنة مثل مهندس كومبيوتر، أو دائرية مثل نظّارة تروتسكي، هي دريئة بؤبؤين مسكينين، ما انفتحا إلاّ على كارثة، وما ناما إلاّ على كابوس، وما تكلّما إلاّ دمعاً.
انحنيتُ على النظارةِ مثل الطفل في المشهد الأخير بفيلم عمر المختار، وأنا أودّعُ حبيبة استقرّت عاماً على وجهي، لوحدِها، ودعتُها، قبل أن أحاول إفراغ ساعتين من جدولي لتصميم حبيبة أخرى، بعد فحص البؤبؤين المسكينين.

علي وجيه

06 Nov, 18:37


النحّات لا ينحتُ، إنّه يجرحُ المادّة
.
في معرضِه الشخصيّ الأخير، حاور علي نوري (بغداد - ١٩٦٥)، العاصمة، بعنوان المعرض "حوارٌ مع بغداد"، وهو عتبةٌ نصّية قد تكشفُ الاشتغال، وعلى ما يبدو من العنوان الذي نفترضُ فيه أننا سنجدُ حواراً مع بغداد، في شوارعها، أو تأريخها، أو أعمالاً تتضمّنُ علاماتٍ سياسية أو تأريخية، لكن المعرض بمجمله لم تتواجد فيه بغداد، كمدينة، وإنما الذات البشريّة التي سحقتْها بغداد بتأريخها وملابساتِها وسياساتها وحروبها.
ينتمي علي نوري إلى جيل شهدَ الحرب العراقية - الإيرانية بكل حذافيرها، ثمّ احتلال الكويت، الانتفاضة، الحصار، وصولاً للاحتلال، وهذا الجيل الذي حفرت الحرب علاماتها عليه بعنف، ظلّ ذلك يتمظهر بشكل واضح على أعمالِهم، تلك التي تؤشر على روحٍ مسحوقة، غائبة، لائبة، مُتعَبة.
المعرض - المغامرة، جسّد مخلوقاتٍ تعبيرية، بين التشريح الدقيق، والتشويه العفويّ، ورغم ثقلِها وثقل مادتها "الغرانيت"، الذي مثّل غالبية أعمال المعرض عدا عملين منه، إلاّ أن الحسّ الدراميّ في التلقي كان بالضبط على سطح المادة، بين الملاس والخشونة، والتعرّجات الحادة والامتداد، فالجسدُ ينتظمُ، ثمّ يتشوّه، ثم ينتظم، للحظة تنسى أن هذا العمل يزن عشرات الكيلوغرامات، ويمتدُّ على متر ونصف أو ما شابه، فالنعومة من جهة، والصرخة المكتومة في كلّ كائناته، والعذاب الواضح عليها، كان ينسّيك ثقل المادة باتجاه خفّة الكائن وهشاشة روحه.
المعرض المغامرة هذا، لا تصلح أعماله لأن تكون ديكوراً في بيتٍ أو حديقة لفردٍ مسترخٍ، هو شهادة على الكائن المسحوق الذي يحاول أن يحاور ما يسحقه، من فضاء المدينة تاريخياً وجغرافياً، هو شهادة الجيل الثمانينيّ المتعرّض للعنف، والذي - وإن غادره نسبياً - لكنه ما يزال تحت وطأة تلك الذكرى، التي تحفّز الحوار المستمر، والإدانة المستمرة، والإشارة لذات هشّة، وإن خلقَها علي نوري من الغرانيت الصلب.
مبارك صديقي هذا الإنجاز.

معرض (حوار مع بغداد)، ،أكتوبر ٢٠٢٤، قاعة ذي كَاليري، بغداد.

علي وجيه

06 Nov, 17:42


الشاعر عدنان الصائغ ضيفاً على #صالون_علي_وجيه، الجزء الأول على الرابط التالي:

https://youtu.be/8zgCevQdUzo?si=W-RseOIJg3e6Rgyz

علي وجيه

03 Nov, 12:02


عن المثقف ذي الرؤيا والمقاربة، و"المثقف الصوندة - الببغاء".

علي وجيه

02 Nov, 16:09


حين أجابتنا ملحمة گلگامش على سؤال السعادة الذي يحيّرنا الآن!
من #بودكاست_زينب

علي وجيه

02 Nov, 13:10


عن الفلاتر التي تشمل كل شيء..
جزء من حواري في #بودكاست_زينب على قناة الفرات..
‏@zainab_alrekabe

علي وجيه

31 Oct, 20:39


الخوّان الصدگ يعزبولك باللي تحبهن، الشاعر محمد الجراح و اياد عبد الله الاسدي دزولي ذني العقيقتين.. مشتاقلكم يمعودين..

