قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور @sharh_elsodor Channel on Telegram

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

@sharh_elsodor


قناة تعنى بتفريغ خطب الجمعة للشيخ أبي عمرو عبد الكريم الحجوري حفظه الله.

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور (Arabic)

تعتبر قناة "شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور" المكان المثالي لجميع محبي العلم والمعرفة. هذه القناة مخصصة لتفريغ خطب الجمعة التي يقدمها الشيخ أبي عمرو عبد الكريم الحجوري، والذي يعتبر واحدًا من أبرز الدعاة والعلماء في العالم الإسلامي. تهدف القناة إلى تسهيل الوصول إلى هذه الخطب وتوفيرها بشكل مفيد وسهل الوصول للجميع. يمكنك الاستماع إلى خطب الشيخ والاستفادة من معانيها وتعاليمها بكل يسر وسهولة من خلال هذه القناة المميزة. إذا كنت تبحث عن مصدر للمعرفة والتوجيه في حياتك اليومية، فإن قناة "شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور" هي الخيار الأمثل لك. انضم إلينا الآن واستمتع بفوائد الاستماع إلى خطب الجمعة وتحليلاتها بطريقة سهلة وميسرة.

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

28 Jan, 15:38


‏تابع قناة القناة الرسيمة لفضيلة الشيخ أبي عمرو الحجوري في واتساب: https://whatsapp.com/channel/0029Va7mZdAGZNCmYAyS071f

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

22 Nov, 19:02


كلمة طيبة ومختصرة
بعنوان: •[ نصيحة للإخوة بأن يرجعوا في الردود إلى شيخنا يحيى قبل النشر ]•

فضيلة الشيخ أبي عمرو الحجوري:
https://t.me/abuamroalhgoury

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

17 Nov, 17:43


Channel photo updated

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

31 Jul, 17:38


‌‏مختصر الأخضري.pdf

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

31 Jul, 17:38


*تحقيق مختصر الأخضري في العبادات على المذهب المالكي*

*تحقيق شيخنا الكريم أبي عمرو الحجوري حفظه الله ورعاه*

الكتاب منشور بصيغة PDF :
https://t.me/abuamroalhgoury

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

24 Jun, 03:13


رسالة قيمة ونفيسة بعنوان:

*[ تحذير أولياء الأمور من خطر المغالاه في المهور ]*

للتحميل:
https://top4top.io/downloadf-25282srxg1-pdf.html

لفضيلة الشيخ/ أبي عمرو الحجوري حفظه الله ورعاه

https://t.me/abuamroalhgoury

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

04 Jun, 06:40


The owner of this channel has been inactive for the last 5 months. If they remain inactive for the next 9 days, they may lose their account and admin rights in this channel. The contents of the channel will remain accessible for all users.

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

25 May, 17:13


رسالة قيمة ونفيسة بعنوان:

*[ تحذير أولياء الأمور من خطر المغالاه في المهور ]*

للتحميل:
https://top4top.io/downloadf-25282srxg1-pdf.html

لفضيلة الشيخ/ أبي عمرو الحجوري حفظه الله ورعاه

https://t.me/abuamroalhgoury

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

13 May, 20:44


The owner of this channel has been inactive for the last 5 months. If they remain inactive for the next 30 days, they may lose their account and admin rights in this channel. The channel will remain accessible for all users.

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

26 Jul, 20:58


عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه استحيا منه رسول الله ﷺ، تستحيي منه ملائكة الرحمن.

ولكن أهل النفاق، ولكن أهل الشقاق، أهل الخروج، أهل الشر، لم يستحيوا من عثمان رضي الله تعالى عنه، لم يستحيوا من الله، ولا من رسوله، ولا من خليفة رسوله عثمان رضي الله تعالى عنه.

نعم، يا عباد الله!

وله من الحسنات العظام الكثيرة: جمعه المصحف. فقد جاء في صحيح البخاري من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه، أنها لما كثرت الفتوحات في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، وبدأ الناس يختلفون في الأحرف. فقد مر جمع القرآن بمراحل، المرحلة الأولى في عهد رسول الله ﷺ، وهذا كان في الجلود والعظام، كان مفرقا. فلما حصل القتل في اليمامة، جمعه أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه في عدة مصاحف. فلما كان في عهد عثمان، وبدأ يحصل الاختلاف، أرسل الخليفة الراشد عثمان بن عفان إلى حفصة بنت عمر رضي الله عنها أن ترسل إليه بالمصاحف التي كتبت. فأخذها، فجمعها على مصحف واحد، وأمر بإحراق ما سوى ذلك، وحصل إجماع الصحابة على هذا، وإجماع الأمة.

فصان الله جل وعلا الأمة الإسلامية من الاختلافات في الأحرف، جمعها على حرف واحد. وهذا من رحمة الله، ومن توفيق الله، لصحابة رسول الله ﷺ.

ولذلكم، فمن يوم ذاك، والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، إلى يومنا الحاضر، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهم لا يختلفون في ألفاظ القرآن.

فهذه حسنة عظيمة لعثمان بن عفان رضي الله تعالى وأرضاه.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ﷺ تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

عباد الله، كانت خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه بعد مقتل عمر رضي الله عنه، وقد جعل الأمر شورى في بقية العشرة المبشرين بالجنة. وقد حصل إجماع بين الصحابة الكرام على اختيار عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، وحكم المسلمين اثني عشر عاما، نشر فيها العدل، ونشر فيها الإسلام، ومصر فيها الأمصار، وفتحت فيها الفتوحات.

