دروس الشيخ الدكتور محمد بن سعد طالبي -وفقه الله-

دروس الشيخ الدكتور محمد بن سعد طالبي - وفقه الله-

#الإجابة_على_الأسئلة_الواردة

الشيخ الدكتور محمد بن سعد طالبي - وفقه الله-

*السؤال651*

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أنا شاب أعمل في مجال كهرباء السيارات ( سكانيير ) وأود أن استفتي شيخنا محمد طالبي وفقه الله حول جواز تنزيل  كتب الصيانة ومخططات السيارات  المنشورة مجانا على الانترنت علما أنها في الأصل تباع  ،لكن يقوم البعض بإعادة مشاركتها مع الناس بعد الحصول عليها ، فهل يشرع لي استعمالها في صيانة السيارات التي تردني إلى الورشة كون أن بعض الأعطال المستعصية تلزم إتباع هذه المخططات لإصلاح العطل.

*الجواب*

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد:

فإذا كان الواقع كما ذكرت فاعلم أنَّ كتب الصِّيانة ومخطَّطات السَّيَّارات تعدُّ ملكًا لأصحابها، كالكتب العلمية، وهذا ما قرَّرته المجامع الفقهيَّة المعتبرة كمجمع الفقه الإسلامي، وكذلك هيئات الفتوى المعتبرة كهيئة كبار العلماء، حيث قرَّروا أنَّ حقوق الكتب والمؤلَّفات محفوظة لأصحابها ومالكيها، ولذا لا يجوز نشرها أو استخدامها إلا بعد أخذ الإذن منهم، وخاصَّة لمن سيستعملها في مهنته ويسترزق بسببها، ومن قرارات المجمع الفقهي الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1 إلى 6 جمادى الأولى 1409 هـ/ 10 إلى 15 كانون الأوَّل (ديسمبر) 1988 م، جاء فيه:  "أنَّ الاسم التِّجاري، والعنوان التِّجاري، والعلامة التِّجارية، والتَّأليف والاختراع أو الابتكار، هي حقوق خاصَّة لأصحابها، أصبح لها في العُرف المعاصر قيمة ماليَّة معتبرة لتموُّل النَّاس لها، وهذه الحقوق يعتدُّ بها شرعًا، وهي مصونة شرعًا ولأصحابها حقَّ التَّصرُّف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها" انتهى.

وهذا كلُّه محمول على من يريد الاتِّجار والاكتساب منها، بخلاف من ينسخها؛ لأنَّه يحتاجها لأمر خاصٍّ به فقد سمعتُ شيخنا عبيد بن عبد الله الجابري -رحمه الله- يجيزها؛ لأنَّه ممَّا جرت به العادة، ومن أهل العلم الذين أجازوا نسخ الكتب للاستعمال الخاصِّ الشَّيخ العلاَّمة ابن عثيمين -رحمه الله- حيث قال في لقاء الباب المفتوح رقم (178): "الذي أرى أن الإنسان إذا نسخها لنفسه فقط، فلا بأس، وأمَّا إذا نسخها للتِّجارة فهذا لا يجوز؛ لأنَّ فيه ضررًا على الآخرين، يشبه البيع على بيع المُسْلم؛ لأنَّهم إذا صاروا يبيعونه بمائة، ونَسَخْتَهُ أنت وبعته بخمسين؛ هذا بيع على بيع أخيك" انتهى.

والخلاصة: أنِّي أنصحك أن لا تستعمل تلك الكتب في ورشتك لصيانة السَّيَّارات من باب الاسترزاق والاكتساب بها إلا أن تأخذ إذنًا من صاحبها الأصلي، وأمَّا إذا احتجتها لصيانة سيَّارتك الخاصَّة فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى.

والله تعالى أعلم

دروس الشيخ الدكتور محمد بن سعد طالبي - وفقه الله-

#الإجابة_على_الأسئلة_الواردة

الشيخ الدكتور محمد بن سعد طالبي - وفقه الله-

*السؤال650*

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في إحدى المساجد خطيب الجمعة أشار إلى أن من حق الأب أن يأخذ مال إبنه حتى وإن كان متزوجا ومسؤولا عن عائلته وأطفاله أو أعزب برضى من الولد أو دون رضاه.
فهل يجوز هذا أفيدونا جزاكم الله خيرا

*الجواب*

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد:

فنعم هذا الكلام الذي نقلته عن أحد الخطباء يعتبر كلامًا صحيحًا في الجملة؛ لأنَّه قد دلَّ عليه ما رواه ابن ماجة وغيره عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنَّ رجلاً قال يا رسول إنَّ لي مالاً وولدًا وإنَّ أبي يريد أن يجتاح مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أنت ومالك لأبيك))، ولكن يجب أن نعلم أنَّ هذا الحديث ليس على إطلاقه؛ لأنَّ مال الولد وإن كان مباحًا لوالده أن يأخذ منه إلا أنَّه يجب عليه مراعاة ثلاثة أمور مهمَّة:

الأمر الأوَّل/ أن لا يلحق الضَّرر بولده حين الأخذ منه، كأن تتعلَّق لولده حاجة بذلك المال من أداء واجب ونحوه، فحينئذٍ لا يجوز للأب أن يأخذ من مال ولده إلا بعد أن يراعي حالته لقوله صلى الله عليه وسلم ((لا ضَرر ولا ضِرار)) رواه ابن ماجة وغيره.

الأمر الثَّاني/ أن يأخذ الوالد ما يحتاجه لنفسه فقط، فلا يجوز مثلاً أن يأخذه من أحد أولاده ليعطيه للآخر؛ لأنَّ الإباحة والإذن الشَّرعيَّ أن يأخذ لنفسه عند حاجته لا أن يأخذ لغيره أو أن يأخذ لغير حاجة لقوله صلى الله عليه وسلم ((إنَّ أولادكم هبة الله لكم يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذُّكور فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها)) رواه الحاكم وغيره، وقد صحَّح الشَّيخ الألباني هذا الحديث في سلسلة الصَّحيحة (2564)، ثمَّ قال: "وفي الحديث فائدة فقهيَّة هامَّة وهي أنَّه يبيِّن أنَّ الحديث المشهور أنت ومالك لأبيك، ليس على إطلاقه، بحيث إنَّ الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء، كلاَّ؛ وإنَّما يأخذ ما هو بحاجةٍ إليه" انتهى.

الأمر الثَّالث/ أن لا يأخذه إسرافًا ولا تبذيرًا؛ لأنَّ الإسراف والتَّبذير محرَّمان حتَّى على ولده صاحب المال الأصلي، فكيف بغيره، وقد قال تعالى ((وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)) سورة الأعراف، وقال أيضًا ((وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ● إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا))  سورة الإسراء.

هذا هو المعنى الصَّحيح للحديث الذي ذكرته جمعًا بينه وبين الأدلة الأخرى.

والله تعالى أعلم

يموتُ يومَ يموتُ وهوَ غاشٌّ لرعِيَّتِهِ إلَّا حرّمَ اللهُ عليْهِ الجنَّةَ)) متَّفق عليه، والله جلَّ في علاه نسأل أن يحفظ أمَّهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا وبناتنا وجميع نساء المسلمين من مكايد الكفرة والفجرة، وأن يبطل مخطَّطاتهم في إفسادهنَّ، ونسأله سبحانه أن يمُنَّ عليهنَّ بالإيمان وأن يزيِّنه في قلوبهنَّ، وأن يلبسهنَّ جلباب الحشمة والحياء، والسِّتر والتُّقى، إنَّه وليُّ ذلك والقادر عليه، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله العليُّ العظيم.

والله تعالى أعلم

دروس الشيخ الدكتور محمد بن سعد طالبي - وفقه الله-

#الإجابة_على_الأسئلة_الواردة

الشيخ الدكتور محمد بن سعد طالبي - وفقه الله-

*السؤال649*

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ماحكم خياطة سروال للبنات الصغار؟

وما حكم لبسه للنساء في بيوتهن أو مع النساء ؟

*الجواب*

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد:

فسؤالك هذا تضمَّن مسألتين إليك جوابهما:

جوابُ المسألة الأولى: اعلم أخي السَّائل أنَّ خياطة السَّراويلات للبنات الصِّغار لا يخلو من حالين:

الحال الأولى/ أن يَلْبَسْنَهُ لوحده ويخرجن به خارج البيت، فلا أرى حينئذٍ أن تخيطه لهنَّ؛ لأنَّ في ذلك تعويدًا لهنَّ على لبس السَّراويل والخروج بها إلى الشَّارع، كما هو مشاهد في الواقع المرير الذي نعيشه.

الحال الثَّانية/ أن يَلْبَسْنَهُ تحت الثِّياب وإن خرجن به، أو يكون واسعًا فضفاضًا لا يخرجن به وإنَّما يلبسنه في البيت فقط، فهنا لا بأس عليك أن تخيطه لهنَّ.

