درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله @ferkousdorar Channel on Telegram

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

@ferkousdorar


قناة سلفية على تطبيق التليغرام تنشر درر و فتاوى #الشيخ_فركوس_عالم_الجزائر حفظه الله و رعاه

ferkousdorar (Arabic)

تعتبر قناة "درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله" أحد أهم القنوات السلفية على تطبيق التليغرام. تهدف هذه القناة إلى نشر الدرر والفتاوى للشيخ محمد علي فركوس، عالم الجزائر البارز والمعروف بعلمه وتقواه. الشيخ فركوس حفظه الله ورعاه يعتبر من أبرز العلماء الذين يعملون على نشر التعاليم السلفية الصحيحة وفق فهمهم العميق للدين والشريعة الإسلامية. يمكن لمتابعي هذه القناة الاستفادة من دروس ومواعظ الشيخ فركوس، والتي تعتبر مصدرا قيما للمعرفة والتوجيه الديني. إذا كنت تبحث عن محتوى تعليمي وتوجيهي يعتمد على السلفية الصحيحة، فإن قناة "درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله" هي الوجهة المثالية لك. انضم إلينا الآن لتستفيد من درر العلم والمعرفة وتقرب إلى الله بموجب تعاليم صحيحة وموثوقة.

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Nov, 11:22


🔰 *دعوة عامة*

┈┈ ••✦ 🕋 ✦•• ┈┈

لحضور الدرس الأسبوعي بعنوان :

📖 (مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول)
للتلمساني رحمه الله.

المجلس ( ٩٥ )

لفضيلة الشيخ
ا.د.غازي بن مرشد العتيبي

الليلة بعد صلاة العشاء.
🕋 بالمسجد الحرام
توسعة الملك فهد الدور العلوي

•┈┈┈••✦🔹✦••┈┈┈•

🔴 رابط البث المباشر

🔗صوتي:
http://mixlr.com/twjehdm

📖 المتن :
https://bit.ly/2Vtvy86​

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

18 Nov, 20:15


من مجلس اليوم السبت ١٥ جمادى الأول ، للشيخ فركوس حفظه الله تعالى .

أردني مصاب بجلطة دموية وهو في غيبوبة واصيبت بعض خلايا دماغه بالتلف ، وقاربت اخرى على التلف فارشده الاطباء لاقتناء دواء ولا يوجد الا في الكيان الصهيوني
فهل له أن يشتري هذا الدواء منهم ، و للشيخ الالباني رحمه الله كلام أنه لا يجوز الشراء من الكفار الذين يحاربون أهل الاسلام .
...
نعم يجوز له ان يشتري من اليهودي ما يصلح به بدنه ،
ويوقف مزيد هلكة خلايا دماغه ، كما جاء ان النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من اليهود طعاما ويسمى اليهودي ابو شحم ، ورهن له درعه من حديد وتوفي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة الى هذا اليهودي ... فهؤلاء كانوا متواجدين من الذميين في المدينة ... وكانت لهم احكام خاصة فيجوز الشراء من يهودي كما يجوز من غير اليهودي من بقية اهل الكفر ولكن من غير الاقرار لدينهم ولا محاباة بينهم فهذا التعامل مالي وليس قلبي ، فلا تجوز المودة بينهم ،لقوله تعالى:" لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم " .... ولو كان اقرب الاقربين وكانو كفار لا يواليهم لكن عدم المودة لا يلزم منه مثلا عدم البر بالوالدين وبالتالي فعدم المودة لا يلزم منها عدم البيع والشراء ، ومع ذلك فإن التبرء مما هم عليه من الديانة الباطلة لا يلزم ان لا نتعامل معهم في امور اخرى ... كالوالدين ولو كانو كفار لقوله تعالى "وصاحبهما في الدنيا معروفا".... كذلك التعامل مع اهل الذمة او غيرهم بيعا وشراءا ، وانما نقلت لنا عن الشيخ الالباني هو بالنسبة للمحاربين الذين يستغلون اموالك لمحاربة اهل الاسلام وديار الاسلام فهذا يعطي لهم المال للتقوية وتقوية اهل الكفر على اهل الاسلام سواءا كان مباشرا وهو يعلم او غير مباشر وهو يدرك ذلك فهذا لا يجوز ، مباشرة او بواسطة ، لكن كما هو معلوم اذا كان موجود هذا الدواء عندهم وممكن شراؤه عند صيدلياتهم فليست مما يعين على هذه الحرب ... فله ان يشتري ذلك

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

16 Nov, 10:12



الفتوى رقم: ١١٧٢
الصنف: فتاوى الصلاة - المساجد
في حكم بناء مسجدٍ على أرضٍ مُتنازَعٍ عليها
السؤال:
شَرَعَتْ مجموعةٌ مِن المواطنين في البناء على أرضيةٍ صالحةٍ للبناء تسلَّمَتْها بمُوجَبِ قرارِ استفادةٍ، غير أنَّ البلدية عطَّلَتِ اسْتِفادتَهم وأصدَرَتْ قرارَ هَدْمٍ للبنايات التي شيَّدَتْها هذه المجموعةُ فوق ذلك الوعاءِ العَقَاريِّ، وانْتَهَتِ المُنازَعةُ بحكمٍ قضائيٍّ مِن الجهةِ الإدارية يقضي بإبطالِ قرارِ الهدم وتعويضِ الأضرار المادِّيَّة الناجمةِ عنه.
وفي أثناءِ المنازَعةِ مع البلدية قامَتْ جمعيةٌ دينيةٌ بتسييجِ القطعة الأرضية بُغْيَةَ إقامةِ مسجدٍ عليها مُدَّعِينَ حصولَهم على رخصةِ تسييجٍ مِن طَرَفِ مَصالِحِ البلدية؛ الأمرُ الذي دَفَعَ المجموعةَ المستفيدة لرفعِ دعوى قضائيةٍ أخرى لإلغاءِ المبادَرةِ الخيرية للجمعية الدينية.
فالسؤال المطروح هو: هل فِعْلُ اللَّجْنَةِ الدينيةِ صحيحٌ؟ وهل يجوز بناءُ مسجدٍ على أرضٍ لا تُعَدُّ شاغرةً بل هي مِلْكٌ لأصحابها بموجَبِ قرارِ الاستفادة؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فبادئَ ذي بدءٍ ينبغي ـ لثبوتِ المِلْكية الخاصَّةِ بمُوجَبِ قرارِ الاستفادة ـ التأكُّدُ مِن كونِ القرار صحيحًا مُنْتِجًا لآثارِه، وذلك بتوفُّرِ الشروط، منها:
ـ أن يكون قرارُ الاستفادةِ غيرَ واقعٍ على مُسْتَثْمَرةٍ فلاحيةٍ.
ـ أن يكون القرارُ صادرًا مِن الجهةِ الرسمية الموكولِ إليها مَنْحُ مثلِ هذه القراراتِ بالطُّرُقِ الإدارية المعهودة.
ـ أن لا يكون قرارُ الاستفادةِ الذي تمنحه البلديةُ مُلْغًى مِن قِبَلِ مديريةِ أملاكِ الدولة، باعتبارِ القطعةِ الأرضية مُسْتَثْمَرةً فلاحيةً غيرَ صالحةٍ للبناء، ونحو ذلك ممَّا هو مُشْتَرَطٌ في قرارات الاستفادة.
وعليه، فإذا توفَّرَتْ هذه الشروطُ وغيرُها ممَّا تَثْبُتُ بها الملكيةُ التامَّةُ على القطعة الأرضية الممنوحةِ بموجَبِ قرارٍ صحيحٍ غيرِ مُلْغًى؛ فإنَّ موضوع القضيَّةِ تتعلَّق به الأحكامُ التالية:
لا يجوز بناءُ بيتٍ لله تعالى على مِلْكِ الغير مع إمكانِ إقامةِ بنائه في أرضٍ شاغرةٍ تابعةٍ للبلدية أو لأملاك الدولة، كما لا يجوز نَزْعُ ملكيةِ الغير لمصلحةِ بناءِ مسجدٍ في منطقةٍ سكنيةٍ تتوفَّر فيها العديدُ مِن المساجد التي تُقامُ فيها العمارةُ الإيمانية.
هذا، ولوليِّ الأمرِ [الحاكمِ] أو لنائبِه السلطةُ التقديريةُ الكاملةُ مع مُسْتَشاريه في تعيينِ أيِّ أرضٍ أو عَقَارٍ مُناسِبٍ لإقامةِ أيِّ مشروعٍ مُناسِبٍ للمنفعة العامَّة، سواءٌ في شَقِّ طريقٍ عامٍّ، أو تمريرِ أنبوبِ غازٍ طبيعيٍّ، أو إقامةِ جسرٍ، أو بناءِ مُسْتشفًى عامٍّ، أو وَضْعِ سكَّةِ قطارٍ حديديةٍ، أو توسيعِ مقبرةٍ، أو بناءِ مسجدٍ حالَ خُلُوِّ المنطقة السكنية منه أو انعدامِ أرضٍ تابعةٍ للدولة صالحةٍ لإقامةِ مسجدٍ فيها، وليس بالضرورة واللزومِ أن تكون القطعةُ الأرضيةُ المملوكةُ مَحَلًّا لنَزْعِ الملكية دون غيرِها مِن المُمْتَلَكات.
وممَّا يجدر التنبيهُ له والإشارةُ إليه أنَّ أَمْرَ نَزْعِ الملكيةِ للمصلحة العامَّة ليس موكولًا إلى الجمعية الدينية ـ أصلًا ـ، وإنما الحقُّ قائمٌ للدولة ممثَّلةً بوليِّ الأمر [الحاكمِ] أو نائبِه في أن يُجْرِيَ ـ ضرورةً ـ عَقْدًا جبريًّا ينزع فيه مِلْكيةَ عَقَارٍ أو دارٍ مِن صاحِبِها للنفع العامِّ إذا رأى أَنْ لا سبيلَ له إلَّا ذلك، ولا يُشْتَرطُ رضا المالكِ في العقود الجبرية تقديمًا للمصلحة العامَّةِ على الخاصَّة.
غيرَ أنَّ مِن اللازم معرفتُه أنَّ الحاكمَ أو نائِبَه إذا ما قدَّر نَزْعَ الملكيةِ للمصلحة العامَّةِ فلا يجوز له أن يعجِّل نَزْعَ ملكيةِ الغير إلَّا بعد تعويضِ مالكِ العَقَارِ تعويضًا فوريًّا وعادلًا، أي: مُناسِبًا للقطعةِ المنتزَعة مِن صاحِبِها، سواءٌ بتعويضِ عَقَارٍ آخَرَ مماثِلٍ للعَقَار الأوَّل، أو تعويضِه بقيمةٍ ماليةٍ عادلةٍ تجنُّبًا لأيِّ ضررٍ.
هذا، فإذا ما رُوعِيَتْ هذه الشروطُ جاز على ضوئها نَزْعُ الملكيةِ للمصلحة العامَّة. والإخلالُ بأيِّ شرطٍ يُعَدُّ اعتداءً على مِلْكِ الغيرِ وظلمًا محرَّمًا شرعًا: كالإخلال بشرطِ التعويض الفوريِّ والعادلِ قبل نَزْعِ الملكية، أو تغييرِ المَقْصِد مِن نَزْعِ الملكية مِن أجلِ المصلحةِ العامَّة بتوظيفها في الاستثمار العامِّ أو الخاصِّ دون المصلحة العامَّة.
وأخيرًا، فإنَّ المعلوم مِن الدينِ بالضرورة أنَّ الشريعة الإسلامية تحترم الملكيةَ الخاصَّةَ وترعاها وتصونها مِن أيِّ اعتداءٍ مِن غيرِ مُحِقٍّ، غيرَ أنه في حالةِ التعارض بين المصلحة الخاصَّة والعامَّة فإنه تُقَدَّم المصلحةُ العامَّةُ عملًا بالقواعد الشرعية والمَقاصِدِ المَرْعِيَّةِ للمَصالِح، وتنزيلًا للحاجةِ العامَّةِ منزلةَ الضرورة، فيُدْفَعُ الضررُ الأعمُّ بارتكاب الأخصِّ، مع مُراعاةِ

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

16 Nov, 10:12


الشروطِ السالفةِ البيانِ، الواجبِ تَوافُرُها للعمل بمقتضى القواعدِ الشرعية العامَّةِ السابقة.
هذا، وإذا تخلَّفَتْ شروطُ الملكيةِ الصحيحةِ أو فَسَدَتْ بقرارِ إلغاءٍ مِن قِبَلِ مديريةِ أملاكِ الدولة فإنَّ صاحِبَ قرارِ الاستفادةِ المُلغى لا صفةَ له على القطعةِ الأرضيةِ ولا يدَ شرعيةَ له فيها ولا سلطانَ.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٦ شعبان ١٤٣٥ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٤ جوان ٢٠١٤م

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

16 Nov, 10:05


الفتوى رقم: ٥٢٨
الصنف: فتاوى الصلاة ـ أحكام الصلاة
في حكم الصلاة في الأرض المغصوبة
السؤال:
يستولي بعضُ النَّاس ـ للحاجةِ المُلِحَّةِ إلى مأوًى ـ على قِطَعِ أرضٍ تابعةٍ لأملاكِ الدَّولة غالبًا، أو أملاكٍ مُهمَلةٍ للمواطنين أو للمُغترِبين الذين طالت غَيْبتُهم عن بلدهم نادرًا؛ فيبنون عليها سكناتٍ قصديريَّةً مؤقَّتةً.
ولا يخفى أنَّ مِثلَ هذا الغصبِ اعتداءٌ على أملاكِ غيرِهم مِنَ الأشخاصِ سواءٌ اعتباريِّين كانوا أم طبيعيِّين؛ وحرمةُ الغضبِ معلومةٌ، للنُّصوصِ الواردةِ في تحريمِ أكلِ أموالِ النَّاسِ بالباطلِ؛ لكنَّ الَّذي أحببتُ أَنْ أسألَ عنه هو: حكمُ الصلاة في هذه السَّكناتِ المبنيةِ على الأرضِ المغصوبةِ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فلا خلافَ بين أهلِ العلمِ أنَّه إِنْ كانَتْ جهةُ الأمرِ وجِهَةُ النهيِ مُنْفَكَّتَيْنِ فالفعلُ الواقع صحيحٌ، أمَّا إذا كانتَا غيرَ مُنْفكَّتين فالفعلُ باطلٌ لاستحالةِ اجتماع الضِدَّين في مَحَلٍّ واحدٍ(١)، لكنَّ العلماء ـ مِنْ حيث تطبيقُ القاعدةِ على المسائل في الواقع ـ يختلفون في تحقُّقِ الانفكاك مِنْ عدمه.
ففي الأرض المغصوبة يختلفون: هل جهةُ الأمرِ بالصلاةِ مُنْفَكَّةٌ عن جِهةِ النَّهيِ عن الغصبِ المحرَّمِ بالنصوصِ العامَّةِ الناهيةِ عن الاعتداءِ على الأموال، وبقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ»(٢)، أم هي غيرُ مُنْفكَّة؟
ـ فمَنْ رأى بانفكاكِ الجِهَة كما هو مذهبُ مالكٍ والشافعيِّ قال بصحَّةِ الصلاة مع الكراهة.
ـ ومَنْ رأى عَدَمَ انفكاكها قال ببطلان الصلاة وهو أصحُّ الروايتين عن الأمام أحمد وابن حبيب من المالكية وبه قال أكثر الحنابلة والظاهرية(٣)؛ لأنَّ «الصَّحابةَ والتابعين رضوان الله عليهم لم يزالوا يحتجُّون على فساد بياعات وأنكحة كثيرة بصدور النهي عنها، ولم ينكر بعضهم على بعض ذلك الاستدلال، بل يعارضُ بعضهم بعضًا بأدلةٍ أخرى»(٤)، ولأنَّ المكانَ الذي يَشْغَله بالصلاة إنما يشغل حيِّزًا مِنَ الفراغ بالركوع والسجود والقيام هو عاصٍ بفعله لها في ذلك الحيِّز، فكيف يتقرَّب إلى الله بالمعصية، و«اللهُ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا»(٥)؛ قال الشنقيطيُّ رحمه الله في تمثيله للوحدة بالعين: « الصلاة فى الارض المغصوبة، فلا يمكن عنده أَنْ يكون بعضُ أفرادها حرامًا وبعضُها مباحًا؛ وإيضاحُ مُرادِه أنَّ المُصلِّيَ فى الدار المغصوبة إذا قام إلى الصلاة شغَلَ بجسمه الفراغَ الذى هو كائنٌ فيه، وشغلُه الفراغَ المملوكَ لغيره بجسمه تعدِّيًا غصبٌ فهو حرامٌ، فهذا الركنُ الذي هو كائنٌ فيه في ركوعه، وإذا سجَدَ شغَلَ الفراغَ الذي هو كائنٌ فيه فى سجوده وهكذا، وشغلُ الفراغِ المملوكِ لغيره تعدِّيًا غصبٌ فلا يمكن أَنْ يكون قُربةً لامتناعِ كون الواحد بالعين واجبًا حرامًا قُربةً معصيةً لاستحالةِ اجتماع الضِّدَّيْن في شيءٍ واحدٍ مِنْ جهةٍ واحدةٍ؛ فيَلزَم بطلانُ الصلاةِ المذكورة...»(٦)، والصلاةُ في الأرض المغصوبةِ ـ في صورتِها غيرِ المنفكَّةِ من اجتماع الضِّدين ـ ليست مِنْ أمرنا فهي ردٌّ، للحديث الصحيح: «مَنْ أحدث في أمرِنا ما ليس منه فهو ردٌّ»(٧) وهي ـ أيضًا في صورتِها غيرِ المنفكَّةِ ـ كشأنِ الصلاة في المقبرة(٨)، وصلاة المرأةِ في زمن الحيضِ(٩)، فإنَّ ركوعها وسجودَها وقيامَها يَشْغَل حيِّزًا مِنَ الزمن يُنهى عن إيقاع الصلاةِ فيه، وهو زمنُ الحيض، ولَمَّا كانت صلاتُها لا تصحُّ بالإجماع فلا يختلف الأمرُ بالنسبة للمكان مِنْ حيث العصيانُ وعدمُ صحَّةِ الصلاة؛ فجِهَةُ الزمان والمكان واحدةٌ فلا يختلفان مِنْ حيث الحكمُ.
هذا كُلُّه ـ بناء على القول بعدم انفكاك الجهة ـ وعَلِمَ المصلِّي أنَّ المكانَ الذي يصلِّي فيه مغصوبٌ، فإِنْ صلَّى ـ وهو لا يعلم ـ صَحَّتْ صلاتُه لفقدان العلم بالنهي المتعلِّق بذلك المكان، فتصحُّ صلاتُه لِمَا ثَبَتَ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لمَّا أخبره جبريلُ عليه السلام أنَّ في خُفَّيْهِ أَذًى أَلْقَاهُمَا عن شماله وَمَضَى في صلاته وَبَنَى بَقِيَّةَ صلاتِه على الأُولى(١٠)، فلو كان الجزءُ الأَوَّلُ مِنْ صلاته باطلًا لَلَزِمَ البطلانُ كُلَّ صلاتِه، لأنَّ «مَا بُنِيَ عَلَى فَاسِدٍ فَفَاسِدٌ»، لكِنْ لَمَّا صَحَّتِ الصلاةُ على هذه الحالِ كان الحكمُ على مَنْ لم يعلم بتَعلُّقِ النجاسة به الصحَّةَ أيضًا، وليس عليه إعادةٌ ولا قضاءٌ.
هذا، ولا يفوتني أَنْ أُنبِّهَ إلى أنَّ هذه السَّكناتِ المبنيَّةَ على أراضي الدولةِ إِنْ رُخِّص لأصحابها المُحتلِّين لها بإدخالِ عدَّادِ الكهرباءِ أو الماءِ فيها؛ فإنَّ هذا الإجراء يُعَدُّ بمثابةِ إذنٍ أو ترخيصٍ ضِمنيٍّ بالبقاءِ فيها حتى تُسوَّى وضعيَّتُهم؛ وتنتفي عن هذه السكناتِ صفةُ الغصبِ بعد هذا

