قناة لولوة المطيري

افكار بحثية مقترحة للدكتور: مروان السناني وفقه الله

◉ الوصية الكُبرى والوصية الصغرى

كم كان لابن تيمية -رحمه الله- الأثر البالغ في بيان عقيدة السلف ومحاربة أهل البدع!

ففي القرن الرابع وما بعده تمكنت بدعة نفي الصفات الفعلية، وكثير من الصفات الذاتية؛ وكثر الذين ينتحلونها، فصاروا ينفون عن الله تعالى علوه علو الذات، واستواءه على عرشه!
سبحانه تبارك وتعالى عما يقولون

ولما أنهم اشتهروا وكان لهم كلمة مسموعة عند تلاميذهم، وكثر الذين ينتحلون ذلك، وقل من يقول بما عليه السلف، يعني في العصور المتأخرة صار مذهب السلف غريبا، وكتب السلف لا تقرأ، والذين ينسخونها ينسخونها بخفية.. !

◉ أظهر الله شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر ( القرن السابع وأول القرن الثامن) ؛ جهر بمذهب السلف، بما أعطاه الله من العلم والقوة وسعة الاطلاع، وكذلك أعطاه القدرة على المجادلة، وبارك في أيامه وفي عمره، وقدر على مقاومة أولئك المبتدعة وعلى مناظرتهم، فأظهره الله تعالى عليهم، وناظروه في كتبه، ولكن لم يجدوا عليه مدخلا، ولم يجدوا حيلة إلا أن يودعوه في السجون؛ فسجن في مصر أكثر من أربع سنين أو خمس، ولكن سجنه كان واسعا بحيث أنهم منعوه من الخروج ولم يمنعوه من التأليف ولم يمنعوا الزوار منه، فكان الناس يتوافدون إليه وهو في السجن فيسألونه، ويكتب ما أقدره الله عليه، ويتوسع في الكتابة؛ فاستفيد منه وكتب كتبا كثيرة حتى جمعت، وسميت بالفتاوى المصرية.

وجد بعضها متفرقا ولم يوجد أكثرها، ثم سجن أيضا في آخر حياته في دمشق إلى أن توفي؛ أكثر من سنتين، وسبب ذلك صرامته وقوته، ولكن قدره في القلوب ومحبته في النفوس ما زالت تتزايد..

◉ كان من جملة كتاباته في السجن ( الوصية الكبرى ) وهي في العقيدة، ولكنها مختصرة أو متوسطة في الاختصار؛ سميت بالوصية الكبرى؛ وهي رسالة كتبها لتلاميذ من سار على طريقة عدي بن مسافر.

◉ وكتب شيخ الإسلام سُميّت بعده، فتسميتها بالكبرى تفريقا بينها وبين الوصية الصغرى، وسميت الصغرى لأجل أن حجمها صغير ومسائلها قليلة، ولأن سائل النصيحة فيها هو أبو القاسم المغربي طلب الإيجاز والاختصار كما قال السائل:
(كل ذلك على قصد الإيماء والإختصار)

◉ عادة العلماء رحمهم الله تعالى أنهم يكتبون وصايا ونصائح ثم أن هذه الوصايا يتداولها الناس بعدهم وتنتشر انتشارا كبيرا، وقد وُجد العشرات من هذه الوصايا والنصائح التي كتبها عدد من الأعلام، إما كتبوها إجابة لطالب النصيحة، أو تكون كتبت ابتداء من غير طلب وقد تكون كُتبت لتلميذ أو ولد!

◉ الرسالة التي بين أيدينا والموسومة بالوصية الصغرى في غاية الأهمية طلب فيها السائل أربع أمور :
أولها : صلاح الدين والدنيا
ثانيها: أن يرشده إلى كتاب واحد يكون عليه اعتماده في علم الحديث وكذا غيره في العلوم الشرعية.
ثالثها: الدلالة على أفضل الأعمال بعد الواجبات.
رابعها: بيان أرجح وجوه المكاسب، وما أفضل
المكاسب التي يشتغل بها الإنسان.

وقد أجاب ابن تيمية رحمه الله على هذه الأربعة أمور بجواب مفصّل في هذه الرسالة؛ فتضمنت أهم المعاني الإيمانية التربوية التي ينبغي أن يحرص عليها طالب العلم خاصة وقد أجاد وتميّز المؤلف الدكتور سلطان العميري وفقه الله في شرح هذه الرسالة والتعليق عليها.

قراءة مسددة موفقة لقارئات مداد في كتابنا هذا الشهر.

السلف وعصر يوم الجمعة

قال ابن القيم :
وهذه الساعة هي آخر ساعة بعد العصر، يُعظِّمُها جميع أهل الملل

زاد المعاد ١ / ٣٨٤


كان سعيد بن جبير إذا صلى العصر، لم يكلِّم أحدًا حتى تغرب الشمس - يعني أنه كان ينشغل بالدعاء

زاد المعاد ١ / ٣٨٢


وكان المفضل بن فضالة إذا صلى عصر يوم الجمعة، خلا في ناحية المسجد وحده، فلا يزال يدعو حتى تغرب الشمس

أخبار القضاة ٣ / ٢٣٨

"كلُّ الحياة تبسَّمت لحديثهِ
‏ وبهديهِ غيثُ السماحة أمطرا

‏ صلى عليك اللّهُ يا من ذِكرُهُ
‏ عطرٌ تضوَّع كالنسيم إذا سَرَى.."

ﷺ

حين خطب أبوبكر الصديق رضي الله عنه

قال: أيُّكم يقرأ "سورة التوبة" ؟

قال رجل: أنا.

قال: اقرأ.

فلما بلغ: ﴿إذ يقول لصاحبه لا تحزن﴾ ،

بكى أبو بكر وقال: أنا والله صاحبُه.

تفسير الطبري

اللهم ارض عن أبي بكر وعن سائر أصحاب نبيك ﷺ أجمعين، اللهم وارض عنا برحمتك وأكرمنا بشفاعة نبيك محمد ﷺ .

قُوا أنفسكم وأهليكم نارا

من أقوال قتادة في تفسير قوله تعالىٰ:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾
قال: تقيهم أن تأمرهم بطاعة الله، وتنهاهم عن معصيته، وأن تقوم عليهم بأمر الله تأمرهم به وتساعدهم عليه، فإذا رأيتَ لله معصية قرعتَهم عنها، وزجرتَهم عنها !

تفسير الطبري | 23/ 104

رحم الله امرءًا جاهد في إصلاح نفسه وأهله

قال ابن القيم وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهما الله-يقول:

‏سُنَّة الفجر، تجري مجرى بداية العمل والوتر خاتمته، ولذلك كان النبي يصلِّي سُنة الفجر والوتر بسورتي (الإخلاص والكافرون)؛ وهما الجامعتان لتوحيد:
العلم والعمل،
وتوحيد المعرفة والإرادة،
وتوحيد الاعتقاد والقصد.
_
‏زاد المعاد ١/٣١٦

كتابنا هذا الشهر في المسار الشرعي والموسوم بـ
‏جُنّة السالكين في شرح الوصية الصغرى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله- لمؤلفه د.سلطان العميري جزاه الله عنا خيرا

‏قراءة ماتعة نافعة يا رفاق📘

‏⁧ #كتاب_شرح_الوصية_الصغرى_مداد_للقراءة ⁩
‏⁧ #أكاديمية_مداد_للقراءة ⁩
‏⁧ #جمعية_مرتقى_العلمية ⁩
‏⁧ #ابن_تيمية ⁩

رحمة خفية

من رحمة الله بعبده المؤمن؛
أنه يريه في تعامل أحبابه معه ما يكرهه ويسوؤه؛
حتى لا يجاوز في حبهم، والتعلق بهم ما يزاحم محبة ربه.
ما تراه في ولدك وأهلك وصديقك: رحمة من الله تعالى، وتدبير من لطفه.
أحداث تقول لك:
لا أحد يستحق كمال الحب إلا الله سبحانه.
تخيل!
لو أن هؤلاء الذين تحبهم يحسنون لك على الدوام، يمنحونك بلا انقطاع، لا ترى منهم مع تعاقب الأيام وطول المعاشرة إلا ما تحب ويسرك!
ماذا سيكون حالهم في قلبك من التعظيم والمحبة....وتعلق القلب بهم؟
وانظر شدة محبتنا وتعلقنا بهم مع ما فيهم
فكيف لو كملوا بلا عيوب!؟؟؟

ولو تأملت هذا لهانت عليك عثرات أحبابك،
وعلمت أن حبيبا أعظم منهم غار على قلبك وحرسه بتدبيره.

﴿لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾

لو عرفوا حقائق الرجال، والصفات التي بها يعرف علو قدر الرجل، وعظم منزلته عند اللّه وعند خلقه، لعلموا أن محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب ﷺ هو أعظم الرجال قدرا، وأعلاهم فخرا، وأكملهم عقلا، وأغزرهم علما، وأجلهم رأيا وعزما وحزما، وأ كملهم خلقا، وأوسعهم رحمة، وأشدهم شفقة، وأهداهم وأتقاهم.

وهو قطب دائرة الكمال، وإليه المنتهى في أوصاف الرجال، ألا وهو رجل العالم على الإطلاق، يعرف ذلك أولياؤه وأعداؤه، فكيف يفضل عليه المشركون من لم يشم مثقال ذرة من كماله؟!،

تفسير السعدي

‏“ لا تلتفتْ ..
‏ألقِ البذور على مُضِيّك
‏الله يكفل في الحياةِ نماءَها..
‏كم بذرةٍ ألقيتَ في ماضي سنينك
‏واليوم تشربُ دون وعيٍ ماءها ! ”

اللهم عظِّم حب الصلاة في قلوبنا

عن ابن عباس قال: يُكره أن يقوم الرجل إلى الصلاة وهو كسلان، ولكن يقوم إليها طلق الوجه، عظيم الرغبة، شديد الفرح، فإنه يناجي الله، وإن الله تجاهه يغفر له ويجيبه إذا دعاه!

تفسير ابن كثير ٢ / ٣٨٧

كم يعمرُ قلبي حلُمًا في سُكنى المدينة ..
‏أرجو أن يبلغني ربي، وأن أسكُن طيبة فيطيب بها قلبي، أنزل المسجد كلّما اعتلج القلب شوقًا إلى ربي ..
فأفيضُ حينها دعاءً يرويني ولا أنقضي إلاّ وقد بلّلني دمعي،أروي عطَش القلب بعذب الآيات،ومعين زمزم ليس عني ببعيد..🤍

(المدينة ....المدينة)

مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم....
ليس هناك بقعة في العالم مكتظة بالذكريات تشبهها
لا يقع بصرك على شيء إلا وتقبل معه الذكرى
أينما يممت طرفك
في مسجدها
في مساجدها
في جبالها
في ثنياتها
في سفوحها
في مقابرها
في سككهها
أسواقها
في بوصلتها
في الاسماء في الأحياء في الأودية
في الشجر والثمر
في هوائها وحرها وبردها ومطرها وهجيرها
في الأذان والصلوات ....
لا أعلم كيف يمكن لأهلها أن تشرد أذهانهم وكل هذه الكظيظ من الذكريات يحف بهم من كل اتجاه...
كيف واسمها يلقي عليهم بظلال الحنين
إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
المدينة ....المدينة
على أفواههم في كل اللحظات
هل عندهم من الدموع ما يكفي ليوزعوه في كل النواحي والمواقف والأشواق والتذكار
وأصوات الحنين
المدينة ترحل بك
تسافر إليها تسافر بك

"لا يَحسُنُ الحِلمُ إلا في مَواطِنِهِ
‏ولا يَلِيقُ الوَفَا إلا لمَن شَكَرَا
‏ولا ينالُ العُلا إلا فتًى شَرُفَتْ
‏خِلالُهُ، فأطاعَ الدهرَ ما أمَرَا "

الإحسان الغائب!!

إن الناظر في سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتضح له مدى اهتمامه بالأطفال وإدخاله السرور عليهم.
فمن تأمل حديثه صلى الله عليه وسلم للطفل أبي عمير عندما قال له مداعبًا: " يا أبا عمير ما فعل النغير؟"، وتلطفه للطفل الذي كان على ظهره وهو ساجد وذلك بتركه له حتى يقضي حاجته ، وتركه للجارية الصغيرة تاخذ بيده وتنطلق به ليقضي لها حاجتها وهو من هو… وغير ذلك كثير، يدرك أن الإسلام اهتم اهتمامًا كبيرًا بالأطفال والإحسان إليهم.

وأردت من هذه المقالة أن أشير إلى معنى آخر قليل من يتطرق إليه ؛فنحن في هذا الزمن، وللأسف، انتشر حب الذات والتقوقع بالإحسان على النفس والزوجة والأبناء فحسب ، فهو أو هي يتمتعون بحساسية عالية بأن لا تجرح مشاعر أبنائهم بينما لا يبالون بأبناء الغير هذا إن سلم أبناء الغير من جورهم لصالح أبنائهم إذا تخاصموا معهم .

أقول: أردت أن أشير في هذه المقالة إلى أن بعض الإحسان للأطفال قد يؤتي ثماره العظيمة في كبرهم، وهو استثمار حقيقي للشخص المحسن بعد وفاته. كيف؟ إليكم بعض الأمثلة والتي حدثني بها أصحابها :

جاءني رجل في السبعين من عمره وطلب مني أن أبحث له عن جهة موثوقة لبناء مسجد لامرأة اسمها منيرة. فبحثت له عن تلك الجهة المرادة ووجدتها، فقلت له: " لقد طلبوا اسم المتبرع لها"، فقال لي: "منيرة". قلت: "منيرة بنت من؟"، قال: "لا أعلم". قلت : سبحان الله! كيف تتبرع لامرأة لا تعرفها؟ قال: "والله يا ولدي، لا أعرفها، ولكن لها معروف عليَّ وأنا صغير أردت أن أردّ لها هذا المعروف". قلت: "وما معروفها؟"، قال لي: "إنه كان يتيما بموت أمه ، وكانت امرأة أبيه تغفل عنه أحيانًا فيجوع، وكان غالب حال الناس في ذلك الوقت الفقر . وكانت منيرة هذه من جيرانهم فكانت كل يوم عند وقت المغيب، إذا رأتني، أعطتني ملء كفها تمرًا. يقول : ' فكنت أتصبّر به إلى النهار'. وقد تكرر منها ذلك مرات كثيرة، فأردت أن أردّ لها ذلك المعروف".

و رجل آخر يكثر من الدعاء لامرأة ويكثر أيضا من الثناء عليها، وهي ليست من أقاربه . فسألته عن السبب، فقال: " بذلتْ لي معروفًا في صغري لا أنساه. دخلت في إبل أناس فأفزعتها ، فلحقوا بي، فلجأتُ إلى خيمة امرأة من البادية فلما رأت الفزع في وجهي، أخذتْ عصا غليظة كبيرة عندها، وخرجت على الرجال فصاحت بهم، فانصرفوا عني. وكنت أعلم أنهم لو تمكنوا مني لأشبعوني ضربًا. ثم رجعتْ إليّ وأكرمتني في بيتها حتى انصرفت إلى أهلي، فوالله لا أنسى ذلك الموقف لها".

ومرّ بي رجل كان يعتمر مرارا ويتصدق ويدعو لرجل متوفى. فسألته عنه، فقال لي: "هذا الرجل الذي اعتمر وأتصدق عنه له معروف عليَّ في صغري.
؛ كنا فقراء، وحال الناس كذلك، فمررت بحانوت يبيع اللحم، فمددت يدي على (عصبة) كنت أظنها شحمة، وهربت بها راكضًا. فلحق بي صاحب الحانوت، وكان بيده سكين، وكنت أظنه سيضربني بها. فلقيت هذا الرجل الذي أدعو له، فضمني إليّه، وقال: 'ما لك خائف؟' فقلت: 'سرقت هذه الشحمة من صاحب اللحم هذا لأنني جائع، فلحقني بسكينه'. فأخذ مني هذه العصبة، وقال لي: 'هذه ليست شحمة يا بني، ورماها في وجه صاحب اللحم، *ووبّخه* على تصرفه الأرعن مقابل عصبة بيضاء لا لحم فيها'. ثم انصرف إلى بيته وذبح خروفًا وأعطاني من اللحم، ثم قدّد باقي اللحم لأهل بيته، وقد شبعت ذلك اليوم أنا وأهل بيتي من اللحم. فوالله لا أنسى له هذا المعروف ما بقيت".

فتعلّم أن تحسن إلى الصغار ، سواء كانوا أبناءك أو أبناء أخيك أو أبناء أختك أو أبناء أقاربك أو أبناء الجيران أو أبناء من كان. فإنك لا تدري أين ستثمر بذورك، وأي أرض خصبة سينبت فيها معروفك.
و أحسن ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ﴾ [يوسف: ٩٠]

https://t.me/mehbara