((مع عظيم فائدة ذلك كلّه و نفعه ،و اختصاره عليك ))
فلكلّ مَن جعل أغلبَ أو كلَّ جُهده و وقته في طلب العلم موجّها لمتابعة المشايخ المعاصرين أو طلاب العلم أو الأبحاث المعاصرة أو كتب المختصرات أو الأوراق التي يَكتبها له مُعلّمه ..أقولُ :
هذا بلا شك بابٌ من أبواب النفع ،و هو من المقدمات الجيدة للدخول في عالم طلب العلم الشرعي ،و له دَورٌ في تسهيل الدراسة
لكنّ من أعظم الغلط في التحصيل أن تصرف وقتَك أو أغلبَه لمثل هذه الوسائل
لابد أن يكون لك برنامج موازي تُعطيه الوقت و الجهد الكبير لاستقراء تُراث الأئمة المُحقّقين
فحينما تبدأ رحلة استقراء و دراسة تراث الأئمة المُحقّقين في أبواب العلوم المتنوعّة (( أبي حنيفة ،محمد بن الحسن الشيباني،مالك ،الشافعي،أحمد،البخاري،مسلم،الطبري،ابن خُزيمة،الدارقطني،ابن أبي حاتم ،الجويني،النووي،السُّبكي،ابن تيمية،ابن القيّم ،ابن رجب الحنبلي،وابن الصّلاح،ابن كثير،الذّهبي، ابن حجر،ابن هشام الأنصاري…)) و أشباههم من أهل العلم
دراسةً
متأنيةً- بعد دراسة أصول العلم و مقدّماته و قواعده من الكتب التي تصلح كبداية و توطئة لذلك التراث
و تدخل بخُطّة على كلّ كتاب تُقسّمه فِقرات ،و تستخرج مسائله و فوائده و قواعده،و منهج المؤلف في العرض و التقرير و البحث و الاستدلال و المناقشة لما يُخالفه ..و نحو ذلك و تبقى على ذلك زمنا تعيش في تلك الأجواء ،فإنّ لكلّ علمٍ لُغةً و طقسًا يُدرَك عند دراسة كتب أئمته المحققين =
ستشعر إن شاء الله بنقَلات كُبرى في حياتك السلوكيّة و العقلية و المعرفيّة ،و ستُدرك - إن شاء الله - أنّ كثيرا جدا من الأبحاث التي تنبهر بها ،و تظُّنها بلغت النهاية في التحرير و التحقيق ،
و الباحثين الذين تظنّهم مُتخصّصين مُدقّقين في الأبواب المتنوعة = أنهم عاديّون جدا ،و يأتون بما يمكن أي باحث مُجدٍّ أن يبلغ أضعافه
و أنّ المعلومات التي تسمعها بانبهار هي مبثوثة بسهولة في مظانها من تلك الكتب ،ليست ألغازا و لا من عجائب الدُّنيا السبعة !!
و ستعلم: كم ضيّعتَ من الكنوز حينما قصّرت في التعرُّف على تراث أئمة الإسلام ..
و كم خسرتَ حينما حصرتَ وقتك و جهدك في العكوف على مجموعة أبحاث و رسائل دكتوراه معاصرة لم تكن أبدا- مع ما فيها من خير و نفع - لتبلغ شيئا مما كنتَ ستغنمه من مدارسة ذاك التراث العظيم ..
وكم هي المعلومات،و المهارات ،و التزكية و الهِمّة التي كنت ستعيش معها أثناء رحلتك معهم ..
# أنا واثقٌ من ذلك جدا إن شاء الله ..
و لا يُمكن أن ينبُل في العلوم من حصر نفسه بعيدا عن تراث الأئمة المحققين مهما قرأ من المُعاصر،و مهما بلغ من الذّكاء
فهؤلاء لابدّ من العبور من طريقهم ..حتمًا