علي وجيه

31 Oct, 18:42


اللغةُ، بوصفها مكياجاً للقبح!
.
قرأتُ قبل قليل، أثناء بحثي عن شيءٍ ما، لمشروعٍ ما، قصيدةً، عامرةً، حزينةً، تراثيّة، تهيجُ مواجع الفقدان كما يجب، يرثي بها شاعرٌ اسمُهُ "حارثة بن بدر الغُداني"، وهو شاعرٌ أمويّ، زيادَ ابن أبيه.
قيلَ في ترجمة الشاعر "شاعرٌ أمويّ، كان مُلازِماً لزياد بن أبيه فترةَ ولايته على العراق، وكان مُكبّاً على الشراب، وقد ولاّه عبيد الله بن زياد، بعد وفاة أبيه زياد، (سُرّق) لجودةِ خمرِها".
فتخيّلوا، شاعراً، سكّيراً، ووالياً فضائيّاً، ولّي المكان "لجودة الخمر"، على يد جزّار، ولّي البصرة والكوفة، فأثخنَ بها قتلاً وتعذيباً بعد أن قال الخطبة البتراء المتوعّدة للرعيّة، لا يُعرَفُ والدُهُ، ابنِ جماعة، وليس مجهولَ أبٍ واحد، ويحفلُ التراث بنوادرَ عديدة تخصّ هذا الأمر، أعني نسبَ زياد بن أبيه، فيقولُ السكّيرُ برثاء النغل السفّاح:
صلّى المليكُ على قبرٍ بمنزلةٍ
دونَ الثويّة يسفي فوقَهُ المُورُ
أدّت إليه قريشٌ نفسَ سيِّدها
فصارَ فيه النّدى والحزمُ مقبورُ
أبا المُغيرةِ، والدنيا مُغيِّرَةٌ
وإنّ مَن غُرّ بالدُنيا لَمغرورُ
قد كانَ عندكَ للمعروفِ معرفةٌ
وكانَ عندَكَ للنكراءِ تنكيرُ
وكنتَ تُغشى فتُعطي الخيرَ من سعةٍ
إن كانَ بابُكَ أمسى وهو مهجورُ
ولا تلينُ إذا عوسرتَ مَقْسَرةً
وكلّ أمرِكَ بما يوسرتَ ميسورُ
فالحمدُ زادُكَ لم تلحقكَ بائرةٌ
وأنتَ في صالحِ الأقوامِ مذكور
فتأمّل يا رعاك الله كم تُسبِغُ اللغة من حَسِنِ القول على سيّء النسبِ والخُلقِ والسيرة والدين وكلّ شيء!

علي وجيه

31 Oct, 13:34


"..ورفعَ أنكيدو عينيهِ، وخاطبَ البابَ كما لو كانَ إنساناً، مع أنّ باب الخشب لا يفهم ولا يعقل".

ملحمة گلگامش
ترجمة: طه باقر

علي وجيه

31 Oct, 11:24


في المعارك العقائديّة: يصنعُكَ توحّش عدوّك ومداه وإصراره على سحقك. وإن كانت اسراويل منذ التسعينات حتى حرب ٢٠٠٦ بربع توحّشها اليوم، فقد أنتج التوحّش هذا جيل الصقور الأول: سيد عباس وأبي هادي ومغنية وغيرهم، فهل تتخيّلون مع توحّش اليوم ما الجيل الذي يُطبخُ الآن صلابةً في الخنادق

