شاطئ الرغد

صوْمٌ وغيْم..

عن عائشة رضي الله عنها قالَتْ: كانَ النبي صلى الله عليه وسلم إذَا رَأَى غَيْمًا أوْ رِيحًا عُرِفَ في وجْهِهِ،
قالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ النَّاسَ إذَا رَأَوْا الغَيْمَ فَرِحُوا رَجَاءَ أنْ يَكونَ فيه المَطَرُ، وأَرَاكَ إذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَ في وجْهِكَ الكَرَاهيةُ؟!
فَقالَ: "يا عَائِشَةُ، ما يُؤْمِنِّي أنْ يَكونَ فيه عَذَابٌ؟ عُذِّبَ قَوْمٌ بالرِّيحِ، وقدْ رَأَى قَوْمٌ العَذَابَ، فَقالوا: هذا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا".
رواه البخاري

فالحمدلله الذي رزقنا مع الغيم رحمة وفرحة.. فمُطرنا بوابل طيّب..
…

شعور في تأمّل الشمس المتخفية خلف ستار غمامة سكبتْ على أرضنا وقلوبنا حكايات السعادة:

أطلّتْ صباحًا تُغِبُّ النّظَرْ:
"أنا الشمسُ.. هل شوقُكمْ لي ظَهرْ؟

أُوافي بثوبٍ رحيمٍ كريمٍ
من الغيمِ يجلو الصّدا والضّجَرْ"

تُغنّي شُعاعًا دفيئًا بحُسنٍ
تزَيَّا بياضًا بعزْفِ المطَرْ

تبدّى بحبٍّ حديثُ الوصالِ
بقطْرِ الجمال حنونِ الأثَرْ

قلوبٌ عِطاشٌ وأرضٌ يباسٌ
بشوقٍ تشظّتْ.. غدَتْ تعتصِرْ

فأسكر كسْرُ المواجع روحًا
فإذ بالسّقاء طبيبًا حضَر


كأنّ السعادة بالقطْرِ ألقَتْ
بنقْطٍ على الحرْفِ كي ينبَهِرْ

تَرَوّتْ عروق الحياةِ حياةً
رواءً نقاءً يجُمُّ البصَرْ


سقانا الكريمُ مع الصومِ غيثًا
يَسِحُّ يُحِسُّ بضعفٍ كسَرْ

وكُنّا رضِينا بما قد لقِينا
وتوْقًا بكيْنا لأنّا بشَرْ

أتانا هلالٌ مع الغيثِ بُشرى
سخيًّا عطوفًا بدمعٍ همَرْ

#شعر

https://t.me/Sha6eAlraghad

الشِّقُّ الحائر الثمين..

اعتدتُ في أول أيام الشهر بُعيْد وقت الإفطار وبعد الريّ وبلّ الريق أن أجد أمام صغاري شقّ تمرةٍ حائر، يتقلب حياء الإفصاح بين إصبعين تارة يبحث له عن مخرج، حتى يأخذ موضعه الأخير على الطبق استغناء عنه..
هذا الشقّ المجزوء الذي ظلمناه عندما شبعنا كافٍ لإحياء نفس، وإنقاذ روح، فكيف ومِن إخواننا المسلمين من يبحث عن ما يسدّ جوعة يومه فضلًا عن مرحلة الشبع!
فتحضر أمامي"لو" في الحديث الصحيح:
قام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: ( اتَّقوا النَّارَ ) ثمَّ أعرَض وأشاح حتَّى رأَيْنا أنَّه يراها ثمَّ قال: ( اتَّقوا النَّار ولو بشِقِّ تمرةٍ فإنْ لم تجِدوا فبكلمةٍ طيِّبةٍ )
هذه النخلة العظيمة التي شُبّه بها المؤمن، يكفي منها حتى شق التمرة، فإن لم يجد ففي لسانه الطيب كلمة توازي طيبه يتقي بها النار.

هذه الأجزاء المستصغرة: "شق تمرة"/ "كلمة طيبة" أحدها يحيي بدنًا ، والآخر يحيي نفسًا تكون سببًا في اتقائك النار،
بل تأمّل أن حروفًا طيبة تخرج سخية من بين شفتيك تكون بديلًا عن إنفاق يديك إن لم تجد.

يالهذا التيسير النبوي على أفهام الناس، وحثهم على عدم الاستهانة بقليل ما يبذلون أمان هيبة ما سيلقون !
تتجلى بلاغة أدائه صلى الله عليه وسلم بالوجه في خطبه كما روي عنه:
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه الوحي أو وعظ قلت: نذيرُ قوم أتاهم العذابُ؛ فإذا ذهب عنه ذلك رأيتُه أطلَقَ الناسِ وجهًا، وأكثرَهم ضحكًا، وأحسنَهم بِشْرًا - صلى الله عليه وسلم -.

فمن هول النار وذكرها ومشهدها العظيم أعرض وأشاح بوجهه ، وفي رواية أنّ هذا حدث ثلاثاً ، وكان معه تكرار "اتقوا النار" ، حتى ظنّ الصحابة أنه يراها.
وجاء في معاني الإعراض والشيْح: تنحية الرأس ثم الإقبال على المخاطب بالجد والحذر، وقيل في معناه: صرَف وجهه كالخائف أن يناله.
فمع هذا الهول وتصوير فظاعته بحركة الرأس المتكررة وتكرار القول؛ جاء تيسير الوقاية جدًّا، وبأجزاء في متناولنا وتكثر عندنا وتتناثر منّا ويستهين بها العباد، مما يدفعنا إلى مزيد تفكر في حجم الهدر الذي قد يُهمَل فيه حق التقوى مع مهابة المقام الوارد في رواية أخرى: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَسَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَلَا يَرَى شَيْئًا قُدَّامَهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ»-صحيح الجامع-.