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

16 Nov, 10:05


الإجراء؛ ومِنْ بابٍ أَوْلى إذا كان التَّرخيصُ شفاهيًّا أو مكتوبًا مِنْ مسؤولٍ إداريٍّ على مستوى البلديةِ أو الدَّائرةِ أو الولايةِ أو غيرِها؛ وهذا الأمرُ بخلاف السَّكناتِ المبنيَّةِ على أراضي الأفرادِ الطبيعيِّين فلا تنتفي فيها صفةُ الغصبِ فيها إلَّا بعد إذنِ مُلَّاكِها أو نُوَّابِهم عليها.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٧ ربيع الأوَّل ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٥ أفريل ٢٠٠٦م

(١) انظر: «مذكِّرة في أصول الفقه» للشنقيطي (٢٩).
(٢) مُتَّفَقٌ عليه مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها: أخرجه البخاريُّ في «المظالم والغصب» بابُ إثمِ مَنْ ظلَمَ شيئًا مِنَ الأرض (٢٤٥٣) وفي «بدء الخَلْق» (٣١٩٥)، ومسلمٌ في «المساقاة» (١٦١٠)؛ ومُتَّفَقٌ عليه أيضًا مِنْ حديثِ سعيد بنِ زيد بنِ عمرو بنِ نُفَيْلٍ القُرَشيِّ العَدَويِّ: أخرجه البخاريُّ (٢٤٥٢، ٣١٩٨)، ومسلمٌ (١٦١٠).
(٣) وفي المسألة أقوال أخرى:
ما عليه الجمهور أنَّ الصلاة في الدار المغصوبة صحيحةٌ ولا ثوابَ عليها، وبه قالَتِ الحنفيةُ والمالكية والشـافعية، وهو إحدى الروايات عن أحمد، وذَهَب أكثرُ الحنابلة والظاهرية والزيدية إلى أنها باطلةٌ يجب قضاؤها، وبه قال أبو هاشمٍ الجبَّائيُّ وابنُ حبيبٍ مِنَ المالكية وهو أصحُّ الروايات عن أحمد، وذَهَب القاضي أبو بكرٍ الباقلَّانيُّ إلى عدمِ صِحَّتها وعدمِ وجوب قضائها، واختاره الفخر الرازيُّ، ولأحمد روايةٌ ثالثةٌ مَفادُها التفريقُ بين كونه عالمًا بالتحريم فلا تصحُّ صلاتُه وإلَّا صحَّتْ، وإلى هذا القولِ مالَ شيخُ الإسلام ابنُ تيمية حيث يقول: «فمَنْ فرَّق بين مَنْ يعلم ومَنْ لا يعلم فقَدْ أصاب، ومَنْ لا أَخطأَ»، وفيه قولٌ آخَرُ ذَهَب إليه بعضُ الحنفية مضمونُه أنَّ صلاته صحيحةٌ مع استحقاقه للثواب وعقاب الغصب . [انظر هامش «مفتاح الوصول» للتلمساني: (٤٦٢)].
(٤) «مفتاح الوصول» للتلمساني:(٤٦٠)
(٥) أخرجه مسلمٌ في «الزكاة» (١٠١٥) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
(٦) «مذكِّرة في أصول الفقه» للشنقيطي (٢٨).
(٧) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه ـ بهذا اللفظ ـ مسلمٌ في «الأقضية» (١٧١٨)، والبخاريُّ في «الصلح» باب: إذا اصطلحوا على صُلْحِ جَوْرٍ فالصلحُ مردودٌ (٢٦٩٧) مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.
(٨) لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْحَمَّامَ وَالْمَقْبَرَةَ» [أخرجه أبو داود في «الصلاة» بابٌ في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاةُ (٤٩٢)، والترمذيُّ في «الصلاة» بابُ ما جاء أنَّ الأرض كُلَّها مسجدٌ إلَّا المقبرةَ والحمَّامَ (٣١٧)، وابنُ ماجه «المساجد والجماعات» باب المواضع التي تُكرَه فيها الصلاةُ (٧٤٥)، مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٢٧٦٧)].
(٩) لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» [مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحيض» باب ترك الحائض الصوم (٣٠٤) وفي «الصوم» باب: الحائض تترك الصومَ والصلاة (١٩٥١)، ومسلمٌ في «الإيمان» (٧٩)، مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه].
وقول عائشة رضي الله عنها: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» [مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحيض» باب: لا تقضي الحائضُ الصلاةَ (٣٢١)، ومسلمٌ في «الحيض» (٣٣٥)].
(١٠) انظر: الحديثَ الذي أخرجه أبو داود في «الصلاة» باب الصلاة في النعل (٦٥٠) مِنْ حديث أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه. وصحَّحه النوويُّ في «المجموع» (٣/ ١٣٢)، والألبانيُّ في «إرواء الغليل» (٢٨٤).

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

16 Nov, 09:34


الفتوى رقم: ١٣٩٣
الصنف: فتاوى متنوِّعة
في حكم السَّكن في البيوت المُؤمَّمةِ مِنَ الدَّولة
السؤال:
ما حكمُ البيوتِ المُؤمَّمةِ مِنَ الدَّولة اليمنيَّة، والسَّكنِ فيها، وحكمُ الصَّلاةِ فيها؟ وتوضيحُ المسألة: هناك بيوتٌ لمُلَّاكِها، فجاء النِّظامُ الاشتراكيُّ وأمَّمها وملَّكها للسَّاكنين، ثمَّ حصَلَتِ الوحدةُ بين الشَّمالِ والجنوب فأعادوا المَحَلَّاتِ التِّجاريَّةَ للمُلَّاكِ، أمَّا البيوتُ فما زالت معلَّقةً لا ندري على ماذا اتَّفَقوا بين الحكومة والمُلَّاك؟ ونحن نعيش فيها لا مَلجَأَ لنا غيرُها، فماذا ترَوْنَ في ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.  
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالمعلوم أنَّ أيَّ دولةٍ تتبنَّى السِّياسةَ الاشتراكيَّةَ أو الشُّيوعيَّةَ كنظامِ حكمٍ، تقوم بتأميمِ المُمتلَكاتِ الخاصَّةِ للأفراد ذاتِ النَّفعِ الحَيَويِّ للأمَّةِ، ونقلِها إلى مِلكيَّةِ الدَّولة أي: تحويلِها إلى القطاع العامِّ، ثمَّ توظيفِها في الاستثمار العامِّ أو الخاصِّ بحسَبِ الأوضاع الاقتصاديَّةِ والتَّنمويَّةِ لتحقيقِ العدالة الاجتماعيَّةِ ـ زعموا ـ بمنظورِ هذه السِّياساتِ المُستورَدةِ، وهذا نظريًّا، أمَّا في الواقعِ فإنَّ الأموالَ المُؤمَّمةَ إنَّما انتقلت مِنْ مِلكِ أربابِها ومُكتسِبِيها إلى خزينة الدَّولةِ لِيَتصرَّفَ فيها أصحابُ القرار ـ غالبًا ـ حسَبَ أغراضِهم وأهوائهم، مِنْ غيرِ أَنْ يُقابِلَ تأميمَ المِلكيَّةِ الخاصَّةِ أو نَزْعَها أيُّ تعويضٍ للمُلَّاك ـ أصلًا ـ لا فوريٌّ ولا عادلٌ؛ وقد أفضى هذا التَّأميمُ في المُجتمَعاتِ المُتبنِّيةِ لِلِاشتراكيَّةِ إلى نتيجةٍ خطيرةٍ تمثَّلَتْ في سلبِ أسبابِ الرِّزق والغنى مِنَ الأغنياء والتُّجَّار، وإدامةِ الفقرِ والمسكنةِ للمساكينِ والفقراءِ، الأمرُ الذي يُعطِّلُ تَطوُّرَ البلدِ ويُعيقُ تنمِيَتَه، ويُعرِّضُه  للأَزَمات الاجتماعيَّةِ والاقتصاديَّةِ.
ولا يخفى أنَّ الحكمَ الشَّرعيَّ لهذا التَّصرُّفِ التَّأميميِّ تُبنَى حُرْمَتُه على كونِه تعدِّيًا وظُلمًا على مالِ المسلمِ الَّذي لا يَحِلُّ إلَّا ما شُرِعَ فيه أخذُه وجوبًا كالزَّكاةِ الواجبةِ، أو ما كان تبرُّعًا بطِيبٍ نفسٍ منه؛ لذلك يُعَدُّ التَّأميمُ نوعًا مِنَ الغصبِ وأكلِ أموالِ النَّاسِ بالباطل المنهيِّ عنه بنصِّ قولِهِ تعالى: ﴿يٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُوٓاْ ‌أَمۡوَٰلَكُم ‌بَيۡنَكُم ‌بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡ﴾ [النِّساء: ٢٩]، وقولِه تعالى: ﴿وَلَا ‌تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ ١٩٠﴾ [البقرة: ١٩٠؛ المائدة: ٨٩]، وغيرها، وما نصَّ عليه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في قوله: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»(١)، وقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «... فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا... لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ [مُسْلِمٍ] إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ [مِنْهُ]»(٢) ونحوها؛ ذلك لأنَّ الشَّريعةَ تُقِرُّ بالمِلكيَّةِ الخاصَّةِ وتَحترمُها وتَحفَظُها وتصونُها مِنْ أيِّ اعتداءٍ ما دامت المِلكيَّةُ ثابتةً لصاحبِها؛ لذلك كان المالكُ مسلَّطًا على مِلكه، له الحقُّ في التَّصرُّفِ الشَّرعيِّ في المملوك، والانتفاعِ به بكُلِّ أنواع الانتفاع في حدود المشروع؛ مع لزومِ أداءِ ما قد يَلْزَمُه فيه مِنْ حقٍّ كالزَّكاة والنَّفقاتِ على الزَّوجات والأولاد وإعارةِ الماعون ونحوِها، وهذا التَّصرُّفُ والانتفاعُ مُلازِمٌ لثبوتِ المِلك في الشَّريعةِ، ولا ينفكَّان عنه إلَّا لِمَانعٍ شرعيٍّ، وهو أمرٌ معلومٌ مِنَ الدِّين بالضَّرورة.
وعليه، فإذا صادرتِ الدَّولةُ أو أفرادُ المسؤولين ـ صغارًا كانوا في الرُّتبة أم كِبارًا ـ المُمتلَكاتِ الخاصَّةَ للأفراد مِنْ: أراضٍ ومَحَلَّاتٍ ومصانعَ وسكناتٍ ونحوِها بالتَّأميم أو المُصادَرةِ أو بالغصبِ بالاحتيالِ بتَصرُّفاتٍ شخصيَّةٍ وجَبَ عليها ردُّها إلى أصحابها ـ إِنْ كانوا معروفين ـ في حياتهم أو إلى ورَثَتِهم مِنْ بعدِهم، فإِنْ لم يكن أصحابُها معروفين، أو ماتوا ولم يُعلَمْ لهم وارثٌ أو لم يُقدَرْ عليهم، فيجب ـ والحالُ هذه ـ إرجاعُها إلى بيتِ مالِ المسلمين لِاستثمارِها أو صرفِها في مَصالحِ المسلمين العامَّةِ المشروعة، أو للتَّصدُّق بها على فُقَرائهم، بحسَبِ ما يراه الحاكمُ محقِّقًا لمصلحة الأمَّة(٣).

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

16 Nov, 09:34


أمَّا الصَّلاةُ في الأرض المغصوبةِ لغيرِ المُضطَرِّ فقد اختلف العلماءُ فيه اختلافًا كثيرًا، وما عليه مذهبُ أحمدَ في إحدى الرِّوايتَيْن بطلانُها، بينما يرى جمهورُ الفقهاء أنَّ الصَّلاةَ في الأرضِ المغصوبةِ ـ مع كونها حرامًا ـ لكنَّها صحيحةٌ، وبه يقول الشَّافعيُّ وأحمدُ في الرِّوايةِ الأخرى، وإليه ذهَبَ مالكٌ رحمهم اللهُ.
فعلى الرَّاجحِ مِنَ المذاهب أنَّ المُصلِّيَ إِنْ عَلِمَ أنَّ المكانَ مغصوبٌ وصلَّى فيه وهو يَقدِرُ على غيرِه غيرَ مُضطَرٍّ إليه فإنَّ الصَّلاةَ في الأرض المغصوبةِ ـ في صورتِها غيرِ المُنفَكَّةِ مِنِ اجتماع الضِّدَّيْن ـ ليست صحيحةً على أرجحِ الأقوال، كما بيَّنْتُه في الفتوى رقم: (٥٢٨) الموسومة ﺑ «حكم الصَّلاة في الأرض المغصوبة» ما لم يأذَنْ مُلَّاكُها أو نُوَّابُهم عليها إِنْ كانت لهم مِنْ مُنِيبِيهم صلاحِيَةُ التَّرخيص؛ وهذا بخلافِ الجاهل أو النَّاسي أو المُضطرِّ؛ فإنَّ أحكامَهم استثنائيَّةٌ؛ وكذلك القول في السَّكناتِ المُؤمَّمةِ مِنَ الدَّولة تجوز استثناءً للمُضطرِّ، وخاصَّةً المتضرِّر مِنْ زلزالٍ أو فيضانٍ أو أيِّ قوَّةٍ قاهرةٍ أو مَنْ كان معرَّضًا للتَّهلُكةِ؛ ولكِنْ «متى زالَ الخَطَرُ [أو الضَّررُ] عاد الحَظْرُ».
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٥ صفر ١٤٤٦ﻫ
الموافق ﻟ: ١٩ أغسطس ٢٠٢٤م

(١) أخرجه مسلمٌ في «البِرِّ والصِّلةِ والآداب» (٢٥٦٤) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) جُزءانِ مِنْ حديثٍ طويلٍ أخرجه أحمدُ في «مُسنَدِه» (٢٠٦٩٥) مِنْ حديثِ أبي حُرَّةَ الرَّقاشيِّ عن عمِّه حنيفةَ الرَّقاشيِّ رضي الله عنه. قال مُحقِّقُو طبعةِ الرِّسالةِ مِنَ «المُسنَدِ» (٣٤/ ٣٠١): «صحيحٌ لغيره مُقطَّعًا، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ لِضعفِ عليِّ بنِ زيدٍ، وهو ابنُ جُدعانَ».
وأَخرجَ الجملةَ الأولى منه: أحمدُ (١٨٩٦٦) مِنْ حديثِ حِذْيَم بنِ عَمْرٍو التَّميميِّ السَّعديِّ، و(١١٧٦٢) مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ الخُدريِّ، و(٢٠٣٨٦، ٢٠٣٨٧، ٢٠٤٠٧، ٢٠٤١٩) مِنْ حديثِ أبي بكرةَ رضي الله عنهم. وهي مُتَّفَقٌ عليها: أخرجها البخاريُّ في «العلم» ‌‌بابُ قولِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «رُبَّ مُبلَّغٍ أَوْعى مِنْ سامعٍ» (٦٧)، ومسلمٌ في «القَسَامةِ والمُحارِبِين والقِصاص والدِّيَات» (١٦٧٩)، مِنْ حديثِ أبي بكرةَ رضي الله عنه. وهو في البخاريِّ مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ وابنِ عُمَرَ رضي الله عنهم.
وأَخرجَ الثَّانيةَ الدَّارقطنيُّ في «سُنَنِه» (٢٨٨٦)، والبيهقيُّ في «سُنَنِه الكبرى» (١١٥٤٥)، وصحَّحه الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (١٤٥٩، ١٧٦١).
(٣) ويجدر التَّبيهُ ـ في هذا المَقام ـ إلى أنَّ هذا الأمرَ وإنْ كان فيه ظلمٌ وجَوْرٌ، إلَّا أنَّ الواجبَ على أرباب الأموال ـ الَّذين أُخِذَتْ عقَاراتُهم غصبًا ـ أَنْ يطلبوا حقوقَهم بالطُّرُقِ المشروعة؛ وذلك بمُراجَعةِ المسؤولين ووُلَاةِ الأمر، فإِنْ تَحقَّقَتِ المَطالِبُ فذلك مِنْ فضلِ الله سبحانه، وإِنْ كانَتِ الأخرى وَجَبَ الصَّبرُ والاحتسابُ مِنْ غيرِ نزعِ يدٍ مِنْ جماعةٍ، مع الْتِزامِ الطَّاعةِ في المعروف، لمَكانِ قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ» [أخرجه مسلمٌ في «الإمارة» (١٨٤٧) مِنْ حديثِ حُذَيْفةَ بنِ اليَمان رضي الله عنهما.

