Посты канала كناشة محمد نور الإسلام

"فشمس العمر على شفا، وماء الحياة إلى نضوب، ونجم العيش إلى أفول، وظل التلبث إلى قلوص"
2,531 подписчиков
1,840 фото
303 видео
Последнее обновление 09.03.2025 00:51
Похожие каналы

44,538 подписчиков

11,859 подписчиков

8,906 подписчиков
Последний контент, опубликованный в كناشة محمد نور الإسلام на Telegram
مابعد الطوفان وواجب الأمة.
تتأسس الحركية التاريخية الفاعلة على منطق التكامل بين المسارات المتعددة لا على الإحلال القسري لأحدها محل الآخر، والتاريخ بوصفه مجالاً مفتوحًا للصيرورة، لا يتحرك بخطوط مستقيمة أحادية، بل بتشابك معقد بين قوى تهدم وتؤسس، تصطدم وتراكم، تتفجر فجائيًا وتتحرك بتؤدة على المدى الطويل، محدثة نوعا من المسارات، والمجتمعات ليست كيانات ساكنة تُساق وفق نموذج واحد، بل بنيات متشابكة لا يمكن النفاذ إلى تحولاتها العميقة إلا من خلال تعددية الوسائط والمسارات، والخطأ الجوهري في التفكير الأحادي الشائع بين الإسلاميين، ذلك التفكير الذي يجعل الحل في مقاربة واحدة تختلف بحسب المنابع الايديولوجية للناس، فإما الحل في المسار العسكري الحمسي وإما في المسار التنظيمي، وإما في المسار العلمي، وإما في المسار الدعوي...الخ = يكمن في افتراض أن فعلًا واحدًا، مهما بلغت صلابته، قادر على استنفاد شروط النجاح وحده، متناسيًا أن الفعل التاريخي هو في جوهره عملية مركبة تحتاج إلى شبكات متداخلة من المفاعيل والتأثيرات، الاستمرارية تتطلب جدلية حية بين لحظة الانفجار التي تعيد تعريف الممكن، وبين لحظة التراكم التي تثبت إمكانيته ضمن نسيج الواقع... و كل واحدة من هذه المسارات سابقة الذكر ( العلمي، الدعوي، العسكري، التنظيمي...) رغم أهميتها، لا يمكنها بمفردها حمل المشروع التاريخي للأمة، فالتنظيم، مهما بلغت دقته، يظل بنية خاوية إن لم يكن متصلًا بحركة الواقع ومتفاعلًا مع مجالات الفكر والدعوة والمجتمع، وإذا تحول إلى غاية في ذاته فقد ينتهي إلى حالة من الانغلاق البنيوي والعقم التاريخي و الفعل العسكري، رغم كونه ضرورة في بعض السياقات، لا يمكن أن يكون المسار الأوحد، إذ أن كل صراع مسلح يحتاج إلى قاعدة فكرية وثقافية واجتماعية تشرعن فعله وتوفر له أفقًا استراتيجيًا أوسع من مجرد المواجهة المباشرة، أما النزعة الدعوية، التي تُعلي من شأن الوعظ والتأثير الروحي، فإنها تصبح عاجزة عن التغيير إذا لم تواكبها حركة اجتماعية وتنظيمية قادرة على استثمار الوعي الناشئ وتحويله إلى واقع ملموس ( والاهم = دائم) ومن ناحية أخرى، فإن الرهان على العلم وحده ( وهذا شائع عند بعض فرق السلفية) دون الاشتباك مع قضايا الواقع ودون وجود إطار حركي يستوعب مخرجاته، يجعله مجرد ترف معرفي لا تأثير له في البناء الحضاري.