كم من شق تمرة استخُفّ به!
وكم من هللة استحيَ منها!
وكم كلمة طيبة زُهد فيها!


#خاطرة
#وقفة_نبوية

https://t.me/Sha6eAlraghad

"مساء الجلال"

سماءٌ تلبِسُ الإجلالْ
تُهدي ليلَنا سِحرَهْ

مساءٌ يعتليه هلالْ
عبّقَ في المدى عِطرَهْ

عسى تتباركُ الأعمالْ
كلُّ يرتقي أجرَهْ

نساءٌ ترسم الآصالْ
بالأطباقٍ للأُسرَةْ

مساجِدُ تزدهي برجالْ
صوتٌ طاهرُ النبرَةْ

قلوبٌ صومُها قد طالْ
تنظُرُ لذّة التمرَةْ

أكفٌّ ترفع الآمالْ
تذكرُ ساعة العُسرةْ

إلهي واسع الأفضالْ
في أنفاسنا جمرَةْ

وأنتَ الواحد المتعالْ
ماقدروا له قدرَه!

إليكَ نحبّرُ الأقوالْ
نُسلِم للدّعا أمرَه

غدًا سيعاجِلُ الشوّال
واهًا لو حكى بِشرَه!

#شعر
#نشيد

https://m.youtube.com/watch?v=BRgp7pDOeIQ

ترقُّبٌ خافق لولادة الهلال
بقلوب مقبِلة عجلى والهة..
بنفوس مهترئة من شدائد السنة..
بزادٍ قليل يوشك على النفاد..
بأيامٍ مبتلّة بالشوق إليه..
نستشعر الدنيا التي تتزين لأجله..
والكون الذي يتهيّأ لمقدمه؛ فتفتح أبواب الجنة وتُغلق أبواب النار..
نصل
إلى بوابة رمضان
معفّري الجباه
فتحنا أكفّنا لتُغمر من نفحاته..
أعددنا له هِمَمًا ترجو ما عند الله،
خالية اليوم من كل مطلب دون الطمع برضاه،
نجلس على شرفات الشمس، نعدُّ الثلاثين صباحًا؛
أرواحٌ تُرسل كل يومٍ دلوها لترجع مترعةً من جمال الوحي تصبّ من الطهر حتى تصل راجية التزكية التي أرادها الله منّا :
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة - ١۸٣]

نودّ..
أن نتخرّج من مدرسة الشهر ونحن لله أتقى، و مع الناس أنقى..
أن يقدُم صباح العيد فنستشعر التهنئة "تقبل الله"؛ أن يتقبل صيامنا وقيامنا موفقًا على تمام الاحتساب للعلي الجبّار.
أن نتزوّد لنجمّل المنزل الأبديِّ ونتخفف من صبّ اجتهادنا المركَّز على العمار للمنزل المؤقت.


الشرف عند استقبال رمضان أن تعدّد فيه النوايا لتكون الأعمال كلها عبادة، وليست أي عبادة بل الوصول إلى درجة الإحسان فيها "أن تعبد الله كأنك تراه"، أن نصلّي على هذا التصوّر، ونصوم ونحن نستشعره، ونعامل الناس عليه،
أن ندخل دورة مكثّفة ثلاثين يومًا للوصول للدرجة العالية من الإحسان، فنبلغ القرب والمعية الخاصة "إنّ الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون"، "إن رحمة الله قريبٌ من المحسنين".

وحال السلف مع القرآن في رمضان تدلّ على أنه أولوية على كل الأعمال بإطلاق، وأنّ عليه مدار ترميم الروح، وأنه وحده مشروع الشهر إذ هو "شهر القرآن"؛
فكان أحدهم يختم كل ليلة وورد عن بعضهم كل ثلاث وغير ذلك مما قلّ أو كثُر، قال ابن رجب معقّبًا: (وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث؛ على المداومة على ذلك، -أن يعيش عمره كله يقرأ القرآن في أقل من ثلاث- فأما في الأوقات المفضلة؛ كشهر رمضان، خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة؛ كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن؛ اغتناما للزمان والمكان، وهذا قول -الإمام- أحمد وإسحاق وغيرهما من الأمة، وعليه يدل عمل غيرهم).

💌 أنصحكم جدًّا
بألّا تفوّتوا دروس الشيخ البليغ المفوّه تبارك الله الدكتور حسن بخاري في معاني الصيام؛ ستجدون الدرس عقب الدرس ينتهي دون شعور، أثناء القيادة، وفي إعداد الطعام، وما أكثر أوقات العمل، واغتنام الأعمال ومزجها بالسماع جنّة ..
لقد رأيت فيها نعم الزاد العام الماضي، مع جمال الأسلوب وبلاغة المنطق وانسيابية الحديث الطلْق تبارك الله:
https://m.youtube.com/watch?v=EsVsTLfGFyQ

#خاطرة

https://t.me/Sha6eAlraghad