علي وجيه

30 Oct, 18:53


يدُ الكائن
.
إن غابتْ يدُ الكائنِ غابَ كُلُّه.
هي أكثرُ بكثيرٍ من زندٍ وساعدٍ وكفّ وخمسة أصابع، أكثر بكثيرٍ من كونِها يداً لكائن، يمتلكُ يدين.
يدُ الكائنِ كُنهُهُ، ولسانُهُ وقلبُهُ، وإن كانت تتحرّكُ بالفراغِ – بغالبِ الوقتِ – بلا هدْيٍ أو هدف، لكنها اليدُ، الجناحُ الأرضيّ، الامتدادُ الفعليّ خارج كتلة الجسد الواحدة الصمّاء.
اليدُ تؤلّفُ نصّها الأهم، العِناق، تمتدُّ لتحيطَ ظهراً، وتربتُ على كتف، وتمسحُ دمعة، وتجدلُ شعراً، وتمشّطُهُ، وهي ما يملأُ خللَ يدٍ ثانية، لتقولَ لها: أنا هنا، اليدُ تقولُ، لا الكائن.
كم ابتعدَ عنّا مَن لم نمسّ يديه؟ وإن كان يتحدثُ ويُجالسُ ويخرجُ ويدخلُ معنا في يومنا، لكن يديه كانتا بعيدتين بشكلٍ مفرط.
دعْ يدَكَ قربَ يد الآخر، ستكونُ معَهُ فعلياً، ادفنْها في جيبكَ، وسيختفي حتى وجهكَ.
نحتَ جواد سليم يديْ فائق حسن، ولم ينحت وجهه، لأن يديْ فائق كانتا: ترسمان، تمارسان البستنة، النِجارة، الطبخ، مزج اللون، النحت، ورغم وجهه المثير للرسم والنحت، مع الأنف الكبير والغليون، لكن جواد كان يعرفُ أن فائق هو يدُهُ، لا وجهه، ولا حتى دماغه الهائل.
اليدُ ترسمُ، تكتبُ، تصفعُ، تسندُ، تحملُ سيجارةً وقلماً، تضربُ، تفتحُ، تغلقُ، تهدّدُ، تُسامح، تقود، تحملُ، تضعُ، تكسرُ، ترمم، تودّعُ، وتستقبلُ، يدُ الكائن هو كلّ ما يفعله.
اليدُ النهاريةُ واعيةٌ، اليدُ الليليةُ شيطانٌ، هل قالَها فضل خلف جبر على ما أذكر؟ أنها "تُطلِقُ أصابعها عسساً"؟ وبلا وعيٍ، تدورُ في كلّ نواحي الجسد، لتطمئنَ، أو حتى تعبث، تحكّ، أو يستندُ عليها خط، أو تحطُّ على عينين لتحجبَ عنها الضوءَ المُزعج.
أولُ مُستيقظٍ في الجسد هي اليدُ، وآخر مَن ينام، هي مَن يمشّطُ شعرَ الكائن، وهي ما يخلعُهُ في المصيبة، هي ما يربحُ وما يخسرُ في الجسد، هي مقتطفة ثمار الجسد، وهي المُعتذِرة، وهي ما يتعرّقُ بيدٍ ثانية، ويكونُ عرقُها إشارةً إلى صِلةٍ أهمّ بكثير من تعرّقِ الجسدِ كلّهِ بالجسد كلّه.
اليدُ وجهٌ، وقلبٌ، ولسان، ثمّة أيدي تبتسمُ، وأيدي متجهّمة، إن كانت بيضاء دافئة مثل المَن، أو متيبّسة معروقة مثل قطعة خشب، إن كانت يدَ طفلٍ يضمّ أصابعَهُ على سبّابتك، أو يدَ الجدّ وأنتَ تسنده في سرير موته.
اليدُ، وخواتِمها، وشَعرُها، واكسسواراتها، تنمو لتكون كائناً آخر، بالأصباغ إن كانت يد امرأة، بالحدّة إن كانت يد رجل.
رحّالة الجسد، من أدنى قاذوراتِهِ لأعلى طهرانيّته، المُشيرة للحياة فيه وللموت، العين تنطفئ، في تعابيرنا، اللسان يخرس، الكِلى تتوقف، القلبُ يُجلَط، إلاّ اليد، نقول "لقد ماتت"، أو "إنها عاطلة"، كما لو كنّا نتحدثُ عن العامل الأول والأخير في هذا الجسد.
هذه يدُ الكائن، هذه كلّ الكائن، بقوّته وهشاشته، بامتدادِها متوسّلة أو هبوطها قاصمةً مُعاقِبة، يدُهُ هو، هي الجزءُ التي لا كلّ إلاّها، فإن كسبَ كانت يدُهُ الكاسبة، وإن خسرَ هي ما تعودُ صِفراً، هي ما أخرجها موسى بيضاء من غير سوء، وهي ما ثُقبتْ بمسمار ليُعلَّق عيسى، هي ما صنعَ تمرّدَ إبراهيم حين ضربتْ يدُهُ الأصنام، وهي التي أوشك على نحرِ ابنه تقرّباً، بعد أن فرّقت الطيور ليرى كيف يحيي الله الموتى، هي المرتجفة في الغار، وهي التي كانت تشيرُ، فتُصنع الإمبراطورية.
لا نبيّ بلا يد، يدُ النبي نصفُ نبوّته.
هذه يدي، لستُ نبياً، لكنها تُجيدُ أشياء كثيرة، ليس آخرها الإمساك بحفنة الخذلان الأزليّة، حتى تعودَ إلى التراب.

علي وجيه

29 Oct, 13:46


الوحشةُ من الناس على مقدارِ الفطنةِ بهم.

الإمام العسكري (ع)

