السجاد عليهِ السلام ( بقية كربلاء )
الإمام زين العابدين (عليهِ السلام ) ، هذا الوجود المقدس ، كانّ سيّد الروحانية ، اي انّ من فلسفة وجود رجلٌ مثله إنّ الإنسان عندما ينظر الى آل النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) ومنهم زين العابدين يرى روحانية الإسلام اي حقيقة الإسلام ، يرى كل الإيمان ويرى النبي من مرآة وجود زين العابدين روحي فداه ، يرى ذلك الخوف من الله ، تلك الصلوات التي كانت تحليق الروح نحو الله فلم تكن صلاتهُ مجرد أنْ يقف ببدنه مستقبلاً القبلة وتسرح الروح في مكان آخر آبداً ، كانتْ كأنما الروح أنفصلت عن هذا البدن ، اهتم بشؤون الإمامة الروحية كالعبادة ونشر الأحكام والاخلاق وتفقد الفقراء والمساكين واسس مدرسة الفقه والحديث ،وترك لنا تراثاً وفخراً ظهر على شكل دُعاء إلاّ وهو الصحيفة السجاديّة "إنجيل أهل البيت " و " زبور آل محمد " حرص الإمام انْ يضع الناس عل اختلاف طبقاتهم ومنازلهم ومايجب عليهم لله وللناس بأسلوب يختلف عن أساليب الوعاظ ، لقد استعمل الحوار مع الله ومناجاته واستعطافه وتمجيده ، وقدّم ايضاً " رسالة الحقوق " التي تحتوي على توجيهات وتعليمات وقواعد السلوك العام والخاص ، فقد كان يوجه الأمة من خلال ادعيته التي يضمنها مختلف المعارف الاسلاميه عقائدياً واخلاقياً وسياسياً ، ولم يكن بأمكان أحد انْ يعترض عليه
دورهُ (عليه السلام)..
لهُ دور بارز في حمل النهضة الحسينية، ونشرها في الآفاق الى جانب عمتهُ زينب ( عليها السلام ) فقد كانت اللسان الناطق بأسم الشريعة في محضر إمام زمانها السجاد، فإن الحركة الحُسينيه سجاديّة وزينبية البقاء ، فدورهُ عليه السلام كدور الحُسين في حفظِ إسلام جده ،
فإن الطف لاتكتمل كفعل الهي وإجراء رباني إلاّ بوجوده، حافظ على العيال بعد أبيه ، وهو الذي أرشف للثورة واحداثها ، وهو لسانها الناطق وأعلامها المتحرك وهو الناعي والنادب لابيهِ ( عليهِ السلام ) وهو الذي كشف اخلاقية القوم وفجاجتهم ، أليس الجهاد بالكلمة واحداً من اشكال الجهاد بل أفضله في مثل مواقف الإمام السجاد( عليه السلام ) فعن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم " أفضل الجهاد كلمة حقّ عند سلطان جائر "
إن عاق المرض عن اكمال جهاد السيف لنصرة الدين ، فلقد انبرى ابن رسول الله مجاهداً في لسانه وبيانه وهو مكبل بسلاسل الاسر والسبي والسجن
حيث إنّ البطولة التي أبداها بعد كربلاء وهو في أسر الأعداء وفي الكوفة والشام لاتقل عن أهمية الميدان ، انّ الدور الذي أداه بلسانهِ الذي أفصح عن الحق ببلاغة معجزة فأتم الحجة على الجميع وكشف عن تزوير الظالمين وأزاح الستار عن فسادهم وجورهم ، هذا الدور كان أنفذ من أثر سيف واحد يجرده الإمام في وجه الظلمة
تأسيسهُ لظاهرة البكاء على الحُسين ، لكثرة بكائه عُدّ من البكائين الخمسة
هل كان هذا البكاء بلا هدف ؟ ! ام إنهُ كان يُريد بذلك إبقاء الواقعة حيّة وأن لاينسى الناس لماذا ثار الإمام الحُسين ( عليهِ السلام ) ومن هم الذين قتلوه ،
انّ المنبر الحُسيني الحالي هو نسخة من منبر السجاد يوم رجعّ للمدينة وحدث الناس بما وقع عليهم من ذبح الحُسين وسبي عماته فقد بكى وأبكى من كان يستمع إليهِ ، ومن الشعائر هي قضية اطعام الطعام في عاشوراء حُباً للحُسين وتخليد لذكراه ، وما ذلك إلاّ سيراً على ماورد من سيرة الإمام السجاد في إطعام الطعام في كربلاء ، طبخ الطعام بيده وتوزيعه على من حضر مجالس العزاء ، حثّ الشعراء على رثاء الحسين عليه السلام وندبته والتذكير به ، اقراره وتأييده للبس السواد على الحُسين ،
فما يشهدهُ العالم من إحياء لذكرى عاشوراء الحُسين ، ماهي إلاّ ثمرة من ثمار منهج الإمام السجاد الذي حرص على تأسيسه لنرتبط بالإمام الحسين كإمام وقائد الى الله بذل مهجته في سبيل الله ليستنقذ العباد من الجهالة والضلالة ،
فبهذا أرسى دعائم واصول إحياء ذكرى عاشوراء ، وان يؤسس لظاهرة الإحياء عبر البكاء والندبة والتفجع وربط الإمة بكربلاء وبالحُسين ومظلوميته وغذاها بأسلوبه المميز طيلة حياته، لكونه بقية كربلاء بهِ حفظت الأمامة نسلاً وعقيدة لتستمر ظاهرة رفع شعار مظلومية الحُسين
كان ومايزال وسيبقى هذا الشعار حتى ظهور المدخر المهدي من آل محمد لأخذ ثأر جده المظلوم من أعداء اهل البيت
هذا وللهِ الحمد
لقاء عبد الخالق