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

16 Nov, 09:33


في حكم السَّكن في البيوت المُؤمَّمةِ مِنَ الدَّولة | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
https://ferkous.app/home/index.php?q=fatwa-1393

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

16 Nov, 09:33


جديد الفتاوى لفضيلة الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

14 Nov, 20:36



الفتوى رقم: ٣٠١
الصنف: فتاوى الحج - أحكام الحج
في لحوق الوعيد لمن ترك الحج
 مع القدرة عليه

السؤال:
قرأتُ في كتاب: «الكبائر» للإمام الحافظ شمس الدِّين الذَّهبيِّ رحمه الله أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ حَجَّ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ وَلَمْ يَحُجَّ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا»، وأنا أملك المال الكافيَ لذلك، ولكنِّي وفَّرتُه أنا وزوجي لشراء مسكن، فما حكم ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالمقصود مِنَ الحديث: التغليظُ في الوعيد لمَنِ استطاع الحجَّ ولم يحجَّ، والمبالغةُ في الزجر لمَنْ تَرَكه، وذلك بتشبيهه باليهوديِّ والنصرانيِّ، ووجه التخصيص بأهل الكتاب: كونُهما غيرَ عاملَيْن بالكتاب؛ فشبَّه بهما مَنْ تَرَك الحجَّ حيث لم يعمل بكتاب الله تعالى، ونَبَذه وراءَ ظهره كأنه لا يعلمه.
والمعلوم أنَّ الاستطاعة في الحجِّ إنَّما تكون بعد تحصيل الحوائج الأصليَّة للإنسان مِنْ مأكلٍ ومَشرَبٍ ومَلبَسٍ وغيرها مِنْ أساسيَّات المعيشة.
غيرَ أنَّ الحديث المذكور في السؤال لا يمكن الاستدلالُ به على المعنى السابق لعدم انتهاضه للحجِّيَّة؛ فقَدْ أخرجه الترمذيُّ في كتاب «الحجِّ» رقم: (٨١٢)، مِنْ حديثِ عليٍّ رضي الله عنه مرفوعًا، وقال: «هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفه إلَّا مِنْ هذا الوجه، وفي إسناده مَقالٌ»، وضعَّفه الألبانيُّ في «ضعيف الجامع» برقم: (٥٨٦٠)، وفي «ضعيف الترغيب والترهيب» برقم: (٧٥٣).
هذا، وينبغي للمكلَّف أَنْ يعلم بأنَّ الحاجة الأصليَّة إلى مسكنٍ إنَّما تكون عند انعدامه في حقِّه بحيث لا يمتلك لنفسه سكنًا خاصًّا؛ أمَّا إذا كان له مأوًى لائقٌ أو كان إنما يسعى إلى مسكنٍ آخَرَ زائدًا عن حاجته؛ فالواجبُ عليه ـ والحالُ هذه ـ أَنْ يقدِّم الحجَّ ويؤدِّيَ واجِبَه ما دامَتِ القدرةُ متوفِّرةً.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
 
الجزائر في: ١٣ شوَّال ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ١٥ نوفمبر ٢٠٠٥م
 

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

14 Nov, 20:36



الفتوى رقم: ٧٧٧
الصنـف: فتاوى الحجِّ - أحكام الحجِّ
في حكم شراء جواز سفر خاص بالحج
السؤال:
لا يخفى على فضيلتِكم أنَّ الدَّولةَ عندنا ـ في الجزائر ـ تمنح جوازاتِ سفرٍ خاصَّةً بالحجِّ بالمجَّان، وأكثرُها يحصل عليه المسجَّلون في بَلَديَّاتهم وَفق عمليَّة القرعة، كما تمنح عددًا من هذه الجوازات لأشخاصٍ أو جهاتٍ إداريَّةٍ معيَّنةٍ من إطاراتِ وموظَّفي الدَّولة بالمجَّان أيضًا، فيحصل بعضُ الأفراد على عددٍ منها بحكم القرابة أو الصَّداقة، فيقومون ببيعها لمن يريد الحجَّ.
فهل يجوز بيعُ هذه الجوازات بحُجَّة أنها صارت مِلكًا لصاحبها؟ وهل يجوز شراؤها لمن لم يتيسَّر له الحصولُ عليها من الطُّرق المعلومة؟ وإذا جاز شراؤها فهل هو في الحجِّ الواجب فقط أم يشمل حجَّ التَّطوُّع أيضًا؟ أفتونا مأجورين.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فإنه ممَّا ينبغي أَنْ يُعلَمَ أنَّ جواز السَّفر الأصليَّ المُستجمِعَ للبيانات الشخصيَّة للفرد لا يصلح ـ أصلًا ـ أَنْ يكون مَحَلًّا للتعامل فيه بالتنازل والإبراء أو الهِبَةِ أو البيع والشِّراء ونحوِ ذلك ممَّا يدخله التراضي بين الطرفين مِنْ قسمِ: «حقِّ العبد»، وعِلَّةُ المنع انتظامُه ضِمنَ معيار المصلحة العامَّة المتعلِّقة بنظام المُجتمَع، وهو ما اصطُلِح عليه في الشَّريعة ﺑ: «حقِّ الله» أو «حقِّ الشرع»، وأُضيفَ الحقُّ لله تعالى لعِظَمِ خطره وشمولِ نفعه؛ لذلك لا يجوز فيه العفوُ أو الإبراء منه أو الصلحُ عليه أو الاتِّفاق على ما يخالفه، وبعبارةٍ مُقتضَبةٍ: أنه لا يقبل التَّراضيَ؛ ونظيرُه في الاصطلاح السائد: النِّظام العامُّ، حيث لا يستطيع شخصٌ ـ مثلًا ـ أَنْ يتنازل عن اسْمِه ولقبه العائليِّ لغيره، أو يُعَدِّلَ فيه بحَسَبِه، إذ قواعدُ الأهليَّة مِنْ حقِّ الله تعالى، وتندرِجُ ضِمنَ النِّظام العامِّ، فلا يستطيع شخصٌ أَنْ يتنازل عن أهليَّته أو يزيدَ فيها أو ينقصَ منها باتِّفاقٍ خاصٍّ، مهما كانَتْ صورةُ الاتِّفاق، وكذلك لا يجوز النُّزولُ عن البُنُوَّة أو الصُّلحُ على النَّسَب، وعليه يَبْطُلُ كُلُّ تصرُّفٍ يقع مُخالِفًا لحقِّ الله تعالى، وكُلُّ كَسْبٍ على عملٍ غيرِ مشروعٍ يَحْرُم، ويأثم صاحبُه ويَستحِقُّ العقابَ.
أمَّا الجواز المخصَّص للحجِّ الخالي مِنَ البيانات الشخصية فلا يصلح فيه ـ أيضًا ـ التعاملُ الماليُّ بالبيع والشراء دون الهِبَة والتنازل، باعتبارِ أنَّ الجواز الخاصَّ بالحجِّ لا يمثِّل ـ في ذاته ـ قيمةً ماليةً متقومةً شرعًا، أي: أنَّ الشرع لم يُقِرَّ بماليَّته حتَّى يُملَّك ويصبحَ مَحَلًّا للكسب بالبيع والشراء؛ ذلك لأنَّ «جواز السفر» وسيلةٌ إداريَّةٌ لا تخرج طبيعتُه عن النظام العامِّ، حيث تتصرَّف فيه الدولةُ إداريًّا على وَفْقِ المصلحة العامَّة، ولا يصير ـ بحالٍ ـ مِلكًا لحائزه، إذ لا قيمةَ لأوراقه بدون الجهة الحكوميَّة المُستوجِبة للإجراءات البيانية والإدارية لتحصيل الترخيص بالحجِّ بالختم والإمضاء مِنَ الدوائر التابعة لها.
ومِنْ جهةٍ أخرى فإنَّ الغرض الذي خُصِّصَ مِنْ أجله الجوازُ إنَّما هو الاستعانةُ به وسيلةً لأداء مناسك الحجِّ القائمة على عهدة الجهة المانحة للجواز، فالتعاملُ الماليُّ ببيع الجواز وشرائه يتنافى مع طبيعة المسلك الإداريِّ المنظِّم لهذه العبادة؛ وعليه فإذا انتفَتِ المِلْكيةُ الفرديةُ للجواز لكونه معدودًا مِنَ النِّظام العامِّ، وتَعارَض التعاقدُ الماليُّ مع الغرض الذي خُصِّص مِنْ أجله الجوازُ فلا يختلف الحكمُ عن سابقه بوقوع التعامل به باطلًا؛ لمُخالَفته لحقِّ الله تعالى والتعدِّي على المنفعة العامَّة والمصلحة الشرعيَّة التي خُصِّص مِنْ أجلها الجوازُ، و«مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(١).
هذا، وإذا تقرَّر الحكمُ بالمنع في الأصل فلا يمنع مِنَ الخروج عنه استثناءً لمَنْ تعيَّنَتْ عليه حَجَّةُ الإسلام، وتَعذَّر عليه الحجُّ إلَّا بهذا السبيل، فإنه يَحِلُّ لمعطي المال لأداءِ واجب الحجِّ في حَقِّه عند تحقُّقِ شرطه ما لا يَحِلُّ للآخذ؛ إذ الفعلُ الواحد يجوز أَنْ يكون مأمورًا به مِنْ وجهٍ، منهيًّا عنه مِنْ وجهٍ آخَرَ؛ لأنَّ الفعل قد تجتمع فيه مصلحةٌ ومفسدةٌ مِنْ جهاتٍ مختلفةٍ.
وتسويغ الاستثناء مِنَ الأصل السابق يكمن في أنَّ العبادة حقٌّ خالصٌ لله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم: «حَقُّ اللهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا»(٢)، والمعلومُ أنَّ كُلَّ حقٍّ يُقابِله واجبٌ، وتركُ عبادة الحجِّ لمَنْ وَجَب عليه تضييعٌ لحقِّ الله تعالى، وتركُ المأمور به أعظمُ ذنبًا مِنْ إتيان المنهيِّ عنه، فمفسدةُ بَذْلِ المال لأجل تحصيل الجواز مغمورةٌ في مصلحة العبادة العُلْيَا، وهي مُقَدَّمَةٌ عليها كما تقرَّر في علم المقاصد؛ ولأنَّ «جِنْسَ فِعْلِ المَأْمُورِ أَعْظَمُ

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

14 Nov, 20:36


مِنْ جِنْسِ تَرْكِ المَنْهِيِّ عَنْهُ»؛ ولأنه إذا جاز ـ في حقوق العباد ـ دفعُ مالٍ لإحقاقِ حقٍّ أو إبطالِ باطلٍ، أي: جازَ للمعطي دون الآخذ، فكذلك في حقِّ الله في العبادة، فظهر جَلِيًّا أنَّ مَنْ تعلَّق الوجوبُ في ذِمَّته يجوز له الانتفاعُ بالجواز مع بذل العِوَضِ الماليِّ عليه دون غيره.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
 
الجزائر في: ١٩ شعبان ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٠١ سبتمبر ٢٠٠٧م
 

(١) أخرجه مسلمٌ في «الأقضية» (١٧١٨) مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.
(٢) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الجهاد والسِّيَر» بابُ اسْمِ الفرس والحمار (٢٨٥٦)، ومسلمٌ في «الإيمان» (٣٠)، مِنْ حديثِ مُعاذ بنِ جبلٍ رضي الله عنه.

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

14 Nov, 20:33



الفتوى رقم: ١٥٠
الصنف: فتاوى الحج - أحكام الحج
في حكم المصانعة بمال
 لأجل تأشيرة الحج

السؤال:
ما حكم إعطاء مالٍ مقابِلَ الحصول على تأشيرة الحجِّ، وبخاصَّةٍ مع فرض بعض وكالات السَّفر لذلك؟
وهل التَّنازل المفروض لدخول البقاع المقدَّسة في الحجاز من أجل أداء مناسك الحجِّ مشروعٌ أم لا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فإِنْ كانَتِ الجهاتُ المعنيَّة تفرض مالًا على شكلِ ضرائبَ ورسومٍ لمنحِ تأشيرةٍ أو رخصةٍ مُقابِلَ التمكين مِنْ أداءِ مناسك الحجِّ أو العمرة، ولا يستطيع المكلَّفُ أداءَ هذه العبادةِ إلَّا بدفع المال؛ فله أَنْ يدفعه، والإثمُ على الآخذ دون المعطي؛ لأنَّ المال المُكتسَبَ بهذه الطريقةِ غيرُ مشروعٍ ولو أَذِن فيه المالك، جريًا على قاعدةِ: «الأَصْلُ فِي الأَمْوَالِ التَّحْرِيمُ»، و«لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ أَحَدٍ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ»؛ لقوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡۚ﴾ [النساء: ٢٩]، وقد ورَدَتْ نصوصٌ كثيرةٌ تمنع أَخْذَ مال المسلم إلَّا ما طابَتْ له نفسُه به ورَضِيَ به، سواءٌ كان ظلمًا أو غصبًا أو نهبًا أو نحوها.
ولا يُتذرَّع بالرسوم والضرائب المفروضة إلى تركِ أداء الحجِّ أو العمرة، فليست ـ في الحقيقة ـ عذرًا مانعًا لأداء المناسك إِنْ كان قادرًا عليها، ولا يلحقه إثمٌ إِنْ لم يَرْضَ بها.
والجواب عن الجزئية الثانية مِنَ السؤال كالجواب عن الجزئية الأولى لتقارُبِهما.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
 
الجزائر في: ٦ ذي القعدة ١٤٢٥ﻫ
الموافق ﻟ: ١٨ ديسمبر ٢٠٠٤م
 

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

14 Nov, 20:32


(٥) علَّق البخاريُّ قصَّتَه مختصَرةً في «الوضوء» (١/ ٢٨٠) بابُ مَنْ لم يَرَ الوضوءَ إلَّا مِنَ المَخْرجين: مِنَ القُبُل والدُّبُر، وأخرجها أبو داود في «الطهارة» باب الوضوء مِنَ الدم (١٩٨)، وأحمد (١٤٧٠٤، ١٤٨٦٥)، مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما. وانظر: «صحيح أبي داود» (١٩٣) و«تمام المِنَّة» (٥١) كلاهما للألباني.
(٦) انظر الحديثَ الذي أخرجه عبد الرزَّاق في «المصنَّف» (١/ ١٥٠) رقم: (٥٧٩)، وابنُ أبي شيبة في «المصنَّف» (٢/ ٢٢٦) رقم: (٨٣٨٨)، والبيهقيُّ في «السنن الكبرى» (١٦٧٣)، مِنْ حديثِ المِسْوَر بن مَخْرَمة رضي الله عنهما. وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (١/ ٢٢٥) رقم: (٢٠٩). وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (١/ ٢٨١).
(٧) أخرجه أبو داود في «الصلاة» باب الصلاة في النعل (٦٥٠) مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (١/ ٣١٤) رقم: (٢٨٤).

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

14 Nov, 20:32


الفتوى رقم: ٢٧٩
الصنف: فتاوى الصلاة - أحكام الصلاة
في حكم الصلاة بقميصٍ فيه دمٌ
السؤال:
ما حكمُ مَنْ وَجَد آثارَ دمٍ في قميصه وصلَّى على ذلك الحال، ولم يَنتبِهْ له إلَّا وقتَ النوم، وهذه الآثارُ ناتجةٌ عن جرحٍ: فهل يُعيدُ صلاةَ اليومِ كُلِّه؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فاعْلَمْ أنَّ الدماء ما عَدَا دمَ الحيضِ حكمُها الطهارةُ، سواءٌ كان الدمُ دمَ إنسانٍ أو دمَ مأكولٍ مِنَ الحيوان(١)؛ استصحابًا للبراءة الأصلية؛ إذ «الأَصْلُ فِي الأَعْيَانِ الطَّهَارَةُ»، ولا يُعْدَلُ عن هذا الأصلِ إلَّا بنصٍّ شرعيٍّ صحيحٍ، ولم يأتِ مَنْ خالَفَ هذا بحجَّةٍ ظاهرةٍ سوى نصوصٍ مُشتمِلةٍ على تحريم الدماء.
ولا يخفى أنه لا يَلْزَمُ مِنَ التحريمِ النجاسةُ، بخلاف النجاسة فإنه يَلْزَمُ منها التحريمُ، وفي هذا المعنى قال الصنعانيُّ ـ رحمه الله ـ: «والحقُّ أنَّ الأصلَ في الأعيانِ الطهارةُ، وأنَّ التحريم لا يُلازِمُ النجاسةَ؛ فإنَّ الحشيشةَ محرَّمةٌ طاهرةٌ، وكذا المخدِّراتُ والسمومُ القاتلة لا دليلَ على نجاستها. وأمَّا النجاسةُ فيُلازِمُها التحريمُ؛ فكُلُّ نجسٍ محرَّمٌ ولا عكسَ؛ وذلك لأنَّ الحكم في النجاسة هو المنعُ عن مُلابَستها على كُلِّ حالٍ؛ فالحكمُ بنجاسةِ العين حكمٌ بتحريمها، بخلاف الحكم بالتحريم؛ فإنه يَحْرُمُ لُبْسُ الحريرِ والذهب وهما طاهران ضرورةً شرعيةً وإجماعًا»(٢)، ويُؤكِّد ذلك ما ذَهَبَ إليه الحسنُ البصريُّ ـ رحمه الله ـ بقوله: «مَا زَالَ المُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ فِي جِرَاحَاتِهِمْ»(٣)، وقد «نَحَرَ ابْنُ مَسْعُودٍ جَزُورًا فَتَلَطَّخَ بِدَمِهَا وَفَرْثِهَا، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ»(٤)، وما كان في غزوةِ ذاتِ الرِّقاع مِنَ الأنصاريِّ الذي قام يُصلِّي في الليل، فرَماهُ المشركُ بسهمٍ فوَضَعه فيه فنَزَعه، حتَّى رماهُ بثلاثةِ أَسْهُمٍ، ثمَّ رَكَعَ وسَجَد ومضى في صلاته وهو يموج دمًا(٥)، وصحَّ أنَّ عمر رضي الله عنه صلَّى وجُرْحُه يَثْعَبُ دمًا(٦).
وعليه، فإذا لم يَرِدْ نصٌّ صحيحٌ يقضي بنجاسته فهو على الطهارة؛ عملًا بقاعدةِ: «بَقَاءِ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ»، والصلاةُ صحيحةٌ ـ حالتَئذٍ ـ وإِنْ عَلِمَ بوجود الدم قبل الصلاةِ أو أثناءَها.
ولو سلَّمْنا ـ جدلًا ـ أنَّ الدم نجسٌ، أو عَلِقَ به ما هو نجسٌ كالغائط أو البول ونحوهما، ثمَّ عَلِم بالنجاسة على ثوبه بعد أنِ انتهى مِنْ صلاته؛ لَصحَّتْ صلاتُه ـ أيضًا ـ ولا قضاءَ عليه ولا إعادةَ؛ لحديثِ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه في خَلْعِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم نعلَيْه في الصلاة، قال: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ القَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ: «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟» قَالُوا: «رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا»، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا ـ أَوْ قَالَ: أَذًى ـ»، وَقَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى المَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ: فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا»»(٧).
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٠ رجب ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ١٥ أوت ٢٠٠٥م
 
