شاطئ الرغد @sha6ealraghad Channel on Telegram

شاطئ الرغد

@sha6ealraghad


مساحةٌ أرجو بها خيرًا، وأرى في الكلمة رسالة وآمالاً..
كلّ أسبوع يرسو هنا قاربي: قصائد، وخواطر، و وقفاتٌ قرآنية/ نبوية.
أبث حبر قلمي وأشارك الفِكر والفائدة.

رغدة أبوبكر كردي

شاطئ الرغد (Arabic)

شاطئ الرغد هو قناة تليجرام تقدم مساحة للخير والأمل، حيث تقدم القصائد والخواطر والوقفات القرآنية والنبوية كل أسبوع. تدير القناة رغدة أبوبكر كردي، التي تبث حبر قلمها وتشارك الفكر والفائدة مع متابعيها. إذا كنت تبحث عن جرعة من الإلهام والتأمل، فإن شاطئ الرغد هو المكان المناسب لك. انضم إلى هذه القناة لتستمتع بمحتوى ثقافي وروحاني يثري حياتك ويملأ قلبك بالسلام والإيجابية.

شاطئ الرغد

16 Jan, 07:18


صباح الخير والأفراحْ
صباح النور للأرواحْ

صباح النصر يا جرحًا
نسينا في دماه جِراحْ

صباح العزّ نرقبه
لغزةَ بعد طول كفاحْ

تعالوا نسكب البشرى
نديرُ قلوبنا أقداحْ
.
.
صباحُ أُمَيْمةٍ تطهو
بثغرٍ باسمٍ مُرتاحْ

صباح صبيةٍ تلهو
بلا قصفٍ لحُلوِ مِراحْ

صباح ملامحٍ تزهو
بخدٍّ ناضرٍ قد لاحْ

صباحُ أبٍ بكى فرحًا
ببعضِ الموز والتّفاحْ

صباحُ الشوق للتحليق
لا دخَنٌ ولا أشباحْ
.
.

لكم أثمانُ يقظتنا
ويا كم خاننا الإفصاحْ!

وأنتم للدّجى صبحٌ
وأنتم للذليل لقاحْ

صباحُ السجدة الطولى
بشكر المنعم الفتّاحْ

بها انفلقتْ سعادتنا
فحمدًا فالق الإصباحْ

دموعي بعض أوزاني
أحبّ مدامع الأفراحْ

هرِمتُ إلى صباح الخير
خيرٌ صُبحنا يا صاحْ!

#شعر رغدة
#غزة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

14 Jan, 12:42


الكتابة التسويقية والمخاطب -٢-

أضع الصورة معتذرة وما يبررها أن الحديث في مجال نقد الأفكار والمحتوى التسويقي، فنحتاج إلى نماذج تواجهنا؛ ثمّ إنها تسوّق في مجتمعنا؛ وتمكث منتجًا عند طاولة المُحاسِب بانتظار من يلتقطها، وتُدار على أطباق التندُّر.

ومنذ وصلتني هذه الطلبية وفي فمي ماء!
ولا أظنّ أنّ علينا تقبّل مثل هذه العبارات مهما كانت الغايات!

لأنّ للكلمة أثرًا فعّالًا جدًّا في اختراق العقل وتقبّل الذائقة، لتشكّل دون مبالغة أثر السحر، فكان لابد لها من جودة في الانتقاء وجهدٍ للكتابة، ولا غضاضة إن أخذ ذلك وقتًا؛ المهم ماذا ستحمل في طياتها للمخاطب؟
مؤخرًا أخذتْ اللهجة العامية تروج في محلات الأطعمة بشكل مبالغ فيه؛ حتى صارت سمة لبعض المطاعم ذات الشعبية والتخصصية في أكلات معينة.
"لا بأس" على مضض؛ لكنّ الأهم ماذا ستكتبون؟

نموذج الصورة المرفقة هو علبة صغيرة فيها عدد من قطع اللبان بنكهة القرفة وصلتني مجانًا بصفتها منتج محفّز تسويقي قبل مدة مع طلبية من محل لبيع "الشاورما" كشيء من الدعاية والترغيب -حسبما يظنون-؛ وهي كما أراها في عين الأدب يحسن جدا أن تشّكل إحدى"عتبات النص"؛ والعتبات بمفهومها الميسر كل عنصر لغوي أو بصري قريب من النص الأساس( ويشبه النص هنا المنتج الأصلي-الشاورما-).

فإذا أردنا أن يكون للشيء قبول؛ فعلينا أن نفكّر بكل العتبات البصرية واللغوية على حدٍّ سواء وهي تجتمع لتهيّء المخاطب لتلقّي الرسالة ولابد لزامًا لزامًا أن تخدم النص وإلا كان لها المفعول العكسي.

كما يعتني كل صاحب بيع أن تكون له هوية بصرية جاذبة دالة فعليه أن يهتم بكل صغيرة وكبيرة تصدر منه أو ممن يسوّقون له؛ فإنما هي فعلًا "هوية" سترتبط بالمكان قصد ذلك صاحبه أم لم يقصد، فالتسويق غير المباشر هو نوع لا يُستهان به؛ فكيف بالتنفير غير المباشر؟

-في الصورة- لاشك أنكم استنكرتم تلك الكلمة، وهي بقدر ما تحمل من شعور الاشمئزاز ، فهذا وصف لا نحب سماعه من أطفالنا فضلا عن كبارنا؛ فهي لا تسوّق للمنتج أو المطعم مطلقًا ولن تجعلنا نسعد بقطع من اللبان التي وصلت مجانًا؛ بل تجعلنا نفكّر جميعًا أنّ هذا المطعم يبيع ما يحوي على "تلك الكلمة"!
وهذا تنفير لا لف ولا دوران فيه؛ فاختيار تلك الكلمة كان صدمة بالنسبة لي، بل أرى أنها تتماسّ مع تطهير الأنفاس المجازي، وانتقاء الكلمة الراقية المناسبة، فكيف وهي تطبع في وعيك أنك تدفع مالًا للحصول على هذا الطعام الذي يحوي هذا الوصف؟
الثوم البريء لا يستحق هذه الكلمة؛ وإن كان نيئًا ومُزج بما أفقده الفوائد، لكنّا وضعناه باختيارنا فعلينا التفكير في أن كل كلمة تسيء له في هذا السياق التسويقي بالدرجة الأولى تنسحب على الطعام الذي يحويه.

..

لن أنسى أن طفلي ترك الطعام الأساسي وأمسك بهذه العلبة وهو يقول لي: "ماما إيش مكتوب"؟
دون مبالغة لم أعرف ماذا أقول؟
واكتفيت بقولي: استعملوا خطًّا غير واضح، أظنني سأسأل المطعم نفسه ما هو المكتوب يوما ما.

لا أود أبدًا أن يقرأ أطفالنا مثل هذا، أو أن يكون عاديًّا مقبولًا للصغار أو الكبار.

الارتقاء بالكلمة مسؤولية جماعية بما فيها من دلالة ومقاصد لتبلغ مستوى لائق.

.
.
ما بين الكلمات المستهلكة أو المبتذلة رغبة في التجديد ومساحة للإبداع الذكي.
الإبداع الذي يجذبك دون أن تقول في نفسك:
هل ضاقت اللغة؟.


#خاطرة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

12 Jan, 10:03


وصَل الجمال مبلِّلًا أثوابي
ففتحتُ في شغفٍ له أبوابي

ياليتَ لي ركنًا شديدًا تنزوي
فيه المشاعرُ، كي تخفّف ما بي

لكأنّ أمطارَ السماء تسائلتْ
فبَكى على عينيّ كل جوابِ

مهّدتُ تحت غيومها سجّادةً
فيها اشتياق الكَفّ للترحابِ

#شعر

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

07 Jan, 13:19


الكتابة التسويقية والمخاطب
-١-

هي أنثى لكنها أذكى من أن تبني قراراتها على العاطفة وحدها وإن كانت عاطفية حدّ الإعياء
فاعتنوا جيّدًا وأنتم تكتبون الدعاية.

الكتابة ألفاظ وبيان وسحر؛ ومعنى وجاذبية لا منتهى لآخرها؛ تؤثر في الإنسان وربّما تغيّر في قراراته، وتجعله يمدّ يده ليفرغ مافي جيبه وهو يبتسم.

في السنوات الماضية فازت الكتابة الإعلانية بالصدارة من حيث العناية في مجالات التسويق وكتابة المحتوى، ومع ارتفاع قيمتها وكسوتها بالإبداع حتى تحظى بجاذبية المخاطب، فهناك مَنْ أساء بها إلى نفسه من الشركات؛ لأنه جعلها رخيصة مبتذلة وساذجة إلى الحد الذي لم يعد مقبولًا من وجهة نظري، ومن المرجّح أن ينتقل الأمر من الشراء إلى النفور ؛
وصلتْ قبل مدة دعاية من إحدى تطبيقات التوصيل معنونة باسم العميلة ثمّ عبارة:
"اشتقنا لعيونك"؛ لم تشعر ولا لثانية أنها ستفتح التطبيق حتى تتصفح جديد العروض بل شغلها حقًّا سؤال ملحّ:

لمن سلّموا الكتابة الإعلانية في شركتهم؟
وهل هذه الصياغة موجهة إلى المرأة والرجل على حد سواء أو أنّ لكل منهما صياغة تناسب جاذبيته الفطرية شغلوا أنفسهم بفرز مشتركيهم تبعا لها؟

مجال الشراء لابد أن يستهدف الاهتمامات المتعلقة بالعميل وليس اللعب على مشاعره.
لماذا أصبحنا نعزف على الأوتار العاطفية ونفترض أنّ الناس يعيشون تصحّرًا وأوتاد خيام قلوبهم ستتهالك وكأننا المنقذ بمنتجاتنا ، وهم بحاجة إلى شيء من العزف حول هذا لنُغرق احتياجهم في مصلحتنا الشخصية؟

نعم التسويق يهتم بالخروج خارج إيطار نفسك إلى الإيطار الذي يهمّ الناس؛
لكنّ التركيز على اهتمامهم فنّ؛ ومن هنا كانت الكتابة الإعلانية بلاغة من نوع خاص؛ لأنها تقصد التأثير على المتلقّي بكلمة موجزة جاذبة واعية باحتياجاته؛ تجعله مستعدًّا أن يأتيك لمجرد أنّ حروف اسمك ظهرت أمامه.

أتذكر قول أبي هلال العسكري: " سميت البلاغة بلاغة؛ لأنها تُنهي المعنى إلى قلب السامع فيفهمه".
هل تُكتب الكلمة لتُفهم ؟ وإذا فُهمتْ هل تحقق أثرًا؟
بودّي أن أطرح هذا السؤال على كل من تسلّم قلمًا يكتب به دعاية.
وأردف ذلك بما ورد في العمدة من أقوال العلماء في تعريف البلاغة: "إجاعة اللفظ وإشباع المعنى"؛ لكنّ ظهرت لنا كتابات تُجيع اللفظ وتجيع المعنى معًا؛ فلا يبقى للكلام مغزى!

سمعتُ مرة خبيرًا يقول:
"غالب قراراتنا عاطفية ونحاول نحن عقلنتها"؛ أظنّ أن أصحاب الكتابة الإعلانية خبراء في أن يستلهموا من ذلك وحي الكتابة؛ لكن هذا الوتر لابد أن يكون غاية في الذكاء مع المتلقي لملامسة عاطفته من ناحية احتياجه الفعلي للمنتج وليس من ناحية عواطف مجرّدة لا علاقة لها بالشراء.

ثمّ إنّ الكاتب صاحب القلم الإعلاني يصعد بمحتواه متى كان واقعيًّا متمثلًّا أسس الكتابة الإعلانية ذات الهدف المحدد كما هي عند أربابها المؤسسين:
"Copywriting is selling
Don’t romanticize it.
The goal isn't to be clever or cute.
The goal is to inspire action".
كتابة الإعلانات هدفها البيع؛ علينا ألا نضفي عليها صبغة رومانسية أو مثالية غير واقعية للعميل؛ فليس الهدف منها أن تبدوَ ذكيًة أو لطيفًة؛ إنما مهمتها هو إلهامها له لاتخاذ قراره بالشراء .

الواقع مزدحم بنماذج الكتابة الإعلانية منها البديعة والذكيّة جدًّا وفي المقابل المعلّبة والمزيّفة؛ و ربّما أبثّ منها شيئًا..
فللكلام بقية …


#خاطرة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

31 Dec, 12:33


عن مجاهد قال : رأى ابن عبَّاس رجلًا فقال : ( إنَّ هذا ليحبُّني. قالوا : وما علمك ؟ قال : إنِّي لأحبُّه، والأرواح جنودٌ مجنَّدة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف )
روضة العقلاء

يأتي الصباح محمّلًا بالأسئلةْ:
أتراه مشتاقاً كما أشتاقُ لهْ؟

يمّمتُ صوب الشمس تسكُبُ نورها
في كأس روحي حين أبدو مُثقلةْ

أنشأتُ في نسج الخواطر قصةً
تفصيلها أنفاسُ حبرٍ مُجمَلةْ

طيفٌ يزاورني أنيسُ خواطري
وافى إلى شطر القصيد وأكمَلَهْ

أطرقتُ يومًا ثمّ جاء بقطرَةٍ
فرفعتُ رأسي والسحائب مُرسَلةْ

هذي العواطف في العواصف غيمةٌ
سالتْ ونفسي في الشعور مسلْسَلةْ

شتّت همومي ثمّ جاءت شمسه
فرأيتُ في عينيه نور البوصلةْ

آتيه حبوًا حين تعثُر خطوتي
فأراه يسبقُ يا جمال الهروَلة!

يا طُهرُ جُدْ بجمال ريّك إنني
عطشى وأوراقي بساطٌ مِن وَلَهْ

ذكراكَ إن عزّ الوصالُ جليستي
يكفي بأنك في خيالي أجمَلَهْ

قد بوركت عينٌ معينٌ عذبةٌ
جادتْ على أعماق بئرٍ مُهمَلةْ

الشعرُ في أوزانه متبخترًا
ذهِلًا أمام مشاعري ما أعقله!