والفعل الهدمي لايناقض البنائي ولايجب، إذ أن الفعل الهَدمي الذي يشعل جذوة الوعي هو في حد ذاته ضرورة استراتيجية، لكنه يصبح عدميًا إذا لم يُجدل ضمن مشروع بنائي يوفر له أفقًا تتجسد فيه طاقته الثورية، = بالمقابل فإن البناء الذي يخلو من قدرة على الاشتباك مع واقع مقاوم يصبح شكلاً من أشكال الاندماج القسري في منظومة تملك آليات امتصاصه وإعادة تدويره ضمن بنيته لذلك، فإن النجاح لا يكمن فقط في صحة المسارات المتعددة، بل في ضرورة تواجدها معًا، في آنٍ واحد، حيث يعمل كل منها بوصفه جزءًا من منظومة أوسع تُحقق التوازن بين القوة والمرونة، بين الهدم والتأسيس، بين الصدام والمراكمة، وفي لحظات التحول الكبرى، لا يكفي أن تُبنى المؤسسات، بل يجب أن يكون ثمة ما يبقي جذوة الحركة مشتعلة، تمامًا كما لا يكفي أن يُقاوم الواقع المتحجر، بل لا بد من إيجاد بنى بديلة قابلة للاستمرار بعد اهتزاز القديم.
تتأسس الحركية التاريخية الفاعلة على منطق التكامل بين المسارات المتعددة لا على الإحلال القسري لأحدها محل الآخر، والتاريخ بوصفه مجالاً مفتوحًا للصيرورة، لا يتحرك بخطوط مستقيمة أحادية، بل بتشابك معقد بين قوى تهدم وتؤسس، تصطدم وتراكم، تتفجر فجائيًا وتتحرك بتؤدة على المدى الطويل، محدثة نوعا من المسارات، والمجتمعات ليست كيانات ساكنة تُساق وفق نموذج واحد، بل بنيات متشابكة لا يمكن النفاذ إلى تحولاتها العميقة إلا من خلال تعددية الوسائط والمسارات، والخطأ الجوهري في التفكير الأحادي الشائع بين الإسلاميين، ذلك التفكير الذي يجعل الحل في مقاربة واحدة تختلف بحسب المنابع الايديولوجية للناس، فإما الحل في المسار العسكري الحمسي وإما في المسار التنظيمي، وإما في المسار العلمي، وإما في المسار الدعوي...الخ = يكمن في افتراض أن فعلًا واحدًا، مهما بلغت صلابته، قادر على استنفاد شروط النجاح وحده، متناسيًا أن الفعل التاريخي هو في جوهره عملية مركبة تحتاج إلى شبكات متداخلة من المفاعيل والتأثيرات، الاستمرارية تتطلب جدلية حية بين لحظة الانفجار التي تعيد تعريف الممكن، وبين لحظة التراكم التي تثبت إمكانيته ضمن نسيج الواقع... و كل واحدة من هذه المسارات سابقة الذكر ( العلمي، الدعوي، العسكري، التنظيمي...) رغم أهميتها، لا يمكنها بمفردها حمل المشروع التاريخي للأمة، فالتنظيم، مهما بلغت دقته، يظل بنية خاوية إن لم يكن متصلًا بحركة الواقع ومتفاعلًا مع مجالات الفكر والدعوة والمجتمع، وإذا تحول إلى غاية في ذاته فقد ينتهي إلى حالة من الانغلاق البنيوي والعقم التاريخي و الفعل العسكري، رغم كونه ضرورة في بعض السياقات، لا يمكن أن يكون المسار الأوحد، إذ أن كل صراع مسلح يحتاج إلى قاعدة فكرية وثقافية واجتماعية تشرعن فعله وتوفر له أفقًا استراتيجيًا أوسع من مجرد المواجهة المباشرة، أما النزعة الدعوية، التي تُعلي من شأن الوعظ والتأثير الروحي، فإنها تصبح عاجزة عن التغيير إذا لم تواكبها حركة اجتماعية وتنظيمية قادرة على استثمار الوعي الناشئ وتحويله إلى واقع ملموس ( والاهم = دائم) ومن ناحية أخرى، فإن الرهان على العلم وحده ( وهذا شائع عند بعض فرق السلفية) دون الاشتباك مع قضايا الواقع ودون وجود إطار حركي يستوعب مخرجاته، يجعله مجرد ترف معرفي لا تأثير له في البناء الحضاري.
