Последние посты سقراط - أفلاطون - أرسطو (@socrates_plato_aristotle) в Telegram

Посты канала سقراط - أفلاطون - أرسطو

سقراط - أفلاطون - أرسطو
أعظم فلاسفة التاريخ:

سقراط: المعلم الأكبر والفيلسوف الذي غير وجه العالم.

أفلاطون: تلميذ سقراط وصاحب أعظم المؤلفات والمجادلات والمحاورات.

أرسطو: تلميذ أفلاطون ومعلم الإمبراطور الإسكندر الأكبر وهو مؤسس علم المنطق والعلوم السياسية والأخلاقية إلخ..
14,915 подписчиков
9 фото
3 видео
Последнее обновление 09.03.2025 01:13

Последний контент, опубликованный в سقراط - أفلاطون - أرسطو на Telegram

سقراط - أفلاطون - أرسطو

11 Sep, 12:19

11,190

وقد بدأ بهذه العودة إلى أثينا المرحلة الثالثة والأخيرة من حياته، لزم فيها أثينا لم يغادرها قط، اللهم إلا رحلتين قصيرتين اضْطُرَّ إليهما اضطرارًا سنحدثك عنهما بعد حين، وفي هذه المرحلة الثالثة كان أفلاطون معلمًا وفيلسوفًا، خصص نفسه للتفكير والتعليم، وانتحى مكانًا هادئا بعيدًا عن جلبة المدينة وضجيجها، هو أحد الملاعب الأثينية، يقع قريبًا من المدينة في شمالها الغربي، وكان يُسمى باسم أحد الأبطال القدماء هو أكاديمس، فأطلق على الملعب اسم أكاديمي أو أكاديمية،١ وهنا ألقى الفيلسوف عصاه، والتف حوله طائفة من التلاميذ أخذ يعلمهم الحكمة، وظل بقية حياته — وهو ما يقرب من أربعين عامًا — يشتغل بالفلسفة والتعليم، وكتابة آياته الفنية الرائعة، وقد سلك في حياته أسلوبًا يناقض طريقة أستاذه سقراط، فهما يتفقان في نقطة واحدة هي التعليم بالمجان، ثم يفترقان بعد ذلك في كل طرائق العيش، فبينما كان سقراط يجول في الطرقات والأزقة يلتمس فيها الحكمة، ويناقش في ساحة السوق وأمام الحوانيت كل من أراد مناقشته، كائنًا من كان، كان أفلاطون يلتزم مكانًا معينًا منعزلًا هادئًا، لا يحاور إلا من جاء يسعى إليه من تلاميذه المخلصين، ولعل ذلك كان خيرًا لتقدم الفلسفة تقدمًا فسيحًا، وهل تظن أن فلسفة عميقة شاملة منظمة كانت تستطيع بذورها أن تنبت في مثل هذه الحياة التي اتبعها سقراط، لا يدور فيها الحوار حول فكرة معينة، بل تتشعب أطرافه، وتُبَعْثِر وحدتَه الأسئلةُ العرضية؟ كلا بل لا بُدَّ للفلسفة إذا أرادت أن تنشئ نظامًا تشتمل دائرته على أطراف العالم، من دراسة عميقة متصلة تجري في هدوء ساكن منعزل كالتي ظفر بها أفلاطون بين جدران مدرسته، والتي خلد إليها أربعين عامًا كاملة، تخللتها رحلتان قصيرتان إلى صقلية، حين أرسل في دعوته ديونيسيوس الصغير، الذي تقلد منصب الحكم في سرقوسا بعد موت أبيه، دعاه لكي يطبق على دولته ما كان يحلم به من نظام الدولة المثلى، وأول شرط لتلك الدولة هو أن تُوضع مقاليد الحكم في أيدي الفلاسفة، فهم وحدهم قادرون بحكمتهم أن يسيروا بالدولة في صراط مستقيم لا عوج فيه ولا اضطراب، ولا خير في دولة لا يكون حاكمها فيلسوفًا، فأراد هذا الملك الناشئ أن يحقق لأفلاطون هذا الشرط فيأخذ عنه الفلسفة، ليضيف إلى شخصيته الحاكمة شخصية الفيلسوف، فقبل أفلاطون تلك الدعوة مغتبطًا بما أُتيح له من فرصة نادرة، يستطيع فيها أن يطبق نظريته تطبيقًا عمليًّا، وهو ما لم يكن يستطيعه في بلاد اليونان نفسها، ولكن ذلك الملك الشاب لم يلبث أن ضاق ذرعًا بالفيلسوف وتعاليمه، وكاد يبطش به لولا أنه أسرع بالعودة إلى أثينا، ولم يمضِ على ذلك أعوام قلائل حتى عاد فدعاه مرة ثانية، وقبل أفلاطون الدعوة كذلك؛ لأنه راغب أشد الرغبة في تحقيق رأيه في الدولة، ولكن هذه الرحلة لم تكن بأحسن حالًا من سابقتها، فقد سئم ديونيسيوس الصغير دراسة الفلسفة، وفسد ما بينه وبين أفلاطون، وهم بأن يناله بالتعذيب، لولا أن جماعة ممن ينتسبون إلى المدرسة الفيثاغورية مهدوا له سبيل الفرار فعاد إلى أثينا، وكان قد بلغ عامه السبعين، ولبث في أثينا يدبر شئون الأكاديمية، ولا يحاول أن يتصل بالسياسة العملية مطلقًا حتى وافاه الموت وعمره قد نيف بسنتَيْن على الثمانين.
أما كتب أفلاطون فقد صاغها في أسلوب الحوار، واتخذ من سقراط بطلًا للكثير الغالب من تلك المناقشات المكتوبة، فيجري على لسانه ما يريد أن يقوله هو من فلسفة مضافة إلى فلسفة سقراط نفسه، وبذلك امتزجت آراء سقراط بآراء أفلاطون؛ حتى لا تستطيع أن تميز بينهما في كثير من المواضع، ولم يكن أفلاطون في كتابته فيلسوفًا فقط بل كان كذلك أديبًا فنانًا، فحواره مملوء حياة بما أودع من خيال حسن وفكاهة لطيفة، وقص حوادث وإدخال أشخاص ذوي شخصيات مختلفة يمثلون أدوارهم تمثيلًا دقيقًا.