من أضلعي هيّأتُ أهنأَ مسكنٍ
وأعيش من صفوِ الإخا متضلّعةْ

دخل الفؤاد على زحام ضيوفه
ودُهشتُ كيف رقى لأعلى منزِلةْ؟

البحرُ يمثُل حين أذكر فيضَهُ
وهو المثال إذا نسيتُ الأمثلةْ

#شعر

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

30 Dec, 11:36


الأنفاس المطمئنة والدفء الهانئ تحت الغطاء الوثير لك نعمة، و لغيرك أمنية..

كنّا نقولها يومًا
-ونحن صغار -مجازًا: "مُتُّ من البرد"؛
لنجد من يُقبل علينا مقتنصًا فرصة كنّا نهرب منها؛ ليمنحنا ذراعين حانيتين أبت إلا أن تكون هي الدفء..

أخبارٌ لا نستطيع تجاوزها -ولا ينبغي لنا- تقول أن أطفالًا انتقلوا من دفء الأرحام إلى قسوة الحرب وما هي إلا أيام حتى ماتوا بردًا؛ حقيقة لا مجازًا؛ لأن الذراعين - إن وجدوهما والملبس إن لبسوه- لم يكف لتدفئتهم..

ماتوا من الرّجْفِ أم ماتوا من القصْفِ
الموتُ ملتهبٌ والقلب في نزْفِ

إن كانت الشاشة الخرساء صارخةً
فكيف بالصِّدْق دون حكاية الزيْفِ؟

يدندن الجوعُ بين ضلوعهم وجعًا
وتعصِفُ الريحُ لا تنفكُّ من عَصْفِ

ياربّ.. نجمع ذي الكفين في سحَرٍ
بالأمن والسعد بعد الحزن والخوفِ

يارب نصرك إنّ العسر غالبهم
لا الدمع يشفي ولا كلماتنا تكفي

لا بيت شِعرٍ سيبني فوقهم سقفًا
وليس يسعفهم حرفٌ من السّعْفِ!

لكنّها حرّة الملتاع حرّرَها
نفثُ القصيد برسْمِ النحو والصرْفِ

#شعر
#غزة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

28 Dec, 08:54


"فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم"

هويت ياربي هويت

https://youtu.be/t1D5nN0P_hk




فرَجٌ على عينيَّ يبسُط فجرَه
ظنّي بربّي لم يزل يؤويني
#نشيد

شاطئ الرغد

24 Dec, 09:01


حروف الهوية

أمسَكَتْ بطرف قصعةٍ مِن زجاجٍ 
بسطتْ فوقها الحلوى، وأقبلت تعرّفني بأنواعها فقالت: هذه بالبستاشيو، وهذي بالسينامون، وهذي بالهوني.

أنا على يقين أن الفستق صحي ولذيذ ولن تزيده التسمية الأجنبية لذاذة، وأما القرفة فلن أحدّث أحدًا عن حبي لها، وهي كالفستق نكهة فاخرة وتوابل أصيلة ما دخلت في شيء إلا زانته، وأما العسل فتكفيني ملعقة لامه عند نطقِه لأتخيّل جمال المذاق ، لكن أرجوكِ لا تطمسي جمال التعريف بالأعجمية!

اتركوا لجرس حروفنا أن يُفرقع في الأجواء، أن يُحدث ألعابًا نارية خاصة بكل كلمة ولا تشبه واحدة أختها.
القضية أكبر من بستاشيو أو فستق!
ولسنا بحاجة المساس بمصطلحات أجنبية لابد أن تنطق كما هي لأنّ تعريبها قد يفقدها التعريف بها أحيانًا!

لكننا نتحدّث عن التساهل في إقحام الكلمات الأجنبية دون استدعاء طارئ لذلك!
 شئنا أم أبينا هي قضية هويّة!
و التبعية تذيب أجيالنا دون أن نشعر!
قبل أيام أسمع والدة توجّه ابنها: " البس شوزك"، وكلمة"حذاء" بكل مصطلحاتها العامية يعرفها الطفل جيدًا ويستعملها!
فما الداعي لهذا الهجين الغريب؟
أهو إحدى دواعي الترف؟
أم علامة من علامات التحضّر؟
إن كان أحد هذين الأمرين فهو مؤشّر على الانهزامية وانسلاخ الهوية!
لستُ  ضد التحدث والتدريب على جودة اللغة الانجليزية؛ بل أشجع عليها لكن في مقامها، وبتخصيص أوقات للحديث بها للدربة والانطلاق في التحدث.
أما صنع خليط لا يَمُت إلى هويتنا بصلة لتنشأ أجيال بعيدة عن اصطلاحات العربية فهذه كارثة تربوية.
لن أنسى أستاذة معهد اللغة الانجليزية في كندا عندما قالت لنا يومًا قبل سنوات: "دافعوا بشراسة عن كل ما يهدد هويتكم! الأجيال لن تعطي قيمة لما يستهين به الآباء والأجداد! وستكونون أنتم أحد أسباب ضياعها إن تهاونتم!" 
وأضافت: "الموجة كاسحة لتنميط كل الثقافات حتى نكون جميعًا شيئًا واحدًا وهذا ليس صحيحًا ولا صحيًّا".
حدثتنا عن لغتنا ولباسنا  وعن أشياء كثيرة، 
يهمني هنا حديثي عن اللغة..
اللغة هي جسر النور لفهم ديننا الذي نقل إلينا بأعذب ألفاظ وأفصحها في القرآن والسنة، ومحاولة التعرض لها وإضعاف متانتها من قبل الآباء في التنشئة إشكالية حقيقية سيكونون هم أوّل من يجني آثارها القاسية عندما يصرخ طفلهم في وجه معلم القرآن- كما فعل أحدهم-: أنا لن أقرأ هذا الكتاب ولا أفهمه.
فإن كان الذكاء اللغوي الذي عرّفه غاردنر" أنه السرُّ وراء قدرتك على التفكير في الكلمات واستخدام اللغة للتعبير عن المعنى"، فنحن عندما نفرّط في اللسان العربي لأنفسنا والأجيال تحت أيدينا  ننشئ أطفالًا لا يمتلكون ذكاءً لغويًّا تجاه لغتهم الأمّ، إذ يكونون ضعافًا في فهم اللغة واستعمالاتها، ثم تركيب الكلام الفصيح الصحيح، وتبعًا لذلك تنطبع الركاكة على ألسنتهم وتؤثر في تواصلهم مع الناس في مجتمعهم، وبمقابل هذا الضعف إذا قويتْ لديهم الأجنبية أحدث هذا الاستبدال انفصالًا حقيقيًّا عن التفكير بالعربية في أيسر المواقف وما تتطلب من مشاعر مناسبة لوصفها والتعبير حيالها، ثمّ يتهاوى الانتماء للغة التي ضعف استعمالها مقابل تلك التي استعذبها لسانهم ، فتتأثر المنظومة الثقافية كلها باللغة الأقوى المصاحِبة في الحياة،
فكيف إذا رُبطتْ العربية في حياتنا بالتعلّم الإلزامي والجِدّ فقط بينما جُعلتْ الأجنبية لأوقات المرح والمتعة مشاهدة وسماعا؟
مخيف هذا الارتباط الذي يحدث بتسليم من الآباء ، و نحن أمام تحدٍّ حقيقيّ  إداركُهُ أوّل خطوات حلّه.

بقيت أسئلة مهمة لابد أن نكون واضحين في الإجابة عنها:
 ⁃ أهو شعور بالرقي والتحضر عند الحديث باللغة الأجنبية وازدراء  الحديث إن خلا منها؟
 ⁃ هل هو سعي لإقحام مصطلحات أجنبية لإبراز انسيابية اللسان بها بوصفه جزءا من تصدير الذات والتسويق لها؟
الإجابة عن هذه الأسئلة ستضع أيدينا على الخلل، فإن فرّطنا ونحن أرباب العربية بقيمة لساننا العربي المبين الذي نزلت به لغة الدين الخالد، ولم نرَ الحديث به فخرًا وعزًّا؛ فهذه أوّل خيوط هواننا النفسيّ، فكيف سنتصل  ويتّصل أبناؤنا بقِيَمِهم ثم بهويتهم ودينهم؟

ختامًا..
القرآن منهاج للحياة متين، وتأصيل للدين، وهو أيضًا متعة تدبّر ؛ "وإنّ عليه لحلاوة"؛
فكيف يتذوّق حلاوته من فرّط في لغته العربية؟

#خاطرة
..

مرفقات أنصحكم بها:
حلقات برنامج "مجالس العربية" من إذاعة القرآن الكريم:
https://m.youtube.com/watch?v=zKVoSCIj4UI

نشيد عن اللغة العربية للأطفال من كلمات عمتي إيمان حفظها الله:
https://m.youtube.com/watch?v=SmTBkAYJcIo

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

24 Dec, 09:00


تلك الحروفُ رواء الشعر والأدبِ
تنفّس الصبح عن بستانها العربي

أتيتُ أجمع وردًا فانثنى شغفًا
غصنٌ وآخرُ حتى فاض من كُتبي

في غير فتنتها ما صَبَّ لي قلبٌ
ولا عرفتُ رُبى التعبير من صَبَبِ

تستلُّ منيَ إحساسًا وتنفُثُهُ
فتُستَطابُ سِلالُ السّعدِ والتّعبُ

#شعر
#اللغة_العربية

شاطئ الرغد

17 Dec, 07:20


رحلةٌ عبر الشغف إلى الميناء..

ثلاث سنوات قضيتُها في كهف الدكتوراه،
لا الفكر يهدأ ولا القلب ينبض إلا حينما أسمع صرير القلم يخطّط، يترنّح متعبًا مني، ثم أتنقّل في ملفات جهازي المزدحم المكتوم المسكين حتى أوشكتُ أن أصدّق أن لديه شعورًا بي وخوفًا مِن حرارة يدي، كلّما اقتربتُ أعوده يتمارض هو الآخر فأتجاهل الأنين، فترتفع حرارته فيتداوى وأُكفى همّه بكثرة الصلاة والسلام على خاتم النبيين!

على مسغبة جهدي وضعف جلَدي أستشعر من عذوبة مذاق تلك السنين أنها مازجت روحي وكانت من خير أيّامي العلمية أسأل الله أن يتقبلها، صباحاتي الباكرة كنت عاجزة عن تفسير ما يحدث مع طبق الإفطار البارد والقهوة المهجورة التي تستعدُّ لتكون للشمّ وحده!؛ كيف أفسّر الإشباع والتتيُّم بنوع من الطعام فريد يدخُل عبر منفذ العين فيستقرّ في العقل ويسكّن كل شيء؟، وما تلذذتُ في بحث بمثل ما وجدتُ في هذا العنوان: ( بلاغة أداء الخطاب النبوي في صحيح البخاري) على عظم تقصيري في البيان الكافي، والشرح الوافي،، إذ كلّما حدّثتني نفسي بمتعة الإسهاب في التفاصيل النبوية التي أتضلّع منها ولا أكتفي، أعادني إيطار الموضوع محيطًا ببلاغة فعل النبي صلى الله عليه وسلم المرتبط بقوله وهو ما اخترتُ له قالب: "بلاغة أداء الخطاب"، وكلّما جنحتُ إلى الأداء وحده وقف الخطاب مؤنبًا، وإذا مكثتُ في حقّ الخطاب جذبني الأداء؛ لأتوازن بينهما في كتابة معتدلة لا تخرج عن الامتزاج الناضح بالدلالة لاجتماعهما معًا في عبارة موجزة، وليت الجهد بلّغني ولكنّ الكمال لله وحده، ومنه العفو والتجاوز.

اليوم بفضل الله تولد الرسالة كتابًا ،
وتتوفّر في معرض الكتاب بجدة ، من طباعة وقف القرآن بجامعة الملك عبدالعزيز، فلهم منّي وافر الشكر وجليل التقدير.
نفع الله بها وجعلها خطى متقبّلة لتقريب البلاغة النبوية والسنّة الشريفة للناس.

حوض السنة الطاهر فسيح ريّان لنرتوي ونغسل أرواحنا، ولا عجب من لفتة ابن القيّم القيّمة بقوله:
"ورود الناس الحوض وشربهم منه يوم العطش الأكبر بحسب ورودهم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشربهم منها، فمن وردها في هذه الدار وشرب منها وتضلَّع وَرَدَ هناك حوضه وشرب منه وتضلَّع، فَلَهُ - صلى الله عليه وسلم - حوضان عظيمان، حوض في الدنيا وهو: سُنَّته وما جاء به، وحوض في الآخرة، فالشاربون من هذا الحوض في الدنيا هم الشاربون من حوضه يوم القيامة، فشارب ومحروم، ومستقل ومستكثر".

الحياة في كتب السنة مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين صحابته الكرام رضي الله عنهم أنسٌ في غربة الأيام..
وإنّ الأمانة التي حملوها ليبلغونا حديثه جهدٌ عظيم يدركه من وقف على دقة نقلهم، وحرص تلقّيهم ومشاركة فهمهم، وحفظهم لعهد التبليغ..

القراءة في السنة هي دعوة مفتوحة على مائدة عامرة من الأطباق الطيبة لدوام صحّة الجهاز المناعي الإيماني وهو يتعرّض لأمراض الحياة.