(١) أمَّا غيرُ مأكولِ اللحم فعلى تفصيلٍ، والصحيحُ في الميتة والخنزير والكلب وما يتولَّد عنها أنها على النجاسة؛ لورودِ نصوصٍ تقضي بنجاستها، [انظر: «مختارات مِنْ نصوصٍ حديثية» للمؤلِّف (٣٧)].
(٢) «سُبُل السلام» للصنعاني (١/ ٧٦).
(٣) علَّقه البخاريُّ بصيغة الجزم في «الوضوء» (١/ ٢٨٠) بابُ مَنْ لم يَرَ الوضوءَ إلَّا مِنَ المخرجين: مِنَ القُبُل والدُّبُر، عن الحسن البصريِّ. وانظر: «تمام المِنَّة» للألباني (٥٠).
(٤) أخرجه عبد الرزَّاق في «المصنَّف» (١/ ١٢٥) رقم: (٤٦٠)، وابنُ أبي شيبة (١/ ٣٩٢)، والطبرانيُّ في «المعجم الكبير» (٩/ ٢٨٤) رقم: (٩٢٢٠). وصحَّحه الألبانيُّ في «تمام المِنَّة» (٥٢).

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

11 Nov, 17:43


#الشيخ_فركوس
👇👇👇👇👇
انطلاقًا مِن واجبِ الأخوَّة الإيمانية، فإنَّ الموقفَ الشرعيَّ يُوجبُ على المسلمينَ الوقوفَ مع إخوانهم الفلسطينيِّين في البأساء والضرَّاء وحينَ البأسِ، عملًا بقولهِ تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ﴾، وأنْ يُحبُّوا لهم ما يُحبُّون لأنفسهم، ويَكرهوا لهم ما يكرهون لأنفسهم لقوله ﷺ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، ولقوله ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ: إِذَا اشْتَكَىٰ مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، وقوله ﷺ: «المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا».

[ البيان الأخويُّ الحميم على حدث غزَّة الأليم ]

https://t.me/ferkousdorar

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

09 Nov, 12:46


📌 فوائد فقهية من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الجمعة ٠٧ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ)

تفصيل في القبض بعد الركوع ..

"ورد حديث؛ هو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قام من ركوعه رجع كل عضو إلى أصله -أي طبيعته-، أو رجع كل عظم إلى موضعه هكذا ورد، واختلفوا هل موضعه الشرعي أو الطبيعي.
الموضع الشرعي: القبض.
والموضع الطبيعي: السدل.
بعد اتفاقهم -خلافا للمالكية- في تكبيرة الإحرام والقيام بعدها على أن يضع اليمين على شماله، لما ثبت في الأحاديث، (إنا معشر الأنبياء أمرنا ... وأن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة) الحديث، وهذا بالنسبة للقيام بعد تكبيرة الإحرام، ومن حديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يضع يده اليمنى على شماله، فيدل هذا على أن القبض يكون بعد تكبيرة الإحرام.

هل هذا الوضع الشرعي يكون بعد القيام من الركوع؟ في قيامه الثاني نفسه في الأول؟!

• القائلون بالوضع الشرعي استصحبوا الحالة الأولى كونه يقبض -قبل الركوع- على الحالة الثانية -رجوع كل عظم إلى موضعه- وقالوا أن المراد الموضع الشرعي، وهو القبض.
قالوا استصحاب هذا هو استصحاب العام (العموم)، فكان إذا صلى قائما قالوا هذا قائم في القيام الثاني، وقالوا استصحاب العموم في كل الحالات حتى نثبت عكسه، واستصحبوه في الحالة الثانية، وجعلوا رجوع كل عظم إلى موضعه هو الموضع الشرعي.

• فريق آخر من أهل العلم قالوا أن الموضع هذا هو الموضع الطبيعي -أي أن يكون سادلا- لأنه في ذاته -السدل- وضع شرعي، لأنه إن لم يثبت أنه كان يقبض؛ فكان يسدل، وهو الموضع الشرعي، سمي طبيعيا لأنه ليس فيه قبض، فالإنسان لا يسير قابضا .. وهذا هو الوضع الطبيعي، فإذا كان داخلا في الصلاة ولم يثبت القبض؛ فهو شرعي (السدل).

حديث: إنا معشر الأنبياء ..) الحديث، قالوا هذا مطلق وليس عموم، والمطلق حالة واحدة بين حالتين، وبعد تكبيرة الإحرام ثبت أنه يقبض، لأن المطلق المراد به عموم بدلي وليس شمولي كالعام، ويدل على السدل أن كل الأحاديث الواردة لم يذكر واحد أنه كان يقبض بعد الركوع، مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالصحابة سنون، وليس أعظم من كون الصحابة بيّنوا صلاته، وتناقلوها بالتفصيل؛ من جهة الركوع، والسجود .. ولم ينقلوا في ذلك أنه كان يقبض بعد الرفع من الركوع ..
وقالوا: لو كان يدخل في عموم قوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي) فلو رأوه لنقلوه.

لذا ذهب بعضهم كالألباني -رحمه الله- إلى أنه بدعة، والعموم لا يعوّل عليه، إذ لو كان لنُقل إلينا الصفة هذه، ولم يُعلم أن الصحابة -رضي الله عنهم- ذكروا ذلك؛ مع ذكرهم لكل جزئيات الصلاة.

إذن:
- من أعمل العموم، ونظر إلى الاستصحاب استصحب العموم في الجزء الثاني من القيام -أي بعد الركوع- وقال أن عودة كل عظم إلى موضعه هو الموضع الشرعي.
- ومن قال أن الأحاديث الواردة في القبض من قبيل المطلق لا العموم؛ لم يستصحب ذلك إلى القيام الثاني، وقال أنه لم يرد فيه شيء، ولا يجوز فعله إلا بنص.
قال -صلى الله عليه وسلم-: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، ولم يرد ذلك -أي القبض بعد الرفع من الركوع- ولم ينقل، فيكون الحكم أن موضعه الطبيعي هو الشرعي، بمعنى لا يقبض بل يسدل.

سبب الخلاف:
هل الحديث مطلق أو مقيد؟!
وهل نستصحب العموم في مثل هذه المواضع؟!

السدل وإن لم يقع في القيام الأول؛ وجدنا أنه موجود حال الجلوس، وحال التحية، وليس فيه قبض في الجلوس أو سجود السهو .. إنما يضع يديه على ركبتيه، وهي مواضع ليس فيها قبض، إنما يمد يديه إلى ركبتيه، فصوره السدل موجودة وشرعية في هذه المواضع، فلم لا تكون شرعية بعد الرفع من الركوع؟!."

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

06 Nov, 17:28


قد تمر عليك هاته الرسالة.. كغيرها
لكن قف عندها قليلا 💬
ترى أن الدال على الخير كفاعله
انشر رابط القناة في حساباتك

*قناة تختص بنشر العلم *
عبر التيليجرام
-------------
((قناة مجالس باتنة الدعوية))
👈اشترك الآن
https://t.me/Majalisbatna

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

02 Nov, 14:08


الفتوى رقم: ١٣٩٢
الصنف: فتاوى متنوِّعة ـ ألفاظٌ في الميزان
في حكم التَّرضِّي على غير الصَّحابة رضي الله عنهم
السؤال:
المشهور في عموم التَّخاطب بين النَّاس أَنْ نترضَّى عن الصَّحابة رضي الله عنهم ونترحَّمَ على مَنْ بعدهم، وهذا ما يجري به العُرفُ عندنا، لكنَّ وجهَ السُّؤالِ الَّذي أُريدُ طَرْحَه يكمنُ في حُكم التَّرضِّي على غير الصَّحابة رضي الله عنهم مِنَ الأئمَّةِ والعلماء المُتقدِّمين والمُتأخِّرين؟ جزاكم الله خيرًا؛ وأعانكم على خدمة الإسلام والمسلمين.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فيُفرَّق في المُراد بالتَّرضية: بين الإخبار والتَّحقيق والحسمِ، وبين التَّوسُّلِ إلى الله بالطَّلب أو الدُّعاء أو التَّضرُّع ونحوِها.
فلا أَعلَمُ خلافًا في استحباب التَّرضِّي على صحابةِ رسول الله مِنَ الخلفاءِ الرَّاشدين وسائرِ العَشَرةِ مِنَ الصَّحابةِ المُبشَّرين بالجنَّةِ، أو أهلِ بدرٍ أو أُحُدٍ أو أهلِ بَيْعةِ الرِّضوان أو المُهاجِرين أو الأنصار وغيرِهم، بشرطِ أَنْ يلقى أحدُهم النَّبيَّ مسلمًا مؤمنًا به ويموتَ على ذلك ولو تخلَّلَتْ رِدَّةٌ على الأصحِّ ليصحَّ وصفُه بالصُّحبة، لجواز الأمرين فيهم: التَّرضِّي والتَّرحُّم؛ ذلك لأنَّ رِضَا اللهِ عنهم مُتحِّققٌ ومحسومٌ وحاصلٌ بالنَّصِّ كما أَخبرَ به اللهُ تعالى في قوله: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ﴾ [التَّوبة: ١٠٠]، وقولِه تعالى: ﴿لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ﴾ [الفتح: ١٨]، فالتَّرضِّي ـ بهذا الاعتبارِ أي: باب الإخبار ـ يختصُّ بالصَّحابة رضي الله عنهم؛ ولا يُستدَلُّ بالآية الأولى في قوله تعالى: ﴿وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ﴾ [التَّوبة: ١٠٠] على أنَّ الله تعالى قد رَضِيَ عن الصَّحابة وعمَّنْ تَبِعَهم بإحسانٍ بعَيْنه؛ لأنَّ المَقولَ فيه قد حُسِم أمرُه في جنسه وأفرادِه مِنَ المهاجرين والأنصارِ، بخلافِ مَنْ جاء مِنْ بعدِهم فالإخبارُ به في آحادهم مشروطٌ بالعلم باتِّباعهم بإحسانٍ، ولا يكون ذلك إلَّا بالموت على ذلك الإحسانِ ظاهرًا وباطنًا، ولا سبيلَ إلى العلم بذلك في الأفراد دون نصٍّ؛ ولذلك قصَرَها بعضُ العلماء ـ بهذا المعنى ـ على الصَّحابة دون غيرهم حسمًا للشُّبهة.
أمَّا غيرُ الصَّحابةِ رضي الله عنهم فالتَّرضيةُ عنهم محلُّ خلافٍ؛ والَّذي عليه الجمهورُ: استحبابُ التَّرضِّي والتَّرحُّمِ على الصَّحابةِ رضي الله عنهم وغيرِهم مِنَ التَّابعين لهم بإحسانٍ مِنَ الأئمَّةِ والعلماء والصَّالحين وغيرهم فيما سبيلُه التَّوسُّلُ إلى الله بالطَّلب أو الدُّعاء، وهو اختيارُ النَّوويِّ ـ رحمه الله ـ حيث قال: «يُستحَبُّ التَّرضِّي والتَّرحُّمُ على الصَّحابة والتَّابعين فمَنْ بعدَهم مِنَ العلماء والعُبَّادِ وسائرِ الأخيار، فيقال: «رضي الله عنه» أو «رحمةُ اللهِ عليه» أو «رَحِمَه اللهُ» ونحوُ ذلك؛ وأمَّا ما قاله بعضُ العلماء: إنَّ قولَ: «رضي الله عنه» مخصوصٌ بالصَّحابة، ويقال في غيرهم: «رحمه الله» فقط، فليس كما قال ولا يُوافَقُ عليه؛ بل الصَّحيحُ الَّذي عليه الجمهورُ: استحبابُه؛ ودلائلُه أكثرُ مِنْ أَنْ تُحصَر»(١).
هذا، وإنَّما يُشرَع إطلاقُ التَّرضِّي على غيرِ الصَّحابة إذا كان مِنْ باب الدُّعاءِ لهم، لا مِنْ باب الإخبار والتَّحقيقِ لخصوصه بالصَّحابة ـ كما تقدَّم ـ إذ إنَّ اللهَ تعالى ورسولَه أَخبرَانا أنَّ أَمْرَ الرِّضا مُتحقِّقٌ في حقِّهم ومحسومٌ في جميعهم إذا ثبتت الصُّحبةُ وماتوا على الإسلام، بينما قيَّد إخبارَه في مَنْ بعدَهم بوصفِ الإحسان في اتِّباعهم، ولا سبيلَ لنا إلى الجزم به في آحادهم في ظاهرِ كُلِّ واحدٍ وباطنِه دون نصٍّ على كونه مُحسِنًا في الاتِّباع أو ما يدلُّ عليه كما في أُوَيْسِ بنِ عامرٍ المُراديِّ القَرَنيِّ مِنَ الإخبارِ بعَيْنِه بأنَّه خيرُ التَّابعين.
غير أنَّه إذا درَجَ النَّاسُ في عُرفِ تَخاطُبهم واصطلاحِهم على إطلاق الصَّلاة على الأنبياء والمُرسَلين، والتَّرضي على الصَّحابةِ، والتَّرحُّمِ على مَنْ بعدهم، واعتادوه وأَلِفُوه؛ فلا مُشاحَّةَ في ذلك بعد فهم المعنى، وخاصَّةً أنَّ التَّرضِّيَ والتَّرحُّمَ لهما معانٍ مُتقارِبةٌ مِنْ حيثُ الأثرُ؛ قال الخطيبُ البغداديُّ ـ رحمه الله ـ: «والصَّلاةُ والرِّضوانُ والرَّحمةُ مِنَ اللهِ بمعنًى واحدٍ، إلَّا أنَّها وإِنْ كانَتْ كذلك فإنَّا نَستحِبُّ أَنْ يُقالَ للصَّحابيِّ: «رضيَ اللهُ عنه» وللنَّبيِّ: «صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» تشريفًا لهُ وتعظيمًا»(٢).

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

02 Nov, 14:08


والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٤ ربيع الأوَّل ١٤٤٦ﻫ
الموافق ﻟ:  ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م

(١) «المجموع» للنَّووي (٦/ ١٧٢).
(٢) «الجامع لأخلاق الرَّاوي وآداب السَّامع» للخطيب البغدادي (٢/ ١٠٦).

