عثمان باتور هو الرجل الذي جعل دولتين بحجم الصين وروسيا تتحالفان ضده وتعبئان جيشًا يضم 300 ألف مقاتل، مجهزين بأحدث الأسلحة آنذاك!
إنه بطل من أبطال الأمة المجهولين، الذين طُمست ذكراهم عمدًا من تاريخنا: عثمان باتور إسلام أوغلو.
عندما اجتاح الجنود الصينيون والروس تركستان الشرقية لإخضاع المسلمين، لم يتوانوا عن ارتكاب أبشع الجرائم: قتل، ونهب، وغصب، وانتهاك الحرمات، كانوا يلقون القبض على كل من يحمل سلاحًا، مهما كان نوعه، سواء أكان بندقية أم سهمًا أم حتى سكين صيد.
لكن عثمان، الفارس القازاقي الشجاع، المعروف بلقب "باتور" أي البطل، رفض أن ينحني لهؤلاء الغزاة، اختار حياة الجبال، حاملًا سلاحه، ليبدأ في مقاومة هذا التحالف العدواني الذي جاء ليمنع دولة توحّد المسلمين في تلك البقاع.
عُرف عثمان بدهائه وحنكته العسكرية، وكان له أسلوبًا فريدًا في نصب الكمائن، كانت هذه الكمائن مركبة؛ يستدرج العدو إلى فخ يقع فيه سرية كاملة، ثم إذا أتت قوات الإنقاذ، تقع بدورها في كمين آخر أشد إحكامًا، استمر بهذا الأسلوب حتى أوقع جيوشًا بأكملها في شراكه، مما بث الرعب في نفوسهم.
بلغ الخوف من عثمان ورفقائه مبلغًا جعل جنود الروس والصين يقدمون الرشاوي لقادتهم لألا يرسلهم إلى تلك المناطق التي يقاتل فيها هذا البطل وجيشه، بل إن الحاكم العسكري الصيني بلغ به اليأس حدًا جعله يقول: "من يأتِ لي برأس عثمان حيًا أو ميتًا، أعطيته زوجتي 70 يومًا يفعل بها ما يشاء!!". لكن الزوجة فرت إلى معسكرات المسلمين، وهناك اعتنقت الإسلام بعد أن شهدت أخلاق الجيش الإسلامي، فتزوجها أحد قادة عثمان، وعاشت بين المسلمين بعزة وكرامة.
كان لمعسكرات عثمان سمعة عظيمة بين الناس؛ فلم يعرفوا ظلمًا ولا اعتداءً على النساء والأطفال والشيوخ، بل التزموا بأخلاق الحرب الإسلامية النبيلة.
يروي كتاب "ليالي تركستان" وصفًا دقيقًا لهذا القائد: "كان عثمان باتور ذا نظرات صارمة، كث اللحية، طويل الشارب، هادئ الحركة، قليل الكلام، عميق التفكير، كان يلبس ملابس ثقيلة تقيه برد الجبال القارس، وكان شعاره الذي يهز الجبال: الله أكبر، الله أكبر."
ومع كل ما أبداه من شجاعة وبسالة، لم يكن ممكنًا الإيقاع به إلا بالخيانة، دلَّ أحد الخونة قوات العدو على مكانه، فهاجمت القوات الصينية معسكره بجيش جرار، قاوم عثمان مع مائتي مجاهد، في معركة شرسة، لكن جواده تعثر في نهاية المطاف، وبعد أن تعطل سلاحه، استمر في القتال بخنجره، حتى سقط جريحًا.
وفي 29 أبريل 1951، وقع عثمان باتور في الأسر. لم يستسلم، بل واجه الموت بجلال وكرامة، مهللًا ومكبرًا. وقُطع أنفه وأذنه، كما فعلوا بأسد الله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه. وأُعدم بينما صدح بالتكبير، متقدمًا نحو الموت بثبات.
ولما بلغ الخبر أمه، قالت: "لمثل هذا ربيته".
رحم الله عثمان باتور، ورحم رفاقه الأبطال، ورحم الأم التي أنجبت وربّت هذا الفارس الشجاع.
المصادر: • كتاب "الإعلام لبعض رجالات تركستان" لمحمد قاسم أمين التركستاني. • كتاب "مجاهدون منسيون" للدكتور محمد موسى الشريف.
══════ ❁✿❁ ══════
قناة [تَارِيْخُ الْمُلُوْكِ والأُمَمْ]
ســـاهــ في ـــم نشـــ القناة ــر:
http://muhamedumahhestory.t.me