والفعل الهدمي لايناقض البنائي ولايجب، إذ أن الفعل الهَدمي الذي يشعل جذوة الوعي هو في حد ذاته ضرورة استراتيجية، لكنه يصبح عدميًا إذا لم يُجدل ضمن مشروع بنائي يوفر له أفقًا تتجسد فيه طاقته الثورية، = بالمقابل فإن البناء الذي يخلو من قدرة على الاشتباك مع واقع مقاوم يصبح شكلاً من أشكال الاندماج القسري في منظومة تملك آليات امتصاصه وإعادة تدويره ضمن بنيته لذلك، فإن النجاح لا يكمن فقط في صحة المسارات المتعددة، بل في ضرورة تواجدها معًا، في آنٍ واحد، حيث يعمل كل منها بوصفه جزءًا من منظومة أوسع تُحقق التوازن بين القوة والمرونة، بين الهدم والتأسيس، بين الصدام والمراكمة، وفي لحظات التحول الكبرى، لا يكفي أن تُبنى المؤسسات، بل يجب أن يكون ثمة ما يبقي جذوة الحركة مشتعلة، تمامًا كما لا يكفي أن يُقاوم الواقع المتحجر، بل لا بد من إيجاد بنى بديلة قابلة للاستمرار بعد اهتزاز القديم.
من نقاط القوة الكبيرة عند الطائفة الشيعية العمل الكبير على الجوانب النفسية المساعدة على بناء الفعالية وتثبيتها وإدامتها، ويمكن أن تجد هذا في اللطميات التي يمكنها أن تحرك حتى أكبر العصاة نحو ساحات الجهاد بكلماتها ونسق الحركة والاهازيج فيها، ويمكن أن تراها كذلك في الجنائز وعملية إدارة التجمعات البشرية الهائلة
ولا يفعل مثل هذا في الوسط السني إلا المقاومة الفلسطينية الشريفة - مع تواضع مواردها-
نقطة للدراسة والتعلم والاستفادة
ولا يفعل مثل هذا في الوسط السني إلا المقاومة الفلسطينية الشريفة - مع تواضع مواردها-
نقطة للدراسة والتعلم والاستفادة
حزب الله وكارثة قراءة المشهد السوري (2)
إذا تأمل الناظر في تعامل الجكاهير مع حركات المقاومة، خاصة إذا كان مجال المقارنة الزمني طويلا بما يكفي، اتضح له أن المبدأ والنموذج جزء أساس في تأسيس الابعاد البرغماتية نفسها، فالفصل بين النموذج والمصلحة، بين الفكرة وتطبيقها فصلا جوهرانيا كليا لامعنى له حتى بحسابات السياسة الوضعية، و القوة الحقيقية لأي حركة مقاومة لا تتحدد فقط بحجم تسليحها أو قدرتها العسكرية، بل أيضًا بالهالة الرمزية التي تحيط بها، والتي تمنحها نوعًا من الشرعية غير القابلة للاستنزاف السريع، وفي هذا السياق، وفي إطار المنطق المقارن يمكن فهم المكانة شبه الأسطورية التي كان يتمتع يتمتع بها عماد مغنية، وفي الوقت عينه النقاش الحاد حول نصر الله اليوم، فعماد لم يصور في تلك الصورة فقط بسبب دوره العسكري في تطوير القدرات القتالية لحزب الله، ولا بسبب عملياته وإثخانه في الأمريكان، ولكن أيضًا بسبب بقائه في منطقة "رمزية" نقية لم تتلوث بحسابات السياسة الإقليمية الطائفية، و لم يكن مغنية مجرد قائد عسكري، بل كان تجسيدًا لما يمكن تسميته بـ"المقاوم المجرّد"، الذي ظل محصنًا من الدخول في صراعات داخلية، مما جعله يحظى بإجلال واسع حتى خارج الدائرة الشيعية، لأن صورته لم تتعرض للاهتزاز في وعي الجماهير العربية والإسلامية، هذا النقاء الرمزي، الذي حُرِمَ منه الحزب بعد تدخله في الحرب السورية، هو بالضبط ما يكشف التناقض العميق في استراتيجيته...فبينما كان الحزب يسعى إلى تأمين بقائه وتعزيز قوته، انتهى به الأمر إلى تقويض أحد أهم مصادر قوته وهي = المشروعية التي تتجاوز الطائفة..