وأظهر شيء في أسلوب أفلاطون أنه أسلوب خيالي، فهو لا يشرح فكره بوضوح وبطريقة علمية مباشرة، ولكن يشرحه من طريق الاستعارات والأساطير والقصص، وهي طريقة جميلة في كثير من الأحيان ولكنها مربكة، فكثيرًا ما يتردد الباحث هل هو يريد المعنى الحقيقي لكلامه، أو هو قد أتى به على طريق الاستعارة، وأنه يرمي إلى معنًى آخر، وقد جاء هذا من قِبَل أنه فيلسوف شاعر، أو فيلسوف وأديب معًا، واجتماع الفلسفة والشاعرية خطر؛ لأن غرض الفلسفة فهم الحقيقة وشرحها من الطريق العلمي، وغرض الشاعرية مجرد شعورك بالحقيقة ووصف إحساسك بها بعرض صور واستعارات ومجازات وما إليها، فإذا كان الإنسان فيلسوفًا شاعرًا فهناك الخوف من أنه لا يعمد إلى الحقيقة الخارجية فيشرحها بل يعمد إلى شعوره بها فيشرحه على الطريقة الشعرية، فكان أفلاطون بديعًا في مزج الشعر بالفلسفة فخرج قوله حكيمًا جميلًا، ولكنك لا تدري في كثير من الأحيان أين هو حكيم وأين هو جميل؟ ثم لا تعرف أحكمة هو فتركن إلى ظاهر لفظه، أو خيال وشعر فتحاول أن تتبين ما يرمي إليه.

2
سقراط - أفلاطون - أرسطو

11 Sep, 12:19

10,905

أفلاطون.

لم يشهد التاريخ فيلسوفًا قبل أفلاطون أنشأ فلسفة جامعة ونظامًا شاملًا لنواحي الفكر وجوانب الحقيقة؛ إذ كان كل من سبقه ضيق الأفق محدود النظر، إذا تناول بالبحث جانبًا فاتته الجوانب الأخرى؛ ولذا لم تَعْدُ الفلسفة قبل أفلاطون أن تكون مجموعة من آراء متناثرة ونظريات وملاحظات، لم تتسع بحيث تشمل الكون بأسره، ثم أتى أفلاطون فأجال البصر فيما أنتج الفكر من قبله، وأخذ خير ما عند الفيثاغوريين والإيليين، وأحسن ما أنتجه هرقليطس وسقراط، وهكذا قطف أجمل أزهارهم، ثم نسقها جميعًا في طاقة جميلة منسجمة، قدمها للعالم فلسفة جديدة من خَلْقه وإنشائه، فلم يكن حاصدًا لإنتاج غيره وكفى، بل جمع شتى العناصر، وسلط عليها أشعة من ذهنه الجبار فانصهرت كلها في مبدأ جديد أنشأه إنشاءً وابتكره ابتكارًا، ثم اتخذه نواة يبدأ منها السير وأساسًا يقيم عليه البناء.

