فلما وصل موسى خاطبه الله تعالى فقال: {وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ} أي ما حملك على أن تسبقهم؟
روي وقيل في تفسيرها: لما وفد إلى طورسينا بالوعد اشتاق إلى ربه، وطالت عليه المسافة من شدّة الشوق إلى الله تعالى، فضاق به الأمر حتى شقّ قميصه، ثم لم يصبر حتى خلّفهم ومضى وحده؛ فلما وقف في مقامه قال الله تبارك وتعالى: {وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ} فبقي صلى الله عليه وسلم متحيراً عن الجواب لهذه الكلمة لمّا استقبله من صدق الشوق فأعرض عن الجواب وكنى عنه بقوله: {هُمْ أُوْلاۤءِ عَلَىٰ أَثَرِي} وإنما سأله عن السبب الذي أعجله بقوله: «ما» فأخبر عن مجيئهم بالأثر. ثم قال: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ} فكنى عن ذكر الشوق وصدقه إلى ابتغاء الرضا. ذكر عبد الرزاق عن مَعْمَر عن قتادة في قوله: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ} قال: شوقاً.
القرطبي.