و مغنية لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان نموذجًا لما يمكن أن يكون عليه الحزب لو ظل محكومًا بمنطق المقاومة البحتة، بدلاً من الانخراط في تحالفات إقليمية جعلته طرفًا في صراع لا يخدم صورته، حتى لو كان يخدم مصالحه الآنية...هنا يظهر التناقض الجوهري بين ما هو براغماتي على المدى القصير وما هو براغماتي على المدى الطويل...فبينما بدا التدخل في سوريا ضرورة استراتيجية لحماية خط الإمداد، كانت الحقيقة الأعمق أن هذا التدخل أضر بقدرة الحزب على الاستمرار كحركة مقاومة ذات شرعية جامعة، فالمقاومة التي تفقد بعدها الرمزي، وتتحول إلى مجرد فاعل عسكري في لعبة إقليمية، تفقد تدريجيًا القدرة على توليد الرموز الجامعة، وتتحول إلى كيان محكوم بحسابات جزئية لا تستطيع أن تضمن له الاستمرار بنفس الزخم السابق.
طبعا لو ظل مغنية حيًا بعد الثورة فربما حدث له مايحدث للحزب اليوم، ولكن الحكم على الأفراد ليس هو المقصود، ولكن المقصود هو التفكير في النماذج من حيث كونها أنماط يتعلم منها.
إذا تأمل الناظر في تعامل الجكاهير مع حركات المقاومة، خاصة إذا كان مجال المقارنة الزمني طويلا بما يكفي، اتضح له أن المبدأ والنموذج جزء أساس في تأسيس الابعاد البرغماتية نفسها، فالفصل بين النموذج والمصلحة، بين الفكرة وتطبيقها فصلا جوهرانيا كليا لامعنى له حتى بحسابات السياسة الوضعية، و القوة الحقيقية لأي حركة مقاومة لا تتحدد فقط بحجم تسليحها أو قدرتها العسكرية، بل أيضًا بالهالة الرمزية التي تحيط بها، والتي تمنحها نوعًا من الشرعية غير القابلة للاستنزاف السريع، وفي هذا السياق، وفي إطار المنطق المقارن يمكن فهم المكانة شبه الأسطورية التي كان يتمتع يتمتع بها عماد مغنية، وفي الوقت عينه النقاش الحاد حول نصر الله اليوم، فعماد لم يصور في تلك الصورة فقط بسبب دوره العسكري في تطوير القدرات القتالية لحزب الله، ولا بسبب عملياته وإثخانه في الأمريكان، ولكن أيضًا بسبب بقائه في منطقة "رمزية" نقية لم تتلوث بحسابات السياسة الإقليمية الطائفية، و لم يكن مغنية مجرد قائد عسكري، بل كان تجسيدًا لما يمكن تسميته بـ"المقاوم المجرّد"، الذي ظل محصنًا من الدخول في صراعات داخلية، مما جعله يحظى بإجلال واسع حتى خارج الدائرة الشيعية، لأن صورته لم تتعرض للاهتزاز في وعي الجماهير العربية والإسلامية، هذا النقاء الرمزي، الذي حُرِمَ منه الحزب بعد تدخله في الحرب السورية، هو بالضبط ما يكشف التناقض العميق في استراتيجيته...فبينما كان الحزب يسعى إلى تأمين بقائه وتعزيز قوته، انتهى به الأمر إلى تقويض أحد أهم مصادر قوته وهي = المشروعية التي تتجاوز الطائفة..و مغنية لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان نموذجًا لما يمكن أن يكون عليه الحزب لو ظل محكومًا بمنطق المقاومة البحتة، بدلاً من الانخراط في تحالفات إقليمية جعلته طرفًا في صراع لا يخدم صورته، حتى لو كان يخدم مصالحه الآنية...هنا يظهر التناقض الجوهري بين ما هو براغماتي على المدى القصير وما هو براغماتي على المدى الطويل...فبينما بدا التدخل في سوريا ضرورة استراتيجية لحماية خط الإمداد، كانت الحقيقة الأعمق أن هذا التدخل أضر بقدرة الحزب على الاستمرار كحركة مقاومة ذات شرعية جامعة، فالمقاومة التي تفقد بعدها الرمزي، وتتحول إلى مجرد فاعل عسكري في لعبة إقليمية، تفقد تدريجيًا القدرة على توليد الرموز الجامعة، وتتحول إلى كيان محكوم بحسابات جزئية لا تستطيع أن تضمن له الاستمرار بنفس الزخم السابق.