لا يعرف التاريخ على وجه الدقة متى وُلد أفلاطون، ويُرَجَّح أن يكون ذلك بين سنتي ٤٢٩–٤٢٧ق.م، وهو سليل أسرة أرستقراطية في أثينا قد تحدرت إليه منهم ثروة عريضة أفسحت له من الفراغ ما يتطلبه الاشتغال بالفلسفة.

ولسنا نعلم من أحداث طفولته إلا قليلًا، أما شبابه فقد شهد انقلابًا خطيرًا في أثينا كان له في أفلاطون أثر عميق، فقد نشبت حرب «بيلوبونيسا» بين أثينا وأسبرطة في نحو العصر الذي وُلد فيه أفلاطون، ودارت رحاها في أرجاء اليونان جميعًا، بل قد جاوزت حدود اليونان حتى شملت الفرس، ولبثت مضطرمة أكثر من ربع قرن، وانتهت بعد أن زعزعت دعائم القوة السياسية في أثينا، ولم يعد يُحسب لها حساب أو يُخشى لها بأس، واضطربت خلال أعوام الحرب أمورها الداخلية والخارجية، واختل فيها كل شيء، وزاد الطين بلة أن خطت فيها الديمقراطية إلى أبعد حدود التطرف، فأمسك الدهماء بزمام الأمر، ولما أن فسدت أثينا وتضعضت قواها في الحرب القائمة ساء الظن بنظام الحكم الديمقراطي، ولم تكد تضع الحرب أوزارها حتى وثبت الطبقة الأرستقراطية إلى مناصب الحكم، وأصبح الأمر في يد ثلاثين من الجبابرة الطغاة، وبينهم كثير من أقرباء أفلاطون، فأرادوا أن يطهروا البلاد من فوضى الديمقراطية وعبثها، ولكنهم لم يفلحوا فيما قصدوا إليه من إصلاح، فدعاهم الفشل إلى الإمعان في الظلم والقسوة، وضربوا بأيدٍ حديدية على رءوس الشعب، حتى خَيَّمَ على البلد عهد إرهاب مخيف سادت فيه إراقة الدماء بغير حساب … عهدان من الفوضى متلاحقان، فلا الديمقراطية استطاعت أن تسلك بالدولة سبيلًا سويًّا، ولا الأرستقراطية أمكنها أن تعيد للبلاد نظامها المفقود، وشهد أفلاطون في أعوام شبابه ذينك العهدَيْن، فنقم على الديمقراطية لفشلها من جهة، ولأرستقراطيته من جهة أخرى، ونفر من الأرستقراطية لهذا الرعب الذي ألقته في النفوس، ولعجزها عن أداء ما أخذت نفسها به، فطرح السياسة جانبًا لا يضرب فيها بسهم، واعتزل ينظم الشعر، فأنشأ منه كثيرًا من القصائد والقصص، ثم أحرقها كلها حين اتصل بأستاذه سقراط في سن العشرين، وكان يقوم بأمر تربيته معلم أثيني يُدعى كرتيلوس Cratylus كان يشايع هرقليطس في فلسفته، فلقنها تلميذه من غير شك، ولبث مع معلمه هذا حتى اتصل بسقراط، فأصبح صديقًا له وتلميذًا مخلصًا أمينًا، لازمه في الأعوام الثمانية الأخيرة من حياته، فكانت لتعاليمه وأسلوبه في الحياة أكبر الأثر في أفلاطون، وصار معينه الذي يستقي منه التفكير، ولم يزل أفلاطون معجبًا بأستاذه أشد إعجاب، حتى إنه في أخريات أيامه كتب عن سقراط في حواره، فقدم عنه للعالم صورًا قوية خالدة.
مات سقراط فطوى أفلاطون المرحلة الأولى من مراحل حياته، وهي التي قضاها في أثينا تلميذًا، وبدأ مرحلة ثانية ملأها بالرحلة والسفر، فرحل إلى ميغارا حيث التقى بصديقه وزميله إقليدس الميغاري، وهو يؤسس مدرسته التي قامت على أساس يجمع بين الفلسفة السقراطية وفلسفة المدرسة الإيلية، ولا بد أن يكون أفلاطون قد درس عن صديقه فلسفة بارمنيدس دراسة دقيقة، ثم ترك ميغارا وقصد إلى قورينا فمصر فإيطاليا وصقلية حيث اتصل في إيطاليا بالفيثاغوريين وأخذ عنهم ما كانوا يذيعون من تعاليم، أما في صقلية فقد التحق ببلاط الملك ديونيسيوس Dionysius الكبير ملك سرقوسا، وكان طاغية يحكم بلده حكم ظلم وإرهاب، فلم يكد يقف على تعاليم أفلاطون الأخلاقية، ومناقشاته الفلسفية التي كان يذيعها في صحبه حتى ثارت منه ثائرة الغضب، ومثل به أشنع تمثيل، فعرضه في سوق الرقيق لكي يُباع علنًا بطريقة المزاد، وأوشك أفلاطون أن يقع في الرق لولا أن افتداه رجل من رجال المدرسة القورينائية يُدعى أنيسريس Anniceris، وعاد إلى أثينا بعد سنوات عشر أنفقها في الأسفار.