اللهم نُزُلًا في فردوسك بصحبة نبيّك وصحابته والصالحين

https://m.youtube.com/watch?v=RMljbKipZlk

#خاطرة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

17 Dec, 07:20


بفضل الله ومنّه صارت الرسالة كتابًا يطيب له أن يلتقيكم في جناح #جامعة_الملك_عبدالعزيز F9 في #معرض_جدة_للكتاب_2024

https://x.com/qurankau/status/1868625688825414037

شاطئ الرغد

16 Dec, 10:47


وراح الجَدُّ شوقًا للحفيدةْ
و "روح الروح" في الدنيا تليدةْ

أشاع حنانه بلِحاهُ تحكي
لغات الفقد يوصلها سديدةْ

يبادُ هناك يا ربّاه قومٌ
تزيد بهم مواجعنا العنيدةْ

ألا ما أهون الدنيا! "فما لي
وللدنيا" وصيّته الفريدةْ

إلهي أرضهم تغدو دمارًا
فعجّل بالبشارات البعيدةْ

إلهي إنّك الجبّار ندعو
ونؤمن بالنهايات السعيدةْ

فصبرًا إنها كبَدٌ وكَدٌّ
ووعد الله جنّاتٌ رغيدةْ

#شعر
#غزة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

10 Dec, 08:37


شاطئ الرغد pinned «قلمي حكى وجَع المصابِ كثيرا واليوم يلبَسُ بالهناء حريرا الشِّعرُ صاحبني توسّد خاطري والنبضُ جاع ليُشبِعَ التعبيرا الدمع في الخديّن يكتبُ فرحةً تروي عبيرًا أو تُزَفُّ هديرًا آن الأوان لكي تُسرّ مآذنٌ بدمشق ترفعُ للدنى تكبيرا ما كان أصدق من مدامع صابرٍ…»

شاطئ الرغد

10 Dec, 08:36


قلمي حكى وجَع المصابِ كثيرا
واليوم يلبَسُ بالهناء حريرا

الشِّعرُ صاحبني توسّد خاطري
والنبضُ جاع ليُشبِعَ التعبيرا

الدمع في الخديّن يكتبُ فرحةً
تروي عبيرًا أو تُزَفُّ هديرًا

آن الأوان لكي تُسرّ مآذنٌ
بدمشق ترفعُ للدنى تكبيرا

ما كان أصدق من مدامع صابرٍ
تالله يفتؤ يذكر التهجيرا!

قلبي من الأقفاص طار مُحرّرًا
وبمشهد الأسرى ظللتُ أسيرا!

كانوا رجالًا.. نسوةً وصَفيُّهمْ
طفلٌ أطلّ يفاجئُ التصويرا

ما ظنُّكم بالله في عليائه
وهو النصيرُ لمن أرادَ نصيرا؟

ياربّ بارك شامنا واكتب لهم
رَشَدًا يبيتُ به الأمانُ قريرا

#شعر

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

06 Dec, 11:53


كان يُعجبه الفأل ﷺ..
في شدة الكرب
عند ساعات الخوف
وأثناء زلزال القلوب
كان يطمئن قلب اليائس، ويسكب البشرى في مفاصل الضعف؛ ليغذي الروح المؤمنة التي لا ينبغي أن تُهزم أبدًا؛ ولا أن يتسرّب الوهن إلى من اختار طريقًا كان آخره الجنة..

جاء في تفسير ابن كثير*: عن أبي العالية قال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ بِمَكَّةَ نَحْوًا مِنْ عَشْرِ سِنِينَ، يَدْعُونَ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ، وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ سرًّا وَهُمْ خَائِفُونَ، لَا يُؤْمَرُونَ بِالْقِتَالِ، حَتَّى أُمِرُوا بعدُ بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِالْقِتَالِ، فَكَانُوا بِهَا خَائِفِينَ يُمْسُون فِي السِّلَاحِ ويصبحون في السلاح، فغَبَروا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ.
ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أبدَ الدَّهْرِ نَحْنُ خَائِفُونَ هَكَذَا؟ أَمَا يَأْتِي عَلَيْنَا يَوْمٌ نَأْمَنُ فِيهِ وَنَضَعُ عَنَّا السِّلَاحَ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " لَنْ تَغْبُروا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى يَجْلِسَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ فِي الْمَلَأِ الْعَظِيمِ مُحْتَبِيًا لَيْسَتْ فِيه حَدِيدَةٌ".
فأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ " وعد الله الذي آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم…" سورة النور.

ثمّ أمِنوا وأنجز الله لنبيه وعده.

ذكر الطيبي في حاشيته:
غبر الشيء يغبر، أي: بقي. الغابر: الباقي، والغابر الماضي، وهي من الأضداد.
(محتبياً ليس فيه حديدة) ، عبارةٌ عن غاية الأمن ورخاء البال. الحبو: هو أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب ويجمعها مع ظهره، ويشده عليها.
.
.

"نورٌ أطلّ على الحياة رحيما
وبكفّه فاض السلام عميما

لم تعرف الدنيا عظيمًا مثله
صلّوا عليه وسلّموا تسليما"

____
*وبنحوه عند المستدرك للحاكم ( ٣٥٥٤) وعند غيره.

#وقفة_نبوية
https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

03 Dec, 12:15


-٢-

ذلك الإنسان الذي يغلب زفيره شهيقه في سباق الحياة وهو يتنفس الأسئلة؛
يجد في صفحات القرآن سكنًا، تأوي روحه بكل شعثها إلى كنفٍ دافئ عندما تستشعر النعمة عبر طرح سؤال:
بالله ما حالي إذا خُلقتُ في عُجمة وكان اللسان العربي صعب المنال؟
إنّ في التدبّر للكلام الرباني علاجًا للروح يقف عند سرّه الأطباء.

أما وإنّ النهايات في كتاب الله واضحة إذا عرف القلب الطريق وسلكه الجسد فلا عليك بكل ما ترى من مكر الليل والنهار حولك والناس تُتخطّف،  وقد عرفتَ أنّ كلّ صِدقٍ في الرحلة إلى الله سيُفتَن؛ واقرأ إن شئتَ "أحسب الناس" في مطلع سورة العنكبوت واحذر بيتَه، وأحسِن الإعداد لمواجهة الفتنة..

ثمّ عِش في سورة النور ، وتدبّر تلك الآية بالأفعال المتوشّحة بالمؤكدات  لوعدٍ من ثلاث بشارات مُصدّرٍ لقومٍ مؤمنين:
﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ
لَیَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ
وَلَیُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِینَهُمُ ٱلَّذِی ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ
وَلَیُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنࣰاۚ
یَعۡبُدُونَنِی لَا یُشۡرِكُونَ بِی شَیۡـࣰٔاۚ
وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَ ٰ⁠لِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ﴾

عندما وعدهم بالاستخلاف أخبرهم  أن لهم سلفًا  تحقق لهم وعد الله وهذا يسلي قلوبهم إذ ليسوا وحدهم فيما يمرون به وسيجبرون فيه ، وبشّرهم بالتمكين ، وشرّفهم بإضافة الدين إليهم ( دينهم) لتمسكهم بدين أمرهم به ربهم وارتضاه لهم فثبتت عليه أقدامهم واستُخلفوا في الأرض بسببه، فكان الجزاء أن يرضيهم كما أرضوه بهذه النتائج، والثالثة تدلّ على تمام التمكين ولطف الله بالقلوب التي سكنتها مشاعر الخوف فحان بمنّه أوان إبدالها بالأمن.

والعجيب في التقديم والتأخير في الوعد مجيؤه على الترتيب متوافقًا مع مقام المستضعف ولذلك أعظم أثر يكفل أسباب القوة لمثله، فبدأ بما يضمن الاستقرار للعباد من الاستخلاف في الأرض ثم التمكين في الدين ثم إبدال الخوف أمنا ، ولا يغني تحقيق واحد منها عن الآخر، بل إن كلّا منها على الترتيب محتاج للآخر، فالاستخلاف يُعين على تمكّن الدين، والدين الذي يرتضيه الله يُعين على تحقيق الأمن بعد الخوف؛ باليقين به وتطبيق شرعه وكفايته إياهم عدوّهم.

ثم يجيء الختام مخبرًا بحقّ الله على العباد الذي نالوا به ما نالوا من استخلافٍ وتمكين وأمن.

وفي ميدان الأسئلة؛ سأل رجل الشافعي فقال: يا أبا عبد الله، أيما أفضل للرجل أن يُمكّن أو يُبتلى؟
فقال الشافعي: لا يمكّن حتى يُبتلى، فإن الله ابتلى نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدًا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فلما صبروا مكنهم، فلا يظن أحد أن يخلص من الألم البتة.
.
.
أما بعد؛
فلن تفنى الأسئلة
و رحلة عابر السبيل
ممهدة بالشوق
حتى يجد سكناه
فيحطّ رحاله في الجنة

.
 .
 #خاطرة
#وقفة_قرآنية

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

03 Dec, 12:15


-١-

عابر سبيل

سؤالات عميقة بين أروقة الروح،
لا عنوان يضمّ شتاتها ..
تتراكم ثم تتجسّد..تلحّ وتبوح
هناك حيث تفرش مع إطلالة الشمس بساطًا مهترئا طال حبسه في خزانة عقلها؛ لتستلهم من إشعاع الشمس حكايا انتصار النور على الظلمة، والإشراق بعد كل غروب،
فيهدأ العقل ويطيب القلب ففي الأرض آيات وإليها تسكن الإجابات..
كوكبٌ واحد وبقعة أرض واحدة على سطحها جبابرة ومستضعفون، كلا الفريقين بشرٌ ضعيفٌ أجوف يحتاج ما يملأ به جوفه!
فأمّا المستضعفون فلم يُخلقوا ضعافا ولم يرضوا بالضعف، لكنّ القصة أنّ لهم قوة في قلوبهم عجيبة، لا ينبّئك ظاهرهم بها؛ ناسبت أن يُكتب لهم حظٌ من الإيمان و الصبر على بلاءٍ يصيبهم، فتشاهد صبرهم ذاك كيف يغدو أعجوبة!

كيف يكون أقدر على إشباعهم من طبقٍ مترفٍ بالطعام!
وإنما استلذَّ استضعافَهم عبادٌ شرذمة خُلقوا من ترابٍ أيضًا غير أنهم رأوا أولويةً بالحياة من أولئك لأسبابٍ لا تُقنِع أحدًا سواهم لكنهم ملؤوا بها المشرق والمغرب،
ورأوها مبررًّا ليصبحوا مصاصي الحياة، يمصون القوى والدماء.
بعوضٌ لا أكثر، هشٌّ تافه لا  يُعبؤ به لكنه كفيلٌ أن يُحيل الأمان إلى تعاسة، والراحة إلى ألم، ثم..
ما هي سوى لحظة تغيّبه عن الوجوه فيستمتع المستضعف برؤية البعوضة سابحةً  في بعض دمه ..

.
.

شاطئ الرغد

28 Nov, 05:51


خيوط الصبح تنتشرُ
وماء الغيْمِ ينهمِرُ

أطلّ السعد يا بُشرى
وسَحَّ على المدى مطرُ

وغرّد في فمي لحنٌ
وشوقٌ ليس يصطبِرُ

صباحُ النور والرحمات
هذا صُبحُنا العَطِرُ
..

منذ دقائق الإشراق الأولى لهذا اليوم وقطرات الرحمات تزاحم نسائم البرد وتنسكب على أرضٍ عطشى فما تكاد تبتلُّ حتى تجفُّ، ثم يُرسل الله لها مزيدًا فتبتلّ ثمّ تجفّ أخرى، وما زالت بالصيّب هنيئة.

عندما نستأنس بالغيث بعد طول اشتياق نود ألا تنتهي الدقائق بقربه، فنترك المنازل المغلقة إلى الشرفات المفتوحة لنهنأ ، وربّما باعدنا النوم ونحن نحتاجه حتى لا يفوتنا من المنظر الفاتن شيء؛ فكيف بأهل الجنة في نعيمهم؟ إذ من تمامه أنهم لا ينامون؛ وفي ذلك قال ابن كثير: "لئلا يشتغلوا به عن الملاذ والمسرات والعيش الهنيء الطيب".

إيهٍ يا أحاديث المطر!

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى نَاشِئًا فِي أُفُقِ السَّمَاءِ تَرَكَ الْعَمَلَ، وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ، ثُمَّ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا ". فَإِنْ مُطِرَ قَالَ : " اللَّهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا " صحيح سنن أبي داود.

وجاء في صحيح مسلم: عَنْ أنَسٍ قالَ: أصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولَ الله ﷺ مَطَرٌ، قالَ: فَحَسَرَ ثَوْبَهُ حتَّى أصَابَهُ مِنَ المَطَر، فَقُلْنَا: لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قالَ: "لأنَّهُ حَديثُ عَهْد برَبِّه".

يقول القرطبي: هذا منه تبـركٌ بالمطر؛ لأن الله سـماه رحمةً، ومباركًا، وطهورًا، وجعله سبب الحياة".

وقال الشوكاني: في الحديث دليل أنه يستحبّ عند أوّل المطر أن يكشف بدنه ليناله المطر لذلك.
ويعقّب الشيخ الخضير في شرحه: يحسر رأسه وقدميه وذراعيه، لكي يصيبها هذا المطر المبارك.
..
ياربّ رحمتك أوسع لنا ولإخواننا المستضعفين،
فرجًا يارب تشفِ به صدور قومٍ مؤمنين.

https://m.youtube.com/watch?v=v8C7s1jBGFc
#وقفة_نبوية
#شعر

شاطئ الرغد

26 Nov, 11:01


قاربٌ هارِب ..

أركَبُ قاربي العنيد إلى بحر ذكرياتي البعيد، أهرب من زحمة الحياة حافية الخطوات إلى مساحة خالية.. فأترك التجديف وأُسْلِم لِمَوْر الموْج عقلي ليُسكّنه، فإذا هو يدخل فيه هادئًا ويصنع ضجيجًا..
يختار كالعادة أن يأخذني إليها..
أو ربّما يشتاق شعوري أن يجلس معها..
فيهْمي وجهها على جدب روحي في كل مرة
يجف فيها ريق قلبي.
فأتساءل: كيف تتحسس حنيني إليها؟

تناديني
فكأنني أسمع اسمي كلّ مرة جديدًا عبر شفتيها.. مغلّفًا بشرائط " الدانتيل" الباهظة.. يفيض أناقة .. يُهدَى إليّ.. عبر رحلةٍ تبدع هي إيقاَعها، ويبقى اسمي متراقصًا بين نزول وصعود، كحركة الأمواج الهادئة أسبح فيه وأرجو ألا أعود،
أمّا حين تُلبس اسمي دلالًا- وكان ذلك نادرًا إذ تُحب لاسمي وقعه ورسمَه- فيسّلمني دلالُها فيه تَذاكِر عاطفتها ويُرجعني إلى طفولة كانت الأرضُ فيها أحبّ إليّ من السماء، فتلتقطني يداها وترفعني لأتعرف إليها فلا أذكر السماء إلا خلفيّة لنور وجهها.

أتذكّر دون أن تنظر إليّ أو تُخضِع كبريائي لحنانها، كيف كان يتسلّل إصبعها بهدوء ليمسح دمعة مستعصية خرجت تكسر محاولاتي في مقابلة بركان شعور ثائر قبل أن تسألني عنه لتبرئه.