طبعا لو ظل مغنية حيًا بعد الثورة فربما حدث له مايحدث للحزب اليوم، ولكن الحكم على الأفراد ليس هو المقصود، ولكن المقصود هو التفكير في النماذج من حيث كونها أنماط يتعلم منها.
حزب الله وكارثة قراءة المشهد في الثورة السورية (1)
قرأت خلال الفترة الماضية عدد هائل من التحليلات ( الغربية في الغالب) التي تشرح أسباب الكارثة التنظيمية التي لحقت بالحزب خلال الحرب الأخبرة، والفكرة التي كونتها من خلال هذا، أنه حينما قرر حزب الله التدخل في الحرب السورية، لم يكن قراره مجرد إجراء عسكري لحماية خطوط الإمداد، بل كان تحوّلًا استراتيجيًا عميقًا مسَّ جوهر بنيته وطبيعة دوره في المنطقة، فمن كيان مقاوم يعتمد على استراتيجية اللامركزية + وحرب العصابات + والمرونة العملياتية = وجد نفسه مضطرًا للتحول إلى جيش شبه نظامي، منخرط في حرب مفتوحة، محدد الجبهات، مكشوف الأهداف، يخوض معارك لا يمكنه الانسحاب منها دون تداعيات سياسية وعسكرية جسيمة.
هذا التحول لم يكن مجرد تغير في الأسلوب القتالي، بل كان انتقالًا من منطق "الفاعل غير الدولتي" الذي يتحرك بحرية في بيئات معقدة، إلى منطق "القوة النظامية" التي تصبح جزءًا من موازين القوى الإقليمية، وبالتالي عرضة للحسابات المكشوفة والتوازنات الدولية التي لم يكن الحزب مضطرًا للالتزام بها في السابق. ففي مرحلة المقاومة البحتة، كان الحزب قادرًا على المناورة داخل فضاء ضبابي يسمح له بالضرب ثم الاختفاء، باستغلال التضاريس، والتكتيكات غير النظامية، وعدم ثبات تموضُعه اللوجستي، وهو ما منحه ميزة استراتيجية كبرى أمام إسرائيل، التي لم تكن قادرة على تحديد بنيته بدقة، أو ضربه في مقتل.
لكن حينما دخل في المستنقع السوري، تغيرت هذه المعادلة جذريًا. فقد اضطر الحزب إلى إنشاء خطوط إمداد ثابتة، وقواعد عملياتية مكشوفة، وتمركزات عسكرية معلومة، وهيكلية قيادة باتت أكثر وضوحًا في بنيتها واتصالها بالحلفاء الإقليميين. هذا التطور جعل الحزب مكشوفًا أمام الاستخبارات الإسرائيلية، التي وجدت في هذا التغيير فرصة ذهبية لدراسة الحزب، وتحليل بنيته العسكرية واللوجستية، وفهم طريقة تحركه وتموضُعه. وبذلك أصبح الحزب الذي كان عصيًا على الرصد، خاضعًا لآليات الاستنزاف التدريجي، حيث لم يعد من الممكن له أن يختفي كما كان يفعل في السابق، بل بات هدفًا يمكن استهدافه سواء بالغارات الجوية، أو عبر استنزافه في حرب طويلة الأمد تُنهكه دون حاجة إلى معركة مباشرة معه.
