أدبيات | فصحى

- وردَ في كتاب الأمالي لأبي علي القالي أنهُ قِيلَ لأعرابي:
مَن لم يتزوج امرأتينِ لم يَذق حلاوةَ العيشِ، فتزوجَ امرأتين،
ثم نَدم، فأنشأ يقول:

تَزَوَّجتُ اثنتينِ لِفَرطِ جَهلِي
بِمَا يَشقَى به زَوجُ اثنتينِ

فقلتُ: أصيرُ بينهما خروفًا
أُنَعَّمُ بين أَكرَمِ نَعجَتَينِ

فصِرْتُ كَنَعجَةٍ تُضحِي وتُمسِي
تُدَاوَلُ بينَ أَخبَثِ ذِئبَتَينِ

رِضَا هَذِي يُهَيِّجُ سُخطَ هَذِي
فَمَا أَعرَى مِنَ احدَى السُّخطَتَينِ

وأَلقَى في المعِيشَةِ كُلَّ ضُرٍّ
كَذَاك الضُّرُّ بينَ الضَّرَّتَينِ

لهذي ليلةٌ ولتلكَ أُخرى
عِتَابٌ دَائِمٌ في الليلَتَينِ!

فإنْ أَحبَبتَ أن تَبْقَى كريمًا
مِنَ الخيراتِ مَملُوءَ اليَدَينِ

وتدركَ مُلْكَ ذِي يَزَنٍ وعَمْرٍو
وذي جَدَنٍ ومُلكَ الحَارِثَينِ

ومُلْكَ المُنذِرَينِ وذِي نُوَاسٍ
وتُبَّعٍ القَدِيمِ وذِي رُعَينِ

فَعِش عَزَبًا فإن لم تَستَطِعهُ
فَضَربًا في عِرَاضِ الجَحفَلَينِ .

صلُّوا عليهِ وسلِّموا كي تغنموا
عشراً وربُّكَ واسعٌ بعطائِهِ

يا ربّ صلِّ عليه ما انتشرَ السّنا
واستبشرتْ أُممٌ بفيضِ ضيائهِ.ﷺ
ٖ

قال حكيمٌ لابنه:

أيّ بُنَي، كل النساء لهن شهوة! فالشريفةُ تخفيها والفاحشةُ تُبديها، فإياك أنْ تُثيرَ شهوةَ أهلِكَ بالغرباء مهما كانوا، وبأي وسيلة كانت، حتى وإن كان صوتًا جميلًا للرجالِ يسمعونه ليس فيه علمٌ شرعي أو يدعو إلى مكارم الأخلاق، واجعل غَيْرَتك القوية هي ما تعيش به مع أهلك مدى عُمُرِك، وأوْصِ بها أبناءك، وإياك أنْ تتنازل عن هذا مثقال ذرة! واحذر أنْ يُمِيعَك المجتمع ومن حولك للرُّكون إلى السكون عن تأجيجِ غيرتك؛ فهي من الدين، بل وأصلٌ من أُصول الدين.

قال النبي ﷺ: المؤمنُ يغار، واللهُ أشَدُّ غيرًا".

يا خير رسلِ الله أنتَ مقدَّمٌ
وبكَ الختامُ ومَن هواك سيسعَدُ

فعليكَ صلى الله حتى تنجَلي
عنّا الهمومُ وكَربُنا يتبدَّدُ. ﷺ
ٖ

‏قال رجل للأحنف بن قيس: دلني على مروءة بلا مُؤْنة؟

قال:"عليك بالخلق الفسيح، والكف عن القبيح، واعلم أنَّ الداءَ الذي أعيى الأطباء: اللسان البذيء، والفعل الرديء".

- تاريخ دمشق لابن عساكر
ٖ

صلى عليك الله ما زكَّى امرؤٌ
وجرت عيون الأرض والأنهارُ. ﷺ
ٖ

لعمرُك ما المكروهُ إلا ارتقابهُ
وأبرحُ مما حلّ.. ما يُتوقّعُ.
- البحتري

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد
كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
إنك حميدٌ مجيد.
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد
كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
إنك حميدٌ مجيد.
ٖ

قال الفيلسوف الكندي للمبرّد: إني لأجد في كلام العرب حشوًا !
فقال المبرّد: أين وجدت ذلك؟
قال: أجد العرب يقولون: عبد الله قائم.
ثم يقولون: إن عبد الله قائم.
ثم يقولون: إنَّ عبد الله لقائم،
فالألفاظ متكررة والمعنى واحد.
فقال المبرّد: بل المعاني مختلفة لاختلاف الألفاظ.
فقولهم عبد الله قائم: إخبارٌ عن قيامه.
وقولهم إن عبد الله قائم: جوابٌ عن سؤال سائل.
وقولهم إن عبد الله لقائم: جواب عن إنكار مُنكِر قيامه.