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

02 Nov, 14:08


في حكم التَّرضِّي على غير الصَّحابة رضي الله عنهم | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
https://ferkous.app/home/index.php?q=fatwa-1392

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

26 Oct, 07:15


الفتوى رقم: ١٣٩١
الصنف: فتاوى الأسرة ـ انتهاء عقد الزَّواج ـ العِدَّة
في وقت الشروعِ في صلاةِ الغائب على المفقودِ،
وابتداءِ عِدَّةِ زوجتِه

السؤال:
خرَجَ ثلاثةٌ مِنَ الصَّيَّادين ـ مِنْ حيِّنا ـ إلى البحرِ، فمات اثنانِ ونجا أحَدُهم، وذلك أنَّهم كانوا خرجوا إلى البحر ـ ليلًا ـ مسافةَ ٢٠كلم تقريبًا، وباتوا اللَّيلَ كُلَّه وهم يصطادون، وفي الصَّباح تَغيَّر الجوُّ فانقلب بهم الزَّورقُ، وكانوا مُتعَبِين جدًّا، فذلك الأخُ الَّذي نجا منهم وهو صاحبُ بُنيةٍ قويَّةٍ بَدَأ يسبح، فوجَدَ كُرَةَ شبكةٍ فتَعلَّق بها، وبقي عالقًا لمُدَّةِ ساعةٍ ونصفٍ، وقدَّر اللهُ أنَّ أصحابَ تلك الشَّبكةِ خرجوا إلى البحرِ لِاستخراجها، فلمَّا رأَوْه هابُوهُ ابتداءً لأنَّهم ظنُّوه جِنِّيًّا، ثمَّ اقتربوا منه وأنقذوه ـ ولله الحمدُ ـ، لكنَّ الاثنَيْن الآخَرَيْن لم يظهر لهما أثرٌ مِنْ ذلك الوقت، فعندما يُسأَلُ عُمَّالُ الحمايةِ المدنيَّةِ يقولون بحكم خِبرَتِهم: مستحيلٌ أَنْ يظهر لهما أثرٌ، لأنَّ عُمقَ البحرِ كبيرٌ في ذلك المكانِ، ويمنع عُمقُه خروجَهما منهُ غالبًا.
فزوجةُ أحَدِهما تسأل عن العِدَّةِ، لأنَّ هذا مِنَ المفقودين، فقد وجدت بعضَ أهلِ العلم يقولون: العبرةُ بِتَيقُّنِ موتِه، والبعضُ يقولون: نُرجِئُ الأمرَ ـ حتَّى في الغرقى ـ إلى أربعِ سَنَواتٍ، عملًا بأثرِ عُمَرَ رضي الله عنه، فنرجو مِنكم أَنْ تُفتُونا في هذه النَّازلةِ؟ وهل تكون صلاةُ الغائب عليهم ـ أيضًا ـ بعد أربعِ سِنينَ؟  وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالمفقودُ ـ باختصارٍ ـ هو: الغائبُ الَّذي انقطعَ خبرُه وَخَفِيَ على ذَوِيهِ أثرُه، أي: أنَّه لا يُعلَم ـ بعد البحثِ والتَّحرِّي ـ موضعُه ولا حياتُه أو موتُه؛ والمعلومُ شرعًا أنَّ الفقدانَ ـ في حدِّ ذاتهِ ـ لا يُؤثِّرُ في استصحابِ عقدِ الزَّواجِ، لذلك فإنَّ زوجةَ المفقودِ تبقى عَلَى نِكَاحِهِ، وتَستحِقُّ النَّفقةَ اتِّفاقًا، والمفقودُ الَّذِي ظاهرُ غَيْبَتِهِ الهلاكُ ـ كما هو شأنُ مَنْ كان في تلك المركبةِ، بحيث غلَبَ على ظنِّ النَّاجي منهم أنَّهما ماتا، ولا يُعلَمُ مصيرُهما ـ فإنَّ زوجةَ المفقودِ ـ في مِثلِ هذه الحالةِ ـ تتربَّص أربعَ سِنينَ، وتبدأُ مدَّةُ التَّربُّصِ مِنْ حينِ رفعِ الأمرِ إلى القاضي على الرَّاجحِ مِنْ أقوالِ العلماء، ومتى صدَرَ حكمُ القاضي بموتِ المفقودِ حكمًا فإنَّه يُصلَّى عليه صلاةَ الغائبِ، وتُقسَمُ تَرِكتُه على ورثَتِه، ولو لم تَنْقَضِ مدَّةُ التَّربُّصِ كاملةً، وتعتدُّ زوجتُه عِدَّةَ الوفاةِ أربعةَ أَشهُرٍ وعشرًا إلَّا أَنْ تكون حاملًا فبِوَضعِ الحمل، ومتى انتهتْ عِدَّتُها حلَّتْ للأزواجِ، ولا يتوقَّف أمرُها على طلاقِ وليِّ زوجها نيابةً عن المفقودِ(١).
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٦ ربيعٍ الآخِر ١٤٤٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٩ أكتوبر ٢٠٢٤م

(١) انظر الفتوى رقم: (١٩٩) الموسومة ﺑ «في حكم زواج امرأة المفقود»، والفتوى رقم: (٢٠٠) الموسومة ﺑ: «في أحكامٍ تخصُّ زوجةَ المفقود» على الموقع الرسميِّ.

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

26 Oct, 07:11


في وقت الشروعِ في صلاةِ الغائب على المفقودِ، وابتداءِ عِدَّةِ زوجتِه | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
https://ferkous.app/home/index.php?q=fatwa-1391

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

26 Oct, 07:11


جديد فتاوى الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

24 Oct, 10:18



الفتوى رقم: ٩٨١
الصنـف: فتاوى متنوِّعة - ألفاظٌ في الميزان
في الدعاء على النفس والأولاد بالشر
السـؤال:
إنَّ والدِي ـ عندما يكونُ في حالة غضبٍ ـ كثيرًا ما يدعُو علينَا وعلى أموالِه ونفسِه فهل يجوزُ ذلك؟ وهل دُعاؤُه مستجابٌ؟
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فلا يجوزُ شرعًا الدعاءُ بالشرِّ والهلاكِ على النفسِ والأولادِ والأموالِ، لِمَا فيهِ منَ الاعتداءِ الذي ثَبَتَ النهيُ القرآنيُّ عنهُ في قولِه تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [الأعراف: ٥٥]، وإذَا كانَ اللهُ سبحانه وتعالى أخبرَ عن حِلْمِه ولُطفهِ ورحمتِه بالعبادِ أنَّه لا يستجيبُ لهم إذَا دَعَوْا عَلى أَنْفُسهم أو أولادهم بالشرِّ حالَ غَضبهِم وضَجَرِهم؛ لأنَّه يعلم ـ سبحانه ـ أنَّ مَا صَدَر منهم غيرُ مقصودٍ منهم ولا يُريدونَه، قال تعالى: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ [يونس: ١١]، فهو ـ سبحانه ـ لا يستجيبُ في الشرِّ كما يستجيبُ في الخيرِ لطفًا منهُ ورحمةً؛ إذْ لو استجابَ لهم كلَّما دَعَوْهُ به لقُضيَ إليهِمْ أجلُهُم وأهلكَهُم.
ومعَ ذَلكَ فإنَّه ينبغي الحذرُ مِن الوقوعِ في مثلِ هذا الدعاءِ بالشرِّ والإثم، خشيةَ مُوافَقةِ ساعةِ الاستجابةِ فيحصلُ الهلاكُ غير المرغوبِ، وجاءَ مِن حديثِ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، [وَلاَ تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ]، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ»(١).
لذلك كان على والدكم أن يُعَوِّدَ لسانَه على الدعاء بالخير والبركة.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٧ صفر ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ١٢ فيفري ٢٠٠٩م
(١) أخرجه مسلم في «الزهد» (٣٠٠٩)، وليس عنده «ولا تدعوا على خدمكم» وهي عند أبي داود كتاب «الصلاة» باب النهي أن يدعو الإنسان على أهله وماله (١٥٣٢)، انظر: «صحيح الترغيب والترهيب» (٢/ ١٣٣).

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

24 Oct, 10:13


🔸نصيحة الشيخ فركوس -حفظه الله- للآباء حول استعمال الأبناء الصغار للهواتف النقالة🔸

🔷 *نصُّ السؤال* :
شيخنا نريد نصيحة حول الهواتف النقالة للأولاد، عند ذهابهم إلى المدرسة يجدون جميع أصدقائهم عندهم هواتف ويقول لهم المعلم سأرسل لكم الدرس في هذه الوسائل الميسنجر...إلخ فكيف نتعامل؟

🔷 *الجواب* :

*أوّلا* : الأولاد تربيتهم تكون تربية دينية بعيدة عن هذه المشاغل، فالأصل أنّ الهاتف موضوع للحديث سواء مع العائلة أو المهني مع المؤسسة مع الأشغال...إلخ. فالهاتف موضوع لهذا الأساس وليس لغيره ويدخل فيه الكتاب لأن الكتاب كالخطاب يدخل فيه الرسائل.

شَغلُ التلميذ بداية بهذا سيتأثر، *وسيغلب باب اللهو على القرآن وإتيان الصلاة والتنافس في الخير ومعرفة الأحكام* ، ويكون (اللهو) شغلَه الشاغل، ينسى كل الأمور المتعلقة بمحيطه حتى إذا قالت له أمُّه اشتري لي كذا لا يذهب ويبقى مشغولاً مع الهاتف الذكي !.

(الهاتف الذكي): *ذَكِي في قتل الهمم.* !!

▪️ *أنا لا أنصح الأولاد الصغار في استعماله* ، يدخلون في أدوات اللهو لا يخرجون، ويتنافسون في هذه الأمور، التنافس في القرآن والسنة ومعرفة الأخلاق الفاضلة والحسنة والتحلي بها، الآداب مع الوالدين: لا ترفع صوتك على أمك ولا تصرخ. تُعلمه آداب الحديث مع الوالدين ومع الغير، لا يقاطع الكلام، حين يمشي لا يلتفت يمينا ولا شمالا. يعلمه آداب الطعام يأكل بيمينه يبسمل لما يبدأ ويحمد لما ينتهي، يعلمه كفارة المجلس، فهناك خَدمة تلزمه، لهذا يبحث عن الزوجةالصالحة لتعينه على هذه المهمة.

▪️الأطفال يحفظون كل الأمور التي فيها الألعاب بما في ذلك الأغاني الموجودة لأنه تعجبه الموسيقى التي في اللعبة من أين اخذها ؟ من هذا -الهاتف-.

▪️لهذا أقول الأطفال الصغار *ينبغي العناية بهم والتركيز عليهم أكثر فأكثر* ، لأن هذه هي القاعدة التي ينشؤون بها، *فلو لم نتعاهدهم في هذه الآداب في بداية ترعرعهم ونموهم لربما ينضجون على غير ما يرضي الله* .

▪️يمثلون الصبي *بالشجرة* ، لما تجعل لها حطبة تنمو مستقيمة، لِمَ؟ لأن *عندها قوامة* لكن إذا لم يكن عندها *تذهب يمينا وشمالا و تنشأ مائلة* *يصعب إرجاعها* لازم تأخذ بذرة من شجرة أخرى وتعمل لها تأبير.
▪️إذن يتعاهد ولده في صغره يأخذه إلى المسجد. وفي هذا الوقت الطفل يأخذ كل ما يراه لذلك *لا يعطي أولاده لأناس يعرف سيرتهم أنها ليست حسنة لتربيتهم* ، لأن الصبي يلتقط، يسمع خاله يسب هو يسب فيلتقط الكلام القبيح، هذا خلاف الآداب التي ينبغي التأدب بها، النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن صخابا ولا بذيئا.

🔸 *أين هم الأولياء*؟!!
🔴 *الأولياء في بُعدٍ شديد ولا يُقَدِّرون المسؤولية التي سيحاسبون عليها* .

هذه عموم النصيحة تدور على هذه المسألة خشية الولد تأخذه هذه الألعاب، وتضره في صحته أيضًا هو *ينام بها ويستيقظ بها* !
ينام على الله ويستيقظ على الله ، فكل من تعلق بشيء وكل إليه ، ليتعلق بالله، حين يأكل يقول بسم الله. لما يدخل المرحاض يذكر الله، لما يأوي إلى الفراش يذكر الله، إذا افترق من المجلس يسلم، *كله مع الله من الأول للآخر* ، *يبقى دائمًا مع الله ويذكر الله كثيراً في كل أحواله*.

▪️الطفل يتربى إلا مع الجوال ، لما يفطن جوال ! تقول له احفظ يقول حتى انظر في الجوال!

🔸 *فيحرص الإنسان على تقويم نفسه وأولاده ومحيطه* ، *ويستعين بالله* في ذلك والله كفيل بإعانته على هذه المهمة.

الأربعاء 05 ربيع الأول 1445الموافق ل 20 سبتمبر 2023.

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

23 Oct, 15:19


🛑الآن مباشر من المسجد النبوي

‌‏[شرح كتاب أحاديث الإيمان ] 
للشيخ: د. عبدالرزاق البدر -حفظه الله-

http://mixlr.com/al-badrnet



📲قناة الاعلان السلفي:
https://t.me/Al3laanAlSalafi

📩ساهموا معنا في نشر الخير ودروس العلماء.

🔃🔃🔃

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

19 Oct, 09:18


(٢) قال ابنُ الأثير في «النِّهاية» (٥/ ٢١٤): «الوَقْص: كسرُ العُنُق، وَقَصْتُ عُنُقَه أَقِصُها وَقْصًا، ووقَصَتْ به راحلتُه كقولك: خُذِ الخِطامَ وخُذْ بالخطام، ولا يقال: وقَصَتِ العُنُقُ نفسُها، ولكِنْ يقال: وُقِصَ الرَّجلُ فهو موقوصٌ» [وانظر: «الصِّحاح» للجوهري (٣/ ١٠٦١)].
(٣) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الجنائز» ‌‌باب: كيف يُكفَّنُ المُحرِمُ؟ (١٢٦٧)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٢٠٦).
(٤) «تفسير السِّعدي» (١٩٦).

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

19 Oct, 09:18


الفتوى رقم: ١٣٩٠
الصنف: فتاوى الحجِّ والعُمرة ـ أحكام الحجِّ
في حكمِ مَنْ ماتَ قبلَ طوافِ الإفاضةِ
السؤال
سافرَ رجُلٌ رُفقةَ زوجتِه إلى الحِجازِ لأداءِ فريضةِ الحجِّ معًا، وبعدَ المُضِيِّ في المناسِكِ تُوُفِّيَ الحاجُّ ولم يَطُفْ طوافَ الإفاضةِ؛ والسُّؤالُ المطروحُ هو: هل يُطافُ عنهُ؟ وهل زوجتُه الَّتي معه تَلزَمُ محلَّ إقامتِها بنِيَّةِ العِدَّة حتَّى ترجعَ إلى بلدِها أم ماذا عليها أَنْ تَفعلَ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فمَنْ مات في أثناء الحجِّ ولم يَطُفْ طوافَ الإفاضةِ فلا تجبُ، بل لا تجوزُ النِّيابةُ على ما بقيَ مِنْ حجِّه على أصحِّ قولَيِ الشَّافعيِّ ـ رحمه الله ـ، وهو ما رجَّحه النَّوويُّ ـ رحمه الله ـ بقوله: «إذا ماتَ الحاجُّ عن نَفْسِه في أثنائه: هل تجوز النِّيابةُ على حَجِّه؟ فيه قولانِ مشهورانِ: (الأصحُّ) الجديدُ: لا يجوزُ كالصَّلاةِ والصَّومِ..»(١) وغيرها مِنَ العِباداتِ البدنيَّةِ، وإنَّما تجوزُ النِّيابةُ عنه إِنْ كان الحجُّ قد استقرَّ في ذِمَّتِه، فإنْ لم يَستقِرَّ في ذِمَّته أو كان تطوُّعًا فلا يجب الإحجاجُ عنه، ويُقوِّي هذا المذهبَ حديثُ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «خَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَعِيرِهِ فَوُقِصَ(٢) فَمَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ؛ فَإِنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا»»(٣)؛ ففي الحديثِ إخبارُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأنَّ اللهَ يبعثُه يومَ القِيامةِ مُلبِّيًا، ولم يأمرِ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ في كافَّةِ رواياتِ الحديث ـ بأَنْ يُتِمَّ عنه غيرُه، لأنَّه لا يَزالُ مُحرِمًا، يُكتَبُ له الحجُّ ـ إِنْ شاءَ الله ـ كاملًا بشرطِه لقوله تعالى: ﴿وَمَن يَخۡرُجۡ مِنۢ بَيۡتِهِۦ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ يُدۡرِكۡهُ ٱلۡمَوۡتُ فَقَدۡ وَقَعَ أَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ﴾ [النِّساء: ١٠٠]، قال السِّعديُّ ـ رحمه الله ـ في تفسيره للآية: «أي: فقَدْ حصَلَ له أجرُ المُهاجِرِ الَّذي أَدركَ مقصودَه بضمانِ اللهِ تعالى، وذلك لأنَّه نوى وجزَمَ، وحصَلَ منهُ ابتداءٌ وشروعٌ في العملِ، فمِنْ رحمةِ الله به وبأمثالِه أَنْ أعطاهُم أَجْرَهم كاملًا ولو لم يُكمِلوا العملَ، وغفَرَ لهم ما حصَلَ منهم مِنَ التَّقصيرِ في الهجرةِ وغيرِها»(٤).
وأمَّا زوجتُه فعليها أَنْ تُكمِلَ حَجَّتَها، لقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، ولقوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ ٣٣﴾ [محمَّد]، فإِنْ أَتمَّتْ فتبقى في نُزلها على الحِدادِ مُنتظِرةً يومَ العودةِ إلى بلدِها، فإِنْ حان وقتُ رحيلِها فتطوفُ طوافَ الوداعِ ليكونَ آخِرُ عهدِها بالبيتِ، علمًا أنَّها تَحتسِبُ عِدَّتَها: أربعةَ أَشْهُرٍ وعشرَ ليالٍ مِنْ يومِ وفاةِ زوجِها، وتُكمِلُ بقيَّةَ عِدَّتِها في بيت الزَّوجيَّة.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢ ربيع الآخِر ١٤٤٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٥ أكتوبـر ٢٠٢٤م

(١) «المجموع» للنَّووي (٧/ ١٣٥)؛ وقال: «.. وعلى القديم: قد يموت وقد بقي وقتُ الإحرام، وقد يموت بعد خروج وقتِه، فإِنْ بَقِيَ أَحرمَ النَّائبُ بالحجِّ، ويقف بعَرَفةَ إِنْ لم يكن الميِّتُ وقَفَ، ولا يقف إِنْ كان وقَفَ، ويأتي بباقي الأعمال، فلا بأسَ بوقوعِ إحرام النَّائب داخِلَ الميقاتِ لأنَّه يَبنِي على إحرامٍ أُنشِئَ منه؛ وإِنْ لم يَبْقَ وقتُ الإحرام فبِمَ يُحرِمُ به النَّائب؟ وجهان: (أحَدُهما) وبه قال أبو إسحاقَ: يُحرِمُ بعُمرةٍ ثمَّ يطوف ويسعى فيُجزِئانِه عن طواف الحجِّ وسعيِه، ولا يبيت ولا يرمي لأنَّهما ليسا مِنَ العمرة، ولكِنْ يُجبَران بالدَّم، (وأصحُّهما) وبه قطَعَ الأكثرون تفريعًا على القديم: أنَّه يُحرِمُ بالحجِّ ويأتي ببقيَّةِ الأعمال، وإنَّما يُمنَع إنشاءُ الإحرام بعد أَشهُرِ الحجِّ إذا ابتدأه، وهذا ليس مُبتدَأً بل مبنيٌّ على إحرامٍ قد وقَعَ في أَشهُرِ الحجِّ، وعلى هذا إذا مات بين التَّحلُّلَيْن أَحرمَ إحرامًا لا يُحرِّمُ اللُّبْسَ والقَلَمَ، وإنَّما يُحرِّمُ النِّساءَ، كما لو بقي للميِّت هذا كُلُّه إذا مات قبل التَّحلُّلَيْن، فإِنْ مات بعدهما لم تَجُزِ النِّيابةُ بلا خلافٍ لأنَّه يمكن جبرُ الباقي بالدَّم».