الإشكالية العميقة في هذا القرار أنه جاء نتيجة حسابات براغماتية قصيرة المدى غلّبت الضرورة الآنية (حماية خطوط الإمداد) على الاعتبارات الاستراتيجية بعيدة المدى (المحافظة على الطبيعة غير النظامية للمقاومة). ففي الفكر العسكري، المقاومة غير النظامية تكتسب قوتها من كونها غير مرتبطة بجغرافيا واضحة، ولا تعتمد على بنية عسكرية ثابتة يمكن ضربها بسهولة...لكن حينما يتحول هذا النمط إلى جيش شبه نظامي، فإنه يفقد هذه الميزة تدريجيًا، ويدخل في نفس المعضلات التي تواجهها الجيوش النظامية، من حيث صعوبة التحرك بسرية، وتزايد الحاجة إلى خطوط إمداد يمكن استهدافها، ووضوح البنية القيادية التي يمكن اختراقها أو تفكيكها بعمليات مركزة.
وبالتالي فإن النتيجة النهائية لم تكن مجرد فقدان عنصر المفاجأة أو المرونة، بل كانت انقلابًا على الأسس التي قامت عليها استراتيجية الحزب منذ تأسيسه. فبدل أن يكون كيانًا غير قابل للتطويق العسكري، وجد نفسه يتحرك داخل معادلة يمكن ضبطها، ويمكن استدراجه إلى مواجهات تقيده وتُفقده القدرة على فرض قواعد الاشتباك التي كانت تمنحه التفوق في المواجهة مع إسرائيل.
وما يزيد من خطورة هذا التحول أن الحزب لم يعد يمتلك رفاهية التراجع إلى موقعه السابق، فالوجود في سوريا لم يكن مجرد تدخل عابر، بل أصبح جزءًا من بنيته الاستراتيجية، مما يعني أن أي انسحاب أو تغيير في التموضع سيكون له كلفة سياسية وعسكرية عالية...وهذا يعكس المعضلة الكبرى في القرار الأصلي: حينما يتخذ الفاعل غير الدولتي قرارًا يجعله مرتبطًا بمنطق الدول، فإنه يفقد تدريجيًا قدرته على العمل كفاعل مستقل، ويصبح أكثر عرضة للضغوط والتوازنات التي لم يكن مضطرًا للتعامل معها من قبل.
لهذا فالتدخل السوري من ناحية عسكرية محصة= لم يكن مجرد مغامرة عسكرية، بل كان لحظة إعادة تعريف لدور الحزب، حيث انتقل من كونه مقاومة لا مركزية، قادرة على المناورة والاختفاء، إلى كيان له التزامات إقليمية، وجغرافيا عسكرية يمكن رصدها، وخطوط إمداد يمكن استهدافها، وهو ما جعله أكثر هشاشة أمام الاستراتيجيات المعادية، سواء كانت إسرائيلية أو حتى استنزافية من أطراف إقليمية أخرى.
قرأت خلال الفترة الماضية عدد هائل من التحليلات ( الغربية في الغالب) التي تشرح أسباب الكارثة التنظيمية التي لحقت بالحزب خلال الحرب الأخبرة، والفكرة التي كونتها من خلال هذا، أنه حينما قرر حزب الله التدخل في الحرب السورية، لم يكن قراره مجرد إجراء عسكري لحماية خطوط الإمداد، بل كان تحوّلًا استراتيجيًا عميقًا مسَّ جوهر بنيته وطبيعة دوره في المنطقة، فمن كيان مقاوم يعتمد على استراتيجية اللامركزية + وحرب العصابات + والمرونة العملياتية = وجد نفسه مضطرًا للتحول إلى جيش شبه نظامي، منخرط في حرب مفتوحة، محدد الجبهات، مكشوف الأهداف، يخوض معارك لا يمكنه الانسحاب منها دون تداعيات سياسية وعسكرية جسيمة.
