#الكاتب_تامر_التويج
في لحظة من التأمل، أجد نفسي مستغرقًا في تساؤلات تتردد أصداؤها عبر الزمان، مشابهة لتلك التي طرحها شاعر العرب وحكيمُها الأول: (أبو الطيب المتنبي) يوم عرفة عام 350هـ، قُبيل عيد الأضحى المبارك، تعبيرًا عن حزنه، وهو تحت الإقامة الجبربة الكافورية في مِصر، عندما استنكر حال العيد ولم يصل بعد لمكانته التي يستحقها من رئاسة ومُلك، قائلاً بعدها: "عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ؟ بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ"؟ لقد كان يتساءل بعمق عما سيجلبه العيد ويحمله من أخبارٍ سارة، أم أنه سيأتي بما مضى من آلام وأحزان.
ومع دخول العام الجديد 2025، أجدني أكرر ذات التساؤل، ولكن بصيغةٍ أخرى: ماذا سيحمل لنا هذا العام من أمل؟
هل سيكون بداية جديدة لأطفال غزة والمجاهدين الذين يعانون من وطأة الحروب، أم أنه سيظل كسابقه، حاملاً في طياته خذلان العرب والمسلمين؟
إن الزمان، الذي يُعتبر عادةً رمزًا للتجديد، يتحول هنا إلى محور للتأمل والتساءل.
وفي خضم واقعٍ مليءٍ بالألم والمعاناة، تتجلى أمامي مشاهد البطولة والمقاومة من الأحرار؛ إلا أنني أشعر بالإحباط العميق من استمرار الصمت العربي(الخليجي) الذي يبدو وكأنه تواطؤ مع الظلم، وقبول واضح للحرب المحاطة بمعادلات عمياء مجهولة.
هذا الصمت، الذي يحيط بنا كغلافٍ قاتم، يطرح سؤالًا بسيطًا: هل يمكن للشعوب العربية(جمعاء) أن تتغافل عن واجبها في مواجهة الظلم؟ أم أن الصمت هو شكل من أشكال الرضوخ الذي يعكس انكسار الروح الإنسانية ولن أقول الإسلامية؟
إنني أدرك أن هذه الكلمات ليست مجرد تعبير عن الحزن، بل هي دعوة للتفكير في معنى التخاذل وصوره الخادعة، وكيف يمكننا أن نعيد صياغة آمالنا في عالم مليء بالتحديات، بعيدًا عن انتظار معجزات الآخرين.
إنني أسعى إلى معرفة ما يمكن أن يأتي به هذا العام؛ أملاً في أن يحمل النصر بين طياته لفلسطين وأبناءها، وأن يحمل السعادة في كنانته للشعوب العربية.
أترككم مع هذه الكلمات المتواضعة التي أعبر بها عما سلف من سطور.
عامٌ بأيةِ حالٍ جئتنا يا عامُ؟
بما مضى، أم بأخبارٍ كلها آلامُ؟
تركنا قبلك عامًا كان مأساةً
صرخاتُ ظُلمٍ وخرابُ وإجرامُ
أجئتَ مُبشرًا بحقٍ ونصرٍ مبينٍ؟
أم أقبلتَ تزيدُ نارَ الآهِ إضرامُ؟
ماذا نقولُ لغزةَ الحُرة يا عامُ؟
أنك أتيتَ بوعودٍ كلها أوهامُ؟
قد أصبحوا تحتَ الأنقاضِ أمواتًا
ورمادًا ما ضرهُ كرٌ وإقدامُ
ما عادَ يُفرحهم شيءٌ كما أملوا
لا مرامًا ولا حتى كنوزًا وأحلامُ!
ما زالت مدافعهم من حِجارتهم
وكلهم رغمَ قسوةِ الحربِ آجامٌ
آفاتُ إسرائيل لم تزل قائمةً
ولأمريكا في كلِّ غارةٍ إسهامُ
ومن ورائها وجوهٌ أعرابٍ مقنَّعةٌ
للحربِ شهيدةٌ، قِيلَ دينها الإسلامُ!
يا أمةَ الإسلامِ أدعوكِ أينَ أنتِ؟
أضحتْ ميادينُ حربكِ كلها أحكامُ
لم يعد ينفع أبطالُكِ سيفٌ ودِرعُ
وكِنانةُ الفُرسان لم تعد تقبلها سِهامُ
ركوعُ المسلمين اليومَ صار عارًا
تخاذلهم ودعائهم ضُعفٌ واستسلامُ
أمنَ المسجدِ الحرام تأملون نصرًا؟
ومنهُ شيخٌ فتواه بأهلِ غزةَ آثامٌ
ومثلهُ من مساجدِ العُبادِ فيها
من يشيرون بأهلِ الحقِّ إعدامُ
أموتُ قهرًا من عربٍ ليس فيهم
سوى لبنانَ ويمنَ الإيمانِ أعلامُ
وآهاتٌ من نجدٍ عدنان تعذرهم
ملكيةٌ تخافُ حربًا كلها إغرامُ
يا غزةَ العظمى فلتخبري الأقصى
غدًا يكبرُ حقًا في ساحاته الأكرامُ
وعلى المحتلِّ نصرًا سوف يكسوه
هيبةً وإجلالِ من اللهِ وإعظامُ
ولتقولي لأمراء بني صهيون: تُعسًا
عارٌ على العروبةِ، أنتم أيها الأقزامُ!
ماذا نقولُ لأطفالِ غزةَ عن خذلانكم؟
أنقولُ أنكم أمامَ الغربِ أزلامُ؟
وأن أراضيكم كانت لعدوِّ اللهِ متكئًا
وغايتكم بين العالمين لعبٌ وأنغامُ
عامٌ بأيةِ آهٍ جئتَ يا عامُ؟
بأفراحٍ أم بآهاتٍ تزيدها أسقامُ؟
أما تروا كيف استشهدَ السنوار
ضراوةً؟ وبسالةً؛ ذلكم همُ الهامُ
يا أذنابَ أمريكا كفاكم خضوعًا
عروبتكم ضاعت وبرقعها الزِحامُ!
آليتُ على أن أقولَ عنكم: طُغاةً
عذرًا؛ عبيدًا أنتم، بل بحقِّ اللهِ أنعامُ
ألكم سلاحٌ يبلغُ تلَّ أبيبَ يدمرها؟
ويُري إسرائيلَ أن فيكم مِقدامُ!
#تامر_التويج