فأقض ذلك مضاجع أعداء الإسلام، فالذين مكروا لعمر تعالى عنه، وقتلوه في محراب رسول الله ﷺ، هم الذين هيجوا الخوارج وأهل الفتن على قتل عثمان.

وقد أخبر المصطفى ﷺ عثمان بذلك. فقد جاء عن عائشة، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَمَّا مَرِضَ: «اُدْعُوا لِي بَعْضَ أَصْحَابِي». فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! نَدْعُوا أَبَا بَكْرٍ؟ فَسَكَتَ. فَقَالُوا: نَدْعُوا عُمَرَ؟ فَسَكَتَ. فَقَالُوا: نَدْعُوا عُثْمَانَ؟ فَدَعَوْهُ. فَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ، وَكَانَ مِمَّا قَالَ: «لَعَلَّ اللهَ أَنْ يُلْبِسَكَ قَمِيصًا، فَإِنْ أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ، فَلَا تَخْلَعْهُ لَهُمْ». وفي حديث أبي موسى السابق: «اِئْذَنْ لَهُ، وَبِشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ».

ولذلكم، فقد علم عثمان الله تعالى رضي الله عنه أنه مقتول ظلما، وبغيا، وقد أخبره النبي ﷺ بذلك، ولذلك لم يأذن لأحد من الصحابة أن يقاتل. وإلا فهم أولئك الأبطال، المغاوير، يقدرون على رد تلك الحثالة، وتلك الحفنة. ولكن عثمان لم يرض لهم صيانة للدماء، وقد أيقن أنه مقتول، وإذا واجهوا فذلك لا يرد من قدر الله شيئا. وكان نموذجا، نموذجا، لمن ابتلي، فصبر.

وأيضا، إذا كان الخليفة العادل عثمان لم يسلم من الخوارج، أيطمع بعض حكام المسلمين، أو ايطمع الصالحون، أن يسكت الخوارج عن ولاة الأمور مع ما فيهم من معاصي ومخالفات؟ كفى الله شر الأشرار، والخوارج الفجار، الذين لم يسلم منهم عثمان، ولم يسلم منهم علي، ولم يسلم منهم الصالحون، لا من ولاة الأمور، ولا من العلماء.

فقد كذب زورا وفجورا من طعن في أهل السنة والهدى أنهم يطعنون في عثمان! إنما هذا ديدن الروافض، إنما هذا ديدن الخوارج. أما أهل السنة فإنهم يحبون عثمان، ويجلونه، إجلالا كما أمر الله تعالى.

وقد أخرج الإمام الترمذي في سننه من حديث عبد الله بن عمر، قال: أَصْبَحَ عُثْمَانُ يَوْمًا، فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: «أَفْطِرْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ». فَأَصْبَحَ عُثْمَانُ صِائِمًا، فَقُتِلَ مِنْ لَيْلَتِهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ.

سبحانك اللهم!، وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك، وأتوب إليك.
----------------------------------
[1] خطبة جمعة بتاريخ: [٢٣ / ذي الحجة / ١٤٤٣ هـ‍].

[2] وهذا قبل الحجاب.

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

26 Jul, 20:58


مطلع البدرين بفضائل عثمان ـ رضي الله عنه ـ[1]

إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَأن عَلَيْكَمْ رَقِيبًا﴾[النساء: 11].

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأنتُم مُسْلِمُونَ﴾[آل عمرأن: 102].

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيماً﴾[الأحزاب: 70، 71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدى هدى محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الناس:

جاء في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ حَائِطًا، وَكُنْتُ مَعَهُ، فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ النَّبِيُ ﷺ: «اِئْذَنْ لَهُ، وَبِشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ». وَإِذَا بِرَجُلٍ آخَرَ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اِئْذَنْ لَهُ، وَبِشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ»، فَإِذَا هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. وَإِذَا بِآخَرَ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اِئْذَنْ لَهُ، وَبِشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ»، فإذا عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.

عثمان بن عفان، أبو عبد الله، وقيل: أبو عمرو، وقيل غير ذلك، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو ثالث الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، الذين أثنى عليهم رسول الله ﷺ بقوله: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينِ، الْمَهْدِيينَ، مِنْ بَعْدِي. عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ». حديث العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه، وهو حديث شهير، وهو حديث صحيح.

نعم، عباد الله!

ذو النورين، عثمان بن عفان، الذي تزوج ابنتين لرسول الله ﷺ، ولم يتزوج رجل ابنتين لنبي غير عثمان رضي تعالى عنه. وهو من أصحاب الهجرتين، الهجرة إلى الحبشة، والهجرة إلى المدينة، رضي الله تعالى عنه، وهو من السابقين الأولين.

وقد جاء من حديث الأحنف بن قيس رضي الله تعالى عنه، قال: نَشَدَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَسَعْدَ، فَقَالَ: أَنْشَدْتُكُمُ اللهَ، أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنِ اشْتَرَى بِئْرَ رُومَةَ غَفَرَ اللهُ لَهُ»، فَاشْتَرَيْتُهَا؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ جَهَزَّ جَيْشَ الْعُسْرَةِ غَفَرَ اللهُ لَهُ»، فَجَهَّزْتُهُ، فَلَمْ أَتْرُكْ عِقَالًا؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: أُنْشِدُكُمُ اللهَ، أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنِ اشْتَرَى بَيْتًا فَجَعَلَهُ فِي الْمَسْجِدِ غَفَرَ اللهُ لَهُ». قَالُوا: بَلَى.