فما وجدَ المتفلسف جوابًا.

- دلائل الإعجاز في علم المعاني للجرجاني.
ٖ

يَا حظَّ مَن صَلَّى عليهِ مُرَدِّدًا
فَهو الشَّفيعُ هو النبِيُّ المُجتبَى

صَلّى عليكَ اللهُ يَا خيرَ الورَى
ما أشرَقَتْ شَمسٌ ومَا لَيلٌ سَجَى.ﷺ
ٖ

يا أشرفَ الخلقِ عند الله منزلةً
ومن على قلبه بالوحي تنزيلُ

صلّى‌ عليكَ الذي أعلاكَ مرتبةً
ما زيّنَ الذِّكْرَ ترتيبٌ وترتيلُ. ﷺ
ٖ

يقول ابن تيمية: "ليسَ كلُّ أحدٍ يُمكنه إِبانةُ المَعانِي القائِمةِ بقلبِه". وفي مثل هذا يقول حذيفة العرجي:

لا الليلُ يحضنُ مافي القلبِ من ألمٍ
ولا الصباحُ إذا ما جاء يُؤْوِيهِ

حَمَلْتُ قلبي على كفي وسرتُ بهِ
لما تيقنتُ أنَّ اللهَ يكفيهِ.
ٖ

يا زارعا حُبّ النبيّ بقلبه
أسقيت زرعك بالصلاة عليه

هذا محمدُ ما تشوّق عاشق
أحدا كشوق العاشقين إليه

يا ربّ صلّ على النّبيّ مُحمّد
ما أشرقت شمس وطار حمامُ

يا ربّ صلّ على النّبيّ مُحمّد
ما اشتاق أن يحيا بطيبة مسلم.
ﷺ
ٖ

وا ويلتاهُ إنْ أذْنبتَ ولمْ تبكِ عليهِ بُكاءَ الثّكلى استغفارًا وتندُّمًا…


يا رَبِّ إِنْ عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً
فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ

إِنْ كانَ لا يَرجوكَ إِلا مُحْسِنٌ
فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ

أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعًا
فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ

ما لي إِلَيْكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَّجا
وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ.
ٖ

‏كان النبي ﷺ مُبْتسِمًا دائمًا ومُسْتَبْشِرًا، يُحِبُّ الفَأْلَ، ولا يَقْطَعُ على أحدٍ حديثه، وكان كريمًا لَا يَرُدُّ سائلًا يَسْأَله، يُعطي مالَهُ للفقراءِ وكأنه لا يخشى الفقر، وكان ﷺ إذا استيقظَ من نومِه مسحَ النومَ عن وجهِه بيدِه، ويقرأُ ما تيسّرَ من القُرْآنِ ويسْتَاك. ﷺ

ما زلتُ أمدحهُ وأرجو قربهُ
في قربهِ تتهدّمُ الأحزانُ

صلّى عليه اللهُ في ملكوتِهِ
هو شافعًا قد خصَّهُ الرحمنُ. ﷺ
ٖ

كفى بالعبد خيرًا أنْ يَعُدَّ مَعَايِبَه، وأنْ يُفتِّشَ عما فيه من الخلل، وأنْ يسعى لِيُتِمَّ ما نقصَ منه، فإنْ جاهدَ ولم يسْتَطِعْ؛ فلا أقلَّ من أنْ يكفيَ الناسَ شرَّ لسانِه، ولْيَجْعل حديث النبي ﷺ لمعاذ:"ثَكلتكَ أمُّكَ يا معاذُ وهل يَكبُّ النَّاسَ في النَّارِ علَى وجوهِهِم، -أوعلَى مناخرِهم-، إلَّا حصائدُ ألسنتِهم."، نُصْبَ عينيهِ دائمًا، فإنْ فعَل؛ فقد حَجَبَ عنه ثُلُثَيْ عذاب القبر.

ومما يُقال في مدح الكريم:

هَشٌّ إذا نزل الوُفودُ ببابِه
سَهلُ الحِجابِ، مُؤدَّبُ الخُدّامِ

وإذا رأيتَ صديقَه وشقيقَه
لم تدرِ أيُّهُما أخو الأرحامِ.


- إبراهيم بن هرمة
ٖ

يا شادياً تشدو بمدحِ محمدٍ
كرِّر فديتُك مدحه يا شادي

كرِّر على الأسماع ذكرَ محمدٍ
فلذكرُه بَردٌ على الأكباد. ﷺ
ٖ

من جميل المراثي رثاء الأُبَيْرِد الرّياحي أخاه بُرَيْدًا حيث يقول:

ولَمَّا نَعَى النَّاعي بُرَيْدًا تَغَوَّلَتْ
بِيَ الأرْضُ فَرْطَ الْحُزْن وَانْقَطعَ الظَّهْرُ

عساكِرُ تُغَشَى النَّفْسَ حتّى كأَنَّنِي
أخُو سَكْرَةٍ دَارَتْ بهَامَتِهِ الخَمْرُ

فتىً إنْ هُوَ اسْتَغْنى تَخَرَّقَ في الْغِنَى
وَإنْ قَلَّ مالٌ لَمْ يَضَعْ مَتْنَهُ الْفَقْرُ

وَسامَى جَسيمَاتِ الأُمُورِ فَنالَها
عَلى الْعُسْرِ حتَّى أدْرَكَ الْعُسُرَ الْيُسْرُ.
ٖ

كشَف ابن عقيل الحَنبلي العِمامةَ عَن رأسِه فإذا فيه شَيب، فقال تلميذٌ له: شِبْتَ!
‏وكان في الثمانينَ من عُمُرِه فأنشد قائلاً:

‏ما شابَ عزمي ولا حَزمي ولا خُلُقي
‏ولا وَلائي ولا دِيني ولا كَرَمي
‏
‏وإنّما اعتاضَ شَعري غيرَ صِبغتِه
‏والشَّيبُ في الشّعرِ غير الشيب في الهِمَمِ.
ٖ

‏دخل عبدُ الله بن عيّاش على مسلم بنِ قتيبةَ، وبين يدي مسلم سلّةُ زعفران، فقال مسلم لابن عياش: أنشدني بيتًا لا يُصارَفُ ولا يُكَذَّب وهي لك!
فقال له ابن عيّاشٍ منشدًا بيتًا ليس لطاعنٍ فيهِ مَطعَن، وهو بيت للصحابي أنس بن زُنَيْم-رضي الله عنه-:

فَمَا حَمَلَتْ مِنْ نَاقَةٍ فَوْقَ رَحْلِهَا
أَبَرَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً مِنْ مُحَمَّدٍ

فأعطاه السلة.

- وقد تم العثور على هذا البيتِ منقوشًا بالخط الكوفي (غير منقط)، في قرية النصباء بمحافظة المندق بالمملكة العربية السعودية، يعود لبداية القرن الهجري الأول.

قال العتبي:
رأيت أعرابيًّا وقد دفن ابنًا له، فلما حثا عليه التراب وقفَ على شفيرِ قبره فقال:

‏يا بُنَيّ:
‏كنتَ هبةَ ماجد، وعطيةَ واجد، ووديعةَ مقتدر، فاسْتَرْجَعَكَ واهبُك، وقبضك مالكُك، وأخذك مُعطيك، فألْحَفَني اللهُ عليكَ الصبر، ‏ولا حرمني بك الأجر.
ٖ

صلّى وسلّم ذُو الجلالِ عليكَ ما
أحلاكَ ذِكرًا في القلوبِ وأعذَبَ. ﷺ

‏من فصاحة اللغة العربية،
‏ما كان يقوله العرب قديمًا:

‏بعضُ السَلامِ سِلام
‏وبعضُ الكَلامِ كِلام
‏وبعضُ العِناق عَناق.

‏السِلام : الحجارة،
‏الكِلام : الجراح،
‏العَناق : الخيبة.

صَلَّى عَلَيكَ إِلَـٰهي كلّما نبضت
بِيضُ القلوبِ تُناجي لُطف واليها. ﷺ
ٖ

ياخير من صعد المنابر واعْتلى
‏والزَّيغُ بعد مقالَةٍ منه انْجلى

‏بحرُ البلاغةِ يستقي من حوضكم
‏وكذا البيانُ وكلُّ قولٍ قد عَلا

‏لما ذكرتك أينعت يا سيدي
‏بيداء شِعري بعدما كانت فَلا

صلى عليكَ اللهُ ما داعٍ دعا
أو رامَ حِفظًا من حديثٍ أو تلا. ﷺ

- محمد علواني
ٖ