قِفا نَبكِ.

من أدركَ الصبحَ في أمنٍ وعافيةٍ
فليَحمدِ الله في صدقٍ وإخلاصِ.

"تُكبِر نفسي معانيَ: (هل أنتم تاركوا لي صاحبي!)

المقولة التي انتفضَ بها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لصاحبه أبي بكر.. أمام حشد أصحابه، فكأنّما هُم الكواكب وأبو بكرٍ شمسهم!
هذا الاختصاص مُحَبّب، وهذه الانفعالة التي تنكُش رتابّة المُدّة إلى إظهار عُمق المكانة التي لا تُبرِد سخونتها الأيّام، ولا تبهَت مع مرور السنين، ولا تُمحى ملامحها لكثرة الوجوه.

الاختصاص الّذي يتجلّى دائمًا ليعرِف الّذين حوله مَن هو أبو بكر عند رسول الله ﷺَ، ويعلم العدوّ والصاحب على أيّ عتّبَةٍ يقفُ أبو بكر -رضي الله عنه-، بينما يقتسم رسول الله ﷺَ للجميع شمائل أخلاقه وحُسن عشرته ويضع كُلًّا على ثغره! كان يستأثر أبا بكر لثغرٍ يُجِلّه، أجل.. لمّا بسط المرض أجنحته على النبيّ -صلّوات الله عليه- جمَع نفسه المُتعبة وقال: "مُرُوا أبا بكر فلْيُصلِّ بالنّاس" اختار أبا بكر!
من هُنا اتّكأ اليقين في نفوسهم جميعًا ألّا مُنازع لأبي بكر عند نبيّهم فرفعوهُ للخلافة.

ولمّا تأخّر النبيّ عن الصّلاة ذات يوم في أمرٍ حبَسَه، قَدّموا أبا بكر! لِما علِمُوه من نبيّهم -صلّوات الله عليه- في نبراته وغضباته واستئثاره واختصاصه له -رضي الله عنه-!
رفَع شأنه دُون أن يشير إليه، وأعلى مكانته دون أن يأمرهم بذلك.. هكذا يُجَلّي الصاحب قَدْر صاحبه، ويحفَظ جَنابَه مِن أن يُرمَى بسَهمٍ مُستكثرًا، فتتيَقّن الأنفس فتهدأ.

لأجل هذا أرى من صوَر الصُحبة:هو الاختصاص.
أن يكون حضورهُ يختلف عن البقيّة، يُغمَر الجميع المُودة واللُطف بينما يكون حظّ صاحبك الظهور الألمَع، أن يُقسَم للأرواح نُبل التعامل لكنْ لصديقك النّصيب الأكثر، أن يطأ الجميع العتّبَة فيصعد هو المنبر.. هكذا يُختَم على الأنظار وِثاق الصُحبة.

لذلك يُحِبّ المرء منّا هذه المَشاهد، وينتَشي بهذه الصورة وإن لم يُظهِرها.. يَشعُر أنّ الأعين تُراقب الوتَد المعقود بقلبه بصمت، وتعرف أنّه في شوكةِ أذى يُمكن ألّا تُماط عن الطريق سيصدح أحدهما:
"هل أنتم تاركوا لي صاحبي؟" فتنكَفِئ."

الرّسالةُ اليوم: ها أنا بفضل الله قد نجحتُ في الامتحان، وكسبتُ الحفلَ واستمتعت.
عيشوا أيّامكم، وكلّ مرٍّ سيمُرّ.

وبخِلاف النّحو، فإنّ الصّرف من أرقّ ما رأت عَيناي، مادةٌ بسيطة، تهتمّ بالوزن وفعلانٍ وفعلاءُ وأوزانٌ قياسيّة وأوزانٌ مَسموعة وبُنية الفعل، أُجيبُ امتحاناتها بَديهيًّا، لا أذكر أنّي فتحتُ لها كتابًا بجدٍّ حتى اللحظة.

ليتَ المواد جميعُها صَرف.

عاد لنا فصلُ نحوٍ جديد.

الجَميلُ في الأمر هذه المرّة أنها مادةُ "النّحو والصّرف 4"، أو بالأحرى: المرحلةُ الختاميّة لسلسلة الكِفاح المُستميت مع ابن مالكٍ -رحمه الله-.

مازال العِداءُ مستمرًا، ومازلنا على المَبدأ، عدوّنا الذي لا نَستمرِؤه، لكنّه كضيفٍ ثقيلٍ لابدّ منه.

"ولا تجعلني أُشفق على نفسي، ‏اجعلني عزيز نفسٍ دائمًا وأبدًا.. آمين."

‏"كلما جدَّ بالسير تعثر قلبه."

"إذا سَنح لكَ ذكرُ شيءٍ فاذكرهُ بأحسنِ أسمائهِ، فإنّ ذلك من المُروءة، وإنّما المُرء بمروءته."

"كُل الرجوع، رُجوع
إلا الرّجوع لله، تَقدُم."

"وبعد مرور الوقت، ستكتشف بأنك قلقت أكثر مما ينبغي، وبطريقةٍ ما؛ ستدرك أنك لست مالك أمرك، وأن أمرك إن ضاق واستضاق، له ربٌ هو أولى به، وأن الله رؤوف، ورحيم، بالقدر الذي يُنجينا من شرور البشر، ومن أنفسنا حين لا نقوى عليها."

‏﴿وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ﴾

"حرص الإنسان ألا يبدو عليه التأثر بحدثٍ معين في حياته قد يكلفه الكثير، ربما أكثر من وقع الحدث ذاته.
كتمان المشاعر الطبيعية من الخوف والحزن والقلق ورغبة الإنسان في ألا يعترف حتى أمام نفسه بحقه في تلك المشاعر، يضع فوق صدره ثقلًا مضاعفًا يستطيع أن يتخلص منه فقط إن تسامح مع لحظات ضعفه."

"‏لا غيّبَ اللّٰهُ وجهَ حبيبٍ عن حبيبه، ولا أذاقَ أحدًا مرارة البُعد بعد حلاوة القرب، ولا صقيع الوحدة بعد دفء الونس."

‏يا مَن لهُ حلمٌ يعيشُ لأجلهِ
والدربُ صَعبٌ والنهايةُ تُقْلِقُ
أَوْكِل أموركَ للذي رفعَ السماء
ولِمن بهِ كُلّ الرجاءِ يُعلّقُ
ودَعِ الغيوبَ لِلُطفهِ فلرُبّما
تُمسي وتُصبحُ والرّجاءُ مُحقّقُ