علي وجيه

29 Oct, 00:50


ليس دجاجاً بالضرورة
.
عدتُ بعدَ منتصف الليلِ البارد إلى شقّتي في بسماية، وكانت أمامي شاحنة، رقمُها "واسط"، ملأى بصناديق سوداء، في كلّ صندوق دجاجتان أو ثلاث، ولمّا خفّفنا أنا وهو، كان ثمّة دجاجة، تقتربُ من أخرى، بسبب البرد.
الدجاجُ كائنٌ غريب، ربّما هو الوحيدُ الذي يحتاجُ الدفء، منذ المصباح المشتعل في كتاب الأحياء الذي قرأناه بطفولتنا، عن كيفيّة تحويل البيضة إلى مُنتجةٍ لصوصٍ مسكين، هو نفسه الذي كنّا نشتريه ظهراً، ويموت عصراً، بعد أن يبقى مرتجفاً، وزغبه الأصفر يهتزّ بسرعة، في ركن الكارتونة، ولم يكن صبغها بالسبريْه، بألوان غريبة، ليجعلها مبتهجة، أو يجعلنا مبتهجين.
الدجاجُ يحتاجُ الدفء، وكانت الليلة باردة، باردة جدّاً، يسيرُ الشاعرُ بسيّارته إلى جانب الصناديق، وهو يكادُ يعرفُ مصير كلّ واحدة، هذه ستُشوى، تتحوّل إلى "تكّة دجاج" للاعب كمال أجسام، وتلكَ ستُحشى بالرُّزّ من أجل رجلٍ قرّر أن يغتنمَ ما في الحياة قبيلَ صعود الكوليسترول، ثالثةٌ ستكونُ عشاءً لمخموريْن اثنين في النعمانيّة مثلاً، والإضافية ستُسلق ويكونُ حساؤها لحاملٍ من أجل أن يعيد الدمَ إلى وجهها، ذاك الذي امتصّه رضيعٌ سيملأ غرفتها بكاءً وبهجة.
ربّما ستموتُ دجاجةٌ أو اثنتان، لكن ما يُحزنني أن التمثّل الأكبر للأمومة بين الحيوانات هو بين الدجاج، بل حتى الرجولة، لا تتمثلُ إلاّ بالديك، وجهُ الدجاجة وجه أمّ مذعورة، بعينين مفتوحتين إلى أقصاهما، هي التي يُكسرُ ظهرُها على بيضِها، حتى إن أخذتْهُ ربّة البيت وصنعت منه عجّة لزوجِها، أو سلقتْها لطفلة.
الدجاجُ في الشاحنة يشعرُ بالبرد، مثلُهُ مثل الشاعر المُصاب بالانفلونزا والحنين لِما لا يستحقّ الحنين، سيصلُ الدجاج إلى الباعة، وربّات البيوت، وسيمضي الصدرُ منه للرياضيين، ويتتبعُ جلدَهُ المشويّ مَن لا يحترمُ صحّته، مثلي، لكنه سيمضي بارداً، ولن يرى الدفءَ إلاّ بحدّ السكّين، أو قربَ الشوّاية، تلكَ التي يُثبِتُ بائعها أن دجاجَهُ عراقيّ، وليس برازيلياً، سيرتجفُ الدجاج من البرد، وسيرى الدجاجات وهنّ في سيخ الشوّاية، يدرنَ حول النار، قبل أن يرفعَها البائع، ثمّ يسمّي باسم الله، ويذبحُ، ثم رميها في ماكنة إزالة الريش، تلك التي لا تحترمُ الدجاج، ولا حتى رقّته.
الدجاج لا يحترمه أحد، هو ليس حمامة نوح أو محمّد في الغار، ليس صقراً، ليس هدهد سليمان، ذكرت الكتب السماوية كلّ الحيوانات بأهمية ما، إلاّ هذه الكائنات المسكينة، العجيبة، الخائفة.
العالمُ كلّه، هذه اللحظة، في الليلة الباردة، في صناديق الدجاج المتّجهة للمسلخ، باردة، خائفة، دونَ بيض، بعينين مفتوحتين، بوجهٍ دون خدّين، حرمه الله حتى من إبداء تعابير وجه، وربّما هذا السبب الوحيد الذي يجعلُنا لا نربّي الدجاج حيواناً أليفاً دون قتل، فهو ذو تعبير صوتيّ ثابت، ووجه ثابت، و"استضعفوه فأكلوه"..
كلّنا، الليلة، في الصناديق، باتجاه المسلخ، البشر والدجاج والشاعر المصاب بالانفلونزا والحنين.
العمل: سيروان باران.

علي وجيه

27 Oct, 08:57


أصدقاءنا
بحاجة الى متبرع دم من فصيل ab -
لعملية طارئة في مستشفى ابن البيطار، ومصرف الدم لا يمتلك هذه الفئة.
لمن يود أن ينقذ حياةً، التواصل مع هذا الرقم:


+٩٦٤ ٧٨٢ ٣٣٤ ٦٢٥٠

علي وجيه

23 Oct, 22:57


أشعرُ بالاشمئزاز من كل شيء، أراكم على خير.