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

19 Oct, 09:10


جديد فتاوى

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

19 Oct, 09:10


في حكمِ مَنْ ماتَ قبلَ طوافِ الإفاضةِ | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
https://ferkous.app/home/index.php?q=fatwa-1390

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

17 Oct, 21:44


📜السؤال: شَيْخَنَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ، مَا نَصِيحَتُكُمْ لِلْإِخْوَةِ الَّذِينَ يُخَطِّئُونَ حَرَكَةَ حَمَاسٍ وَالْكَتَائِبَ الأُخْرَى الَّتِي تُقَاوِمُ ضِدَّ الصَّهَايِنَةِ وَيَقُولُونَ إِنَّ حَمَاسَ أَوِ الإِخْوَانَ أَخْطَرُ مِنَ الْيَهُودِ بِحُجَّةِ أَنَّ الْيَهُودَ عَدَاوَتُهُمْ ظَاهِرَةٌ أَمَّا الإِخْوَانُ لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَعْرِفُونَ خُطُورَتَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، نَرْجُو مِنْكُمْ التَّوْضِيحَ.

🎙الشَّيْخُ أَبو عَبْدِ الْمُعِزّ مُحَمَّد عَلِيّ فَرْكُوسْ حَفِظَهُ اللهُ:

يَسْأَلُونَهُم هَلْ هَؤُلَاءِ مُسْلِمُونَ!!؟ حُكْمُهُمْ كَحُكْمِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَيَحْتَاجُونَ إِلَى تَصْوِيبٍ، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ هَؤُلَاءِ. هَذِهِ أَرَاضِي الْمُسْلِمِينَ عُمُومًا، لَيْسَتْ لِلْيَهُودِ وَلَا لِقُوَى الشَّرِّ الَّذِينَ نَمَتْ وَتَرَعْرَعَتْ بَيْنَهُمْ، الأَصْلُ أَنَّ هَذِهِ الأَرْضَ تَتَحَرَّرُ سَوَاءً بِأَيْدِي هَؤُلَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ، المُهِمُّ أَنْ تَتَحَرَّرَ لِتَعُودَ إِلَى أَصْحَابِهَا.

مَثَلًا: مَنْ أُخِذَتْ أَرْضُهُ وَدَارُهُ وَلَمْ يَجِدْ سَبِيلًا إِلَّا الْمَحَاكِمَ غَيْرَ الشَّرْعِيَّة، نَقُولُ: الْوَسِيلَةُ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ والنَّتِيجَةُ صَحِيحَةٌ، وَالطَّرِيقُ غَيْرُ صَحِيحٍ، هَذَا بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ الْمُخَالَفَاتِ.

بِهَذَا [التَّفْكِيرِ] تَتْرُكُ الْمُسْتَعْمِرَ يَتَشَبَّثُ بِالأَرْضِ، نَقُولُ: هَذَا غَيْرُ سَلِيمٍ، وَالسُّؤَالُ: هَلِ الْوَضْعِيَّةُ صَحِيحَةٌ أَوْ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؟! يَعْنِي وَضْعِيَّةَ الْكِيَانِ الصَّهْيُونِيِّ بِاسْتِيلَائِهِ عَلَى الأَرْضِ؟! هَبْ أَنَّ مَا تَذْكُرُهُ صَحِيحٌ، هَلْ وَضْعِيَّتُهُ صَحِيحَةٌ؟

هَؤُلَاءِ أَرَادُوا إِزَالَتَهُ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُوا أَخْطَرَ لِكَوْنِهِمْ مُسْلِمِينَ، مُمْكِنٌ أَنَّهُمْ يَرَوْنَكَ بِمَذْهَبِهِمِ الشِّيعِيِّ كَذَا وَكَذَا... وَهَؤُلَاءِ مُتَوَاجِدُونَ فِي سُورِيَا! وَفِي لُبْنَانَ! وَالْبَحْرَيْنِ! وَقَطَرَ!، لِمَاذَا لَا يُعَامِلُونَهُمْ كَذَلِكَ؟ حَتَّى فِي السُّعُودِيَّةِ مَوْجُودُونَ!

نَنْظُرُ إِلَى أَحَقِّيَّةِ الأَرْضِ، مَثَلًا: بُلْدَانٌ غَيْرُ مُسْلِمَةٍ وَيَدُ الإِجْرَامِ أَرَادَتْ امْتِصَاصَ خَيْرَاتِهَا، يَقُولُ لَكَ: مَا مَوْقِفُكَ فِيهَا؟ تَقُولُ: الأَرْضُ لِأَصْحَابِهَا، سَوَاءً فِي أَفْرِيقِيَا أَوِ الصِّينِ أَوِ الْهِنْدِ أَوْ فِيَتْنَامَ، و فَرَنْسَا لَيْسَ لَهَا حَقٌّ، وأَنْتَ تَكُونُ مَعَ فَرَنْسَا أَوْ مَعَ صَاحِبِ الأَرْضِ؟ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ الِاتِّجَاهِ الْفِكْرِيِّ وَالدِّينِيِّ، صَاحِبُ الْحَقِّ صَاحِبُ حَقٍّ.

مِثَالٌ: مُسْلِمٌ دَخَلَ بَيْتَ كَافِرٍ، يَأْخُذُ لَهُ الأَمْوَالَ؟ الدَّاخِلُ سَارِقٌ مُسْلِمٌ وَالآخَرُ كَافِرٌ. تَأْتِي مَعَ الْمُحِقِّ أَوْ مَعَ الْمُبْطِلِ؟ تَأْتِي مَعَ الْمُحِقِّ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا، أَنْتَ مَعَ هَؤُلَاءِ ذِمِّيِّينَ، لَا تَسْرِقْهُمْ وَالدَّوْلَةُ وَفَّرَتْ لَهُمُ الأَمَانَ.

هَذَا تَفْكِيرٌ غَيْرُ سَلِيمٍ وَمَبْنِيٌّ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ، وَالْمَوْضُوعُ لَيْسَ الأَشْخَاصَ [الَّذِينَ قَالُوا بِهِ]، الْمَوْضُوعُ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَوْ غَيْرُ صَحِيحٍ.

السَّائِلُ: هُمْ يَقُولُونَ...

الشَّيْخُ: أَنَا أَقُولُ لَيْسَ هُمْ مَنْ يَقُولُ، جَعَلُ الْقَوَاعِدِ الأَمْرِيكِيَّةِ فِي الْكُوَيْتِ!! وَالْبُلْدَانَ لَا أَذْكُرُهَا!! الَّذِينَ جَعَلُوا قَوَاعِدَ كُفَّارٍ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْكُفَّارُ يَتَحَكَّمُونَ فِي الْوَضْعِ؟!

📖المجلس: بعد صبح الأربعاء 13 ربيع الآخر 1446هـ الموافق لـ 16 أكتوبر 2024 م في مكتبة القبة الجزائر.

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

17 Oct, 12:14



الفتوى رقم: ٩٣٧
الصنـف: فتاوى المعاملات المالية - البيوع
في حكم تهريب البضائع
السـؤال:
ما حكمُ تهريب السِّلَع عن الجمارك والضرائب والمشارَكةُ مع المهرِّبين أو الإرسالُ معهم، خاصَّةً مع تَفَشِّي البطالة، وعدَمِ توفُّرِ مَناصِبِ العمل؟ وهل تجوز التجارةُ فيها بعد دخولها أو خروجها مِن مَناطِقِ الحدود؟ أفيدونا ـ جزاكم اللهُ خيرًا ـ.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإنَّ دولةَ بلدٍ إذ مَنَعَتْ إدخالَ الموادِّ المهرَّبةِ أو تهريبَها إلى بلدانٍ مُجاوِرةٍ تحقيقًا للمصلحة العامَّة للمسلمين فإنَّه لا يجوز مُخالَفةُ الحاكم بالإقدام على التهريب أو المُشارَكةُ مع المُمارِسين له، أو الإرسال معهم البضائعَ والسِّلَعَ؛ ذلك لأنَّ «تَصَرُّفَ الحَاكِمِ مَنُوطٌ بِالمَصْلَحَةِ» يقتضي عدَمَ مُخالَفته، خاصَّةً إذا كانَتِ الموادُّ المهرَّبة غيرَ مرخَّصٍ فيها تُلْحِق ضررًا مستَنْزِفًا لاقتصاد الأُمَّة مِن جهةٍ، فضلاً عن نوعِ ضرر الموادِّ المُسْتجلَبَةِ أو رداءة المنتوج المهرَّب، ونحوِ ذلك ممَّا يؤثِّر بطريقٍ أو بآخَرَ في المنتجات المحلِّية بشكلٍ يُسبِّب إخلالاً في مَناصِب العمل، وزعزعةً في العلاقات الاجتماعية.
وهذا كُلُّه إذا ما رُوعِيَتْ في الجانب الاقتصاديِّ مصلحةُ الأُمَّة، والمحافَظةُ على استقرارها بتنظيم طُرُق استيراد البضائع وتصديرها على وجهِ عدلٍ يخدم المسلمين، فإنَّ الواجب الطاعةُ في المعروف.
أمَّا إذا انتفَتْ دوافعُ تحقيق المصلحة العامَّة، وحلَّت مَحَلَّها دوافعُ المنعِ القائمةُ على تحقيق مَصالِحِ الأشخاص وأصحاب النفوذ في الاستحواذ على الأسواق، واحتكارِ المنتوجات، والاستبداد بالأسعار، والإضرار بالمُسْتهلِكِ، وخَلَتْ طُرُقُ الاستيراد والتصدير مِن أيِّ تنظيمٍ عادلٍ يخدم به مصلحةَ المسلمين، فإنَّ الأَوْلى تركُ التهريبِ والتجاوزِ مع المهرِّبين لِما فيها مِن تعريضٍ بالنفس للخطر والإذلال والإهانة والتحقير، وتعريضٍ بالأموال للتلف والمُصَادَرَة والضياع، والمعلومُ أنَّ المحافَظة على النفس والمال والعِرْض مِن مقاصد الشريعة التي أُمِرْنَا أَنْ نحافظ عليها.
هذا، وحكمُ التجارة بالسِّلَع المهرَّبة إذا كانَتْ غيرَ محرَّمةٍ في ذاتها، ولا تخدم الرذيلةَ، وليست مَحَلًّا لمُصادَرتها إذا ما وجدتها المصالحُ المعنيَّةُ في السوق فإنه لا بأس بالمُتاجَرة فيها بعد استقرارها في السوق المحلِّية، خاصَّةً مع التبرير السابق مِن إحداث عملٍ مُلِحٍّ وامتصاص حجم البطالة، فشأنُها في الحكم كشأن الموادِّ المُباحة التي دخلَتْ في عموم الأسواق والمحلَّات التجارية بالطُّرُق الملتوية والرشاوى.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٨ شعبان ١٤٢٩ﻫ
الموافق ﻟ: ١٩ أوت ٢٠٠٨م

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

17 Oct, 11:20


الفتوى رقم: ٦٩٨
الصنـف: فتاوى المعاملات المالية - البيوع
في حكم شراء السلع المحجوزة بالمزاد العلني
السـؤال:
هل يجوز شراءُ السِّلعِ والحوائجِ التي تقوم المحكمةُ بحجزها ثمّ بيعِها بالمزاد العلني؟ وشكرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فإن كان ما تحجُزُه المحكمةُ من مُعدّاتِ المؤسّساتِ المُفْلِسَةِ المُثْقَلَةِ بالدُّيون قَصْدَ تسديدِ ديونِ الدائنينِ على الغارمين فالظاهرُ جوازُ شراءِ ما تُعدُّه للبيع بالمزاد العلنيِّ استبقاءً للحقوق وردًّا للمظالِمِ.
أمّا ما تحجُزُه الجماركُ من أموال الناسِ وسِلَعهم الذين لا يقتدرون على دفع الضرائب الجُمْرُكية المفروضة جبرًا، أو تلك السلع التي أباحها الشرعُ ومنعتها السلطاتُ بدعوى مصلحةِ البلاد والعبادِ فالظاهرُ أنه لا يجوز شراؤُها إلاّ إذا رضي أصحابُها أو دُفع لهم قيمة سلعتهم(١).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١١ جمادى الأولى ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٨ ماي ٢٠٠٧م
 
(١) ملاحظة: يمكن مراجعةُ حكم البيع بالمزاد العلني أو السري في فتوى موسومة ﺑ: «في حكم بيع السمك مزايدةً» برقم: ١٠٢.

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

17 Oct, 11:18


الفتوى رقم: ١٠٢
الصنف: فتاوى المعاملات المالية - البيوع
في حكم بيع السمك مزايدةً
السؤال:
ما حكمُ بيعِ السمك بالمزايدة سرًّا، مع العلم أنَّ البائع يطلب الزيادةَ علانِيَةً؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فمِنْ حيث حكمُ بيعِ المزايدة فإنَّ ما عليه جمهورُ أهلِ العلم جوازُه؛ خلافًا لمَنْ حَصَره في الغنائم والمواريث، وهو مذهبُ عطاءٍ ومجاهدٍ والأوزاعيِّ وإسحاق، وخلافًا ـ أيضًا ـ لمَنْ كَرِهه مطلقًا، وهو مذهبُ إبراهيم النَّخَعيِّ.
ويظهر أنَّ منشأ الخلاف ـ في هذه المسألة ـ يعود إلى النهي الوارد عن سَوْمِ الرجل على سومِ أخيه(١): هل يُحْمَلُ على جميع الأحوال أو على حالةٍ دون حالةٍ؟ على ما أفاده ابنُ رشدٍ ـ رحمه الله ـ(٢).
هذا، وبالنظر إلى أنَّ الأحاديث المُجيزةَ لبيع المزايدةِ والمانعةَ لها لا تصلحان للاحتجاج مِنْ حيث ضعفُ سندِها ـ مِنْ جهةٍ ـ وتَقابُلِها المُفضي إلى تساقُطِها ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ فإنَّ الرأي المختارَ في ذلك هو مذهبُ الجمهور في جوازِ بيع المزايدة؛ لأنَّ صورتها غيرُ مشمولةٍ بالنهي عن سَوْم الرجل على سَوْمِ أخيه؛ للفرق بينهما مِنْ ناحيةِ أنَّ بيع المُستامِ المنهيَّ عنه إنَّما يتفرَّد بعد التراضي الأوَّليِّ على الثمن وركونِ البائع إلى المشتري، أمَّا بيع المزايدة فهو دعوةٌ إلى التعاقد، وليس ثمَّةَ تراضٍ على الثمن ولا ركونُ البائع إلى المشتري؛ فافترقا.
ولو سلَّمْنا شموليةَ النهي عن بيع المُستام لبيع المزايدة فإنَّ صورةَ بيعِ المزايدة تخرج عن عموم النهي؛ للإجماع الذي نَقَله ابنُ قدامة ـ رحمه الله ـ بقوله: «وهذا ـ أيضًا ـ إجماعُ المسلمين، يبيعون في أسواقهم بالمزايدة»(٣)، وقد أخرج ابنُ أبي شيبة ـ بسنده ـ إلى عمر بنِ الخطَّاب رضي الله عنه أنَّه «بَاعَ إِبِلًا مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ فِيمَنْ يَزِيدُ»(٤)، واشتهر ولم يُنْقَلْ له مُخالِفٌ ولا مُنْكِرٌ مِنَ الصحابة رضي الله عنهم؛ فكان ذلك حجَّةً وإجماعًا منهم على تسويغه، كما أنَّ الحكمة تقتضيهِ؛ لأنَّ في تركه إلحاقَ ضررٍ بالباعة، وخاصَّةً للمحتاجين الذين كَسَدَتْ تجارتُهم فلا يملكون وسيلةً للوصول إلى تغطيةِ مُتطلَّباتهم المعيشية إلَّا بمثلِ هذه الطُّرُق؛ فالحاجةُ داعيةٌ وماسَّةٌ إليه.
هذا، والمزايدة السرِّيَّة كالعلنيَّة، سواءٌ كان السرُّ عن طريق الهمس في الأُذُن أو عن طريقِ عَرْضٍ مكتوبٍ ومُغْلَقٍ في رسائلَ ومظاريفَ موجَّهةٍ إلى البائع لفتحِها في يومٍ محدَّدٍ؛ فإنَّ حُكْمَها لا يخرج عن حكم عقدِ بيع المزايدة، وهي لا تتنافى ونصوصَ الشرع في عمومها، بل الشريعةُ تُراعِي أعرافَ الناسِ وتُقرِّر مبدأَ: «المَعْرُوفُ عُرْفًا كَالمَشْرُوطِ شَرْطًا».
وجديرٌ بالتنبيه والبيان: أنَّه يُشترَط في بيع المزايدة شروطٌ على ما هو جارٍ في سائر العقود، غيرَ أنَّه يُشترَطُ في بيع المزايدة ـ على وجه التأكيد والوضوح ـ:
ـ التعريف بالسلعة المرادِ بيعُها تعريفًا تامًّا وصادقًا للابتعاد عن التغرير والتدليس.
ـ كما يُشترَط خُلُوُّ البيع مِنَ النَّجَش(٥).
ـ كما يُشترَط خُلُوُّه مِنَ الصورة العكسية للنَّجَش(٦).
وعليه، فإنَّ الإخلال بمثلِ هذه الشروطِ يجعل عقدَ بيعِ المزايدة غيرَ جائزٍ شرعًا؛ لِمَا فيه مِنِ انتفاءِ حكمة التشريع في دفع المفاسد وجلبِ المصالح. 
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٣ شوَّال ١٤١٩ﻫ
الموافق ﻟ: ١٠ فيفري ١٩٩٩م
 
(١) انظر الحديثَ المُتَّفَقَ عليه الذي أخرجه البخاريُّ في «الشروط» باب الشروط في الطلاق (٢٧٢٧)، ومسلمٌ في «البيوع» (١٥١٥)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) انظر: «بداية المجتهد» لابن رشد (٢/ ١٦٥).
(٣) «المغني» لابن قدامة (٤/ ٢٣٦).
(٤) أخرجه ابنُ أبي شيبة في «مصنَّفه» (٢٠٢٠١، ٣٢٩٦٧).
(٥) وهو تَواطُؤُ البائعِ مع غيره قَصْدَ الزيادةِ في ثمن السلعة لنفعِ البائع وإضرارِ المشتري.
(٦) وهو تَواطُؤُ المشتري مع المُنافِسين معه قَصْدَ إرساءِ المَزاد على سعرٍ قليلٍ.