1
سقراط - أفلاطون - أرسطو

09 Sep, 16:36

12,531

🔘أفلاطون!
من هو ما هي أبرز أفكاره الفلسفية
ولماذا يُعد من أبرز فلاسفة عصره بل وكل التاريخ.
سقراط - أفلاطون - أرسطو

09 Aug, 07:07

15,946

https://t.me/audiobooking1
سقراط - أفلاطون - أرسطو

16 Feb, 18:35

24,545

للتواصل معي لأي استفسار أو إضافة..

🔘 @dan_mh
سقراط - أفلاطون - أرسطو

16 Feb, 18:24

14,674

الرغم من أنَّ نظرية المعرفة كانت أبقى وأعمق أثرًا في مجرى تاريخ الفلسفة من نظرية الأخلاق، إلا أن الوضع قد انعكس في أعين تلاميذ سقراط؛ لأنهم — وقد خالطوا أستاذهم — بهرتهم حياته الأخلاقية، واستولت على إعجابهم حتى أنستهم جوانب فلسفته الأخرى، فتأثروا خطاه بعد مماته، وحاولوا جهدهم أن ينسجوا حياتهم الأخلاقية على منوال حياته، فاتخذوا مثله الأعلى شعارًا لهم، وهو أن الفضيلة غاية الحياة.

أجمع أتباع سقراط على هذا المبدأ، واتفقوا جميعًا على أن تكون الفضيلة غرضًا لحياتهم كما كانت غرضًا لحياة أستاذهم، ولكنهم التمسوا إلى تلك الغاية وسائل شتى؛ ذلك لأنهم اختلفوا في تفسير الفضيلة، فلم يترك لهم سقراط تعريفًا واضحًا لها، يرجعون إليه ليطبعوا سلوكهم بطابعه، وكل ما قاله في هذا الصدد أن الفضيلة يجب أن تنبع من العلم وأن تقوم على أساسه، فيشترط لكي تكون فاضلًا أن تكون عالمًا بتعريفها، أما ما هذا التعريف فذلك ما لم يتعرض له سقراط، قد يُقال إنه عرفها بأنها العلم، وهذا صحيح، ولكن أي علم قصد إليه سقراط؟ أهو علم الفلك أو علوم الطبيعة والرياضة؟ كلا، إنما هو علم الأخلاق، أو بعبارة أخرى علم الفضيلة، فكأنما هو يدور في حلقة مفرغة تبدأ من حيث تنتهي؛ لأنك إذا قلت إن الفضيلة هي علم الفضيلة لم توضح منها شيئًا.

إذن لم يترك سقراط تعريفًا للفضيلة، فكان تعريفها موضع الخلاف بين أتباعه، وانقسموا في تفسيرها شيعًا ثلاثًا، كل منها تذهب مذهبًا يلائم وجهة نظرها، وكل منها تجد من سلوك سقراط مبررًا لسلوكها، وهذه المدارس الثلاث هي: الكلبيون، والقورينائيون، والميغاريون.

14
سقراط - أفلاطون - أرسطو

13 Feb, 16:07

16,264

https://t.me/MahmoudDarwish_1941
سقراط - أفلاطون - أرسطو

09 Feb, 07:41

13,283

.
سقراط - أفلاطون - أرسطو

06 Jan, 17:59

14,676

وقد ظهر في أثينا رجل آخر يريد إصلاح ما أفسده السوفسطائيون كما فعل سقراط، ولكنه التمس طريقًا أخرى تناقض السبيل التي سلكها سقراط، وذلك هو «أرستوفان» الذي كان محافظًا شديد المحافظة والجمود، يتحسر على الماضي الجميل، ويود لو عادت الحياة سيرتها الأولى كما كانت قبل السوفسطائيين، وما دامت هذه السيئات كلها من أثر الفكر فليتوقف الفكر عند حده لا يُسمَح له بالتقدم، ليعود الناس إلى الإيمان الساذج البسيط، غير عالِمٍ أن الحياة لا تعود إلى الوراء كما يستحيل أن يسترد الرجل طفولته، فتلك نكسة لا يعرفها منطق السير والتطور، وليس علاج المرض كما اقترح أرستوفان في صد تيار الفكر، بل هو في الزيادة فيه ما دام الفكر المبتور الناقص ضارًّا لا ينفع، وتلك كانت سبيل سقراط إلى الإصلاح المنشود.