هذا التحول لم يكن مجرد تغير في الأسلوب القتالي، بل كان انتقالًا من منطق "الفاعل غير الدولتي" الذي يتحرك بحرية في بيئات معقدة، إلى منطق "القوة النظامية" التي تصبح جزءًا من موازين القوى الإقليمية، وبالتالي عرضة للحسابات المكشوفة والتوازنات الدولية التي لم يكن الحزب مضطرًا للالتزام بها في السابق. ففي مرحلة المقاومة البحتة، كان الحزب قادرًا على المناورة داخل فضاء ضبابي يسمح له بالضرب ثم الاختفاء، باستغلال التضاريس، والتكتيكات غير النظامية، وعدم ثبات تموضُعه اللوجستي، وهو ما منحه ميزة استراتيجية كبرى أمام إسرائيل، التي لم تكن قادرة على تحديد بنيته بدقة، أو ضربه في مقتل.
لكن حينما دخل في المستنقع السوري، تغيرت هذه المعادلة جذريًا. فقد اضطر الحزب إلى إنشاء خطوط إمداد ثابتة، وقواعد عملياتية مكشوفة، وتمركزات عسكرية معلومة، وهيكلية قيادة باتت أكثر وضوحًا في بنيتها واتصالها بالحلفاء الإقليميين. هذا التطور جعل الحزب مكشوفًا أمام الاستخبارات الإسرائيلية، التي وجدت في هذا التغيير فرصة ذهبية لدراسة الحزب، وتحليل بنيته العسكرية واللوجستية، وفهم طريقة تحركه وتموضُعه. وبذلك أصبح الحزب الذي كان عصيًا على الرصد، خاضعًا لآليات الاستنزاف التدريجي، حيث لم يعد من الممكن له أن يختفي كما كان يفعل في السابق، بل بات هدفًا يمكن استهدافه سواء بالغارات الجوية، أو عبر استنزافه في حرب طويلة الأمد تُنهكه دون حاجة إلى معركة مباشرة معه.
الإشكالية العميقة في هذا القرار أنه جاء نتيجة حسابات براغماتية قصيرة المدى غلّبت الضرورة الآنية (حماية خطوط الإمداد) على الاعتبارات الاستراتيجية بعيدة المدى (المحافظة على الطبيعة غير النظامية للمقاومة). ففي الفكر العسكري، المقاومة غير النظامية تكتسب قوتها من كونها غير مرتبطة بجغرافيا واضحة، ولا تعتمد على بنية عسكرية ثابتة يمكن ضربها بسهولة...لكن حينما يتحول هذا النمط إلى جيش شبه نظامي، فإنه يفقد هذه الميزة تدريجيًا، ويدخل في نفس المعضلات التي تواجهها الجيوش النظامية، من حيث صعوبة التحرك بسرية، وتزايد الحاجة إلى خطوط إمداد يمكن استهدافها، ووضوح البنية القيادية التي يمكن اختراقها أو تفكيكها بعمليات مركزة.
وبالتالي فإن النتيجة النهائية لم تكن مجرد فقدان عنصر المفاجأة أو المرونة، بل كانت انقلابًا على الأسس التي قامت عليها استراتيجية الحزب منذ تأسيسه. فبدل أن يكون كيانًا غير قابل للتطويق العسكري، وجد نفسه يتحرك داخل معادلة يمكن ضبطها، ويمكن استدراجه إلى مواجهات تقيده وتُفقده القدرة على فرض قواعد الاشتباك التي كانت تمنحه التفوق في المواجهة مع إسرائيل.
وما يزيد من خطورة هذا التحول أن الحزب لم يعد يمتلك رفاهية التراجع إلى موقعه السابق، فالوجود في سوريا لم يكن مجرد تدخل عابر، بل أصبح جزءًا من بنيته الاستراتيجية، مما يعني أن أي انسحاب أو تغيير في التموضع سيكون له كلفة سياسية وعسكرية عالية...وهذا يعكس المعضلة الكبرى في القرار الأصلي: حينما يتخذ الفاعل غير الدولتي قرارًا يجعله مرتبطًا بمنطق الدول، فإنه يفقد تدريجيًا قدرته على العمل كفاعل مستقل، ويصبح أكثر عرضة للضغوط والتوازنات التي لم يكن مضطرًا للتعامل معها من قبل.