علي وجيه

23 Oct, 21:27


النصّ الأخير..
عن عليّ، وعليّ، وعن الألم الذي يُضيءُ بصدركَ مثل حربة

(١)
استيقظَ وجيه، في الثلاثين من تشرين الأول الماضي، وقد قرصَهُ قلبُهُ، أدارَ مسبحته الـ ١٠١، وهو يقولُ: يا خفيّ الألطاف، نجّنا ممّا نخاف، اتصل ببِكرِهِ، أنا، قلتُ له، أنا بخير، قال متأكد؟ قلت له والله سيدنا أنا بخير وليس بي سوء، قال الحمد لله، اتصل بمحمّد، ثمّ بأبي تراب، ثمّ شبّر، ونرجس، وما زال قلبه يقرصه..
كانت الساعة بالضبط ١٢:١٥ ظهراً، كنتُ أستعدُ لتصوير حلقة، وكان قلبه موجوعاً.
دخلتُ الأستوديو، مستعدّاً لحلقة، جلستُ في كرسيّي، اتصل بي صديقي، في فيسبوك لا أعرفه، قال لي: استاذ علي شيء مهم، قلت له: ساعة واتصل بك، وإذا به يرسل لي هويّة عليّ، الوطنية الموحدة، مع السؤال المُر: هذا مو علي الخزاعي؟
والذي نفسي بيده، لو أنني منحتُ جسدي دواب الأرض ووحوشه، ولو أن السماء انطبقت على الأرض، لَما كانت تشبه تلك الاختناقة، لأنني تيقنتُ أن الله من المستحيل أن يمنحني سعادةَ صحبة علي طوال هذه السنوات، دون أن ينغّصها، فقال لي: اذهب لصاحبك، حادث سير، في بابل.
لا أعلمُ كيف قدتُ السيارة، اتصلتُ بأخيه لحظتها، قلتُ له: مات أخونا، اسبقني، واتصلتُ بعبّاس، صديق آخر، حلاّوي نقيّ، قلتُ له: اسبقنا. ووقفتُ على نعشه.
لم أكن قد التقيتُ أباه سابقاً طوال حياتي، ولا أخاه، شاهدني أخوه فقال لي: ها علاوي؟ ويامن بعد راح تكَضي ليلك ببغداد؟
وقال لي أبوه: ها بويه؟ راح صويحبك؟
وراح صويحبي.
(٢)
دونَ سياقٍ يُشبِهُ معرفتي بأيّ بشرٍ سابق، عرفتُ عليّاً، علي عبد الحسين الخزاعي، وبالنسبة لي، أنا كثير الصداقات، كبير صدماتِها وثمارها، ما اطمئنّتْ روحي اطمئناناً كاملاً، يشبه استئناسَ الطفل بحضن أمّه، إلاّ قربه، كان يكمّلني وأكمّله، كنا نتحدثُ دون أن نتحدث، وكأنّ نقائصَ الآخرين كلّها اجتمعت بجهة، واكتمالهم اجتمعَ برجلٍ واحد.
كان عليّ الصديق الوحيد، الذي أشعرُ بأنني صغيرٌ أمامه، وأتعلّم منه، أنا نفسي الذي يسمّيني عدد كبير من الشباب بـ"المعلّم"، وبالفعل علّمتُ كثيرينَ منهم، ما تعلّمتُهُ من غيري، لكنّ عليّاً، كان شاهقاً، وهذا ما لم أستطع شرحَهُ لأحدٍ لم يعرفه، خصوصاً مَن تفاجأ بانهدامي عليه، كأنّكَ تصفُ فقدانكَ لشيء لم يره سواك، وعلى الآخرين أن يعرفوا ما فقدتَ، مع استحالة هذا.
(٣)
ومثلما تنفجرُ إطارات السيّارة المسرعة الأربعة، في وقت واحد، اختلّ كلّ شيء، واختبرتُ ما لم أختبره في السنوات الثلاثين من وعيي بذاكرتي.
ثمّة ألم لا يشبه إبرة الدكتور المخيفة في الطفولة، أو عقاب الأهل، لا تشبه "انتظرني بالطلعة" مع عِراك يضمّ عشرين طفلاً، لا يشبه وداعات حبيبة، أو اختناق الصدر، ثمّة ألم جعلَ كلّ ألمٍ قبلَهُ مُزحة، بحيث كنتُ أسأل نفسي: هل بالفعل، أن الموقف الفلاني، السابق، كنتُ أقول عنه "مؤذٍ" وما شهدتُ بعليّ "مؤذٍ" أيضاً؟
أيّ إهانة للغة! تلك التي لا تجعلُنا نخترعُ كلماتٍ جديدة، لآلام جديدة.
هُدِمتُ، وهدّمتُ ما تبقّى بي، بطشتُ بجسدي، دون قرار مُسبق، من قلّة نوم، وبكاء، وألم صدر تمظهرَ فيما بعد إلى تهدّلٍ بالصمّام، وأطعمتُ جسدي كلّ مضرّات الحياة، ومضت ارتجافة اليد، وهالات العين السوداء، والبدن البالي، والجفن المبلول، والصوت المبحوح، هي ما يمثّل عليّاً "الميترو"، الذي لا يوقفه شيء، وكلّما كنتُ أقنعُ نفسي أنني وقفتُ على قدميّ، كنتُ أركسُ في طين الحزن، في عامٍ كان أسوأ من أيّام الله السوداء كلّها.
لكنّهُ "المعلّم"، وقد علّمني.
علّمني أن الألم هو ما يشقُّ ذاتَكَ نصفين، ليخرجَ منها جنينٌ مضمّخٌ بالدمِ والوجع والحزن والقصائد، ذات وجنين لا يشبهانِ منكَ إلاّ الاسم السابق، وبعض الملامح، "أنتَ من اليوم بشرٌ جديد"، يقولُ لكَ الألم، حاولْ أن تعالجه.
تعالجه بالغضب، بالحزن، بالتوسّل، بالانكسار، بضيق التنفّس، بالشعر، بالشعر الشعبي، بالقيادة في الشوارع الخالية حتى ظهور الفجر، بأن تؤذي الآخرين، بأن يؤذيكَ الآخرون، بأن تتحطّم وتُحطّم، والأسوأ من هذا أن تقول لنفسك: ليس ثمّة غدٌ أبداً.
لفتراتٍ طويلة، جلستُ امام قبره، وأنا أشاهدُ الخانة الخاليةَ فوقَهُ، حتى رضخَ عمّي عبد الحسين، وقال لي: هي لك. فقط لأصمت.
انتزاعُ عليّ من عليّ كان انتزاع الجلد من الجلد، كسر العظم بالعظم، سلبَ النهار من النهار، والمعنى من المعنى، حتى لم يعد لشيءٍ لذّة، أو قيمة، لدرجة أنني قمتُ بحادث سير مميت، كانت الفكرة الأولى التي واجهتني وأنا أنزل من سيّارتي المحطّمة: لِمَ لم أمُتْ مثله؟
الألم جعلني أنسى أطفالي، وأن أزيل أسرتيَّ من معادلة دماغي، أن أتصرّف وكأنني لا قيمة لي في هذا العالم، لأنني فقدتُ عليّاً، آذيتُهم كثيراً بحزني وغضبي وعدميّتي، ومهما سندني الأصدقاء والصديقات، كنتُ أنهدمُ مجدّداً، حتى اللحظة لا أفهمُ ما معنى وجود دون "عليّ"؟ دون القطعة المكتملة في الوجود الناقص؟ وكيف يُمكن أن أكملَ هذا العُمر دونه؟