كنت أتعجّب من عينيها وهي تكتشف -من نظرة- زواياي المظلمة وتترك عندها بلطف سراجًا وهّاجا!

لم تكن تتكلف نسج العبارات لكنّ لحروفها سحرًا أخّاذًا تُصمم بها دثارًا لكل القلوب المتعبة.
تُخبر كل قلب بلغة خاصة تنطق بها حواسّها أنها هنا بالقرب، لا أحد يبرُد في دفء وصالها .

ليتني أخبرتُها يومًا أن قربها كان لي عافية،
أو أنّ العاطفة التي تُعبّؤها كل يوم في قلبي كانت أكثر من كافية،
أو ليتني وهبتُها أقلامي وهي تستمطر منها قافية..

اليوم أقف بين ممرّات روحي فأراها.. صورةً هنا وصوتًا هناك، مواقف تملؤني بها فخرًا وحبًّا.. حتى بعد رحيلها..
تلك المرّات التي أنهمك فيها في عمل ما يختار طيفها زيارتي فلا أجرؤ على ردّه، فإذا فتحتُ الأبواب يدخل عقلي في إغفاءة مسلّمًا قلبي رداءه، وأترك ما بيدي ليُنهِيَ نفسَه ؛ لأن حضورها يحيل اللحظة إلى سعادة لا نهائية..
دهشة استثنائية..
أقول مرحبا يا نوالي الهنيّة..
وعندما تودّعني أقف مشدوهة.. أين توقّفتُ؟ وأين أنا؟

كانت سنواتٌ من العمر في كنفها كفيلة أن تجعل طبق العاطفة مشبَعًا طَموحًا، ساخنًا من فُرنٍ خاص كان يُطعم الجميع بينما لم نتحسّس لها جوعًا.

ألتقيها في حالة فوضوية فترتّب لي بسحرٍ ينبعث من بين ذراعيها خزائن شعور استعصت على الترتيب.

أدقّ الجرس.. يتثاءب الباب.. فأسير بخطوات حيية.. فتُغلق مصحفها.. وتخلع نظّارتها.. وتهدي إليّ ابتسامة.. ياه لو كانت تُشترى!
ثم تقابل كفّي -الممتدّة ببرود- بذراعين لا منتهى لساحلها.. فأودّ أن تجعل السّقاية في رَحْلي!
وألا ينتهي دوري! وألّا ينصرف قاربي!

كان سؤال لحوح يرتادني عندما يجتمع الصغير والكبير في مجلسها: من أين تأتي بكل هذه السكينة؟
كيف تصبّ في كل كأسٍ احتياجه بقدَر دون أن يشعر أحدٌ بالغيْرة!
كيف تُبقي في أحلك الظروف فرجةً للأمل، وتسمح لنافذة الابتسامة أن تطرد هواء الحزن؟

تواصلها الحاني ومواساتها السخية رسمت لي سقف استشفاء حتى بدتْ كل المحاولات بعدها شحيحة..

كانت تحبّ أن تُردّد على أعتابٍ وجعٍ مرّت به وجُبِرَتْ فيه : " فرددناه إلى أمّه كي تقرّ عينُها ولا تحزَن ولتعلم أنّ وعد الله حقّ ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون"

إن أردتُ أن أختزل الحياة بقربها في درسٍ واحد علّمتْنيه، أجِدُ جذوره في عروقي :
"اليقين بجبر الله سعادة"..

أكرم الله نُزُلَك يا جَدّة!
#خاطرة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

21 Nov, 07:37


آتٍ إليك..

مُسْتسلمًِا جئتُ لا حولٌ ولا مددُ
أنا الضعيفُ وأنتَ الواحدُ الأحدُ

أسيرُ نفْسيَ لا تَنْفَكُّ مِنْ كَبَدٍ
خُلِقْتُ فِيهِ.. وفِيكَ الجُهْدُ والكَبَدُ

فَإنْ حَكَمْتَ فلُطفٌ منكَ يستُرُني
ودونَ عَوْنِكَ رَبِّي لَيسَ لي جَلَدُ

أكادُ أذبلُ مِمَّا جَفَّ في نَفَسِي
وحِينَ أَذْكرُ فَضْلاً مِنْكَ أَسْتَنِدُ

الروحُ تظمأُ والأجسادُ في نهَرٍ
وكلّما شَرِبَتْ سألتْ: متى أرِدُ؟

قصّرتُ لكنّ لي نفسًا تُلاوِمُني
وإن ذكرتُ مقامَ اللهِ أرتعِدُ

ألفَيْتُها زينةَ الدنيا تُهَدْهِدُنَا
وكلَّما فَرِغتْ من فَطْمِنا تَلِدُ

طَرَقْتُ بابكَ صَبْري مَسَّهُ وَهَنٌ
في فِكْرِه رَشَدٌ فِي عَينِهِ رَمَدُ

آتي إليك وَليِّي والخُطا تعِبتْ
حوائجي بَرُدتْ والقلبُ يتّقدُ؟

أطرقتُ منكسرًا والجبْرُ لوّحَ لي
فعَجِلتُ مجتهدًا أدنو فيبتعدُ

ليستْ تُرَاوِدُني باليأسِ أخْيِلَتي
الفألُ أورِدَتي بُستانُها رَغِدُ

ربّاه إنّ يَدِيْ برجائها رُفعتْ
وأيقن القلبُ ما خابتْ إليكَ يدُ

#شعر
#نشيد

https://youtu.be/7mNY0baQUys

شاطئ الرغد

19 Nov, 09:47


في وسط الآلام تأتي تلك المشاهد التي تبذر في أرض الوجدان يقظة..
تعطي نورًا من قبسات
حتى لا يطول السبات..
..
سلِمت جباه الساجدين يقينا
صلّوا على الأنقاض متّحدينا

ما قدّموا الدنيا ولا باعوا لها
أخراهمُ .. صبروا لذاك سنينا

القهر شاخ مع الشهور ففألُهمْ
ما انفكّ في رحم البلاء جنينا

هَبّوا ل"حَيّ على الصلاة" فأفلحوا
وهَبوا لها عُمرًا وعزَّوْا دِينا

ما ضرّ لو قرَض الدمارُ مساجدًا
ورَعى العَمارُ على القلوبِ أمينا

يا خيبة المسعى لمَنْ أنِسَ السّنا
فاختارَ في نَسْيِ الظلام عرينا!

إن حُزتَ في كنفِ الصلاة سكينةً
فالقلبُ يبسُمُ إن بدوتَ حزينا

ربّاه طال العسْر فارحمْ ضعفهم!
بردًا فما برحَ الشعورُ سَخِينا!


..
ذلك الذي فقِه أن البلاء لحكمة وأنّ الله معقبُ الضيق بالفرج
أيقن ألّا ملجأ من الجبار الوليّ إلا إليه؛ يختار للبلاءات الأجدر بالصبر على مثلها، ثم يُعظِم لهم النتائج، ولابن القيّم كلامٌ ملهَم في هذا المعنى إذ يقول:
"وَاللَّهُ- سُبْحَانَهُ- إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا سَقَاهُ دَوَاءً مِنَ الِابْتِلَاءِ وَالِامْتِحَانِ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ يَسْتَفْرِغُ بِهِ مِنَ الْأَدْوَاءِ الْمُهْلِكَةِ، حَتَّى إِذَا هَذَّبَهُ وَنَقَّاهُ وَصَفَّاهُ، أَهَّلَهُ لِأَشْرَفِ مَرَاتِبِ الدُّنْيَا، وَهِيَ عُبُودِيَّتُهُ، وَأَرْفَعِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ، وَهُوَ رُؤْيَتُهُ وَقُرْبُهُ".

#شعر
#غزة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

12 Nov, 13:42


ميزان الصواب والخطأ..
وضبابية المعيار!

في موجة غير مسبوقة تعصف بموازيننا يصاحبني سؤال : ما هو المعيار الذي كان بمثابة مسطرة حياة الفرد القِيَميَّة؛ تحتكم إليها كل ما اعترضتها دواعٍ للتغيير؟

هل هي متطلبات الحياة المادية؟
هل هم الناس؟
هل هو الدين؟

مشهد أوّل:
كانت تحتجب لأن الوسط والمجتمع يشجّع على ذلك؛ فلمّا رأت أنّ أقرب الزميلات أفلتت بعد استمساك؛ وخفتت سلطة الأبوين، وأصبح الرأي لها إما تفعل أو تترك، كان الترك -جزئيًا أو كليًّا- خيارًا سهلًا وله تصفق العاطفة والشهوة و انفتاح الحياة.
وتأرجحت السيطرة من قيم الدين إلى قيَم متحرّكة متنقلة، وربما بحثت عن مسوغات لتغيُّرها بقوالب دينية؛ لتكون الإجابة الحقيقية ببساطة:
غاب المعيار! وانكسر الميزان؛ فدخلت الحياة في فوضى ليس لها حد.
"أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم…"
الذات تضخمت حتى صارت تفرض ضغوطًا أكبر من مساحة الإيمان؛ لأنّ الذي تقل العناية به يذبل.. يتقلّص..يموت، وفي المقابل الذي تسقيه يكبر وإن كان ضارًا بحديقة روحك ونور قلبك!

ومن المشاهد على ذات القضية: تحوُّل الحياة في كثير من جوانبها إلى علاقة بيع وشراء؛ ومقايضة بالمصالح حتى بين العلاقات البشرية الثابتة إذ بدأت تنساق لتكون نفعية بحتة في تيّار مخيف!
فقيمة البذل والعطاء مثلًا لأجل إدخال السعادة والتخفيف عن الموجوع وغيرها من القيم الرفيعة أصبحت غير مقنعة ويشكك فيها كثير من الناس؛ لكثرة ما يرون من سيطرة العلاقات المادية؛ مثال أعايشه: (تتوقعين زارتني لله والا عندها شي؟)
( هل أرسلت لي هدية لأقوم بتصويرها في تويتر وأدعم مشروعها أم حبًّا ووصلًا؟)
ومثل هذا التفكير داء يفتك بصدق الحب ونقاء المشاعر، ويخنق نوايا الناس، ويحمّلها فوق ما تحتمل، ويعسفها حسب ما يريد.

ومشهد ثالث: يصوّر لنا انتقال صلاحيات التغيير لأذواق المشاهير بدلًا عن القيم؛
لنتفاجأ مثلًا بوجوه منتفخة لعبت فيها الحُقن؛ فتلك تخبرنا في زهو: أنّها سعيدة بمنظرها؛ وأنا أدعو بالرحمة لجمالها الطبيعي التالف الذي أفنته قبل رحيله! وأنظر إليها مستعطفة: ( لقد كنتِ جميلة!) ويشاركني في هذا الشعور كثيرات لكنّها موجة عارمة لجعل كل الوجوه صناعية ومقياس الجمال هو ملامح وجه معينة!
ونُضرة موهومة تنتهي بعد أشهر لتُجبرها على مزيد من الطلب وحثٍّ للسير نحو مضاعفة الخدين والشفتين، وليتهَا راضية!
هذه لم تكن مقتنعة قبل سنوات أن هذا العبث في مظهرها يحِلُّ لها فضلًا عن جماله وكونه الأليق بها! لكنها بعدما أدمنت متابعة بعضهنّ تغيّر الميزان!
"ولآمرنهم فليغيرنّ خلق الله".

ومشهد رابع: تسافر تلك إلى بلد ما فتسرف في استعمال مياه الفنادق؛ وتقوم عائلتها وقد خلّفت أكوامًا من المهملات في كل تنزّه؛ ومبرر ذلك: (هذا ليس بيتي؛ هذه ليست بلدي؛ هذا لا يدين بِديني؟)
ثمّ ماذا ؟
مسطرة النفعية البحتة تتحكّم في هؤلاء دون أن يشعروا؛ (ليكون ردّها: (دفعت لهم ضرائب ليدفعوها لمن ينظّف؟ فلماذا أجتهد في تنظيف المكان) وقائمة من الأعذار المؤلمة تذيب أخلاقيات المسلم السوي الذي يعرف أن الإسراف بنعمة الله سيبقى إسرافًا في أي مكان كنت فيه على وجه الأرض، وأن النظافة من الإيمان في الحل والترحال، وأنك وأنت تتمثّل بدينك في عملك فأنتَ قدوة وأنتَ مأجور عند الله رآك الناس أو لم يفعلوا!
وكل هذا في كفة والأطفال الذين يشاهدون ذلك ويتربون عليه في كفة.

وهذا إن دلّ على شيئ فيدل على أهمية أن نقف مع رصيد احترام الدين وقيَمه ومسلّماته، لأنها إن لم تكن ميزان الحياة التي عليه نقيس معياريّة الصواب والخطأ، ليكون مصدر رقيّنا فنحن نتأخّر كثيرًا كثيرًا من حيث لا نشعر.
كيف بنا ونحن نربي الأجيال على : ( وأمّا من خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى* فإنّ الجنة هي المأوى)
كيف بالأجيال التي ترفع شعار ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)،
هذا المعيار صوتُ مُرَبٍّ لا يخفُت أبدًا !

والحمد الله والشكر على منته وفضله فالمجتمع يعيش في نعمة وخير ونماذج الطيبين لا حصر لها؛ ولكنّها دعوة للتبصّر ومراجعة الذات وتثبيت ميزان الدين أمام المتغيّرات.

ختامًا..
لا تسمح أن يتلاعب الناس بمعايير الصواب والخطأ التي تأسست على جذور من الحق والدين.
وتحدّث بها واسلكها ولا تخجل منها.

لا تُسلّم أحدًا قلبك ليعبث ببشاشة الإيمان التي مكثت هنالك سنينًا، وقل اللهم ثباتًا على دينك حتى ألقاك.

"بالمِلْحِ نُصلِحُ ما نَخْشَى تَغَيُّرَهُ
فكَيْفَ بِالمِلْحِ إِنْ حَلَّتْ بِهِ الغِيَرُ"

#خاطرة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

05 Nov, 11:29


صبرك على خطوات الترقّي، لهثك في مراغمة هواك، بنفسك الكادحة، واحتياجاتك المتراكمة، وعثراتك المتكررة، وطموحاتك العزيزة، ونهضة قلبك التي تسيرُ نحوها رغم كل العائدين من ذلك الطريق، ستجد تلقاءها ربًّا كريمًا جبّارًا وعَد مجيئك إليه بأعظم مما تتصور فارتقب؛ فالذراع بالباع، والمشي بالهرولة.
فامْهَدْ لنفسِك وأبشِر..