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

12 Oct, 13:35


📌 فوائد من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (السبت ٠٨ ربيع الثاني ١٤٤٦ هـ)

كيف الردّ على من قال أن أحاديث الآحاد تفيد الظن؟! ..

"أولا العلماء اختلفوا في خبر الآحاد سواء مشهور، أو عزيز، أو غريب، أو كانت غرابته مطلقة أو نسبية؛ هل يفيد الظن أو العلم؟!

قول أنه يفيد العلم، وقول آخر أنه يفيد الظن، وقول ثالث أنه يفيد العلم إذا احتفّ بقرائن، وإلا فإنه يفيد الظن، وهذا الذي رجّحه ابن قدامة وغيره من الأصوليين، وذهبوا إلى هذا.

بمعنى أن خبر الواحد إذا جاءنا مثلا في رواية البخاري، أو مسلم، أو كان متفقا عليه .. إذا احتفّ بمثل هذه القرائن أفاد العلم، وإلا فلا يفيد علما إنّما ظنا.
إذا جاءت قرائن أخرى في المعنى -ليست سندية- يمكن أن يرتقي إلى تواتر معنوي؛ كما في اللّفظ تواتر لفظي.

عند أهل السنة والجماعة أن حديث الآحاد يعمل به في الأحكام، والفضائل، والترغيب والترهيب، والعقيدة، لا محيد عن هذا؛ شرط توفّر فيه شروط الصحة لذاته؛ أو لغيره، أو يكون حسنا لذاته؛ أو لغيره ..

كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي جاء صحيحا أولى من كلام الرجال، ولا يجوز ردّه إلا إذا كان ضعيفا، وأنواع الضعف كثيرة ..
والضعيف في ذاته وإن كان هناك خلاف فيه؛ لا يعمل به في الأحكام، لكن نُقل عن أحمد وابن حزم أنه أفضل من آراء الرجال، لأن الضعف غير متيّقن فيه، فالراوي قد ينسى، أو يخطئ، ويمكن أن يكون راويا ثقة ويحتمل الخطأ، وربما في باب اتصال السند، أو العدالة، وغيرها .. لا ندخل في هذه التفاصيل.

الحديث الصحيح يعمل به؛ سواء أفاد الظن أو العلم، احتفّ بالقرائن أو لا، في العقائد، والأحكام، والترغيب والترهيب .. مادام صح الحديث فهو مذهبي؛ كما قال الشافعي وغيره، فيعمل به في كل الأمور.

قالوا مثلا لو كان القاضي يحكم بأن الخبر يفيد العلم ما احتاج شهودا .. وأدلة جمهور الأصوليين كثيرة في هذا الباب ..

نحن نقول أن القول بأن خبر الواحد يفيد العلم -إذا احتفّ بالقرائن- هو الراجح، قاله ابن القيم وغيره، وجاء الردّ في الفتح الرباني على من قال أننا قلنا أنه يفيد الظن، ومن حيث العمل نعمل به في كل الأمور، خلافا للمعتزلة وبنتها الأشعرية، حيث يذهبان إلى عدم العمل بخبر الواحد في العقائد، لذا أنكروا عذاب القبر، وغيره .. والله المستعان.

إذا كان شيخك منتهجا منهج الأشاعرة، أو وقع في الاعتزال بطريق أو بآخر، علم أو لم يعلم .. الإنكار والتدخّل في مناقشته لا يسلم لك، فيجب أن تدخل بزاد.
ترجع إلى أدلة هؤلاء، وأدلة هؤلاء، وربما ترجع إلى مقالة الألباني في هذا، وكذا المعلمي اليماني صال وجال في مسألة خبر الواحد، ومع ذلك لم يَعُد هؤلاء ..

ممكن أنت ترى هذا -رسالة الألباني في خبر الواحد- وتقول هاك الرسالة تقرؤها .. إن دخلت في نقاش معه ربما يغلبك، ويدور يمينا وشمالا .. وهو في موضع قوة.

أرى أن تعطيه رسالة صغيرة -خبر الواحد- وأنه يُستدل به في العقائد والأحكام، ولقد ذكروا الأدلة، وردّوا على هذا، ومنه كتاب التنكيل للمعلمي اليماني، ردّوا على القائلين بعدم جواز الاستدلال بخبر الواحد في العقائد، تمنحه إياها، يقرؤها لعل الله ينير قلبه .."

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

12 Oct, 13:32


الفتوى رقم: ٣٧٢
الصنف: فتاوى الحدود والدِّيَات - الدِّيَات
في حكمِ ضمانِ المشتركين في قتلِ الخطإ
السؤال:
كان شخصٌ يقود سيَّارةً في الطريق السريع، وفجأةً قَطَعَ الطريقَ رجلٌ فدَعَسَتْهُ السيَّارةُ، ولمَّا توقَّف السائقُ لنجدة المُصاب صَدَمَتْه ـ أي: المُصابَ ـ سيَّارةٌ ثانيةٌ ليَلْقَى حَتْفَه على الفور، لكنَّ السائق الثانيَ فرَّ ولم يتوقَّفْ، فما هو الحكمُ الشرعيُّ فيما يتعلَّق بموضوع الدِّيَةِ والكفَّارة بالنسبة للسائق الأوَّل، علمًا أنه لا يدري متى وقَعَتِ الوفاةُ: أبَعْدَ الصدمةِ الأولى أم الثانية؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فاعْلَمْ أنَّ سائق السيَّارة الأولى إذا باشَرَ قَتْلَ المجنيِّ عليه خطأً فمات قبل أَنْ تَدْعسه السيَّارةُ الثانيةُ فإنه لا تترتَّب مسؤوليةُ قتل الخطإ على السائق الثاني؛ لعدمِ مصادفته للمحلِّ بعد وفاة المجنيِّ عليه، وإنما تترتَّب المسؤوليةُ كاملةً على السائق الأوَّل المُباشِر لقتلِه.
أمَّا إذا اشتركا في قتل المجنيِّ عليه خطأً بحيث لا يُعْلَم: أيُّ السيَّارتين باشَرَتْ قَتْلَه؛ فإنَّ المسؤولية ـ والحالُ هذه ـ تترتَّب عليهما معًا؛ لأنَّ كلتا السيارتين باشرَتْ قَتْلَه خطأً، والأصلُ المقرَّر أنَّ «المُبَاشِرَ يَضْمَنُ مُطْلَقًا» تَعدَّى أو لم يَتَعَدَّ؛ ذلك لأنَّ الخطأَ يرفع إِثْمَ قتلِ معصومِ الدم لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»(١)، ولكنَّه لا يرفع عنه ضمانَ القتل لكونه متعدِّيًا نَتَجَ ـ عن تعدِّيهِ ـ الضررُ الحاصل لغيره؛ لذلك لا يصلح عدَمُ تعمُّدِ القتلِ عذرًا مُسْقِطًا للحكم، بل تكفي المُباشَرةُ علَّةً مُوجِبةً للضمان عن المُباشِرِ المتعدِّي.
وبناءً عليه يجب على كِلَا السائقين:
١ ـ الكفَّارة ووجوبُها بقوله تعالى: ﴿وَمَن قَتَلَ مُؤۡمِنًا خَطَ‍ٔٗا فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖ وَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُواْۚ فَإِن كَانَ مِن قَوۡمٍ عَدُوّٖ لَّكُمۡ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ وَإِن كَانَ مِن قَوۡمِۢ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٞ فَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ وَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ تَوۡبَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا ٩٢﴾ [النساء]، أي: أنَّ حقَّ الله تعالى يتجلَّى في عتقِ رقبةٍ مؤمنةٍ، فإِنْ لم يجد فصيامُ شهرين مُتتابِعين.
٢ ـ وأمَّا الدِّيَةُ وهي مائةٌ مِنَ الإبل أو قيمتُها حَسَبَ ما تساوي في كُلِّ عصرٍ بحَسَبِه، فهُمَا مُشترِكان فيها ولا تجب في مال القاتل وإنما تجب على عاقلته، قال ابنُ المنذر ـ رحمه الله ـ: «أَجْمَعَ كُلُّ مَن نحفظ عنه مِنْ أهل العلم أنَّ دِيَةَ الخطإ تحمله العاقلةُ»(٢)، فإِنْ لم تكن له عاقلةٌ فمِنْ بيت المال إِنْ كان مُنتظِمًا بإمامٍ عادلٍ، فإِنْ لم ينتظم أو عُدِم فالدِّيَةُ في مال الجاني، فإِنِ اكتفى أولياءُ الدم بما تُعطيهِ شركةُ التأمين مِنْ مالٍ تعويضًا عن الخطإ فإنَّ الجانيَ تَبْرَأ ذِمَّتُه منها حالتَئذٍ.
هذا، وإذا تَنازَلَ أولياءُ وَرَثةِ المقتول ممَّا أَوجبَ اللهُ لهم مِنَ الدِّيَة على القاتل أو عاقلته فإنه تَبْرَأُ ذِمَّتُه ـ أيضًا ـ بإسقاطهم عنه كُلَّ الدِّيَةِ أو جزءًا منها لقوله تعالى : ﴿إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُواْ﴾ [النساء: ٩٢].
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٨ ذي القعدة ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٣٠ ديسمبر ٢٠٠٥م
 
(١) أخرجه ابنُ ماجه في «الطلاق» بابُ طلاقِ المُكْرَه والناسي (٢٠٤٥) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (١٨٣٦).
(٢) «الإجماع» لابن المنذر (١٤١).

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

12 Oct, 13:31


الفتوى رقم: ١٢٩٣
الصنف: فتاوى الحدود والدِّيَات ـ الدِّيَات
في ضمان المُتسبِّب في قتل الخطإ بالقارب
السؤال:
أنا أعمل رُبَّانَ قاربٍ في حرَسِ السَّواحل، وكثيرًا ما نتدخَّل لإيقاف الشباب الذين يهربون إلى بلاد الكفر على متن الزوارق؛ وفي إحدى التَّدخُّلات لإيقافِ بعض الشَّبَبَة، وبعدما تمَّ نُصحُهم مرَّتين ومطالبتُهم بتسليمِ أنفُسِهم، رفضوا ذلك وحاولوا الهروبَ؛ فاضطُرِرْنا إلى المطاردة التي قُمْتُ خلالَها بتَجاوُزِ الزورق؛ الشيءُ الذي أدَّى إلى تَشَكُّل أمواجٍ انقلب الزورقُ بسببها؛ لكون القارب الذي أقوده أكبرَ بكثيرٍ مِنَ الزورق، ثمَّ قُمْنَا بإسعاف الشباب الذين كانوا على بُعدِ أمتارٍ فقط مِنَ القارب، غير أنَّهم أخبرونا ـ بعد صعودهم إلى القارب ـ أنَّه كان معهم شابَّان لا يُتقِنان السِّباحةَ وقد غَرِقَا، فبحَثْنا عنهما ولكِنْ دون جدوَى؛ شيخَنا: هل يترتَّب عليَّ ضمانُ هاتين النفسين؟ مع العلم أنَّ هذا التجاوزَ ـ في الغالب ـ لا يكون خطيرًا، ولكنَّني كنتُ أَعلمُ أنَّ الزورق سينقلب، كما أنَّ مصلحةَ حرَسِ السواحل التي أعمل فيها لا تضمن هذه الحوادثَ، بل تُجرِّم الفارِّين بهذه الكيفيَّة؛ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالظاهر أنَّ صاحِبَ القاربِ مُتسبِّبٌ في قتلِ الخطإ، بِغضِّ النَّظر عن الإثم الذي هو مَنوطٌ بالتَّعمُّد حقيقةً، فإِنْ وُجِد التَّعمُّدُ وُجِدَ الإثمُ وإلَّا فلا؛ والمُتسبِّبُ إنَّما يضمنُ بالتَّعدِّي بخلاف المُباشرِ فإنَّه يضمنُ في كُلِّ الأحوالِ.
هذا، ولو أنَّ سائقَ قاربِ حرَسِ السَّواحل اكتفى بالمطاردةِ فقط دون التَّجاوزِ لَمَا اعتُبِر متعدِّيًا، ولا ضمانَ عليه جريًا على قاعدةِ: «الجوازُ يُنافي الضَّمانَ»، لأنَّ الاعتداء لا يتحقَّقُ مع الجوازِ الشَّرعيِّ، فحيثما وُجِد الجوازُ انتفى الاعتداءُ، فانتفى الضَّمانُ لانتفائه.
ولكنَّه لمَّا تجاوزَ الزَّورقَ وأَحدثَ تلك الأمواجَ التي كانت سببًا لانقلاب الزَّورقِ وموتِ الشَّابَّين بالنَّظر إلى الفرق الشَّاسع بين حجم المركبتين، كان السَّائق مُتعدِّيًا ولَزِمه الضَّمانُ وهو: صيامُ شهرين متتابعين عن كُلِّ نفسٍ أُزهِقَتْ حقًّا لله، والدِّيَةُ لحقِّ العبد.
وأمَّا الدِّيَة فهي ـ في الأصل ـ تجب على مؤسَّسةِ حراسة السَّواحل، فإِنْ كانت هذه الأخيرةُ لا تضمن مِثلَ هذه الحوادثِ لأنَّه يُعَدُّ ـ عندهم ـ سفرًا غيرَ قانونيٍّ، فإنَّ حقَّ الرَّجُلين المَقتولَين خطأً لا يسقط بل يبقى قائمًا، ويدفعه السَّائقُ بنفسِه، بحَسَبِ قُدرتهِ المَاليَّة على ما يَصطلِحُ عليه مع أولياءِ كُلٍّ منهما ـ وهم ورثَتُه ـ فإِنْ عَفَا أولياءُ أحَدِهما أو كِلَيْهما عن الدِّيَةِ سَقطَتْ عنه، أو عن جُزءٍ منها بَرِئت ذِمَّتُه بدفعِ ما يتبقَّى منها يُؤدِّيها إليهم دُفعةً أو مُقسَّطةً ـ  بحَسَبِ حالِه ـ بغير مُماطلةٍ ولا بَخسٍ، ولا إساءةٍ فعليَّةٍ أو قوليَّةٍ، وذلك مِنْ بابِ الإحسانِ: فهل جزاءُ الإحسانِ إليه بالعفوِ عن الدِّيةِ كُلِّيًّا أو جزئيًّا، إلَّا الإحسانُ إليهم بحُسنِ القضاءِ.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٥ جمادى الأولى ١٤٤٣هـ

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

12 Oct, 13:29


الفتوى رقم: ٢٢٢
الصنف: فتاوى الحدود والديات - الديات
في ضمانِ دِيَةَ طفلةٍ سقطَتْ مِنْ بنيانٍ
السؤال:
سقطَتْ طفلةٌ صغيرةٌ تبلغ مِنَ العمر أربعَ سنواتٍ مِنْ بنيانٍ جديدٍ فماتَتْ، وكانت أمُّها ـ في ذلك الوقت ـ في غرفةٍ مِنْ ذلك البنيان، فهل على أمِّها شيءٌ؟ علمًا بأنَّ هذه الطفلةَ قد سقطَتْ قبل هذه المرَّةِ مِنْ ذلك المكان. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالظاهر أنَّ المتسبِّب ـ في تقديري ـ في هذه الحادثةِ هو صاحِبُ البنيان الجديد إذا تمَّ تسليمُ البنيان لصاحِبِه أو مالكِه الذي فرَّط في إحاطته بسياجٍ يَقِي الطفلةَ مِنَ السقوط؛ فكان ـ عندئذٍ ـ متعدِّيًا بإهماله في اتِّخاذ الحيطة، والمتسبِّبُ لضررِ غيره يَلْزَمه الضمانُ بالتعدِّي والتفريط، ولا يُنْظَر إلى التعمُّد والقصد لأنَّ حقوق الناس مضمونةٌ شرعًا في حالتَيِ العمد والخطإ، وسواءٌ كان صاحبُ الملكية هو أبا الطفلة الميِّتة أو أمَّها أو غيرهما؛ عملًا بقاعدةِ: «المُتَسَبِّبُ لَا يَضْمَنُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي»(١)؛ ذلك لأنَّ إتلاف المتسبِّب كإتلاف المُباشِر في أصل الضمان.
أمَّا إذا لم يتمَّ تسليمُ البنيان الجديد، وكان تحت حيازة المُقاوِل البنَّاء فإنَّ الضمان عليه لا على صاحب المِلْكية؛ لكونها تحت حيازته إذ إنَّما «يُضافُ الفعلُ إلى الفاعل لا الآمرِ ما لم يكن مُجْبَرًا»(٢)، والفاعل هو المُقاوِل فهو مسؤولٌ ضامنٌ، كما تتقرَّر مسؤوليةُ الفاعل إذا كان هو المالكَ، وفي ذات الوقت هو البنَّاء.
هذا، ويترتَّب على القول بالضمان دِيَةُ الخطإ حقًّا للآدميِّ وصيامُ شهرين مُتتابِعين حقًّا لله تعالى؛ نظرًا لعدمِ وجودِ ـ في وقتنا الحالي ـ رقبةٍ مؤمنةٍ سالمةٍ مِنَ العيوب يُعتِقها.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
 
(١) انظر: «الفروق» للقرافي (٢/ ٢٠٦) (٣-٤/ ٢٧)، «المغني» لابن قدامة (١٢/ ٨٨)، «مجلَّة الأحكام» وشروحها، مادَّة (٩٣)، «المدخل الفقهي» للكردي (١١٢).
(٢) «مجلَّة الأحكام» وشروحها، مادَّة (٨٩).

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

12 Oct, 13:28


جديد مجالس الشيخ فركوس حفظه الله تعالى

لقد سئل فضيلة الشيخ فركوس قبل قليل سؤالا عن سائق شاحنة رمي نفايات تسبب في قتل عامل معه كان يشد في سلمها من الخلف عند رجوعه بالشاحنة إلى الوراء فكان مما أجاب به حفظه اللّه:

من يقود سيارة هو مسؤول عن كل ركابها سواء كانوا من الأمام أو من الخلف .. فإذا حدث بسبب سياقته أمر من الأمور كسر أو بتر أو... فهو المسؤول المباشر.