هذا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، الصحابي الجليل، ذو المناقب الكثيرة، والأعمال الغزيرة.

وقد جاء في السنن من حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله تعالى عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَثَّ عَلَى الْإِنْفَاقِ يَوْمَ العُسْرَةِ. فَجَاءَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ فِي كُمِّهِ، فَوَضَعَهَا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ انْصَرَفَ. قال عبد الرحمن بن سمرة: فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: «مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا صَنَعَ بَعْدَ الْيَوْمِ».

مناقب عظام! مناقب عظام! أولها: الإسلام. ثانيها: الصحبة، وهو من خيار الأصحاب، عليه رضوان الله. ثالثها: الإنفاق، اشترى بئر رومة فجعلها للمسلمين من خالص ماله، جهز جيش العسرة، ذلك الجيش العظيم، اشترى بيوتا، وجعلها في مسجد رسول الله ﷺ.

أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ مُتَّكِئًا، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ، فَدَخَلَ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ انْصَرف. ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ. فَاسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ، وَقَالَ لِعَائِشَةَ: «اِلْبَسِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ».[2] فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ، وَخَرَجَ، قَالَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ: يَا رَسُولُ اللهِ! دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَمَا فَزِعْتَ لِذَلِكَ، وَدَخَلَ عُمَرُ، فَمَا فَزِعْتَ لِذَلِكَ، فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ كَانَ كَيْتَ وَكَيْتَ؟ قَالَ: «أَلَا أَسْتَحْيِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ».

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

07 Mar, 19:31


فهذا الذي يعارض إنما يعارض الحق. أما أنت يا صاحب الحق! فإنك على بصيرة وعلى بينة؛ ﴿هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)﴾.([24]) لا داعي للتقلبات، ولا للترجحات، امش على خطى ثابتة، ملازمًا للحق، معتصمًا بالحق؛ فإن ذلك مما يجعلك مطمئنًا، «الصِّدْقُ طُمَأْنِينَةٌ، وَالْكَذِبُ رِيبَةٌ». أخرجه الترمذي عن الحسن، وهو حديث صحيح. وهكذا يجعل الله لكلامك قبولًا، ويجعل لك لسان صدق في الآخرين.

سبحانك اللهم! وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك، وأتوب إليك.
----------------------------------
([1]) خطبة جمعة بتاريخ: [١/شعبان/١٤٤٣ هـ].

([2])[النساء: 11].

([3])[آل عمرأن: 102].

([4])[الأحزاب: 70، 71].

([5])[يونس: 71].

([6])[نوح: 26، 27].

([7])[هود: 38، 39].

([8])[هود: 41، 43].

([9])[هود: 43].

([10])[هود: 43].

([11])[هود: 42].

([12])[الأنبياء: 69].

([13])[الأعراف: 196].

([14])[الشعراء: 54، 55].

([15])[طه: 65، 66].

([16])[طه: 66].

([17])[الشعراء: 45].

([18])[الرعد: 17].

([19])[الشعراء: 61].

([20])[الشعراء: 62].

([21])[الشعراء: 63].

([22])أي: قعر البحر.

([23])[الأنعام: 33].

([24])[آل عمران: 138].

📮 رابط الخطب على القناة الرسمية للشيخ حفظه الله.⤵️
http://t.me/abuamroalhgoury

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

07 Mar, 19:31


إن الذي يجعلك قويًا في الحق ثابتا عليه، الإخلاص أولًا، الصدق في الأقوال وفي الأفعال. أن تكون صادقًا، حالًا وقالًا، أن تدور مع الدليل وتلازم الدليل، فإن من لازم الحق، وإن رأى من نفسه أن هذا سيضره، أو سيهزم، أو سيغلب، لكنه لن يغلب أبدًا؛ ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196)﴾.([13])

اجتمع فرعون مع ملإه، فقال: ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55)﴾.([14]) فجمع السحرة، وطلب من موسى موعدًا محددًا يجتمعون فيه. ﴿قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا﴾.([15]) ألقوا ما عندكم، قولوا ما معكم. ﴿فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66)﴾.([16]) قال الله عز وجل: ﴿فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (45)﴾([17])؛ تلتهم وتأكل ما وضعوه، وما كان أمامها من عصي، أو حبال، في صورة ثعابين، وما أمامها من الرجال. حتى يذكر أنه حطم بعضهم بعضًا من شدة الفزع، والهلع، والخوف، من شدة الهرب من هذه الحية العظيمة التي موسى عبارة عن عصا، ليس بسحر. سحر السحرة، وتلبيس الملبسين، وكذب الكذابين، يفشل وينفضح، ويذهب، ويبقى الحق؛ ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾.([18])

وهكذا، لحقهم فرعون مرة أخرى في محاولة يائسة بعد أن أسلم أولئك السحرة، عليهم رضوان الله، لحقهم إلى البحر. فخرج موسى وقومه، فلما وصلوا إلى البحر قالوا: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)﴾([19])؛ لحق بنا فرعون وقومه، البحر أمامنا ولا مركب لدينا حتى نفر، والعدو من خلفنا وليست عنده رحمة ولا هوادة. قال موسى: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)﴾.([20]) قال الله عز وجل: ﴿اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63)﴾.([21]) فأنجاه الله ومن معه، وأهلك فرعون ومن معه في البحر.