وأمَّا جواب المسألة الثَّانية: اعلم أخي السَّائل أنَّ لبس النِّساء للسَّراويل في بيوتهنَّ أو مع النِّساء فقط -أي دون أن يراهنَّ الرِّجال الأجانب- لا يخلو من حالين:

الحال الأولى/ أن يكون ضيِّقًا يصفُ، أو رقيقًا يشفُّ، فهذا لا يجوز، بل هو محرَّم؛ لأنَّه يصفُ العورة أو يشفُّ عنها، وكلاهما منهيٌّ عنه؛ لأنَّه داخل في قوله صلى الله عليه وسلم ((صنفان من أهل النَّار لم أرهما  قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها النَّاس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهنَّ كأسنمة البُخت المائلة لا يدخلن الجنَّة ولا يجدن ريحها وإنَّ ريحها ليوجدُ مِن مسيرة كذَا وكذَا)) رواه مسلم.

الحال الثَّانية/ أن يكون واسعًا فضفاضًا فهذا وإن كان قد أجازه بعض أهل العلم لمن كان لباس بلادها وليس فيه تشبُّهًا بالرِّجال أو تشبُّها بالكافرات، وليس لنسائنا أن يأخذن بمثل هذه الفتوى؛ لأنَّه لا يصحُّ تنزيلها عليهنَّ، إذْ ليس من عادة نساء بلدنا أن يلبسنه، ولذا فإنَّ الذي يطمئنُّ إليه القلب هو أن يترك نساؤنا لبس السَّراويل لوحدها ولو أمام النِّساء فقط فضلاً عن محارمها الرِّجال؛ ونصيحتي لهنَّ أن يقتصرن على اللِّباس المعتاد لبسه في البيت في بلدنا عمومًا وولايتنا خصوصًا؛ لأنَّ المرأة مأمورة شرعًا بالبُعد عمَّا يثير الفتنة بها، كما أنَّها مأمورة شرعًا بأن تستر بدنها وأن تتحلَّى بالحياء والحشمة.

ونصيحتي للزَّوجات والأخوات والبنات أن يتَّقين الله في بيوتهنَّ، وأن يحرصن على السِّتر والتُّقى، والحشمة والحياء، وأن يحذرن من التَّقليد الأعمى للأعداء، ولْيَعْلَمْنَ أنَّ التَّساهل في ذلك من اتِّباع خطوات الشَّيطان التي نُهينا عن اتِّباعها؛ لأنَّها تُفضي بمتَّبعها إلى الوقوع في محظورات عديدة، ولذا قال سبحانه وتعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)) سورة النُّور، وهذا العموم في الآية يشمل كلَّ قول محرَّم، وكلَّ فعل محرَّم، وكلَّ ما كان وسيلة إليهما وإن كان في أصله مباحًا لكن لا ينبغي التَّوسُّع فيه؛ لأنَّ ذلك ليس سبيل من هو ساعٍ في تحسين إسلامه وتكميل إيمانه، ولذا قال صلى الله عليه وسلم ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) رواه التِّرمذي، يقول الشَّيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في أحد دروسه في الحرم: "البنطلون -السَّراويل- الذي يشبه بنطلون الرِّجال حرام لما في ذلك من التَّشبُّه، وأمَّا ما لا يُشبه بنطلون الرِّجال فإنَّه وسيلةٌ قريبة إلى هتك حُرْمة العورة؛ لأنَّ البنطلون كما تعلمون يصف حجم الفخذين والعجيزة والسَّاق، وربَّما كان اليوم واسعًا فضفاضًا لا يصف كثيرًا وبعد أيَّامٍ قليلة تستعمل النِّساء ما كان ضيِّقًا، وربَّما تستعمل ما كان لونُه كلون الجلد فتبقى وكأنَّها عارية" انتهى.

قلتُ: صدق عليه رحمة الله، وسبحان الله فقد قال هذا قبل أزيد من ربع قرنٍ، وها هم الأعداء اليوم يتفنَّنون في تفصيل سراويلات النِّساء، هذا للبيت، وهذا للرياضة، وهذا للعمل، وهذا وهذا... وسِيقة المسلمين من التُّجَّار يروِّجون لهم، وعامَّة المسلمين وخاصَّة الهمج الرَّعاع أتباع كلِّ ناعق يُلْبِسُون زوجاتِهم وبناتِهم تلك السَّراويلات التي يَستحيي حتَّى الرِّجال مِن لُبسها، والعجبُ أنَّ هذا الأمر لم يتوقَّف عند لُبسها في البيت وأمام المحارم فقط، بل صارت الواحدة من نساء المسلمين تخرج من بيتها كاسية عارية بسراويلها كما خطَّط لها الأعداء، نسأل الله السَّلامة والعافية، فالحذر الحذر يا نساء المسلمين أن تكونوا سيقة للأعداء، واتَّقوا الله أيُّها الرِّجال في رعيَّتكم واجعلوا نُصب أعينكم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما مِنْ عبدٍ يسترْعيه اللهُ رعيَّةً