قرن الله ابتلاء المؤمن بمحبته، فترى المؤمن يدخل كهف الابتلاء بنور التوكل على الله و الاحتساب والرضا، فيجد أسراراً وأنواراً.. تكفل له القبول، فينعم بعد مشقة، ويرضى دون سخط، وينال العافية والسرور، ويجد الله غفورا رحيماً.
الحمد لله كافل كل جميل، وباسط كل نعمة، وملاذ كل محتاج، وصاحب كل مهموم.
اللهم إن الأمر كله لك، والهدى هداك، ولا مُطاع سواك، ولا متبوع غيرك، أمرك صدق ووعدك حق، والخير بيدك، وحدك لا شريك لك.
ليس كل من يواسيك لا جرح عنده، ولا كل من يعطيك يملك أكثر منك، الإيثار ليس إيثار متاع ومال فحسب.. قد يشاطرك أحدهم آخر زاده من الصبر ويهبك ما تبقى في قلبه من أمل ويقتسم معك آخر إبتسامة قبل أن ينفرد بحزن طويل.. فأحسِن إستقبال الود فإنه ثمين.
ما بين اليأس والرجاء فُسحة يسير فيها المسلم في بيداء الدنيا، وإنها لشاقة على صاحب الضمير الحي، فإذا ما اشتد البأس، وكاد أن يستولي على النفوس اليأس، أنزل الله فرجه ونصره ليصيرِ لذٰلك موقِع في القلوب، وليعرف العباد ألطافَ عَلَّامِ الغيوب سبحانه وبحمده.. صاحب الفضل والمنة.
يارب، سلمنا من اليأس، وانعم علينا بنعمة الرجاء فيك، اللهم لا تجعل حاجتنا عند غيرك، واغننا بك عمن سواك، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.. ولا تكتب علينا الخزي ونكران النعم.
والإنسان على قدر عنفوانه وقدرته فيه ضعف ولين، يحتاج إلى عون ومدد يستكين به وإليه، والدنيا فيها الكثير من الحوادث التي تذكرنا كُل مدى بِأنّهُ دائما نحتاج أن نأوى إلى رُكنٍ شَديد-ركن الله عز وجل- ذلك المُتكأ غير ذي عِوج دون أن تكون هَائمًا مُهتمًا.. فيه يسكن كل مضطرب، ويلوذ كل طالب، ويأمن كل شريد، وسلوان كل فاقد، ومأوى كل مفقود.
اللهم واجعلنا في كنفك، وتقبلنا في عبادك الصالحين، واقبضنا إليك راض غير غضبان، والطف بنا فيما جرت به المقادير، ياصاحب كل جميل، ويا ميسر كل عسير، سبحانك وبحمدك لا شريك لك.
هو الذي لا تعرفه الحياة ولا يعرفه الموت فلا يذلُّ لأحدِهما؛ تتبرَّج له الحياة فلا تغرُّه، ويتجهَّم له الموت فلا يضرُّه، ويُبتلَىٰ بكلِّ ما يسوء ويسرّ فلا يسوؤه ولا يسرُّه... هو رجلٌ روحُهُ في كفِّه.
اللهم صلّ وسلم على من كان كاملًا في نفسه، مكملًا لغيره، أنقذنا الله به من الضلالة، وأعاننا بهديه على أنفسنا، فسبحان من رفع ذكره، وجعل الصد عن سبيله ذنبًا وعقوبة في ذات الوقت، اللهم في هذه الساعة الشريفة أنزل لعناتك على من استنقص من مقام النبي الأشرف، وألحق بهم الراضي والمتغاضي.
اللهم إنا عاجزون وأنت لا تعجز، كتبت على عبادك قدرهم و لطفت بهم، فاللهم هون عليهم، واكتب بأسك على من ظلم عبادك، واكتب لنا نصراً يتعجب منه أعداء دينك ويطمئن به قلوب عبادك كما اطمئن خليلك وسيدنا إبراهيم.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا رسول الله، شرف البشرية، وسيدها المُقَدَّم، وإمامها المعظم، من رفع الله ذكره، وأجلَّ قدره، وجعل شانئه هو الأبتر.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
والإنسان على قدر فهمه للدنيا لاينفك من جهل يصيبه، فتراه يبصر مصيبته على قدر فهمه، ولا يبصرها على قدر لطف الله، يسعى بقدرته ويسخط من قدر الله، خُلق عجولا ظلوما.. يستعجل اليسر وهو آتيه، ويهاب العسر والله معه.
يظن في الدنيا خير وهي لا سعادة فيها خالصة ولا راحة فيها مطلقة، فالله وحدة من بيده كل خير، بيده السعة، صاحب الفضل والمنة والجود.
اللهم بصّرنا بمواقع لطفك، وفقهنا بصور الخير، ولا تكتب علينا سوء، واجعلنا من عبادك المصطفين، وطهر قلوبنا إلا منك.. أنت وحدك لا شريك لك.