علي وجيه

23 Oct, 21:27


لكنه الألم، الألم الذي يضيءُ في صدركَ مثل حربة حادّة، وهي تفتكُ بكَ، بكلّ مشاريعك، بكل أيّامكَ، بكل ما يُمكن أن تفكّر به، ثم تُسائِلُ نفسك: هل من المعقول هذا؟ أن أفقدَ النَّفْسَ من النفس، ثمّ يجبُ أن أعمل ودون تقصير؟ ودون عُذر؟
هذا العام كانَ مسبحةَ ألم، من ٣٦٥ حبّة، مرّت بي وحطّمتني، وآذتني، ومَن يفهمُ ما فقدتُ معدود، لكن بالأقل: أشكر مَن تحمّلني، مَن استمع لي، من رجال ونساء من ذهب، احتملوا كلّ شيء.
ها قد مضى عامٌ على رحيل عليّ، وأنا مجلسُ عزائهِ المستمر، أنا عليّ الجديد الذي صنعه فقدُ عليّ، قد أكون عليّاً مشوّهاً، لم يتركْ الحزنُ شيئاً من عليّ القديم على عليّ، لكنني سأحاولُ أن أكونَ شيئاً يليقُ بعلي عبد الحسين الخزاعيّ، لأن ما فقدتُهُ فيه، والله، ما لم تفقده أمّ ثكلى، ولا ابن يتيم، ولا أرملة وأرمل، ولا أيّ بشرٍ يفقدُ بشراً.
لقد فقدتُ فيه النَّفْسَ من نفسي، وألمه صنعَ مني بشراً آخر، بشراً ينتمي بصعوبة لعليّ ما قبل ٣٠ تشرين الأول الماضي.
(٤)
لكَ يا صديقي، أقولُ، يا اكتمالَ كلّ نقص، ويا معنى كلّ معنى، أنا مجلسُ عزائكَ المستمر، إلى قيام الساعة، سأغفرُ لكَ عدم رؤيتي لكَ في الحلم إلى اليوم، سأغفرُ هذا بصعوبة، فهذا ليس تأخّراً عن موعد، لكن والله فتكَ بي الاشتياقُ والاحتياج، حتى ضجّ الناس من شكواي وبكائي وانهدامي.
عامٌ كاملٌ من شلل النفس، وأنتَ ممّن يُشلّ عليه الزمان كلّه، فعليكَ سلامي وقُبَلي، وعليكَ رضوان الله تعالى ونبيّه ووصيّه وآل بيته (عليهم السلام)، عليكَ إكليلُ الصداقات الذهبيّ المستمر، عليكَ السيرةُ العطرة التي لا تشبهها سيرة، وأنا، ومن حضن ألمي لا أقولُ سوى: اشتقتُ لكَ بإفراط، وسأخبّئُ اشتياقي هذا، حتى نلتقي، لديّ مهمة كبرى: أن أحدّثَ الناس عنكَ، وأن أكملَ مسيرتي تلكَ التي تحبّ، يا قارئَ كلّ نصّ قبل نشره، يا صاحب أول تهنئة بكلّ مُنجز، أيها اللا ثانيَ له، يا مَن لا يلحقه كافُ تشبيه ولا واو عطف.
أقبّلكَ من جبينكَ، ومن شاهدةِ قبرك، ومن اسمكَ الكريم، وأقولُ لك: كم أكملتَني بوجودكَ، وهدمتَني بغيابك، فعليّ رحمةُ الله ببركة وجودكَ، ومثلما يتشفّعُ المؤمنُ لأربعين مؤمناً، اسأل ربّكَ أن يفرغَ عليّ منه صبراً.
والسلامُ عليكَ يومَ ولدتَ ويومَ غادرتَنا ويومَ تبقى حيّاً في ذواتِنا، يا عليّ كلّ عليّ.

علي وجيه

21 Oct, 16:26


الناصرية
في حوارين مهمّين، اتفق عقلان أنثروبولوجيان مهمّان وهُما د.عدنان صبيح، ود.علاء حميد في #صالون_علي_وجيه أن الاحتجاج المقبل سيكون أعنف.
وبوصفنا مراقبين، نمتلكُ أنا وبعض الأصدقاء، على رؤية مشابهة للاحتجاج العراقي وسلاسله (الاحتجاج الصدري المبكّر، الاحتجاجات السنوية، ٢٠١١، ٢٠١٥، ٢٠١٨، تشرين، الاحتجاجات الحزبية)، وأن الاحتجاج العراقي سيمرّ بلحظة معيّنة بلحظةٍ يتمظهر لطريقةٍ ثانية.
الاحتجاج السلمي حق دستوري مقدس، نصّ عليه الدستور، وما يحدث حالياً في الناصرية من توترات تحتاج كلّ الجهود لسحبها، والوصول إلى مناطق مشتركة، بعيداً عن التصريحات المستفزة، والسلوكيات الحادّة، وتحتاج الاحتجاجات بهذه اللحظة إلى حلول سياسيّة باردة، أبويّة، لأن من الواضح جداً أن التظاهرات في الناصرية لا تشبه منطقةً عراقية ثانية، وأن الأمور يجب أن تُحتوى، من أجل حفظ الدماء والكرامة.
السلامة لكل الشباب في حقهم الدستوري السلمي، وهذه دعوة مفتوحة لكل الأطراف وعلى رأسها: الحكومية، الدينية، العشائرية على سحب التوترات، وتفويت كل فرصة على كل مستفيد من الفوضى، أو الدماء لا سمح الله.

