(1) القول بأن المنقبة الفلانية أو الكرامة الفلانية غيرُ صحيحة ليس انتقاصا لمن نسِبَتَ إليه، سواء كان وليا، أو عالما، أو صحابيا، أو غير ذلك، لأن الكلام هنا عن الثبوت التاريخي، ومعنى عدم الصحة أن تلك الرواية لم تستوف الشروط العلمية المعتبرة لذلك، لا أنها غير ممكنة عقلا أو عادةً، فلا شأن للإمكان في الثبوت أو عدمه، لأن الإمكان مجردُ تجويزٍ وافتراضٍ عقلي، والأمور تثبت إمَّا بنقلٍ صحيحٍ تواترا أو آحادا، أو بمعاينةٍ حسّية.
(2) النبي صلى الله عليه وآله سلم كذبوا عليه كثيرا، ونُسِبَت له معجزات لا تصحّ، فهل كلُّ ما تذكره كتب (دلائل النبوة) صحيح وثابت ؟!!!
قطعا لا، بل فيها الصحيح، والحسن، وفيها أيضا الموضوع، والمنكر، والضعيف، وما زال أهل الحديث ينقدون تلك الروايات ويعللونها، ولم يقل أحدٌ إنهم ينتقصون من المقام النبوي الشريف.
فما ظنك بمدوَّنات المناقب التي ألَّفها المتأخرون مع أسلوبها التجميعي الحشدي، وافتقارها للسند العلمي في كثيرٍ مما تذكره، فلماذا يُطلَب من الناس أن يتخلوا عن عقولهم ويصدقوا كلَّ ما فيها بلا نقدٍ لمجرد أن هذا ممكن ؟!!!!!!!!!!!.
(3) الولاء للحقيقة هو أعظم الولاءات، وينبل المرءُ ويَعْظُم قدْرُه بقدْرِ ما يوالي من الحقيقة ويتجرّد لذلك، لا بقدْرِ ما يُحبُّ ويهوى أو ينتسب ويتعصّب، بل طلبُ الحقيقة هو أسُّ الإيمان وصريحُه ولبابُه كما قال تعالى: ( وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ) وقال تعالى: (ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ).