▫️ج/ لا حرج من الرد عليهم بالتهنئة بالعام الجديد -لا بمولد المسيح عليه السلام- كما في تهنئتهم بالمناسبات الدنيوية عموما، كالزواج، والإنجاب، والنجاح في الدراسة أو العمل، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (وتجوز عيادة أهل الذمة وتهنئتهم وتعزيتهم..).
فقد فرق الفقهاء بين تهنئتهم بالمناسبات العادية الدنيوية فأجازوها، لعموم قوله تعالى: ﴿وقولوا للناس حسنا﴾. وبين المناسبات الدينية الشركية فمنعوا من تهنئتهم بها.
كما قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة ١/ ٤٤١ (فصل في تهنئتهم بزوجة أو ولد أو قدوم غائب أو عافية أو سلامة من مكروه ونحو ذلك: وقد اختلفت الرواية في ذلك عن أحمد فأباحها مرة ومنعها أخرى، والكلام فيها كالكلام في التعزية والعيادة ولا فرق بينهما [يعني في الجواز].. فهذا في التهنئة بالأمور المشتركة.
وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد، ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثما عند الله وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه.
وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه، وقد كان أهل الورع من أهل العلم يتجنبون تهنئة الظلمة بالولايات، وتهنئة الجهال بمنصب القضاء والتدريس والإفتاء، وإن بلي الرجل بذلك فتعاطاه دفعا لشر يتوقعه منهم، فمشى إليهم ولم يقل إلا خيرا، ودعا لهم بالتوفيق والتسديد فلا بأس بذلك).
والتهنئة بالعام الجديد مما اختلف الفقهاء فيه قديما، لاختلافهم في طبيعته وهل هو من المناسبات العادية المشتركة فيجوز، أم مناسبة دينية محضة تختص بغير المسلمين فتحرم، كما قال السيوطي في الحاوي ١/ ٩٥: (قال القمولي في الجواهر: لم أر لأصحابنا كلاما في التهنئة بالعيدين والأعوام والأشهر كما يفعله الناس، ورأيت فيما نقل من فوائد الشيخ زكي الدين عبد العظيم المنذري أن الحافظ أبا الحسن المقدسي سئل عن التهنئة في أوائل الشهور والسنين أهو بدعة أم لا؟ فأجاب بأن الناس لم يزالوا مختلفين في ذلك قال: والذي أراه أنه مباح ليس بسنة ولا بدعة انتهى، ونقله الشرف الغزي في شرح المنهاج ولم يزد عليه).
فالأولى تركه وتجنبه وعدم الابتداء به سواء مع المسلمين أو مع غيرهم، فمن احتاج للتهنئة به من باب الرد، لا من باب الابتداء، أو كان يترتب على ترك الابتداء به مفسدة، فيرد بدعاء عام كقول : عام سعيد ونحو ذلك، إذا الرد عليهم يدخل في قوله تعالى: ﴿وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها﴾، قال ابن بطال في شرح البخاري ٧/ ٩٧: ( نستدل بقوله تعالى: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} فهو عام في كل هدية وهبة، فلو أهدى له مما يتحيا به من مشموم وغيره، وطلب الثواب كان ذلك له، ووجب على المحيا أن يحيى بأحسن منها، أو يردها بأمر الله له بذلك).
وقال في ٩/ ٣٨: (واختلف العلماء في رد السلام على أهل الذمة، فقالت طائفة: رد السلام فريضة على المؤمنين والكفار، قالوا: وهذا تأويل قوله تعالى: {فحيوا بأحسن منها أو ردوها} قال ابن عباس وقتادة وغيره: هي عامة في رد السلام على المؤمنين والكفار).
قال زين بن أسلم - كما رواه الطبري عنه بإسناد صحيح - (حق على كل مسلم حيي بتحية أن يحيي بأحسن منها، وإذا حياه غير أهل الإسلام، أن يرد عليه مثل ما قال).
والتهنئة بالعام الجديد تحية فترد على أهلها بلفظ لا محذور فيه.
وفي الحاوي الكبير للماوردي ١٤/ ١٤٧ التحية في الآية تطلق على الدعاء والسلام.
•┈┈┈┈••❁••┈┈┈┈•
https://t.me/askDrHakem