﴿…ومَن عَمِلَ صالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ یَمۡهَدُونَ ۝٤٤
لِیَجۡزِیَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِن فَضۡلِهِۦۤۚ…﴾ الروم ٤٤- ٤٥.

أقرأُ "يمهدون" فأسمع في وجداني صوت المسؤولية..
قال يحيى بن سلّام:"يوطّئون في الدنيا القرار في الآخرة بالعمل الصالح".
ووصفها ابن عاشور بقوله:"يَجْعَلُونَ مِهادًا، والمِهادُ: الفِراشُ. مُثِّلَتْ حالَةُ المُؤْمِنِينَ في عَمَلِهِمُ الصّالِحِ بِحالِ مَن يَتَطَلَّبُ راحَةَ رُقادِهِ فَيُوَطِّئُ فِراشَهُ ويُسَوِّيهُ لِئَلّا يَتَعَرَّضَ لَهُ في مَضْجَعِهِ مِنَ النُّتُوءِ أوِ اليَبْسِ ما يَسْتَفِزُّ مَنامَهُ".

وأضاف البقاعي مقامًا من رفعة الدنيا للمعنى بقوله: "يُسَوُّونَ ويُوَطِّئُونَ مَنازِلَ في القُبُورِ والجَنَّةِ، بَلْ وفي الدُّنْيا فَإنَّ اللَّهَ يُعِزُّهم بِعِزِّ طاعَتِهِ".

وهم يوطئون الوعورة بمجاهدة حتى يسهل عليهم الطريق بعد ، فهُم-كما لفت الشيخ ابن عثيمين- :"يحسّنون الشيء حتى يكون موطّئًا لهم؛ وذلك لأن الذين يعملون صالحًا يتوصّلون بعملهم الصالح إلى دخول الجنة، فيسهل لهم الطريق الذي يوصلهم إليها".

و هنا أقرأ عبارات أولئك السلف الأكابر حين حكى كلّ منهم نتاج خبرة في طريق الآخرة، فهذا محمد بن المنكدر يقول : كابدت نفسي أربعين عاماً حتى استقامت لي .
وقال ثابت البناني : كابدت نفسي على قيام الليل عشرين سنة وتلذذت به عشرين سنة .
وقال عمر بن عبد العزيز : أفضل الأعمال ما أُكرهَت عليه النفوس.
وإنّ التمهيد والتوطئة لتُكلّفك ثم تشرّفك.

ومن أدرك المعنى من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بحقيقة الطريق الموصل للجنة:
"حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ".
فهِم كثيرًا من واقع البلاء الذي يتعرض له إذا كان العمل لله، والمشاعر في الله، والحياة كلها في سبيل الله..

قال ابن القيم رحمه الله : وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته يكون توفيقه سبحانه وإعانته ، فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم ونياتهم ورغبتهم ورهبتهم ، والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك .

وجاء في صحيح الترغيب في الحديث القدسي الذي يصف حال العقد على المؤمن التي تُحلّ بالوضوء والصلاة: "فيقول الله عز وجل للذين من وراء الحجاب : انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه ، ويسألني ، ما سألني عبدي فهو له ".
فتأمّل جملة "يعالج نفسه"؛ واستشعرها وأنت تمارسها، فإنّ الذي خلقك يعلم خفاياك ويعلم كم تعالج نفسك!

ستواجه ما تكرَه فمهّد لنفسك..
وأحسِن مهادك، وانعم..

" وما النفسُ إلا حيث يجعلها الفتى
فإن أُطمِعتْ تاقتْ وإلّا تَسَلَّتِ

فكم غمرةٍ دافعتها بعد غمرةٍ
تجرّعتُها بالصبرِ حتّى توَلَّتِ"

#وقفة_قرآنية

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

29 Oct, 11:06


شَ وْ قٌ ..
🤍🌧️
مع حكايا السحب تأتي وتروح، تنسكب المشاعر غيثًا، فأذكر كلام الثعالبي في "سحر البلاغة" إذ يقول:
"أهدي له السلام غُصنًا طريًّا، وورداً جنيًّا، وأحمّله أنفاس الشمال؛فطالما تردّدتْ بين محبّ ومحبوب، وأستودعه نسيم الصبا، فنعم السفير بين شائق ومشوق،…أهدي له من السلام ما يفوت العد، ولا يقف عند حد. سلام عليه كأخلاقه العِذَاب، ومحاسنه الرحاب".

فسلام مثله إلى من وُهبناهم ..
وبجميل الإخاء عرفناهم..


سأشربُ الشاي مُرًّا ..سُكّّري الشوقُ
مِن صفحة الكأس حتى صافَحَ العُمْقُ

أذوق ذكرَك والذكرى تسافر بي
الذَّوْقُ خِلّي؛ وما أدراك ما الذّوقُ؟

وكلّما خَلتُ شجْوَ الروحِ منقضيًّا
يُصَبُّ ممتلئًا يغلي به التوْقُ

تضوّر القلب وجدًا يرتجي شَبَهًا
يروم تمْرًا فأرخى كَفّهُ العِذْقُ

الخِلُّ ظلّلني والظِلّ علّلَني
باللطف جلّلني وجلالُه رزْقُ

كم ذا انكفأتُ على بوْحِي أُغَلِّقُهُ
فكان فتْح قصيدٍ هاجَهُ الغَلْقُ!

يا بائع المسك يا رغَدًا لقافيتي
الطّيْفُ فيك لحوحٌ دأبُه الطَّرْقُ

أحبّ طَرْقتَه تحكي طلاقته
في علمه برْقٌ في صوته ودْقُ

صحائف القلب في الأقفاص محبَسُها
الحبُّ يكتبها ويذيعها الشوقُ

إن لم يكن في سماء الوصل متَّسعٌ
فالحُلم يجمعنا والبحر والأفْقُ

أخال لاسمك رسمًا لا يليق به
إلّاك.. نلت حروفًا لي بها عشقُ

أعلّل الروح بالكفين أرفعها
فيها الدعاءُ نَدِيٌّ رَيُّهُ الصِّدقُ

أنت القريبُ وإن بعُدتْ رسائلنا
الخفقُ مشتعلٌ .. هل يُكتَبُ الخفْقُ؟

#شعر رغدة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

22 Oct, 13:18


السِّرّ .. والحبل!
كنتُ أنتظر اللحظة المثالية التي تهبني شعورا غامرًا، وعندما استبطأتُها حاولت القفز إلى حلمي وفكّرتُ كيف يمكنني استباق تلك اللحظة بأن أنسجها بخيالي وأعيشها ألف مرة قبل أن تحدث!
قبل سنوات طويلة.. كنت ألعب بالعرائس.. واليوم ألعب مع عرائسي الحقيقة..

قبل أن أجرب الأمومة كنتُ أرقب المشهد المتكرر: أن تخرج الروح وتتلقفها أيدي الأحبة، وضمنًا لا يَسمح هذا المشهد للأم أن تعيش اللحظة في أجمل أربعين يومًا حيث الرابطة الأولى، لأنها في غيبوبة من آلامها ثم رحلة استقبال الناس بالتكلّف في الملبس والهدايا ولا تكاد تهنأ بالروح التي صنعها الله وأخرجها من الضيق إلى السعة بين يدي أنثى تُصنَع أمًّا.

في ذكريات طفلي الأصغر قبل خمس سنوات تعجبتْ أمي إذ أخبرتُها أنني هذه المرة لا أود أن أستقبل زيارات في أول يومين، إنني أزور نفسي وأكتشف الروح الجديدة التي وهبنيها الله ، أتحسس وجهًا جديدًا عاش يشوقني تسعة أشهر بركلاته، بينما أتشظّى حنينًا واشتياقًا، وها هو يعلن حضوره المدهش لينضمّ إلى عالمي ويلتصق فيه إلى الأبد، فأحتاج إلى عزلة مع إحساسي السرّي الفريد.
الأربع والعشرون ساعة الأولى هي عشق لا ينتهي؛ تُخبر فيها المستشفيات العالمية بالقاعدة العاطفية العلاجية لمعاناة تلك الروح الوليدة من الغربة بعد بيئة الرحم الدافئة: "skin to skin” آلية الملامسة بالذات في الساعة الذهبية الأولى من خروج المولود، وهي سحر الاستشفاء للأم وطفلها على حد سواء طوال مدة الرضاع، ثم تُبنى تلك العلاقة التي لا تشبهها أي علاقة في الدنيا حتى تضرب بجذورها في وجدان الطفل إلى أن يكبر مدركًا "أمك ثم أمك ثم أمك".

في كل ولادة تقطع الطبيبة الحبل السري بين المولود وأمه تكون اللحظة التي يُقطع حِسًّا ويبدأ معنى، يُتمّ تعلّقه من الجسد إلى القلب.

وظيفة الأمومة:
بيننا كنتُ ولازلتُ باحثة عن جهة أعمل فيها، وتعمل فيّ، تهبني وأهبها إسعادا ويؤدم بيننا، فلم أخجل يومًا عندما أُسأل: ألم تتوظفي بعد!
أن أجيب -كأي أم-: حتى تجيئ الوظيفة المنتظرة وأثناءها وبعدها. فأنا موظفة في بيتي، براتب معنوي عالٍ في الدنيا والآخرة إن شاء الله.
وعسى أن تُقدّر هذه الأمانة بحقها ويُحرَس الثغر كما ينبغي.

لا أظن أنّ هناك من لا يستطيع إكمال البيت:
الأمّ مدرسةٌ...
إذا أعددتها..
أعددتَ شعبًا طيب الأعراقِ

ماذا عن إعداد الأم؟
لم توجد بعد وظيفة في العالم توازي أمًّا لا تكلّ في خدمة أسرتها خدمة أرواح لا أجساد، تربية لا تغذية، وتحديدًا في زمان تعلو فيه الشكاية من فوضى الأدوار ؛
الكلّ محترق نفسيًّا..وظيفيًّا، ينسحب من إتمام دوره، غالبنا يريد منطقة الراحة، حيث لا شيء إلا سماع صوت الذات ، الأنا، وهي تأمر والجوارح تنصت، فلا أرى من المناسب أن تشعر الأم بوقت فراغ، لا يوجد فراغ، كل جزيئات الثانية ممتلئة، البركة وحدها هي التي تمدد الوقت حتى يحصل الأبناء على حظّهم من العناية والاهتمام، ثم تجد الأم أنّ جزءا من تغذيتها في وجودهم حولها، فإن كان ثمة فراغ بعد ذلك فهو حتى تملأ رئتيها بالهواء النقي لتُكمل الوظيفة.
من يريد أن يقنع الأم أنّ إنجازاتها الفردية هي السعادة فهذا وهم ومن هنا تخلخلت البيوت وتهاوت مفاهيم الإنجاز وتعطلت العطاءات المتعدية التي هي مسؤولية إجبارية لا اختيارية؛ إذا صارت الأنثى زوجة وأمًّا وجدت إنجازها في نظرة زوج ممتن وفي برّ أبناء حانين، وقد لا يتحقق ذلك بغير إنفاق وقتها طوعًا وكرهًا، وليس كل واجب يُشتهى "فاعبده واصطبر لعبادته".

ربما لن أبالغ إذا قلت أنّ دور الأم تضاعف كثيرًا عمّا كان، وعليها أن تفتح عينيها جيدًا صوب كل اتجاه وتحصّن المداخل على أبنائها، فالأم قبل سنوات كانت تعتمد على معلم ومنهج وقدوة يدعو الناس إلى الخير، لكنها فجأة أبصرت نفسها في تحدي أن تكون هي المنهج والمعلم والقدوة وألّا تعوّل على أحد، وتلمّ بكل جديد وتكون الطبيب النفسي، وأن تلملم نفسها عند كل انكسار فالأعين متشبثة بها.
تطمح غدًا إذا لفّ ابنها شماغه حول رأسه كبيرًا، لفّ بإحكامٍ داخل خلاياه أفكارًا سامية؛ فلم يكن سفنجة ولا إمعة، ألّا يجلس على منصب يحرّك المال فيه قيَمه، فيتبنى الإرجاف ويتخلّى عن دينه ليملأ جيبه!
مشهد النازحين والمشردين من أوطانهم حولنا لابد أن يكون لنا معه وقفة، بما يتناسب مع العمر والنضج، أما تغييبهم عن الواقع فسيكبرون دون أن يجدوا من ينقل الحقيقة التي عشناها وشربناها في الإذاعة المدرسية والمسرح وموضوع التعبير، ولن تُدفن.
.
.
الحبل "السُرّي"..
هو الحبل "السِّري" بين كل أم وأبنائها.
فيا أيتها السرّ.. والوطن، وثغر الأسرة الباسم
هنيئًا لك..

