أحببت هذا البيت يوم نطق به يحيى!
ولكني سوف أصوغ بيانه في معنى آخر، أو قل معانٍ سوف أعبر عنها في كتابات مختلفة...
متى يكون الطلاق ضرورة، ومتى يكون استسهال؟
الحرية تكتسب بالتضحية والألم، حيث يشير "الباب الأحمر" إلى عتبة التحرر التي لا تُفتح إلا بدماء الجراح والكفاح، والطلاق، مثل الحرية في البيت الشعري، قد يكون بوابةً لإنهاء قيود علاقة متضررة، لكنه لا يأتي دون ثمن، فالقرار يتطلب شجاعة لمواجهة الآلام العاطفية (اليد المضرجة) الناتجة عن الفراق، أو الصراعات الاجتماعية والقانونية، خاصة في المجتمعات التي تُوصم المطلّق/ة!
هنا، "الدم" يرمز إلى الجراح النفسية أو التنازلات المادية التي قد تكون ضرورية للوصول إلى حرية جديدة، فالطلاق كالسّكين ذي الحدّين، يقطع وصل الزواج، لكنه قد يفك أغلال الروح!
" لنتذكر الطلاق في بعض المجتمعات "خطوة نحو الحرية، لكنها تتكلف دماً !
الضرورة لا تولد إلا حين يصير البقاء في العلاقة استلاباً للذات، حيث يتحول الحب إلى مسرح للعنف أو خيانة أو فقدان كليّ للاحترام، الكاتب "ألبير كامو" يرى أن العبث يكمن في الاستمرار في فعل لا معنى له، فإذا كان الزواج يسحق إنسانية الفرد، فالطلاق هو تمرّد على العبث، خطوة نحو استعادة السيادة على الذات، فحين يتحول الزواج إلى سجن يقهر الإرادة، يكون الانفصال ضرورة لإثبات الذات...
لكنْ، أليس الطلاق ضرباً من ضروب الهروب من المسؤولية؟
حرية الاختيار تحمل وزر المسؤولية، فالطلاق ليس هروباً إذا كان قراراً واعياً لحماية الكرامة، لكنه يصير استسهالاً إذا تحوّل إلى عادة لتجنب مواجهة الصراعات التي تفرضها علينا
في رواية "أميركانا" لـ "أديتشي"، تتخلى البطلة عن زواجها لأسباب تبدو تافهة، كاستجابة لثقافة الاستهلاك العاطفي، هنا يصير الطلاق "موضة" تتناقض مع عمق الضرورة الوجودية.
تقول منظمة الصحة العالمية إن 30% من النساء في العالم تعرضن لعنف جسدي أو جنسي من شركائهن، وفي هذه الحالات يصير الطلاق "إعلان حرب على الموت". لكنْ، في المجتمعات الغربية، تشير إحصاءات إلى أن 50% من الزيجات تنتهي بطلاق، كثير منها لأسباب كـ "عدم التوافق"، الذي قد يكون غطاء لعدم النضج العاطفي.
الطلاق كـ "الملح"، إن زاد عن حدّه أفسد الطعام، وإن نقص شوّه طعم الحياة ...
ولتجنب الاستسهال، ينبغي أن يمر القرار بمحكّين:
١- محكّ الألم: إذا كان البقاء في الزواج ينتج ألماً يهدد الكرامة أو الصحة النفسية ... وسوف أشرح تفصيليًا هذا في وقتٍ لاحق
٢- محكّ الجهد: هل بُذل جهد حقيقي لإصلاح العلاقة، أم أن الهروب كان الخيار الأسهل؟
إريك فروم في كتاب "فنّ الحب" يذكّرنا أن الحب ليس شعوراً فحسب، بل "فعل إرادي" يتطلب عملاً دؤوباً، فالطلاق يكون ضرورياً حين ينعدم هذا الفعل، ويتحول الحب إلى كذبة.
في رواية "الطاووس في المنزل" ل محمد خضير، يطلق البطل زوجته بعد أن يكتشف أن قفص الزواج قد سرق أجنحتها، هنا يصير الطلاق تحريراً لكائنين من أوهام الملكية، الضرورة تكمن في إدراك أن الحب الحقيقي لا يأتي مقيداً بأغلال العرف، ولا يهون باستسهال الهروب، الطلاق، كالسيف، قد يقطع وصلاً، لكنه قد يفتح باباً لحياة أكثر إنسانية، فكم من موت وهب الحياة!
أكمل في وقت لاحق... وصلّ اللهم على سيدنا رسول الله!