عمريات Telegram Posts

دعاء وتر الليلة

المرء يحتاج إلى عبادة قبل العبادة وعبادة بعد العبادة .. فهو يحتاج لعبادة الاستعانة قبل العبادة .. ويحتاج لعبادة الشكر بعد العبادة ..

-السكران.

سُبحَانَ الله، الحَمدُ لِله، لَا إِلـٰه إِلَّا الله، اللهُ أَكبَر،
لَا حَولَ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِالله

كنت بحكي مع طالب حبيب في بدايات سنوات الطب ويسألني عن الدراسة والكسل واليأس وهو مغترب، فأنا وجهة نظري باختصار: لا نملك يا صاحبي الكثير من الخيارات، يجب أن ننجح أو على الأقل يجب أن لا نفشل، أنا الآن أدرس بعد كلّ هذه السنوات،،، ولحظات اليأس يا عمرو؟ لا مشكلة فيها، هل زارتك من قبل؟ نعم؛ وبل أزيدك بأنني أدرس الآن وبداخلي من الإحباط الشيء الكثير، كلّ شيء يدعو للكآبة، ولكن لا نملك رفاهية اليأس الكامل، نحاول ولو بالقليل، ولو بالقليل من الوقت، ولو بقليل من الروح…

أعجبني ربط أحدهم الكسل بالضياع، الإنسان التائه الذي يتغلغل في روحه شيء من الاكتئاب هو الإنسان الكسول، ولهذا فمعالجة الكسل -الذي هو عرض- يكون بإخراج الإنسان نفسه -بعون ربّه- من دائرة التيه التي يعيشها…

كلّ إنسان ولديه قصّة ضخمة ومعارك ضارية بينه وبين نفسه، وهذا شيء عظيم ومؤلم، ولكن أكاد أجزم بأنّ لا أحد يهتم، قد أقصد بها ذلك حرفيًّا، وقد أقصد بها أنّ لا أحد يستطيع تصوّر ما تشعر به بالضبط، قد يقترب المحب جدًّا من ذلك، قد يفهمك من مرّ بمثل ما مررت به، ولكن لا أحد يشعر بك تمامًا ولا أظنّ ذلك ممكن، والأدهى أنني أعتقد بعدم حاجتك لمن يدرك عنّك ذلك تمامًا أو بشكل أدق فأنا لست مع سعيك المرعب ليفهمك غيرك، اهدأ، تحتاج قدرًا أقلّ من الفهم، قدرًا أكثر من التجاوز لمشاكل نفسك…

عشان وهم المثالية بس

هذه الآية ليست عاديّة بل ومثلي يقتات على مثلها وكلّ موت للمعنى وكلّ طبقة من ران وكلّ أمل قد اغتالته الظروف وكلّ حكاية بدت وكأنّها انتهت نهاية مميتة وكلّ حاجة في نفسي؛ أُحاربها بهذه الآية وأستعين بها على أن لا أيأس من روح الله : "اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا.." يحيي الأرض الميّتة وقادر على إحياء كلّ شيء سبحانه وبحمده..

ينتشر كلّ سنة في مثل هذه الأيّام كلام المهندس الجليل أيمن: "‏انت في رمضان بتتخلَّص مِن كيد الشيطان -اللي هو أصلًا ضعيف- عشان تقابل الوَحش الحقيقي ؛ اللي هو حضرتك"

وهذا الكلام صحيح فجلّ مشاكل الإنسان من نفسه الأمّارة بالسوء، ولكن التخلّص من كيد الشيطان شيء عظيم ومهم وله أثره، بل ويكثر المصحف من تذكيرنا بأنّه عدوّ لنا ويُضِل كثير من النّاس ويعبث بصدورهم، والمتابع لنفسه يجدها تهدأ بمجرّد دخول رمضان ولتقييد الشياطين دور في ذلك بلا ريب والله أعلم، مع مراقبة النفس وسياستها يفرح الإنسان بتقييد الشياطين ويستغلّ ذلك في تقوية نفسه إيمانيًا…

الأوّل من رمضان،
الآن أنتبه لنهاية آية شهر رمضان بـ"لعلكم تتقون" على أنّها دعوة لاستغلال رمضان من أجل تحصيل التقوى، دع عنك الاستعدادت والبرامج الضخمة ولا تخجل حتى من الصخرة في صدرك، رمضان شهر تكسير الصخرات، رمضان فرصة حقيقيّة للنفس كي تتحرر من أغلالها، رمضان بقلّة طعامه وشرابه وربط الشياطين وفتح أبواب الجنّة وقفل أبواب النار؛ فرصة غير عاديّة كي يصعد الإنسان في سلّم العبوديّة ويُصلِح قلبه بالصوم والقرآن والذكر والصلاة والزكاة والصدقة، رمضان الذي غاية المسلم أن يعتق من النّار في إحدى لياليه؛ وأيّ تجلّي للعتق أكبر من تحقيق التقوى والهداية الباقية الدائمة…