وما أُنشدُ الأشعارَ إلا تداوِيا..

ولما رأيتُ الدهرَ يؤذنُ صرفُهُ
بتفريقِ ما بيني وبين الحبائبِ

رجعتُ إلى نفسي فوطَّنتُها على
ركوبِ جميل الصبرِ عند النوائبِ

ومن صحبَ الدنيا على جورِ حكمها
فأيامُهُ محفوفةٌ بالمصائبِ

فخذ خلسةً من كلِّ يومٍ تعيشُهُ
وكن حَذِرًا من كامنات العواقبِ

- ابن الرومي.

وقصيرةِ الأيام، ودَّ جليسُها
لو دام مجلسُها بفقدِ حميمِ

كلفٌ بها، وبه قديمُ صبابةٍ
قَدُمت وما عهدُ الفتى بقديمِ

من مُحذيات أخي الهوى جُرَعَ الأسى
بدلالِ غانيةٍ ومقلة ريمِ

صفراءُ من بقرِ الجواءِ كأنما
ترك الحياءُ بها رداعَ سقيمِ

- محمد بن بشير الخارجي.

بيضاءُ خالصةُ البياض كأنها
قمرٌ توسَّطَ ليلَ صيفٍ مُبردِ

موسومةٌ بالحسنِ، ذاتُ حواسدٍ
إنَّ الجمالَ مَظِنَّةٌ للحُسَّدِ

لم يُطفِها سرفُ الشبابِ، ولم تضع
فيها معاهدةُ النصيحِ المُرشدِ

خَوْدٌ إذا كَثُرَ الكلامُ تعوَّذت
بحمى الحياء، وإن تكلَّم تقصدِ

- محمد بن بشير الخارجي.

عن محمد بن راشد، قال: اختلف ما بين أبي بكر بن عبد الله بن مصعب وبين أخيه مصعب بن عبد الله، فدخلت يومًا على مصعب بن عبد الله، فوجدته يقول:

أيزعمُ أقوامٌ رَمَوهُ بظِنَّةٍ .. بأن سوف تأتيني عقاربُهُ تسري؟!

وودَّ رجالٌ لو تمادت بنا الخطى .. إلى الغيِّ، أو تُلقى علانيةً تجري

أبت رحمٌ أطَّت لنا مُرجحنَّةٌ .. أماني العدى والكاشحِ الحَسِكِ الصدرِ

فقل لوشاةِ الناس: لن تُذهبَ الرُّقى .. ولا عاقداتُ السحرِ ودَّ أبي بكرِ

قال: فتروَّيتها، ثم خرجت حتى استأذنت على أبي بكر فحدثته عن مدخلي على أخيه مصعب، وأنشدته شعره هذا، فرقَّ وبكى حتى نشف دموعه بمنديلٍ، فأمرني فجئتُهُ به، فكان ذلك صلحًا بينهما. :)

ومن عرَفَ الأيامَ معرفتي بها
وبالناسِ، روَّى رمحَهُ غيرَ راحمِ

- أبو الطيب.

لا بدَّ للزمنِ المسيءِ بنا إذا
قَوِيَت حبالُ أُخوَّةٍ من بَتِّها

- أبو العلاء.

الغَزِّيّ:

في البيض شُحٌّ مطاعٌ لم يُذَمنَ به
وفي القلوب هوًى منهنَّ متَّبعُ

أفدي التي وخدتْ قبل المطيِّ بها
مطيةُ الهجر أدنى خطوها الشجعُ

لم ينفرد بتشكِّي صدِّها أحدٌ
فالناس كلهمُ في صدِّها شرعُ

قليلُ رضاك يُحمدُ عند نفسي
وسُخطُك عندنا حدثٌ عظيمُ :)

- عمر بن أبي ربيعة.

قد كنتُ أحذر بينَهم من قبلِهِ
لو كان ينفعُ حائنًا أن يحذرا

- المتنبي.