فلا تخف، ولا تحزن، من مكر الماكرين، ومن الكائدين. إذا كنت على ثبات ويقين، إذا كنت على صدق واستمساك في هذا الدين، فإن الله ناصرك، فإن الله كارهك، فإن الله مثبتك، فإن الله عز وجل موفقك، وإن كذب، وإن أعرض من أعرض. جاء في البخاري في حديث المسور، في حديث طويل في صلح الحديبية، قال النبي ﷺ: «وَاللهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي».

والله إنك على الحق، وسيظهرك الله يا صاحب الحق! ولكن اثبت عليه، ولازم مقومات ذلك من الصدق، والإخلاص، والبصيرة، والبينة، والهدى، والسداد، والثبات. واترك المجاملات والتقلبات فإن هذه تضعفك؛ لأن الباطل ضعيف، وصاحبه أضعف.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ﷺ تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها الناس! جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث ابن عباس، أنه قدم مكة، فسمع سفهاء أهل مكة يقولون: «إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ»، فظن الأمر كذلك. فلما لقي النبي ﷺ، قال: «يَا مُحَمَّدُ! إِنِّي أَرْقِي، وَيَشْفِي اللهُ عَلَى يَدَيَّ مَا شَاءَ، فَهَلْ لَكَ أَنْ أَرْقِيَكَ؟». فقال النبي ﷺ كلمات قليلات، لكنها عظيمات وكبيرات في المعاني والأحكام. قال النبي ﷺ: «إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنُعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورُ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ». فقال ضماد: أَعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ. فَأَعَادَهُنَّ. قَالَ: اُمْدُدْ يَدَكَ؛ فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ. وَاللهِ لَقَدْ بَلَغْنَا نَاعُوسَ الْبَحْرَ ـ وفي رواية: قَامُوسَ الْبَحْرِ ـ([22]) فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ.

هذا الرجل كان راقيًا في الجاهلية، وكان أيضًا على خير، على ما أدرك، لعله أدرك من بقايا دين إبراهيم. ولذلك يقول: «وَيَشْفِي عَلَى يَدَيَّ مَا شَاءَ»، ما قال: أشفي وأعافي. فلذلك عرف هذا الكلام، وعرف مقدار هذا الكلام. فصاحب الحق لا يكثر الكلام، وكلامه القليل بالحق، يجعل الله عز وجل فيه البركة، وتتقبله القلوب الحية، والنفوس الطيبة، والفطر السليمة. قال الله عز وجل: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33)﴾.([23])

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

07 Mar, 19:31


https://t.me/sharh_elsodor

🎙الزم الحق والثبات تنجو من الضلال والتقلبات ([1])

إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَأن عَلَيْكَمْ رَقِيبًا﴾.([2])

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأنتُم مُسْلِمُونَ﴾.([3])

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيماً﴾.([4])

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدى هدى محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الناس:

إن من المهمات في هذا الدين، بل من أهم المهمات، أمر الثبات في الأقوال والأفعال، والتخلي عن التقلبات، والترددات، والاضطرابات. فإن صاحب الحق الثابت عليه، الملازم للحق في سائر شؤونه، وفي جميع أحواله، يجعله مطمئنًا، ويجعله لا يتزحزح عن حقه، وعن ما هو عليه. بينما صاحب الباطل في تقلبات، وفي تحيرات، وفي اضطراب من أمره، فيقول القول يخالفه، ينقضه. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71)﴾.([5]) هذا نوح يقول لقومه متحديًا، واثقًا بالله وبما يسير عليه من الخير: اجمعوا أمركم كله، واجتمعوا أجمعين، ولا تستخفوا، وأتوا ظاهرًا، ولا تمهلوني لحظة. وذلك لما علمه الله، ولما جعله الله عليه من الثبات ولزوم الحق.

ولهذا لما طال المقام وطال الأمد في تكذيبهم، قال نوح، كما قال الله: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27)﴾.([6]) فأوحى الله إليه أن اصنع سفينة. فجاءوا ساخرين منه، يصنع سفينة في اليبس، ليس في مكان فيه بحر!، ويسخرون. قال الله: ﴿إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39)﴾.([7]) قال الله عز وجل: ﴿وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ﴾([8]) ماذا تنفع السفينة عند من لم يعقل ولم يفهم؟ سآوي إلى جبل شامخ، سأصعد عليه، يعصمني من الماء ولا يدركني الغرق. قال: ﴿لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43)﴾.([9])

هكذا، عبد الله!، تسول لنفس المنحرف، الضليل، صاحب الباطل، تسول له نفسه والشيطان بمثل هذه الوساوس، أن جبلًا عظيمًا، وأن جبلًا شامخًا، سينجيه وسينقذه. ولكن صاحب الحق: ﴿لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾([10])؛ لا ينفعك جبل، ولا جبال، الماء سيطغى على الجبال، ولن ينجيك إلا هذا المركب: ﴿ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42)﴾.([11]) ولسان حاله يقول: ماذا ينفع هذا مع الجبل الخضم، مع الجبل العالي؟ فلا تغترر بالزخارف، ولا بالوساوس.