#خاطرة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

18 Oct, 10:54


إذا ارتفع الأذان يَزينُ حالي
يجُمُّ القلب فيّاض الجمالِ

يدُُكُّ الهمَّ حتى لا أُبالي
يصُبُّ "الله أكبرُ " مِلءَ بالي

وأشهد أنه الباقي متينٌ
وكلّ العالمين إلى زوالِ

وأشهدُ أنّ أحمدَ جاء غيثًا
لأمتنا وبلّغَ في نضالِ

وماتَ أوان مات وظلَّ دينٌ
أبِيٌّ ليس يُعرف بالرجالِ

أتى الصدّيق للفاروقِ يومًا
يهدّئ روعةَ الفقدِ العُضالِ

محمّدُ مات والجبّارُ حيٌّ
هو المعبودُ حقًّا ذو الجلالِ

محمد مات والإسلام باقٍ
رسا في القلب ليسَ على رمالِ

إذا ما ماتَ ورّثَ كنز عِزٍّ
فلا تهِنوا ورأسُ الدين عالي

على نهج الحبيب تجود نفْسٌ
ويبقى الهَدْيُ حيًّا بالوصالِ

يَسيرٌ أن يشيع الحبُّ لفظًا
وإنَّ الحُبَّ ريّانَ الفِعالِ

فقُمْ واغرِسْ وأعلِ الجدِّ وانهَلْ
وسُرَّ محمّدًا يوم النوالِ

وليس الشأن أن تبتاعَ كُحلًا
ولكنْ رَيّ جفنٍ باكتحالِ




#شعر رغدة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

15 Oct, 13:37


ماذا لو كانت يدي؟
ماذا لو أنّ تلك اليد المستنجدة في وسط اللهيب كانت يد من أحب؟
شعور لوهلة ينتزع السكينة نعوذ بالله من القهر والظلم؛ ثم ينبثق صوت من الوجدان يعزّي قائلًا: "والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون".
تفنى العبارات وتتقازم الأوصاف ويشعر المرء بانعدام الدافعية تجاه أعماله، وهو يرى أولئك الذين هربوا من جدران بيوتهم وفرّوا من الموت ونزحوا مرات ومرات يموتون في خيامهم بجوار مستشفى ظنّوا أن يجدوا حولها أمان نسائهم وأبنائهم وأنفسهم!
عندما كنت أقرأ سورة البروج وأحاول تصوّر شعور المؤمنين وهو يقذفون في النار واحدًا تلو آخر ويأتي الوصف القرآني للمشهد: "النار ذات الوقود* إذ هم عليها قعود* وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود"؛ كنت أفكّر كيف يمكن لأيّ بشر يحمل مشاعر الإنسانية أن يفعل هذا، يقول ابن عاشور: "فائِدَةُ هَذِهِ الحالِ تَفْظِيعُ ذَلِكَ القُعُودِ وتَعْظِيمُ جُرْمِهِ، إذْ كانُوا يُشاهِدُونَ تَعْذِيبَ المُؤْمِنِينَ لا يَرْأفُونَ في ذَلِكَ ولا يَشْمَئِزُّونَ"، وقال ابن عثيمين: " هؤلاء الذين حفروا الأخاديد وألقوا فيها المؤمنين كانوا -والعياذ بالله- عندهم قسوة وجبروت، يَرَوْن النارَ تَلْتَهم هؤلاء البشر وهم قعودٌ عليها على الأسِرَّة فَكِهون كأنَّ شيئًا لم يكن، وهذا من الجبروت أن يَرى الإنسانُ البشرَ تَلْتهمه النارُ وهو جالسٌ على سريره يتفكَّه بالحديث ولا يبالي".

على ضفة أخرى أتذكّر السلوى أسترجع المآلات من رحلة الحياة بمثل ما وردنا من قصة بني مخزوم وهم يخرجون بعمّار بن ياسر وبأبيه وأمّه -وهم نموذج البيت المسلم الأول- إذا حميت الظهيرة، يعذّبونهم برمضاء مكة، فيمرّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: "صبرا آل ياسر؛ فإنّ موعدكم الجنة".
صبرًا آل غزة؛ فإنّ الله يبصر ويسمع، ولا يخفى في ملكه عنه شيء، وإنّ المؤمن ما يزال في بصائر بلائه متدثّرًا بإيمانه مستلهمًا الآيات في مواقف حياته كلها حتى يأتي أمر الله.
عندما جاءت إلى المدينة حادثة الإفك فنزل الهمّ برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين وانقطع الوحي في شأن عائشة رضي الله عنها خمسين يومًا أو تزيد كما قال الشرّاح وذكرت عائشة أنها مذ ذهبت منزل أبويها مكثت شهرًا هناك قبل نزول الوحي في شأنها، والله سبحانه وتعالى لا يعجزه أن ينزل الوحي فينتهي الناس عن الحديث في فراش النبوة وعرض المصطفى وفي أحب نساء النبي صلى الله عليه وسلم إليه؛ ولكنها إرادة الله وتمام حكمته التي قال عنها في سورة النور: "لا تحسبوه شرًّا لكم بل هو خير لكم"؛ وفي حكم رؤية هذا الخير حديث وفير في كتب التفاسير.

إنّ التحدّي اليوم كبير على الفرد منّا للحفاظ -مع يقينه العظيم بالله- على حالة شعورية من التضامن وعدم فقدها مع التيه الذي تحمله وسائل التواصل الاجتماعي لمن يتابع الأخبار فيها؛ ففكرة المشاهد السريعة الخاطفة كثيرا ما تنجح في خطفنا من الشعور وشتاتنا، فبينما أنت متعاطف أو ربما باك من احتراق الخيام في دقيقة تحيلك بكل إسفاف على إعلان دورة للرقص الشرقي، أو رحّالة يستعرض صوره على متن سفينة في قلب البحر .
تجاوزنا مرحلة الخوارزميات إلى قذف الدعايات التي لا تتصل بأي من محتويات متابعتنا فصرنا في فوضى، وتعطّلت لدينا إمكانية الاستغراق في اللحظة والسماح للتفكير أن يتحوّل إلى إيجابية واعية في حياتنا إذا ما سمحنا لهذا الكم الهائل من التفاهة أن يجد استجابة لدينا. والفائز من نجا منها.

وجعك ودمعك وأنت ترفع دعواتك وقلبك بين يديك مقدّر عند الله، وهو القائل: " تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون" الكريم يجزيك على الدمع والاحتراق الذي في قلبك؛ فإنّ المنكر الذي أصاب إخواننا من ألم ونزوح وتجويع وقتل بأبشع الوسائل الذي تقف أمامه بشعور قلبك بالألم والإنكار أنت مأجور عليه؛ وما أعظم كرم الله وجبره لخواطرنا إذ عدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكار القلب درجة من التغيير وإن كانت الأضعف" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده … (إلى أن قال) فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"، مما قيل في شرحه في عون المعبود: "فبقلبه: بأن لا يرضى به وينكر في باطنه على متعاطيه، فيكون تغييرا معنويًّا إذ ليس في وسعه إلا هذا القدر من التغيير".

ربّاه إنّ يدي برجائها رُفعتْ
وأيقن القلبُ ما خابتْ إليكَ يدُ
-قريبًا في حلّة إنشادية-

#خاطرة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

08 Oct, 13:12


"كيف حالك؟"
سؤال يمثّل المقبّلات لأي لقاء عابر، وفي أشهر انتقل إلى أن يكون الطبق الرئيسي الأكثر دسامة.
هذا السؤال بعمقه لا بسياق تداوله كتبتْ حروفه على كل قلب حربُ غزة، وهي تُبثّ علنًا أمامنا سنة كاملة من الألم، لكن ليس من المناسب أن نتحدّث عن ذلك المصاب الذي نشعره جميعًا وتغيب عنّا حقيقة حكمة الله في البعد الكلّي الذي لا تدركه الأبصار.
حرب – برح - رحب، هذا التجانس يسحب معه الأثر المفارق الذي وُلد إلى الساحة على التوالي من جرّاء تناوب الحروف الثلاثة في اتساق عجيب : ح ر ب
نعم جعلت الحرب على غزة آلامنا في نصابها الصحيح، هيّأت لنا نقلًا مباشرًا "للتبريح" حتى لا نحكي لأبنائنا أننا قرأنا، بل أننا شاهدنا وتفاعلنا، وبكينا وتوقّفنا، وحٌبست أنفاسنا، ثم تساءلنا عن موقعنا، وعن همومنا، وعن ترتيب أولوياتنا، وعن وسائل نصرنا، عن وعن..
ومع عصرة ألم لم تفارقنا وجدنا أنفسنا أمام "رحابة" نظرة شمولية عندما أبعدنا العدسة وغيّرنا توجيهها.
ليبقى السؤال النابض في العروق والأكثر أهمية:
"كيف" حالك الآن؟
ما دُمتَ صدقتَ في وسعك المحدود فعلًا، فماذا فعلتَ بالمساحة المٌتاحة؟ هل استثمرتها؟
رحلتك الذاتية أنت إلى الله، سعيك لرفع كلمته في حياتك، التي تمثّل الشرط "إن تنصروا الله ينصركم"
ك ي ف تبدو لك؟
لم تأتِ السرعة والسبق في شيء في القرآن سوى للمغفرة والجنة؛ فهل تُراه تحقق أم أننا رضينا الحبو..؟
"كيف" ترى خطوك؟ تحبو.. تمشي... تهرول.. تسبق؟ في كلٍّ خير؛ والله كريم بالنتائج، لكن الأهم أن لا تكون خطوتك في الاتجاه المعاكس "ولا تتبعوا خطوات الشيطان"! حينها توقّف وعدّل الوجهة.
...
"كيف" حالك؟
طٌرح هذا السؤال علي من عين طفل شارد فقد للتوّ أبويه، وآخر حمل في حقيبته المدرسية أشلاء أخيه، وأخرى رأت عربة المثلجات تحمل جثث عائلتها.
سُئلتُه من أب ينادي من بين الركام اسمًا اسمًا للخمسة الذين ربّاهم واحتضنهم، ثم أخذ حفنة من التراب يجفف بها دمعه، وأمٍّ تبحث في المستشفيات عن ولدها الجميل لتكتشف أن الذي تبقّى منه لفائف شعره الأشقر،
وغيرهم.. وغيرهم..
فضاء جديد من تربية النفس نشكر الإعلام أن قدّمه لنا بإخلاص على طبق من الألم والدموع، مع فيتامينات من اليقظة الشعورية وكأس من بياض الوحي البارد المنسكب على القلب حين تجتمع الثلاثة ونُشاهد الرابعة:
"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين"
"كيف" يملك مثل هؤلاء إكمال حياتهم؟
عامٌ كامل توقّفتُ فيه مرارًا عن العمل في رسالتي الدكتوراه قبل تمامها لأعيد ترتيب روحي، وأحاول أن أجيب عن سؤال: كيف أقف الآن؟
بإمكان كل منّا أن يقف، لكن كيف؟ مطأطئ الرأس أم رافعًا له؟ ناصبًا جذعه أم منكفئًا هزيلًا؟ باسم الثغر أم متجهّمًا؟
سنختار الأكمل ولن نرضى بغير "وأنتم الأعلون" ونكمل السير ..
الناس تكافح وتحيا محاولة في كل اتجاه أن تحسّن جودة الحياة "الدنيا"، لابأس لكن للتكافؤ فقط: "كيف" نحسّن جودة أقدامنا ولياقتنا البدنية للسباق الأخروي؟

كيف حالك؟
ليس سؤالًا للإجابة الفورية أبدًا إنما هو سؤال للتأمّل ثم العمل على إثر دورة تدريبية مكثفة عن الألم أخذتها عن بعد، يحسن أن تزيّن سيرتك الذاتية.
رحمك الله أن جعلها لك درسًا عن بعد؛ ورحم الله إخواننا حين عاشوها عن قرب، ودرّبوها، وقد أوتي كلٌّ حسب وسعه.
تذكرتُ ردًّا على هذا السؤال يحمل وعيا لا جوابا أورده أبوهلال العسكري: "قيل لأعرابيّ: كيف حالك؟ فقال: ما حال من يفنى ببقائه، ويسقم بسلامته، ويؤتي من مأمنه".
الجواب الدائم هو:
الحمدلله حمدا كثيرا طيبا مباركًا فيه

وروي عن علي بن أبي طالب:
"ومن قلّت مطامعه تغطّى
من الدنيا بأثواب الأمانِ

وما يدري الفتى ماذا يلاقي
إذا ما عاش من حدَث الزمان"
بعيدًا فوق رمالٍ اعتدتُ أن أبعثرها من فتات أوراق الحياة الذهبية على شاطئ من خيال يجعلني أكتب، هناك نصبت خيمتي أحاول إيجاد الهدأة من زحمة التهافت الذي يعاني منه البشر للوصول للوجهة، كلّنا لاهث، لكن السؤال الحقيقي الحنون لك واسأل عنه، وفيه، وبه نفسك:

كيف حالك؟

#خاطرة
#غزة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

01 Oct, 09:19


رحلة تدبّر في سورة النور
تم فتح التسجيل مجددا لمقاعد محدودة..

للتسجيل والاستفسار:
https://store.ethraa.ws/QdDoQAX?fbclid=PAZXh0bgNhZW0CMTEAAaatKz7G4sMiVolXnp6dDGnesVRmZ6c87TovB-oZZjGi8AZpUPxP6IfaZpQ_aem_5i_LTmQfh_qPWwEkyQ26sw

شاطئ الرغد

01 Oct, 07:52


"لا جديد"
"عادي"
إجابات ضجِرة من شكل الأيام؛ وإنما اليوم الجديد الذي يتجدد فيه النفَس بحد ذاته جزء من عطايا الإله..
الحمدلله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور..
الحمدلله على أن بلّغنا النور بعد الظلمة، والصباح بعد الليل..
الصباح الذي يقبل علينا في سعة وأمن وصحة لهو صباحٌ من النعيم!
هل حيزت لك الدنيا؟
كثير من الناس استيقظ اليوم وقد حيزت الدنيا له لكنّه لم يبصر إلا الجزء اليسير الذي يفتقده؛ واستشعار الحيازة كلّ صباح ينقل مزاجك من "العادي" إلى "الرائع" يقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا "، صحيح الترمذي.
لا تبحث عن الدهشة الجديدة، بل جدّد نعمة اعتدتها واصنع منها دهشة..
قاعدة الرضا التي يبثها فينا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ ؛ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ". صحيح الترمذي.
قال ابن جرير: هذا حديث جامع لأنواع من الخير ; لأن الإنسان إذا رأى من فضُل عليه في الدنيا طلبت نفسه مثل ذلك ، واستصغر ما عنده من نعمة الله تعالى ، وحرص على الازدياد ليلحق بذلك أو يقاربه ، هذا هو الموجود في غالب الناس ، وأما إذا نظر في أمور الدنيا إلى من هو دونه فيها ظهرت له نعمة الله تعالى عليه ، فشكرها وتواضع ، وفعل فيه الخير .