12
سقراط - أفلاطون - أرسطو

06 Jan, 17:57

14,298

ومهما يكن من أمر هذا الخطأ في رأي سقراط، فهو لا يخلو من حق كثير، فكثير من الناس في كثير من أوقاتهم يصدر عنهم الشر؛ لأنهم لا يعتقدون اعتقادًا جازمًا بالخير، وهم يتشدقون بأقوال لا تعدو ألسنتهم، ولا تنبعث عن قلوبهم، فنرى كثيرين يحقرون شأن الدنيا، ويقولون إن غنى النفس خير من غنى المال، فإذا ما اضطربوا في حياتهم العملية انطلقوا يلتمسون المال من مآتيه كلها، فهل من الحق أن نقول إنهم يعلمون الخير ولا يعملون به؟ أم أقرب إلى الصواب أن نقول إنهم لم يعتقدوا اعتقادًا جازمًا ما كانوا يلوكونه من أقوال، وإن عقيدتهم في الواقع هي هذه التي تظهر في أعمالهم؟ نحسب أن هذا الوضع الثاني أدنى إلى الصواب وهو ما ظنه سقراط.

وقد نشأ عن نظرية سقراط في الأخلاق نتيجتان؛ الأولى: أنَّ الفضيلة يمكن أن تُعلَّم وإن كانت ليست يسيرة في تعلمها كما هو الحال في الحساب مثلًا؛ لأنَّها تعتمد على عدة عوامل أخرى كالوراثة، وأثر البيئة، والتربية، والتجربة وغيرها.

ولكن إذا كانت المعرفة مُمكِنة التعلم وجب أن تكون الفضيلة كذلك، وأهم عقبة تحول دون معرفة الفضيلة هي صعوبة أن تجد معلمًا يعرف معناها، والنتيجة الثانية: هي أنَّ الفضيلة واحدة وهي المعرفة، وإن شئت فسمها الحكمة، وليس غيرها من الفضائل كالشجاعة والعفة والعدل إلا مظهرًا من مظاهرها وصادرة عنها.

يتضح مما سبق أنَّ فلسفة سُقراط تدور حول مركزين: نظرية المعرفة التي تحصر العلم في الإدراكات العقلية والمعاني الجزئية، ونظرية الأخلاق التي توحد بين الفضيلة والعلم، والأولى أبعد خطرًا، وأعمق أثرًا في مجرى تاريخ الفلسفة، فقد أحدثت انقلابًا في الفلسفة أقرب إلى الثورة منه إلى التطور البطيء، فهي المعين الذي استقى منه فيما بعد أفلاطون فأرسطو، وهي الأساس الذي نشأت عليه كل المذاهب العقلية المثالية Idealism.
وعلى الرغم من أن سقراط قد أصلح بنظرية المعرفة كل ما أفسده السوفسطائيون فرد إلى الناس إيمانًا بالحقائق الخارجية بعد ما اعتراهم الشك فيها، فلم يعد بالفكر إلى حالته قبل السوفسطائيين بل سار به خطوة واسعة إلى الأمام، فالفكر يجتاز في سيره — عادة — مراحل ثلاثًا؛ الأولى: مرحلة العقيدة التي لا تقوم على أساس من العقل، والثانية: مرحلة يكون الفكر فيها شاكًّا هادمًا ينكر ما بنته العقيدة في المرحلة الأولى، وفي الثالثة: تعود العقيدة بعد الشك مرة ثانية، ولكنها تقوم هذه المرة على أساس الإدراك العقلي لا على التصديق الساذج، فقد كان الناس قبل عهد السوفسطائيين يسلمون بصحة الحقائق والأخلاق وثبوتها مستقلة عن الإنسان، ولكن أحدًا لم يُعْنَ بإقامة الدليل عليها؛ لأن أحدًا لم يشك في صحتها، فجاء السوفسطائيون وأخضعوا العقائد القديمة إلى نقد العقل، فانهار البناء جملة واحدة، ثم تبعهم سقراط وأعاد الأمر إلى نصابه ولكن على أساس جديد، فقد استبدل بالتصديق الساذج العلم والمعرفة

11