لهذا فالتدخل السوري من ناحية عسكرية محصة= لم يكن مجرد مغامرة عسكرية، بل كان لحظة إعادة تعريف لدور الحزب، حيث انتقل من كونه مقاومة لا مركزية، قادرة على المناورة والاختفاء، إلى كيان له التزامات إقليمية، وجغرافيا عسكرية يمكن رصدها، وخطوط إمداد يمكن استهدافها، وهو ما جعله أكثر هشاشة أمام الاستراتيجيات المعادية، سواء كانت إسرائيلية أو حتى استنزافية من أطراف إقليمية أخرى.
والأمر ليس مقتصرا على الجانب التربوي القيمي فحسب، بل فتح ميدانا واسعا للتساؤل حول مدى دقة الأطروحات الفكرية الرائجة اليوم، بل وأتاح شواهد كثيرة على كافة الأصعدة تُعين على قياسها ومحاكمتها..
الطوفان مدرسة تربية النفس الأكبر في حياة أجيال بعينها، جسّد نماذج كانت لاتُرى إلا في بطون الكتب...
الكثير من الأحاديث التي تدور حول تأثير طبيعة الحياة المعاصرة على اشتغال الرجال في ميادين الإصلاح، تقدم تصورا تبسيطيًا للواقع، وطبعا هذا لا ينطق على كل الأحاديث ولكن على الكثير منها، إذ أن التأمل في الواقع يكشف في جوانب منه ( لا كلها) أن الإنسان المعاصر خاضع إلى مخيال تصوري حول معايير الحياة الجيدة، فما يعتبره الإنسان "ضروريًا" ليس معطى موضوعيًا بالضرورة، بل هو نتاج مخيال جماعي يُعيد إنتاج معايير الرفاه والمعيشة، ويحدد ما يُعتبر "حياة مقبولة" وما يُعتبر نوعا من التقصير المعاشي، من خلال هذه الزاوية، يمكن فهم كيف يتحول العيش المادي إلى سجن نفسي، حيث لا يكون الإنسان محكومًا فقط بالحاجة الحقيقية، بل أيضًا بمعايير وهمية تفرضها الثقافة الاستهلاكية، وفي هذا السياق، تبرز نماذج مضادة تُعيد تعريف فكرة الرفاه وفق منطق غير استهلاكي، حيث لا يرتبط النجاح المعيشي بحجم التملك بل بمدى الفاعلية والقدرة على تحقيق المعنى، من أبرز هذه النماذج حالة أسرة القائد العسكري في كتائب القسام، محمد الضيف، الذي عرضت قناة الجزيرة صورة منزله المتواضع، الذي بدا وكأنه منزل فقير معدم لا منزل قائد أركان حركة مقاومة تخوض صراعًا جهاديا وجوديًا، لكن هذه الصورة ليست دليل عجز أو نقص، بل هي إعادة تعريف لمفهوم الضرورة خارج الإطار الرأسمالي الاستهلاكي، حيث تصبح القيمة الحقيقية للفرد غير مرتبطة بمستوى رفاهيته، بل بمدى تأثيره وفاعليته في مشروعه الوجودي. في مثل هذه الحالات، لا يُنظر إلى الحياة البسيطة كمؤشر على الفقر، بل كمؤشر على التحرر من معايير العيش الاستهلاكي الذي يفترض أن تحقيق الذات يمر عبر امتلاك المزيد...وبهذا تتحول المفاهيم السائدة عن النجاح إلى موضع مساءلة، إذ لا يكون الامتلاك معيارًا مطلقًا، بل يصبح مجرد اختيار ضمن شبكة خيارات أوسع تحددها طبيعة المشروع الذي ينتمي إليه الفرد.