إذا توفي ترتب على هذا حق الله وحق العبد.. فحقّ اللّه يتمثل في صيام شهرين متتابعين مادام لا توجد رقبة يعتقها.. ومادام أنه يستطيع صوم رمضان فإنه يصوم شهرين من غير انقطاع إلا إذا جاءه مرض .. فإنه يبني عليه.. وكذلك إذا كان مسافرا وشق عليه السفر فإنه يبني..
أيضا يختار شهرين لصيامه أين لا يعارضه ما يوجب الافطار بالاعياد لا يصطدم مع الأعياد.. هذا كما قلت بالنسبة لحق الله.

حق العبد يتمثل في ديته.. لأنه كان مباشرا في اسقاطه ثم موته.. و الدية تقدر بمائة من الابل.. لكن إذا تكفل الضمان بالدفاع نيابة عنه تذهب إلى اولياءه ورضي القوم ما يعطيه أيضا التأمين، تأمين الشاحنة وتفاهموا فلا بأس.. لأنه يجوز للأولياء أن يتنازلوا وعلى كافة الدية ويجوز أن يصطلحوا على ثمن معين.. ويجوز لهم طلبها كاملة وتقدر بالابل كما ذكرت.

صبيحة يوم الأربعاء 26 ربيع الأول 1445

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

12 Oct, 09:24


الفتوى رقم: ١٣٨٩
الصنف: فتاوى الحجِّ والعُمرة ـ الطَّواف والسَّعي
في حكمِ تبديلِ نيَّة طوافِ التَّطوعِ إلى طوافِ الوداعِ في الحجِّ
السؤال:
طاف أحدُ الحُجَّاجِ طوافَ نافلةٍ، ثمَّ ظهَرَ له ـ لأسبابٍ صِحِّيَّةٍ ـ أَنْ يُعجِّلَ سفرَه في الحالِ، فهل يُجزِئُه تبديلُ نيَّةِ طوافِ التَّطوُّعِ إلى طوافِ الوداعِ أم لا؟ أفيدونا رَحِمَكمُ اللهُ.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإذا طافَ الحاجُّ طوافَ النَّافلةِ، ثمَّ تَبيَّن له ـ لسببٍ أو لآخَرَ ـ ضرورةُ تعجيلِ سفرِهِ، فإمَّا أَنْ يكونَ أجلُ سفرِه بعيدًا بحيث يسمحُ له الوقتُ لأداءِ طوافِ الوداعِ، فإنَّ الأَوْلى أَنْ يُتِمَّ طوافَ التَّطوُّعِ إِنْ كان قادرًا لقوله تعالى: ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ ٣٣﴾ [محمَّد]، ثمَّ يُؤدِّي بعدَهُ طوافَ الوداعَ، ليحصلَ على أجرِ العبادتَيْنِ.
وإمَّا أَنْ يكونَ سفرُه في الحالِ بحيث لا يسمحُ له الوقتُ لأداءِ طوافِ الوداعِ، فله ـ والحالُ هذه ـ أَنْ يكتفيَ بالأشواطِ الَّتي أدَّاها تطوُّعًا سواءٌ كانت واحدًا أو أكثرَ(١)، ثمَّ يَشرعُ استئنافًا في طوافِ الوداعِ، وهذا أحبُّ إليَّ مِنِ احتسابِ أشواطِ التَّطوُّع وإدخالِهَا في طوافِ الوداعِ وبناءِ ما بقيَ عليها؛ وتقريرُ ذلك: للخروجِ مِنَ الاختلافِ في مسألةِ تبديلِ نيَّةِ طوافِ التَّطوُّعِ إلى نيَّةِ طوافِ الوداعِ الواجبِ مِنْ جهةٍ، والخروجِ ـ أيضًا ـ  مِنَ الاختلاف في مسألةِ الجمعِ بين عِبادتَيْن أو قُربتَيْنِ بعملٍ واحدٍ مِنْ جهةٍ أخرى.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٢ ربيع الآخِر ١٤٤٦ﻫ
الموافـق ﻟ: ٠٥ أكتوبـر ٢٠٢٤م


(١) انظر الفتوى رقم: (١٣٢٩) الموسومة ﺑ: «في حكمِ الاقتصار على أقلَّ مِنْ سبعةِ أشواطٍ في طوافِ التَّطوُّعِ» على موقعي الرَّسميِّ.

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

12 Oct, 09:24


جديد فتاوى الشيخ فركوس حفظه الله

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

12 Oct, 09:24


في حكمِ تبديلِ نيَّة طوافِ التَّطوعِ إلى طوافِ الوداعِ في الحجِّ | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
https://ferkous.app/home/index.php?q=fatwa-1389

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

11 Oct, 14:06


الفتوى رقم:٤٣١
الصنف: فتاوى المعاملات المالية - القرض والصرف
في حكم قرضٍ جرَّ منفعةَ سكنٍ ووجه تغيير العقد فيه
السؤال:
اشترى أخٌ قطعةَ أرضٍ بمبلغٍ كبيرٍ، وطَلَبَ منِّي أَنْ أُشارِكه في شراء هذه الأرض، ووَعَدَني أَنْ يشتريَ لي شقَّةً للسكن، وقد أخبرني بعضُ الإخوة أنَّ هذا الصنيع ربًا لأنَّه قرضٌ جرَّ منفعةً، فهل هذا صحيحٌ؟ وهل نستطيع أن نغيِّر العقدَ إلى مُضارَبةٍ؟
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإنَّ المال المعطى على وجه القرض إِنْ كان مشروطًا ابتداءً بمسكنٍ ـ أي: في أوَّل القرض ـ فإنَّ العقد يُعَدُّ باطلاً لربوية المسكن فيه، وهي منفعةٌ محرَّمةٌ شرعًا لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٨ ـ ٢٧٩]، وغيرها مِن الآيات والأحاديث المحرِّمة لهذا الربا المتَّفق عليه، وهو ربا الديون المتعلِّق بالذمَّة وقاعدته: «أَنْظِرْنِي أَزِدْكَ»، أي: «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً مُشْتَرَطَةً فِي بِدَايَةِ العَقْدِ فَهُوَ رِبًا»؛ بخلافِ ما إذا أقرضه مِن غيرِ شرطٍ ثمَّ طابَتْ نفسُ أخيه فأعطاه منفعةً أو فائدةً على إحسانه له فذلك جائزٌ بل مُسْتحبٌّ، لأنَّه مِن القضاء بالأحسن لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم«إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً»(١)، وإذا أراد المقترض أن يغيِّر صفتَه إلى مُضارِبٍ فإنه لا يستطيع إلاَّ بعد رجوع المُتعاقِدَيْن إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد بحيث يأخذ المُقْرِضُ أموالَه المقترَضةَ، فإِنْ أراد أن يُساهِمَ مع أخيه مُضارَبةً أو شركةً فيجوز له ذلك مع الاتِّفاق على كافَّةِ الشروط التي تُمْلِيها أحكامُ الشركة.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٤ ربيع الثاني ١٢٤٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٢١ ماي ٢٠٠٦م
(١) أخرجه البخاري في «الوكالة» باب: وكالةُ الشاهد والغائب جائزةٌ (٢٣٠٥)، ومسلم في «المساقاة» (١٦٠١)، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

11 Oct, 14:03


الفتوى رقم: ٢٣٥
الصنف: فتاوى المعاملات المالية - القرض والصرف
في حكمِ مَن تاب بعد قرضٍ ربويٍّ لم يُرْجِعْه كاملًا
السؤال:
اقترَضْتُ مَبْلغًا مِن البنك ـ مُضْطَرًّا ـ مِن أجلِ شراءِ مَسْكَنٍ يُؤْويني وعائلتي، واليومَ ـ والحمد لله ـ عَرَفْتُ الحكمَ الشرعيَّ، وأُريدُ أَنْ أتوب، فما عَسَاني أَنْ أفعل علمًا أنَّني لم أُتْمِمْ بعدُ إرجاعَ القرض كاملًا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فالأصل في القرض الربويِّ التحريمُ والبطلان لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُم مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٨ ـ ٢٧٩]، كما أنَّ الأصل أنه لا يَسَعُ المسلمَ أَنْ يجهل ما هو ضروريٌّ مِن أمورِ دينِه ودُنْياهُ؛ لوجوب طلبِ العلم الشرعيِّ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»(١)، ولا يجوز الجهلُ بما هو معلومٌ مِن الدين ضرورةً أو كان مُشْتَهرًا، ولأجلِ هذا وَضَعَ عُلَماءُ القواعدِ قاعدةً مُقْتضاها: «لاَ يُقْبَلُ فِي دَارِ الإِسْلَامِ عُذْرُ الجَهْلِ بِالحُكْمِ الشَّرْعِيِّ»؛ وعليه لمَّا غابَتِ السلطةُ الشرعية في ترتيبِ الأحكام المتعلِّقة بالعقود مِن حيث بطلانُها وإعادةُ المتعاقدَيْنِ إلى ما كانا عليه قبل التعاقد، ولأنَّ التصرُّف الربويَّ الذي قام به ـ والمُخالِفَ لحكمِ الله سبحانه وتعالى ـ لا يستطيع العودةَ فيه إلى ما كان عليه قبل التعاقد، فلمَّا تعذَّرَتْ كُلُّ الأحوال صُحِّحَ له العقدُ ضرورةً لا دينًا، وأتمَّ ردَّ ما أوجبه عليه البنكُ مِن غيرِ أَنْ يكون باغيًا ولا عاديًا.
أمَّا التذرُّعُ بالاقتراض مِن أجل الضرورة فإنَّ الضرورة هي: أَنْ يبلغ فيها المرءُ درجةً يُوشِكُ على الهلاك أو يَقْرُبُ منه، بمَعْنَى أَنْ يكون اقترافُه للمعصية أَهْوَنَ مِن تَرْكِها، ومِثْلُ هذه المسائلِ مِن حيث العلمُ بها موكولةٌ إلى دِينِ المرءِ في تقديرها وتقديرِ حجمها، فإِنْ كانَتْ حقيقةُ ما يذكره السائلُ أنه وَقَعَ في ضرورةٍ مُلِحَّةٍ يُوشِكُ معها على الهلاك في دِينِه أو في مالِه أو في عِرْضِه جاز ذلك ولكِنْ بقَدْرِها؛ ولهذا وَضَعَ العلماءُ قاعدةً مُقْتضاها: «إِذَا ضَاقَ الأَمْرُ اتَّسَعَ، وَإِذَا اتَّسَعَ ضَاقَ»، وقاعدةً أخرى: «الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ المَحْظُورَاتِ وَلَكِنْ تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا»(٢).
ثمَّ اعْلَمْ أنَّ التوبة يجب أَنْ تكون نصوحةً، وذلك بالتخلِّي عن هذه المعصيةِ وعن سائرِ المعاصي الأخرى، على أَنْ يعزم أَنْ لا يعود إليها، وأَنْ يَسْتَتْبِعها بالعمل الصالح؛ لقوله سبحانه وتعالى: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان: ٧٠]، ومَن كان صادقًا في توبته عنها يهدي اللهُ له أسبابَ الفوزِ والنجاح في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: ٣١].
والعلم عند الله، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٩ جمادى الأولى ١٤٢٦ﻫ
المـوافـق ﻟ: ٠٦ جويـليـة ٢٠٠٥م
 
(١) أخرجه ابنُ ماجه في «المقدِّمة» باب فضل العلماء والحثِّ على طلب العلم (٢٢٤) من حديث أنسٍ رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (٣٩١٤).
(٢) انظر الفتوى رقم: (٦٤٣) الموسومة ﺑ: «في ضوابط قاعدة «الضّرورات تبيح المحظورات»».

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

11 Oct, 14:02


الفتوى رقم: ٩٢
الصنف: فتاوى المعاملات المالية - القرض والصرف
في حكم القرض المشروط
السؤال:
رجلٌ اقترض مِنْ آخَرَ مبلغًا ليَستثمِرَه في تجارةٍ، وشَرَطَ على نفسِه أَنْ يُعْطِيَ الْمُقْرِضَ نسبةً مِنَ الربحِ، فهل هذا جائزٌ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإذا أُبْرِمَ الاتِّفاقُ بينهما ابتداءً على أَنْ يُعطِيَه منفعةً أو ربحًا فهو ربًا محرَّمٌ شرعًا؛ لأنَّ المنفعةَ مشروطةٌ مِنَ المُقْرِضِ أو في حكمِ المشروطة، وهذا ما يُعْرَفُ برِبَا الديونِ المتعلِّقِ بالذِّمَمِ المتمثِّلِ في قاعدةِ: «أَنْظِرْنِي أَزِدْكَ»، فتحريمُه تحريمُ مقاصدَ كما قرَّره ابنُ القيِّمِ ـ رحمه الله ـ. وكُلُّ الآياتِ القرآنيةِ الواردةِ في تحريمِ الرِّبَا إنما نزلَتْ في هذه الصورةِ مِنْ صُوَرِ الرِّبا المحرَّم، أمَّا إذا لم يَشترِطْ المُقرِضُ عليه ربحًا أو منفعةً فعند حلولِ وقت الوفاء بالدَّيْن، وأراد المقترِضُ مِنْ طِيبِ نفسِه أَنْ يُجازِيَه على معروفِه ويقضِيَ دَيْنَه بالإحسان؛ فإنَّ ذلك جائزٌ ويُعَدُّ تبرُّعًا مِنَ المستقرِضِ، سواءٌ كان في الصفةِ أو المقدارِ أو العددِ، ويدلُّ عليه ما رواه مسلمٌ مِنْ حديثِ أبي رافعٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ، فَقَالَ: «لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًا»، فَقَالَ: «أَعْطِهِ إِيَّاهُ؛ إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً»» (١)، وفي روايةِ البخاريِّ ومسلمٍ مِنْ حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قال: «كَانَ لِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ، فَقَضَانِي وَزَادَنِي»(٢)، وفي الحديثِ: «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ»(٣).
أمَّا حديثُ: «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا»(٤) وإنْ كان ساقِطَ الإسنادِ على ما ذَكَره ابنُ حجرٍ ـ رحمه الله ـ إلَّا أنَّ المعنيَّ بالتحريمِ يظهر فيما إذا كان نفعُ القرضِ مشروطًا ابتداءً أو متعارَفًا عليه كسَبْقِ اتِّفاقٍ بين المُقرِضِ والمُقترِضِ؛ جمعًا وتوفيقًا بين الأدلَّة. 
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

(١) أخرجه مسلمٌ في «المساقاة» (١٦٠٠) مِنْ حديثِ أبي رافعٍ رضي الله عنه. وأخرج نحوَه البخاريُّ في «الاستقراض وأداء الديون» باب: هل يُعطى أكبرَ مِنْ سنِّه؟ (٢٣٩٢)، ومسلمٌ في «المساقاة» (١٦٠١) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه البخاريُّ في «الصّلاة» باب الصلاة إذا قَدِم مِنْ سفرٍ (٤٤٣)، ومسلمٌ في «صلاة المسافرين» (٧١٥)، مِنْ حديثِ جابر بنِ عبدِ الله رضي الله عنهما.
(٣) أخرجه أبو داود في «الزكاة» بابُ عطيَّةِ مَنْ سأل بالله (١٦٧٢)، والنسائيُّ في «الزكاة» بابُ مَنْ سأل بالله عزَّ وجلَّ (٢٥٦٧)، مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمر رضي الله عنهما. والحديث صحَّحه العراقيُّ في «تخريج الإحياء» (١/ ٣٠٠)، وأحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (٨/ ٦٣)، والألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٢٥٤) وفي «صحيح الجامع» (٦٠٢١).
(٤) أخرجه البغويُّ في «حديث العلاء بنِ مسلم» (ق١٠/ ٢)، عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه. وضعَّفه الشيخ الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (٥/ ٢٣٥) رقم: (١٣٩٨) و«ضعيف الجامع» (٤٢٤٤).

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

11 Oct, 14:00


الفتوى رقم: ١٠٤
الصنف: فتاوى المعاملات المالية - القرض والصرف
في طريق التخلُّص مِنَ الفوائد البنكية
السؤال:
ماذا يفعل الإنسانُ بالفوائد البنكية؟ وهل يجوز إنفاقُها على الفقراء والمساكين؟ وهـل يأخذ أجرًا عن هذه الصدقة؟ وما هي الطُّرُق الأخرى لإنفاقِ هذه الفوائد الربوية؟ وجزاكم الله خيرًا. 
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالفوائد الربوية محرَّمةٌ، سواءٌ صدرَتْ مِنَ البنوك أو مِنْ غيره، والواجبُ على المتعامل التوبةُ لتَعاوُنِه معها ـ ظلمًا ـ في العمليات الربوية، وما دام أنَّ هذه الفوائد الربوية ليسَتْ مِلْكًا للبنك ولا للمُودِع فيه، ولا يُعْرَف صاحبُ المال المظلوم؛ فإنه يجوز التصدُّقُ بها نيابةً عنه على مصالح المسلمين عامَّةً، أي: على كُلِّ ما يرجع إليهم بالنفع العامِّ، أو على الفقراء والمساكين وَفْقَ ما يراهُ مُلائِمًا ومُناسِبًا، ويُقدِّر الأنسبَ بما يتيسَّر له، إمَّا بتحقيقِ مصلحةٍ عامَّةٍ، وإمَّا بسَدِّ حاجات الفُقَراء والمساكين؛ لأنَّ حكم المال المحرَّم ـ إذا لم يُعْلَمْ صاحبُه ولا ورثتُه ـ أَنْ يتحوَّل إلى مالٍ عامٍّ يَشترِكُ فيه عمومُ الناس، ويرجع إلى منافعهم ومَرافِقِهم العامَّة، أو على الفقراء والمساكين بحسَبِ ما تيسَّر، ويُؤجَرُ ـ إِنْ شاء الله ـ على توبته ونيَّته الحسنة وعملِه الصالح.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٢ ربيع الأوَّل ١٤٢٠ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٦ جوان ١٩٩٩م
 

5,205

subscribers

1,585

photos

123

videos