لولا اشتياقيَ لم أقلق لبُعدكمُ
ولا غدا في زماني بعدكم طولُ

وكلُّ مُنتَظَرٍ إلَّاك مُحتَقَرٌ
وكلُّ شيءٍ سوى لُقياك مَملولُ

- أبو فراس.

واهًا لعفراءَ إن دارٌ بها قرُبَت
فما أبالي ألامَ الناسُ أم عذروا :)

- عمر.

فأحسنُ وجهٍ في الورى وجهُ مُحسنٍ
وأيمنُ كفٍّ فيهمُ كفُّ مُنعمِ

وأشرفُهُم مَن كان أشرفَ هِمَّةً
وأكثرَ إقدامًا على كلِّ مُعظَمِ

لمن تطلبُ الدنيا إذا لم تُرِد بها
سرورَ مُحبٍّ أو مَساءةَ مُجرمِ؟!

- أبو الطيّب.

ابن الزقاق الأندلسي:

يا ربَّةَ الخدرِِ الممنَّعِِ والتي ..
أَسْرَتْ فنَمَّ على سُراها العنبرُ

ما هذه الجُردُ العِتاقُ وهذه السُّمرُ الرقاقُ وذا القَنَا المتأطِّرُ؟!

أوما كفتكِ معاطفٌ ومراشفٌ ..
وسوالفٌ كلٌّ بهنَّ مُعَفَّرُ؟!

لا تُشرِعِي طَرْفَ السِّنان لمُغرَمٍ ..
مثلي فحسبُكِ منه طَرْفٌ أحوَرُ!

نشَدتُكَ يا ركبَ الحجازِ -تضاءلَت
لك الأرضُ مهما استعرضَ السَّهبُ وامتدَّا

وجمَّ لكَ المرعى، وأذعنت الصوى
ولم تفتقد ظلًّا ظليلًا ولا وِردا-

إذا أنت شافَهتَ الديارَ بطيبةٍ
وجئتَ بها القبرَ المقدَّسَ واللحدا

وآنست نورًا من جنابِ مُحمَّدٍ (ﷺ)
يداوي القلوبَ الغُلبَ والأعينَ الرُّمدا

فنُب عن بعيدِ الدارِ في ذلكَ الحمى
وأذرِ به دمعًا وعفِّر به خدَّا

وقُل: يا رسولَ الله، عبدٌ تقاصرَت
خطاهُ، وأضحى من أحبته فَردا

ولم يستطع من بعد ما بَعُدَ المدى
سوى لوعةٍ تعتادُ أو مِدحةٍ تُهدى!

- لسان الدين بن الخطيب.

وواللهِ ما اخترتُ السلوَّ على الهوى
ولا حلتُ عمَّا تعهدينَ من الحبِّ

ولا ازداد إلا جِدَّةً وتمكُّنًا
محلُّكِ من نفسي وحظُّكِ من قلبي

- البحتري.

ألا ليت شعري والأماني كثيرةٌ
وأكذبُها في الوعدِ أعذبُها وِردا

أتأنسُ عيني بالكرى بعد نفرةٍ
ويكحلُ مِيلُ الوصلِ مقتليَ الرمدا؟!

- ابن سهل.

أبيتُ أرمدَ ما لم أكتحل بكمُ
وفي اكتحالي بكم شافٍ من الرمدِ :)

- بشار بن برد.

تهيجُ له الأحزانُ والذكرُ كلَّما
ترنَّمَ، أو أوفى من الأرضِ مَيْفَعَا

- الصمة القشيري.

ومن كان لا يعدو هواه لسانه
فقد حل في قلبي هواك وخيّما

وليس بتزويق اللسان وصوغه
ولكنه قد خالط اللحم والدما :)

-أبو الخطّاب.

أفاطمَ إنَّ الحبَّ يعفو عن القِلى
ويُجشمُ ذا العِرضِ الكريمَ المجاشما :))