علي وجيه

21 Oct, 16:26


أيها المسخّمون بالنفط، اعلفوا أدمغتكم الحوشيَّ والعابرَ والرخيص من الكلام، أيّها المُذلّون المُهانون، ارقصوا مع كلّ المهرجانات، ليكن كلّ عقالٍ أفعى، وكلّ غترة شرشفَ عاهر، ليكن كلّ شارب شعرَ سنجابٍ، ولتعْلَموا إنّ "خير أمّة أخرجت للناس" هم حائطُ الصدّ الوحيد، الشيعيّ الذي قُتل من أجل غزّة، والسنّي مبتور اليد في ذات المعسكر.
التتمة:
https://marfaaiq.net/archives/2702

علي وجيه

17 Oct, 11:01


غداً، الشاعر #زكي_العلي، في #صالون_علي_وجيه..
قناة دجلة، ١١ مساءً بتوقيت بغداد.

علي وجيه

14 Oct, 19:58


شهرُ الأحزان، شهرُ عليّ.

علي وجيه

14 Oct, 19:24


كفى بكَ داءً أن لا يضيءَ يومَكَ شيءٌ غير الحبر الأسود.

علي وجيه

14 Oct, 09:04


كرنڤال. ٧٠*٥٠، مواد مختلفة على ورق كانسون ٣٠٠ غم.

علي وجيه

13 Oct, 19:42


أسامة..
المُطِلُّ، لوحدِهِ، على خرابِ العالمِ

إنْ وقفَ امرؤٌ، "على حافّةِ العالم"، ونظرَ، فماذا سيرى؟ سيرى الذي رأيتَهُ، وقد استصعبَ نُطقُهُ، ورسمُهُ، والحديثُ عن كُنهِهِ، ووجودِهِ، وعن العدمِ وهو يتقاطرُ مثلَ ماء مطر من سقفٍ مثقوب.
لكنّكَ، صديقيَ العارفَ، تعرفُ ماذا يوجدُ في قِعرِ الهاوية، تلكَ التي كلما تمعنتَ بها، صمتَّ أكثرَ، وكلّما نظرتْ إليكَ قالت: ما أضيقَ الوجود، وما أنحلَ الفرشاة.
لا يُمكِنُكَ مخاتلة المعنى، حينَ تضعُ الورديّ على الباليت، ليس بالضرورة أنكَ سترسمُ زهرةَ مونيه المستحيلة، أو فستان بصريّة عابرة قرب ساعة المعقل، بل سترسمُ لحمَ ضأنٍ، دمويّاً، مع جزّارٍ ضاحكٍ بطريقةٍ دمويّة، كانت تذبحُ كلّ ناظرٍ للعمل، وإن رسمتَ الغزالَ الوحيد، المُتفاجئَ، فسيدوسُ شيئاً من ورقٍ يابسٍ، وثمّةَ مَن سيرسمُ غيرُكَ ذئباً، يجعلُهُ يركضُ وراءَهُ في الغاليري حتى الفجر، حتى رؤية الغزال وهو ثلاثة أعمال دمويّة مُصغّرة، فيها دمعٌ، وعيونٌ كبيرةٌ، ودماءٌ كثيرة.
ما جدوى أن تعرفَ، دون أن تُطمئِنَكَ المعرفة؟ ومتى كانت المعرفةُ مُطمئِنة؟ كانت الجمرة المرميّة وسطَ قمصاننا جمراً وفحماً، وكلّما عرفتَ، كنتَ تنغرزُ في عباءتكَ الشتوية، شمالَ البصرة، أمام الجمريّة، تلكَ التي ما دفّأتْكَ قط، وأنتَ تفكّرُ كيفَ تنقلُ أحمرَها الناريَّ على سطحِ الكانفاس دون أن يحترق.
لكن: ليس أمامَكَ إلاّ ما تفعل: أن تصمتَ، وأن تكتفي بكلمتين على كلّ جملةٍ طويلة، و١٥٪ من ابتسامة هازئة، من الوجودِ كلّه، ذاكَ الذي ما جعلَ الأصابعَ العشرةَ حرّة بما يكفي، لترسمَ، ولا للشفاه أن تكونَ حرّة بالابتسام.
وأنتَ تُطلّ على خرابِ العالم، كنتَ تعلمُ في كلّ عمل، أنّهُ غيرُ كافٍ لإدراكِ ذاكَ الخراب وتجميدِهِ لتجاوزه، النظرة الحزينة في العمل الصغير لدى حامد لا يختزلُ كلّ حزن العيون، دمُ الثور الذبيح لا يختصرُ أيّ دم، ووشمُ العجوز الأليف، بالأخضر الزيتونيّ، لا يختصرُ عطرَ شيلة.
الوجودُ هيلةٌ معقودة في طرفِ تلك الشيلة، والعالم محترقٌ في جمريّتكَ، وأنتَ في وحدتِكَ وجودٌ ضاجٌّ، ضاجٌّ أكثر ممّا يجب، وأنتَ تُطلّ على خراب العالم الأخير، برأسماليّته، بصواريخه، ببكائه، بوحشتِهِ، تلكَ التي تحاولُ ملءَ ثقوبها بالألوان الزيتيّة، فتنجحُ تارةً، وتصمتُ أخرى.
أيها العارفُ المطلّ على خراب العالم، صمتُكَ، وابتسامتُكَ الهازئةُ، هي ما يُمكنُ أن نواجهَ به الخراب الأخير، خراباً لا يسعُنا أمامه إلاّ أن نصمتَ، بعباءاتنا الشتويّة، أمام جمريّة لا تخفت، وعملٍ لن ينجحَ أبداً بأن يُسكّنَ الذئبَ الذي نعرف، وهو يجولُ في الرأس.