أهل البلاء يتألمون، ويحمدون الله كل يوم أن الألم إن لم يُفرَج فلم يزدد بهم، وأنّ البلاء أينما وكيفما كان نوعه ما لم يكن في عقلك ودينك ولم يخرق بصيرتك فالحمدلله حمدًا كثيرًا أن كلّف على قدر الوسع، وأعان على الصبر، فكيف إن جاءت بآهِك أجورٌ عظام.
يقول تعالى:
﴿أوَلَمْ يَرَوْا أنّا جَعَلْنا حَرَمًا آمِنًا ويُتَخَطَّفُ النّاسُ مِن حَوْلِهِمْ أفَبِالباطِلِ يُؤْمِنُونَ وبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ﴾
قال ابن عاشور: الِاسْتِفْهامُ إنْكارِيٌّ، وجُعِلَتْ نِعْمَةُ أمْنِ بَلَدِهِمْ كالشَّيْءِ المُشاهَدِ، فَأنْكَرَ عَلَيْهِمْ عَدَمَ رُؤْيَتِهِ.
وقَدْ كانَ أهْلُ مَكَّةَ في بُحْبُوحَةٍ مِنَ الأمْنِ، وكانَ غَيْرُهم مِنَ القَبائِلِ حَوْلَ مَكَّةَ وما بَعُدَ مِنها يَغْزُو بَعْضُهم بَعْضًا ويَتَغاوَرُونَ ويَتَناهَبُونَ، وأهْلُ مَكَّةَ آمِنُونَ لا يَعْدُو عَلَيْهِمْ أحَدٌ مَعَ قِلَّتِهِمْ، فَذَكَّرَهُمُ اللَّهُ هَذِهِ النِّعْمَةَ عَلَيْهِمْ.
"ويتخطّف الناس من حولهم"
وجود الضدّ أدعى لإدراك النعمة،
وحتى تستشعر الأمن قلّب ناظريك؛ فإنّ غياب الأمن إصابةٌ في الجذر وكل النعم فروعه المورقة.
في ظلّ أزمة الأمة؛ والقلوب متفطّرة على العجز والضعف، عين تبصر ونفس تذوب، والناس تمسي نيامًا على الأرصفة، وتُصبح على فقد وتِيه، وأرواح تصعد بالآلاف، وعدوُّ شرس متربص، ويح قلوبنا إن بقيَتْ على شرفات غفلاتها متفرّجة على المشاهد وفي أكفّ الشعور كؤوس الشاي المثلج!

بين أروقة "العادي" لا تنسَ أن تلك الحجرات المغلقة التي تطلّ منها نوافذ المعذبين بالصوت والصورة تبصرها وتنال أجرًا يقدّره لك الله إذا حققت الجسد الواحد تعاطفًا وتوادًّا ودعاءً ونويت:
"وأنْفُسُهُمْ مَبْذولَةٌ لوُفُودِهم 
وأموالهُمْ في دارِ مَنْ لم يَفِدْ وَفْدُ"
-المتنبي-
ثمّ أطل الدعاء وألحّ..
وأبشر بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"…ورجلٌ آتاه اللهُ علمًا ولم يُؤْتِه مالًا فهو يقولُ: لو كان لي مثلَ هذا عملتُ فيه مثلَ الذي يعملُ. قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ: فهما في الأجرِ سواءٌ…" صحيح ابن ماجه.

إذا أصبحتَ حزينًا فأسعد محزونًا لتسعد،
واذكر أنّ ذلك "العادي" في تقييمك لكل ما حولك يبكي غيرك وداعَه..

#خاطرة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

25 Sep, 08:00


في زمن تدخل فيه الفردانية على الحياة الأسرية وتؤثّر على أبنائها؛ سنحتاج التذكير بقيمة الأسرة وجمال رابطتها ودورنا فيها.
ولأنّ مسيرة الفضائل تولد من رحم الأسرة؛
فإذا خسر الجيل التفافه حول أسرته ضعف شعوره بالانتماء لها؛ وتكونت فجوة عظيمة تظهر نتائجها في شكاوى البرّ وعدم المبالاة بصلة الرحم.

🌊متى آخر مرة عبّرت فيها ابنتكم اليافعة بالمحبة لأمها أو لأبيها أو لإخوتها؟
🌊هل لها مهارات وأفكار لا تشارك الأسرة بها ثمّ هي خارج البيت شخصية مختلفة؟
🌊هل تواجه عقبات في البوح بمشاعرها؟
أو تفعيل المشاعر لسلوك مُحِب؟

ضمن برنامج "مد وجزر" الذي يُعني بالترابط الأسري في مركز الهمة العلياء بالرياض،
يطيب لي تحت "غصن مورق" على شاطئ الهمة أن أجتمع بالفتيات من ١٢ - ٢٠ سنة،
عبر تأصيل قيَمي وحوار وقصيد وأفكار مثمرة نستذكر معنى الأسرة ودفء حضنها ، لنساهم في جعل بنياتنا ثمرات ناضجة مثمِّنة الغصن الذي أورق بهن يومًا..

للتسجيل:
https://alhemmah.sa/products/برنامج-مد-وجزر

شاطئ الرغد

24 Sep, 09:18


كل أرض سكنتها بقي لها حنين واشتياق..
لكن ذلك الوله واللهفة والحب والفخر يبقى للوطن ..
يومًا ما احتضنتني الخضرة، والتف حولي الثلج، وآنستني الأمطار ، شعرتُ بألفة لأحاديث الطبيعة التي لم أعتدها، وبقيت ذكراها الجميلة متشبثة بي، لكنّ جاذبية كبرى بقيتْ للرمال الذهبية حيث وُلدتُ وكبرتُ وعرفتُ ربي..
حيث أسير بحجابي عزيزة دون مضايقات..
هنا أهنأ بخصوصية المرأة،
باحترامها حيثما سارتْ..
بنظرة إكبار لحجابها وحيائها لا استخفاف وازدراء..
أقفُ في طابور الصرّاف؛ فتحضُر الشهامة حين يأبى الرجل إلا أن يقدّمني احترامًا حتى لا أنتظر خلفه ..
مشاهدُ كثيرة تحكي معانيَ متميزة تربّت عليها النفوس..

قالوا لنا يومًا: بلادكم تبتعثكم للدراسة؟ أنتم محظوظون؛ فنحن نبتعث أنفسنا ونتحمل غربتنا ونتكلّف كثيرًا لبناء عقولنا، لا أحد يهتم بنا.
قلت: نعم تبتعث للعلم وتبتعث للعلاج ولغير ذلك أيضًا، نحن في وطن يبني أفراده ويستثمر فيهم بفضل الله.

في وطني..
عزٌّ ورفعة وثباتٌ على دين الله..
في وطني..
لصوت الأذان خفقة وهيبة، وللقرآن حضور في القلوب والأماكن..

هذا هو الوطن الذي به أعتز..
أبقاه الله شامة بين الأوطان وحماه من كيد العابثين بثباته وقيَمه وأمنِه..

كان النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا قَدِمَ مِن سَفَرٍ، فَنَظَرَ إلى جُدُرَاتِ المَدِينَةِ، أوْضَعَ رَاحِلَتَهُ، وإنْ كانَ علَى دَابَّةٍ حَرَّكَهَا؛ مِن حُبِّهَا.-أخرجه البخاري-

جاء في شرحه:
"دفَع راحلتَه -يَعني ناقتَه- وجَعَلَها تُسرِعُ في السَّيرِ… ليَصِلَ سَريعًا إلى المدينةِ؛ من شِدَّةِ حُبِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للمَدينةِ واشتياقِه إليها؛ لأنَّها مُهاجَرُه ووَطَنُه، وفيها أهْلُه ووَلَدُه وأنْصارُه مِن المُؤمنِينَ الَّذينَ هُمْ أحَبُّ النَّاسِ إليه، وقدْ جَبَلَ اللهُ النُّفوسَ على حُبِّ الأوطانِ والحَنينَ إليها، وفَعَلَ ذلك عليه السَّلامُ، وفيه أكرَمُ الأُسوةِ".

من تخلّى عن مبادئ دينه، وترك عزّته، واتبع هواه وأخلد إلى الأرض، فهذا لا يمثّل وطنه، ولا صوت الحق الذي لم يغب فيه.
اللهم أمّنا في أوطاننا واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين ..

#خاطرة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

22 Sep, 11:50


"علمني الشعر ٣"

🖋️ التحدّي:
للوزن قيد دون شك لكل شاعر، لكنه يمثّل تحديًا جميلًا حتى يفصَّل المعنى على مقاساته تمامًا، ثم ما يلبث أن يصير اعتيادًا ومكانًا أليفًا.
وربّما أثّرت كتابة الشعر على النثر أيضًا، فتخرج بعض الجمل بنسق شعري دون قصد.
لولا تحدّي الوزن والقافية ما نشأت الضرورات الشعرية، أذكر في البدايات وأنا في المدرسة قبل أكثر من خمسة عشر عامًا بينما كنت أستشير عمتي رشأ صاحبة "ديوان نِعم"في أبيات إذ نبهتني على خطأ فقلتُ لها: ألا يعد ذلك ضرورة شعرية مقبولة؟
قالت: بلى ولكن إن شئتِ سرتِ على ضرورات شعرية دون حاجة وهذا ضعف، الشاعر الأصيل لا يلجأ للضرورات الشعرية إلا في أضيق الحدود.
فالتزمتُ ذلك ورأيت أثره.

🖋️ الإيقاع والإنشاد:
كثير من قصائدي تخرج باللحن، لذلك أجد أن القافية مقصودة وجزء من المعنى ثم البحر يأتي معها منسابًا وليس جدولًا لتعبئة الكلمات.
وعندما يتحدد بحر الشعر فربما يعلّمك بقسوة أن لا تصارع موجه، بل تركبها مستمتعًا.
أحيانًا قد يحب الشاعر بعض الكلمات ويريد إضافتها وهي متماشية مع الوزن والقافية ولا إشكال منها سوى جانب يتعلّق بالذائقة الشعرية إذ تكون تلك الكلمة مخلّة بالإيقاع في القصيدة ، وهذا تعلّمه الممارسة والتنقيح وعرض القصائد على أصحاب الخبرة؛ أذكر نصيحة عمتي زينب صاحبة ديوان "بوح وروح" كانت تشير لي ببعض الكلمات وتعقّب: أرى هذه الكلمة ليست شاعرية، وأنا على ثقة أن قلمك سيجيء بالأفضل.
فكنت ألتمس الأفضل وأحاول ألا يأخذني حبّ اللفظ إلى التعلّق به، وعندما أتخلّى عن القديم أجد بحرًا من المرادفات غائبة عني وهي أدلّ وأجمل.
..
أخرج البخاري : كان النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ يَنْقُلُ التُّرَابَ، حَتَّى وَارَى التُّرَابُ شَعَرَ صَدْرِهِ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ بِرَجَزِ عَبْدِ اللَّهِ :
" اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا …"الأبيات، يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ.
للرجز إيقاع أنيس يخفف أجواء العمل.
..
قرأتُ غير مرة في الجدل الواسع في علاقة القافية بالمعنى أو الشعور الذي يحسّه الشاعر ، بين متكلّف في الربط وغير آبه مطلقًا.
ومن تجربتي الخاصة أرى أن الإحساس يتحكّم في القافية تحديدًا بشكل غير معقول وغير مقبول للعقل ربما، لكنه لا يختار الوزن؛ لا يميل إلى الكتابة على الوافر أو الهزج أو غيره مهما كان قصيرًا أو طويلاً ، نعم قد يرتاح الشاعر لهذا أو ذاك حسب اعتياده، وكثرة ارتياده، لكن يمكن للشاعر أن ينفث في كل قالب حزنًا أو فرحًا، ولا يعني الطول أنه الأنسب للتأوه، أو القصَر أنه أليق بالفرح، فإنّ المفارقة أن الموجوع قد يميل للاختصار لأن الكلمات لا تفي، والصدر يتنهد بما يكفي، وربما مال السعيد للإسهاب لأن لحظة الفرح أو الحب أو الفخر جاءته بالتهاني والأماني ، فالاختصار شحٌّ في اللحظات الكريمة وللأرواح السخية.

التحكم في القافية عجيب مثير للاهتمام، وأثر حركة الرّويّ الساكنة يختلف عن المتحركة.
لا أبالغ إن قلت أنّي عندنا أقرأ قصيدة ما، فإنّ أوّل ما ألتفت إليه هو القافية ثم كيف صيغَ المعنى لأعرف التدفق الشعوري الذي أصيب به الشاعر، ثم كيف سكبه في الإيقاع والتصوير، حتى هدأ ماراثون الشاعر وسكن قلبه.

يولد أحيانا مطلع قصيدة أبيا مستعصيا إلا أن يكون مطلعًا، ويخرج حينا شطر واحد لين سهل أينما يوجَّه يتوجّه، لكنه يفرض على الشاعر قافية ما ، التحكَم والتحدي هو الإكمال بعد البيت العصي المتفرد الأول، فالبيت الفجائي قد يحسنه الشاعر وغيره أما الجرأة على إكمال القصيدة على ذاك البحر والقافية التي اختارها الشعور البكر فليس يسيرا أبدا؛ وهذا دليل على الرضا والقبول حتى يؤدم بين الشعور والقُدرة على تلك القافية، بما يتضمّن حقوقا من تمام الوفاء بالمعنى واحتراف السبك.

مرّ بي قول العلوي صاحب الطراز: "إذا أراد الشاعر بناء قصيدة مخّض المعنى الذي يريد بناء الشعر عليه في فكره «نثرًا»، وأعدّ له ما يلبسه إياه من الألفاظ التي تطابقه، والقوافي التي توافقه، والوزن الذي سلس له القول عليه"؛ فلم أجد هذا ينطبق معي، الشعر نفثة.. هجمة.. شيء لا يبدأ بإعداد منطقي، ومن تجربتي فلا يخرج الشعر إلا شعرًا ولا يحتاج إلى إعداد المقادير نثرًا كما قال العلوي أو أبو هلال العسكري كذلك: "إذا أردت أن تعمل شعراً فأحضر المعاني التي تريد نظمها فكرك، وأخطرها على قلبك، واطلب لها وزناً يتأتى فيه إيرادها وقافية يحتملها؛ فمن المعاني ما تتمكن من نظمه في قافية ولا تتمكن منه في أخرى"، و ذلك يجدي إذا طُلب الشعر طلبًا؛ ولم يخرج سجية مسترسلًا.

