من المعلوم عندما يذهب الساسة للخيار العسكري لتحقيق أهدافهم السياسية، فإن أول ما يسعى له المستوى العسكري لترجمة القرار السياسي هو نزع إرادة الخصم في القتال وتدمير الروح المعنوية لدى حاضنته..
ما حدث في قطاع غزة من صمود اسطوري لدى حاضنة المقاومة من أهالي غزة، وما رأيناه من بسالة وعنفوان وجسارة لدى المجاهدين في كل محاور القتال على طول مسرح عمليات قطاع غزة حتى الرمق الأخير..حيث رأى الجميع مشاهد عساكر غزة وهم يخرجون بعتادهم وعديدهم على طول القطاع وكأن الحرب لم تكن؛ في صلابة منقطعة النظير وفي تصميم على مواصلة الطريق مهما كلف من ثمن، وسط تآمر كبير من الأعداء وخذلان عظيم من الأقرباء..
يأتي الرئيس الأمريكي ترامب ليُكمل ما عجز عنه نتنياهو وجيشه باطروحة التهجير لسكان قطاع غزة، في ظن منه بأن التهجير واحتلال غزة أو السيطرة عليها يحل مشكلة كبيرة في الشرق الأوسط بل العالم بأكمله، إرضاءاً لليهود الصهاينة، وتهيئة لجو الصفقات التي يتبعها ترامب في طريقة إدارته لفترة الحكم من البيت الأبيض ..
يبدو لنا أن ما يسعى له نتنياهو وكيانه من خلال ترامب وإدارته؛ أبعد من احتلال غزة وتهجير أهلها، بل أحلام ومشاريع كبيرة ذات أبعاد دينية وتوسعية، وأن الظروف والبيئة مهيئة لتمرير هكذا مشاريع وسط ضعف وذل على مستوى العالم العربي والاسلامي وفي عالم تسوده شريعة الغاب، وفي غرور كبير وعنجهية غير مسبوقة بدأت تصل ذروتها من التحالف الصهيوصليبي، في تحدي لكل أحرار العالم من قبل أدعياء الديمقراطية والانسانية..
لقد أزاح طوفان الأقصى الستار عن أقنعة كثيرة، وكشف عوار العالم الظالم، وهشاشة ما يسمى بالمجتمع الدولي والمنظومة الدولية، وكما قلنا سابقا فقد وضع طوفان الأقصى؛ الجميع أمام استحقاقات كبرى، والتي لا مفر من الهروب منها أو تأجيلها..
بكل الأحوال هذا المكر والسحر سيرتد على صاحبه، وقدر الله أن تكون غزة ذات البقعة الصغيرة، لها هذا التأثير والحضور في حقبة زمنية هامة جداً من تاريخ أمتنا، وستظهر مفاعيل هذا التأثير جلياً في قابل الزمان بإذن الله..
أما عن مواجهة خطط ترامب ونتنياهو فأهم الأطراف المعنية به،هم:
- وعي الشعب الفلسطيني ككل وأهل غزة خصوصاً، وتشبثهم بأرضهم مهما كلف الأمر.
- صمود وثبات قيادة الفصائل الفلسطينية على مواقفها العادلة، وعدم منح الأعداء أي ثغرة سياسية أو ضعف وسط كم هائل من الضغط السياسي والأمني والنفسي، وتعزيز صمود اهل غزة اغاثياً ومادياً وتعبوياً.
- الأنظمة العربية الحاكمة خاصة في دول الطوق، وباقي الأنظمة الحاكمة في عالم الإسلامي والتي ستكون عامل تمرير أو منع بالرغم من تشخصينا الصحيح لها.
- شعوب الأمة المسلمة لها دور مهم وفاعل في مواجهة مؤامرة بهذا الحجم، حيث لا يمكن لها التخلي عن أرض وقف إسلامي وشعب مسلم يُقهر كل يوم، ويقف سداً منيعاً في الدفاع عن الأمة كلها..
أخيراً .. ظننا بالله جميل وأن الخير قادم بالرغم من سواد الليل وتأخر بزوغ الفجر … "يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ".
بقلم/ أسامة خالد
t.me/OsamaKaled