وهكذا عباد الله! نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، شخص واحد يتحدى أمة عظيمة وأمة هائلة، ويوقدون نارًا عظيمة، نارًا كبيرة، فيلقى إبراهيم، وليس عند أولئك أدنى شك أنه انتهى، وأنه ميت. هذه النار تحرق ما وقع فيها، لو دخلها الآلاف من الأشخاص، أو من غير ذلك مما تأكله النار، لصار رمادًا رمددًا. فيقول مقالة الواثق بالله، الثابت على الحق: «حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ». لم يتردد، لم يشك؛ لأنه يعلم ما يحمله، وما أنزل عليه، وما يقوله. «حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ». فيقول ربنا جل وعلا: ﴿يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)﴾.([12])

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

26 Feb, 09:45


📮 رابط الخطب على القناة الرسمية للشيخ حفظه الله.⤵️
http://t.me/abuamroalhgoury

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

26 Feb, 09:45


السَّمَاءِ﴾.([12])

فالحذر! إياك والتهاون!، إياك والإهمال، يا عبد الله! هذا خطر والله.

ولهذا لنحاسب أنفسنا، لنتبين ما نقول، لننتبه لما نفعل، فإن الأمر جلل، وإن الأمر خطير، المسألة حساب وعقاب.

قال العلامة ابن القيم عليه رحمة الله في "إغاثة اللهفان عن مصائد الشيطان": إذا هممت بأمر، فانظر أفعله أهو حلال أم حرام؟ فإن كان حرامًا، فاجتنبه مباشرة، وابتعد، ولا يحتاج الى الخوض في ذلك. فإن كان حلالًا، أو كان مشروعًا، فانظر هل أنت إذا فعلته فعله أحسن أم تركه أحسن؟ فإن كان تركه أحسن فاتركه، وإن كان فعله أحسن فانظر هل أنت تفعله لوجه الله وأنت مخلص في عملك، أم أنك مرائي؟ فإن غلب على ظنك أنك تفعله لوجه الله، لا لرياء، ولا لسمعة، فاقدم عليه. وإن كنت ترى أنك ستفعله رياء فاترك ذلك. وإذا عملت ذلك لا تتبجح، ولا تفخر، ولا تتعاظم، ولا تتعالى، فما يدريك أن الله قبله أو أنه سخطه؟ ما يدريك أن الله قبله وأثابك عليه؟ فإن كان قبله فحافظ عليه، وأنت لا تدري. وإن كان لم يقبله، أنت أصلًا تحتاج إلى عمل يقبله الله؛ ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾.([13]) قالت عائشة: يَا رَسُولَ اللهِ! هَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ يَسْرِقُ وَيَفْعَلُ، وَيُصَلِّي، وَيَصُومُ؟ قَالَ: «لَا، يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ! وَلَكِنَّهُ فِي حَقِّ أُنَاسٍ صَالِحِينَ، يَعْمَلُونَ الْأَعَمَالَ الصَّالِحَةَ، وَيَخَافُونَ أَلَّا يُتَقَبَّل مِنْهُمْ». والحديث في السنن، وهو حديث صحيح.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ﷺ تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها الناس! أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث معاوية بن حيدة بإسناد حسن، قال: قال النبي ﷺ: «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثْ، فَيَكْذِبْ؛ لِيُضْحِكَ بِهِ النَّاسَ، وَيْلٌ لَهُ، ثُمَّ وَيْلٌ لَهُ». الذي يأتي بالنكات، نكت أو الطرائف، أو ما أشبه ذلك. نعم، يجوز بدون إكثار ولا ضياع أوقات؛ لأن «كَثْرَةَ الضَّحِكِ يُمِيتُ الْقَلْبَ» كما أخرج ابن ماجة عن أبي هريرة، ولكن يجب أن يتحرى ما كان ثابتًا، وما كان صحيحًا، وما لا يكون فيه ازدراء ولا احتقار. فرب إنسان أتى بشيء من هذا أصلًا كذب، ثم رمى به على بلدة من البلدان، أو على شعب من الشعوب، أو على قبيلة من القبائل، أو على صنف من الناس، وهي في الأصل كذبة؛ وهو ليضحك الناس، ليضحكوا في مجلس. «وَيْلٌ لَهُ» هذا تهديد، «وَيْلٌ لَهُ، ثُمَّ وَيْلٌ لَهُ».

نعم، عبد الله!

لذلك قنوات، ولذلك مجموعات، واحتلها مجالس كثيرة بالكذب والزور، والطعن في أعراض الناس، ولقصد أن يضحك في مجلس، وانتهى الأمر.

إن هذا أمر خطير!

فالحذر عباد الله! إياك والتهاون في أي شيء كان، سواء كان في الكلام، أو في الأمتعة، أو غير ذلك. قال الإمام أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى: ومما يحصل من ذلك أن بعض طلبة العلم قد يستعير كتابًا ليست له به حاجة، وربما نسيه، أو بعض النساء ربما تستعير متاعًا، قد تكون ملعقة، أو صحنًا، أو كوبًا، أو شيئًا يسيرًا. ولكن إذا تجمع هذا عليك، أو عليك أختاه، فماذا سيكون؟ وإذا جاء الإنسان محملًا بأقلام الناس، وبكتب الناس، وبأمتعة الناس، وإذا جاءت المرأة وهي تحمل على ظهرها من أمور كثيرة.

