‏🅾️ الْقُرْآن تَدَبَّر وَ عَمَلْ 🅾️

﴿ قالَت إِحداهُما يا أَبَتِ استَأجِرهُ إِنَّ خَيرَ مَنِ استَأجَرتَ القَوِيُّ الأَمينُ ﴾

(استأجره) أي: اجعله أجيراً لك، (إن خير من استأجرت القوي الأمين): هذا الكلام حكمة جامعة بليغة؛ روي أن أباها قال لها: من أين عرفت قوته وأمانته؟ قالت: أما قوته ففي رفعه الحجر عن فم البئر، وأما أمانته فإنه لم ينظر إليّ .

[ التسهيل لعلوم التنزيل - ابن جزي ]

﴿ فَجاءَتهُ إِحداهُما تَمشي عَلَى استِحياءٍ قالَت إِنَّ أَبي يَدعوكَ لِيَجزِيَكَ أَجرَ ما سَقَيتَ لَنا ﴾

ولما كان الحياء كأنه مركب لها وهي متمكنة منه، مالكة لزمامه، عبر بأداة الاستعلاء، فقال: (على استحياء) أي: حياء موجود منها؛ لأنها كلفت الإتيان إلى رجل أجنبي؛ تكلمه، وتماشيه.

[ نظم الدرر - البقاعي ]

﴿ فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنّي لِما أَنزَلتَ إِلَيَّ مِن خَيرٍ فَقيرٌ ﴾

فأول ذلك الخير لنبي الله موسى - عليه السلام - إيتاء الحكمة والعلم، ومن الخير: إنجاؤه من القتل، وتربيته الكاملة في بذخة الملك وعزته، وحفظه من أن تتسرب إليه عقائد العائلة التي ربي فيها؛ فكان منتفعاً بمنافعها، مجنباً رذائلها وأضرارها. ومن الخير: أن جعل نصر قومه على يده، وأن أنجاه من القتل الثاني ظلماً، وأن هداه إلى منجى من الأرض، ويسر له التعرف ببيت نبوءة.

[ التحرير والتنوير - ابن عاشور ]

﴿ قالَ ما خَطبُكُما قالَتا لا نَسقي حَتّى يُصدِرَ الرِّعاءُ وَأَبونا شَيخٌ كَبيرٌ ﴾

(قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء): امرأتان لا نستطيع أن نزاحم الرجال، (وأبونا شيخ كبير) لا يقدر أن يمس ذلك من نفسه، ولا يسقي ماشيته، فنحن ننتظر الناس حتى إذا فرغوا أسقينا، ثم انصرفنا.

[ جامع البيان لتأويل القرآن - الطبري ]

﴿ قالَ رَبِّ بِما أَنعَمتَ عَلَيَّ فَلَن أَكونَ ظَهيرًا لِلمُجرِمينَ ﴾

الظهير: المعين، والباء سببية، والمعنى: بسبب إنعامك عليّ لا أكون ظهيراً للمجرمين؛ فهي معاهدة عاهد موسى عليها ربه.

[ التسهيل لعلوم التنزيل - ابن جزي ]

﴿ قالَ رَبِّ إِنّي ظَلَمتُ نَفسي فَاغفِر لي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ ﴾

ندم موسى- عليه السلام- على ذلك الوكز للقبطي الذي كان فيه ذهاب النفس، فحمله ندمه على الخضوع لربه، والاستغفار من ذنبه، قال قتادة: عرف والله المخرج؛ فاستغفر، ثم لم يزل صلى الله عليه وسلم يعدد ذلك على نفسه مع علمه بأنه قد غفر له، حتى أنه في القيامة يقول: إني قتلت نفسا لم أومر بقتلها، وإنما عدده على نفسه ذنبا، وقال: )ظلمت نفسي فاغفر لي ( من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر، وأيضا فإن الأنبياء يشفقون مما لا يشفق منه غيرهم.

[ الجامع لأحكام القرآن - القرطبي ]

﴿ قالَ رَبِّ إِنّي ظَلَمتُ نَفسي فَاغفِر لي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ ﴾

قال ابن تيمية : فاعترف موسى - عليه السلام - بظلمه نفسه فيما كان من جناية على غيره لم يؤمر بها ( والاعتراف بالحق صفة الأنبياء ) .
وقال ابن جزي : اعترف موسى واستغفر؛ فغفر الله له. فإن قيل : كيف استغفر من القتل وكان المقتول كافراً ؟ فالجواب : أنه لم يؤذن له من ربه في قتله، ولذلك يقول يوم القيامة : إني قتلت نفساً لم أومر بقتلها.

