"الانتقائية"
يستنكرون أمرًا في بلد بعيد، ويسكتون عما هو أشنع منه في بلد آخر قريب
والسبب: أن البلد الذي سكتوا عنه حليف لبلادهم والعلاقات السياسية معه جيدة، والذي تكلموا فيه ليس كذلك
فالآن اشتد نكيرهم على طالبان لمنع كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبدالوهاب، وهو منكر بلا شك، وليس غريبًا عليهم، فإن عامتهم ماتريدية حنفية متعصبة، وموقفهم سيء مع الدعوة السلفية
لكن هناك بلاد هي أقرب إليهم، تفعل أشنع مما فعلته طالبان، فتحارب كثيرًا من دعاة التوحيد والسنّة، وتضيق عليهم، وقد منعت كثيرا من أنشطتهم، وسجنت جماعة منهم، وعذبت جماعات أخرى، لا لشيء إلا لسلفيتها، وفوق ذلك تنتشر فيها مظاهر الشرك الصريح، والقبور والأضرحة فيها بالآلاف، بل في إحصائية مجلسها الوطني للآثار: أن فيها أكثر من 6 آلاف ضريح ومقام. وفيها مقامات مشهورة جداً، ويستقبل رئيسها زعيم البهرة الباطني الزنديق، ويذهب معه الى قبر الحسين، ويمكنهم من شركياتهم، ويثني عليهم. ويشارك النصارى في أعيادهم الشركية.
ومؤسستها العلمية والدينية تحارب السلفية صراحة، وتسبها، وتطعن فيها، على ألسنة رؤسائها وشيوخها
أين هذا مما فعلته طالبان؟!
طالبان تحكم بالإسلام، وتقيم الحدود، وترعى الدين -على بدعة وتعصب-
وتلك الدولة تحكم بالقانون الوضعي، وترعى العلمانية، وتمكن لأهل الكفر والشرك
طالبان أعاجم قد لا يبلغهم، ولا يطلعون على إنكارنا
وتلك الدولة عربية، وعلى حدودنا، وبيننا وبينهم، شعبا وحكومة، صلات وارتباطات كثيرة
فأيهما أحق بتوجيه الإنكار والتشنيع؟!
هؤلاء السلفيون الوطنيون لا موازين عندهم، ولا ضوابط، وإنما الجهل والهوى، والارتزاق والتنفع -إلا من رحم الله-
وهم أعظم الناس تناقضًا، وأكثرهم تلاعبًا بالدين، كل ذلك مجاراة لهوى الدولة، ومسايرة للتوجه السياسي، أو للهوى الحزبي
وبلاد بعض السلفيين الوطنيين، أو البلاد المجاورة لهم فيها ما يستحق الإنكار أعظم مما تستحقه طالبان، وتفعل بلادهم أو البلاد المجاورة لهم أشنع مما فعلته طالبان بمراحل، فمنها من يرعى الدين الابراهيمي والإنساني، ويعزز أديان المشركين في بلاده، فيبني فيها المعابد، وينصب فيها الاصنام، ويحارب دعاة الولاء والبراء، ويزين الكفر والضلالة، ويفتح قنواته الإعلامية والتعليمية للملاحدة والزنادقة والعلمانيين
ودول أخرى قريبة على مذهب الخوارج والمعتزلة، يقولون بخلق القرآن، ويجحدون الصفات، ويضيقون على السلفيين ويؤذونهم، وغير ذلك
وجميعهم لا يحكم بالشريعة، بل بالقانون الوضعي الكفري
أين السلفيون الوطنيون عنهم؟!
مع كونهم عربًا، وجيرانًا، يبلغهم إنكارنا ونصيحتنا، وحقهم علينا في النصيحة والإنكار أعظم من غيرهم
فأين هؤلاء من الأعاجم البعيدين؟!
ليس لهم ضابط ولا ميزان
مرة يستنكرون الإنكار العلني على الولاة في أمورٍ فيها تحريف للدين وتغيير للشرائع، ومرة يفعلونه فيما دون ذلك
ومرة يوجبون النصيحة السرية مطلقا، ومرة يجهرون بها
ومرة يمنعون من التسمية، ومرة يسمون، كما سمّوا طالبان، وقبلها قطر وتركيا وحكامهما
نسأل الله أن يثبتنا على الحق
وأن يرزقنا حسن الفهم وصلاح العمل