علي وجيه

13 Oct, 17:38


فلو أنّها نفسٌ تموتُ جميعةً
ولكنّها نفسٌ تُساقِطُ أنفُسا

امرؤ القيس

علي وجيه

12 Oct, 19:36


الدرسُ الأخلاقي - الثقافيّ - الفنّي
حيدر السعد في "صهيـ..ون"
علي وجيه

لم أرَ فنّاناً شغوفاً بالرسم مثل حيدر السعد، حرفياً هو ينفصلُ عن واقعه مثل طفل، وينغمسُ بالقماشة، ومزيج ألوانه، حتى لكأنَّ لا شيء يدور حوله، يرسمُ اللوحة، وينعجبُ بها الجميع، وبلحظةٍ واحدة: يطمسُها لأنها لم تعجبه، فالرسمُ لديهِ هو الرحلة، لا الوصول إلى الوجهة، ولهذا، وإن كان من فنّاني الموجة الثانية من الجيل التسعينيّ، وله مجايلون بارزون في البصرة وبغداد، لكنّه يحيا في الرسم ممارسةً، ووجوداً ذاتياً عالياً، لا بإطار التداول والاقتناء.
انغمسَ السعد، منذ بداية أحداث غرْة بالتفكير بما يحدث، لكنه تفكير الفنّان، الباحث، الحافر، وكنتُ على اطّلاع على بعض أعماله، وهي تتجاوزُ الموقفَ السياسيّ والأخلاقيّ ولا تقفُ عنده، لكنها تقدّم حفراً أنثروبولوجياً في الذات الصهيونية القبيحة، تلك التي تجلّت بمنظومتها الثقافية العنصرية القامعة، فهو هنا الحافِرُ العلميّ الثقافيّ، الذي مشى على حوافٍّ حادة، تجاوزها بمهارة: أعني البوستر والكاريكاتير.
اختارَ السعد يوماً مناسباً جداً لمعرضه الشخصيّ "صهيون"، وهو "يوم الغفران"، ذلك الذي تحتلّ مفردة "الدجاج" جزءاً أساسياً من الطقس الدينيّ، وفلسفته: نقل الذنوب والخطايا للدجاج قبل ذبحه، ومن ثمّ التبرع به.
وبعيداً عن الدجاج، محاولة تبرئة الذات من الذنب، لكنّ الدجاج حاضرٌ بالشفرة السياسيّة، عبر الوجوه التي حاولت نقلَ الذنب من جيل إلى جيل، يحضرُ كأطياف منها: هتلـ.ر ونوري السعيد، وسواهم.
التبرئة هذه، ونقلُ الذنب، عبر الدجاج و"عيد الغفران"، أسقطت الكاركتر الصهيونيّ بالمرحلة الحرجة التي عالجَها حيدر: فيتحوّل الطقسُ الطهوريّ الذي ينويه الصهاينة إلى عملية تقبيح، مع مسحة سخريّة، وتشوّه، يشملُ حتى الدجاج البريء من المذابح.
نحنُ نتحدث عن فنان محترف، محترم، يرسمُ منذ منتصف التسعينات، وعبر ثلاثين عاماً لم يُقم معرضاً شخصياً، لكن في وسط أزمان القيح والقبح والتطبيع، ثمّة مَن يقرّر أن يكون وجوده أخلاقياً، سياسياً، علميّاً، أنثروبولوجياً، عبر معرض أعماله غير صالحة لتكون ديكوراً بالمرّة، معرضٌ شخصيّ هو عبارة عن موقف أخلاقيّ فذ، من حيدر السعد، الذي يشبه كلّ ما في البصرة من جمال.
لكن العناية الفائقة بالفكرة، لم تحرمنا من جنون دماغه، ذاك الذي يجترحُ أمكنةً غير موجودة، غير مأهولة، بمنظورٍ مائع، وزمنٍ مستمر، وتداخل، وانضباط، ولعبٍ باللون لا يُجيدُهُ إلاّ "أسطة" مثل حيدر السعد.
إن كان وجود القضية الفلسطينية في التشكيل العراقي مرهوناً لسنوات بصعود تيّارات القومية، اليسار، ثمّ البعث، ثمّ الإسلام السياسي الشيعي، فإنّ هذا المثقف العضويّ الفعّال يخرجُ موقفَهُ مستقلاّ مُنتخَباً غير ممسوسٍ آيديولوجياً، يُطلِقُهُ الشغف، ويتلقّاه الموقفُ الأخلاقي – السياسيّ، ويمضيهِ الفنّان المحترف.
يالشدّة سعادتي بهذا المعرض! يالجمال الفكرة والتنفيذ، ونبل الموقف!