في ظلال مكة، حيث كانت القلوب مُغلّفة بظلمة الجاهلية، ظهر رجل لم يكن كغيره… لم يسجد لصنم، ولم يشرب خمرًا، ولم يعرف الكذب.
كان أنبل قريش نسبًا، وأصدقهم حديثًا، وألينهم قلبًا، وحين أشرقت شمس الإسلام، كان أول من صدّق، وأول من وقف إلى جانب النبي دون تردد… إنه عبد الله بن أبي قحافة" أبو بكر الصديق"💛.
لم يحتج إلى آيةٍ أو معجزة، بل ما إن أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بدعوته حتى قال كلمته الخالدة: "إن كان قال، فقد صدق".
ومنذ تلك اللحظة، لم يكن مجرد تابع، بل كان رفيق الدعوة الأول، وصاحب النبي في أصعب الأوقات💛.
حين أسلم، لم يكن يفكر بنفسه فقط، بل بدأ يبحث عن الآخرين، يدعوهم إلى الإسلام، لم يمر وقتٌ طويل حتى جاء بكنوزٍ للإسلام: عثمان بن عفان، الزبير بن العوام، طلحة بن عبيد الله، سعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف. رجالٌ حملوا راية الإسلام بعده، وكان هو أول مفتاح لهم.
لكن إيمانه لم يكن كلماتٍ تُقال، بل مواقف تُكتب بماء الذهب… حين اشتد العذاب على بلال، كان هو من اشتراه من أمية بن خلف، وأعتقه، ليعلن أن الحرية في الإسلام ليست مجرد شعار، بل فعلٌ يُثبتُه الصدّيق.
وجاء يوم الهجرة… اللحظة التي كان ينتظرها، حين أخبره النبي: "إن الله قد أذن لي بالهجرة"، فسأله مباشرة: "الصحبة يا رسول الله؟" فقال: "الصحبة"، لم يتمالك أبو بكر نفسه من الفرح حتى بكى، كانت فرحةً من نوع آخر، فرحةً بأن يكون مع النبي حين يترك مكّة، وحين يؤسس للإسلام أرضًا جديدة.
وفي الغار، حين كان المشركون على بُعد خطوات منهم، وقف بقلبٍ ثابت، لكنه خاف على النبي، فقال له الرسول كلماتٍ نقشت في التاريخ: "لا تحزن، إن الله معنا".
وجاءت بدر، فأحد، فالأحزاب… كان دائمًا في المقدمة، لا يتأخر عن نداء، ولا يتراجع أمام تضحية. لكنه كان يعرف أن أعظم اختبارٍ ينتظره لم يكن في ساحات القتال، بل في ذلك اليوم الذي توقف فيه الزمن… يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم.
كان الصحابة في ذهول… عمر بن الخطاب نفسه لم يُصدّق، وقف يهدد ويتوعد من يقول إن النبي قد مات. ولكن أبو بكر وحده كان ثابتًا، دخل على النبي، قبّله، وقال: "طبتَ حيًا وميتًا يا رسول الله"، ثم خرج ليواجه الأمة بكلماتٍ خلّدها التاريخ:
"أيها الناس، من كان يعبد محمدًا، فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت".
كلماتٌ أيقظت الصحابة، وأعادت للأمة رشدها، كان هو الصدّيق حتى في أصعب اللحظات… لم يهتز إيمانه، ولم يتردد في اتخاذ القرار.
لكن التحديات لم تنتهِ… فالفتنة كانت على الأبواب، ارتدت بعض القبائل، ورفضت دفع الزكاة، وبدأت الأصوات تتردد: "كيف نقاتل من يقول لا إله إلا الله؟". حتى عمر نفسه كان مترددًا، لكن أبا بكر وقف كالجبل، وقال كلمته الشهيرة:
"والله لو منعوني عقالًا كانوا يؤدونه لرسول الله، لقاتلتهم عليه".
كان وحده في البداية، لكنه كان واثقًا من الحق. وبعد لحظات، وقف عمر نفسه وقال: "فعلمت أنه الحق".
هكذا كان أبو بكر… لم يكن فقط أول من أسلم، بل أول من ثبّت الأمة في أشد أوقاتها. لكن بعد عامين من حكمه، بدأ يشعر بضعف جسده، وكان يعلم أن الإسلام يحتاج إلى رجلٍ قوي… رجلٍ تصفه الملائكة بالعدل، ويفر منه الشيطان… رجلٍ اسمه عمر بن الخطاب💛.
فلماذا اختاره أبو بكر؟ وكيف تحوّل الفتى الشديد الذي كان يخاف عليه النبي قبل إسلامه إلى الرجل الذي كان يخاف منه الشيطان؟
تابعونا في الحلقة القادمة 🌚💛.
#سلسلة_العشرة_المبشرين_بالجنة
#تجمع_طلاب_صناع_المستقبل
#FMSG