خبصات ثورية:
كنا سابقاً في أيام النظام السيء الصيت والسمعة نضحك كثيراً ونسخر أكثر عندما يخرج وزير سوري بتصريحات بهلوانية وغريبة وبعيدة عن العلم والمنطق ليبدو منفصلاً عن الواقع، وكنا نعنون تصريحات الوزراء بخبصة وزير، أما اليوم فقد فوجئنا بتصريح لوزير المالية حول زيادة الرواتب واستثناء المتقاعدين من هذه الزيادة وقد كان هذا التصريح صادماً لأنه جاء على لسان وزير في حكومة الثورة السورية.
على ما يبدو علينا أن نتأهب لاستقبال محطات كثيرة تسرق فرحتنا وتكبح تفاؤلنا بمستقبل واعد وهنا أصبح لزاماً علينا المزيد من التوضيح.
أولاً: الراتب التقاعدي ليس منحة أو عطاء من أحد لا من القيادة ولا من الدولة السورية وإنما هو حق مكتسب للمتقاعدين مدفوع سلفاً من رواتبهم عندما كانوا في الخدمة لمؤسسة التأمينات الاجتماعية وهي أموال خاصة وليست عامة وقد قامت حكومات النظام البائد بالاستيلاء عليها واستثمارها واستدانتها دون وجه حق ودون أي عوائد استثمارية تنعكس على رواتب المتقاعدين والقانون حدد نسبة المعاش التقاعدي ب 75%، من آخر راتب تقاضاه الموظف قبل إحالته على التقاعد، وبالتالي وجب تطبيق هذه النسبة حسب سعر الصرف بتاريخ إحالة الموظف على التقاعد لأنه دفع النسبة المطلوبة حسب سعر الصرف قديماً وهذا الأمر قانوني وأي تطبيق آخر هو عمل غير قانوني ويستوجب المساءلة.
قديماً كنا لا نتجرأ على المطالبة وأنا أتكلم باسم المتقاعدين جميعاً، أما على الصعيد الشخصي فقد انتقدنا وطالبنا وصفحتي تشهد بذلك ولكن اليوم لم يعد هناك مانع من المطالبة بحقنا وإن لم يسمع صوتنا سنلجأ إلى القضاء لتحصيل حقوقنا والمتمثلة بتقاضي النسبة المستحقة حسب القانون ومقيمة بسعر الصرف بتاريخ الإحالة على التقاعد ولن نطلب أي زيادة من حكومتنا الموقرة والرزق على الله وهو يتكفل بالجميع ومن يطلب رزقه من غير خالقه فقد ضل.
ثانياً: من ناحية أخلاقية، هل يجوز ترك المتقاعدين وشأنهم بدون دخل يكفيهم ويقيهم المرض وشظف العيش؟ وهنا يخطر ببالي سؤال كان يطرح كثيراً عند دراستنا للقانون وهو: هل الأخلاق أسمى أم القانون؟ وقد اتفق كل الفقهاء على أن الأخلاق هي الأسمى وأن المواد القانونية مستمدة اساساً من قواعد الأخلاق المتمثلة في العدالة والمساواة وصون الحقوق وبيان الواجبات، وبالتالي إذا تعارض أي نص قانوني مع قاعدة أخلاقية فتعتبر القاعدة الأخلاقية هي واجبة التطبيق، وهنا نسأل السيد وزير المالية ممثل الحكومة السورية في هذا المجال: هل حرمان المتقاعدين من الزيادة أو على الأقل عدم إعادة حقوقهم المدفوعة من قبلهم بسعر الصرف الحالي عمل أخلاقي؟
وعلينا أن نذكر هنا أن رسولنا الكريم بعث لغاية أساسية ليتم مكارم الأخلاق ولنا في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر.
ثالثاً: وهو الأهم، هناك واجب ديني مترتب على الحكومة الحالية ويتمثل في أن كبار السن أمانة في أعناقكم ستسألون عنهم يوم القيامة في مأكلهم ومشربهم ومرضهم وتحقيق أمنهم وكرامتهم.
سيدنا عمر رضي الله عنه كان يخاف من نعجة إذا تعثرت في العراق أن يسأل عنها يوم القيامة، فكيف تغامرون وتتركون كبار السن من رعاياكم لفقرهم ومرضهم؟
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد
عشتم وعاشت سورية.