وهكذا عباد الله! هذه نماذج من الأشياء اليسيرة، أن الإنسان يستعير فلا يعيد ما استعاره، ولا يستطيب نفسًا من صاحبه، فإن هذا قد يجتمع عليه وعلى مر العمر، خمسين عامًا، أو سبعين عامًا، ولو أنها دونت عليه ـ أي: لنفسه، وإلا فهي مدونة عند ملائكة الرحمن ـ لانذهل من ذلك.

فالحذر! الحذر! ـ عباد الله! ـ من التهاون إما في المعاصي، وهو خطير، أو التهاون بالطاعات والقربات، فإنك لا تتهاون بشيء يسير من الخير. أخرج الإمام أحمد عن عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه، أنه قال: يَا رَسُولَ اللهِ! بِمَاذَا أُصَلِّي؟ قَالَ: «بِالْمُعَوِّذَاتِ». قَالَ: فَرَآنِي لَمْ أَفْرَحْ بِهَا جِدًّا. فَقَالَ: «لَعَلَّكَ تَهَاوَنْتَ بِهَا. لَمْ يُصَلِّ مُصَلٍّ بِمِثْلِهِمَا». نعم، يا عبد الله! لا تحتقر شيئًا من القرآن، أو تتهاون في ذلك، أو في شيء من الدين، فإن السيل ـ كما سمعت ـ الذي يجرف البلدان، وربما يحطم المدن والقرى، فإنما هو باجتماع القطرات. فمن أثرى من الخيرات؛ فإنما هي حسنات وتكاثرت بإذن الله. ومن هلك بالذنوب والسيئات؛ فإنما هي معاصي وشيء من المحقرات اجتمعن عليه فأهلكنه.

سبحانك اللهم! وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك، وأتوب إليك.
----------------------------------
([1]) خطبة جمعة بتاريخ: [ ٢٤/رجب/١٤٤٣ هـ].

([2])[النساء: 11].

([3])[آل عمرأن: 102].

([4])[الأحزاب: 70، 71].

([5])[الزلزلة: 7، 8].

([6])[النور: 15].

([7])أي: من السيئات ومن الذنوب.

([8])[النور: 15].

([9])[ق: 18].

([10])[الانفطار: 10، 11].

([11])[الأنبياء: 47].

([12])[يونس: 61].

([13])[المؤمنون: 60].

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

26 Feb, 09:45


https://t.me/sharh_elsodor

🎙كلمات غاليات باجتناب الذنوب المحقرات ([1])

إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَأن عَلَيْكَمْ رَقِيبًا﴾.([2])

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأنتُم مُسْلِمُونَ﴾.([3])

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيماً﴾.([4])

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدى هدى محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الناس:

يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)﴾.([5]) فمثاقيل الذر من الأعمال الصالحة يؤجر عليها العبد، بل يضاعفها رب العباد إلى عشرة أضعاف، إلى أضعاف كثيرة.

وهكذا مثاقيل الذر من السيئات فإنها يؤخذ عليها العبد، وقد تكثر عليه ولا سيما إذا تهاون العبد، فإنها في حق المتهاون أعظم، وربما زاد ارتكابًا للآثام عند ذلك. وهذا أمر ليس باليسير، وليس بالهين. قال الله جل في علاه: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾.([6]) قد تحسب العمل هينًا أو حقيرًا، وهو ليس كذلك. وربما اجتمعت عليك محقرات الذنوب فأهلكنك. قال النبي ﷺ: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الْعَبْدِ فَيُهْلِكْنَهُ». احذروا، تحذير من النبي ﷺ: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ» ذنب، مع ذنب، مع ذنب، مع ذنب... وإنما السيل باجتماع القطرات. قال ابن مسعود راوي الحديث، وهو عند أحمد: وَضَرَبَ النَّبِيُّ ﷺ لِذَلِكَ مَثَلًا، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا بِوَادٍ وَلَدَيْهِمْ طَعَامٌ، فَذَهَبَ هَذَا يَأْتِي بِعُودٍ، وَهَذَا يَأْتِي بِعُودٍ، وَهَذَا يَأْتِي بِعُودٍ، حَتَّى كَثِيرٌ فَأَنْضَجُوا طَعَامَهُمْ، وَأَكَلُوا». عود صغير، وهذا يأتي بعود، وهذا بعود...، وإذا به كوم كبير، ربما أنضج جزرة، ناقة، أو جملًا، هذه الأعواد الصغيرة. سواء هذا المثل العظيم، أو إذا كنت أنت تأتي بعود يومًا، ثم بعود، ثم بعود....

فالحذر عبد الله!، الحذر! إياك والتهاون، ولا سيما في محقرات الذنوب، في هذه الصغائر، أو التي يغفل الناس عنها. أخرج البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، قال: «إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا ([7]) هِيَ فِي أَعْيُنِكُمْ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ، إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الْمُوبِقَاتِ». هذا الكلام في تلك العصور الذهبية، وفي القرون المفضلة، فما بالك بهذه الأزمان ممن يرتكب الكبائر العظام، والجرائم الجسام، ويتكل على سعة رحمة الله؟ أو يمني نفسه، ويغفل عن عذاب الله، وعن عقاب الله، وعن انتقام الله، جل وعلا؟ ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾.([8]) أمر عظيم! لا تحتقره يا عبد الله!، لا تتهاون بالشيء اليسير، فإن هذا يجر شيئًا آخر ربما أكبر منه، أو جر مثله، فكثر عليك، فاجتمعت عليك، فعجزت عن المقاومة. وربما طمس قلبك، أو بصيرتك، وربما هلكت هلاكًا لا تستطيع إنقاذ نفسك بعد ذلك؛ لما تجمع عليك من هذه الأمور التي تحتقرها.

أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي ﷺ قال: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ فِيهَا أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ»، وفي رواية: «يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا». سبعين سنة يزل في النار بسبب كلمة قالها ما تبين فيها. قال الله: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾.([9]) قال الله: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11)﴾.([10]) قال الله: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)﴾.([11]) عليك ملائكة حفظة، يكتبون ما تقول، يكتبون ما تفعل، لا يغيب عنهم شيء، ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

20 Feb, 15:49


([7])[الأحزاب: 53].

📮 رابط الخطب على القناة الرسمية للشيخ حفظه الله.⤵️
http://t.me/abuamroalhgoury

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

20 Feb, 15:49


فَقَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ: إِنَّمَا يَحْمِلُهُ ذَلِكَ لِأَّنُهُ آدَرُ». وهذا عيب يكون في الإنسان. «فَذَهَبَ يَغْتَسِلُ ذَاتَ يَوْمٍ ـ فأراد الله جل وعلا أن يبرئه ـ، فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثِيَابِهِ! فَتَبِعَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرْ!»؛ أي: ثوبي يا حجر! وجاء في بعض الروايات التصريح بحرف النداء. «فَنَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَيْهِ، قَالُوا: وَاللهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ». كان رجلا حييًا.

وجاء في الصحيحين من حديث عائشة «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ تَسْأَلُ رَسُولُ اللهَ ﷺ عن مسألة، فَأَجَابَهَا. فَجَعَلَتْ تُعِيدُ، فَاسْتَحْيَا»؛ أي: لأنها كانت تتعلق بما يتعلق بالنجاسات في الفرج، ونحو ذلك. قالت عائشة: «فَاجْتَذَبْتُهَا، فَعَلَّمْتُهَا».

وقال الله: ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ﴾.([7])

فنعم، عباد الله!، هذا وصف حميد، وهو قسمان: جبلي، ومكتسب. أما الجبلي، فممن خلقه الله جبلة في هذا الوصف. وهي كرامة من الله، وفضل من الله، فليحافظ عليها، ولينميها. ومن الناس من ليست عنده، فيكتسبها لما يسمع الأدلة، ويؤدب نفسه، ويفطمها؛ كما تكتسب الشجاعة ممن ليس شجاعًا جبلة، كما يكتسب الكرم عند من ليس أصلًا كريمًا.

فهكذا ـ عباد الله! ـ، إن وجد عندك هذا الخلق فهنيئًا، وإن لم يوجد، أو ضعف، فاكتسبه ونميه؛ فإنه خير كله. ولهذا قالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، قالت: «كُنْتُ أَحْمِلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ»«كُنْتُ أَحْمِلُ النَّوَى لِفَرَسِ الزُّبَيْرِ عَلَى مَسَافَةِ ثُلُثَيْ فََرْسَخٍ. قالت: فَمَرَّ بِي النَّبِيُّ ﷺ»، وهو أبو المؤمنين، وهو أيضًا، صهرها، زوج أختها عائشة. قالت: «فَأَنَاخَ لِيَ الْبَعِيرَ لِأَرْكَبَ، فَاسْتَحْيَيْتُ، وَذَكَرْتُ غَيْرَةَ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ. قالت: فَعَرَفَ النَّبِيُّ ﷺ أَنِّي اسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ ذَهَبَ. فَجَاءَتْ إِلَى الزُّبَيْرِ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: وَاللهِ لَحَمْلُكِ النَّوَّى أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ».

فالحياء وصف حميد، وصف جميل، خلق من الأخلاق العالية التي اتصف الصالحون والخيرون. فلذلك لنجاهد أنفسنا، سيما وهو لا يأتي إلا بخير، وخصوصًا وأن من عدمه جاء من ورائه كل شر.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ﷺ تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها المؤمنون! إن الحياء لا يمنع من عمل الخير، ولا يمنع من طلب العلم، ولا يمنع من الخطابة لمن كان أهلًا لذلك، ومن الدعوة؛ بل هذا من الحياء، أنه يستحي أن يكتم حقًّا، أو يخبئ خيرًا، أو يسكت عن منكر. ولهذا جاءت أم سلمة إلى رسول الله ﷺ فقالت: «يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الْحَقِّ، هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟». فهذا لا ينافي الحياء؛ بل من اتصف بالحياء حرص ألا يقع منه ما ينافي طاعة الرحمن، فإنه بجهله ربما يقع في المحرمات. ومن كان يستحي حقًّا تحاشى أن يقع في الحرام، فعلم الحلال وعرف شرع الله.

ولهذا ذكر البخاري عن مجاهد بن جبر تعليقًا، قال: «لَا يَنَالُ الْعِلْمَ مُسْتَحٍ، وَلَا مُسْتَكْبِرٍ». فهذا الذي...، وإن كان هذا ليس من الحياء، لكن ما يظنه بعضهم أنه من الحياء، فيترك التعلم، ويترك السؤال عن أمر دينه، ويبقى على جهله، فهذا ينافي الحياء أصلًا.