لعنترة قصيدة أقرؤها فأحس بفخامة وفرادة، بل تنتقل القراءة إلى مشاهدة فيلم سينيمائي ثلاثي الأبعاد، الوصف فيها له حلاوة لا تُحكى، مع إيقاع صحراوي آسر، ثم سمعتُ أداء النفيس لها فأيقنت أثر الأداء على التصوير المضاعف:
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب
ولا ينال العلا من طبعه الغضبُ
https://m.youtube.com/watch?v=ZmazU36WfZA
#خاطرة

شاطئ الرغد

19 Sep, 10:58


علمني الشعر (٢)
التزوّد والممارسة..
بالأخذ والعطاء..
فالقراءة الواعية والتواضع للمقروء تثمر ممارسة متجددة غير مملة أو اعتيادية، وبدون التواضع لا يستقي الإنسان و لا يطوّر شعره.

🖋️التواضع:
يومًا ما من أيام رحلة الدكتوراه حدث موقف طريف لا أنساه، دخل أستاذ النقد طيّب الله ذكره على القاعة وكان الحديث عن الصنعة الشعرية وسمات الشاعر، فقال : أعلم أنّ في القاعة شاعرتين، فمن هما؟
فلم تتحدث واحدة، ثم قال: لا بأس.
أرى في كل شاعر نزعة غرور ، وأبرز ما يدل عليه أنه يكتب لينشر، كأنه يقول للناس: انظروا إلى شعري الجميل. ثم استأذنته: عفوًا أستاذ إن سمحتَ لي بالتعقيب، فقال: هذه رغدة، تفضلي، قلت: ربّما يكون ما قلتَه منطبقًا على صنف منهم، وفي شعر المتنبي مثلا إلماحات لمثل هذا، لكن الذي لا أشك فيه أنّ هذا التعميم قد يغيّب حقيقة كثير منهم وربما صنّف نفوسهم وحكم على نواياهم، الشاعر يكتب لأنه يريد الكتابة، يكتب لأنه يشعُر، والذي يشعر ينفعل، والذي ينفعل حرفًا، يظهر انفعاله، الانفعال حياة، كم من شاعر يكتب لأنه شعر يقضية أو تألم لمصاب أو تذوّق جمالًا أحبّ مشاركته، وهو في النشر مثل العالم والكاتب والقارئ، كل أولئك ينشرون، ليس أن هذا غرورًا فيهم بل من مسؤولية الكلمة ونشر الخير، وتسجيل التجربة الإنسانية، نحن نحتاج شاعرًا واثقًا ينقل لنا نظرته للدنيا من حوله، لا ينزوي عند الحاجة إليه، وإلا فما قيمته؟، ماقيمة الشعر إن لم يُروَ؟فقال: قبل أن أعقّب، هل عرفتم الآن إجابة سؤالي الأول!".

علمني الشعر أن أنظر إلى كل أطباق القصائد وأتذوّقها حتى لو لم تبدُ لذيذة، وهي مدرسة؛ فإن كانت جيدة تتلمذت، وإن كانت غير ذلك علمتني طعمها ومعيار الجودة والرداءة.
لم يعلمني الشعر الغرور، بل على العكس تماما؛ علمني أن أعرف موقعي وموقفي وأسجل حضوري عندما لا يُشفى الصدر في بعض المقامات إلا بلمسة الشعر.
وأن لا أتردد بعرض قصائدي على خبير إن شككت فيها.
الغرور وغيره شيء متعلّق بالشخصية لا علاقة له بالمجال أو المهنة أو الهواية.

علّمني الشعر أن أتمثّله وأستشهد به، ألّا أحفل بشيء كتبته وعند الناس ما هو أجود منه في موضوعه.
وأنّ عند الناس من الحِكم ما يعجز عن نظمه الشعراء.
وكم من شاعر مغمور لا صيت له كانت كلماته أشد وقعًا من غيره،
وألا تلازم بين الشهرة والشاعر، كل شِين لها باب مختلف، فأمّا الشهرة ففتنة وقلّ من يسلم فيها، وأمّا الشعر فبوابة حكمة لمن عرف طريقها من خلاله.
هناك مواقف تلامسها بعض الأبيات فتجدها تجري على اللسان، ورد في البخاري عن جندب رضي الله عنه قوله: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي ؛ إِذْ أَصَابَهُ حَجَرٌ، فَعَثَرَ فَدَمِيَتْ إِصْبَعُهُ، فَقَالَ :
" هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ "، فتمثّل شعر عبدالله بن رواحة رضي الله عنه ، وفي هذا المعنى تخفيف على النفس، ومواساة للآلام بأنفاس الوزن الشجية.
ومن مثل هذا عندما يحصل موقف فتتمثل صديقتي بيتًا شعر كتبته ونسيته فترسله إلي، فيعلّمني الشعر أن أكتبه ليلامس الوجع فيخفف منه، لا أن يزيده، تعلمتُ ذلك عندما رأيت أثره في نفسي وفي نفوس الناس.

🖋️ التزوّد، ألّا أتوقف عن القراءة:
عندما أكتب على وتيرة متتالية ومتصاعدة لتدفق شعوري هادر، كنت أنظر إلى كل قصائدي المتقاربة في الزمن فإذا تشابهت فيها الألفاظ توقفت، وعرفت أنّ عليّ استدرار اللغة، وأن أمكث مع بعض الألفاظ حتى تخرج على نحوٍ أجود، اللفظ لا يأتيك إلا من مخزن تعبّئه بالقراءة والتلقّي والاكتساب مع قدر فطري من البديهة لا شك لا يُستغنى عنه.
عندما أجدني أكثرتُ من لفظ ما ، أعود للمعاجم قارئة لاستخراج مرادف أدقّ في دلالته، لأني قد أحبّ لفظًا وأستهلكه حتى يبلى معي.

القرآن والسنة والتفسير وشروح الحديث ثمّ كتب الأدب والبلاغة مثل: كتب الرافعي والجاحظ وابن المقفع وابن المبرد وعبدالقاهر الجرجاني لمن قدِر عليه، هي من أنفس ما يعطي مخزونًا، السطر فيها له قيمة عالية.
هذه القراءة لغة وإن لم تُقصد لذلك، لكن هناك قراءة أكثر دقة تتوجه إلى ميادين الشعر العربي ذاته من أصوله من المعلقات ودواوين الشعراء هذه تُكسب الآلة وتُحدّها.
ثمّ أي كتاب نافع في بابه يقع بين يديك غالبًا سيعطيك شيئًا تتعلمه أو تنفر منه.

لا يعني أنّ الإنسان مشغول أنه إما أن يأخذ كلّ شيء جملة فيعجز أو يتركه جملة فيهجر، يتدرّج بحسب ما عنده من المتّسع، ولو ترك هاتفه لوجد من الوقت الشيء الكثير المبارك.
وبين فينة وأخرى قلّب في لسان العرب في فصل الدال أو الذال مثلًا لمجرّد معرفة بقعة جديدة من الدهشة لم تغُص فيها، أعدك أن تبقى هناك وتعشق ذلك البحر.

فانظر إلى قدر احتياجك واملأه بالمستطاع، والشعور بالحاجة هو أول أسرار الاستزادة ،يقول الجاحظ: "من أعون الأسباب على تعلّم اللغة فرط الحاجة إلى ذلك. وعلى قدر الضرورة إليها في المعاملة يكون البلوغ فيها، والتقصير عنها".
#خاطرة

شاطئ الرغد

17 Sep, 13:26


علمني الشعر (١)*
الاختيار والتوازن..

إذا أطلّ بدر الشعور وبات متدثّرًا بالأوزان فلا عجب أن تستيقظ شمس الشعر .
في صباح يوم ما أذكره جيدًا دخلتُ في فضاء جديد،
لم أختر مدرسة الشعر، ولم أقف على عتباتها، ولم أعرف أين تقع بوابتها مطلقًا.
الحقيقة أنني وجدت نفسي في إحدى الفصول فجأة، وكانت البداية.
أخذته بالتدرّج
كتبتُ شيئًا مضحكًا أول مرة حتى صار المكتوب شعرًا.

وبعد دخول كهف "الشعر"
رأيتُ فيه
عالمًا فريدًا
ومتنفسًا بديعًا
وريفًا مخضرًّا يناديني من زحمة الحياة

الشعر هو البحر، كل موجة فيه لا تشبه الأخرى، واحتياج الشاعر فيه للسباحة شرط للنجاة، يجعل القلم رشيقا، والنفَس رقيقا، كل شيء يقع فيه يتحوّل، تكاد العين لا ترى الأشياء كما هي بين الأوزان والقوافي،
وكلّما تعمّق في هذا البحر سبّاح صارت الأشياء من حوله أعجوبة، وأدمن الغوص في العمق، وكل ما يمر أمام عينيه، أو يعيش في شعوره، أو يتُعب أنفاسه يصبح مادة ثرية في بحر يمتزج فيه الشعر بالشعور.
تصبح الرائحة شطرًا، والألم قافية، والصورة حكاية، والطعم حرفًا..
علمني الشعر أن أستنطق الصامت وأصمّت الناطق، أن أعيش كل شيء بإحساس لغوي يتعدّى ما يجري في دمي إلى ما يجري في دماء الناس.
علمني الشعر الاختصار ورعاية فنية القالب لا مجرد النظم المباشر الساذج.

تعلمت بعد سنوات من الكتابة أن الشاعر ربّما عصر قلبه ليُخرج لك ربع كوب من قهوة مقطّرة مركّزة .

الشعر يريد قوة لا ضعفا
تركيزا لا شتاتا
لبًّا لا قشورا
انتقاء لا حشوا
يأتيك مع الشعر اختزال المعنى مع فصاحة اللفظ وتمام الدلالة، وهذه مهمة صعبة، تحتاج مهارة، وتتطلب عمقا في الفهم ونسجًا للعبارة.
وصياغة المعنى في شطر أو بيت وحده مكتملا لا حاجة لبيت يتم له معناه تحدٍّ فعلي، واختبار ماتع جدا، يستطيعه الشاعر مع الدّربة.

وربّما يتمرّد القلم خفية كطفل عنيد يجرّب الكتابة حتى على الجدران، فإذا جاء تسلّل إلى حجرة العقل ووثب على التنقيح بإبرة مخدّر واضعًا الإرادة في وضعية الطيران، سامحًا لكل المشاعر أن تبدأ وتنتهي وحدها.

علمتني قيود الوزن والدراسة في البلاغة أن أدرك قيمة كل كلمة وكل حرف في البيت، وأن أقوى على التخلّي عن بيت أو شطر أحببتُه؛ لأنّ معناه تكرر في غيره وكان هناك أجزل.

في رحلة المعنى ربما لا تأتي أبيات الشعر مرتبة،
أحيانا أسمع أبياتي بعدما تُنشَد وأقول : لو كان الثالث مكان الثاني لكان متّسقًا أكثر إذا أردتُ أن أكون ناقدة محايِدة، لكنّ سيل الشعور لا يترك مجالًا للزورق أن يجدّف عكس الاتجاه.
أكتشف مع الأيام أنّ أكثر ما تعلمتُه من الشّعر أن أدقق الاختيار وأأنف من الحشو أنفة شديدة،
فالكلمة التي تكتب لتجلس في المكان ولمجرّد أن تملأ طبق الوزن وتُخسِر المعنى هي كلمة ثقيلة لا حاجة لها ، مثلًا سأفترض شطرًا بدهيًّا لا يحتاج توقّدًا:
أهلا بكلّ الصحب والخلانِ

"الصحب والخلان" بمعنى واحد والإتيان بالمرادف إذا لم يكن لمقصد بلاغي وجيه وإضافة معنى مختلف فلا قيمة له، ثمّ "كل" أشبه بكريمة الخفق التي تملأ فراغات الكعك، دسمة إلى أبعد حد، لكنّها لا تعطيك المعنى الحقيقي منها في الشعر إلا نادرًا.
يقول القرطاجني :
"وأحسن الألفاظ ما عذب ولم يبتذل في الاستعمال. وكلامنا ليس واجبا على الشاعر لزومه, بل مؤثرا حيث يمكن ذلك"،
ويقول في اختيار الألفاظ كذلك:"وصناعة الشاعر فيها حسن التأليف والهيئة".
فالغاية ليست أن يجمع الكلمات على وزن ويحسنه، فهذه مفروغ منها ليسير على شرط من شروط الشعر فقط، فالسرّ هو كيف ينظم المعنى الذي جال في نفسه باختيار اللفظ اللائق.
أما إذا بلغ البراعة فسيأتيك في الشعر وكأنه مغنّى بمجرد قراءته.

متى أدرك الشاعر أهمية ألا يكتب القصيدة رفعًا لملام أنه شاعر وعليه أن يُنتج؛ بل يقدّمها مزيّنة مطيّبة يودّ الناظر ألا يرفع عينيه عنها فقد وصل بشعره إلى الإحسان في تلك اللحظة التي رسم فيها شعوره بأدق التفاصيل وأحسن إلى اللغة بكشف كنوزها.
..
يختلف الشعراء في قوتهم مهما أحسنوا بحسب الغرض؛
جاء في صحيح مسلم طلبُ النبي صلى الله عليه وسلم من عبدالله بن رواحة وكعب بن مالك أن يهجوا قريشًا، فلمّا جرّبوا لم يرض النبي بأيٍّ من هجائهما، ثم أرسل لحسان بن ثابت رضي الله عنه فلمّا سمع هجاءه قال: "هجاهم حسان فشفى واشتفى".
على أنّ كلًا منهم كان شاعرًا من شعراء عصر النبوة محسنًا في شعره ، والأمر يتفاوت.
وأحبُّ هذه النتائج،
و هكذا فلتكن الغاية من الشعر أن يشفي في غرضه ويشبعك في موضوعه، وتشعر بعد أن تقرأه بأنك ارتويت.

الإنجاز ليس في مجرّد كتابة الشعر بحدّ ذاتها كتجربة إنسانية او نفثة شاعرية ، بل أضف إلى ذلك المحصّلة:
ماذا ترك هذا البوح في نفس قارئك؟

فواهًا إذا أشعلت القصيدة في نفس القارئ فتيلًا
وفتحت لحياة المعنى في قلبه سبيلًا


*سؤال وصلني، أجيب عنه بالخواطر.

#خاطرة

https://t.me/Sha6eAlraghad