لا يصح أن تُقيّم تقييم الجماعات والفرق الفكرية العقدية أو الدعوية المجردة، لأنها حكومة بغض النظر عن انتماءات أفرادها الفكرية
فالحكم ينبغي أن يُصب على مدى موافقة حكمها وإدارتها لقطاع غزة لحكم الإسلام وتحقيق مقاصد الولاية والسلطان، وعلى موقفها من القضية الفلسطينية وتحرير الأرض الإسلامية، على أنه لا يُعرف عنها عقيدة مخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة في الجملة، وأما انتسابها لجماعة الإخوان المسلمين فلا يعني بالضرورة انحرافها، لاختلاف الإخوان المسلمين في عقائدهم، بحيث يمتنع الحكم على جميع أفرادهم بحكم واحد، كما ذكره الألباني وغيره، لا سيما أنها حصرت جهودها في قضيتها الفلسطينية
ولا شك أنها نشأت على يد مؤسسها الشيخ أحمد ياسين -رحمه الله- كحركة مقاومة إسلامية ضد العدو المحتل، ثم تمكنت من الحكم والسيطرة على قطاع غزة بعد أحداث معروفة لا تخفى على الكثيرين، واستتب لها الأمر في قطاع غزة، وصارت صاحبة الشوكة والنفوذ والسلطان في القطاع
واستمرت في إدارة قطاع غزة، وفي تعزيز مشروعها الأساسي، وهو جهاد الصهاينه المحتلين الغاصبين، فطورت خططها وأسلحتها، ونظمت قواتها، ونوعت تشكيلاتها العسكرية بما أبهر العدو المحتل وحلفاءه، وفاجأ العالم
وهي ماضية في هذا السبيل
وقد قامت في هذا السبيل بأشياء من البطولة عجزت عن مثلها حركات المقاومة الفلسطينية السابقه ضد المحتل الصهيوني، بل وعجزت عنها دول عربية مجتمعة
فأقل ما يقال في وصفها أنها حكومة إسلامية جهادية ضربت أروع الأمثله للبطولة والبسالة والتضحية، وقدمت كوكبة من الشهداء الأبطال الأفذاذ: كالشيخ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، ويحيى السنوار، ومحمد الضيف، وإساعيل هنية، وغيرهم ممن لا نعرف أشخاصهم، لكن يعرفهم رب العالمين، وكفى بمعرفته سبحانه شرفًا وفضلًا
فالواجب على المسلمين حكومات وأفرادًا دعم حكومة حماس، وتقويتها، ومد يد العون لها، لأنها تجاهد نيابة عن الأمة بأسرها
وموقفها من إيران وحلفائها فنحن نستنكره شرعًا، ولا نرضاه ديانة، وهم يتأولونه سياسة في خدمة مشروعهم ضد العدو المحتل، ويحتجون بأنهم لم يعينوا إيران وحلفائها على أحد من المسلمين. ولن يعينوا
على أن لهذا الموقف من إيران وغيرها من أعداء الإسلام نظائر كثيرة من عامة حكوماتنا الإسلامية، فلو طردنا هذا الموقف لم تسلم لنا حكومة قط
وعلى كل حال، لا يجوز أن يحملنا موقفها من إيران وحلفائها على منابذتها، والاشتغال ضدها، وترك نصرتها ودعمها وإعانتها ونصيحتها
ولو قُدّر أن نقد حكومة حماس علانية صحيح ومشروع، فليس هذا وقته، فإن الصراع مع العدو المحتل لا يزال قائمًا، والجرح منه لا يزال نازفًا، والمفاوضات لا تزال مستمرة، فأقل ما يقال: تأجيل النقد والنصيحة إلى وقت لا يترتب على عليه فتُّ عضد المجاهدين، ولا تقوية الصهاينة المحتلين وحلفائهم من أعداء الدين وأمم الكافرين
والله الموفق