﷽ 📝 تَرَانِيمُ السَّحَرِ:
🗒 رقم 1120:
✏️ التفصيل: ____📩_
☆ المتأمّل في بعض آيات سورة (الأحزاب) يجد أنها تنطبق انطباقا كبيرا على ظروفنا الراهنة، خصوصا تلك الآيات التي تتكلم عن معركة الأحزاب؛ ولذا أجد من الضروري تناولها بشيء من التحليل والتفصيل؛ لما لذلك من البصيرة بالموقف الصحيح الذي يجب على المؤمنين اتخاذه في الظروف الراهنة، وما تورثه من الطمأنينة والثبات للثلة المؤمنة.
⊙ جاءت أحداث هذه السورة المباركة قاسية على الجماعة التي انتسبت إلى هذا الدين الجديد، حتى أنها لتبلغ أحيانا درجة الفتنة؛ لتغربل المؤمنين؛ إذ هي فتنة كفتنة الذهب بالنار، تفصل بين الجوهر الأصيل والزبد الزائف، وتكشف عن حقائق النفوس ومعادنها، فلا تبقى الدرر غائبة وسط الطحالب. وهذه البلاءات والفتن تصقل النفوس القابلة وتهذّبها وترفع من شأنها في الدنيا والآخرة.
⊙ وعلى هذا الأساس فقد تصدّر المقطع الثاني من هذه السورة الذي يتكلم عن معركة الأحزاب بتذكير المؤمنين بنعمة كبرى منّ عليهم بها، فتقول الآية الشريفة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [الأحزاب: ٩]. وعِظم هذه النعمة التي يذكّر الله بها المؤمنين نشأت من شدة البلاء وعظمته؛ إذ اجتمعت عليهم الأعداء من كل حدب وصوب، الأمر الذي أدّى إلى وقوع الكثير منهم في حالة من الرعب الشديد، ولقد كان تعبير القرآن الكريم في مقام بيان شدة تلك الظروف وعظم الخوف الذي أصابهم من أبلغ التعابير، فقال: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: ١٠]. فالبعض منهم بدأت تختلجه الظنون في وعد الله تبارك وتعالى بإظهار دينه على سائر الأديان، ونصرة نبيّه، ورفعة شأن المسلمين وعزتهم، فبدأ يصل إلى أسماع المؤمنين هنا وهناك تشكيكات: أين نصر الله؟ أين وعده؟ أين قدرته؟ كما ربما نسمع في هذه الأيام بعض هذه التشكيكات من ضعاف الإيمان، فتهذر ألسنتهم بعض ما في قلوبهم، فيقولون: لماذا لا نستسلم ونعلن انهزامنا لنحقن دماءنا؟ هل يستحق الجهاد كل هذه الدماء التي سفكت. وأنا بدوري أذكركم بتاريخٍ قد عاصرناه وخبرناه جيدا. قبل أن يلتحق لبنان بقافلة أمّة الجهاد دخل العدو الغاشم إلى لبنان سنة ١٩٨٢، وقال رئيس وزرائه آنذاك (مناحيم بيغن): تكفينا الفرقة الموسيقية لاحتلال لبنان من أوله إلى آخره، وهذا ما حصل بالفعل، فقد وصل جيشهم إلى بيروت التي تبعد عن حدود فلسطين (١٣٧ كلم) في مدة سبعة أيام. وبعد أن التحقنا بقافلة الجهاد أخرجنا العدو الغاصب من كل أرضنا تقريبا. ثم حاول الكرة ثانية في سنة ٢٠٠٦، واستطاع في مدة ثلاثة وثلاثين يوم بكل إمكانياته المدعومة من الشيطان الأكبر ومن يدور في فلكه أن يصل إلى عمق (٦ كلم) لا غير. وها نحن اليوم بعد أن التحقنا بقافلة أمة الشهداء، وبعد مرور خمسين يوماً على الحرب البرية (إلى حين كتابة هذا النص) لم يستطع العدو رغم إمكاناته الفائقة والمتطورة وعنجهيته في ممارسة القتل والدمار أن يتجاوز (صفر كلم). ومن هنا نعرف أن العزة والكرامة لا تأتي للأمة من دون بذل الدماء الزكية وسفك المهج النقية.
⊙ فكما أنّ المؤمنين الأوائل - قبل أن يمنّ الله عليهم بالنصر المؤزر على الأحزاب المجتمعة بإرسال ريح شديدة وجنود لا نراها - كان لزاماً عليهم أن يمروا في مرحلة التمحيص والامتحان، كما قال تعالى: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: ١١]، وبما أنّ هذا من سنن الله الثابتة: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ۖ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: ٦٢]، فلا بدّ أنْ يكون الأمر في هذه الأيام كذلك، ونجاحنا في هذا البلاء والتمحيص رهن رباعية (الصبر، والتسليم لمشيئة الله، والثقة به، وعمل كل واحد منا بوظيفته الشرعية).
يتبع في روضة جديدة إن شاء الله...
🌾 دُمْتُم بِخَيْرٍ وعَافِيَة
_📬
↙ للمشاركة؛ يُمكنكم إرسال أسئلتكم عبر الضغط على هذا الرابط:
telegram.me/rawdawilaya
📌 رابط القناة:
https://telegram.me/rawda_wilayah