[ التسهيل لعلوم التنزيل - ابن جزي ]

﴿ وَدَخَلَ المَدينَةَ عَلى حينِ غَفلَةٍ مِن أَهلِها فَوَجَدَ فيها رَجُلَينِ يَقتَتِلانِ هذا مِن شيعَتِهِ وَهذا مِن عَدُوِّهِ فَاستَغاثَهُ الَّذي مِن شيعَتِهِ عَلَى الَّذي مِن عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ موسى فَقَضى عَلَيهِ قالَ هذا مِن عَمَلِ الشَّيطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبينٌ ﴾

(فقضى عليه) معناه: قتله مجهزا، وكان موسى- عليه السلام- لم يرد قتل القبطي، لكن وافقت وكزته الأجل وكان عنها موته فندم، ورأى أن ذلك من نزغ الشيطان في يده، وأن الغضب الذي اقترنت به تلك الوكزة كان من الشيطان ومن همزه، ونص نبي الله موسى - عليه السلام- على ذلك، وبهذا الوجه جعله من عمله، وكان فضل قوة موسى ربما أفرط في وقت غضبه بأكثر مما يقصد.

[ المحرر الوجيز - ابن عطية ]

﴿ قالَ هذا مِن عَمَلِ الشَّيطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبينٌ ﴾

في هذا دليل على أن الأصل في النفس الإنسانية هو الخير، وأنه الفطرة، وأن الانحراف عنها يحتاج إلى سبب غير فطري؛ وهو تخلل نزغ الشيطان في النفس البشرية .

[ التحرير والتنوير - ابن عاشور ]

﴿ وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاستَوى آتَيناهُ حُكمًا وَعِلمًا وَكَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ ﴾

(وكذلك نجزي المحسنين) : دلَّت الآية على عظيم جزاء الإحسان، في عبادة الله، المحسنين لخلق الله؛ نعطيهم علماً وحكماً بحسب إحسانهم، ودلَّ هذا على كمال إحسان موسى عليه السلام.

[ تيسير الكريم الرحمن - السعدي ]

﴿ وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاستَوى آتَيناهُ حُكمًا وَعِلمًا وَكَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ ﴾

(وكذلك نجزي المحسنين): دلَّت الآية على عظيم جزاء الإحسان، في عبادة الله، المحسنين لخلق الله؛ نعطيهم علماً وحكماً بحسب إحسانهم، ودلَّ هذا على كمال إحسان موسى عليه السلام.

[ تيسير الكريم الرحمن - السعدي ]

﴿ وَأَصبَحَ فُؤادُ أُمِّ موسى فارِغًا إِن كادَت لَتُبدي بِهِ لَولا أَن رَبَطنا عَلى قَلبِها لِتَكونَ مِنَ المُؤمِنينَ ﴾

قيل: كان فؤاد أم موسى فارغا من كل شيء إلا من ذكر ابنها موسى.( وفيه دلالة على أن حب الأم لأولادها عظيم جداً ) .

‏[ الجامع لتفسير الإمام - ابن تيمية ]

﴿ وَقالَتِ امرَأَتُ فِرعَونَ قُرَّتُ عَينٍ لي وَلَكَ لا تَقتُلوهُ عَسى أَن يَنفَعَنا أَو نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُم لا يَشعُرونَ ﴾

وجود الصالحين من بين المفسدين يخفف من لأواء فساد المفسدين؛ فإن وجود امرأة فرعون كان سبباً في صد فرعون عن قتل الطفل؛ مع أنه تحقق أنه إسرائيلي.

[ التحرير والتنوير - ابن عاشور ]

﴿ وَأَصبَحَ فُؤادُ أُمِّ موسى فارِغًا إِن كادَت لَتُبدي بِهِ لَولا أَن رَبَطنا عَلى قَلبِها لِتَكونَ مِنَ المُؤمِنينَ ﴾

فإن العبد إذا أصابته مصيبة فصبر وثبت ازداد بذلك إيمانه، ودل ذلك على أن استمرار الجزع مع العبد دليل على ضعف إيمانه.

[ تيسير الكريم الرحمن - السعدي ]

﴿ عَسى أَن يَنفَعَنا أَو نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾

فقَدَّر الله تعالى أنه نفع امرأة فرعون التي قالت تلك المقالة؛ فإنه لما صار قرة عين لها، وأحبته حباً شديداً، فلم يزل لها بمنْزلة الولد الشفيق حتى كبر، ونبأه الله وأرسله، فبادرت إلى الإسلام والإيمان به، رضي الله عنها وأرضاها.

[ تيسير الكريم الرحمن - السعدي ]