إِنّي اِمرُؤٌ مولَعٌ بِالحُسنِ أَتبَعُهُ · لاحَظَ لي فيهِ إِلّا لَذَّةُ النَظَرِ.
وأنني مولعٌ بمكارم الأخلاق ومحاسنها وفضائلها ولا حظَّ لي منها إلَّا لذةُ النظرِ فيها ولا يغلبنَّ جهلُ النَّاس بي علمي بنفسي. ولأجلِ ذلك أحرصَ بينَ كل فترة وآخرى أن يكون بين يدي كِتابًا من كُتب الأخلاق أقوّم بهِ اعوجاجي، فأنظرُ في المكارم متأملمًا اكتسابها، وأُطلُ على الرذائل مُجاهدًا تجنبها.
وهذا رمضانُ شهرُ كبح جماح النفس والهوى وشهرُ الفضائل والمكارم والجود، وليس شهرًا أنسبُ من رمضان لتهذيب الأخلاق..
كِتابٌ بليغ سهلٌ ممتنع، بيّن فيه الخُلق وأنواعهُ وأقسامه، وقسَّم الأخلاق وعرّف المرضي منها والمغبوط صاحبها، والمستثنى منها الممقوتُ فاعلها ليسترشد بذلك كل من له همة سنية تسمو إلى مُبارة أهل الفضل ونفسٌ أبية تنبو عن مساواة أهل الدناءة والنقص.
جُمع الكِتاب في تسعين صفحة ذكرَ فيها أنواع الأخلاق وأقسامها الفاضلة والردية وشرحها بإيجازٍ وبلاغة سهلةٍ عذبة تروي ظمأ القارئ دونَ أن تُشعرهُ بتخمة العبارات ولا بثقلها.
ثُمّ ذيّل الفصلين بخارطة لكل من أراد أن يسمو بأخلاقهِ، وختمَ ببابٍ وصفَ به الأنسان الجامع لمحاسن الأخلاق وذكرَ محاسنهُ وفضائله وطبائعه وكلُ ما جُمع بهِ من المحاسن، ومثلُ ذلك« التفقد لجميع معايبه- القراءة والإحاطة-الاقتصار في الشهوات-التعود على الكرم-ترك الغضب- محبة الناس- حبُ الخير » وغيرها..
رحمَ الله إمام أهلِ البيان والأدب أبى عُثمان عمرو بن الجاحظ