نعم عباد الله!

وهكذا جاء عن علي بن أبي طالب في الصحيحين، أنه قال: «كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ ﷺ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ. قال: فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ» استحيى؛ لأنه متزوج بابنته أن يسأله، لكن لم يمنعه ذلك الحياء أن يتعلم. فأمر المقداد أن يسأل، وهو حاضر في الحلقة. ولذلك لا نعلم هذا الحديث روي من مسند المقداد، وإنما من مسند علي في الصحيحين وغيرهما. قال: «فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ». فأجاب النبي ﷺ، واستفاد علي رضي تعالى الله هذا الحكم.

فلا ينافي ذلك، عباد الله!، أن نتعلم، وأن نثابر، وأن نجلس كبارًا عند الصغار ـ أي: في السن ـ، لا ينافي ذلك. بل من قلة الحياء، وأشد ذلك أن يقع في الشرك، وأن يقع في البدع وفي الضلالات، وفي المعاصي. هذه قلة الحياء.

أما التعلم، وأخذ العلم، فهذا لا ينافي الحياء، وهكذا الدعوة إلى الله، والتعليم، ونشر الخير، هذا لا ينافي الحياء؛ بل هذا من مقومات الحياء.

سبحانك وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك، وأتوب إليك.
----------------------------------
([1]) خطبة جمعة بتاريخ: [١٧/رجب/١٤٤٣ هـ‍].

([2])[النساء: 11].

([3])[آل عمرأن: 102].

([4])[الأحزاب: 70، 71].

([5])[الجاثية: 13].

([6])[الإسراء: 70].

قناة شرح الصدور بتفريغ خطب الشيخ أبي عمرو في السطور

20 Feb, 15:49


https://t.me/sharh_elsodor

🎙الحياء تاج النبلاء ([1])

إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَأن عَلَيْكَمْ رَقِيبًا﴾.([2])

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأنتُم مُسْلِمُونَ﴾.([3])

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيماً﴾.([4])

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدى هدى محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الناس:

إن الله جل وعلا أكرم هذا الإنسان خَلقًا وخُلقًا، وكرمه الله جل وعلا بأنواع النعم، وبأصناف المنن؛ ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾.([5]) قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)﴾.([6]) وزاد هذا، وإن كان لا ينفع في شيء، الكرامة الخَلقية من جمال، أو من طول، إلا بالكرامة الدينية؛ وهي الإسلام الحنيف الذي هو أعظم النّعم، وأجل المنن.

وهذا الإسلام فيه خصال عظيمة، وصفات شريفة، تزيد العبد شرفًا وعزًّا. فمن هذا خلق الحياء. هذا الخلق الذي هو شعبة، وخصلة من خصال الإيمان، اتصف بها أنبياء الله ورسله، عليهم الصلوات والسلام، واتصف بها صالح خلقه بعدهم.

وهو وصف حميد، ولا يأتي إلا بخير، لا يأتي إلا بخير. فصاحب الحياء لا يأتي من ورائه إلا الخير. فقد جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ، فَقَالَ: «دَعْهُ؛ فَإِنَّ الْحَيَاءَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ». مر عليه وهو يقول له: اترك الحياء، الحياء أضر بك، لا تستح، لا تفعل... قال: «دَعْهُ؛ فَإِنَّ الْحَيَاءَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ». وفي الصحيحين من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما، قال: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ». الحياء كله خير، فليس في الحياء ما يذم، بل من أشرف الصفات، وأجل الأخلاق، بل هو جماع الأخلاق، صفة الحياء. ولهذا جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى، قال: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ». وجاء عند الإمام الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ مِنَ الْكُفْرِ، وَالْكُفْرُ فِي النَّارِ». وأخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث أشج عبد القيس بإسناد صحيح، قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ، وَالْحَيَاءُ». الله يحب الحياء.

الحياء خصلة من الإيمان، «الْحَيَاءُ وَالْإِيمَانُ قَرِينَانِ، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الْآخَرُ». هكذا قال رسول الله ﷺ، والحديث في السنن، وهو حديث صحيح. الحياء من الإيمان، وهو قرين الإيمان.

والحياء زينة الإيمان، وزينة المسلم. ومن كان يستحي وفيه هذه الصفة، فلا يأتي منه إلا الخير؛ «الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ»، «الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ».

ومن علمت هذه الصفة منه، هذا الخلق، ولم يوجد، أو ضعف عنده، توقع منه الشر كله. أخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي مسعود رضي الله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ». هذا مما أدركه الناس من كلام النبوة، وقد خرج من مشكاة النبوة، وخرج في أصح الكتنب المصنفة، «إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ». فمن استحيا، ارج منه الخير كله، ومن لم يستح، الذي لا يستحي، وليس عنده حياء، فلا يبالي أكفر بالله، أسرق، أزنا، أفجر، أآذى، أظلم، أعتدى... لا يبالي.

فلهذا عباد الله! هذا الوصف الحميد، وهذا الخلق الجميل ـ كما سمعت ـ من أوصاف أنبياء الله، عليهم الصلوات والسلام. ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا، وَكَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، وَكَان يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ.

1,413

subscribers

3

photos

254

videos