أنصحكم بقرائتها لأنها موجهة لنا جميعا.
كاتبها على حسب ما نقل لي الشيخ بازمول
وفقكم الله تعالى لكل خير.
حُمى النشر
كثير من طلبة العلم الأفاضل يصابون يومًا بعد يوم بهذا المرض، وهو تفريغ الجهد والوقت والوسع والطاقة للنشر عبر المواقع -وهذا باب خير وإفادة دون شك- لكن الانصباب عليه بالكلية ليس أصلًا ومن يغمر نفسه فيه سيفقد التوازن في طلبه للعلم، فيطلب ما يصلح للنشر كالغرائب والفرائد فقط، أو يسرق من وقت قراءته وسماعاته لينشر، أو يتساهل في ترك بعض النوافل أو حتى الواجبات، وغير ذلك من الصور التي يدركها كل واحد منا من نفسه وإن خفيت عن غيره.
فناشر الخير في خير لكن لا يعمدن لإنقاص هذا الخير أو قلبه شرًا في باب من الأبواب بانصبابه الكلي على النشر، واهتمامه التام بالإذاعة، وتركيزه الشامل على إفادة الغير، فمن ينشر كل لحظة منشورًا متى يطلب العلم ؟ وأين الوقت الذي يخصصه لنفسه ليتعلم ؟
ويُخاف على من هذه حاله أن يترك العلم بالكلية في فترة أو فترات فقط لانشغاله بالنشر، نسخًا ولصقًا، أو كتابة وتحريرًا، أو أخذًا وردًا، ويُخشى عليه الاغترار أنه على السبيل وهو حاد عن السبيل دون أن يشعر !
▪فعلى الطالب أن يدرك:
- أنه بحاجة للتأصيل في ذاته أولًا، فلن ينفع الناس إلا بنفع نفسه ابتداءً.
- أن الجهل في الأمة لن يُرفع بما ينشره هو فقط، لذا عليه التوقف عن إشعار نفسه أن النشر أثقل الأعباء عليه، وأن الخير كله محصور في هذا الباب.
- أن مواقع التواصل والخير الذي ينشر فيها ليست هي طريق العلم حقًا، سواء التحصيل أو التأصيل كليهما لا يُرامان هنا، من أرادهما فالسبيل= لزوم غرز العلماء، وثني الركب في الحلقات، والانكباب على الكتب والرسائل، ودوام السماع والحفظ والمراجعة والفهم.
سواء كنت ناشرًا أو متابعًا، لا توجد صفحة أو قناة أو مجموعة ستجعلك تحصّل العلم الكامل، توجد طرق ويوجد أناس سيساعدونك ويوجهونك ويشجعونك لكن لن تتلقى العلم من الفايسبوك أو التليجرام أو تويتر أو يوتيوب، اجعلها وسائل مساعدة لكن لا تحصر طلبك للعلم فيها، فأعلى ما قد تحصّله معلومات وثقافة عامة، أما العلم المتين فتحتاج لبذل الجهد بنفسك في البحث عن المعلومة، وتتبع الفائدة، وحفظ الشاردة، وفهم المسألة، وتقصي القضايا، إن فنون العلم أثقل من أن تطلبها في منشور أو سلسلة منشورات.
اقتصدوا في النشر يرحمكم الله ووازنوا وسددوا وقاربوا واعتنوا بالأصول ثم ليزد كل من له نعمة حسب وسعه.
وفقكم الله ونفع بكم.
https://t.me/sahebtayeb