هناك شربوا مزيدا من المسكرات ولم تنقضِ الليلة إلا وقد مارس الجنس مع كلتيهما.
لا أبالغ إن قلت بأن تفاصيل القصة -إلى هذا الحد- شائعة جدا في العالم الغربي إلى درجة أن مرور المرأة بشيئ مماثل في حياتها لمرة واحدة على الأقل أصبح هو المتوقع، فالتمنع صار عادة بالية أكل عليها الدهر وشرب.
المهم أن الرجل قرر بعد تلك الليلة الاستمرار في 'مواعدة' إحداهما، فيما قررت الثانية بعد بضعة أشهر الانتقال إلى مدينة أخرى.. ولما عادت بعد عام كامل اجتمع الثلاثة مرة أخرى بناء على طلبها ولكن كانوا هذه المرة أربعة..
كشفت لهم بأن ما دفعها للسفر بشكل مفاجئ هو أنها حملت في تلك الليلة، لكنها لم تعلم بذلك طبعا إلا بعد مرور أسابيع طويلة كان قد بدأ الرجل خلالها بـ 'مواعدة' صديقتها بشكل دائم، وأن الطفل الذي في حجرها هو نتاج تلك الليلة الذي لم تشأ أن تجهضه.
قد تقول في نفسك: هذا انحطاط عظيم! لكن الواقع هو أن في الغرب نساء يحملن خلال "حفل" جنس جماعي أو أثناء تبادل زوجات ونحو ذلك من نجاسات فلا يمكن لبعضهن أصلا أن تعرف والد طفلها، بينما قصتنا ليس فيها إلا ثلاث شخصيات فقط، لذلك فإن ما جاء فيها قد يصدر أيضا ممن يسمون أنفسهم بالمحافظين ودون أن يرف لهم جفن!
كيف؟ بتجزئة الأحداث.. فشرب المسكرات ليس محرما إلا في الإسلام، والبحث عن الجنس الآخر والالتقاء به هو وسيلة الزواج وتكوين الأسرة، أما خروج الأمور عن السيطرة 'قليلا' بسبب اجتماع الأمرين فإنه لا يغير من تلك الحقائق شيئا ولا يجعل من وقع في تلك الأفعال شخصا سيئا.
ثم تظهر وسيلة تجميل خبيثة لتلك الخبائث وهي آخذة في الانتشار حتى في بعض بلاد المسلمين، إلا وهي مهاجمة ما يعرف بـ 'الزواج التقليدي' الذي يعني في الغرب -بطبيعة الحال- شيئا مختلفا تماما عنه في الشرق.
من الممل أن يسألك شخص كيف تعرفت على زوجتك أو زوجك فتجيبه بإجابة قصيرة شائعة ومتوقعة، أما أن تحكي قصة فيها أحداث وشخصيات وتحديات؛ فذلك هو الحلم الهوليودي النتفلكسي الذي يتم تلميعه والترويج له ليل نهار، ونحن نرى اليوم آثاره المدمرة على بلدانهم رأي العين، حيث لم تعد قادرة على المحافظة على بقائها السكاني -فضلا عن النمو- إلا عن طريق الهجرات الكبيرة التي لولاها لكانت هناك قرى ومدن بأكملها قد انتهت وطواها النسيان.
*أذكر أمرا أخيرا يخص المحافظين الغربيين وهو أن غالبية نسائهم تقريبا أصبحن لا يعترفن بأن "المحافظة" لها علاقة باللباس، فكثيرا ما ينشر بعضهن مقاطع على وسائل التواصل يتكلمن فيها عن تمجيد الرب ومحبته وأهمية الزواج وترك الانحلال، ثم يكون المنشور التالي صورة أو مقطعا لذات المرأة بلباس السباحة [مع إبراز المناطق المهمة] وكله بما يرضي الرب! لماذا؟ لأنها تكون عادة برفقة زوجها أو أبنائها؛ ومعلوم أن قضاء الوقت مع الأسرة لا يستوي مع ما يفعله من تنتقدهم هي، وبذلك تجمع بين العري والوعظ دون أن ترى في ذلك تناقضا. حتى أذكر أني كنت أعاني في إعداد المقاطع التي أترجمها عند محاولة تغطية أجساد هذه النوعية من النساء على وجه الخصوص.
لكن..
لماذا أصبحوا بهذه الجرأة على دينهم؟
لأنهم خالفوا أمرا واضحا وعظيما : ﴿لُعِنَ الَّذينَ كَفَروا مِن بَني إِسرائيلَ عَلى لِسانِ داوودَ وَعيسَى ابنِ مَريَمَ ذلِكَ بِما عَصَوا وَكانوا يَعتَدونَ ¤ كانوا لا يَتَناهَونَ عَن مُنكَرٍ فَعَلوهُ لَبِئسَ ما كانوا يَفعَلونَ﴾
لو أنكروا المنكر كما ينبغي لما خرجت أصغر الحشرات من مخبئها؛ فضلا عن أن ترتقي الساقطة وتصبح واعظة لمجرد أن هناك من هو أشد سقوطا منها، ثم تختفي بذلك كل مظاهر الدين الذي فيه بقية يسيرة من هدي الأنبياء.